Saturday, April 23, 2022

ماكرون في مغامرته الثانية نحو الإليزيه.. فشلٌ في سورية وأفريقيا وفضيحةٌ في أوكرانيا - م. ميشيل كلاغاصي


حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، منذ توليه رئاسة الإتحاد الأوروبي بالتناوب ، استئناف علاقاته مع دول القارة السوداء ، بعد إخفاق سياساته فيها , وأراد اعتلاء صهوة الاتحاد الأوروبي وجره نحو تعزيز العلاقات مع الاتحاد الإفريقي ، مستغلاً خلال رئاسته للاتحاد الأوروبي على مدى الأشهر الثلاثة قدراته وفصاحته وتصريحاته غير المدعومة بأي أفعال ، وحصر نياته باستغلال ذلك في الجولة الانتخابية الأولى في 10/نيسان ، لكنه لم ينجح في إعادة تصحيح صورته السياسية أمام الفرنسيين ، لذلك توجه نحو أوكرانيا ، في محاولة لانتزاع لقب البطولة ، من خلال نشاطه وزياراته واتصالاته المكوكية مع موسكو والرئيس بوتين .

لقد أمل ماكرون منع العملية العسكرية الروسية الخاصة ، وتقديم نفسه للفرنسيين والعالم على أنه ” رجل السلام الأوروبي والدولي ” ، حالماً بالصورة الجميلة بوقوفه إلى جانب الرئيس بوتين ليعلنا السلام على سطح الكوكب , عوضاً عن الرئيس الأمريكي .

لكن روسيا أبلغته بأن “هياكل القوة في غير مكان وليست في فرنسا”.

هزيمة جديدة لم يكن يتوقعها , والانتخابات تقترب , فقرر القفز نحو المركب الأمريكي والناتو والاتحاد الأوروبي ونازيي أوكرانيا والعالم ، وقدم أوراق اعتماده إلى جوقة أعداء روسيا ومعاقبيها ومن يبحثون عن تدمير اقتصادها ، وتحول إلى نسخة مشابهة للبريطاني بوريس جونسون , وأطلق عقوباته الفرنسية على روسيا ، واحتل موقعه في حرب الولايات المتحدة على روسيا والرئيس بوتين ، وأطلق يده للمشاركة في تسليح وتمويل زيلينسكي ونازييه ومرتزقته , إرضاء لسيد البيت الأبيض , وطمعاً بدعمه للفوز في الجولة الانتخابية الثانية والحاسمة , وتجديد عقده مع الإليزيه.

وعلى الرغم من تسلحه بالعواصف ، لكن مراكبه لم تسر كما يشتهي , فقد استغلت منافسته وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أخطاءه ونتائج سياساته في إفريقيا ، “وسعيه لفرنسا الأوروبية وليس فرنسا العالمية” , وأن ذهابه نحو إفريقيا لن يجعلها كذلك.

في الوقت ذاته , كشفت وسائل الإعلام زيف ادعاءاته بأنه رجل السلام الذي سعى لتحقيقه مع موسكو في الحرب الأوكرانية ، وفضحت مشاركة الجيش الفرنسي في المواجهة المسلحة في أوكرانيا بموافقته الشخصية , وأن الفرنسيين هناك يتجاوزون دورهم كمستشارين عسكريين للناتو ، حيث قاموا بتدريب جنود كتيبة اّزوف النازية علناً , وقاتلوا إلى جانبهم ضد أهالي دونباس , إضافة لما كشف مؤخراً عن وقوع عددٍ كبير منهم تحت الحصار في مدينة ماريوبول داخل مصانع أزوفستال.

ومن أجل انتخاباته ، سارع ماكرون للطلب من الرئيس زيلينسكي إجلاءهم ، لكنه اكتشف عدم قدرته على التدخل في كتيبة آزوف , في وقتٍ منعه كبرياؤه وحساباته الانتخابية من اللجوء إلى صديقيه البريطاني جونسون والألماني شولتز, فلجأ إلى طلب مساعدة الكرملين وأنقرة لإجلاء المدنيين ( والعسكريين الفرنسيين ) من ماريوبول.

يا لها من فضيحة ، عبر مشاركة عناصر القوات الفرنسية في حلف الناتو في المعارك ضد القوات الروسية , على الرغم من تهديد قائد الكتيبة الفرنسية في الناتو بعقوباتٍ صارمة بحق أي جندي فرنسي يشارك في معارك أوكرانيا , وسط سعي حثيث للرئيس ماكرون لفتح “الممرات الإنسانية” لإخراجهم , وتجنب كارثة أسرهم ونشر إعترافاتهم .

هكذا تتوضح لمسات مهندس الثورات الملونة الفرنسي برنارد ليفي في أوكرانيا , بعيداً عن أسماع الناخبين الفرنسيين الذين يصوتون لماكرون , وللمرشح اليساري ميلونشون , الخاسر الأبرز في الجولة الأولى , الذي كاد يكون الرئيس الفرنسي القادم , والذي وجّه مؤيديه بعدم منح لوبان “ولو صوتاً واحداً , وبحمل السلاح ضدها”, ولم يوجههم لمنح أصواتهم لماكرون بشكل علني وواضح , هل تأكد ميلونشون من يمينية ماكرون وتطرفه بما يوازي وقد يفوق يمينية لوبان , أم إنه يميني اّخر بقناعٍ يساري ؟ ويبقى السؤال , هل سيصب خداع ماكرون المنافق في وسطيته، بمصلحة لوبان الواضحة في تطرفها اليميني؟.

بإمكان الفرنسيين رؤية التدخل العسكري لقوات بلادهم في عهد ماكرون , وسيره وراء مخططات برنارد ليفي لدعم نازيي أوكرانيا والانفصاليين في سورية وعشرات المجاميع والمنظمات الإرهابية في إفريقيا وأفغانستان وغير مكان.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

22/4/2022

 

بعد مناظرةٍ ساخنة فرنسا ستنتخب "لا ماكرون و لا لوبان" - م. ميشيل كلاغاصي


لم تعد فرنسا كسابق عهدها، ولم يعد الانقسام فيها على أساس اليمين واليسار، بل أعتقد أنه أقرب إلى من يملكون وسائل الحياة الرغيدة ومن لا يملكونها.

نخبٌ سياسية، ويساريون، وشيوعيون، ورأسماليون، ورؤساء سابقون، ورؤساء وزراء سابقون، وفرنسيون مسلمون، وشعبويون، وكل من أنصت إلى نصيحة اليساري ميلينشون بحمل السلاح ضد لوبان، يصطفّون لتشكيل جبهةٍ جمهورية، ويريدون منع لوبان من الوصول إلى الإليزيه. من جهة ثانية، سيصطفّ الفقراء والشباب وأبناء الضواحي والطبقات العاملة، والقوميون اليمينيون المتطرفون، ومتظاهرو السترات الصفراء، والملثمون والمقنعون بسترات سوداء، ومن خذلتهم مصالح ميلينشون، ومن تصيَّدتهم لوبان خلال المناظرة، وراء اقتلاع ماكرون من الإليزيه.

مع إعلان نتائج الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية، وانتقال الرئيس إيمانويل ماكرون ومنافسته زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الجولة الثانية والنهائية لانتخاب رئيس فرنسي جديد، سارع جميع المرشحين الفائزين والخاسرين نحو المنابر لإطلاق مواقفهم في ضوء النتائج التي عكست هزيمة النخب والشخصيات السياسية والحزبية أمام الفرنسيين، الذين لم يستطيعوا إنتاج مرشح واحد يجمعون عليه، وتشتّتت أصواتهم ما بين المرشحين، وحَصَد غالبيتها فائزان انتقلا إلى الجولة النهائية، فيما انتقل بضعة آلاف من الجماهير نحو شوارع باريس للتظاهر تحت شعار "لا ماكرون ولا لوبان".

سجلت العاصمة باريس السبت الماضي يوماً احتجاجياً عبر عدة تظاهرات، نظمتها حوالى 30 نقابة ومنظمة من منظمات المجتمع المدني، اعتصم خلالها الآلاف، وقطعوا بعض الشوارع. وما بين محتجي السترات الصفراء والسترات السوداء (أنتيفا)، اضطرَّت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم واعتقال بعضهم. لقد عبروا عن صدمتهم ووضعهم أمام خيارين سيئين، وشعروا بالضيق والحزن، وكأن نهاية العالم باتت قريبة.

تباين جمهور التظاهرات بين المتظاهرين ضد اليمين المتطرف وبعض اليسار، ومن تجمعوا حول تمثال "انتصار الجمهورية" البرونزي الكبير والرمز الفرنسي للحرية والديمقراطية، ومتظاهري السترات الصفراء ضد ماكرون، والشبان والرجال والنساء من أبناء الضواحي، الذين حملوا لافتات كتبوا عليها "لا لوبان أو ماكرون"، وغالبيتهم من مؤيدي المرشح جان لوك ميلينشون، الَّذي دعا إلى عدم منح لوبان صوتاً واحداً، ولم يمنح ماكرون أصوات مؤيديه صراحةً.

وبين من شاركوا ولم يشاركوا في الجولة الأولى، ومن ينوون مقاطعة الجولة الثانية، ومن سيصوتون بالورقة البيضاء، بات مؤكداً أن الانتخابات الرئاسة الفرنسية لن تغير شيئاً في فرنسا، وأن الضياع والنزيف الفرنسي مستمر، سواء فاز ماكرون أو لوبان.

تبدو فرنسا على موعد مع المجهول القريب، على الرغم من أهمية المناظرة الحاسمة، كمحاولة أخيرة لفصل الخيارات وتمايزها لمصلحة أحدهما في الجولة النهائية في 24 نيسان/أبريل، وسيكون من المستحيل توقع النتيجة سلفاً، مع احتفاظ ميلينشون بـ21.9% من الأصوات، وجلها من الفئة العمرية 18-34 عاماً، وسير الفئات من 35 – 64 عاماً وراء لوبان، وهيمنة ماكرون على الفئة العمرية ما فوق 64 عاماً، الّذين يقنعهم بمعاشات تقاعدية مريحة وإجراءات صارمة بشأن فيروس "كوفيد 19"، ومن يرونه زعيماً للأغنياء، على عكس كبار السن منهم، الَّذين لطالما كانوا من أبناء الطبقة العاملة الذين لن يصوتوا له، ليخلق ذلك هالةً مختلطة تحيط بماكرون، نصفها اجتماعي بحت، ونصفها الآخر من متقاعدي يمين الوسط، فيما يتحلّق حول لوبان القوميون واليمينيون المتطرفون، والذين ما زالوا يعملون ويتقاضون رواتب متواضعة، ويواجهون صعوبة الظروف والحياة الحالية في فرنسا.

لم تعد فرنسا كسابق عهدها، ولم يعد الانقسام فيها على أساس اليمين واليسار، بل أعتقد أنه أقرب إلى من يملكون وسائل الحياة الرغيدة ومن لا يملكونها، وسط ذوبان الاشتراكيين واليمينيين التقليديين في احتجاجات السترات الصفراء وراء مطالب اجتماعية، وهتاف الآلاف: "هيا استقل يا ماكرون".

وفي المناظرة الساخنة، ومع انطلاقتها، بدا ماكرون متوتراً ومهزوزاً وخائفاً. وحين خانته طلاقته وفصاحته، حاول تعويض إحباطه بعبارات استفزازية وشخصية قاسية، فقال للوبان: "أنتِ لست صادقة. برنامجكِ ليس له رأس ولا ذنب. أنتِ تمزحين"، في حين بدت لوبان واثقة وهادئة وذكية، وعرفت كيف تأكل كتف ماكرون، وتصدَّت لهجومه الأول باتهامها بعلاقاتها مع روسيا، وعرَّت سياساته ووصفته بالمنافق، وانتقدت سعيه لفرنسا الإقليمية، وليس العالمية، والذهاب نحو أفريقيا، وانتقدت لهاثه وراء الاتحاد الأوروبي وتجاوزه السيادة الفرنسية ورفعه علم الاتحاد تحت قوس النصر، ونفت اتهاماته بنياتها الخروج من الاتحاد الأوروبي، "الذي يتدخل في ما لا يعنيه في الشؤون الفرنسية"، وسألته: "لماذا لا تدافع فرنسا عن مصالحها مثل ألمانيا؟"، فأجابها: "أنتِ قومية فرنسية لتقزيم فرنسا وعزلها".

وانتقدت لوبان الكثير من سياساته فيما يتعلق بالزراعة والبيئة، وسخرت من سياسة الطاقة البديلة واعتماد المراوح الهوائية وحاجتها إلى الوقود لتشغيلها وأثرها السلبي في البيئة والحيوانات، وانتقدت إغلاق 14 مفاعلاً نووياً منتجاً للطاقة، وتحدثت عن الخسائر في عهده، كالعجز القياسي بـ500 مليار يورو، والتحسن الضئيل لنسب البطالة، وخسارة 14000 وظيفة، وانتقدت نظامه التقاعدي غير الواضح، واقترحت سن التقاعد من 60 – 62 سنة.

كما انتقدت السياسة المتبعة في قطاع التعليم، ووعود ماكرون الكثيرة للطلاب والمدرسين في العام 2017، والتي لم ينفذ منها شيء، وعدم تقديم الحماية والأمن للمعلمين، وتردي الوضع الأمني، وتفشي الجريمة والسرقة، وتحدثت عن ضرورة استعادة هيبة رجال الشرطة الَّذين تم التشكيك فيهم في عهده، "كي تعيش فرنسا في ظلهم بأمان"، وعن ضبط الحدود ومنع الهجرة غير الشرعية وحصرها بطلبات اللجوء، ووعدت بطرد المجرمين من اللاجئين غير الشرعيين، في حين أكَّد ماكرون أنَّ اللجوء السياسي يحميه القانون، واللجوء الاقتصادي مفيدٌ لفرنسا.

وقد صوّبت على أخطائه في فترة الإغلاق الأول بسبب جائحة كورونا، وحرمان الممرضين والأطباء من رواتبهم، وأكّدت أنها ستسعى لدفع أجورهم، وستخصص 10 مليارات يورو للأجور، و10 مليارات أخرى للمعدات الطبية ولإعادة تأهيل المشافي، فيما حاول ماكرون التركيز الوصول المبكر للجائحة في العام 2018 في ولايته السابقة، وأن فرنسا لم تتعرَّض سابقاً لفيروس كورونا.

كرَّرت لوبان مواقفها المعلنة عن الحجاب والتطرف الإسلامي والخطر الإرهابي، وادَّعت أنها "لا تقاتل الدين الإسلامي، بل الأيديولوجيا التي تعتدي وتفرض الشريعة"، وأكدت رفضها الحجاب "في الأماكن العامة"، ورأت أنَّه "لباسٌ فرضه المتطرفون"، ولخصت مواقفها المتشددة بحديثها عن "فرنسا الفخورة، وليست الخجولة".

لم يفوّت ماكرون الفرصة لتعود إليه الفصاحة والطلاقة. وقد قال إنَّ لوبان "تريد للشرطة أن تلاحق المحجبات وواضعي القبعة اليهودية في الشوارع وتمنع كل الرموز الدينية"، وشدد على أنَّ "فرنسا لن تقصي أحداً، وتحترم مبادئها في الحرية والتسامح"، وأكَّد أن ما تقترحه لوبان "خيانة لروح الجمهورية" ونوع من الحماقات، وأنها "ستخلق حرباً دينية".

وعن أزمة الثقة بين الحكومات والشعب، ركزت لوبان على مبدأ الاستفتاءات الشعبية، واعتمادها ديمقراطيةً جديدة، تضع الحد للانقسامات الفرنسية، ويُؤخذ فيها رأي الشعب بعين الاعتبار، واستشهدت بقول شارل ديغول في العام 1992 بأن "السيادة للشعب، وليست للدستور"، وبأنها ستطرح العديد من المشاكل للاستفتاء الشعبي، كدستورية الهجرة غير الشرعية، وطرد المجرمين الأجانب... في حين دُهش ماكرون بمشروعها الذي يقضي بإلغاء دور النواب الفرنسيين وتهميش الجمعية الوطنية.

في الختام، توجّه ماكرون إلى السيدة لوبان بالقول: "أنا أحارب أفكارك وحزبك، وأحترمك شخصياً"، فيما كررت لوبان ملخصاً سريعاً لمشروعها، وأكَّدت قولها مجدداً: "إعلاء منطق الوطنية على منطق العالمية، والدفاع عن روح فرنسا وقيمنا ولغتنا... هذا ما أحمله للفرنسيين".

وتشير استطلاعات 18 نيسان/أبريل و21 نيسان/أبريل - ما بعد المناظرة المباشرة - إلى أن احتمال فوز الرئيس ماكرون صعب، لكن هذا لن يغير حقيقة أنَّ الرئيس القادم سيرث دولةً ممزقة تائهة ما بين خداع ماكرون بوسطيته وصراحة لوبان بتطرفها اليميني، على الرغم من محاولاتهما لتخفيف حدة خطاباتهما ومواقفهما المعروفة سابقاً، وتقديمهما الوعود التي كانت وستبقى انتخابية فقط.

ميشيل كلاغاصي

22/4/2022

 

بوتين يقترب من إعلان هزيمة الرايخ الأمريكي الأوروبي أو التسوية - م. ميشيل كلاغاصي


في الحديث عن الأزمة في أوكرانيا، أكّد رئيس الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مؤخراً أنّ "هذه الحرب ستنتصر في ساحة المعركة"، ويبدو أنه ما زال يراهن على المعارك الميدانية، بعيداً عن الوسائل الدبلوماسية، ويثبت أنه كالطبيب الذي يرفض العلاج، ويعيش تناقضاً غريباً، وهو أمر مؤسف بطبيعة الحال. 

يبدو أنَّ تداخل أفكاره وتناقضها تدفعه إلى تمرير سياسات صديقه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الباحث عن النصر وعن تدمير الاقتصاد الروسي، عبر عقوباتٍ لا تخطر على بال، فقد قام بوريل مؤخراً بزيارة كييف، ووعد نظامها بإمداداتٍ ودفعاتٍ جديدة من الأسلحة، ووعد بتقديم المال أيضاً، لكن عن أيِّ مال يتحدث! بالتأكيد هو مال الحرب، وليس مال السلام.  

مواقفه وتقديماته ووعوده دفعت الوفد الأوكراني المفاوض في المحادثات مع روسيا إلى إنتاج مواقف فورية وواضحة جاءت على لسان عضو الوفد الأوكراني ميخائيل بودولاك، بقوله: "لن تكون هناك مفاوضات في المستقبل القريب". يبدو أنه ورفاقه اعتقدوا أنهم على وشك الانتصار في دونباس، وأنهم قادرون على فرض شروطهم على موسكو، لكن تصريح زيلنيسكي يسير في الاتجاه المعاكس. 

لقد ورط بوريل أصدقاءه في السلطة الأوكرانية، وورط نفسه برؤية وتحليل بوريس جونسون، الذي راقب عن كثب انسحاب القوات الروسية من كييف، ولم يدرك أنها أتت كبادرة حسن نية روسية، وفسرها على أنها نتيجة ضغوط الفريق المعادي لروسيا وإمداداته بالأسلحة والعقوبات الغربية، بما فيها البريطانية.

ويبدو أنّ بوريس جونسون تأثّر بمواقف الرئيس بايدن ووزير خارجيته وتصريحاتهما ورهانهما على إطالة أمد الحرب، الأمر الذي دفعه إلى إنتاج المزيد من الأفكار الجهنمية وتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة ورفع مستوى الرهان على الانتصار في ساحة المعركة.

لم تسجّل مواقف الرئيس بوتين وكل المسؤولين والمعنيين الروس وتصريحاتهم ما يؤيد الأفكار والاستنتاجات الغبية للسيد بوريل وصديقه جونسون، لا بل على العكس، فالروس يبدون ارتياحهم ورضاهم عن سير العملية العسكرية الخاصة، ويؤكّدون أنها ماضية نحو تحقيق كامل أهدافها.

كم تبدو واشنطن محظوظةً بإيجادها الكثير من الأغبياء في القارة الأوروبية، من قادة دول وأحلاف، ووزراء خارجية، وقادة عسكريين وإعلاميين، على قياس زيلينسكي ووزنه؛ هؤلاء الذين اندفعوا نحو خوض الحرب بمواجهة روسيا نيابةً عن الولايات المتحدة، ونحو تحويل الدول الأوروبية إلى دول داعمة بالمال والسلاح، وغير آمنة، وحاضرة لاستقبال اللاجئين الأوكران وكل المتطرفين والإرهابيين الذين يغادرون ساحات المعارك نحو العواصم الأوروبية، ليعيشوا في مدنهم ووسط شعوبهم، حالهم كحال من اشترى عقرباً ووضعه في جيبه!

كيف لهذه العقول الأوكرانية والأوروبية التي تملأ رؤوس القادة والساسة أن تعتقد بإمكانية هزيمة روسيا والرئيس بوتين! كيف يعتقد هؤلاء أنهم مع زيادة المساعدات العسكرية كمّاً ونوعاً، سيتمكنون من قلب الطاولة وتحويل مسار الحرب ونتائجها!

كم يبدو بوريس جونسون غبياً وهو يراهن على تقديم 120 مركبة مدرعة للأوكران لتحقيق الانتصار! يبدو أنَّ من المهم إطلاعه على نبأ إسقاط طائرة نقل أوكرانية محملة بأطنان الأسلحة الغربية في أجواء مدينة أوديسا. من المؤكّد أنّهم لا يطّلعون على البيانات العسكرية الروسية، وهي تقدم لوائح طويلة للخسائر العسكرية الأوكرانية، وهي بطبيعة الحال خسائر لأميركا وأوروبا وتركيا وكلّ من ساهم ويساهم بتقديم السلاح للأوكران.  

لقد أصبح حال الدول الأوروبية مأساوياً، مع شح النفط والغاز والمؤن والمواد الغذائية وارتفاع الأسعار واقتراب العديد من المصانع الحربية والصناعية من التوقف. هل ما زال رئيس الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي يرى أنَّ "النصر في ساحة المعركة"؟

كما يبدو، ومن خلال تصاعد بعض الآراء داخل تركيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، إنَّ جوقة الدول الأوروبية المحاربة في صدد إعادة قراءة الواقع، قبل أن تتحوَّل الحرب المحدودة إلى حرب واسعة وكبرى وعالمية، بالتوازي مع ورود ذكر الأسلحة النووية في بعض التصريحات الروسية. في الواقع، تبدو أصوات المعارضين الداخليين معبرة عن الأصوات الحاكمة أيضاً.  

أعتقد أنَّ إدارة بايدن وقادة الناتو والاتحاد الأوروبي والرؤساء الأوروبيين سيراهنون في نهاية المطاف على حكمة الرئيس بوتين، الذي لن يخرج ليعلن هزيمة الرايخ الأميركي – الأوروبي، وسيجد طريقةً ما لحفظ ماء وجوههم، وسيحتفظ بحق روسيا في الانتصار العسكري أو التسوية وفق شروطه الأولى ما قبل العملية العسكرية الروسية الخاصة.

م. ميشيل كلاغاصي

18/4/2022

 

Saturday, April 16, 2022

النفاق والصمت الدولي شريكين في العدوان الإسرائيلي الهمجي على فلسطين ومقدساتها - م. ميشيل كلاغاصي


يتهرب قادة العالم المنافق من مناصرة الحق , ومحاسبة مجرمي الكيان الإسرائيلي المؤقت , ويحاولون الإختباء وقوانينهم الأممية والدولية المحنطة , وراء الأكاذيب الأمريكية ونفاق الدول الغربية وبعض العربية , حول "القيم" و"حقوق الإنسان" و"محاسبة مرتكبي جرائم الحرب" دون أن يمسوا مجرمي قادة العدو الإسرائيلي الهمجي .

يا له من عالمٍ منافق بلا قلب ولا رحمة , يغيب فيه العدل والإنصاف , وتحل محله سطوة الإحتلال الإسرائيلي وظلمه , وتعطشه للعدوان والبطش وسفك الدماء , والمزيد من سرقة وقضم الأراضي العربية خصوصاً الفلسطينية منها .. عالمٌ يحكمه قانون وشريعة الغاب , في غياب الضمير المزعوم , للأمين العام للأمم المتحدة وقوانينه ومبادئ منظماته الحقوقية والإنسانية , وسط سقوطٍ ذريع لكافة إدعاءات الولايات المتحدة , وحلف الأطلسي , والإتحاد الأوروبي , ومن يدعون أنفسهم بالعالم المتحضر , الذين يرون بأم أعينهم جرائم وفظائع الإحتلال الإسرائيلي ويصمتون , ولا يرون فيها , جرائم حرب , وإبادة جماعية , وانتهاك للقوانين الدولية وحقوق الإنسان , في وقتٍ تظهر فيه مواقف المطبعين العرب على حقيقتها ووقاحة خذلانها , باعوا فلسطين والقدس والمقدسات لأجل عدوٍ تاريخي , يسخر منهم ومن زحفهم نحوه , ويتغنّى بذلهم وينَعِم بأموالهم .

فالممارسات التي تقوم بها سلطات الكيان الإسرائيلي المؤقت وحكومتها اليمينية المتطرفة من تهديداتٍ عسكرية , تكشف حقيقة نوايا الفاشل نفتالي بينيت في تصدير أزماتها الداخلية وفشلها الأمني والعسكري والإستخباري الكبير حتى في وسط تل أبيب , عبر تنفيذ المخططات الإسرائيلية التي لطالما حلمت بها , وإعادة احتلال المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية وتعميق وتكريس السيطرة الاسرائيلية والأمنية والعسكرية على الارض وفرض سياسة الأمر الواقع , وإعادة الخلافات والصراعات داخل الجسد الفلسطيني والسلطة الفلسطينية , الأمر الذي سيمنح سلطة الكيان المؤقت الحالية فرصةً إلتقاط الأنفاس وشيئاً من القوة في مواجهة المنافس المجرم بنيامين نتنياهو.  

لأجل تحقيق أهدافها , تقوم سلطات حكومة نفتالي بنيت بعدوان شامل يبدأ من الخليل وجنين ونابلس , ليصل إلى تهديد قطاع غزة بحربٍ شاملة انتقامية للمواجهات والجولات السابقة التي تذوق فيها طعم المرار والهزيمة , غير اّبهٍ بجرائم الحرب الممنهجة التي يرتكبها عناصر جيش الإحتلال , وما يرافقها من تكثيف للإستيطان واستكمال بناء جدارن الفصل العنصري , التي تراهن عليها الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة لحماية نفسها ومستوطنيها في برامجها الإنتخابية.  

لا يمكن للعالم أن يتابع صمته , وسط المشاهد الدامية وسقوط الأبرياء والشهداء في كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية , في الوقت الذي تشحذ فيه هذه الدماء الطاهرة همم وسواعد الأبطال والمقاومين , وتضاعف من إصرارهم على دحر المحتل الإسرائيلي , وحماية الأرض والمقدسات , في معركة مفتوحة لن تغلق أبوابها إلاّ بزواله وإندحاره , الأمر الذي سيعفي العالم الوضيع , الذي يتهرب من مناصرة الحق , ومحاسبة مجرمي الكيان المؤقت , ويحاولون الإختباء وقوانينهم الأممية والدولية المحنطة , والأكاذيب الأمريكية ونفاق الدول الغربية وبعض العربية , حيال "القيم" و"حقوق الإنسان" و"محاسبة مرتكبي جرائم الحرب , دون أن يمسوا مجرمي قادة العدو الإسرائيلي الهمجي.

لم يعد خافياً على أحد الخداع الذي تقوم به حكومة الإحتلال عبر ممارسة الإستفزازات بحق المدنيين والمصلين في المسجد الأقصى , كي تقدم للعالم المنافق تبريراً لإعتدائها على العزل والنساء والأطفال , لا بد للعالم أن يتحد وراء الحق الفلسطيني , ولجم الهمجية والوحشية الإسرائيلية , ودفع عجلات الحلول الجذرية العادلة والقادرة على جلب السلام الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم , وفق ما تعلنه غالبية دول العالم من دعمٍ لحل الدولتين... وكفى العالم نفاقاً وظلماً , يستحق الشعب الفلسطيني أن ينال حقوقه الشرعية في الأرض والحياة والأمن والسلام كسائر شعوب العالم .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

16/4/2022