Saturday, January 4, 2020

القائد سليماني - هزم أمريكا حيا ًوسيهزمها شهيدا ً - م. ميشيل كلاغاصي


بداية عامٍ جديد, ورئيسٌ أحمق يوقع أمر تنفيذ الجريمة, استهدافٌ في مطار بغداد الدولي .. ويبقى الحدث, إغتيال الشهيدين سليماني والمهندس, استهدافٌ مباشر نفذته الولايات المتحدة ولا أحد يعرف رقم العملية, إذ سبقتها مئات العمليات, هي سياسة الإغتيالات والتصفيات الجسدية لقادة أرقوا المضجع الأمريكي, وهزوا عرشه وأرض الشرق الأوسط التي يقف عليها بكل وقاحة وهو يحاول تغيير ذاك النظام, ومنع تقدم تلك الدولة, والقضاء على تلك المقاومة, وسرقة هذا النفط, والتحكم بتنفس البشر ... لا تصدقوا أن الولايات المتحدة قد وجدت عدوا ًجديدا ً, فالشعوب المقاومة وأحزابها وفصائلها المسلحة لم تُخلق من العدم, بل خرجت من رحم الظلم ومن قوة الحق في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي والأمريكي, بعد سنواتٍ وعقود للإحتلال الأوروبي التقليدي والعثماني التاريخي ...
لا تحدثني عن الحرية والديمقراطية الغربية, ولا عن الأحلام والأساطير الصهيونية, ولا تحدثني عن نعاجٍ طأطأوا رؤوسهم وفتحوا خزائن أموالهم واّبار نفطهم للغزاة "البيض" وللموت القادم من بعيد وقريب ... لا تحدثني عن كائناتٍ هللت وابتهجت لموت النسر, ولحامي الأرض والعرض, لا تحدثني عن رواياتٍ منحولة, حولها عواء الذئب إلى عروشٍ بائدة وأشباحٍ تتحرك بالحقد والغدر والخيانة ..
حدثني فقط عمن وهبوا حياتهم لأجل أوطانهم وكرامتهم ومقدساتهم , حدثني عن دولٍ وقادةٍ ومقاومة, حدثني عن الجيش الإيراني والحرس الثوري وفيلق القدس والشهيد اللواء قاسم سليماني, حدثني عن الجيش العربي السوري والرئيس بشار الأسد, وحدثني عن حزب الله والسيد حسن نصرالله, وعن الحشد الشعبي والشهيد المهندس, ولا تسألني ثانية لماذا تهاجمهم قوات الغزو الأمريكي, ولماذا تغتال قادتهم, ومن يدفع ثمن الرصاص ..!
ما إن انتشر خبر استشهاد القائدين سليماني والمهندس, حتى سارع ترامب للإختباء وراء علم بلاده على تويتر, وسارعت المصادر الإعلامية والسياسية والعسكرية الأمريكية, لإلقاء اللوم عليه وتحميله المسؤولية والتداعيات, انتقده الكثيرون وهلل بعضهم وابتهج , لكن المسرحية تبدو ركيكة النص والحوار والإخراج حتى فكلهم مجرمون وقتلة, ولن يكون لها أي أثر على قرار الدولة الإيرانية ومجلس أمنها القومي وقرارها الشعبي حيال حجم ومكان وزمان وكيفية الرد الحتمي.
حدث اليوم, هز العالم وشغله بمتابعة عواجل أخباره, وبتحليلات وكالات الأخبار العالمية والإقليمية والمحلية على مساحة الكرة الأرضية, وانشغل برصد المواقف والبيانات الدولية, وأشتعل الفضول وربما الخوف مما قد يحصل, وتساءل البعض هل نحن على موعدٍ مع ردٍ محدود وأين ؟, أم على موعدٍ مع حربٍ إقليمية وربما دولية.
يبدو أن محاولة الإجابة على هذه التساؤلات مبكرة ومتسرعة, فالجنون الأمريكي يقابله الحكمة الإيرانية, والفوضى الأمريكية يقابلها الإصرار على هزيمة الفوضى وهزيمة المشروع الإمبريالي الصهيو –أمريكي, والذي نضجت ملامحه من أعالي جبال قاسيون في دمشق, وبدأ هديرها وغبار أقدام بواسلها يُضعف رؤية مستقبل قوات الإحتلال الأمريكي, وينسف ركائز وجوده وبقائه على الأرض السورية, في وقتٍ لم تستطع الفوضى الأمريكية أن تصل إلى أهدافها في لبنان والعراق وحتى في الداخل الإيراني .
فالهزيمة الكبرى بدأت تطرق أبواب واشنطن, وبدأ صداها يطرق مسامع مجرم وفاسد تل أبيب الساعي إلى الحصانة, وبدأت ملفات اللاجئين في لبنان تترنح مع كل حافلة تعيد السوريين إلى وطنهم وبيوتهم, ولاح في الأفق بوادر إتفاقٍ سوري – كردي, وبدأ الجيش العربي السوري يطرق أبواب إدلب, وازداد عدد الإرهابيين المغادرين على متن الطائرات التركية وربما الدولية بإتجاه ليبيا.
وفيما يقترب الحل السياسي في اليمن, ولا تزال اّثار الضربة على اّرامكو عالقة في الأذهان, ويتقدم ملف تشكيل الحكومة اللبنانية على وقع السؤال حول نهاية الحريرية السياسية, في الوقت الذي لم تعد فيه واشنطن قادرة على منع الطائرات الرئاسية العربية من الهبوط في مطار دمشق, ولا منع موسكو من ملىء كل فراغٍ تنسحب منه في سوريا.
مشاهد صادمة, لا نعرف كيف تحملها ترامب وهو يقترب من عزله أو من إعادة تنصيبه لولايةٍ ثانية, ولا زال يحلم بهاتفٍ إيراني خباره , وتوقعات محلأخبارهوأقله فرنسي أو أوروبي عساه يحدد موعدا ًجديدا ًللتفاوض حول الملف النووي والصاروخي الإيراني, موعدٌ نعتقده لن يأتي تحت الضغوط والشروط المسبقة والعقوبات.
لم تعد الولايات المتحدة قادرة على إخفاء هزيمتها, أو الحد من سرعة تبلور نتائجها, كما أن استهدافها الجوي في مدينة القائم والمناطق الحدودية مع سوريا التي يتمركز فيها مقاوموا الحشد الشعبي, عبر العدوان الإسرائيلي والأمريكي المباشر, فضح محاولاتهما لقطع طريق محور المقاومة عبر العراق, وعساه يضمن لها طريقا ً سريعا ً لإنسحاب قواتها المفاجىء عند الضرورة بإتجاه قواعدها في العراق والتي لم تعد اّمنة, خصوصا ً مع تصاعد أعمال المقاومة والتي تستهدف إخراج القوات الأمريكية من العراق نهائيا ً.
لم تجد الولايات المتحدة طريقة ً لتفادي الطوفان القادم على الرغم من كل التضليل والتجييش وقوة إعلامها لتوجيه البوصلة العراقية ضد "النفوذ" الإيراني, وأصبح الإنتقام هدفا ًوربما استراتيجيةً, مع تصاعد دعوات الزعماء السياسيين في الداخل العراقي المطالبة بإنسحاب وخروج القوات الأمريكية.
لكن إنتقامها حمل لغة القتل والدماء كالعادة دائما ً, وقامت بقصفٍ أودى بحياة عدد من مجاهدي الحشد الشعبي, لكن النتائج جاءت معاكسة لحساباتها, فقد تظاهر العراقيون ضدها وحاصروا سفارتها في أقوى الرسائل المباشرة, والتي قرأها الرئيس ترامب بشكلٍ خاطىء, وضاعف وحشيته بالتوقيع على أمر إغتيال اللواء قاسم سليماني على أرض العراق, وترك للوزير مايك بومبيو وللبنتاغون اختيار عبارات التبرير السخيفة التي لم تقنع أحدا ً.
على الرغم من الألم والحزن جراء فقدان القادة والمجاهدين الشهداء, إلا أن دمائهم لم ولن تذهب سدىً, ولن تتأثر حماسة وإندفاعة محور المقاومة ومسيرة نضاله نحو تحقيق أهدافه وهزيمة المشروع الإمبريالي الصهيو – أمريكي, وما هي إلاّ ساعات وتم تعيين العميد اسماعيل قااّني خلفا ً للواء الشهيد, فالدولة الإيرانية مؤسساتية البنية وقادرة على التعويض, وتملك ومحور المقاومة من الرجال والمجاهدين ما يكفي لإعلاء راية الحق والمقاومة دائما ً.  
المهندس: ميشيل كلاغاصي
4/1/2020