Sunday, May 30, 2021

بايدن شريك عسكري وسياسي في العدوان على غزة - م. ميشيل كلاغاصي


 

على غرار ما حدث في لبنان عام 2006 ، حيث أعلن كل من إيهود أولمرت وجورج بوش أن "جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر" قد حقق " نصراً مجيداً " , كذلك اليوم أعلنت الولايات المتحدة و"إسرائيل" تحقيق انتصارٍ جديد في غزة , في الوقت الذي رأى فيه العالم هزيمة الكيان الصهيوني ومذلته على شاشات التلفزة وبأم العين.. ويبقى السؤال عن دور الولايات المتحدة والرئيس جو بايدن, ولماذا اختار ما بين الطرفين المتصادمين , الوقوف إلى جانب الطرف المعتدي , ودَعَمَ "حق" "إسرائيل في الدفاع عن نفسها..؟ هل حاول إقناع العالم بأنه وبلاده طرفٌ ثالث!, أم كانوا طرفاً أساسياً وشريكاً فعلياً للعدو الإسرائيلي في العدوان على القدس وغزة ..؟

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ , في 21 أيار الحالي ، وفي تمام الساعة 2:20 صباحاً ، خرج اّلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في غزة ورام الله وغير مكان , حاملين الأعلام الوطنية والحزبية الفلسطينية , للإحتفال بالإنتصار العظيم الذي تحقق بفضل وحدة وصمود وشجاعة الشعب الفلسطيني , وإلتفافه حول فصائل المقاومة , في معركةٍ هي الأقوى في تاريخ المواجهات المباشرة مع العدو الإسرائيلي , والتي استمرت لأحد عشر يوماً, خاضها الفلسطينيون تحت اسم "سيف القدس".

وعلى الرغم من البث التلفزيوني المباشر, وعواجل وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والإسرائيلية والعالمية , ومواقع التواصل الإجتماعي , جاء البيان الصحفي لجيش العدوان الإسرائيلي ، سردياً منمقاً كاذباً مخادعاً مجافياً للحقيقة – كعادته- , وقدم رواياته الكاذبة , وإعلانه عن إصاباتٍ حصرية لـ 1500 هدف في غزة , على أنها مواقع ونقاط عسكرية لحركة حماس , في الوقت الذي ابتعد فيه البيان عن ذكر استهداف البيوت والمدنيين العزل , ومباني الخدمات الإنسانية والمشافي والمكاتب الإعلامية , ناهيك عن تكرار قصف المواقع بهدف التدمير الحاقد , لقد حاول البيان إخفاء فشل أجهزة العدو الأمنية والإستخبارية في تحديد الأهداف , في الوقت الذي أظهرت فيه المقاومة براعتها ولجؤها إلى تكتيكاتٍ عسكرية , استطاعت من خلالها إيلام العدو , وتخفيف حدة الأضرار الناتجة عن الإستهداف الإسرائيلي الجوي الوحشي الحاقد , الذي لم يوفر الحجر والبشر على حدٍ سواء.

وكان من اللافت منذ اللحظات الأولى لإندلاع المواجهة , إعلان الموقف الأمريكي الذي دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" , وحاول إخفاء حقيقة علمه المسبق وتنسيقه وانخراطه في مخطط نتنياهو العدواني كشريك عسكري تنفيذي , وسياسي مضلل.  

وبحسب التفاصيل التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية ، يتضح أن واشنطن كانت تشارك في استعدادات القادة الإسرائيليون للعدوان على القدس وحي الشيخ جراح , كمقدمة للعدوان على غزة ومقاومتها , وتحديداً على حماس بغرض نزع سلاحها , وفرض الإستسلام عليها وعلى باقي الفصائل الفلسطينية .

حيث قامت واشنطن ما قبل بدء العدوان , بتسليم قادة الكيان دفعة جديدة من الذخائر الموجهة الدقيقة , وإعلام الكونغرس الأمريكي بخصوصها في الخامس من شهر أيار, أي قبيل إنطلاق العدوان على غزة في العاشر منه ، كذلك وافقت إدارة بايدن على إرسال شحنات من الأسلحة إلى تل أبيب بقيمة 735 مليون دولار ... الأمر الذي يؤكد بوضوحٍ تام , على أن مخططات الكيان الإسرائيلي للتصعيد في الشرق الأوسط تم إعدادها والإتفاق عليها مع الولايات المتحدة مسبقاً.

فقد قامت الولايات المتحدة سراً , بإرسال مجموعة من أنظمة الدفاع الجوب والصاروخي من طراز باتريوت , بعدما تأكد لها فشل نظام القبة الحديدية في اليوم الثالث للمواجهة الصاروخية , كذلك قامت بإرسال تعزيزات أمريكية إلى مطار بن غوريون في الرابع عشر من أيار – بحسب وكالة مهر للأنباء - , في الوقت الذي كان الرئيس بايدن يطلق أكاذيبه ويدعي عدم تدخل بلاده في الصراع المسلح بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لقد صفع الفلسطينيون غطرسة الاّلة العسكرية الإسرائيلية , عبر صواريخ يدوية الصنع , وعبر تطوير بعض الطرز الصاروخية القديمة , واستطاعوا إحراج قادة العدو , اللذين لم يعد بإمكانهم الحديث عن الفعالية المطلقة لنظام القبة الحديدية , مع مشاهد إختراقها من قبل الصواريخ الفلسطينية دون أن تتمكن من اعتراضها.

ومن الجدير ذكره ووفقاً لبعض التقديرات بأن تكلفة إنتاج الصاروخ الواحد للقبة الحديدية تصل إلى 100 ألف دولار, وبالتالي بات على واشنطن وتل أبيب ، وبالأحرى دافعي الضرائب الأمريكيين ، أخذ تكاليف إعتداءاتهم أو مغامراتهم واستفزازاتهم على محمل الأهمية والصعوبة.

مع كافة الخلاصات , وتغير المعادلات , وإنكشاف حقيقة العدوان والممارسات الوحشية اليومية للعدو الإسرائيلي , بالإضافة إلى سقوط الرواية الإسرائيلية وإنكشاف زيفها , بالإضافة إلى حجم التأييد والتعاطف الدولي والشعبي الذي أظهره المجتمع المدني حول العالم تجاه القضية والشعب الفلسطيني , بات البحث عن الحل العادل وإستعادة كافة الحقوق الفلسطينية وإنهاء الإحتلال للأراضي الفلسطينية , أمراً يستحق التفكير الجدي لقادة العدو وداعميهم في واشنطن , فقد ولى زمن غطرسة القوة الغاشمة الأمريكية والإسرائيلية , وحل مكانه زمن إنتصارات المقاومة من اليمن والعراق وسوريا ولبنان إلى المقاومة في فلسطين التي نفضت كل الغبار وشحذت كل "سيوف – القدس" , ولن تكون وحدها بعد اليوم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

30/5/2021

Wednesday, May 26, 2021

الشعب السوري ينتخب الرئيس بشار الأسد ويعبّد طريق الإنتصار السياسي - م. ميشيل كلاغاصي


 

بعد أن سطر الشعب السوري ملاحم الإنتصار العسكري إلى جانب الجيش العربي السوري والقوى الرديفة , وكما سطر ملاحم التحدي والصمود في وجه الحصار والعقوبات الإقتصادية , ها هو اليوم يسطر ثالث ملاحمه وإنتصاره السياسي , ويخرج بالملايين ليقول كلمته ويؤكد وحدته ولحمته الوطنية , وتمسكه بدولته وسيادتها على كامل أراضيها وبقرارها السياسي الحر المستقل , وبنظامه السياسي المركزي , وبثوابته الوطنية والقومية , عبر تجديد بيعة وإنتخاب الرئيس بشار الأسد , وبذلك يعبّد الشعب السوري طريق الإنتصار السياسي , ويطلقها رسالةً وطلقة في وجه الأعداء والمتربصين.

يومٌ مجيد , ومشهدٌ استثنائي رهيب , عرسٌ انتخابي وطني بإمتياز, حشودٌ لا تنتهي , صور الرئيس بشار الأسد , العلم الوطني , الفرح , الأهازيج , الهتافات , وملايين السوريين يتهافتون إلى مراكز الإقتراع لممارسة حقهم وواجبهم , لكن الأهم هم يعبرون عن إنتصارهم وإعتزازهم بهويتهم وكرامتهم , وتأييدهم ووفائهم ومحبتهم لمن لم يتخل عنهم , ومن تقدمهم وقادهم بإقتدار في معركة الدفاع عن الدولة السورية في الحرب الكونية التي حاولت النيل منهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم , وكرامتهم وسيادتهم وحريتهم ومصيرهم , ولتأكيد حقيقة إنتصار ثالوثهم الوطني المقدس "القائد , الجيش , الشعب".

أمام هذا المشهد غير المسبوق في سوريا والعالم برمته , تحرك العالم وإعلامه وإعلامييه , ساسته وبرلمانييه , شخصياته ومثقفيه ومؤرخيه , ليرصدوا بأم أعينهم وينقلوا الحقيقة إلى شعوب العالم , التي تعامى الكثيرون عن رؤيتها , وسقطوا في فخ الأضاليل والأكاذيب التي ساقتها الغرف السوداء المظلمة حول العالم , لتشويه الصورة السورية البهية , التي تؤكد أن سوريا حق وإنتصارها حق.

إنتصار سوريا التاريخي دفع بعض الغرب وجلُّ العرب , لنسج مواقف جديدة من الدولة السورية وقيادتها , على الرغم من العناوين الكاذبة والمزيفة التي أطلقوها لأكثر من عشر سنوات كـ "الحرب الأهلية في سوريا" , "الأزمة السورية" ...إلخ , وساروا ورائها ملثمين متخفين , هرباً وتهرباً من حقيقة تاّمرهم ومن جريمة شن أفظع أشكال الحروب عليها , تلك الحرب التي لم تعرف البشرية مثيلها من قساوتها وفظاعتها وسفكها للدماء وبالتخريب والتدمير الشامل ولكل ما يعنيه مفهوم "الدولة" السورية من بشر وحجر وإنسان وهوية وتاريخ وحاضر ومستقبل.

ومع الإنتصار السوري وإسقاط وهزيمة المشروع الصهيو –أمريكي وأذنابه وأدواته , بات التراجعٍ الدولي والإقليمي والعربي عن مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد , وتغيير النهج والنظام السياسي وعقيدة الجيش العربي السوري , مساراً ومسلكاً إجبارياً , ودفع البعض لإظهار إهتمامه المفاجئ بحل الأزمة وبالرغبة الخادعة للحفاظ على وحدة واستقلال أراضيها وحياة ومستقبل شعبها , وللدفع بطلائعهم لإيصال غزلهم وودهم.

إن متابعة ومراقبة مواقفهم التي لم تلحظ إعتذاراً أو إعترافاً صريحاً بنهاية مشاريعهم ووقف حربهم ضد الدولة والشعب والأرض السورية , فطاعتهم وإلتزامهم بخدمة مشاريع الأمريكان لم ولن تتزحزح , وعلاقتهم بالكيان الغاصب تحولت من السرّ إلى العلن , ولازال نصفهم يدعم ويسلح ويمول بعض الفصائل الإرهابية في إدلب , ويدعم قادة الإنفصاليين ومن لا يزال يصطف إلى جانبهم , أما نصفهم الاّخر فلا زال يبايع "السلطان" أردوغان كخليفة عثماني , ولا زالوا يتطلعون إلى مشاريع تقسيم سوريا وضم الشمال السوري إلى حدود السلطنة.

لا زال الوقت مبكراً للحكم على الوجه الجديد – القديم للعرب , وإحداثيات تمركز كلٍ منهم في خارطة مشاريع صفقة القرن والتطبيع مع العدو الإسرائيلي , والقدس والقضية الفلسطينية والمقاومة بشكل عام , و"الناتو" العربي , والعداء لإيران , وبعض العداء المغلف بالجفاء تجاه موسكو.

ولا زال من المبكر الحديث عن الجامعة العربية وعن دورها السيئ وتخطيها أو قفزها عن ميثاقها وموافقتها على تجميد عضوية سوريا, وتأمين الغطاء السياسي لتدمير ليبيا والعراق وسوريا ... ولا زال الوقت مبكراً لإستعادة الهوية العربية في وقتٍ لا يزال فيه بعض القادة العرب يقبعون في حجور تحالفاتهم الأمريكية الإسرائيلية و التركية ...إلخ , على حساب الهوية العربية والإنتماء للأمة والأرض.

إن مشهد المصافحات والزيارات الشكلية , ومشاهد إعادة فتح السفارات , وهبوط طائرات الرؤساء العرب في مطار دمشق - على أهميتها - , لن تكون هدفا ًسوريا ًبحد ذاته ,  فسوريا تبحث عن عالمٍ عربي جديد يعترف بالهوية العربية ولا يتخلى عن بوصلته مع أول عاصفة , وتبحث عن عالمٍ عربي تحترمه دول العالم ولا تعتبره مجرد أدوات شرٍ وإرهاب وتخلفٍ وجهل ونفط وأموال مكدسة , عالم تحترمه شعوبه قبل شعوب العالم ...

وهذا يعيدنا بالضرورة إلى ما رفضه العرب يوما ً, ولم يعرفوا أن ثمن الإستسلام أكبر من ثمن المقاومة , نعم سنعود إلى عالمٍ عربي يقوده الرئيس بشار الأسد , ولا تقوده عواصف الحزم على اليمن ولا من يتهاوشون على الطريدة في سوريا والعراق وليبيا , فقد رأت الشعوب العربية ماذا حصل عندما خاض المتخاذلون مشاريع ومعارك الغير , وجربوا حروب أوهامهم , وهُزموا على أبواب دمشق , وبات عليهم أن يشكروها لتمسكها بالهوية العربية وإنقاذها لما تبقى من سمعة العرب أجمعين.

إن المتغيرات الجديدة تفرض على سوريا مواجهاتٍ جديدة وبأساليب جديدة , فالحرب لم تنه بعد , وبات على الكثير من دول العالم والمنطقة والعربية خصوصاً, أن تختار استرتيجيتها الجديدة بما يتوائم مع المرحلة الجديدة للصراع ...  فإن صدقوا في تصريحاتهم وفي رسائلهم المباشرة وغير المباشرة نحو دمشق , فلا بد من ربط الأقوال بالأفعال , وإثبات حسن النوايا , وأقله وقف الهجوم على سوريا واعترافهم بنصرها , والبدء الفوري بكل ما من شأنه دعم الدولة والقيادة والحكومة والشعب السوري بتحرير ما تبقى من أراضيها تحت نير الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي والتركي , وهذا يتطلب بالتأكيد مصالحةً عربية شاملة , كي ينسجم العرب مع أنفسهم أولاً, ووضع الحد لكافة الخلافات العربية - العربية...

لا تبدو مهمة القادة الغربيين والعرب سهلةً , خصوصاً لمن يتطلعون إلى إعادة فتح سفاراتهم , واستعادة علاقاتهم الدبلوماسية والطبيعية مع سوريا والشعب السوري , ولا بد لهم من بذل الجهود المضاعفة , وإجراء مراجعاتٍ شاملة لسياستهم تجاه سوريا ... فلا بأس أن يتغير من ضلوا الطريق وأن يعودوا إلى رشدهم , فأن تصل متأخراً خير من ألا تصل , وتبقى العودة إلى سوريا تستحق العناء وتمنح الواصلين كل الفخر والإعتزاز.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26 / 5 / 2021

Sunday, May 23, 2021

قمة بوتين وبايدن - هزائم واشنطن .. موسكو ستقتلع أسنان أعدائها - م. ميشيل كلاغاصي


 

باتت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تفضح جوهرها , وتُسقط كل حديثٍ عن القيم والمثل الأمريكية , بما يؤكد نفاقها وصلفها في إحترام العلاقات الدولية والقيم الإنسانية , ولم تعد سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تتمرس وراء إستراتيجية نسف ما قامت به الإدارات السابقة وفرض العقوبات , سوى اسلوباً استفزازياً وقحاً , يبدأ بنسف الإتفاقيات ونقض العهود , ولا ينتهي بالمجاهرة بالعداء وبالتهديد وبكيل الشتائم أيضاً.

أي سلامٍ وتهدئةٍ وتبريد للملفات , يدعيه بايدن وبلينكن , مادامت الأفعال تتناقض مع الأقوال والنوايا , وأي قمة يسعى الرئيس بايدن لعقدها مع الرئيس بوتين , بعدما تخطى حدود اللياقة ووصف بوتين بالقاتل.! , أم هي محاولة لتبييض الإخفاقات الصريحة للسياسات التي انتهجتها واشنطن مؤخراً.

عشرات الملفات العالقة والمعقدة تشوب علاقة موسكو وواشنطن , وعشرات الإستفزازات والسياسات المتهورة تقودها واشنطن تجاه موسكو , وعلى رأسها ما تقوم به إدارة بايدن عبر دعمها المستمر لتصعيد الصراع في أوكرانيا – في قلب المنطقة الحيوية للأمن القومي الروسي - , وما حولها من بولندا إلى كاراباخ , وإلى أين تمضي واشنطن بدعمها العسكري لوزارة الدفاع الأوكرانية , التي تجاوزت بمجموعها منذ العام 2014 أكثر من ملياري دولار .. في وقتٍ لا تبدو واشنطن مستعدة وقادرة على مواجهة موسكو وجهاً لوجه إلى جانب أوكرانيا , تبدو حاجة بايدن للقمة ملحة لمناقشة خروج واشنطن من الصراع الذي خلقته بنفسها للحفاظ على ماء وجهها.

من غير الواضح – حتى الاّن -  أين ستعقد الفمة المقترحة بين بايدن وبوتين , والأجندات التي ستتم مناقشتها , على الرغم من الأجواء الروسية - غير الرسمية - التي تشي بإمكانية تعويض القمة الرئاسية بلقاء بين أمين مجلس الأمن الروسي مع مستشار رئيس الولايات المتحدة للأمن الوطني... في وقتٍ لم يتم فيه لم تأكيد الإتفاق على عقد القمة في لقاء لافروف وبلينكن على هامش مجلس القطب الشمالي في ريكيافيك , وإمكانية إنعقادها أثناء جولة بايدن الأوروبية في حزيران القادم , على الرغم من تشاؤم الوزير لافروف حول سهولة "إزالة الركام في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة".

بالنسبة إلى روسيا , لا يتعلق الأمر حول زمان ومكان القمة ، بل حول ما سيتم مناقشته فيها .. ومن دون أجندة واضحة ، لا يرغب الكرملين في الإندفاع نحو القمة ، لذلك سيحتاج سوليفان إلى إقناع باتروشيف أن الأمريكيين يعتزمون مناقشة قضايا محددة ، وعدم إضاعة الوقت في مناقشات لا معنى لها حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ، أو الشؤون الأوكرانية ، أو حقوق المعارض نافالني , وعشرات الملفات الهامشية ... فهل "ستجد واشنطن وموسكو الفرصة لإدارة التوترات وحماية العلاقات من التدهور الكامل" – يتساءل بايدن-.

لا يبدو من السهولة بمكان إزاحة الغيوم الداكنة في سماء العلاقات الروسية – الأمريكية , مع وجود من يقولون في واشنطن إنه لا يمكن التعامل مع بوتين ، بالمقابل هناك في موسكو من لا يثقون بأي أمريكي ...

من الواضح أن الرئيس بوتين لن يتساهل مع أعداء بلاده ومنتقديها , وأكد من خلال مؤتمر الإتحاد الروسي قبل أيام بأن: "الجهود الخارجية لاحتواء روسيا تعود إلى قرون مضت" , "بمجرد أن أصبحت روسيا أقوى وجدوا الذرائع لعرقلة تطورها" , وأكد أن: "الكل يريد أن يعضنا في مكان ما أو أن يقضم منا شيء , لكن يجب أن يعلموا أننا سنقطع أسنانهم حتى لا يتمكنوا من العض" , "تطوير جيشنا هو ضمانتنا".

إن حجم التوتر والتصعيد والحروب التي تقودها وتدعمها الولايات المتحدة حول العالم , ونتائجها المباشرة وغير المباشرة , ناهيك عن سياسة العقوبات والحصار والتجويع , وحروب تغيير الأنظمة بالقوة العسكرية والإعتماد على قوى التطرف والإرهاب , أمور بمجملها جعلت السلام يبتعد أكثر فأكثر , ويحل محله الألم و البؤس والفقر ...

وبات العالم يحتاج إلى جرأةٍ استثنائية لتغيير الواقع , والعودة إلى الإتفاقات والمعاهدات الدولية , لوقف انجراف الكوكب نحو الإنفجار ... إذ يمكن للدول الكبرى أن تلجأ لما هي قادرة عليه , وسبق لها أن فعلتها عام 1945 في يالطا , وضمنت منسوباً محدوداً للسلام ولعقود , ووضعت أسساً جديدة للعلاقات الدولية , على أساس الإحترام الدولي لإتفاقية يالطا.

لم يعد بإستطاعة قاطني الأرض , العيش بأمان وزراعة الورود , على خلفية ما يحدث على المسرح العالمي ، من حروب وأزمات , وانتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان , وباتت الحاجة ماسة لإيجاد الحلول السياسية والإقتصادية في عدد كبير من مناطق العالم .

يبدو الوقت مناسباً لعقد هكذا مؤتمر , بالتوازي مع إنكسارات وهزائم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها , وعدم إمتلاكها استراتيجية واضحة تجاه الصين وروسيا وأوروبا ودول الشرق الأوسط , وأصبح من الممكن للدول الكبرى بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة , أن تتداعى إلى الحوار المباشر وإيجاد الحلول , مستفيدةً من لقاء قمةٍ يتمنى العالم إنعقاده ما بين الرئيسين بايدن وبوتين قريباً .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

22/5/2021

Saturday, May 15, 2021

المؤامرة الجديدة على سلاح المقاومة الفلسطينية والعربية - م. ميشيل كلاغاصي


 

لم يبدأ العنف والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني فجأة في حي الشيخ جراح الإسبوع الماضي , بل بدأ منذ عقود وسنوات بفضل مخططات المشروع الصهيوني , والأطماع الإستعمارية العدوانية الإستيطانية التوسعية الغربية , تحت عنوان إغتصاب أرض فلسطين وطرد أهلها وإقامة "الدولة اليهودية" المزعومة , كخطوة أولى , على طريق تأسيس "إسرائيل الكبرى" وما يطلقون عليها زيفاً "أرض الميعاد".

وعليه , يبدو ترتيب الأحداث منذ وعد بلفور إلى العام 1948 , وكل ما تلاها من محطات عدوانية وصولاً إلى أيامنا هذه , يسير وفق الخطة الصهيونية للشرق الأوسط , بما يؤكد الإرتباط الوثيق بغزو العراق عام 2003 ، وحرب عام 2006 على لبنان ، وحرب 2011 على ليبيا ، والحروب المستمرة على سوريا والعراق واليمن ناهيك عما يجري سرأ  وعلناً في السعودية وكافة العروش والإمارات الخليجية. 

وبحسب مشروع "إسرائيل الكبرى" , لا بد من إضعاف الدول العربية المجاورة وتقسيمها في نهاية المطاف كجزء من مشروع توسعي أمريكي - إسرائيلي ، بدعم من الناتو وبعض العروش العربية – للأسف - , وسط مسلسل الخيانة والتاّمر والهرولة نحو التطبيع والإستسلام والقضاء على الجيوش والمقاومة العربية , لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط , بما يتماهى ومشروع "إسرائيل الكبرى" , ويتوافق مع التصميم الإمبراطوري للولايات المتحدة الأمريكية.

إن مخطط العنف والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي الفلسطينية , تجاوز كافة القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن , على مرأى كافة دول العالم وصمت الغالبية منها , دفع سلطات الإحتلال الإسرائيلي للمزيد من التمادي في إغتصاب الأراضي الفلسطينية , ولإرتكاب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين , اللذين فقدوا كل أمان ولم تعد جدران بيوتهم تحميهم , من وحشية السلطات والمستوطنين على حدٍ سواء , وبات الدفاع عن النفس والأرض والعرض والمقدسات جريمة يرتكبها الفلسطينيون بنظر الولايات المتحدة وفرنسا ومئات الدول التابعة , ورأت إدارة بايدن أنه :"من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" !..

فقد سعت سلطات "الدولة اليهودية" المزعومة واللاشرعية والمعلنة من جانب واحد , إلى إجلاء وطرد الفلسطينيين من بيوتهم والإستيلاء عليها بالقوة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية ، الذي احتلته "إسرائيل" بشكل غير قانوني منذ عام 1967 ، بهدف إنشاء مستوطنات استعمارية جديدة هناك , كما منعت الفلسطينيين من التجمع بالقرب من باب العامود وقيدت عدد المصلين في المسجد الأقصى , دون مراعاة أيام العبادة والصلاة في شهر رمضان المبارك , من خلال الكنه العنصري وأكاذيب الديمقراطية الإسرائيلية حيال إحترام حرية الإعتقاد الديني وحقوق الإنسان ، عبر استخدام القوة والهمجية والوحشية وسفك دماء الفلسطينيين.

ومع كل القوة المفرطة والعنف والإرهاب , لم يجد الفلسطينيون بداً من الإحتجاج في حي الشيخ جراح , حتى داخل المسجد الأقصى , وجاء الرد الإسرائيلي الأولي , عبر مهاجمة المدنيين وكبار السن والأطفال بالرصاص المطاطي و القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع , وبحملات الإعتقال والتعذيب.

لم تستجيب سلطات الإحتلال لإنذار حركة حماس وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية , لسحب قواتها العسكرية والأمنية ومستعربيها واستخباراتها , من باحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين , فكان لا بد من نصرة الأهالي والمدنيين العزل , فأطلقت المقاومة صواريخها من غزة لردع العدوان الغاشم , لكن وحشية القيادة الإسرائيلية ومخططاتها الجديدة , دفعتها لإستخدام القوة العسكرية المفرطة والقصف المركز على المباني الخدمية والطبية ( برج الجلاء , بنك الانتاج المركزي , مشفى الشفاء ) في غزة , وإلى شن عشرات الهجمات الجوية عبر أكثر من ثمانون طائرة حربية , فأوقعت الدمار الهائل وأزهقت أكثر من 140 شهيداً , وعدد كبير من الجرحى والمصابين. 

وعلى الرغم من جميع الجرائم الوحشية التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني , إلاّ أنها ماضية وبكل وقاحة بتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها , وبإتهام المجتمع الدولي بالإنحياز ضدها .. وللأسف لا زال العالم صامتاً ولم يتحرك في الإتجاه الصحيح , ويسمح لعصابات الكيان الإسرائيلي بإنتهاك القانون الدولي والإفلات من العقاب.

المؤامرة على سلاح المقاومة ... 

ويبقى السؤال والإتهام للمجرم نتنياهو , لماذا حي الشيخ جراح اليوم ؟ ... من المؤكد أنه سعى لإجبار الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم بالوسائط العسكرية , وإطلاق صواريخهم الرادعة والدفاعية , من أجل أن يحصل على ذريعةٍ جديدة لحملة "إسرائيلية" ضد حماس وباقي الفصائل الفلسطينية والسلاح الفلسطيني المقاوم , ولتعزيز صورته ومصداقيته المفقودة , ولإستمالة متطرفي اليمين الإسرائيلي , وإشباع شهواتهم وتعطشهم لسفك الدم الفلسطيني , ليعود "البطل اليهودي" في نظر ناخبيه.

وما يعزز هذه القناعة , إصرار الإعلام الإسرائيلي على عرض ونشر صور وفيديوهات الصواريخ الفلسطينية , وللإعلان عن أعدادها والتي تجاوزت الـ 1300 صاروخ – بحسب الإعلام الإسرائيلي - , وتسليط الأضواء على "الضحايا" الإسرائيليين والأضرار المادية الكبيرة التي ألحقتها الصواريخ الفلسطينية , وكلام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بأن: "الجيش سيواصل هجومه من أجل ضمان هدوء تام ودائم" , في إشارة واضحة إلى ضرورة وقف حماس والفصائل الأخرى "تهديداتها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل", وكلام وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن: "الإطلاق العشوائي للقذائف من قبل حماس وجماعات أخرى على المدنيين الإسرائيليين أمر غير مقبول" , وكلام وزير الخارجية الفرنسي الذي أدان "هجمات حماس" , وما أشيع عن مطالبة الجانب الإسرائيلي في مفاوضات التهدئة مع الأمريكيين والمصريين , بتجميع ووضع السلاح الفلسطيني في مخازن تحت حراسة ومراقبة مصرية – أمريكية, وبمنع إطلاق الصواريخ من غزة , مقابل وقف العملية العسكرية الإسرائيلية , وعودة الهدوء.

بات واضحاً أن حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية , تواجه مؤامرة دولية جديدة , تستهدف سلاح المقاومة بالتحديد , ومحاولة إقصاؤه وتحييده عن معارك الصراع المستمر , تحت عنوان "نزع السلاح" , وهو الأمر ذاته الذي يتعرض له حزب الله والمقاومة اللبنانية داخلياً وخارجياً, والحشد الشعبي وكافة فصائل المقاومة العراقية , وأنصار الله اليمنية ...إلخ ... لا يحتاج الأمر إلى عناء كبير لكشف المخططات الجديدة , التي تستهدف روح المقاومة وإنتزاعها من قلوب وسواعد المقاومة على مساحة الوطن العربي , وكافة الدول المناهضة للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة والعالم .

كان لا بد للمواجهات والمقاومة أن تستمر, و ألا يتم التوصل إلى تهدئة , وبات من الأهمية بمكان استمرار خروج الشارع العربي والدولي للتظاهر وإعلان الدعم الشعبي للمقاومة والشعب الفلسطيني , بالتوازي مع عديد المحاولات لإقتحام الحدود والأسلاك الشائكة عبر الحدود اللبنانية والأردنية , وبيانات المقاومة العراقية وجهوزيتها , وما أشيع عن صواريخ سورية أطلقت بإتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة ...

لا يمكن القبول بالتهدئة من خلال بنود المؤامرة الجديدة , ولا بد مضاعفة الإلتفاف ودعم المقاومة على كافة الساحات والجبهات , فالقبول يعني الإستسلام وضياع الحقوق الفلسطينية والعربية للأبد ... ولا بد من حماية السلاح والمقاومين , وتحصين المقاومة وضمان استمرارها لإسقاط المؤامرة الجديدة , وفرض الشروط الفلسطينية والعربية على العالم المتواطئ , وعلى قادة الكيان المتهالك الضعيف , خصوصاً في هذه اللحظات التي يبدو فيها التحرير أقرب والنصر أقرب من أي وقتٍ مضى , حتى لو أدى ذلك إندلاع الحرب الشاملة , التي لطالما انتظرها المقاومين والشرفاء لإنهاء صفحة الإجرام والإحتلال الصهيوني , وطرده من الأراضي المحتلة ومن العقول والعروش العربية المتعفنة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

15/5/2021

Thursday, May 13, 2021

"إسرائيل" إعتدت على القدس .. والمقاومة تصدت ومرغت أنف المعتدين بالتراب - م. ميشيل كلاغاصي


 

لم يُفاجَئ العالم بالمقاومة الفلسطينية , ولا بقدراتها العسكرية النوعية والمتطورة الصاروخية وغيرها حتى الجديد منها , وهذا متوقع ومنطقي  بعد صمود وإنتصار سوريا , وثبات وجهوزية المقاومة اللبنانية , والحضور القوي للمقاومة العراقية , والدعم اللا محدود الذي تقدمه جمهورية إيران الإسلامية ... بل كانت المفاجئة بالمقاومة التي أظهرها أبناء الجيل الفلسطيني الجديد , وأثبت من خلالها أنه متمسك كأسلافه بإستعادة أراضيه المحتلة , وبأنه لا يعرف حدوداً تفصل غزة عن الضفة والقدس عن حيفا ويافا باقي المدن والبلدات والقرى الفلسطينية , وبأنه جيلٌ رافضٌ لإستمرار الإحتلال وما دعي بـ إتفاق أوسلو وإتفاقية كامب ديفيد برمتها.

كذلك أتت إنتفاضة أهلنا من عرب الـ 48 لتشكل صفعة كبيرة لمن إعتقدوا  بأنهم وبعد سنوات من التعايش المختلط  في بعض المدن , خرجوا من معادلة الصراع والمقاومة بحكم الواقع والتطويق والترهيب الإسرائيلي لهم .. وتبدو مدينة اللد مثالاً واضحاً للتأكيد على قوة وصلابة الإنتماء وعمق الهوية الفلسطينية المتجذرة داخل قلوب الفلسطينيين كحال الأرض والمقدسات.

فقد كرست غزة ، عبر فصائلها المقاومة المختلفة ، حالة الوعي الفلسطيني الجامع لكل فلسطين , وحققت أهدفها في كسر الغطرسة العسكرية لقادة الكيان الإسرائيلي ومستوطنيه ، وفرضت توقيتها وإيقاعها ومعادلاتها الجديدة للإشتباك , وحددت مواعيد إطلاق الصواريخ , ونفذت وعيدها بالزمان والمكان.

لقد بدأ التصعيد الإسرائيلي حملته العدوانية ضد حي الشيخ جراح والعوائل الفلسطينية التي تسكنه , وحاولت إخلائهم ومصادرة منازلهم بالقوة , بالتوازي مع الوحشية التي واجهت بها قوات الإحتلال الإسرائيلي للمتظاهرين في باحات المسجد الأقصى... مما لا شك فيه أن التصعيد كان مدروساً من قبل حكومة نتنياهو , تحت عناوين أهداف سياسية داخلية , وأهداف عنصرية تسعى لتغيير معادلات "التعايش" , من الواضح أنهم سعوا لإطلاق يد المستوطنين وإعلاء كلمتهم وفرض رغباتهم وشهواتهم الإستيطانية والعدوانية على فلسطيني الحي , من بوابة التهويل والتخويف وحتى العنف والبطش , وبات واضحاً للعالم كله أن الإسرائيليون لا يؤمنون بحل الدولتين والشعبين , ولا بوجود العرب حتى تحت سلطتهم , وأنهم ماضون في سياسة التهجير كما بدأت منذ ما قبل عام 1948.

إن صمود أهالي الشيخ جراح , وإنضمام كافة فلسطيني الداخل ومدنهم وصولاً إلى غزة , دفع قضية ومصير حي الشيخ جراح ليتصدر العناوين الدولية , وليثير الوعي العالمي والتضامن مع الشعب الفلسطيني , الذي يتعرض لأبشع حرب إبادة وتهجير وإضطهاد , في أوقاتٍ كادت تغيب فيها القضية الفلسطينية عن الساحة الدولية , بالتوازي مع هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع وتبادل السفارات , واللقاءات ومشاهد المصافحات , وبعض العبارات المزيفة ... للأسف ساعد المطبعون على إخفاء حقيقة قادة الكيان ومستوطنيه وطبيعتهم العنصرية المتوحشة , وتعطشهم لسفك الدماء الفلسطينية والعربية على حدٍ سواء.  

من المؤكد أن حكومة العدو لم تتوقع حجم الرد الفلسطيني الشعبي والعسكري المقاوم , والقدرات النوعية والصواريخ الثقيلة والصواريخ التي يتخطى مداها الـ 250 كم ( صواريخ عياش ), ومع فشل الوساطة المصرية – حتى الاّن – في التوصل إلى وقف لإطلاق النار , واستمرار سلاح الجو العدو الإسرائيلي في قصفه الهمجي على غزة  وغير مكان , تبدو المعركة مستمرة , فقوات الإحتلال الإسرائيلي تحاول استعادة هيبتها وقوتها الرادعة التي فقدتها بفضل الصواريخ الفلسطينية التي أطلقتها ولاتزال تطلقها بنجاح من غزة.

وفي خطابٍ هزيل ومتأخر وعلى وقع صواريخ المقاومة في غزة , تحدث الرئيس الفلسطيني بشيء من القوة , والتي كان عليه أن يستند إليها للمضي قدماً في الإنتخابات الفلسطينية , وألا يلجأ إلى تأجيلها , حتى لو أدت إلى خروجه من السلطة وخسارته كرسي الرئاسة , فالمكاسب الفلسطينية في إجراء الإنتخابات كانت ستحرج نتنياهو ومستوطنيه , وستكرس الوجود الفلسطيني الشرعي في القدس أمام أنظار العالم , وتُعرقل التهجير الممنهج الذي يتبعه العدو الإسرائيلي لإفراغ القدس من العرب , فلم يعد الفلسطينيون بحاجة لرجلٍ يمتدحه العدو الإسرائيلي , ويرفض المقاومة المسلحة ويتمسك بالتعاون الأمني مع الإسرائيليين.  

إن تعطيل الإنتخابات الفلسطينية كانت هدفاً إسرائيلياً , ويتقاطع مع فشل نتنياهو وخسارته السلطة والحصانة , الأمر الذي سيضعه مباشرةً أمام المحاكم الإسرائيلية ومواجهة أحكام السجن بحقه وبعدد من أفراد أسرته واّخرون  .. لذلك كان التصعيد في حي الشيخ جراح مطلباً سياسياً داخلياً إسرائيلياً , وفي الوقت ذاته يلبي شهوات وأحقاد المستوطنين بالإعتداء على أهالي حي الشيخ جراح .  

إن تلاحم فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وتوحدها تحت راية الدفاع عن القدس , وإتخاذها قرار المواجهة ورد وردع العدوان جاء بالسرعة المناسبة , ولم يمنح العدو الإسرائيلي وقتاً طويلاً لمغادرة ساحات المسجد الأقصى , ووقف العدوان على أهالي حي الشيخ جراح ... لكن قيادة العدو في تل أبيب أصرت على موقفها وجرّت الجميع إلى المعركة التي يتمناها نتنياهو لتحقيق أهدافه في تأجيل الانتخابات الإسرائيلية , وإنقاذ مستقبله السياسي.

استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة إثبات مصداقيتها , بتنفيذ وعودها وتواقيتها وبقصف القدس وتل أبيب وعسقلان وأشدود بمئات الصواريخ ... بالتوازي مع فشل المسؤولين الإسرائيليين ومؤسساتهم العسكرية والأمنية , في توقع قوة الرد الصاروخي الفلسطيني.

لقد أظهر القصف الصاروخي الفلسطيني فشل القبة الحديدية في اعتراض جميع الصواريخ محلية ويدوية الصنع , أمام  أنظمة الإعتراض الإسرائيلية المتطورة , خصوصاً عندما واجهت أكثر من مئة صاروخ أطلقت في وقت واحد... وعلى الرغم من القصف الوحشي والهمجي الذي نفذه جيش الإحتلال الإسرائيلي على عشرات الأهداف والمواقع ونقاط الإطلاق الفلسطينية , كذلك قيامه بقصف عدة أبراج مدنية في مناطق تجارية وسكنية في غزة , بهدف تأليب السكان ضد الفصائل الفلسطينية التي تتصدى للعدوان.  

ومع كل ساعة يرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين , كذلك يرتفع عدد صواريخ التأديب والردع الفلسطيني , فقد تمكنت الفصائل الفلسطينية من إطلاق أكثر من 1500 صاروخ , استطاعت النيل من هيبة "عرش" الغطرسة الإسرائيلي , وسط مشاهد الهلع والرعب وإخلاء الكنيست الإسرائيلي , وفرارهم نحو الملاجئ.

لم تفقد إسرائيل قدرتها على الردع فحسب ، بل فقدت هيبتها أيضاً , وتكبدت الخسائر المالية وبعشرات ملايين الدولارات , نتيجة قصف ميناء أشدود , وتوقف حركة الملاحة الجوية نحو تل أبيب وأبعد من تل أبيب بعد دخول صواريخ عياش المعركة , ناهيك عن الأضرار المباشرة التي تكبدتها نتيجة الإصابات الصاروخية المباشرة , وشلل الحياة الإقتصادية برمتها داخل الكيان , وهروب نحو 70% من الإسرائيليين نحو الملاجئ .

شيءٌ ما تغير في الميدان , ولم تعد معادلات الردع على سابق عهدها , وأصبحت "إسرائيل" تتألم بشدة , وتتكبد الخسائر الباهظة , ولم تعد قادرة على إخفاء ضعفها ... مما يعزز الاّمال بإقتراب النصر , وبإقناع المتورطين بالتاّمر على فلسطين عبر التاريخ , بالوقوف ولو على الحياد مبدئياً , فالمواجهة المتكافئة لن تبقي شبراً من الأرض الفلسطينية والعربية تحت نير الإحتلال ... ويكشف في الوقت ذاته قباحة وجوه المطبعين الكالحة , ويسمح بإستبدال مصطلح "التطبيع" بمصطلح "الخيانة" أمام أعين كافة قاطني الكوكب , ومدعي ومروجي "السلام" المزور.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

13/5/2021

Monday, May 10, 2021

التطبيع على أبواب الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة - م. ميشيل كلاغاصي


 

من المؤسف أن نعود إلى بعض الصفحات المظلمة في تاريخ الأمة العربية , لكن وعلى يبدو أن هناك من يصر على استمرار مسلسل الهزائم الذاتية وتقديمها كهدايا مجانية للعدو الإسرائيلي ...

فقد كانت مصر أولى الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع سلطات الكيان الإسرائيلي الغاصب , ووقعت معها معاهدة سلام عام 1979 وانخرطت معها في تعاون تجاري كبير ، تبعتها المملكة الأردنية بتوقيعها إتفاقية مماثلة عام 1994 , وخلال العقدين الماضيين كثرت الأحاديث والمؤشرات عن علاقاتٍ سرية جمعت عديد الأنظمة العربية والكيان الإسرائيلي , لكن العام 2020 جاء ليدحض الشكوك والإتهامات بالحقائق , وما كان مستوراً ظهر إلى العلن , إذ أقامت أربع دول عربية - الإمارات والبحرين والمغرب والسودان - علاقات اقتصادية ودبلوماسية كاملة مع ذات الكيان , والذي بدوره لم يتوقف عن إطلاق تأكيداته بوجود عرب اّخرون ممن يطرقون الباب.

ففي 15 أيلول 2020 ، وقع وزيرا الخارجية الإماراتي والبحريني معاهدتي سلام بين بلديهما و"إسرائيل" , ومع حلول العام 2021 تم افتتاح السفارة الإسرائيلية في أبو ظبي ، تبعتها البحرين في نهاية شهر اّذار بتعيين سفيرها في "إسرائيل" , ولا يبدو موعد افتتاح سفارتي "إسرائيل" في المغرب والسودان بعيداً .

ومن اللافت أن يصدر عن الخارجية الأمريكية - اليوم 10 أيار- وعلى أعتاب إنطلاق الإنتفاضة الثالثة : بأننا "سنواصل دعم اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب" , ولم تخف قباحتها بإعلان دعمها للإحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني والعربي ودول التطبيع : "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها" , أين ماء وجهكم أيها المبطعون ؟.

وعلى الرغم أجواء التصعيد العسكري الإسرائيلي على خلفية إقتحام ساحة المسجد الأقصى , ومحاولات التهجير القسري التعسفي لأهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة , ورغم صواريخ المقاومة الفلسطينية , واستهداف المستوطنات وعدد من القواعد العسكرية الإسرائيلية والمركبات والاّليات العسكرية , ورغم هذا المشهد الخطير والساخن , وضبابية التوقعات حول ما يمكن أن يحصل خلال الساعات والأيام القادمة , ووسط وعيد المجرم نتنياهو بتوسيع الرد الشديد والقويحد توقع ما ستحمله الساعات والأيسام , ووسط إحتمالية كبيرة لإنطلاق الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة .. وجدت وزارة الخارجية الأمريكية الفرصة مناسبة للحديث عن دعم المزيد من التطبيع ! , هل تبدو الخارجية الأمريكية تستعجل الحديث عن التطبيع في محاولة لإستباق الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة المحتملة ؟.

وعلى الرغم من إتفاقيات الإستسلام والتطبيع ومشاهد افتتاح السفارات والزيارات , إلاّ أن الشعوب العربية لا زالت ترنو نحو تحرير فلسطين العربية , ودعم المقاومة الفلسطينية والحقوق العربية , هذه الشعوب التي لم تفوت مناسبة للتظاهر ضد التطبيع وضد إتفاقيات العار والخذلان , وهذا ما يمنح الأمل والثقة بالنصر ولو بعد حين.

ومع كل الوهن والصعف وحالة الإنقسام والشرذمة التي نجح الأعداء في زراعتها في صفوف الأمة , إلاّ أن المتغيرات الإعلامية وسقوط الرواية الإسرائيلية وإنكشاف حقيقة الكيان العنصري الإرهابي الإستيطاني التوسعي الغاصب , أمام غالبية دول وشعوب العالم , ناهيك عن تنامي قدرات محور المقاومة , والتي أصبحت رقماً صعباً في وجه المد الصهيو – أمريكي في المنطقة ...

ولا بد لزعماء الشر والإرهاب في البيت الأبيض وتل أبيب , مراقبة الدور والقدرات العسكرية الإيرانية القوية , ومتانة الوضع الدولي لطهران وعلاقاتها الإستراتيجية مع كل من موسكو وبكين وغير دول ... ولا يمكن تجاهل قوة وثبات الدعم الإيراني اللا محدود للفلسطينيين والحقوق والمقدسات , ولكافة فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى كامل مساحة فلسطين المحتلة , كذلك دعمها الكبير للمقاومة اللبنانية , ووقوفها مع سوريا جنباً إلى جنب في مواجهة الحرب الصهيو - أمريكية , بالإضافة إلى الإنتصار الذي حققه الجيش العربي السوري , واستعادة الدولة السورية الشيء الكثير من قدراتها العسكرية , التي كانت ولا زالت تدب الرعب في قلوب العدو الإسرائيلي ومستوطنيه ..

أما في الحديث عن العراق وأحزاب وفصائل المقاومة العراقية , فللأمر نكهة خاصة , فالقوات الأمريكية اختبرت جبنها وضعفها أمام رباطة جأش وبسالة المقاومين وقوة إصرارهم على طرد الإحتلال , وضرب اليد الأمريكية وأذرعها الإسرائيلية.

بالتأكيد لدى الإدارة الأمريكية وربيبتها "إسرائيل" أجندات وملفات صعبة , كافية وكفيلة لإصابتهم بالقلق والذعر , وباتت مشاريعهم و"هيبتهم" ووجودهم على الأراضي العربية المحتلة على المحك .

من المؤسف أن يهزأ المطبعون بأنفسهم , وهم يروجون للتطبيع على أنه سيحمل السلام  والاستقرار والازدهار للمنطقة ولدول التطبيع , في وقتٍ تبدو دولهم تزلق بسرعة في أتون المخططات الصهيو- أمريكية , وأن سلامهم المزعوم لم يجلب لهم سوى المزيد من العار ومناسبات إجبارية فُرضت عليهم كفعاليات إحياء ذكرى ضحايا "الهولوكوست".

شيئاً فشيئاً يتأكد الشارع العربي بما يسبق حكوماته , بأن السلام مع العدو الإسرائيلي هو وهم كبير , وأنه لا توجد هناك حلول عادلة ومنصفة , وأنها معركة خاسر ورابح , ومعركة وجود , ولا يملك العرب سوى خياراً وحيداً هو الإنتصار .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

11/5/2021

Friday, May 7, 2021

في يوم القدس العالمي ... "القدس – أقرب" - م. ميشيل كلاغاصي

 


في الذكرى الثانية والأربعين ليوم القدس العالمي , تظهر جليةً مواقف أحزاب وفصائل المقاومة والشعوب العربية , وبأنها تسبق مواقف غالبية حكامها وحكوماتها ... وشتان ما بين عرب المقاومة و"عرب" التطبيع .. فالمشهد في عواصم دول محور المقاومة , من طهران إلى بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت , مختلفٌ تماماً عما هو عليه في عواصم التطبيع.

إزدحام  وحشود ومسيرات ضخمة , في طهران والقدس ودمشق وعدد من العواصم والمدن العربية , فعاليات , ندوات , خطابات , بيانات , غضبٌ وهتافات وشعارات وتأكيد المواقف الثابتة , دائماً وفلسطينُ هي البوصلة , والقضية المركزية للأمة العربية ولأشراف وأحرار العالم ..

وكيف للعروبة أن تلتقي بالعروبة "المزيفة"  أو اللاعروبة ..؟ وسط غياب تام لجامعة الدول العربية , وزعماء التطبيع , وكيف يلتقي الجلاد والضحية , وهل يلتقي الحق والباطل ..؟

فبالرغم من الجراح في سوريا والعراق واليمن ولبنان .. وغير مكان , هبّ الشباب العربي والمقاوم ليحيي المناسبة بزخمٍ نراه يزداد يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام , ليؤكد حضوره واستعداده الدائم لنصرة القضية الفلسطينية... اّلاف الحناجر والصور وأعلام فلسطين والمقاومة رفعت في سماء سوريا وطهران وبغداد وصنعاء وبيروت وعمّان وغير مدنٍ عربية .. على وقع الهتافات والشعارات: " القدس أقرب , القدس عاصمة فلسطين الأبدية , القدس لنا , الموت لإسرائيل ..." .

ويأتي إحياء الذكرى والمناسبة اليوم , في ظل تصاعد عنصرية وعدوانية ووحشية سلطات الإحتلال الإسرائيلي الغاشم ومستوطنيه من مجرمي العصابات الصهيونية ومتطرفيها , وعلى وقع العنف والعدوان على المقدسيين والغزاويين وأهلنا في الضفة وعرب الـ 48 , ووسط مشاهد يندى لها جبين الإنسانية الصامتة على جرائم العدو الإسرائيلي , في حي الشيخ جراح , وفي محاولات تهويد القدس وابتلاعها .

لن يكون مسموحاً للكيان الإسرائيلي بالإرتياح وإطالة أمد بقائه على أرض فلسطين الطاهرة , والجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية , وليس ما يردده الفلسطينيون والمقاومون والشرفاء في يوم القدس العالمي وشعار "القدس – أقرب " , سوى ترجمةً لما يؤمنون بتحقيقه في قادم وقريب الأيام , وأن تحرير الأراضي المحتلة وطرد الصهاينة أمرُ حتمي .

ومع سقوط الرهان والمشروع الصهيو – أمريكي والحرب الكونية على سوريا , ومع صمود المقاومة والشعب اليمني , وإنتصار العراق وأحزاب وفصائل المقاومة العراقية على الإرهاب , وجهوزية المقاومة اللبنانية , وتنامي قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية , ناهيك عن الدعم الكبير واللا محدود الذي تقدمه جمهورية إيران الإسلامية بحضورها السياسي والعسكري في قلب محور المقاومة.

ومع تغيرالمناخات والنظرة الدولية لحقيقة الإحتلال الإسرائيلي , وإتجاه بعض الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية , نحو محاسبة القادة الإسرائيليون في المحكمة الدولية .. بالإضافة إلى مشهد التفكك الداخلي الذي يعيشه الإسرائيليون , وفقدانهم الثقة بقيادتهم العسكرية والمؤسسة الأمنية , وإنكشاف وهم القبة الفولاذية ... أمور بمجملها تجتمع لتؤكد أن شعار "القدس – أقرب " ليس شعاراً عاطفياً , بل يبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى , ويقترب أكثر فأكثر من لحظة تحقيقه على الأرض.

كما أكد هذه الحقيقة , بيان الحرس الثوري الإيراني اليوم , بأن :"الشعب الفلسطيني وانتفاضة القدس ، يتغلبان على سلسلة من الفتن ومؤامرات التسوية (من معاهدة كامب ديفيد إلى صفقة القرن وما يحدث تحت غطاء اتفاق إبراهيم ), التي تسعى إلى محو وجود وهوية فلسطين من الأراضي المحتلة، هو أقوى من أي فترة تاريخية أخرى"  ويضع الكيان الصهيوني المجرم "على هاوية الزوال".

في حين أكد المرشد الإيراني في كلمةٍ له اليوم , وباللغة العربية , بأن :"موزازين القوى تغيرت بقوة لصالح الفلسطينيين" , وأن: "إسرائيل" ليست دولةً بل معسكراً للإرهاب ضد الفلسطينيين" .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

7/5/2021


Thursday, May 6, 2021

أوقفوا حرب الحصار والعقوبات الإقتصادية على سوريا - م. ميشيل كلاغاصي

 


على الرغم من الإدعاءات الأمريكية بإيمانها بالديمقراطية وبحقوق الإنسان , ومباهاتها بالقيم والمبادئ الأمريكية , إلا أن شهرتها ومكاسبها لم تتحقق إلاّ بفضل اّلاتها العسكرية والحروب التي تخوضها يومياً حول العالم , بفضل عديد قواعدها العسكرية وإنتشار قواتها على كامل مساحة الأرض مع بعض الإستثناءات هنا وهناك ...  وبات من المنصف أن يُطلق عليها "امبراطورية الحروب" ...

لكنها ومن باب الإنصاف أيضاً , تلجأ أيضاً إلى أشكال لا نهائية من أنواع الحروب التي تبتكرها أدمغة أشرارها في الغرف السوداء لصنع القرار .... وليست العقوبات الإقتصادية التي كثر إعتمادها عليها خلال العقدين الماضيين , سوى إحدى أشكال الحروب , والتي لا تقل شأناً وضراوةً عن الحروب العسكرية , خصوصاً مع استخدامها المفرط  بحق الدول والشعوب ,  وغالباً ما تلجأ إلى تلك العقوبات بشكل إستباقي أو بالتوازي مع حروبها العسكرية كما يحصل في سوريا.

وقد تصاعدت وتيرة حروبها الإقتصادية وعقوباتها بشكل كبير خلال سنوات حكم الرئيس باراك أوباما ، وسجلت رقماً غير مسبوق في عهد الرئيس دونالد ترامب , الذي شن حروباً إقتصادية وفرض مئات العقوبات المختلفة ضد عشرات الدول كسوريا تحديداً وكذلك إيران ، روسيا , الصين , فنزويلا ، كوريا الشمالية ...إلخ , وضد عشرات الشركات والمؤسسات والشخصيات الإعتبارية والأفراد ... وحتى الآن يتابع الرئيس جو بايدن إستثمار حصاد هذه الحروب , ويدعي نسف ما جاءت به إدارة ترامب وتصحيح المسار .

بات من الواضح , أن اختيار الولايات المتحدة شن الحروب الإقتصادية وفرض العقوبات , يشكل جوهر إستراتيجتها في إجبار الدول المستهدفة على الاستسلام , كما لو أنها رعايا متمردة يجب إخضاعها , دون إحترام سيادة تلك الدول واستقلالها وعضويتها في الأمم المتحدة.

فالحروب الإقتصادية والعقوبات الأمريكية تسببت في إفقار الدول وبهدر إمكاناتها , وبوفاة عشرات الآلاف من المدنيين , لا لذنبٍ ارتكبوه , إنما فقط  تحت عنوان أنهم يحملون هوية هذه الدولة أو تلك ...  ، إن انتشار البؤس وإرتفاع عدد القتلى والضحايا على مرأى من الولايات المتحدة يؤكد بأنها تتعمد تدمير الحكومات , وبأنها تستطيع وتنجح بعيداً عن الحروب العسكرية بخنق وقتل شعوب الدول المتعنتة التي يرفض قادتها الإنصياع لإرادة واشنطن.

إن استراتيجية حصار وخنق الشعوب اقتصادياً , لا يعدو أكثر من محاولة لتقليب الشعوب على حكامها وتغيير أنظمتها السياسية من الداخل ، ويشكل هجوماً أمريكياً على تلك الشعوب قبل أن يستهدف الحكومات والأنظمة , وهذا بحد ذاته يعد عملاً عدائياً وحشياً ينسف كل إدعاء أمريكي للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , ويدحض فلسفة المدافعين عن سياسة العقوبات على أنها "منخفضة التكلفة" و "بديل للحروب العسكرية" .

إن لجوء الإدارات الأمريكية المتعاقبة للحروب الإقتصادية ضد الدول أثبت فشله وعجزه عن تحقيق أياً من الأهداف السياسية التي سعت إليها تلك الإدارات في سوريا وغيرها , بالتوازي مع إنكشاف حقيقة النفاق الأمريكي ومدى مطاطية معايير تطبيق العقوبات ورفعها . 

كذلك , أدت تلك العقوبات إلى نتائج عكسية وسلبية بالنسبة للولايات المتحدة , فقد اتجهت تلك الدول والشعوب نحو التكيف مع الحصار, والإعتماد على الذات والبحث عن الحلول وإبتكار أساليب جديدة لإستمرار نشاطها الإقتصادي والتجاري بعيداً عن العقوبات الأمريكية. 

من المؤكد أن سياسة الحصار والعقوبات ضد الدول والشعوب هي حرب لا إنسانية وغير عادلة ، ولم يستطع الأمريكيون إثبات أنها بديلاً لتحقيق الإنتصار العسكري , في حين أنهم أثبتوا وحشيتهم وعدائيتهم لغير دول وشعوب , وبأنهم متخصصون بصناعة الفقر والتجويع والموت , وبأن الحصار والعقوبات الأمريكية ليست سوى نوعاً من القنابل والصواريخ التي تطال كل من يقف في وجههم , دفاعاً عن الأرض والسيادة والإستقلال.

اّن الأوان كي تتكاتف الدول والشعوب ضد سياسة الحصار والعقوبات الأمريكية , خصوصاً في سوريا والتي تتعرض منذ أكثر من عشر سنوات لحربٍ أمريكية متعددة الأشكال والأساليب , تبدأ بالحرب العسكرية ولا تنتهي بالحرب الإرهابية وبحروب الحصار والعقوبات وبأقسى مستويات الحرب الإقتصادية , ولم يعد كافياً رؤية بعض المتظاهرين هنا أو هناك حول العالم للمطالبة بوقف هذه الحروب اللا أخلاقية على الدولة والشعب السوري , وبات من المطلوب ضفر الجهود وخروج الملايين حول العالم للتظاهر ومواجهة  الإستراتيجية الأمريكية وسياستها الخارجية العدائية تحت شعار " أوقفوا حرب الحصار والعقوبات الإقتصادية على سوريا ".

المهندس : ميشيل كلاغاصي

5/5/2021