Sunday, December 30, 2018

إنسحابٌ أمريكي وتهنئة روسية وضربة سورية مزدوجة لمشاريع التقسيم - م. ميشيل كلاغاصي


تقول الحكاية أن الرئيس الأمريكي الأشقر يكره الرئيس الأمريكي الأسود ويعشق نسف عهده وفِعل ما لم يستطيع فعله، فوعد ناخبيه وهو مرشحا ًوقال: "سأنسحب من سوريا"، واليوم وفى بوعده وهو رئيسا ً، وأكد بأنه لن يكون بعد اليوم شرطيا ً بلا مقابل، ولا بأس ببعض البزنس وبالحلابة والابتزاز والهدايا وبعض السرقة، فالرجل يجيد الصفقات ولا يجيد الحروب ولكم أن تتأكدوا من دولته العميقة...
إنسحابه أتى محسوبا ًومدروسا ًونتيجة ً لهزائم ميدانية وسياسية أمام بسالة وبطولة الجيش العربي السوري وقيادته الحكيمة ووفاء حلفائها... فجاء الإنسحاب كثير الغموض وقليل المفاجئة وشديد إمتعاض الحلفاء والشركاء والمتعاقدين المؤقتين محليا ً ... لقد أنهى الرئيس ترامب سنوات الأرجحة الثلاث ما بين المشروعين التقسيميين الإنفصالي شرق الفرات والإخواني غربه ... وفضل المشروع الإخواني ورمى العقد الميداني مع من حاربوا "داعش" نيابة ًعنه بداعي إنتهاء المدة والصلاحية بالقضاء –الوهمي-على "داعش"، ولأنه أمريكي فلم يشذ عن قاعدة التخلي عمن أطاعوه تعلقوا بوعوده ولن ينجو أيضا ًمن رأى فيه بلفور الجديد "سوريا كلها لك!"...
لقد ملّ الرئيس الأشقر من الحب الأزلي و"إسرائيل أولا ً" وحنّ إلى الحب الحقيقي و"أمريكا أولا ً", فالإنتخابات النصفية إنتهت ولا بأس بالعودة إلى المؤيدين ولم الشمل وشد الأزر نحو الولاية الثانية, ولا بأس بهزيمةٍ أمريكية إضافية في سوريا هذه المرة ويبقى عزاؤه وبقاؤه في العراق ومراقبة الدول الأربعة من قواعده في أعالي جبل سنجار, ولسان حاله يقول لن أدعهم يفرحون سأعمم الفوضى والإرباك وسأجعله إنسحابا ً بنكهة الإنتقام والنكاية لمن انتصروا ولمن هًزموا, فإما أن أستعيد تركيا أو سأعلق مشنقة السلطان إنقلابا ً أو تقسيما ً...
وما بين نشوة "السلطان" وصدمة الإنفصاليين اللذين سارعوا لإرتكاب خطأهم التاريخي وللمرة الثانية بعد عفرين واعتبروا الإنسحاب "طعنة في الظهر" وطالبوا ترامب بالتراجع عنه، وبداوا بحثهم عن البدائل في عاصمة الهزائم الفرنسية... لكن سوريا لم تمنح الزمن وقتا ً إضافيا ً، وكان لها رأي اّخر....
فما إن أعلن الرئيس الأمريكي قراره، حتى أعلن الحلفاء والشركاء والأصدقاء والأعداء عن صدمتهم به, ومن شدة إرتباكهم وصفوه بالمفاجئ، مع أن الرجل أعلن نيته الإنسحاب مرات ومرات، خصوصا ًبعد لقائه الأخير بالرئيس الروسي في قمة هلنسكي، لكن المفاجئة كانت بالجدية وبالتوقيت وليس بقرار الانسحاب بحد ذاته.
وفيما يتحدث العالم عن ملئ الفراغ الذي سيحدثه إنسحاب القوات الأمريكية من سوريا، جاء لقاء العريمة والذي لم يكن سوى فرصة ً لتبادل الرسائل، فيما كان القرار السوري الجريء يصدر في دمشق ويتخذ الشكل العسكري وبتوقيع الرئيس بشار الأسد والذي قضى بتوجيه وحدات الجيش العربي السوري المرابطة في ريف حلب بالتحرك الفوري ودخول مدينة منبج ...
وفيما كان الجيش السوري يدخل المدينة, كان الرئيس التركي يتحدث عن عدم إمكانية تحرك الجيش السوري نحو منبج وأنه يستخدم "الحرب النفسية", في الوقت الذي تأكد فيه أعتى الإنفصاليين وأشد الرافضين منهم للرضوخ إلى تسليم مناطقهم للدولة السورية بأنه لا وقت للتلاعب أو التذاكي, فسارعوا إلى دمشق وحميميم , ليعلنوا من هناك بيانات دعوتهم الجيش للدخول وللدفاع عن الأراضي السورية, ويعلنون انتمائهم للأرض والشعب والدولة, فيما ارتبك إعلام أردوغان مع إرتباك القيادة التركية, وأصدروا عواجل تحرك فصائل "الخونة" الإرهابيين نحو منبج لصد الجيش السوري, ثم تراجع عنها وادعى إنسحابهم إلى محيط منبج وتجميعهم في جرابلس, أما التحالف الدولي بقيادة أمريكا فقد حلق فوق القوات السورية المتقدمة حفاظا ًعلى ماء وجهه ليظهر بمظهر العارف والمؤيد لهذا التحرك ....
لم يتأخر أردوغان بالخروج من الصدمة ... بعدما وصلته الأخبار الميدانية, وأدرك أن الجيش السوري دخل منبج فعليا ً, وأن مشروعه التقسيمي ُأصيب بمقتل, وأدرك أن كلام ترامب "سوريا لك " ما هو إلاّ تفويض أمريكي لإدارة الهزيمة في الشمال وليس لإدارة النصر, فعلى الرغم من جنون العظمة والعنجهية التي تعصف برأس الرجلين إلا ّ أن ترامب يعي تصرفاته أكثر ويعرف أنها مدعومة ًمن دولته العميقة, وما الإختلاف في الداخل الأمريكي إلاّ حول طريقة وسرعة تنفيذ الانسحاب, وبمراعاة مصالح الحلفاء والشركاء من عدمه, الأمر الذي دفع الوزير جيمس ماتيس للإستقالة بعد فشله بإقناع ترامب الذي لم يأبه بشركائه ولا بمصالحهم .
لم يكن على أردوغان سوى الصراخ، والإعتراض على زواجٍ تم ليلا ًودخول العريس إلى منبج، واعتبره خديعة ً روسية – إيرانية، فطار وزيره جاويش أوغلو إلى موسكو مصطحبا ً استخباراته ووزير دفاعه وعقدوا لقاءا ً مطولا ً مع الوزير لافروف وشويغو وقيادة الاستخبارات الروسية .... وانتهى اللقاء بمصافحاتٍ وإبتساماتٍ تؤكد توقيع صكوك الزواج السوري الشرعي في منبج، والإتفاق على خارطةٍ وتنسيقٍ يؤكد الإلتزام بمحاربة الإرهاب، واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية ... لقاءا ً كان كافيا ً لتأجيل طلب الدولة التركية بعقد قمةٍ روسية – تركية عاجلة.
فيما أبرق الرئيس فلاديمير بوتين للرئيس بشار الأسد ليهنئه بشجاعته وببسالة الجيش العربي السوري، مؤكدا ً استمرار الدعم الروسي المطلق لدمشق في مسيرة حربها على الإرهاب ... ومن اللافت أن يبرق الرئيس بوتين للتهنئة بنجاح خطوةٍ عسكرية في جغرافيا صغيرة بالمقارنة مع إنتصارات ومعارك أشد وأكبر حققها الجيش، الأمر الذي يؤكد استراتيجية التحرك ويثمن قيمته العسكرية والسياسية.
يبدو أنه من الأهمية بمكان قراءة البرقية في إطارٍ أبعد من التهنئة بالأعياد، وتتعداها إلى التهنئة بسيطرة الجيش السوري على نقطة استراتيجيةٍ هامة في جغرافيا الشمال وفي منبج تحديدا ً، والتي يبدو معها من الصعب وربما من المستحيل بعدها أن يستطيع أردوغان المضي قدما ً في مشروعه التقسيمي بالعسكرة والإحتلال وبقوة السلاح وبإستعمال الإرهابيين.
كذلك حملت تهنئة بوتين وتأكيده دعم موسكو لمحاربة الإرهاب الإشارة الواضحة نحو إدلب، فقد أحكم القيصر الروسي قبضته على عنق أردوغان بالتعاون مع الحليف الإيراني، وبعيدا ً عن الحضور الميداني للولايات المتحدة الأمريكية، وأن مسار أستانا سيسير كما خُطط له، وأن إتفاق خفض التصعيد في إدلب بكافة بنوده ومصالحاته سيكون عنوان نهاية الإرهاب في إدلب وفي سوريا.
بالتأكيد هذا نصرٌ كبير ويستحق التهنئة، والبُشرى للشعب السوري بأن الحرب إلى أفول وأنه لا مناص للعدو التركي من الانسحاب، بالتوازي مع السلوك الإيجابي المتوقع من الأحزاب الكردية وأجنحتها العسكرية، إنسجاما ً وتتويجا ً لمشاعر ورغبة أهلنا من أكراد سوريا الرافضين لكل ما يُلحق الضرر والأذى بوحدة وإستقلال سوريا ...بالإضافة للسلوك الإيجابي - المستجد - للدول العربية وجامعتها، وتكريسا ً لإنتصار سوريا العظيم، فلا بد للعام الجديد أن يكون عام التسويات والمصالحات ونهاية حروب الإرهاب، والبدء الفوري من نقطة إنتهاء مهمة المبعوث ديمستورا في تشكيل اللجان الدستورية ...
وقد يلجأ عثمانيو "العدالة والتنمية" إلى المماطلة بالإنسحاب واستهلاك الوقت بما يتناسب مع غطرسة وأوهام الرئيس أردوغان الذي يعتقد بأنه يحق له المشاركة في الحل الداخلي ويحق له التعويل على جمهورٍ سوري "يؤيده"، في تحقيق مكاسب على مستوى ضمان تدخله في صنع القرار السوري لسورية الجديدة! ... لا بأس بالأحلام والأوهام ويحق لأردوغان أن يعيش في عالمٍ خاص به وأن يرتدي أبهى أثواب العري التي لا يراه سوى الحمقى أمثاله.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
30 / 12 / 2018

Thursday, December 27, 2018

سوريا للعرب ... هيا تغيروا وتعالوا إلى دمشق - م. ميشيل كلاغاصي


في الوقت الذي بدأ فيه بعض "العرب" ينسجون مواقف جديدة من الدولة السورية وقيادتها , ومن أزمتها كما يحلو لهم تسميتها هروبا ً وتهربا ً من حقيقة تاّمرهم ومن جريمة شن أفظع الحروب عليها , تلك الحرب التي لم تعرف البشرية مثيلها من قساوتها وفظاعتها وسفكها للدماء وبالتخريب والتدمير الشامل ولكل ما يعنيه مفهوم "الدولة" السورية من بشر وحجر وإنسان وهوية وتاريخ وحاضر ومستقبل , مع تراجعٍ ٍ دولي وإقليمي وعربي عن مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد, ووسط الإهتمام المفاجئ  بحل الأزمة وبالرغبة الخادعة للحفاظ على وحدة واستقلال أراضيها وحياة ومستقبل شعبها, يبدو أن "الشباب" عزموا العزم وعقدوا العقد وركبوا "العقل" ووصلوا مشارف الشام ... وأرسلوا بشيرا ً ليكون زاجلهم وحمّلوه غزلهم وودهم وأكفانهم , ووقفوا وراء الباب ينتظرون الجواب ...

نعلم أنهم يشعرون بالمرارة ويجرون ذيول الخيبة , فالنصر السوري أذهل العقلاء فكيف بالعميان والمنبطحين والحاقدين .. يبدو أنهم يعتقدون أن نصر سوريا غير مرئي وأن وجودهم في صورة النصر السوري الكبير عبر السفارات والمصافحات وبعض العلاقات وبأموال إعادة الإعمار سيمنحهم قسطا ً من المجد , ويبعد سيَرهم عن كتب التاريخ وفظاعة ما فعلوه , ولربما كانوا يعتقدون أن القصة ستمر مع الزمن , وقد يراهنون – واهمين - على قصر الذاكرة والنسيان كما نسي بعض الرؤساء والحكام والملوك العرب عداوة الصهاينة, وأنه بالمال وببعض الإبتسامات ومع "بوسة" شوارب ستُطوى الصفحة.

إن متابعة ومراقبة مواقفهم لم تلحظ إعتذارا ً أو إعترافا ً صريحا ً بنهاية مشاريعهم ووقف حربهم ضد الدولة والشعب والأرض السورية, فطاعتهم وإلتزامهم بخدمة مشاريع الأمريكان لم ولن تتزحزح , وعلاقتهم بالكيان الغاصب تحولت من السرية إلى العلنية , ولازال نصفهم الوهابي يدعم ويسلح ويمول بعض الفصائل الإرهابية في إدلب , ويدعم قادة الإنفصاليين الأكراد ومن يقف في صفهم من العرب وغيرهم , أما نصفهم الإخواني فلا زال يبايع الرئيس أردوغان خليفة ًعثماني, ولا زالوا يتطلعون إلى مشاريع تقسيم سوريا وضم الشمال السوري إلى حدود السلطنة.

لا زال الوقت مبكرا ً للحكم على الوجه الجديد – القديم للعرب , وإحداثيات تمركز كلٍ منهم في خارطة مشاريع صفقة القرن والتطبيع مع العدو الإسرائيلي , والقضية الفلسطينية والمقاومة بشكل عام , ومن تشكيل الناتو العربي بأوامر ترامب , ومن العداء لإيران , وبعض العداء المغلف بالجفاء تجاه موسكو.

ولا زال من المبكر الحديث عن الجامعة العربية وعن دورها السيئ وتخطيها أو قفزها عن ميثاقها وموافقتها على تجميد عضوية سوريا, وتأمين الغطاء السياسي لتدمير ليبيا والعراق وسوريا ... ولا زال الوقت مبكرا ً لإستعادة الهوية العربية في وقتٍ لا يزال فيه القادة العرب يقبعون في حجور تحالفاتهم الوهابية , الإخوانية , الخليجية , الأمريكية , الإسرائيلية , التركية ...إلخ , على حساب الهوية العربية والإنتماء للأمة والأرض العربية , ولعودة صياغة مفهوم الأمن القومي العربي , واستعادة العمل العربي المشترك , وقد يدغدغ أحلام البعض حلم تفعيل إتفاقيات الدفاع العربي المشترك ...

إن مشهد المصافحات والزيارات الشكلية , ومشاهد إعادة فتح السفارات , وهبوط طائرات الرؤساء العرب واحدا ً تلو الاّخر , -على أهميتها -, لكنها لن تكون هدفا ً سوريا ً بحد ذاته ,  فسوريا تبحث عن عالمٍ عربي جديد يعترف بالهوية العربية ولا يتخلى عن بوصلته مع أول عاصفة , وتبحث عن عالمٍ عربي تحترمه دول العالم ولا تعتبره مجرد أدوات شرٍ وإرهاب وتخلفٍ وجهل ونفط وأموال مكدسة , عالم تحترمه شعوبه قبل شعوب العالم ... وهذا يعيدنا بالضرورة إلى ما رفضه العرب يوما ً, ولم يعرفوا أن ثمن الإستسلام أكبر من ثمن المقاومة , نعم سنعود إلى عالمٍ يقوده الرئيس بشار الأسد ولا يقوده صاحب عواصف الحزم والأمل والدماء والدمار على اليمن ولا من يتهاوشون على الطريدة في سوريا والعراق وليبيا , وبإختصار هو عالمٌ تقوده الزعامات ولا يقوده العبيد وأنصاف الرجال ... وهناك من سيقول أننا نعود بذلك إلى اساس الخلاف , نعم هذا صحيح , مع فارق أن المتخاذلون خاضوا حروب أوهامهم وهُزموا على أبواب دمشق , وعليهم أن يشكروها لتمسكها بالهوية العربية ولإنقاذها لما تبقى من سمعة العرب أجمعين.

إن المتغيرات الجديدة تفرض على سوريا مواجهاتٍ جديدة وبأساليب جديدة , فالحرب لم تنه بعد لكنها تأخذ أشكالا ً مختلفة , وهذه المتغيرات تتمثل بالإنتصارات السورية الميدانية , وتطهير غالبية الجغرافيا السورية من رجس الإرهاب , بالإضافة إلى تطور العدوان التركي وتهديداته واستعداداته لإطلاق عملياتٍ عسكرية جديدة من غرب الفرات إلى شرقه تحت ذريعة محاربة الإرهاب الكردي ومنعه من قامة دويلة كردية على حدوده الجنوبية وتهديدها للأمن القومي التركي , بالإضافة إلى ضبابية مواقف قادة ما تسمى "قوات سورية الديمقراطية" وقوات الحماية" من الدولة السورية حيال قرار الرئيس الأمريكي بالإنسحاب من سوريا, وبروز مواقف جديدة للفرنسيين والبريطانيين , دون أن ننسى العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا لأسباب تتعلق تارة ً بأكاذيبه وأخرى بمؤازرته أعداء الشمال وكل ما من شأنه إشغال وإضعاف سوريا وإلحاق الأذى بها وبوحدة أراضيها ...
  
لذلك يترتب على جميع دول المنطقة والعربية خصوصا ً, أن تختار استرتيجيتها الجديدة بما يتوائم مع المرحلة الجديدة للصراع ...  فإن صدق العرب في تصريحاتهم وفي رسائلهم المباشرة وغير المباشرة نحو دمشق , فلا بد من ربط الأقوال بالأفعال , وإثبات حسن النوايا , وأقله وقف الهجوم على سوريا واعترافهم بنصرها , والبدء الفوري بكل ما من شأنه دعم الدولة والقيادة والحكومة والشعب السوري بتحرير ما تبقى من أراضيها تحت نير الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي والتركي , وهذا يتطلب بالتأكيد مصالحة ً عربية شاملة , كي ينسجم العرب مع أنفسهم أولا ً, ووضع الحد لكافة الخلافات العربية - العربية...

للأسف , وبعدما قام العرب بما قاموا به خلال السنوات الماضية, والدور السيء المباشر الذي لعبوه في سفك دماء السوريين وتدمير وطنهم , لا تبدو مهمة القادة العرب خصوصا ً ممن يتطلعون إلى إعادة فتح سفاراتهم , واستعادة علاقاتهم الدبلوماسية والطبيعية مع سوريا والشعب السوري على أساس الهوية والإنتماء والحقوق وقدسية القضايا العربية , واستعادة علاقات الإخوة الحقيقية معها , ولا بد لهم من بذل الجهود المضاعفة , وإجراء مراجعاتٍ شاملة لسياستهم تجاه سوريا , وإجراء تغييراتٍ عديدة في حكوماتهم وقياداتهم خاصة ً تلك المسؤولة عن أخطاء الحسابات التي وقع فيها الحكام والملوك والأمراء ... فلا بأس أن يتغير العرب ويعودوا إلى رشدهم , فأن تصل متأخرا ً خير من ألا تصل , فالعودة إلى سوريا تستحق العناء وتمنح الواصلين كل الفخر والإعتزاز.


Wednesday, December 19, 2018

معادلات شرق وغرب الفرات والخروج الأمريكي من سوريا - م. ميشيل كلاغاصي


جاؤوا منذ عقودٍ قليلة، معذبين مقهورين مطاردين، سكنوا أرضنا وعاشوا بيننا، زرعوا وحصدوا وأكلوا وأنجبوا أولادهم، لم يحملوا أصلا ً واحدا ً ولا دينا ً واحدا ً ولا عرقا ً واحدا ً، هنا توحدوا وهنا اجتمعوا وهنا أصبحوا عائلة ً صغيرةً وجزئا ً من عائلةٍ سوريةٍ كبيرة، تحمّلوا ما تحملنا ونالوا ما نلنا، لم يكونوا إلاّ ضيوفا ً أعزاء وأصبحوا إخوة وأشقاء ...
مالذي حدث... ومن أقنعهم بروايةٍ لم تحدث، وبحقوقٍ بلا حق ... من أنتج وصنّع بينهم ساسة وشعراء ومؤرخين ومثقفين، غزلوا تاريخا ً من غير تاريخ ورسموا أرضا ً من غير أرض، وبنوا أحلاما ً وأحلافا ً لتحقيقها، من يقودهم ويسير أمامهم، ولماذا يظهر علم إسرائيل في مناسباتهم، ألانها تدربهم فقط، وهل من الصدفة أن يكون قادتهم من أصول صهيونية، لماذا يتمتع بعض قادتهم بعلاقة مميزة مع عدوهم اللدود أردوغان، عليكم إخفاء تلك الصور الفاضحة المنتشرة في وسائل الإعلام ...
مالذي يدفعهم للتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية, أ لحماية أنفسهم من الإرهاب – كما يدعون - , أم لوعدٍ خبيث تلقوه على غرار وعد بلفور!, كيف لهم أن يقنعوا الناس بحربٍ يخوضونها بطريقة سلّم واستلم , كيف يبررون تكريد المنطقة ومناهج التعليم , وتغيير أسماء القرى والشوارع , وتهجير غير مكونات ممن لا يقاتلون إلى جانبهم ولا يسيرون بركبهم, كيف لهم أن يسعوا لتقسيم البلاد أو بإستخدام ألفاظٍ أقل سوءا ً كالفدرلة أو إدارة الحكم الذاتي , كيف يفسرون تعاونهم ورواتبهم وتدريبهم وتسليحهم الأمريكي والسعودي والإماراتي , وماذا تراهم يقولون عن علاقتهم بالقوات الفرنسية اللاشرعية التي تتواجد في مناطقهم ويعملون على خدمتها ويحفرون الخنادق لتحصين قواعدها ...
من يستطيع في هذا الكون التطاول على سوريا، ولمن ينحني التاريخ إجلالاً، أليست سوريا أقدم الأوطان وأعرق الحضارات، هي من كتب الحضارة وصنع التاريخ، هي قصة تسعة ألاف عام ولا تزال الأرض المنجبة وحاملة الشعلة والقمر المنير وربة الحكمة والطقوس والأساطير والتراتيل ... ولا نفهم قناعة "قسد" والقيادية المدعوة "إلهام أحمد" والتي تحدثت عبر الإعلام – أكثر من مرة – عن "الحضارة والديمقراطية التي نشات في الأرياف البعيدة , وحيث يسيطرون , والتي سيدفعون بها نحو المدن الكبرى كحلب ودمشق لمحاصرتها وإجبارها على الرضوخ للديمقراطية"..!, أي جحودٍ هذا وأي جنون , وسخافة !.
لماذا يطلبون في بياناتهم موقفا ً واضحا ً للدولة السورية وسط ضبابية وذبذبة مواقفهم , ألا يرون وضوح الدولة السورية التي تقاتل الإرهاب وكافة الغزاة منذ ثماني سنوات, وتسعى لتحرير كل مواطن وكل شجرة وكل ذرة تراب, ألم يتلقوا رسائل ودعوات الحكومة كباقي الأطراف السورية للإنخراط في الحوار الوطني , ألم يسمعوا كلام الرئيس بشار الأسد الذي تحدث عن الحوار مرارا ً وتكرارا ً قبل الحديث عن القوة, ألم يسمعوا كلام الوزير وليد المعلم عن الحوار وبإشاراته لإمكانية الحصول على كل مطلبٍ دستوري ومعقول ومتاح, لماذا يؤكدون وضع قواتهم بأمرة الجيش السوري "بعد التسوية" وماذا سيقدمون بعد نهاية "المسرحية" سوى الحصول على وظائف ورواتب لمقاتليهم, لماذا يعلنون القوات التركية قوات إحتلال ولا يرون القوات الفرنسية والأمريكية كذلك ....
ألا يعلمون أن الخيار العسكري الأمريكي لإسقاط سورية وصل إلى نهاية الطريق واصطدم بالجدار المسدود, فتحولوا لإستراتيجية الحل السياسي الذي يقوم على تجميد الوضع الميداني القائم الحالي, والذي يصور أن سورية مؤلفة من ثلاث أقسام رئيسية , قسم ٌ تسيطر عليه الدولة السورية, وقسمٌ ثانٍ غرب الفرات تسيطر عليه قوات العدو التركي وجبهة النصرة وإرهابيو الحزب التركستاني وفصائل الإخوان المسلمين والفصائل الوهابية التي دُحرت في وسط وجنوب البلاد, وقسمٌ ثالثٌ شرق الفرات تسيطر عليه قوات الاحتلال الأمريكي والفرنسي وقوات "قسد" و "قوات الحماية الكردية", فكما تغطي الميليشيات الكردية النهب الأمريكي لخيرات وثروات سوريا الباطنية في شرق الفرات , يفعل الشيء ذاته إرهابيو الجيش الحر ويغطون النهب التركي الممنهج للثروات والاّثار السورية غرب الفرات.
ألا يعلمون أن أمريكا تراهن على تفخيخ الحوار السوري – السوري بضغوط سياسة الأمر الواقع، ألا يعلمون أنها تسعى للسيطرة على اللجان الدستورية وعلى قرار السوريين ممن يدعون المعارضة، فيما هم عملاء لواشنطن ولأردوغان في شرق وغرب الفرات معا ً... ألا يعلمون أنهم يحاولون إصابة سورية بمقتل! ... ماذا يسمون أفعالهم، وماذا ينتظرون من سورية وقيادتها وشعبها؟ ... وعلى جميع الأحوال تبقى أحلامهم ومشاريعهم جزءً من مشاريع إنفصالية خاسرة حول العالم، وبالتأكيد لن تحصد النجاح في سورية وحدها، بعدما فشلت في كافة أنحاء العالم.
كنا نتمنى صحوتهم من تلقائهم، وليس بعدما صرح ترامب وأشار إلى خروج وإنسحاب القوات الأمريكية من سورية، وأكد أن: "وجود قواتهم في سوريا كان بهدف قتال داعش وقد تم هذا الأمر"، وسط تأكيد صحيفة الواشنطن بوست – العاجل –أن :" أمريكا قررت الانسحاب من سوريا نهائيا ً وفورا ً".... حتى لو كانت أمريكا تناور عبر هذا التصريح، وتحاول ربطه بمقايضة إنسحابها مقابل إعترافها بقرار ضم الجولان السوري المحتل لصالح الكيان الإسرائيلي.... يبقى الانسحاب أمرا ً واقعا ً , وعلى البعض تلقفه بعيدا ً عن المرواغة والتذاكي.
من المؤكد أن المشاريع شرق الفرات وغربه، لن ترى النور، وانهم يتجهون نحو الهزيمة الحتمية، ولن يكون من صالح الولايات المتحدة أن تخرج مهزومة ً وسط دماء ونعوش جنودها، فأعمال المقاومة ضدها في تصاعد وخسائرها العسكرية لن تبقى بعيدة عن وسائل الإعلام طويلا ً، ويبقى للإنفصالين أن ينتظروا جحافل أمريكية وإسرائيلية وخليجية لن تأتي لدعم أحلامهم وأوهامهم، وسيترتب عليهم طلب العفو والحماية من الدولة السورية .....
كذلك سينسحب أردوغان، وسيترك ورائه من اشتراهم بالمال تحت عنوان المعارضة، فجل ما يستطيع فعله هو السعي لإدخال بعض الأسماء في اللجنة الدستورية السورية وهذا محال , فالقيادة السورية وعلى راسها الرئيس بشار الأسد أحرص الناس على حماية وتحصين النصر السوري الذي لفظ الخونة ودحر مشاريعهم إلى غير رجعة ....
وتبقى خلاصة السنوات الماضية تصب في الحقيقة الناصعة , وبإنتصار سوريا العظيم , ولمن لا يبصرون عليهم رؤية طليعة القادة العرب اللذين طرقوا أبواب دمشق في زيارة الرئيس السوداني أمس الأول , وفي حديث الرئيس التونسي اليوم عن ضرورة عودة سورية إلى الجامعة العربية , وسط دعم موسكو لهذا الخيار , ووسط الحديث عن إعادة فتح السفارات العربية , وعن إنتهاء الحرب على سوريا , ليكون بوابة عبور الحكومة اللبنانية إلى النور , وبوابة السلام في اليمن ... وإنهاء الحصار العربي على قطر , وإجراء المصالحة العربية – العربية , وكل ما ساروا فيه بعكس طبيعة الشعوب العربية , ووفق نظرية الخروج من السرداب ,,, وبالتأكيد فإن نصر سوريا يعني وقف التطبيع , ووقف كافة مشاريع صفقة القرن , ووقف كل أشكال تصفية القضية الفلسطينية , وبإختصار هو إنقلاب العالم العربي والإقليمي والدولي بفضل إنتصار سوريا العظيم.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
19 / 12 / 2018

Saturday, December 8, 2018

هل يرحل ماكرون كبطل أنصت لشعبه..أم بالقوة ؟ - م. ميشيل كلاغاصي



عناد، تعالٍ، غطرسة، رئاسية -حكومية اشعلت العنف والتخريب، وبعد ثلاثة أسابيع من مراهنة حكومة البرجوازية الحديثة في فرنسا على إنتهاء الحراك الشعبي من تلقائه مهزوما ً، وبعودة المتظاهرين إلى بيوتهم خائبين أمام "عظمة" الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته "المجيدة"، سلوكٌ متغطرس أكد مزاعم أصحاب السترات الصفراء بإنعزال وعزلة الرئيس وإنفصاله عن الشعب ... فقد تأخرت الحكومة لحين قررت مخاطبة الشعب عبر خطاب رئيس الحكومة وخطاب الرئيس ماكرون - الأول - الهزيل والفارغ من أي مضمون ...
في حين خيّب إداور فيليب اّمال الفرنسيين ممن يؤيدون مطالب السترات الصفراء , لكنهم لا يدعمون الحراك والفوضى والعنف في الشارع، فقد عرض تعليق زيادة الأسعار والضرائب لستة أشهر ولم يتحدث عما سيحدث بعدها !..  وعليه أتى العرض واضحا ً مكشوفا ً لجهة خداع الرأي العام، ولا يعدو أكثر من عرضٍ يسعى لتأجيل تقديم الأضاحي إن كان على حسابه كرئيس للحكومة لصالح بقاء الرئيس ماكرون الذي بدوره دعم هذا العرض الخبيث لإثبات برائته من التخريب والعنف والذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك لوصم الشعب الفقير بالمخرب والمتخلف ...
فما تحدث عنه ووعد به السيد إدوار فيليب لا يعدو أكثر من تراجعٍ تكتيكي محسوب يمنح الرئيس ورئيس الحكومة إمكانية نصب الفخ والكمين بالحديث عن التخلي مؤقتا ًعن الضريبة لصالح الحفاظ على فرنسا تحت عنوان: "لن نفقد فرنسا من أجل ضريبة"... أما السيد ماكرون فيبحث عن تبرير تصاعد القمع واستخدام القوة الغاشمة ضد المتظاهرين , بعدما أخافته التقارير الأمنية واستطلاعات الميديا وما يكتبه الفرنسيون على وسائل التواصل لأجل التظاهر يوم السبت 8/12/2018, مع رفضهم وسخريتهم من العرض والعارضين , ووصفوا ما سمعوه من الرئيس ورئيس الحكومة بالكذب والمرواغة بهدف الخداع , فلو كان صادقا ً لكان عليه الإنصياع لرغبات الحشود اللذين رفعوا أصواتهم بشعار "إرحل – ماكرون", وتحت عنوان "لن نفقد فرنسا لأجل منصب الرئيس".
لكن وعلى ما يبدو أن ماكرون أصبح مستعدا ً لفعل أي شيء مقابل بقائه في السلطة، فقد دفع اليوم بالمصفحات وقد يدفع غدا ً بالدبابات، وقد يطلق على معارضيه قذائف الحقد البرجوازي ...
هل حوصر ماكرون وبات عليه أن يرحل بكرامة وكبطل أنصت لشعبه، قبل أن يرحل بالقوة، خاصة ً أنه يحارب عدوا ً مجهولا ً لا يعرف عنه الكثير، ويصح فيه أن يُقال – الرجل الرئيس الذي هزمته سترةٌ صفراء -.
إن السلوك الذي تتبعه حركة السترات الصفراء، وغموض المعلومات عمن يدعمها ويقف ورائها، أو على النقيض من ذلك عبر الإيمان ببرائتها وشفافيتها وبقبول بساطتها وبتصديق كل ما تراه العيون على أنه الحقيقة , يخلق صراعا ً جديدا ً وإنقساما ً إضافيا ً داخل المجتمع الفرنسي .
ولكن يبقى هناك في فرنسا من هم مقتنعون بخبث الحركة ويبحثون عن الأيادي الخفية التي تحرك أصحاب السترات الصفراء، ولا يبحثون عن السبب الحقيقي لثورة شعب على " ذهنيةٍ " قادت البلاد وسنت القوانين عبر مئات البرلمانيين ممن صوتوا لها وعن أحزابٍ ومفكرين ابتكروها وشرعوها، فمن الواضح أن المشكلة أعمق من ظاهرها، ولن يكون إقصاء رئيس الحكومة أو رئيس البلاد مجديا ً كإجراء وحيد ... فالفرنسيون ثاروا على منظومة القيم والمبادئ ومفهوم السلطات المتعاقبة والنخب المزيفة المروجة لمفاهيم خاطئة عن الحرية والديمقراطية والمواطنة ... ففرنسا لم تثور لأجل سعر الوقود فقط بل هي تثور على نفسها وتضع عبر التظاهر والإعتراض أولى قواعد موتها بكل أخطائها وعنجهية ذهنيتها الفاشلة كي تولد من جديد – قبل أن تندثر- وتولد معها مفاهيمها ومبادئها الجديدة بعيدا" عن تقليد وهيمنة مختطفيها في الداخل وأقرانها وجيرانها وحلفائها التاريخيين في الخارج... فهزائمها عبر التاريخ أكثر من أن تُحصى , خصوصا ً في حروب ومعارك دولية مفصلية شكلت بمجملها عوامل حقيقية حوّلتها إلى دولة هزيلة ... ومن غير المنصف الإكتفاء بإتهام فريق الأغبياء المعاصرين فقط , من جاك شيراك إلى ساركوزي وهولاند وماكرون بوصول فرنسا إلى ما ترصده الشاشات اليوم من فوضى وعنف وقمع , في معظم شوارع المدن الفرنسية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
8 / 12 / 2018

Thursday, November 29, 2018

تعقيد ملف إدلب .. لن يُنهي ملف لواء الإسكندرون - م. ميشيل كلاغاصي


طالت سنوات الحرب على سوريا وسقطت كافة الأقنعة التي اختبئت ورائها وجوه من شاركوا وتآمروا فيها على المنطقة وعلى سوريا، ومع إنكشاف الكثير من الحقائق والأهداف والمصالح التي دفعت بعض الدول للمشاركة فيها، لا يزال الموقف التركي يحتاج المزيد من الإضاءة والتوضيح ...
إذ لا يمكننا الإعتماد على فكرة إنخراط تركيا في الحرب كلاعب ٍ أساسي، وقبولها بتحويل أراضيها لمراكز استقطاب وتجميع وتدريب وتسليح الإرهابيين وتسهيل دخولهم إلى سوريا، وتخطيها إلى مشاركتها الفعلية بجيشها وطائراتها ودباباتها وجنودها، وباستغلالها الجهود الدولية التي منحتها فرصة أن تكون إحدى الدول الضامنة للحل وليس قوةً للإحتلال، أو لحماية إرهابيي جبهة النصرة ومن لف لفهم , وتمكينهم من السيطرة واحتلال بعض المدن والقرى وبعض النقاط الإستراتيجية ... كذلك تحمّلها وزر لجوء مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى أراضيها, كان بفضل أطماعها بسرقة النفط السوري وسرقة معامل حلب فقط.!؟ أو نتيجة ً لطلب الإدارة الأمريكية، وكرمى لعيونها فقط!
أن سياستها العدائية ودعمها المباشر للإرهابيين، يضعها في قلب العاصفة ويعرضها للمخاطر، فما قامت به هو لعب ٌ بالنار ورقص ٌ على حافة الهاوية ... مع إدراكها بأنها تقع على خط التقسيم، وخرائط المشاريع الصهيو – أمريكية في المنطقة! بالإضافة إلى يقينها – منذ ما قبل الحرب – أن الغرب يعتبرها دولة ً غير مرغوب ٍ فيها في المنطقة، بفضل تاريخها الدموي وسياساتها العدائية التي حوّلت علاقاتها بكل دول الجوار إلى صفر علاقة، والتي وصلت إلى ما دونه نتيجة سلوكها أثناء الحرب ... إذ تتحمل الدولة التركية المسؤولية المباشرة عن تفجير موجة اللجوء إلى أوروبا، وعودة الإرهابيين عبرها إلى بلادهم، والذين لم يتوانوا عن تنفيذ مهامهم وأوهامهم التي حملوها في رؤوس ٍ مجرمةٍ متطرفة, الأمر الذي يقضي على حظوظها بالإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي وجعله حلما ً مستحيلا ً... بالإضافة إلى المغامرة والحماقة التي دفعتها لإسقاط الطائرة الروسية، وتحمّلها تبعات الغضب الروسي إقتصاديا ًوعسكريا ًوبالوعد بالإنتقام!
هذا يقودنا إلى التفكير في الهدف الجوهري الذي تطلب كل هذا الجنون، والذي وصل حد الإنتحار السياسي لنظام أردوغان! والدفع به "لتقديم أقصى التضحيات" للدفاع عن أرضه وشعبه – بحسب داود أوغلو-!؟ .
فنظام أردوغان يستعمل تعبير" الشعب " وفق نموذجين، أولهما الشعب التركي الحقيقي كنموذج ٍ لا يخشاه , ولا يتوان عن قمعه وحكمه بالقوة والهيمنة و بالسلطة الغاشمة , بمصادرة حرية تعبيره و رأيه , وقمع وسائل إعلامه و إغلاق مواقع تواصله الإجتماعي .....الخ.
أما النموذج الاّخر " للشعب " فيعني به كل من كان تحت سيطرته وهيمنته , ولكنه يخشاه ويحسب له ألف حساب , ويدعي حمايته, ممن يمثلون ما يسمى بالأقليات وخصوصا ً الكرد والتركمان والأرمن والعلويين والمسيحيين , اللذين احتل أراضيهم وشتت شملهم ونكل بهم, وينظر إليهم كجزءا ً من غنائم الأراضي المسلوبة , إذ يعلم أن في تحركهم وبأعداهم الكبيرة يشكلون خطرا ً كبيرا ًعلى الدولة التركية, التي مارست بحقهم تاريخيا ً أبشع الجرائم , وسلخت السوريين منهم عن وطنهم الأم في لواء الإسكندرون, عبر إتفاقية سايكس وبيكو عام 1916 وإتفاقية أنقرة عام 1921, والتي أفضت إلى ضم لواء الإسكندرون إلى تركيا في 29 \ 11 \ 1939, إذ قامت فرنسا بالإنسحاب منه في 15 \ 7 \ 1938 والسماح لتركيا بقضمه وإحتلاله, مقابل أن تضمن دخول تركيا الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء من جهة , ولمعاقبة السوريين على مقاومتهم للإحتلال الفرنسي من جهة ٍ أخرى , بعد صدور قرار عصبة الأمم بفصل اللواء عن سورية دون موافقة الدولة والشعب السوري.
ويعتبر لواء الإسكندرون المنفذ البحري لمدينة حلب، ويضم مدنا ً عديدة كإسكندرونة وأوردو والريحانية وأنطاكية التي تعتبر مركز ومقر الكرسي البطريركي للكنيسة السورية ... بالإضافة لما تتميز به الطبيعة الجغرافية الجبلية والتي تضم جبال الأمانوس وجبل الأقرع وجبل موسى وجبل النفاخ، وبأنهارها كالعاصي والأسود وعفرين، ناهيك عن خصوبة التربة، وتطور مختلف أنواع الزراعات والثروة الحيوانية ... بالإضافة إلى ما استجد إكتشافه من مخزون هائل للغاز والنفط على طول الشريط الساحلي السوري ...
إن الحلم العثماني – الأردوغاني بقضم المزيد من الأراضي السورية، جعلته يستشرس في دعم الإرهابيين وحمايتهم والقتال عنهم، ويأتي في إطار تجديد حلمه القديم – الجديد، في قضم ما دعوه دولة حلب – بحسب خارطة تقسيم سوريا –، وقضم مساحات ٍ كبيرة من الريف الشمالي والشمالي الغربي لحلب والريف الشمالي لمدينة اللاذقية، واعتبارها مناطق نفوذ ٍ تركي، والتي تمتد من جرابلس إلى البحر المتوسط، فيما سمي منطقة اّمنة أو عازلة .... الخ.
يبدو أن أردوغان قد وقع فريسة وعود ٍ أمريكية كتلك الوعود الفرنسية، في فرض المنطقة العازلة أولا ً، ومن ثم سلخها عن سوريا وضمها بقرار ٍ أممي تضمن استصداره الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ...مما يسهل له قضمها وسرقتها وضمها لكيانه، في حال نجاح المشروع الأمريكي أو سايكس بيكو الثاني أو الجديد ... الأمر الذي يبرر تورطه حتى النخاع في الحرب على سوريا، وعدم إكتراثه للأثمان التي سيدفعها في الداخل التركي أو بالإنتقام والمقاومة السورية ... يبدو أنه يعتقد أن ضم المزيد من الأراضي السورية سيجعله أهم من كمال أتاتورك نفسه.
لكن الرياح السورية وبفضل قوة وبسالة جيشها وقائدها وصمود شعبها الأسطوري , دفعت وستدفع سفن أردوغان بعكس ما يشتهي , وسيتابع السوريون تحرير ما تبقى من أراضٍ يدنسها الاحتلال التركي والأمريكي والإرهابي بكافة صوره وأشكاله, وفي الذكرى السنوية التاسعة والسبعين لضم اللواء السليب والذي يُصادف الخميس29 \ 11\ 2018 , ومع انتهاء مفاعيل الإتفاقية المشؤومة في أيار 2016 يجد أردوغان نفسه أمام خيارات صعبة, لا يملك فيها سوى مضاعفة مرواغته ونفاقه وإعادة خلطه الأوراق لمنع أو تأخير الدولة السورية من إنهاء ملف الإرهاب في مدينة إدلب , كي لا يرتاح السوريون ويعودون لتكثيف جهودهم لأجل استعادة لواء الإسكندرون.
على أردوغان أن يعيد صياغة حساباته، على ضوء بقاء الدولة السورية وصمودها وإنتصارها, رغم شراسة الحرب الإرهابية الحالية عليها، وسيل الحروب التي تعرضت لها منذ عام تأسيسها الأول سنة 1920, فلا يزال الشعب السوري في اللواء وعلى الرغم من محاولات التتريك والقمع والتهجير يتحدثون اللغة العربية ويعتزون بإنتمائهم للوطن الأم , وأن شراءه ذمم القلة منهم وتجنيدهم لخدمة أطماعه ومشروعه لن تغير في مواقف السواد الأعظم للشعب السوري هناك سواء كانوا كردا ً أم تركمان أو....الخ, فإنتصار الدولة السورية ينسف كل ما فعله أردوغان وحارب ودعم الإرهاب لأجله.. فملايين السوريين لن تتخلى عن تحرير شبرٍ واحد من أراضيهم مع مرور الزمن، ولن يستطيع تعقيد أو تأخير وعرقلة ملف إدلب أن يُنهي ملف تحرير واسترجاع لواء الإسكندرون.
ويبقى للعثماني السلجوقي المريض أن يلهث وراء حلمه من الجنون حتى اليأس ... فسورية باقية وبواسلها وأهلوها لن يستكينوا إلاّ بعد الإنتقام منه والقضاء على مرتزقة إنكشارييه وإرهابييه وتطهير الأرض السورية من رجسهم....

المهندس: ميشيل كلاغاصي
29 \ 11 \ 2018

Thursday, November 22, 2018

دمشق وواشنطن وجها ً لوجه - م. ميشيل كلاغاصي


( مع إنتهاء الانتخابات الأمريكية النصفية، وما بين حرائق كاليفورنيا وفظاعة جريمة قتل الخاشقجي، وتهرّب الرئيس الأمريكي من إعلان ولي العهد السعودي مسؤولا ًمباشرا ًعنها، ومع إنكسار شوكة التحالف السعودي في العدوان على اليمن، وخسارة "داعش" اّخر معاركه في تلول الصفا السورية، وسط عودة النازحين الطوعية الاّمنة، وتوازن الإنتصارين العسكري والسياسي تمضي سوريا واثقة ً مسرعة ً نحو رسم حصتها الكبيرة من ملامح المرحلة والعصر الجديد، على وقع تصدع القبة الحديدية وحاجة "إسرائيل" إلى الحماية أكثر من قدرتها على حماية وقيادة المطبعين معها, على ضفاف زحمة الأحداث الإقليمية والدولية الموازية...)
كان من اللافت في قمة هلسنكي تعاون الرئيسين بوتين وترامب وإهتمامهما بحل الأزمة الإنسانية وعودة اللاجئين إلى سوريا وإلى مناطق سيطرة الدولة, وعلى الرغم من تأكيدهما ضرورة الحل السياسي إلاّ أن الرئيس الأمريكي أكد "عدم وجود أي إتفاقات أو ترتيبات عسكرية محددة حيال سوريا", ما يعني أن أمريكا لا تزال تحتفظ بغموض أهدافها في سوريا, وأنها لم تعلن بعد استسلامها العسكري , ولم تقرّ بإنسحابها من قاعدة التنف ومن 14 قاعدة عسكرية أخرى على الأراضي السورية , ولم تعلن سلفا ً أسماء كافة حلفائها أو أدواتها اللذين تنوي التخلي عنهم , إلاّ بتوقيتها الخاص كما حصل في درعا والجنوب السوري, ولم تعلن صراحة ً – حتى اللحظة - تخليها عن دعم "قوات سورية الديمقراطية" و "قوات الحماية" رغم بعض المؤشرات, كذلك لم تعلن وقف دعمها لحليفها التركي الذي تزاحمه على نصف مدينة منبج, رغم عديد الخلافات والمشاكل العميقة بينهما.
كان على الإدارة الأمريكية الإعتراف بفشلها في الإبقاء على ملف النازحين واللاجئين وربطه بالحل النهائي بقرارٍ وضماناتٍ أممية, والحفاظ عليه كعامل ضغطٍ لإبتزاز الدولة السورية وجميع اللاعبين بما فيهم الأتراك والأوروبيين... فاللاجئون يعودون من الأردن ولبنان وتركيا ومن بعض الدول العربية والأوروبية, ولو بوتيرة لازالت بطئية نوعا ً ما , لكنها تؤكد بداية تفكك هذه الورقة, ولم يعد الإعلام المعاكس قادرا ًعلى الإقناع ب"مخاطر" العودة وتداعياتها على المواطنين بالتوازي مع إعادة تأهيل الدولة مناطقهم أو أماكن استقبالهم بما يضمن لهم العيش الاّمن والكريم , ناهيك عن كل التسهيلات والإعفاءات ورفع إشارات الإستدعاء للخدمة الإحتياطية للمكلفين بها, بالإضافة إلى استمرار المصالحات الوطنية, فالدولة السورية تتصرف بوعي ومسؤولية وذكاء بما يعكس رغبتها بعودة أبنائها إلى الوطن ليعيدوا بناء حياتهم ووطنهم الذي دمرته الحرب الإرهابية وحروب الوكيل والأصيل و"الربيع العربي", الأمر الذي يعكس ثقتها بانتصارها وبقدرات مؤسستها العسكرية الولادة والقادرة على رفد الجيش الوطني بالأعداد الكافية لتلبية إستكمال التحرير, والإنتقال بشكلٍ نهائي وكلي نحو الحل السياسي.
ومن خلال نظرة سريعة لذرائع الولايات المتحدة التي تعتبرها موجبات لبقائها على الأراضي السورية، كإنسحاب القوات الإيرانية رغم شرعية وجودها في سوريا، واستمرار واشنطن بمحاربة "داعش"، وبروز الحديث عن شرعية وجودها الذي تم وفق تحالفٍ دولي "شرعي" – بحسب إدعائها -,... في وقتٍ تحاول فيه تحصين قواتها المتواجدة في التنف بالإعتماد على إرهابيي "مغاوير الثورة" لحماية حركة قوافلها من وإلى الشمال, وفي وقتٍ تضع كامل ثقلها مع شريكها التركي لمنع إنطلاق معركة تحرير إدلب , بداعي قلقهما ومخاوفهما من وقوع "كارثة إنسانية", ويبقى إعتمادها على الرئيس التركي في استهلاك الوقت وزيف ادعائه بتطبيق بنود الإتفاق الروسي – التركي, بإنشاء منطقة عازلة أو منزوعة السلاح, وإلتزامه بفرز المسلحين عن إرهابيي جبهة النصرة ومن لف لفها, والإتجاه نحو خطوات إضافية على طريق الحل السياسي ... لكنها لم تنبس ببنت شفة وهي ترى مماطلة أردوغان وقواته وعربدتهم والإرهابيين وتحصين مواقعهم , خروقاتهم اليومية ومهاجمتهم للقوات السورية المتواجدة على حدود المدينة والمتأهبة دائما ً للقيام بعملٍ نوعي لإستئصال الإرهاب دون توسيع نطاق العمل العسكري لحماية المدنيين..., الأمر الذي ينهي الحرب الإرهابية بشكل نهائي بالتوازي مع قضاء القوات السورية على "داعش" في اّخر معاقله في تلول الصفا, وهذا يدفعنا للتساؤل عن تلك المخاوف وذاك القلق الأمريكي - التركي من إنهيار الإرهاب في إدلب؟.
يوما ً بعد يوم تتزايد المؤشرات والدلائل التي تؤكد رجحان كفة أردوغان أمريكيا ً، على حساب كفة "قسد" و"قوات الحماية"، الأمر الذي بدا جليا ً في احتفالية باريس لإنهاء الحرب العالمية الأولى، بما يؤكد عودة علاقاتهما إلى أفضل مما كانت عليه، بالتوازي مع الوضع الصعب الذي تعيشه القوات الكردية لناحية قدرتها في الدفاع عن نفسها أمام هجمات "داعش" وغيرها.... ما يؤكد أهمية وضرورة صحوة قادة الإنفصاليين من أكراد سوريا وبعض من يقفون معهم في شمال وشرق البلاد، فلا زال العرض السوري "الحوار" قائما ً، على الرغم من تأكيد الدولة السورية -في عدة مناسبات -على عدم تساهلها ومعاقبتها لمن "تسول له نفسه العبث بأمن وسيادة ووحدة البلاد".
وفي وقتٍ باتت خشية الأمريكيين من الإحراج والخروج المذل أو بالمواجهة العسكرية واضحة, يأتي بحثهم عن شرعية وجودهم بمثابة الدليل القاطع, علما ُ أن الطلاق البائن مع "قسد" لم يتم بعد, وأن لجوئها لربط الأحداث في سوريا والمنطقة والعالم يفيد بتعقيد المشهد أكثر فأكثر ويجعله عصيا ًعلى الحل, بالإضافة لإهتمام الإدارة الأمريكية بمقتل جمال الخاشقجي وربطه المباشر بما يحصل على الأرض بين تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات ومصر وفريق التطبيع وصفقة القرن من جهة أخرى, بالتوازي مع تزايد الضغوط لإنهاء الحرب اللاأخلاقية على اليمن, والعدوان على غزة وتداعياته المفاجئة للإسرائيليين أولا ً وللأمريكيين ثانيا ً.
أخيرا ً... تبدو المواد اللاحمة بين الولايات المتحدة وأدواتها تمر بحالة تداعي وإنهيار, كما يتأكد لغالبية الداخل الأمريكي فشل إدارة ترامب في عديد السياسات الخارجية ورهاناتها, وكلامها الصريح عن وقف الحرب على اليمن والذي ينبع – دون شك - من رحم قرارها الكبير بضرورة وقف الحرب على سوريا, وحتمية التغييرات على مستوى العرش السعودي, مع ظهور أولى بوادر هزيمتها في ملف العقوبات على إيران, وبحشد المزيد من الكراهية والضغط والعقوبات على روسيا , وبمخاوف أوروبا التي تتحسس جيشا ً أوروبيا ً, وبحاجة "إسرائيل" الماسة إلى الحماية أكثر من قدرتها على حماية وقيادة المطبيعين معها وإدارة مشاريع صفقة القرن وتشكيل "الناتو العربي"... وعلى صعيد الملف السوري بتصدع قدرتها على منع معركة إدلب إلى الأبد, فسوريا تعتمد توقيتها والرئيس الأسد ومحور المقاومة لإنهاء جمود المشهد واستمرار الإرهاب في إدلب بعدما استطاعت إمساك العصا من المنتصف ما بين "قسد" وأردوغان، وعليه سيكون السباق نحوها لا ضدها، وهذا سيضع دمشق وواشنطن وجها ً لوجه, وقد يدفع الإدارة الأمريكية نحو التفكير جديا ً بالمحادثات السورية - الأمريكية المباشرة, دون إنتظار نتائج السباق بين الأتراك والأكراد.

المهندس: ميشيل كلاغاصي
22 \ 11 \ 2018

Tuesday, November 20, 2018

"السترات الصفراء" تفضح قدرات وأقنعة ماكرون - م. ميشيل كلاغاصي


إحتجاجاتٌ، تظاهرات، هتافات، مناوشات، قطع طرقات وشلل شبه تام لحركة السير، شرطة، جرحى، معتقلين، خراطيم مياه وغازات مسيلة للدموع ... متطاهرون بالاّلاف، وأصحاب "السترات الصفراء " يملئون المكان، ويحتشدون لثلاثة أيام متتالية في ألفي موقع في أنحاء فرنسا.
احتجاجاتٌ، اتهمت الرئيس الفرنسي بعزلته عن واقع الشعب و"بإهمال الفقراء"، وبعدم التزامه بوعوده الإصلاحية بتجديد الاقتصاد الفرنسي، وبإصرار الحكومة على تطبيق وتمرير بعض القوانين والإجراءات التي تُفقد الكثير من العمال الفرنسيين والمؤقتين منهم، عديد الإمتيازات المالية والإجتماعية، وتطال العاملين في مختلف القطاعات من السائقين إلى السكك الحديدية والقطارات والمستشفيات ودور الحضانة والمؤسسات التعليمية وصولا ً إلى بعض المحاكم.... فغلاء المعيشة وارتفاع الضرائب وسلسلة القرارات الحكومية الخاطئة التي تسببت بتراجع القدرة الشرائية وبرفع أسعار الوقود وبتعديل أنظمة التوظيف والمعاش المبكر وتثبيت المؤقتين ...إلخ، والأهم لجوء الحكومة إلى تطبيق نظام المراسيم القاضي بتمرير الإصلاحات دون موافقة مسبقة للبرلمان.
في الوقت الذي يتهم فيه الرئيس ماكرون معارضيه السياسيين بإستغلال حركة "السترات الصفراء"، من أجل وضع العراقيل في طريق برنامجه الإصلاحي، ويبرر ووزير داخليته رفع أسعار الوقود بإرتفاع الأسعار العالمية، في وقتٍ أعلن فيه رئيس الوزراء تمسكه بقرارات رفع الضرائب على المحروقات، وزيادة ضرائب التلوث، والمحافظة على ضريبة الكربون "الانتقال الإيكولوجي" , مع حرصه على القيام ببعض المبادرات لتحسين القدرة الشرائية ورصد بعض المساعدات لبعض الفقراء, مع تأكيده على "شجب الفوضى واحترام حرية التظاهر" لتبقى الأزمة قائمة ويبقى الغضب الشعبي قائما ً وسط خشية وزير الداخلية من التكلفة "بالأرواح" بالتوازي مع ازدياد أعداد المحتجين والمصابين.
ويتساءل البعض عن حركة "السترات الصفراء"، هل هم من المعارضين أو المؤيدين لماكرون؟ هل يتحركون حزبيا ً أو نقابيا ً ومن هم قادتهم وكيف ينسقون تحركهم؟ وما هي حدود قدرتهم على استمرار التظاهر والتوقف عن العمل؟ ومع غياب الزعماء والقادة وحتى المتحدثون الرسميون باسمهم يبقى من الصعب التنبؤ بما سيحدث.
فعلى الرغم من دعم وتأييد أحزاب الوسط واليمين وأقصى اليمين واليسار ومتشددي اليسار، إلا أن أحدا ً منهم لم يعلن تبنيه لهذه الحركة، وتبقى الخطورة في إصرار الحكومة و "السترات الصفراء" على مواقفهم، مع عدم كفاية التحرك الحكومي بإتجاه تلبية المطالب الشعبية ... الأمر الذي يُبشر بإستمرار الاحتجاجات.
فبعد عام من إنتخابه، يقف إيمانويل ماكرون عاجزا ً أمام ناخبيه، مؤكدا ًهزالة مقعد الرئاسة، نظرا ً لغياب القيادات الفرنسية الكبرى القادرة على استحواذ الإلتفاف الجماهيري الواسع حولها، بما يعكس حالة الإنقسام الكبير في الشارع الفرنسي داخليا ً، حول قضايا الإقتصاد المتردي، اللاجئين، الصحة، والبطالة ... وخارجيا ًحيال مواقف وسياسات الحكومة تجاه الصراعات الدولية ومحاربة الإرهاب، والحروب العسكرية والتجارية. 
فوعود الرئيس باتت عبئا ًعلى كاهله، وساهمت بإنخفاض شعبيته إلى مستوياتٍ قياسية، وفضحت فشله في التحكم والموازنة ما بين وعوده وقدراته وخيارات ورغبات الفرنسيين في الإصلاح اللذين منحوه أصواتهم، فتراه اليوم يقف عاجزا ً أمام تخبطه ونزيف رصيده الشعبي، بما يُثبت أنه ليس أفضل ممن سبقوه في حكم فرنسا خلال الربع قرن ٍ الماضية، بدءا ً من الرئيس شيراك وصولا ً للرئيس هولاند.
فالرجل يحصد نتائج زرعه وسيره بعكس الرياح العالمية والأوروبية التي تشهد تصاعدا ً لأحزاب وتيارات المد القومي واليميني، حيث اعتمد وفق ما دعي ب "الشعبوية" على فئات لا يعرفها ولا يضمن ولائها ووقوفها إلى جانبه، بما يعبر عن هشاشة التركيبة الاجتماعية المحدثة، دون الغوص في تاريخهم وأحلامهم وأهدافهم، كونهم في الغالب من الغرباء ومن الفئات التي استجلبتها فرنسا الإستعمارية، أو ممن أوصلتهم رياح التهجير والهجرات الشرعية واللاشرعية، من الاّسيويين والأفارقة والشرق أوسطيين، الباحثين عن حياة جيدة وجديدة.
إن حاجة فرنسا للجنود والأيدي العاملة ولمليء الأرياف الفارغة, وللخبرات المجانية, دفعها لتجنيس الملايين منهم, وأصبحوا فرنسيين بحكم الإقامة والهوية الجديدة والإندماج , ولكن يبقى على رأس أولوياتهم الإهتمام بسلامتهم وأمنهم ورزقهم ورفاهيتهم , ولا تعنيهم الدولة الفرنسية من حيث الإرث التاريخي والبعد القومي, ولا تعنيهم هيبة فرنسا ولا سمعتها الدولية وتصنيفها بين الأمم, على عكس الفرنسيين الأصليين اللذين يُفاخرون ويتباهون ويعتزون بوطنهم وتاريخه وهيبته وسمعته وحاضره ومستقبله, ويستعدون لتقديم مصالح "فرنسا العظمى" على مصالحهم الشخصية... وكم يبدو باهتا ً اليوم مشهد مباهاة (الشعبويين) بفوز فرنسا بكأس العالم عبر اللاعبين من الأصول غير الفرنسية, أمام ماكرون التائه في سياسته الخارجية والعاجز أمام تردي أوضاع البلاد, والإحتجاجات, والتي لا يمكن لأحد التنبؤ بما ستسفر عليه مع غياب الحلول وبالأحرى مع غياب القادة التي تأتي بالحلول.
يبدو أن الشعب الفرنسي بكافة أحزابه وتياراته اليمينية واليسارية والجمهوريين والحياديين والشعبويين، يتحملون مسؤولية ما يحث في فرنسا بعدما قاموا بإنتخاب ماكرون رئيسا ً لفرنسا ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث وإنتخاب قائدٍ حقيقي، وبإعتراف ماكرون: بفشله في "مصالحة الشعب الفرنسي مع الزعماء".
المهندس: ميشيل كلاغاصي
20 / 11 / 2018

Friday, November 16, 2018

الليل والقمر .. حكاية قديمة - م. ميشيل كلاغاصي


وَجد الإنسان القديم في الأرض ومحيط الكون الذي يعيش فيه , تجسيدا ً لفكرة القوة الكبرى المهيمنة والمسيطرة والتي تمتلك بيديها مفاتيح كل شيء من سعادة ٍ وعطاء وخوف وقدرة وجبروت ..الخ.
كذلك وجد في القمر نفس القدرة ومن خلال نفس المنطق والنظرة, وأنهما ينتميان لمصدرٍ واحد.. فأخذ ينظر للأرض والقمر على أنهما الأكثر نقاءا ً وشفافية وأنّ هناك صلة خفية تجمع ما بينهما , وقد عبّر عمّا يجول في فكره ووجدانه وما يعتقد به وما يراه بعينه , من خلال أساطير الميثيولوجيا القديمة.

وعَمد من خلال ذلك الى إظهار الجوانب المختلفة للقدرة القمرية في ثنايا ووقائع الأساطير التي حاكها وأنتجها بنفسه , فنراه في الأسطورة السومرية يصوّر لنا اشتياق ربة السموات "إنانا" إلى زيارة عالم الظلمات وتخلّيها وتركها لعرشها الإلهي , ومن ثم موتها وتغلّبها على الموت , من خلال أروع نتاج وإبداع ٍ جمالي وضع فيها الخبرة البشرية الطويلة وتاريخه الطويل التي يمتد الى أغوار الماضي السحيق.
كذلك أثارت الشمس الإنسان القديم بشروقها وغروبها وحركتها الرتيبة المنتظمة وقوّتها العظيمة المتمثلة بالنور والنار والحرارة.

أما حكايته مع الليل والقمر فكان لها شأن ٌ آخر.....
فقد وجد في التغيير الدائم لمكان شروق وغروب القمر وأشكاله وأحجامه المتعددة , حتى في اختفائه وظهوره مجددا ً, فضاءا ً فسيحا ً لخياله , فراح يربط ما يراه في القمر من تبدّلات بأخرى يلمسها ويراها في شريكه على الأرض ألا وهو المرأة.
والتي عَرف عنها أيضا ً تبدلات عديدة من إشراق  وتعب وحزن وحنان واقتراب وابتعاد , وأوجد الشبه بينهما حتى من خلال التبدلات والتغييرات الطبيعية لجسد المرأة , فأخذ ينظر إليها على أنها أم الكون والأرض الخصبة , وأنها تلك التي تجلّت بشكل ٍ يعرفه تماما ً وهو القمر.
ويعتبر الهلال الخصيب وأرض  مصر من أقدم مسارح الحضارات اعتقادا ً بالأسطورة القمرية وتجسيدا ً لها ليس فقط في أساطيرها بل في دياناتها أيضا ً, كذلك هو الحال لمعظم الثقافات البدائية كالهنود الحمر في أمريكا و الثقافات الافريقية .. فقد كان سكان بلاد الرافدين يعتبرون تمام البدر يوما ً تحيض فيه عشتار و تستريح فيه من أعمالها الكثيرة فأطلقوا عليه اسم " يوم الراحة " .

و بذلك كان مشهد الليل الجليل و قبة السماء الحالكة بنجومها و شهبها المضيئة و المتلألئة من أكثر المشاهد تأثيرا ًفي الإنسان القديم.
و لا يزال القمر-  بإعتقادي - حتى يومنا هذا مصدر إلهام الكثيرون و راحتهم و من أفضل الأوقات التي يعمدون فيها الى إلتقاط الأنفاس و إستعادة الراحة والأمل و الثقة و إطلاق العنان للمشاعر و العواطف وحتى الشعور بالسعادة .

المهندس : ميشيل كلاغاصي .
16 / 11 / 2018

Tuesday, November 13, 2018

عرب "السلام" وجلّاديهم في إحتفالية باريس - م. ميشيل كلاغاصي


في الساعة 11 من يوم 11/11 /2018 استعادت باريس الذكرى المئوية الأولى للتوقيع على إتفاقية السلام لإنهاء الحرب العالمية الأولى، وسط إجراءاتٍ أمنية مشددة وغير مسبوقة، بحضور أكثر من سبعون ملك وقائد وزعيم وحضورٍ مميز للرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، لقاءٌ جرى تحت قبة قوس النصر في باريس فخر العواصم الأوروبية في القارة العجوز، مصافحاتٌ، تشابك ايدي، فرسان، جنود، محاربين قدامى, كشافة وأطفال، زينة وحضور شعبي وإعلامي كبير ... فرحٌ وحزنٌ في اّن واحد ونصرٌ للسلام، وكلمةٌ تاريخية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صورٌ ومجاملات وإبتسامات ... فماكرون وبريجيت يحتفون بالجميع في غداء تاريخي في قصر الإليزيه على وقع الموسيقا وأمطار السماء.
هكذا أحييت فرنسا جزء الإحتفالية الأول، فيما فتح الإليزيه أبوابه أمام ضيوفه لعشرات وربما لمئات اللقاءات الثنائية ما بين القادة والرؤساء، فيما قامت بعض الوفود بزيارة أضرحة ومقابر جنودها لتضع أكاليل الزهور وربما لتلاوة بعض الصلوات.
 فيما ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته إلى المقبرة الأمريكية ولنصب "اّيسن مارن" وكافة شهداء معركة "بيلو"، بداعي الأمطار الباريسية، ولعدم التسبب بإزدحامٍ شديدة لعاصمة الدنيا باريس – كما إدعى -، وعلى وقع إنتقادٍ شديد من البرلماني المحافظ وحفيد ونستون تشرشل "السير" نيكولاس سواميس، الذي غرد قائلاً: "لقد ماتوا ووجههم نحو العدو"، ووصف خيار ترامب بإلغاء الزيارة ب "المثير للشفقة".
لكن ترامب لم يأبه لأي إنتقاد, فقد كانت أبخرة الغضب تتصاعد من راسه , جراء كلام ماكرون الذي استبق المناسبة بحديثه عن حماية أوروبا لنفسها من الخطر الروسي والصيني والأمريكي , بالإضافة لتأكيده للرئيس ترامب في لقائهما لحظة وصوله باريس, حول "ضرورة إنشاء جيشٍ أوروبي", الأمر الذي استدعى ردا ً مباشرا ً لاذعا ً – كعادته – وربما بلهجةٍ لا تليق برئيس الدولة الفرنسية , إذ اعتبر أن تصريحات ماكرون "مهينة", وخاطبه كمن يخاطب ولي العهد السعودي , أو ذاك الصحفي المسكين لقناة ال CNN, وقال : " ادفعوا ما يترتب عليكم للناتو الذي تموله الولايات المتحدة إلى حدٍ كبير", فيما أكد الإليزيه أن ترامب أساء فهم تصريحات ماكرون الذي عرف كيف أن يسوى الوضع وقال : ترامب هو "صديقي العزيز"...
وهكذا تعكر مزاج ترامب، وأمضى غالبية وقت الزيارة في غرفته بمشاهدة التلفزيون، واختصر الكثير من جدول أعماله المقرر، وأراد الإعتذار عن "السهرة" في "منتدى السلام "، وعن زيارة المقبرة، اكتفى بإرسال الجنرالين "جون كيلي" و "جو دنفورد" وبعض الضباط .... وبحسب الصور وحركة الصحفيين وكاميراتهم فقد تبين أن لقاءه بالرئيس التركي الطيب أردوغان كان اللقاء الجيد – المريح الوحيد تلك الليلة.
أما الجزء الثالث المسائي الأخير فكان الدعوة الكبرى لحضور لقاء "منتدى السلام" وقمة التعاون العالمي، والتي أرادها ماكرون لقاءً تحت عنوانEnsemble pour la paix) -معا ً من أجل السلام)، ماكرون في كلمته استطاع تحويل الإحتفال إلى جنازة وأثبت قدرات هائلة في التراجيديا على حساب الكوميديا.
لقد نجحت فرنسا بإلتقاط صور الجلاد والضحية على منصةٍ واحدة، كذلك بصور الأعداء السابقون يقفون جنبا ً إلى جنب، وليس وجها ً إلى وجه، فقد تشابكت أيادي ميركل الألمانية وماكرون الفرنسي، على وقع كلام ماكرون: "نحن مدينون بذلك لجنودنا" ...
أي سلامٍ هذا الذي احتفل فيه الفرنسيون والعالم للتو، هل حقا ًوقعوا السلام وعاشوه؟ هل عمموه وقدموه نموذجا ً لباقي الأمم؟ هل تحولوا منذ ذاك التاريخ إلى دولٍ مسالمة وأقلعوا عن الحروب والقتل وإراقة الدماء؟ ... لن أمنحكم فرصة الإجابة خصوصا ً أنتم معشر الغربيون والأوروبيون والأمريكيون والأتراك وغير وحوش ...! وأدعوا التاريخ ليجيب عنكم، وعمّا راّه بعينه وسطره عذابا ً وألما ً وموتا ً شنيعا ً ....
مالذي حدث منذ توقيعكم إلى صبيحة احتفالكم اليوم؟، أعتقد أنه من المهم تسليط الضوء على أفعالكم و"سلامكم" في منطقتنا العربية موضع همنا وإهتمامنا.
فقد تبلورت مصالحكم في شرقنا وفي أرضنا العربية منذ مطلع القرن الماضي, بدءا ًمن إتفاقية سايكس – بيكو , ووعد بلفور , وبإستبدال الإحتلال العثماني بالإستعمار الأوروبي وببدء الحضور الأمريكي في أجواء المنطقة مع قدوم الرئيس وودرو ويلسون إلى الرئاسة 1913, وبإتفاقيات تقاسم وتقسيم الوطن العربي , وبتكريس بنود إتفاقيات سيفر ولوزان وأنقرة عام 1921, ودخول جحافلكم وجيوش غزاتكم إلى سورية ولبنان وفلسطين والعراق والأردن و....إلخ, منذ عشرينيات القرن الماضي , وتم سلخ لواء الإسكندرون ومواطنيه السوريين عن وطنهم الأم في العام 1939... كلها جرائمٌ تمت في وضح النهار .
ناهيك عن تقديم كافة الدعم لعصابات الصهاينة وجرائمهم في دير ياسين وقانا... وفي قمعكم للثورة السورية الكبرى وكافة الثورات العربية في فلسطين والعراق والأردن وفلسطين، وليس إنتهاءا ً بخوض معارك عالمية ثانية ً تعكس أطماعكم ولهاثكم وراء الثروات والنفوذ، كنا فيها وقودا ً لاّلة حربكم ومعارككم.
وبإنتهائها نلنا المكافئة بإعلان قيام "الكيان الغاصب" على أراضنا العربية  وطُرد أهلنا وشرد الملايين منّا, إلى عدوانكم الثلاثي على مصر والعدوان الكبير وحرب الأيام الستة في العام 1967, مع استمرار عدوانكم عبر حروب الرجعية العربية واستزلام الإخوان المسلمين ليجروا مصر وسورية ولبنان إلى معارك طاحنة دعوتموها "حروبا ً أهلية", إلى معارك وجولات العدوان على والعراق وحروب الخليج الأولى والثانية, إلى حربكم على المقاومة اللبنانية في 2006, وغزة في 2008 – 2009 , و2012 و2014, وحرب اليمن 2015 , مرورا ً بحروب الربيع العربي المزور في تونس ومصر وليبيا وسورية والعراق ... وحتى اليوم لا تزال غالبية الجبهات مشتعلة بحروبكم على أمتنا وشعوبنا ومقدساتنا وقيمنا وإنساننا ...
أيُ سلامٍ أيها المزيفون المارقون، الوحوش المفترسون يا من تدعون الحضارة والحرية والديمقراطية ...! ولنا أن نسأل فرنسا تحديدا ً – صاحبة الإحتفال – ماذا يفعل جنودكم حتى هذه اللحظة في شمال سورية؟ وفي غالبية الدول في القارة السوداء، وهو السؤال ذاته الذي نتوجه به نحو الأمريكان والإنكليز والطليان والألمان والأتراك وكل مجرمي العالم، ماذا تفعلون في سورية؟ وفي عشرات الأماكن من وطننا العربي الكبير ...!
لا نبحث عن إجاباتكم، بل نبحث عن كرامة شعوبنا وسيادتنا في أوطاننا، في عالمٍ عربي ٍ منقسم إلى فريقين ومحورين، الأول مقاوم شريف يبحث عن استقلاله وحفظ حياة مواطنيه ومستقبل أجياله، وفريقٌ يبحث تحت نعالكم عن رضالكم وشحذ سكاكينكم ويدفع لكم أجور نحر الأمة من الوريد إلى الوريد ومن المحيط إلى الخليج.
ويؤسفنا أننا رأينا عددا ً من قادة الأمة العربية وزعمائها – المفترضين – في باريس يحتفلون بسلامٍ لم يروه وبصداقةٍ لا يعترف بها الغرب، ولا تعدو أكثر من صداقة السيد والحمار، فحمل السيد أصبح مصدر بهجةٍ وعزةٍ وإفتخار لدى البعض، وياله من مشهدٍ وقف فيه سعد الحريري وأمير قطر وملك المغرب وملك الأردن والرئيس الفلسطيني وغيرهم، إلى جانب المجرم بنيامين نتنياهو، عشية إطلاقه ومن باريس أمر العدوان الحالي على شعب غزة ومقاوميها، وفي حضرة من "أمهر" سفاحي العالم المتوحش المزيف.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
13 / 11 /2018

Saturday, November 10, 2018

L’armée syrienne mérite se sanctifier UNE SAINTE -


Les centres  de recherches et détudes diffusent chaque jour des classifications différentes sur les armées militaires dans le monde entier et qui contiennent le nombre de soldats et les équipements militaires. Certainement, ce sont des choses de midéas qui touchent la guerre pscycologique pas plus.
Comme ils sont nombreux les batailles que la victoire a été pour les moins nombreux plus que ceux les plus.
La conception de la victoire et la défaite se prévient du fond du Coeur et que l’homme se vaincre et se défait de l’intérieur.
 A propos de la guerre contre la térrorisme le président egyptien disait” je vais lutter  jusqu’à la mort” tandis que le président syrien disait” je vais lutter jusqu à la victoire”, le premier se suffit de faire la bataille et le second promet la victoire.
Par exemple la guerre de juillet de 2006 la où la résistance libanaise a été vaincu malgré que ses équipements étaient moins que ceux de l’ennemie.et aussi la l’excédant de l’armée et les équipements n’ont pas empêché l’Arabie Saudie de noyer dans le marrais Yemenien.
De parler de l’armée syrienne qui combat la térrorisme et affronte plus de 2000 groupes de terroristes  dans toutes les régions et partout  ,ça fait 5 ans et cette armée est plus forte que forte et que le midéas européen et les ennemies la décrivent par “ l’armée broyeuse donc il faut que tout le monde découvre son secret et sache que c’est une armée qui croit en Dieu,  à la patrie et à la compatriote , elle aime la vie , la dignité et croit que le chemin de la victoire c’est toujours la martyre.
Cette armée était génèueuse par les dons et le pure sang en incarnant les paroles de Jésus Christ “Nul n’a d’amour plus grand que celui qui se dessaisit de sa vie pour ceux qu’il aime“ donc les syriens remercient Dieu qui a sacrifié et sanctifié la Syrie la où il a mit la Syrie au point de début de la charité, la paix, l’amour et la lumière pour tout le monde.
En parlant de la sanctification de sa conception humaine on voit que ce n’est pas les Saints qui font les miracles, je pense que l’armée syrienne mérite toute l’appréciation  et tout et le respect et doit se sanctifier UNE SAINTE ..!!!!

Eng: Michel kalaghassi

10/11 / 2018