Tuesday, February 25, 2020

من شباط إلى اّذار .. رزنامة مهرج عثماني - م.ميشيل كلاغاصي


لأنها لا تريد إنتهاء الحرب في سوريا ,لأنها وضعت كل ما تملك من هيبة وسمعة ومصلحة ونفوذ في رهانها على الإرهاب والفوضى, لأن مشروعها دموي تدميري تخريبي تقسيمي, لأنها رأس الديمقراطية الكاذبة والحرية المشوهة , سيبقى السلام يفضحها والحق يهزمها...لأن ملفات الحرب أصبحت شائكة ومعقدة , وباتت كل الإحتمالات مفتوحة , مع تصاعد غبار وجلجلة العربات والدبابات والناقلات وصفير الصواريخ وهدير الطائرات الأمريكية والإسرائيلية وربما التركية , وسط إعتمادٍ كلي على جيوش التنظيمات الإرهابية – القاعدية , وكل من حمل السلاح في وجه الدولة السورية.
وبات واضحا ً سعي واشنطن لمنع انهيار الإرهاب في ادلب أمام تقدم الجيش العربي السوري , وبمنع أردوغان – الضامن , من تنفيذ تعهداته أمام روسيا وإيران , بهدف زعزعة التقارب التركي – الروسي , حتى لو كلفها إطلاق اليد العسكرية - العثمانية في سوريا , الأمر الذي يسرّ قلب أردوغان , وربما سيكون بوابة رحلته نحو الجحيم.
فبعد عامين على المراوغة والنفاق , وعدم تنفيذ التعهدات التركية في أستانا وسوتشي , وبعد نفاذ الصبر السوري , وبعدما احتاجت الدبلوماسية السورية والروسية وغيرهما , لتذكير تركيا ومجلس الأمن والمجتمع الدولي,  بأن إدلب هي محافظة سورية , وأن ومن واجب الدولة والجيش تحريرها وأهلها من الإرهاب , وبطرد قوات الإحتلال التركي من أراضيها...
ويأتي القرار السوري بتنفيذ ما اتفق عليه ولم يُنفذ تركيا ً, بالقوة العسكرية , قرارٌ حظي بموافقة ودعم روسيا وإيران وكافة الحلفاء في محور المقاومة , وبدأت العملية العسكرية , وحققت تقدما ً سريعا ً أدهش الأعداء والعالم , تم فيه إستكمال تحرير أرياف حلب الجنوبية والغربية , وإبعاد الخطر الإرهابي وقذائف حقده عن أحياء حلب من الراشدين /5/ وصولا ً حتى المنصورة , وتم تحرير تلة العيس الإستراتيجية , وعشرات البلدات والقرى , واستعادة السيطرة على الطريق الدولي حلب – دمشق المعروف بـ M5 , واتجهت وحدات الجيش لتحرير طريق حلب – اللاذقية المعروف بـ M4 , وتقدمت نحو بلدة النيرب وسط أعنف الإشتباكات المباشرة بمواجهة قوات الإحتلال التركي , والتنظيمات الإرهابية التي تعمل بإمرتها , والتي زودتها بأحدث الأسلحة ومضادات الطائرات , ووسط زحفٍ غير مسبوق لأرتال الجيش التركي التي عبرت الحدود , بهدف منع تقدم الجيش السوري وحلفائه نحو إدلب , وسط إنهيارٍ تام في معنويات الأتراك وإرهابييهم , وعلى وقع طردهم من مئات الكيلو مترات المربعة , وتكبيدهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح , وسقوط عديد الجنود الأتراك ما بين قتيل وجريح .
أردوغان يبحث عن الدعم الأمريكي والأطلسي والأوروبي ...
لم يكن أمام أردوغان سوى الصراخ , وإطلاق وعيده وتهديده , لوقف العملية والتقدم العسكري السوري , وإنسحاب وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه من الأراضي والمساحات التي تم تحريرها , وذلك خلال مهلة /25/ يوما ً تنتهي مع نهاية شهر شباط الحالي.
وسارع لإستجداء الدعم العسكري الأمريكي والأطلسي, لكن واشنطن لم تقدم له – في العلن – الدعم المرجو , ووضعت شروطها لإنسحابه من إتفاقية المنظومة الصاروخية الروسية S400 مقابل تزويده بمنظومة الباتريوت الأمريكية.
وحاول طرق الباب الروسي بعدما رفع سقف تصريحاته وصراخه , وبحث عن قمةٍ تركية – روسية , لم يحظَ بها , وبالكاد حصل على لقاء روسي – تركي في أنقرة , تلاها لقائين في موسكو , لم تُسفر جميعها عن أية نتائج , فلجأ إلى الإتصال الهاتفي المباشر مع الرئيس بوتين , لكنه انتهى بنهاية تقليدية وبالتأكيد على ثوابت البلدين وإلتزاماتهما.
يبدو أن السعادة لم تعد تعرف طريقها نحو قلب أردوغان , واستُبدلت بكوابيس الهزيمة الكبرى , ما دفعه للصراخ مستجديا ً كل من لجأ إليهم , مستنهضا ًهممهم ودعمهم  ومحذرا ً إياهم من الهزيمة الكبرى , وأن مشروعه العثماني – الإخواني يقف على شفير الهاوية ويقول: " سياساتنا في سوريا وليبيا ليست مغامرة أو خيارا ًعبثيا ً, وإن تهرّبنا من النضال سيكون الثمن باهظا ً ".
وقد جاء استجدائه للإدارة الأمريكية كونها تشكل رأس هرم الدولة الأمريكية – صاحبة المشروع الأساسي -  من جهة , والقائد الأوحد للناتو من جهةٍ أخرى , والتي لا تبدو بوارد تقديم ما يرغب به من دعم عسكري أطلسي , فيما يبقى من المحتمل أن تقدم أمريكا – ترامب دعما ً بديلا ًعبر الكيان الإسرائيلي.
كما حاول بغباءٍ شديد استجداء الدعم الأوروبي الفرنسي والألماني , ذاك الدعم الذي لطالما افتقده , وحظي بالمقابل بكراهية أوروبية , وبمنع دخوله الإتحاد الأوروبي , بالإضافة إلى تهديده الدائم بترحيل اللاجئين - والإرهابيين ضمنا ً- , على الرغم من الإستعداد الذي أظهره الأوروبيون لصد موجات اللجوء والنزوح , بدءا ً من الأراضي اليونانية , لكن يبقى بمقدوره شن هجماتٍ إرهابية داخل أوروبا عبر إرهابييه ومرتزقته....
ومن جهة أخرى يملك الأوروبيين, وجهان أيضا ً, الأول كأعضاء في حلف الناتو , وبالتأكيد لن يستطيع الفرنسيون أوالألمان الخروج من بيت الطاعة الأمريكي – أطلسيا ً,  أما وجههم الثاني , فهو الإتحاد الأوروبي الذي يملك أسوأ العلاقات مع تركيا , ولا يمكن المراهنة على دور حقيقي له , خصوصا ً بما يصب في صالح تركيا , ويبقى الوجه الفرنسي الخاص الذي يمثلها كدولة إستعمار قديم – حديث , وتبحث عن مقعدها وحصتها على طاولة التفاوض الكبير, في حين لا تستطيع ألمانيا بمفردها الإنحياز نحو المصالح التركية على حساب المصالح الألمانية مع الدولة الروسية, ومع ذلك خرج أردوغان ليعلن عن القمة الرباعية الروسية , الفرنسية , الألمانية , التركية في الخامس من اّذار القادم – بطلبٍ فرنسي ألماني.
أما روسيا , فقد عبرت عشرات المرات عن موقفها الثابت في دعم الدولة السورية وفي حربها على الإرهاب , ولا زالت تلقي اللوم على أردوغان لعدم إلتزامه بتعهداته حيال إدلب , ناهيك عن الإسلوب الذي اتبعه بوتين حيال استنزف مهلة شباط لإحراج أردوغان في الداخل التركي وفي ساحة المعركة , وسط  تكبده الخسائر العسكرية , وعودة جثامين الجنود الأتراك  بالتوابيت.
لقد فعلها بوتين , وحوّل مهلة أردوغان من شباط إلى اّذار , إلى رزنامة مهرجٍ عثماني , يبحث عن أوهامه في البقاء في سوريا إلى الأبد ,  في الوقت الذي لم يتوقف أبطال الجيش العربي السوري عن التقدم وتطهير الأرض السورية من رجس جنود أردوغان وإرهابييه ومرتزقته... لن يجد أردوغان وسيلة تساعده على الخروج من ورطته في مواجهة روسيا أو سوريا أو كليهما ... وسط عجز وترهل الجيش التركي وخسائره العسكرية في الأرواح والعتاد في المواجهات مع الجيش العربي السوري في "النيرب" , وإنسحاب أرتاله العسكرية في "البارة" , ناهيك عما يحصل في الداخل التركي والمواقف الحزبية والشعبية الرافضة للتدخل التركي في العمق السوري , وجدوى الحرب على سوريا.
أما عن التماهي والتوأمة التركية مع الكيان الصهيوني , فلا يمكن استبعاد إحتمال الدعم الإسرائيلي , الذي حاول غير مرة إشغال الجيش السوري لمنعه من التقدم نحو إدلب وغير مكان , وحماية المجاميع الإرهابية , عبر شن عدوان صاروخي تنفذه طائراته بصعوبة , بدأت تحتاج معه إلى مراوغاتٍ وخدعٍ جوية , وإلى التخفي وراء الطائرات المدنية .
ومع البيان العسكري الذي أعلنته القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في طلقته القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في 22/2/2020 , والذي أكدت فيه تعاملها مع أي اختراق للإجواء السورية على أنه "هدف عسكري معادٍ لن يُسمح له بالتحليق" فوق أجوائها , بالإضافة إلى إعلانها عن "ملاحقته وتدميره فور اختراقه الأجواء السورية" ...
كان على أردوغان أن يفهم الرسالة , ويبتعد عن جنون التخطيط لإقحام طائراته الحربية بعملياتٍ في سوريا , وكان على العدو الإسرائيلي أن يحاول استطلاع مدى  جهوزية وقدرة ونوعية السلاح المحتمل استخدامه سوريا ً , بالتوازي مع ما يتردد في الإعلام من إمكانية إستخدام منظومة الـ S300 التي تمتلكها سوريا .. فجاء العدوان الإسرائيلي الأخير ليحمل أهدافا ًمتعددة , ومن بينها طمأنة العدو التركي قبل أن يتلقى صفعة جديدة تطال هذه المرة سلاح الجو التركي أيضا ً.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
25/2/2020

Friday, February 21, 2020

العرب ما بين صفقة القرن ومهزلة القرن - م.ميشيل كلاغاصي


دعاها الأمريكيون "خطة ترامب للسلام" , "خطة السلام والإزدهار" , ودعاها البعض بـ "صفقة القرن" , واليوم أصبحت التسريبات والتحليلات والتوقعات وراء الجميع , فقد تم الإعلان عنها صراحةً ووقاحة ً , وسط تهليلٍ وحضورٍ لبعض "العرب" .. وعلى الرغم من إعلانها وصدورها علنا ً , يبقى ما خفي أعظم ....
وأقل ما يقال فيها أنها صفقة عارٍ وخذلان وعمالة موصوفة , ولكثرة الحديث عنها وشهرتها , نكتفي بالإضاءة على بعض النقاط , والتي تعتبر الأكثر سلبية ً وخطورة , وبحسب ما خرج إلى العلن عبر وسائل الإعلام.   
أولا ً-  من حيث التسمية :
من المعروف أن كلمة صفقة تطلق وتستخدم في أوساط رجال الأعمال , ولا تطلق على مبادرات سياسية أو دبلوماسية , وليست نوعا ً من معاهدات أومفاوضات السلام , وقد عمد مطلقوها إلى إختزال توصيفها بالصفقة يالإستناد إلى الشق الإقتصادي الذي تضمنته , لحرف الأنظار عن الشق السياسي الخطير والجوهري فيها.
عادةً ما تُبرم الصفقات بين طرفين أو أكثر, لكن في حالتنا هذه , والتي أساسها القضية العربية – الإسرائيلية , والإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية , يبدو من السخيف ألاّ يُمنح العرب والفلسطينيون أي دور للمناقشة وإبداء الرأي أو حتى حق الموافقة أو الرفض بحرية دون ممارسة الضغوط أو اختيار العملاء.
وتنحصرالصفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وسلطات الكيان الإسرائيلي الغاصب فقط , على الرغم من كونها مبنية بالأساس على فرض حل للصراع الناجم عن فعل إحتلال العدو الإسرائيلي وإغتصابه للأراضي الفلسطينية والعربية قبل سبعون عاما ً, واستمر على مدى العقود الماضية وحتى اليوم , بالشراهة ذاتها في قضم معظم الأراضي الفلسطينية وبعض الأراضي العربية.
 وتأتي "الصفقة" اليوم , لتضع حدا ً وخطا ً يفصل بين ما حصل في الماضي وبين ما يُرمى به من فتاتٍ إقتصادي حاليا ً, بما يضمن ديمومة نتائج الإحتلال إلى الأبد , بعدما ذهبت "الصفقة" لأبعد من ذلك , لتسمح بضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية إلى حدود الكيان الغاصب , بالإضافة إلى ضم جميع المستعمرات الإستيطانية البعيدة والقريبة والمتناثرة , لتكون في ظل الصفقة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة , ناهيك عن باقي الأراضي السورية واللبنانية والأردنية المحتلة حتى اللحظة , إما على شكل إحتلال مباشر أو هبات لفظية من الرئيس الأمريكي ( هضبة الجولان السوري المحتل ) , أو أكاذيب حول التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن ( الإنسحاب غير المكتمل من الأراضي اللبنانية المحتلة ) , أو تحت ستار معاهدة سلام بائدة ( وادي عربة ).
ثانيا ً-  القفز على القانون الدولي وتحييده ....
فمن راقب كلام جاريد كوشنر – مدعي هندسة وتصميم الصفقة - , في تصاريحه ولقاءاته الإعلامية خلال الستة أشهر الماضية , وخصوصا ً في لقاءه الأخير مع الإعلامي المصري عمر أديب بعد الإعلان عن الصفقة , يستمع بكل وضوح إلى كلامٍ خلاصته وجوب التوقف عن الحديث عمّا جرى في الماضي , إذ يقول :"أنتم تتحدثون دائما ً عن 1967 ونحن في العام 2020 ".
يبدو أن كوشنر يراهن على قبول من تمسّهم الصفقة , ورضوخهم لسياسة الأمر الواقع , ولا يريد العودة والحديث عمّا حصل في عام 1967 وما بعده , ولا يريد استعادة المشهد الأممي والقرار /242/ بمضمونه وتفاصيله , بما يتعلق بـ "ضرورة إنسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي" من الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة والجولان السوري المحتل وما تبقى من الأراضي اللبنانية , ولا يريد الحديث عن "اللاجئين" و"حق العودة" , ولا يريد الحديث عن "حرمة الأراضي المحتلة" , بما يعني منع أية أعمال بناء أو هدّ  فيها , وكل ما يهمه إلغاء القانون الدولي والمرجعية الدولية وقراراتها الواردة في القرار /242/ , ونسف الصفة الدولية والقانونية وكل ما يتعلق بأساس المشكلة ألا وهو العدوان والإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
ثالثاً – طروحات خيالية ووعود وقحة ...
يقول جاريد كوشنر: "قرأت للتو 25 كتابا ً, وأنا هنا لأجري عملية قلب مفتوح", ويقدم هذا "الطبيب" – الجزار وعدا ً بوجود وقيام الدولة الفلسطينية خلال أربع سنوات , من إعلان الصفقة وتطبيق بنودها على الجانب الإسرائيلي عبر تنفيذ ضم المستوطنات والضفة الغربية وما يتعلق بضم الأراضي الأردنية والجولان السوري المحتل , ومع ذلك يبقى الوعد رهينة تنفيذ الفلسطينيين لأمورٍ ( شروط ) عديدة , وعلى رأسها تطبيق نظام حكمٍ ودستور ينص على انتخاباتٍ نزيهة , واحترام حقوق الإنسان , وحماية الحرية الدينية وحماية الأقليات , وحرية الصحافة , وأن يتمتع بنظام قضائي يضمن العواقب القانونية العادلة والمناسبة لإنتهاك القانون , بالإضافة لإنتهاء الفلسطينينن من تأسيس مؤسسات مالية شفافة ومستقلة , تكون قادرة على الإنخراط في سوق المعاملات الدولية , بحيث تكون مشابهة من حيث الهيكلية والنظام على غرار المؤسسات المالية في الديمقراطيات الغربية , لمنع الفساد وضمان الإستخدام السليم للأموال , وحماية الإستثمارات , والإلتزام بقوانين الصندوق الدولي ....
بالإضافة إلى إنتهائهم من تحضير وطباعة المناهج الدراسية والتعليمية والكتب المدرسية والجامعية , وأن تكون خالية من التحريض على الكراهية ومشاعر الخصومة مع الجيران وفي جميع المناطق منزوعة السلاح في غزة أو الضفة وغيرها.
وفي حال التزم الفلسطينيون بكل هذه الأمور , وبعد أربع سنوات , سينظر الجانبان الأمريكي والإسرائيلي بالموافقة على تنفيذ  - الوعد – بإقامة الدولة الفلسطينية ..!
رابعاً -  شكل الدولة الفلسطينية المتوقع بحسب الصفقة ...
ففي حال طبق الفلسطينيون خلال أربع سنوات ,  كل ما تضمنته "معاهدة" - الصفقة , فكيف سيكون حالها وشكلها ..وهل يمكن تسميتها دولة ؟
مع العلم بأنه لن يكون لها سيطرة على المعابر والحدود , حتى على المجال الجوي والمجال الكهروفغناطيسي , ولن تستطيع إبرام أية معاهدة مع أيا ً من دول العالم سواء كانت دولة جوار أم لا ... وفي الحقيقة لن تكون دولة أو شبه دولة , وبالكاد ستكون مجموعة من الجيوب تفصل بينها شوارع وطرق فوق الأرض أو تحتها , تسيطرعليها سلطات الكيان الإسرائيلي بالمطلق.
وعليه لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة , وسيتبخر حلم عودة اللاجئين , الذين يفضل "كوشنر" بقائهم حيث يتواجدون الاّن , ولن ينالوا أي تعويض , لا بل وعلى النقيض سيكون هناك تعويضات لليهود اللذين غادروا الدول العربية نحو "إسرائيل" أو اتجهوا إلى أوروبا وغير أمنكة , بالإضافة إلى دفع تعويضاتٍ  لسلطات الكيان الغاصب , عمّا "تكبده" من خسائر من أجل إحتواء اللاجئين اليهود – أيُّ وقاحة هذه -.
أخيرا ً... عرضنا لكم أهم ما تضمنته "الصفقة – الخطة" , ولكم أن تحكموا على كل عربيٍ ( رئيس , حكومة , ملك , أمير, ولي عهد ..) حاول نقلها وإقناع الفلسطينيين بها , وعلى من مولها , ومن هلل لها , ومن حضر إعلانها , ومن امتدحها ووجد فيها مادة جديرة بالإهتمام والبحث والدراسة....
وتحت أي ظرف وأي عنوان , لا يمكن قبول هذه الجريمة – المهزلة, وتكفي المراهنة على  ذرات قليلة من العقل , والعدل , والإنسانية , والأخلاق , والكرامة ... لرفضها ومقاومتها. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
21/2/2020

Tuesday, February 11, 2020

إيران – الثورة ... النموذج المشرق دائما ً- م.ميشيل كلاغاصي

                                                                                                                 
في الذكرى الواحدة والأربعون للثورة الإيرانية , والتي تتزامن مع مناسبة مرور أربعين يوما ً لإسشهاد القائد البطل قاسم سليماني....

 
ولمن لا يعرف إيران , وهي العريقة في التاريخ وخمسة اّلاف عامٍ قبل الميلاد , وصاحبة الحضارة البهية , ومدينة سوزا التاريخية , وأقدم الكتابات والمكتبات , ومن منكم لا يعرف عراقة شعبها وتفوقهم وذكائهم وثقافتهم , ناهيك عن كرمهم ولطفهم ومحبتهم للضيف , ومن منكم لا يعرف مساهمات مفكريها في العلوم والفن والأدب , ومن منكم لا يعرف السلام الذي تعيشه مع جيرانها منذ مئات السنين ... ومن منكم لا يعرف كم عانت وشعبها على مدى المائة عامٍ الماضية , بعدما وقعوا ضحية  الهجمات والتدخلات الأجنبية لأجل دورهم الحضاري ومدى تأثيرهم في محيطهم وحول العالم , ناهيك عن ثرواتهم من النفط والغاز.
ومن منكم لا يعرف التدخل البريطاني فيها منذ عشرينيات القرن الماضي وعبثه في داخلها وغزوها عام 1941 , وخشيته وحساباته التي لم تتوقف يوما ًمن أطماع هتلر الألماني للسيطرة على حقول نفط عبادان , وهاجس تمكّنه من إستخدام خط سكة الحديد العابر لإيران بهدف نقل الإمدادات لقواته التي تهاجم روسيا ... سنواتٌ صعبة وعصيبة جلبتها التدخلات والأطماع الغربية, وحملت معها الظلم والفقر لإيران وشعبها.
ففي عام 1951, قامت الحكومة بتأميم شركة النفط الأنجلو- إيرانية في إيران , ما دفع البريطانيون لرعاية إنقلابٍ سري للإطاحة بالحكومة , وأقنعت الرئيس الأمريكي أيزنهاور ووكالة الاستخبارات المركزية بتنفيذ الانقلاب عام 1953, بدعوى أن رئيس الحكومة "مصدق" يشكل تهديدا ًشيوعيا ًعلى الرغم من خلفيته الأرستقراطية , وهكذا حصل الشاه على السلطة الكاملة على إيران... وتبنى الشاه محمد رضا بهلوي سياسة خارجية تابعة للأمريكيين والبريطانيين وداخلية أغضبت الإيرانيين , واتبع سياسة قاسية تجاه المعارضة وتجاه الشعب , إلى أن أطاحت به الثورة الإيرانية عام 1979, في الوقت ذاته ومنذ عام 1963 كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت دعمها السري للإنقلاب العسكري في العراق , والذي جاء بصدام حسين إلى السلطة....
ومنذ نجاح الثورة الإيرانية , كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الدولة الإيرانية "الجديدة" وحكوماتها المتعاقبة , على أنها تشكل تهديدا ً لإمدادات النفط القادم من السعودية , الأمر الذي دفعها للنظر إلى عراق - صدام , على أنه رهانها المناسب ضد الحكومة الإيرانية.
وفي عام 1980, وبتشجيعٍ أمريكي كانت البداية لحربٍ دموية ومدمرة للبلدين معا ً, واستمرت ثمانية أعوام , وتسببت في سقوط ما يقارب المليون ضحية من البلدين... ومع ذلك لم تتوقف الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على إيران ، حتى أن غزو العراق في 2003, منحهما فرصة الإقتراب الخطير من الحدود والمحيط الحيوي الإيراني , وأعتقد أنه كان واحدا ً من أهدافهم لغزوالعراق.
لم يتوقف السعي الأمريكي لتحقيق أهدافه , ووجد فرصته عبر إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة , وإعلان الحروب الدينية – التكفيرية الإرهابية , بالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي المباشر في المنطقة , وبدأت الماكينات الإعلامية الأمريكية والتابعة لها , بالترويج لحملة أكاذيب حيال ما دعي بـ"التهديد النووي الإيراني" , وبدأت شيطنة الدولة الإيرانية , بعدما صادرت الولايات المتحدة حق الشعب الإيراني في الحصول على الطاقة النووية السلمية , وأخفت في الوقت ذاته أطماعها في الثروات الإيرانية الهائلة خصوصا ً النفطية منها , إسوة ًبالنفط العراقي والسوري حاليا ً, ناهيك محاولتها للتعمية على هدفها الرئيسي في حماية أمن ووجود الكيان الإسرائيلي الغاصب , خصوصا ً بعد تنامي قدرات ومقدرات محور المقاومة , والتي تقدم له الدولة الإيرانية دعمها الكامل والمطلق, هذا المحور الذي امتد من طهران إلى العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة والأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل .
وعلى الرغم من عديد الهزائم العسكرية والمباشرة التي منيت بها الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها أمام الدولة الإيرانية ومحور المقاومة مجتمعا ً – في غزة , جنوب لبنان , واليمن , وهزيمتها الكبرى في سوريا - ,  إلاّ أنها لم تنفك عن حروبها , ولجأت إلى تنويع أساليبها , واستخدام الحروب الإقتصادية والعقوبات والحصار , والقتل والإغتيالات , وإلى سياسة المراوغة والتصعيد السياسي والتهويل العسكري , وبشن حربٍ شاملة على الدولة الإيرانية ومصالحها في المنطقة تارة ً , وبإعلان رغبتها في التفاوض معها تارة ً أخرى.
لقد تحولت الولايات المتحدة , إلى ثورٍ جريح , قد يدفع في لحظةِ جنون للرئيس الأمريكي الأهوج , وبتحريضٍ إسرائيلي وسعودي مستمر , لإدخال المنطقة والعالم بحربٍ عالمية ثالثة , خصوصا ً وأن روسيا والصين يعتبران من أهم حلفاء الدولة الإيرانية وأهم شركائها ... وأنهما ممن يسعون إلى ضبط التوترات العالمية , واللجوء إلى الحلول السياسية , ووفق القانون الدولي , وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن , ويدعما الإستقرار والسلم والأمن الدوليين , في وجه العربدة الأمريكية – الإسرائيلية , في المنطقة والعالم.
وفي الذكرى الواحد والأربعين للثورة الإيرانية , لا بد لشعوب العالم الواقعة تحت ظلم وهيمنة الإمبريالية والصهيونية العالمية , من أخذ العبرة والنموذج , لإيمان الشعوب بنفسها وبمقدراتها , ولا بد من النظر بعين الإنصاف والتقدير والإحترام , إلى حكمة وشجاعة وصبر وتضحيات الشعب الإيراني وقادته , وإصراره وحضورهم القوي على سلم المنافسة , العلمية والتاريخية والحضارية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
11/2/2020  

Friday, February 7, 2020

تركيا وإسرائيل .. وجهان لعملة إرهابية واحدة - م. ميشيل كلاغاصي


في ظل مشهدٍ دولي وإقليمي, يتأرجح ما بين التحالف والشراكة مع الدولة التركية, وما بين المنافسة على كسب ودها تارةً وعدائها تارةً أخرى, وتقاطعٍ شامل ومستمر لمواجهة سياساتها الخارجية, وارتفاع إحتمالات صدامها العسكري المباشر مع عدد من الدول في محيطها الجغرافي, وما هو أبعد من حدودها البرية ومياهها الإقليمية.
 مالذي أوصلها إلى صفر علاقات ؟ ومالذي يدفعها للتمدد نحو سوريا والعراق وقبرص وليبيا والصومال والسودان .. هل هي قوية بما يكفي للدفاع عن نفسها وطموحاتها وأطماعها؟, وهل هي واثقة من دفاع الناتو عنها ؟, لماذا ينهار إقتصادها وعملتها أمام تغريدة  لترامب, وهي الحليف التجاري للولايات المتحدة كما يقول الرئيس دونالد ترامب, ولماذا تقف عاجزة وخانعة أمام غضب الرئيس فلاديمير بوتين ؟,
هل تصلح لقيادة العالم الإسلامي, لماذا تدعم الإرهاب الراديكالي الإسلاموي المتطرف, هل حقا ً تحمل الهمّ الفلسطيني وأبكتها المجازر الإسرائيلية المتكررة والمستمرة بحق الفلسطينيين, هل هي مستعدة لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي, وما هي طبيعة علاقاتهما, وإلى أي حد يمكن رصد العوامل المشتركة بينهما من حيث الطبيعة العدوانية والتوسعية, هل حقا ً تقود "ربيعا ً"عربيا ً إسلامويا ً يُصلح حال الأمة وينطلق بها نحو تحرير الأراضي المحتلة والمقدسات ...
هل حقا ً يقود أردوغان بلاده ويرسم سياستها, أم هو مجرد أداة تنفيذية لمخططات ومشاريع ترسم وتوضع نقاطها على حروفها في غير مكان, هل هي الخطر القادم من الشمال, كما هي "إسرائيل" الخطر والشوكة في خاصرة الأمة ؟ أم تشكل والعدو الإسرائيلي ثنائية العدوان على الأمة العربية بكاملها, فهل هما أعداء أم حلفاء أم ماذا؟.
العلاقات التركية – الإسرائيلية
فبعد الإعلان عن قيام الكيان "الإسرائيلي" عام 1948, والإعتراف التركي به عام 1949, أصبحت تركيا أهم شركائه في الشرق الأوسط, وأقامت معه علاقات دبلوماسية رسمية, فيما أتى الرد من الطرف الاّخر, بعدما تحدث أول رئيسين للوزراء الإسرائيليين دافيد بن غوريون وموشيه شاريت باللغة التركية.
ومع ذلك, تميزت العلاقات التركية – الإسرائيلية, خلال العقود الماضية بفترات من التقارب والتباعد على حد سواء, على الرغم من موجة المشاعر المعادية لإسرائيل في المجتمع التركي, خصوصا ً بعد الغارة الإسرائيلية على قافلة "سفن الحرية" التي حاولت اختراق الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة عام 2010.
لكن جوهر التباعد يعود لما بعد عام 1973عندما نأت أنقرة بنفسها عن الكيان الإسرائيلي أمام الحظر النفطي العربي .. ومع ذلك سعت تركيا للتقارب مع "إسرائيل" مرة أخرى بعد اتفاق أوسلو 1993, على أمل أن يساعد إحياء تحالفهما على تغيير توازن القوى الإستراتيجي والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط الغني بالنفط, وبما يشكل فرصةً لخروج "إسرائيل" من العزلة السياسية والاقتصادية, ويسمح ببعض التقارب مع الدول الإسلامية... لقد كان من الواضح أن تركيا تهتم بعلاقاتها مع "إسرائيل" أكثر من تلك التي تربطها بالعالم العربي والإسلامي, وتعلق اّمالها للحصول على تقنيات عسكرية جديدة من خلال إقامة الشراكة الإستراتيجية  العسكرية معها.
ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة, وبروز أردوغان على رأس الحزب, بدأت العلاقات العلنية بالتراجع العلني نسبيا ً, بعدما أعلن سياسته وتبنى خطابا ً إسلاميا ً يمهد لإعادة إحياء عهد الإمبراطورية العثمانية, يكون فيه هو الزعيم والقائد الإسلامي وربما الخليفة.
استمر التباعد وتراجع العلاقات بينهما, في ضوء تعارض مواقفهما بشكل متزايد حيال بعض الملفات الإقليمية, وبدأ أردوغان يوجه الإنتقادات القاسية ووصل حد إتهام سياسة سلطات الكيان بـ"إرهاب الدولة المنظم", لكن عام 2015 حمل توقيع إتفاقٍ ثنائي بينهما بوساطة الولايات المتحدة , تلتزم فيه أنقرة بحظر أي نشاط فلسطيني على أراضيها يسعى أو يخطط للهجوم على الدولة اليهودية .
وفي الآونة الأخيرة نما الصدع بين إسرائيل وتركيا، بعدما طبقت إسرائيل ضغوطا ً كبيرة , مستغلة نفوذها في واشنطن لمنع تلك الأخيرة من إشراك أنقرة في مشروع تصنيع طائرات الـ F-35 , بعد أن حصلت تركيا على صواريخ أرض - جو الروسية  S-400 ، بهدف الحفاظ على تفوقها العسكري الإسرائيلي في الشرق الأوسط, كما كان الدعم الإسرائيلي للإنفصاليين الأكراد في سوريا, عاملاً هاما ً في تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا في السنوات القليلة الماضية...
وحتى اليوم, ومن حين لاّخر ترتفع وتيرة الإنتقاد والصراخ بينهما، ومع هذا تبقى وتستمر العلاقات السياسية والأمنية والإقتصادية بينهما, ويستمر معها الإستثمار الإعلامي واللعب على المشاعر الدينية , كالتنديد التركي بصفقة القرن, ودون أن يؤثر ذلك على جوهر وحقيقة العلاقات بينهما.  
العلاقات التركية – الإسرائيلية الوثيقة في الحرب على سوريا ...
يكفي أن نشير إلى التعاون الوثيق بينهما منذ بداية الحرب على سوريا , واحتواء من دعوا أنفسهم "معارضة" في أنقرة كما في تل أبيب , ناهيك عن الدعم اللامحدود الذي قدمه كلا الطرفين للتنظيمات التكفيرية الإرهابية المسلحة, من تمويل وتسليح وتغطية إعلامية وسياسية وعسكرية شملت عدة هجمات إسرائيلية على مواقع ووحدات الجيش العربي السوري, بهدف حماية الإرهابيين ومنع إنهيارهم وفرارهم...في حين أتى الدعم التركي أكثر وقاحةً وصراحةً , وقدم سلوكا ً استعماريا ًغير مسبوق في تاريخ البشرية , ضاربا ً عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف والإتفاقات الدولية والإنسانية , معتمدا ً بشكل مباشر على تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" واّكلي أكباد البشر, على مرأى ومسمع كافة دول العالم الذي يدعو نفسه – للأسف - بالعالم المتحضر..!
ولا بد لنا من الإشارة إلى العدوان الإسرائيلي أمس الأول 6/2/2020, تزامن مع تحرك وعبور رتلٍ عسكري تركي نحو الداخل السوري, بهدف إشغال القيادة السورية من جهة , وحماية جحافل ومجاميع الإرهاب التكفيري , وعرقلة ومنع تقدم الجيش العربي السوري لتحرير مدينة إدلب من جهةٍ ثانية , الأمر الذي يؤكد الإرتباط الوثيق والشراكة الإستراتيجية بين العدوين التركي والإسرائيلي.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
7/2/2020

Saturday, February 1, 2020

محاسبة تركيا.. باتت ضرورة للسلم والأمن الدوليين - م.ميشيل كلاغاصي


هل يتحمل الرئيس التركي الحالي وحده مسؤولية السمعة السيئة لبلاه, ووصولها إلى صفر علاقات طبيعية في محيطها الجغرافي 
والحيوي, وإنعدام ثقة العالم باإلتزاماتها ووعودها وحتى إتفاقياتها الدولية, وإحترامها للشرعة الدولية, وتصاعد مشاعرالكراهية تجاهها, أم تراه يتحمل ذلك بفضل أطماعه الشخصية ومزيجا ًمن أوهامه وأحلامه, ليرسل جنوده ومرتزقته خارج حدود بلاده, ويدعي زعامة عالمٍ إسلامي "سني" لا يعترف بزعامته أصلا ً, وهل للأمر علاقة بسياسته الخارجية وبرؤيته لضمان صالح ومصالح أمته ! .. أم للأمر كل العلاقة بالتاريخ وبسلوك وأطماع أسلافه من السلاطين والحكام, وبالذهنية التركية – الأردوغانية – العثمانية, التي لا تؤمن بحدودٍ ثابتة وتبحث عن رزقها في محاصيل الاّخرين على أنه رزفها وحقوقها, ويبرر تماديها وأجندتها التوسعية.
ومن اللافت دائما ً لجوء الرئيس التركي والمسؤولين الأتراك, لإنتهاز الفرص, واستخدام خطابات التحدي والتهديد واستعراض العضلات... بعيدا ًعن حقيقة مكانة تركيا في العالم وتاريخها وهزائمها, وصمتها في لحظاتٍ تاريخية وهي تراقب عملية تشريحها وتقاسم تركتها المسروقة أصلا ً, وخنوعها وتراجعها وإعتذارها, أمام التهديدات والعقوبات الأمريكية أو الروسية..
ومن خلال جردة حساب بسيطة يمكن استرجاع عشرات الملفات الإجرامية المشينة والمجازر التي ارتكبتها الدولة التركية وأسلافها على مرّ العصور, ناهيك عن ملاحظة إنتشار جحافلها وجنودها وقواعدها العسكرية داخل عدد لا  يستهان به من الدول, وعلى بعد مئات الكيلومترات عن حدودها البرية والبحرية على حدٍ سواء.
هل تبدو لكم تركيا دولة مارقة من طراز خاص؟ أم ينطبق عليها تعريف الدولة المارقة الذي جاء به قاموس كولينز وبأنها: "دولةٌ تدير سياستها بشكلٍ خطير وبطريقةٍ لا يمكن التنبؤ بها , متجاهلة القانون الدولي أو الدبلوماسية", ويصفها قاموس كامبريدج: بأنها الدولة التي "تشكل خطراً على الدول الأخرى", فيما تقول موسوعة ويكيبيديا: بأنها "الدولة التي تشكل تهديداً للسلام العالمي" .. بما يعني مدى إلتزامها بمعايير السلام الداخلي والخارجي, وإلتزامها بالحريات وحقوق الإنسان, ومدى إبتعادها عن نظام الحكم الإستبدادي, ورعاية الإرهاب وتسليحه ...إلخ..
بات من المستحيل على الدولة التركية أن تدفع عن نفسها التهم لا بل الإدانة الدولية, خصوصا ًعندما العالم يرى تراجعها عن بروتوكولات التطبيع مع أرمينيا, عوضا ًعن إعترافها بالمجازر بحق الشعب الأرميني وغيره, وإعتذارها رسميا ًعن أفعالها المشينة .. وإنسحاب قواتها من جزيرة قبرص وسوريا والعراق وليبيا مؤخرا .ً
أما اّن الأوان لمحاسبتها – ثانية ً-, وإجبارها على التخلي عن سياساتها العدوانية التوسعية, وأن تتوقف عن استغلال الفرص للتصرف على أنها دولة قوية وربما عظمى في رؤوس قادتها, وأنها قادرة وحاضرة لممارسة كل فعلٍ مشين , دون احترام التوازنات الدولية وردود المجتمع الدولي ...
وأيُّ جنون عظمة هذا الذي دفع أردوغان للإنخراط في المشروع الأمريكي في سوريا, دون حساب خط العودة وهزيمة المشروع, والتكلفة الباهظة التي تنتظره, قبل أن نسمع صراخه بإتهام الدولة السورية بإرتكاب "الكارثة" الإنسانية وتدمير المدن والقرى, كي تتوقف عن تحرير أراضيها ومواطنيها من الإرهاب الذي موله وسلحه ودربه واحتضنه سياسيا ً وعسكريا ً, وتراه يتجه اليوم بعد غزوات وعدوان "درع الفرات, غصن الزيتون, ونبع السلام", إلى تهديد الدولة السورية بعمليةٍ عسكرية جديدة, وأيُّ وقاحةٍ تلك التي تجعله ينتقد الدولة الروسية بإخلالها بالإتفاقات الدولية (أستانا , سوتشي), بعدما نقض إلتزاماته معها لحوالي العامين.
وأيُّ سلامٍ ينتظر المنطقة, ولا تزال تركيا تدعم التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق, وترسلهم إلى ليبيا, وتدعم زراعة الخلايا النائمة في لبنان, وتهدد الداخل المصري والجزائري والتونسي والسوداني والصومالي وغيره في العالم العربي, ناهيك عن تهديدها المتكرر للمرات المائية في الدردنيل والبوسفور, وبإقامة ما تسمى "قناة اسطنبول" اللاشرعية, وتهديدها الدائم للقارة الأوروبية
بعشرات الملفات وعلى رأسها ترحيل اللاجئين والنازحين والإرهابيين..
إلى متى سيستمر صمت الشرعية الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن, وصمت الدول والشعوب على سلوك الدول المارقة, وإلى متى سيستمر توظيف تركيا وغير أدوات لخدمة مشاريع الهيمنة والإمبريالية والشرّ الدولي, وإلى متى سيستمر صمت الشعب التركي ... ألا يجد شرفاء العالم وأحراره ودعاة الإنسانية وحقوق الإنسان, ورعاة السلام والأمن الدوليين, بأنه اّن الأوان للتحرك بإتجاه محاسبتها, وأقله للتظاهر ضد الهمجية التركية وعدوانيتها التوسعية وأحلامها البائدة و"سلطانها" الأهوج رجب طيب أردوغان.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
1/2/2020