Saturday, May 28, 2022

مناورات وتدريبات "عربات النار" الإسرائيلية جعجعة بلا طحين - م. ميشيل كلاغاصي


على الرغم من نجاح واشنطن بتغليف مواقفها الغامضة أصلاً تجاه التوصل مجدداً إلى الاتفاق النووي ، وفي ضوء الماراتونية التي تفرضها على المفاوضات مع جمهورية إيران الإسلامية ، ومن خلال الدعم الذي تقدمه لكيان الإحتلال الإسرائيلي , بهدف مضاعفة ممارساته التوسعية والإجرامية العدوانية , لخلق تهديدٍ عسكري حقيقي وتحديداً ضد إيران , بما قد يؤدي إلى اشتعال حربٍ لاهبة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق , حدد جيش العدو الإسرائيلي يوم الـ 29/أيار لإطلاق مناورة "عربات النار" العسكرية ، بمشاركة 20 ألف جندي إسرائيلي , بهدف تعزيز "قوة الردع الإسرائيلية" المفقودة , والموجودة فقط في رؤوس قادته العسكرين الواهمين .. كذلك , وبحسب الإعلام الإسرائيلي , تأتي بهدف الإستعداد للقيام بعمليات عسكرية هجومية , "تكون قادرة على توجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الإيراني" , وبات من الواضح أن بعض مسارحها ستكون في مياه البحر الأبيض المتوسط , وبالقرب من قبرص.

تدريبات أرادها الإسرائيليون أن تحاكي هجوماً ساحقاً على منشآت إيران النووية والعسكرية ، وبنفس الوقت أن تكون محاكاةً لصراع إقليمي يشمل عدة جبهات ، بما في ذلك مواجهة حزب الله في شمال فلسطين المحتلة , والقضاء على قادة حركة حماس , في اشارة واضحة لإستهداف يحيى السنوار ومحمد الضعيف – دائماً بحسب الإعلام الإسرائيلي - .

ومما لا شك فيه , أن قيام العدو بمثل هذه الحماقات الإجرامية , سيؤدي إلى مواجهاتٍ لن يستطيع الجسد الإسرائيلي المتعفن بالهزائم والخوف , والفساد والصراعات السياسية الداخلية , وبالإجماع الدولي على إدانة ممارسات الكيان , وخصوصاً في إغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة , بما يدفع بالوهن والفشل والخيبة إلى إجتياح قلوب جنود الإحتلال وقادتهم وشراذم المستوطنين , وسيسرع في المواجهة التي وعد بها قادة المقاومة وبزوال الكيان الإسرائيلي , تأكيداً لمخاوف أيهودا باراك بزوال "إسرائيل" قبل بلوغ عامها الثمانين .

واستبقت القيادة العسكرية الإسرائيلية , موعد بدء مناورة "عربات النار" , بإجراء تدريباتٍ بحرية في 15/أيار ، فيما بدأت قيادة الدفاع المدني في 16/أيار , بتدريباتٍ في عدد كبير من المناطق المحتلة , كنوع من الإستعداد لأي هجوم إيراني محتمل.

بالتوازي مع ما يقوم به جيش الإحتلال الإسرائيلي من مناورات وتدريبات , بدأ الإعلام الإسرائيلي , بالحديث عن تفاصيل للضربات المفترضة التي ستستهدف المنشآت النووية الإيرانية , وسط إعلان حكومة العدو عن استعدادها لتخصيص تمويل خاص وضخم لمثل هذه المهمات ، وتم وضع خطط لتدريب سلاح الجو الإسرائيلي , لإستهداف نظام الدفاع الجوي الإيراني , بالإضافة إلى المنشاّت العسكرية تحت الأرض .

من الواضح أن سلطات الكيان الغاصب , لم تكن لتجرؤ على إجراء مثل هذه التدريبات والمناورات , لولا الدعم والضوء الأخضر الأمريكي , بالإضافة إلى دعم بعض الأنظمة العربية في المنطقة , وهذا يفسر قرار الولايات المتحدة , بنقل "إسرائيل" ووضعها تحت عناية القيادة المركزية الأمريكية , بعد أن كانت تحت عناية القيادة الأمريكية الأوروبية , وذلك بعد تطبيع العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وعدد من الدول العربية , وبإجراء تدريباتٍ عسكرية في شباط الماضي , في ظل القيادة المركزية الأمريكية , بمشاركة قوات الإحتلال الإسرائيلي.

وفي سياق الحملة الإسرائيلية المرافقة للتدريبات والمخططات الخبيثة , يؤكد الإعلام الإسرائيلي أن الولايات المتحدة ستشارك في المناورات الإسرائيلية , خصوصاً سلاح الجو الأمريكي وتدريبات تزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود في الجو , وبأنها وتستعد لإحتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران.

لا يمكن قراءة حقيقة النيات الأمريكية والإسرائيلية المشتركة , ودرجة التهويل التي يمارسانها , فالسعي إلى التصعيد العسكرية في المنطقة لن يكون نزهةً , مع توحيد جبهات حركات وفصائل وأحزاب المقاومة من فلسطين المحتلة إلى لبنان والعراق واليمن , مروراً بدمشق ووصولاً إلى طهران , ولن تجدي نفعاً مع قوة محور المقاومة الضاربة والمتنامية يوماً بعد يوم , أية مناوراتٍ أو تدريباتٍ إمريكية – إسرائيلية , وعلى الرئيس الأمريكي وإدارته اللجوء إلى قراءة متأنية , والتعقل , وتكثيف الجهود الضرورية لتذليل العقبات والمعوقات , والكف عن الألاعيب وإضاعة واستهلاك الوقت , والسعي الجدي للتوصل إلى الإتفاق النووي مجدداً , بعيداً عن دسائس ووساوس الرؤوس الحامية في الكيان الغاصب وبعض دول المنطقة , والكف عن استفزاز إيران وسورية , فجولة الحرب القادمة ستكون كارثية النتائج على الكيان الإسرائيلي , وعلى تواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/5/2022

 

Friday, May 27, 2022

صحة بايدن السياسية والعقلية على المحك الاّسيوي - م. ميشيل كلاغاصي


وشهد شاهدٌ من أهله .... هذا حال الرئيس الأمريكي جو بايدن , الذي وبحسب وسائل الإعلام الأمريكي , واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية , التي تحدثت عنه بوصفه أحد أسوأ الرؤساء الأمريكيين على الإطلاق .

نتيجة توصل إليها الأمريكيون , خلال عام ونصف من وصول الرئيس بايدن إلى سدة الرئاسة الأمريكية , بعدما أغرق بلاده بإرتفاع منسوب جرائم القتل وتجارة وتعاطي المخدرات , وتضاعف تأثير الأزمات الإقتصادية والتجارية والتضخم , ونقص الغذاء , ارتفاع الأسعار , وبالإنغماس في الحروب حول العالم , وبفتح الباب لإقحام الطاقة والأسلحة النووية في الصراعات , عناوين كانت كافية لإنهيار سوق الأسهم الأمريكية ، من بوابة الجرائم وهذه ليست سوى الجرائم السطحية الكبيرة التي ارتكبها... أمورٌ بمجملها , أثارت قلق الشارع الأمريكي , في الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس بايدن عن النجاحات الإقتصادية التي حققها.

قلق وغضب الشارع الأمريكي , دفع المدعيان العامان لولايتي ميزوري ولويزيانا , لرفع دعوى قضائية مشتركة في المحكمة الإتحادية في مقاطعة لويزيانا ضد بايدن ، وسكرتيرته الصحفية جين بساكي ، ومدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فاوسي , والعديد من مسؤولي الإدارة الأمريكية , حيث اتهم المدعيان القضائيان , السلطات الأمريكية في إدارة بايدن بلجوئها إلى إجراءات حكومية تحت عنوان "مكافحة التضليل" بالإشتراك مع شركات تويتر ويوتيوب وغيرها , لتطبيق الرقابة الشديدة على نشر المواد المتعلقة بعدة قضايا , كالقضية المرفوعة على نجل بايدن ، وحول أصل فيروس كورونا , والتصويت البريدي.

وبحسب ما أشيع في وسائل الإعلام الأمريكية , أن أعضاء الإدارة استخدموا نفوذهم للضغط على منصات وسائل التواصل الاجتماعي , لفرض رقابة على ناشري الاّراء ووجهات النظر الغاضبة في تلك القضايا , وتهديدهم بإجراءات حكومية عقابية.  

حيث لوحظ تزايد مستمر بأعداد الأمريكيين الذين ينتقدون سياسة إدارة بايدن في أوكرانيا ، وما تضخه فيها من أموال هي بالأساس من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين ، وبتزويد أوكرانيا بالأسلحة لمواصلة الإبادة الجماعية الشعب الأوكراني في شرق البلاد , في الوقت الذي يعاني فيه الأمريكيون من الفقر وسوء أحوالهم الإقتصادية , على الرغم من محاولات جو بايدن المستمرة لإلقاء اللوم على الرئيس الروسي , وتداعيات جائحة الكورونا , والصراع في أوكرانيا , لكنه فشل بإقناع الأمريكيين بعدم مسؤوليته وإدارته في هذه الملفات.

يبدو أن تصاعد الإعتقاد بصحة وبقدرات الرئيس بايدن العقلية , وبأنها السبب الرئيسي للأخطاء والتصرفات الشخصية والسياسية التي يرتكبها , كمصافحته الهواء , وكلامه في خطابه العاشر من أيار الماضي عن:"القوة التي بنيناها هي التضخم" , واقتراحه قبل عدة أيام :"للعودة لأزمنة الفصل العنصري" , واستشهاده بشخصيات ورموز تلك الحقبة , يبدو أن بايدن يمر بحالات بوحٍ تبرر في الوقت ذاته , تأييده لنازيي أوكرانيا وفاشيي أوروبا , الأمر الذي يؤكد مرضه العقلي والسياسي باّنٍ واحد , وصعوبة محاسبته , وضرورة التفكير بعزله.

وعلى الرغم من ذلك لا يزال يحظى بثقة حزبه وإدارته , وقيادته للحرب الأوروبية على روسيا , وبزياراته الاّسيوية القادمة – بحسب السكرتيرة الإعلامية للبيت الأبيض حين بساكي -, إلى اليابان وكوريا الجنوبية , ولقاءاته الثنائية مع قادة تلك الدول , بالإضافة إلى قادة استراليا والهند في طوكيو.

هل يفعلها بايدن ويزور أطباء وممارسي الطب الشعبي الاّسيوي الشهير للعلاج , قبل أن يجر العالم نحو الحروب النووية ؟

المهندس: ميشيل كلاغاصي

17/5/2022

 

واشنطن و"تل أبيب" في حقل الألغام من موسكو إلى كييف ودمشق وطهران - م. ميشيل كلاغاصي


راهن الإسرائيليون منذ عودة المفاوضات النووية الإيرانية مع الدول الغربية على عرقلتها وإفشالها، وهم اليوم أكثر تفاؤلاً بانتهائها من دون التوصل إلى اتفاق جديد، على خلفية الثمن الذي قدَّمته لواشنطن على حساب علاقتها بموسكو.

على الرغم من أن سلطات الكيان الإسرائيلي المؤقت عانت ارتباكاً مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ورفضت معارضتها، وتحولت شيئاً فشيئاً نحو إدانتها، وذهبت إلى أبعد من ذلك، وأبدت استعدادها لمساعدة الناتو وتزويد أوكرانيا بأنظمة الأسلحة المتطورة، في وقتٍ دان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد صراحةً العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فإنه وحكومته لم يتوقعا رد موسكو التي اعتبرت الموقف الإسرائيلي "محاولة تمويه فاشلة لحرف أنظار المجتمع الدولي عن النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي"، وحذرت "تل أبيب" من تقديم السلاح لكييف.

ما الذي يدفع "تل أبيب" إلى الذهاب نحو التصعيد الدبلوماسي والعسكري تجاه موسكو؟

هذا الأمر يدفعنا إلى البحث عن الأسباب الحقيقية داخل المربع الروسي الإيراني الإسرائيلي السوري، والكامنة وراء المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، والتي لوحظ بعدها اتجاه واشنطن نحو عرقلة الاتفاق النووي مع إيران، فيما انطلقت "تل أبيب" نحو إدانة العملية العسكرية الروسية الخاصة والوقوف علناً إلى جانب الولايات المتحدة والناتو في أوكرانيا.

وبحسب المصادر الإسرائيلية، تلقى نفتالي بينيت تأكيداً من الرئيس الأميركي على إبقاء حرس الثورة الإيراني في لوائح الإرهاب الأميركية، الأمر الَّذي سينعكس سلباً على المفاوضات، وقد يكون مقدمة لعرقلتها وفشلها، إضافةً إلى عراقيل أخرى ألمحت إليها الجمهورية الإسلامية، إذ إنّ بينيت وصف بايدن بـ"الصديق الحقيقي وأحد المهتمين بأمن إسرائيل"، وأشار إلى أنه "لن يسمح بإزالة حرس الثورة الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية".

وعلى الرغم من إبداء واشنطن استعدادها لشطب حرس الثورة الإيراني من لوائح المنظمات الإرهابية، مقابل حصولها على بعض الضمانات الإيرانية حول سياستها ونشاطها الإقليمي – بحسب الموقف الأميركي المعلن - وبدء صفحة جديدة للعلاقات معها، فإنها استدركت مواقفها، وقررت استرضاء "إسرائيل" لتعزيز فريقها المناهض لروسيا على حساب إيران وإبرام الاتفاق معها، الأمر الَّذي يعزز الشكوك في نية إدارة بايدن التوصل إلى اتفاق حالياً.

راهن الإسرائيليون منذ عودة المفاوضات النووية الإيرانية مع الدول الغربية على عرقلتها وإفشالها، وهم اليوم أكثر تفاؤلاً بانتهائها من دون التوصل إلى اتفاق جديد، على خلفية الثمن الذي قدَّمته لواشنطن على حساب علاقتها بموسكو.

أما في الجانب السوري، مع مراقبة كلٍ من واشنطن و"تل أبيب" خروج سوريا من عزلتها الدولية والعربية التي تم فرضها عليها، ومع خطوات قيادتها الثابتة لدعم استقرارها الداخلي، واستعادتها التدريجية لقدراتها العسكرية، كان لا بد من اختبار قدرتها الجديدة، وسط زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات، ومؤخراً إلى طهران، وما جرى تداوله إعلامياً حول تعزيز علاقاتهما الاقتصادية، ووضوح اللغة الإيرانية في استمرار دعمها وثقة المرشد والقيادة السياسية والعسكرية في إيران بقدرة سوريا على استكمال تحرير كامل الأراضي السورية، ناهيك بملف الغاز السوري الذي لا بدَّ من أنه الملف القادم بقوة، مع ملف الغاز اللبناني، الذي باتت حمايته مضمونة مع تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني في أكثر من مناسبة، وخطورة كلا الملفين إن اجتمعا في أنبوبٍ تصديري واحد، بعدما قدمت "تل أبيب" نفسها كمنتج ومصدر للغاز.

كان لا بدَّ من التصعيد الأميركي والإسرائيلي والتركي، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فقد تحدثت واشنطن عن استثناءات لقانون قيصر في مناطق سيطرة الاحتلال الأميركي وميليشيات "قسد" الإرهابية – الانفصالية، بما يتيح تنشيط المنطقة اقتصادياً وتجارياً بعيداً عن سلطة الدولة السورية، وتكثيف العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية، والهجمات الإرهابية للتنظيمات التابعة والعاملة تحت القيادة التركية، فيما أتى مؤتمر بروكسل قبل أيام ليؤكد التصعيد السياسي ومضاعفة الضغوط على القيادة السورية، بما يُنذر بتصعيد ملف التغيير الديموغرافي، كمقدمة لمشاريع تقسيم سوريا عبر ما تسمى "المناطق العازلة" على طول الحدود مع تركيا.

من الواضح أنَّ تلك الاختبارات لا تقتصر على الدولة السورية، بل يبدو اهتمامها وتركيزها منصبّاً على قراءة نتائج التصعيد المشترك، للوقوف على الموقف الروسي المنشغل حالياً بحربه مع الناتو، ورصد تغيراته المفترضة نتيجة المواقف الإسرائيلية الأخيرة تجاهها في أوكرانيا، وخصوصاً ما يتعلق بالاستياء الروسي من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا ومدى حيادية موسكو تجاهها، وسط الادعاءات الإسرائيلية بغض الطرف الروسي، وبإعلامهم المسبق بالهجمات الجوية والصاروخية قبل ساعات أو دقائق، في سياق الروايات الإسرائيلية للتأثير في علاقة السوريين بالروس.

لا يمكن التكهّن سلفاً بدرجة سخونة هذه القراءات فعلياً، وبأجندتها الزمنية، فقد تستمهل واشنطن عبر المراوغة ومتابعة جولات التفاوض مع إيران، قبل اضطرارها إلى التفكير الجدي في الغضب الإيراني، وفي انطلاق طهران عبر أجنداتها النووية، بالمستوى والشكل الذي أعلنته غير مرة، في وقتٍ قد تحمل المحادثة الهاتفية بين وزيري الدفاع شويغو وأوستن نتائج ملموسة على الأرض في أوكرانيا وسوريا.

من الواضح أنَّ واشنطن و"تل أبيب" تحملان ما تنوءان بحمله، وبات من المستحيل التفكير في خروجهما من حقل الألغام الذي زرعتاه معاً من دون جروحٍ عميقة، وأقله بخدوشٍ ستبقى للتعريف بإمكانية هزيمتهما مستقبلاً بأقلّ التكاليف، فالروس والرئيس بوتين واثقون بالانتصار على الناتو، فيما المشهد المتفجر في فلسطين المحتلة، على خلفيات الجرائم الإسرائيلية وخطط الكيان التوسعية، يؤكّد أنها لن تمر مرور الكرام، بحسب فصائل المقاومة وحركاتها، بما يعزز مخاوف إيهودا باراك من زوال "إسرائيل" قبل بلوغ عامها الثمانين.

م. ميشيل كلاغاصي

17/5/2022

 

مستقبل الحروب والعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب - م. ميشيل كلاغاصي


 منذ اللحظات الأولى لإنطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة لنزع السلاح النازي في أوكرانيا , انطلقت وسائل الإعلام حول العالم , بمراسليها وكتابها ومحلليها , وكلٌ بحسب منظوره وتقييمه ومصالحه الخاصة لرصد ما يحدث , واحتلت أخبار حزم العقوبات الأمريكية والأوروبية المتتالية على روسيا صدارة العناوين الإعلامية .

وعلى الرغم من وضوح الرؤية والحقيقة , والصبر الروسي , على فظاعة ما تعرض له الأوكران الروس لسنوات في دونباس , من قتلٍ وتعذيب وإبادة جماعية , ومن المحاولات الدؤوبة لتوسيع تهديد الناتو بإتجاه روسيا , لم يستطع العالم أن يُجمع ويجتمع على تقديم الحلول العقلانية السلمية لإنهاء وإقتلاع جذور الأزمة , وسط تهرب الولايات المتحدة من تقديم الضمانات الأمنية التي طالبت بها موسكو لحماية أمنها القومي والحيوي , نتيجة عدم إلتزام حلف الناتو بتعهداته حول التوسع شرقاً , ووصوله إلى الحدود الروسية عبر حكومة النازيين في أوكرانيا , الأمر الذي يؤكد المخطط الصهيو - أمريكي لجرّ روسيا وأوكرانيا وجميع الأطراف الأوروبية والدولية نحو ساحة المعركة.

وكي نتبعد عن المثالية السياسية , وحقيقة لجوء بعض الحكومات والدول إلى استراتيجية افتعال الأزمات وشن الحروب لتحقيق مصالحها , إلاّ أن الإجماع السلمي يبقى على مستوى غالبية الشعوب , التي لا يسرها رؤية الأسلحة والطائرات تجوب سماء المدن والمجتمعات الإنسانية , وما يعقبها من مشاهد مؤلمة للتهجير واللجوء ومغادرة البيوت والحقول والمصانع , والسير عبر أسلاك الحدود الشائكة بحثاً عن النجاة بحياتهم , وبملجأ اّمن وببعض الغذاء والدواء.

فالدول العاقلة , بالإضافة إلى غالبية شعوب العالم , لا يؤيدون العقوبات الأمريكية أحادية الجانب التي تفرضها على الدول والشعوب بشكلٍ لا قانوني , بما يتعارض مع القيم والحقوق الإنسانية , ومع نصوص وروح ميثاق الأمم المتحدة , إذ تلجأ إليها الولايات المتحدة ومن يدورون في فلك هيمنتها وسطوتها , من رؤساء وأنظمة حاكمة , تأصل الشرّ في قلوبهم وعقولهم , ويحلمون بالدعم الصهيو – أمريكي , كوسيلةٍ لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب دولهم وشعوبهم , كالأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون والألماني شولتز.  

على الرغم من معارضة بعض الدول لهذه الحرب وتلك العقوبات , ورفض البعض منهم إملاءات واشنطن السياسية والإقتصادية , الهادفة إلى فرض الإرادة الأمريكية في المعركة , وسط محاولات البعض الوقوف على الحياد , وعدم خسارة علاقاته مع كلا الطرفين , لكن هذا لم يكن ليفي بالغرض , ولم يمنع واشنطن من الإستمرار بمخططاتها.

ومن خلال فرض هذه العقوبات , تبدو ازدواجية المعايير جليةً , حتى بالقياس والمقارنة مع مفردات وعناوين الحملة الإعلامية والسياسية , التي شنتها على روسيا , وتركيزها على استخدام مصطلحات مزيفة كـ "العدوان الروسي" , "جرائم الحرب", و"جرائم الإبادة الجماعية" الروسية , وهي ذات العناوين التي يقوم بها فعلياً العدو الإسرائيلي في فلسطين والجولان السوري المحتلين , حتى في أوكرانيا , والإحتلالين الأمريكي - البريطاني والتركي , وأدواتهما الإرهابية والإنفصالية , في سورية والعراق , دون أن إدانة أممية ودولية , وسط صمتٍ مخزي أكثر من 19 عاماً في العراق , و12 عاماً في سورية , ناهيك عن عقود إحتلال فلسطين والجولان.

لقد سارعوا لإدانة روسيا , وتوعدوا بجعلها تدفع الثمن , وانطلقوا لتعميم الفوضى والحروب حيثما تصل أياديهم , وهددوا الأمن القومي الروسي والأوراسي والصيني والأوروبي والتركي والسوري والعربي , والأمن الإقتصادي والغذائي والزراعي والمائي لجميع دول وشعوب العالم , بالإضافة إلى خلق الأجواء التي تهدد العالم بالحروب العالمية الشاملة الجرثومية والكيميائية والنووية.

هل فكر العالم بمستقبل السياسات الأمريكية , وتداعياتها على حياة جميع ساكني الكوكب , ماذا عن الجوع , وارتفاع أسعار السلع الغذائية والأدوية , وعن التهجير , وسفك الدماء , ومن هو المستفيد من إيلام البشر , وتدمير دولهم وحياتهم , ومستقبل أجيالهم , من أجل  بقاء الولايات المتحدة على عرش حكم العالم والسيطرة عليه.

مالذي يدفع دول العالم وشعوبه , لقبول دفع فواتير الأوهام والأحلام والأطماع والكراهية , التي يتم توجيهها نحو دولٍ بعينها , كروسيا وسورية وإيران وكوبا وفنزويلا وغير دول , لمجرد أنها رفضت الإستسلام والخضوع لمشاريعهم , وهل من مصلحة العالم أن تُهزم روسيا قبل أن تنفذ وعدها بـ "تصحيح التاريخ" , وتصحيح سلوك ومسار الأمم المتحدة , وعودتها إلى واجباتها مهامها التي أُنشأت من أجلها , وعلى رأسها الحفاظ على التوازن الدولي واستقراره , وحماية الدول الضعيفة , وتقديم العون والمساعدة لكل من يحتاجها على مساحة العالم .

لطالما كانت أهداف الدول الكبرى السعي لزيادة نفوذها , لكن النظام الأحادي , منح أرباب الشر في الولايات المتحدة , فرصة الهيمنة على العالم , واليوم اّن الأوان لزوال هذا النظام الشرير , مع صعود عديد الدول , وقدرتها على التعاون , وإيجاد الحلول السلمية والعقلانية لكافة المشاكل والصعوبات والتحديات التي تواجه الدول والشعوب.

وفي ضوء الأزمة الدولية في أوكرانيا , والتغييرات والتداعيات والمخاطر الناشئة , لا تزال فرصة تصحيح الأمور متاحة , لمن يقرأ السطور وما بين السطور , فالمراهنة على الولايات المتحدة هي مراهنة على استمرار تهديد السلم العالمي , ومن المهم لطالبي ومحبي الأمن والسلام , أن تُبحر مراكبهم وملاحتهم السياسية , بإتجاه روسيا والصين وعديد الدول العاقلة.

م. ميشيل كلاغاصي

14/5/2022يقر السطور وما بين السطور التي