Monday, February 14, 2022

بايدن تحول إلى ألعوبة بيد استخباراته ومن يقفون وراء الستار - م. ميشيل كلاغاصي


حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن رؤساء الدول الحليفة من الـ "هجوم" الروسي في 16 شباط / فبراير على أوكرانيا , وفي غضون ذلك ، بدأت الولايات المتحدة في إجلاء موظفي بعثتها الدبلوماسية في كييف , في وقتٍ طالب فيه الرئيس الأوكراني بأدلة على الهجوم الروسي المزعوم , وصرح بأن: "من يملك معلومات وأدلة فليزودنا بها".

لم يتوقف الرئيس بايدن عن البوح بتوقعاته حول الهجوم الروسي المزعوم في 16 شباط , أمام حلفائه وقادة بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا وبولندا ورومانيا وفرنسا ، وكذلك أمام الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ورئيس المفوضية الأوروبية ، وزعم  أن "الغزو" يمكن أن يسبقه ضربات صاروخية وهجمات إلكترونية.

وفي هذا السياق اضطرت وكالة وكالة بلومبيرج الأمريكية للإعتذار وحذف الخبر , بعد تأكيدها أن موعد الهجوم سيكون في 15 شباط.

وقد لوحظ خلال الأشهر الماضية , تركيز وسائل الإعلام الأمريكية على "الغزو الروسي" الاّتي , ونشرت خلال اليومين الماضيين , أخباراً استوحتها من الحملة الدموية التي قامت بها الإدارة الأمريكية , وروجت فيها إلى أن الغزو سيبدأ بعد قصفٍ جوي وحربٍ إلكترونية , يليها الغزو الذي يستهدف تغيير النظام في أوكرانيا , لكن مساعد الأمن القومي للرئيس بايدن "جيك سوليفان" قال إن الإدارة لا تملك مثل هذه البيانات , ولا نستطيع تأكيد أن موسكو اتخذت قرار الغزو , لكنه دعم الحملة الإعلامية , وصرح في مؤتمرٍ صحفي بأن "الغزو" قد يتم قبل أولمبياد بكين , أي قبل 20 شباط.

لكن المتحدثة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا , ردت على كلامه وتحدثت عن "هستيريا البيت الأبيض" وبأن "الأنجلو ساكسون بحاجة إلى حرب , من خلال حياة الناس" ، بالتوازي مع تصريحات لوزارة الخارجية الروسية , أكدت على أن الهجوم الإعلامي المنسق ضد موسكو "يهدف  إلى تشويه سمعة مطالب روسيا العادلة بضمانات أمنية".

ومن اللافت بالأمس , أن يحث الرئيس بايدن الأمريكيين على مغادرة أوكرانيا على الفور وخلال 24 - 48   ساعة , وسط تحذير الخارجية الأمريكية من أنه في حالة تصعيد التوتر في أوكرانيا ، لن تتمكن الولايات المتحدة من إجلاء مواطنيها ، لذلك يتوجب عليهم المغادرة بشكل مبكر , وفي صباح السبت , أعلنت الولايات المتحدة رسمياً مغادرة موظفي السفارة الأمريكية في أوكرانيا , وأبقت على عدد قليل على مقربة من الحدود البولندية , بما يسهل نقلهم برياً في حالة تفاقم الوضع.

في غضون ذلك ، وبحسب الإعلام الأوكراني , أن دبلوماسيين وموظفي القنصليات الروسية , بدأوا بمغادرة البلاد أيضاً , على خلفية الإخلاء الذي أعلنته رسمياً عدة دول غربية ، لكن المتحدثة زاخاروفا لفتت الإنتباه إلى أن "السفارات والقنصليات ستستمر في أداء مهامها الرئيسية".

واليوم تستمر الحركة النشطة للدبلوماسية , إذ جرت محادثة هاتفية بين الوزيرين لافروف وبلينكن , ومحادثة هاتفية بين الرئيسين بوتين وماكرون استمرت لساعة وأربعون دقيقة , بإنتظار نتائج المحادثة الهاتفية التي طلبها الرئيس بايدن مع نظيره الروسي , بالإضافة إلى زيارة متوقعة للمستشار الألماني إلى كييف وموسكو.

لا يمكن توقع ما سيحدث , والترقب والإنتظار هو عنوان عقلاني للحظة والمرحلة , لكن من الواضح أن واشنطن استخدمت الحكومة الأوكرانية وأراضيها , وكذلك ما تطلق عليهم بـ "شركائها" الأوروبيين , في حملتها الإعلامية ضد موسكو والرئيس بوتين , وإن حصل وإندلعت الحرب المحدودة أو أكثر من ذلك , فسيكون الأوكران والأوروبيين وقود الحرب التي اختارتها واشنطن من أجل التفاوض على مكانتها القطبية , وهيبتها وسمعتها , بعدما أطاحت بهما من خلال غطرسة الرؤساء الأمريكيين وإداراتهم المتعاقبة , ولم يبق لها سوى أن تهدد بإشعال النار , مقابل عدم هزيمتها , وبما قد تدعوه إنتصارها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

12/2/2022

 

Friday, February 11, 2022

القوات الأمريكية تواصل استراتيجية قتل المدنيين والسرقة في سورية - م. ميشيل كلاغاصي


في 2 شباط / فبراير، وعقب عملية قتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو ابراهيم القرشي في بلدة أطمة بالقرب من الحدود السورية – التركية , في منطقة السيطرة المشتركة للإحتلال التركي وتنظيم جبهة النصرة الإرهابي, أعلن رئيس البنتاغون أن القوات الخاصة الأمريكية أكملت عملية مكافحة الإرهاب في سوريا ، التي تسيطر عليها القيادة المركزية الأمريكية ، مؤكداً أن "المهمة كانت ناجحة" و "لم تقع إصابات بين الأمريكيين", في وقتٍ أكدت كافة وسائل الإعلام والمصادر المحلية سقوط عدد من المدنيين ومن بينهم أطفال ستة أطفال وأربع نساء , الأمر الذي يؤكد مرة أخرى زيف التقارير والإدعاءات الأمريكية , والتي تقيّم "نجاح" العملية ولا تعتبرها إخفاقاً عسكرياً على الرغم من سقوط الضحايا والمدنيين.

كذلك في 23 كانون الثاني / يناير, أثناء تنفيذ سيناريو العصيان والهروب الداعشي من سجن الثانوية الصناعية الذي تسيطر عليه "قسد" في محافظة الحسكة السورية , تحدث الأمريكيون عن تمكّن الإرهابيين من تشكيل وحدة قوامها 200 سجين , تعانوا مع اّخرين خارج السجن , وتمكنوا من إطلاق حوالي 800 إرهابي داعشي كانوا داخل السجن , وبأنهم حصلوا على السلاح وفروا وتفرقوا وتواروا بين بيوت وأهالي الحسكة.

في نهاية المطاف ، وفي ليلة 26 كانون الثاني / يناير ، قصفت الطائرات الأمريكية مبنى السجن ومحيطه ، مما أسفر عن مقتل العديد من مقاتلي داعش السوريين واّخرين من دول أخرى بين السجناء ، ولم يقتصر الأمر على القصف الجوي , بل تعداه إلى إحتجاز أقاربهم ونساءهم وأطفالهم "بسبب صلاتهم بالتنظيم الإرهابي".

وبنتيجة القصف المكثف للقوات الجوية الأمريكية ، بما في ذلك المناطق السكنية المجاورة ، لا سيما مباني الأكاديمية للجامعة التقنية , وسط خسائر في صفوف المدنيين , وخسائر مادية جسيمة , اضطر أكثر من 40 ألف مدني خائفين على سلامتهم إلى الفرار من منازلهم والإنتقال إلى مناطق آمنة خاضعة لسيطرة الحكومة السورية , وعلى الرغم من الإدعاء الأمريكي بنجاح العملية , أكد نائب الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في إفادة صحفية , إن الأمم المتحدة قلقة بشأن التقاريرعن مقتل مدنيين في العمليات الأمريكية وتعتقد أنه "سيكون من المهم إجراء تحقيق".

وبحسب روايات شهود عيان ، فإن الأراضي التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في سوريا أصبحت منطقة مخيفة ينشط فيها الإرهابيين والمسلحين , كما هو الحال في أفغانستان ، التي تخلى عنها الجنود الأمريكيون بشكل مخزي في اّب/ أغسطس2021.

في ذات السياق ، وفي 27 كانون الثاني/ يناير، طالب النائب الأول للمندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة ، في اجتماع مجلس الأمن بسحب القوات الأمريكية من سوريا ، لأنها فشلت في محاربة الإرهاب وهي طرف مشارك فيه بشكل رئيسي ومباشر , بدون أن تتعرض لمسائلة أممية , وهي تسعى إلى خلق مناطق فراغ من الناحية القانونية على الأراضي السورية المحتلة من قبلها كقوة احتلال عسكرية أجنبية.

كما لفت الإنتباه إلى الوضع الخطير في عموم شمال شرق سوريا ، الذي تحتله القوات الأمريكية بشكل غير قانوني , وأكد تعرض المناطق التي يسرق الأمريكيين النفط منها إلى "كارثة بيئية حقيقية" , وحولتها القوات الأمريكية إلى مناطق رمادية خارجة عن القانون على غرار منطقة التنف التي يتمركز ويتحرك فيها الإرهابيون والمجرمون بحرية , ويقومون بحماية قاعدة التنف , وبالإنطلاق منها لتنفيذ عملياتٍ إرهابية تستهدف نقاط الجيش العربي السوري , وقوات الحشد الشعبي على الجانب الاّخر من الحدود , وكل هذا بفضل دعم قوات الإحتلال الأمريكي .

منذ إنطلاق الحرب الصهيو أمريكية على سورية , كان المخطط يقتضي غزواً أمريكياً بحجة محاربة الإرهابيين في البلاد دون إذن السلطات السورية والأمم المتحدة... ومع تصاعد مشاعر الإستياء والغضب والعداء الشعبي والرسمي لقوات الإحتلال الأمريكية , تضاعفت وتيرة مطالبة السوريون بإنسحاب القوات الأمريكية من البلاد , خصوصاً وأنهم يرون بأم أعينهم سرقة ثرواتهم الوطنية كالنفط والقمح والاّثار والتحف بإنتظام , مع تحول مهمام الجيش الأمريكي القتالية إلى مهمات ثانوية ومهام السرقة إلى مهام رئيسية . 

تكررت في الفترات الماضية , عمليات إيقاف لعبور اّليات الإحتلال الأمريكي من قبل نقاط وعناصر الجيش العربي السوري , وإجبارها على العودة من حيث أتت , في مواجهة مباشرة كما حدث في  في 28 كانون الثاني ، وفي أواخر كانون الأول العام الماضي ، حيث منعت وحدات الجيش العربي السوري رتلاً عسكرياً أمريكياً من دخول مدينة الحسكة شمال شرقي البلاد , وقام أهالي المناطق في قرية تل دهب والمناطق المجاورة ، بمساعدة عناصر الجيش العربي السوري على الحاجز ، وبمنع الآليات الأمريكية المدرعة من دخول القرية ، مما اضطرها للإلتفاف.

أصبح استخدام واشنطن للجيش الأمريكي والمرتزقة والإرهابيين للمضي قدماً بعمليات السرقة الممنهجة في سورية , حيث تواصل الولايات المتحدة ، بدعم من جيشها وآلاف الشركات العسكرية الخاصة ، نهب البلاد ومواردها من الطاقة والتحف وأي ممتلكات أخرى ذات قيمة ، وقتل المدنيين , وسط صمت الشارع والجمهور الأمريكي , والمجتمع الأوروبي والدولي , في حين بدأت عديد الدول بالإنضمام إلى الموقف السوري المدعوم والمؤيد دائماً من الأصدقاء والحلفاء كالروس والإيرانيين وحزب الله والحشد الشعبي وغيرهم , الداعي للضغط ولإنتاج موقفٍ قوي وموحد , وبمشاركة الأمم المتحدة , لإجبار واشنطن على مغادرة الأراضي السورية , ووقف مهمة اللصوصية التي يتبعها الجيش الأمريكي كإستراتيجية في سورية والعراق والعديد من الدول حول العالم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

2022/2/10

 

ماكرون يحلم أن يكون صانعاً للسلام عبر البوابة الأوكرانية - م. ميشيل كلاغاصي


من خلال لقاءٍ احتاجه وأراده أن يكون تاريخياً , وبكلماته العاطفية المنمقة , وعلى وقع سحر العاصمة موسكو , عاش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ساعات رائعة وواعدة في ضيافة الرئيس الروسي فلايديمير بوتين .. في وقتٍ لم تستطع فيه الساعات الستة للقاء الرئيسين , أن ترفع المستوى المنخفض للتوقعات ونتائج الزيارة الذي كان سائداً قبل اللقاء , أما بعد بعد اللقاء , اعتبر الكثيرون أن الرئيس بوتين أضاع وقته , وكسب تكراراً لمواقف بلاده.

استغل الرئيسان الروسي والفرنسي لقائهما في الكرملين بالأمس , لحل الكثير من الأمور العالقة بين البلدين , وأرادها الفرنسي أن تكون زيارةً تاريخية , قبيل الإنتخابات الفرنسية , ومن بوابة الأزمة الأوكرانية , ومحادثاته في موسكو ومن ثم في كييف.

فقد ثمن الإعلام الغربي اللقاء بين بوتين وماكرون , واعتبره أهم لقاء يعقد حول "أمن أوروبا" , حيث أشارت لوفيغارو إلى أنه "اللقاء الأهم لمستقبل أوكرانيا وأمن أوروبا" , ورأت الـ نيويورك تايمز أنه "غير عادي" من حيث المدة والشكل , بتأكيد الصحف الروسية بأن "القادة تحدثوا وجهاً لوجه" , فيما وكتبت بوليتيكو: "دخل ماكرون إلى عرين الدب وتمزق إلى أشلاء".

فمن الأهمية بمكان بالنسبة للرئيس الفرنسي عقد هكذا قمة قبيل الإنتخابات الرئاسية الفرنسية , والتي قد تساعد في جلب أصوات الفرنسيين يوم الإقتراع أكثر فأكثر , خصوصاً وأنه بحسب استطلاعات الرأي , لا يحظى بنسبة تأييدٍ شعبي كبيرة , بفضل سياساته الداخلية التي ألغت في الظروف الصعبة عدداً من المكاسب الإجتماعية , وكذلك وعوده بإصلاحاتٍ إقتصادية لم تُنفذ بعد , كذلك الأمر بالنسبة لسياساته الخارجية , التي تنساق وراء الخيارات الأمريكية , والسلوك الفرنسي في مالي وعموم القارة الأفريقية.. أمورٌ هامة تركها ماكرؤون خلفه , وجاء ليمنع "الهجوم الروسي الوشيك" على أوكرانيا.! حالماً بجني حصاد سياسي وأكاليل الغار على أنه "صانع السلام".

وبعد ثلاث محادثاتٍ هاتفية خلال الإسبوعين الماضيين , اتجه الرئيس الفرنسي , اتجه إلى موسكو , على أمل أن يعلن هو والرئيس بوتين السلام في أوكرانيا , وليس الرئيسين بوتين وبايدن... وقد تحدثت الفايننشال تايم عن صفقة روسية – فرنسية , تسحب موسكو من خلالها حوالي 30 ألف جندي من بيلاروسيا بعد نهاية التدريبات المقررة في 10 – 20 شباط / فبراير , لكن الرواية الأمريكية لم تتوقف هنا , بل تحدثت عن هجوم روسي بعد إنتهاء أولمبياد بكين وتحديداً من الأراضي البيلاروسية.

ومن خلال المؤتمر الصحفي , أهم ما قيل هو أن المحادثات كانت "بناءة" و"مفيدة" , ولم يتطرق أحدهما للإعلان عن التوصل إلى إتفاق حول هندسة الأمن في أوروبا الشرقية وتوسع الناتو شرقاً , ففي الوقت الذي تدرك فيه موسكو ضرورة الحوار مع فرنسا , إلاّ أنها تدرك ضرورة الحوار مع دول أخرى, وبحسب المتحدث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف :"فرنسا عضو في الاتحاد الأوروبي ورئاسة الاتحاد , وفي الناتو , والقيادة تنتمي إلى دولة مختلفة تماماً في هذه الكتلة" , ويقصد دول تحالف أوكوس وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية , وعليه قال الرئيس بوتين لضيفه :"لا أعتقد أن حوارنا ينتهي هنا" , في حين شدد ماكرون على أنه لا يتوقع نتائج فورية للمحادثات في موسكو.

لذلك ، استخدم فلاديمير بوتين المؤتمر الصحفي , للحديث عن موقف روسيا حيال توسع التحالف ، وخاطب الولايات المتحدة والشعب الفرنسي والعالم الغربي ككل من خلال الرئيس ماكرون , خصوصاً مع تجاهل واشنطن وبروكسل لمخاوف موسكو الحقيقية نتيجة إقتراب الناتو من الحدود الروسية .

كما لفت الرئيس بوتين نظر ضيفه, إلى أن القيادة الأوكرانية توجهت إلى الإنتخابات تحت شعار حل القضية في دونباس سلمياً , لكنها لم تكن مستعدة للإمتثال للإلتزامات المنصوص عليها في حزمة تدابير واتفاقيات مينسك لقادة الـ "نورماندي" التي تم التوصل إليها في مؤتمري باريس وبرلين , كذلك لفت إنتباهه إلى الإنتهاكات "الجسيمة الممنهجة" لحقوق الإنسان في أوكرانيا , وإغلاق وسائل الإعلام غير المرغوب بها , وإضطهاد المعارضين السياسيين , وحدثه عن قلقه من التمييز الذي يتعرض له الأوكران الناطقين باللغة الروسية , وعن حرمانهم من الإعتراف بهم كشعب أصلي يعيش على أرضه الأصلية.

لقد كان الرئيس بوتين شفافاً وصريحاً مع ضيفه , تحدث عن فرضية انضمام أوكرانيا إلى الناتو وقرارها بإعادة شبه جزيرة القرم ، فإن الدول الأوروبية ستنجر عبر الناتو إلى صراع عسكري مع روسيا ، وهي إحدى القوى النووية الرائدة , وتساءل هل علينا أن نحارب الناتو , وهل تريد فرنسا أن تحارب روسيا !.

ومن حيث النتيجة , استغل الرئيس ماكرون القمة , ليصور نفسه على أنه صانع السلام الناجح , فيما حاول الرئيس بوتين تأكيد وتعزيز مفهومه لبنية "الأمن الأوروبي" , وسط استغلال واشنطن والناتو للبنى التحتية لدول الناتو الغربية والتوسع نحو دول الشرق الأوروبي , والتسلل إلى حدود 1997.  

انتهت قمة بوتين – ماكرون وسط شعورهما بالرضا , مع اختلاف نواياهما وأهدافهما , ولم يقدم الرئيس بوتين لضيفه شيئاً خاصاً , ولم يبيعه إنتصاراً , يمكنه من النجاح في زيارته الفورية نحو كييف , بتأكيد ماكرون وبقوله: "لم أعول على أي إشارات", على رغم من إشارة الرئيس بوتين إلى وجود طروح إيجابية لكنه يخفيها إلى أن تحين اللحظة المناسبة وتتغير فيها مواقف واشنطن والناتو وتصريحات الرئيس الأوكراني , كتلك التي عبر فيها عن عدم إعجابه من بنود إتفاقية مينسك , ومن صعوبة تقبل موسكو للتسويات , واكتفى بوتين بالتعليق عليها :"أعجبني , لم يعجبني , يجب التحلي بالصبر, يا جميل" ,

سيتعين على الرئيس الفرنسي أداء الجزء الثاني من مهمته في كييف , ومن خلال المحادثات والمفاوضات مع زيليسكي , وقد يتعين عليه – لإثبات قوته – إتخاذ القرار السعيد وإعلانه من كييف , أو الإعلان عن وصول الجهود الفرنسية ومن تمثله أيضاً إلى الطريق المسدود , ويترتب عليه لفلفة أوراقه والعودة إلى فرنسا بخفي حنين , والتوقف عند حدود رغبته بصنع السلام الذي لم يتمكن من تحقيقه في الملف والأزمة الأوكرانية , والتنازل عن اللقب للرئيس الأمريكي جو بايدن لاحقاً.

لم يهدر الرئيس ماكرون الوقت , ووصل كييف , وأكد بعد لقاء نظيره الأوكراني , إلتزام أوكرانيا بوقف إطلاق النار في دونباس , وأن خفض التوتر بات ممكناً , فيما عقد الرئيس الأوكراني اّماله على عقد قمة رباعية , تجمعه مع قادة روسيا وفرنسا وألمانيا , تلعب فيها فرنسا والرئيس ماكرون دوراً فعالاً , يكون أساسها الإتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال قمة باريس عام 2019 في إطار النورماندي , الأمر الذي شجع ودفع ماكرون للإعلان عن لقاء مستشاري النورماندي السياسيين الخميس المقبل , وعليه أصبح الطريق مفتوحاً أمام لقاء ماكرون والمستشار الألماني شولتس الذي التقى الرئيس جو بايدن قبل ساعات قليلة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

2022/2/9

 

الأوهام الأمريكية تقودها نحو الهزيمة في محادثات فيينا والشرق الأوسط - م. ميشيل كلاغاصي


إلى أي مدى أصاب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عندما وصف عودة المحادثات مع إيران حول الملف النووي الإيراني بأنها " لحظة حاسمة" , وبدا الأمر لبعض الوقت وكأن إدارة الرئيس بايدن مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة التي عصفت بالعلاقات الدولية , جراء إنسحاب إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب عن الإتفاق النووي الإيراني الدولي.  

لكن عوضاً عن ذلك ، تمسك الوزير بلينكن بالنهج السياسي الأمريكي العدواني , الذي دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تبنيه تجاه إيران منذ نجاح الثورة الإسلامية عام 1979، وهدد إيران بأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في الأسابيع القليلة المقبلة ، فقد تضطر واشنطن وحلفاؤها إلى تغيير تكتيكاتهم , بعبارة أخرى ، فإن إدارة بايدن مستعدة لفرض عقوبات أكثر صرامة على الإيرانيين ، واللجوء إلى القوة من أجل الضغط على طهران لدفعها نحو الإستسلام والقبول بقرار تمليه واشنطن.

تبدو آمال جو بايدن وأحلام إدارته الواهية , بعيدة كل البعد عن الحقائق ومنفصلة تماماً عن الواقع , ليس بما يتعلق بقوة الدولة الإيرانية السياسية والعسكرية والتفاوضية , بل بما يتعلق بالعديد من حقائق ومعادلات الشرق الأوسط برمته , الذي انسحبت منه دفعات الجنود والمارينز الأمريكيين عبر السنوات القليلة الماضية , في وقتٍ تحصد فيه الدولة الإيرانية النجاح تلو النجاح , بدءاً من سياساتها الداخلية التي بنت مجتمعاً متطوراً , استطاع النهوض بقدرات البلاد ووضعها في أعلى المراتب العلمية والصناعية والتجارية والسياسية والعسكرية , في الوقت الذي لم تبارح فيه أرضها , ولم تحرك اّلتها العسكرية للعدوان على الدول وإسقاط أنظمتها بالقوة , ولحصار الدول والشعوب وتجويعها , كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية.

على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ، تمكنت إيران من تطوير وتعزيز علاقاتها مع العراق , وهو البلد الذي غزته ودمرته الولايات المتحدة , ولا زالت تحاول الإلتفاف على إتفاقية خروجها وإنسحابها منه , وتستنجد بتنظيم "داعش" الإرهابي , كي تبقى كفوة إحتلال عسكري على أراضيه ...

كذلك , لم تتأخر في مد يد العون والمساعدة , لدعم الدولة السورية في مواجهة الإرهاب , وبتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والإقتصادي والإستشارات العسكرية , عبر توقيع عشرات الإتفاقيات الإقتصادية والتجارية , وفي كل ما من شأنه تعزيز صمود الشعب والدولة السورية واستعادتها لعافيتها وقوتها ومكانتها الجيوسياسية الهامة في المنطقة , في الوقت الذي تحتل فيه القوات الأمريكية جزءاً من الأراضي السورية وتدعم الميليشيات الإنفصالية في شمال الشرقي البلاد , والإرهابية القاعدية في شمالها الغربي , وتضع يدها على ثروات ومقدرات الدولة السورية وتنهب الغاز والنفط والقمح والاّثار السورية , ناهيك عن دعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي بشكلٍ فعلي وحقيقي , يفوق الكثير مما يدعيه العرب الخليجيين , وفعلت الشيء ذاته في دعم لبنان ومقاومته , خصوصاً في أزمنة حصاره وتجويعه الحالية , وما تقدمه من دعمٍ للشعب اليمني وقضيته العادلة , أمام الحرب الهمجية الظالمة التي تشنها دول التحالف الخليجي على الشعب اليمني , كذلك مدت يدها مراراً وتكراراً لدول الخليج , في محاولة لإستجلاب الأمن والسلام والإستقرار لجميع دول المنطقة , كما يمكن رصد العلاقات الإيرانية الجيدة مع عدد كبير من دول العالم تبدأ من روسيا والصين وتصل حتى دول أمريكا اللاتينية , مروراً بأوربا واّسيا وأفريقيا.

كيف لواشنطن أن تتجاهل الوجود الإيراني المتجذر في الشرق وفي أقدم القارات , وعلاقاتها التاريخية مع كافة دول العالم , وكيف لها أن تتصور الجمهورية الإسلامية على أنها لا تملك من النفوذ والقوة الكافية للدفاع عن سيادتها ومصالحها ومصالح شعبها الأمنية والإقتصادية والعلمية ...إلخ.

وكيف لها أن تتجاهل تاريخها المليء بالتجارب والعمل الدؤوب والصبر والحكمة والتضحية والشجاعة والعقيدة الإيمانية والوطنية , أمورٌ بمجملها مكنت إيران من تبوء مكانتها الحالية بين دول العالم , وولّدت دائماً في قلوب قادتها وساستها الثقة بالنجاح والإنتصار في كافة التحديات التي تواجهها .

كم من الغرور والغطرسة التي تقود السياسة الأمريكية تجاه إيران , التي تملك أفضل العلاقات مع كافة الدول المناهضة لسياسات واشنطن وهيمنتها , كم من الفشل ينتظر واشنطن في مفاوضات فيينا بمواجهة إيران , وهي صاحبة الحق والقوة والإصرار والخبرة , على الرغم من المرواغة الأمريكية والنفاق الأوروبي , والمراهنة على الوقت والضغوط واستمرار العقوبات على إيران , لن تنجح سياسة العصا والجزرة , والتهديد والتهويل , على واشنطن أن تكون أكثر واقعية , وأن تتبع المصالح الأمريكية بعيداً عن الهلوسات والعضلات الإسرائيلية و الخليجية , وأن تتخلى عن شروطها وتعنتها , وتتجه نحو إثبات حسن نواياها , فالدولة الإيرانية ماضية نحو تحقيق أهدافها وإنتصارها بوجود الإتفاق أو عدمه , فيما تمضي الولايات المتحدة نحو المزيد من الهزائم وإنهيار سياساتها ووجودها في الشرق الأوسط .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

4/2/2022