Friday, June 24, 2022

الإحتلال التركي الى مزبلة التاريخ - م. ميشيل كلاغاصي


يستغل إردوغان الحرب في أوكرانيا للدفع بأهدافه الخاصة في سوريا , وسط إدراكه بأن تركيا لن تكون الضحية الوحيدة لإزدواجية المعايير الأمريكية , التي تدعم الإنفصاليين الأكراد في سوريا , وتتخلى عنهم عندما يتعرضون لقصف المدافع التركية , والتهديد بعملية عسكرية كبيرة , يستعد إردوغان وقواته ومرتزقته لشنها داخل الأراضي السورية , في وقت تتحدث فيه الأسوشيتد برس على أن الإنفصاليين الأكراد "سيتجهون إلى دمشق إذا هاجمتهم تركيا" , وسط إدراك "قسد" بتخلي واشنطن عنها عاجلاً أم اّجلاً , ولن تجد من يحميها سوى سوريا وحليفها الروسي ... أي حماقةٍ يرتكبها الأتراك والأكراد تحت عباءة السيد الأمريكي , ويضعون أنفسهم رهن تخليه عنهم. 

نتيجة إحتدام الصراع الدولي , تمرّ العلاقات التركية - الإقليمية - الدولية , بمرحلة صعبة ودقيقة , خصوصاً جراء الحرب الأمريكية الأطلسية الغربية التركية بالوكالة على الدولة الروسية , وسط صعوبة التنبؤ بما قد تسفر عنه النتائج النهائية للصراع , في وقت تخشى فيه موسكو وأنقرة كغالبية دول العالم , من فواتير الحسابات الخاطئة , الأمر الذي يكسب تحركات وتصرفات الجميع بالحدة والحذر الممزوج بالرغبة بتفادي الهزيمة , في مناخٍ دولي ساخن , تجره الولايات المتحدة الأمريكية نحو الصدام العسكري , على مساحة العالم وعبر كافة قاراته , لأجل الحفاظ على هيمنتها وقيادتها الأحادية للعالم , لكنها تخطئ قراءة البيانات , فالعالم تغير , وتعددت أقطابه , ويبقى لواشنطن أن تعترف وتقبل بهزيمتها.

ومن خلال تشعب وتعقد ملفات الحرب على سورية , ما بين واشنطن وموسكو وأنقرة , وسط الصراع الدولي الملتهب , بات السعي لتسجيل النقاط وتجميعها لا يخضع لحدود ساحات الإشتباك فقط , وعليه  تستمر العلاقات الروسية – التركية بصخبها وتأرجحها على حبال التوتر والإحتكاك الخشن والمنافسة , ويواصل الرئيس التركي التصرف بحدة وتحدي تجاه روسيا والمصالح الروسية في سورية وفي غير مكان ..

مما لا شك فيه أن الإنتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفائها, يجبر أنقرة على التخلي عن أولوية حلم الفوز بتقسيم سورية والفوز بسرقة وقضم مساحات واسعة من أراضيها , في الوقت الذي أظهرت فيه موسكو وطهران , ثباتاً في أولوية دعم الدولة السورية بمحاربة الإرهاب وبالحفاظ على وحدة أراضيها , وبإنهاء الحرب وبإعادة إعمارها , واستعادة استقرارها وأمنها ودورها في المنطقة.

لكن المواجهات الروسية – التركية الأهم تبدو اليوم في سوريا , مع إصرار دمشق على تحرير كامل أراضيها وطرد قوات الإحتلال التركي وتنظيماته الإرهابية من إدلب وكافة مناطق الشمال السوري , بالإضافة إلى إصرار موسكو على تنفيذ بنود الإتفاقات الموقعة مع الجانب التركي والتي لم يلتزم بها منذ العام 2018 … ولن يكون مسموحاً له روسياً وإيرانياً وبالتأكيد سورياً , أن ينفذ وعيده بالعملية العسكرية الجديدة التي تحدث عنها وحشد لها قواته العسكرية وإرهابييه تحت عنوان محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني , ومنع لإقامة كيان كردي في جنوب تركيا.

يبدو أن الرئيس التركي يحاول الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي , لكنه وعلى جميع الأحوال ماضٍ في تحدي دور بلاده "الضامن" إلى جانب إيران وروسيا , وبنسف إتفاقات أستانا وسوتشي , واستمراره بالتمسك بمناطق إحتلاله ورعاية إرهابييه على الأراضي السورية , وبإستمرار زعزعة الإستقرار فيها , عبر مشروع إعادة توطين مليون لاجئ سوري في مناطق سيطرة الإرهابيين شمال غرب سوريا , وبإقامة المنطقة الاّمنة المزعومة داخل عمق الأراضي السورية.

من المؤكد أن الرئيس التركي يراهن على الدعم الأمريكي والأطلسي والإعتماد على المرتزقة والإرهابيين , في الوقت الذي تملك فيه دمشق من الإصرار والعزيمة والقوة والمقدرة ما يكفي لإلحاق هزيمةٍ تاريخية بقوات الإحتلال التركي ومرتزقته على الأراضي السورية , وبأن محافظة إدلب ستعود عاجلاً أم اّجلاً إلى كنف الدولة , كذلك موسكو التي ضاقت ذرعاً بأكاذيب إردوغان ومرواغته في سوريا , وسط استعداد الجيش العربي السوري وبدعم ومشاركة القوات الجوية الروسية للدخول إلى إدلب.

لا يمكن لإردوغان تحمّل المواجهة العسكرية المباشرة مع دمشق وموسكو , ولا تعدو تعزيزاته العسكرية سوى مناورات للتهويل ولرفع فرص ابتزاز موسكو والحصول على فرص ومكاسب إضافية , إذ لا يمكن لإردوغان تجاهل الهزائم التركية التاريخية أمام القوات الروسية , في حين لا تزال دمشق ترفض الحوار مع دولة الإحتلال التركي رغم كل ما يسوقه الإعلام المضلل , وتصر على خروجه من الأراضي السورية , في الوقت الذي تبدو مراهناته على الحلف الأطلسي مثيرة للشفقة , وسط اللحظات الصعبة التي يعيشها التحالف وإحتمالية تحول شروخه الداخلية إلى صدمات حقيقية تطيح بحكمه.

لطالما راهن الرئيس التركي مجرم وبلطجي حلف شمال الأطلسي , على أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة , وبسرقة ثروات الدولة السورية وبقضم المزيد من أراضيها , لكن ظنه سيخيب تماماً , فالجيش العربي السوري قادر على سحق هذا السلجوقي وإنكشارييه إرهابييه , وإحالته نحو مزبلة التاريخ .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

18/6/2022

 

تركيا وصراع الناتو ومنظمة الأمن الجماعي - م. ميشيل كلاغاصي


لا يمكن النظر إلى حلف شمال الأطلسي على أنه الكتلة والقوة العسكرية الوحيدة في العالم , ويمكن الإعتماد على تقييم كتلة دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي ككتلة تكاد تكون موازية , بإعتبارها تضم دولاً تتمتع بقوة عسكرية هامة , كروسيا وبيلاروسيا وأرمينيا , إلى جانب كل من طاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان الذين يعتبرون أعضاء كاملي العضوية , وبعض الأعضاء بصفة مراقبين , واّخرين مرشحين محتملين كإيران.

ففي اجتماع لمجلس الجمعية البرلمانية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في العاصمة الأرمينية مؤخراً ، أشار رئيس البرلمان القيرغيزي , إلى أن نظام استجابة المنظمة للأزمات ومواجهة تصاعد التحديات والتهيدات الأمنية يشكل عنصراً أساسياً لنشاطها ، بما في ذلك محاربة الإرهاب الدولي والتطرف ، كذلك أشار إلى حاجة الدول الأعضاء إلى تعميق التفاعل لضمان الإستجابة في الوقت المناسب , وشدد على ضرورة تركيز جهود المنظمة ليس على مواجهة التحديات والتهديدات الأمنية فقط  بل و"القضاء على أسباب حدوثها" , واقترح إنشاء هيكل عسكري سياسي كامل على أساس منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

كذلك , أشار وزير الخارجية الروسي ، إلى أن دول الناتو تشعر بالقلق من تزايد أهمية منظمة معاهدة الأمن الجماعي , وأكد على ضرورة قيامها بدور الـ "ضامن للتوازن في المنطقة الأوروبية الأطلسية" ، وعدم تجزئة الأمن.

وفي السادس عشر من أيار ، عُقد اجتماع لرؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي في موسكو أشار خلاله الرئيس الروسي إلى أن "توسع الناتو مصطنع ، ويتخطى هدفه الجغرافي" ، في محاولة للتأثير على مناطق أخرى , وأشار إلى أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي "تلعب دوراً مهماً للغاية في تحقيق الإستقرار في الإتحاد السوفيتي السابق" ، الأمر الذي يشجع دول أخرى على "التفكير بالإنضمام إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي ، التي تتمتع بقدرات كافية للرد على التحديات المتمثلة بتوسيع حلف شمال الأطلسي".

ومع ذلك ، يواصل "القطيع الغربي الأوروبي" محاولاته مواجهة تأثير المنظمة , عبر إشغال أعضائها بأمنهم , كذلك بتحويل تركيا بوصفها رأس حربة الناتو إلى رافعة للنفوذ المعادي لروسيا , عن طريق التصعيد في ناغورني كاراباخ ، وقد حاولت أنقرة ، بناءاً على طلب بروكسل وواشنطن ، القيام بدور نشط في حل هذا الصراع ، عبر استغلال طريقة تدخل موسكو الفاترة في نتائجه ، وحاولت طرح مقايضة التحالف العسكري لدول المنطقة معها , مقابل قبول عضويتها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

وبهدف تعزيز أهميتها في المنطقة ، ضخت تركيا إستثماراتها وأرسلت الخطباء , وافتتحت مراكز للبرامج التعليمية على مساحة منطقة اّسيا الوسطى , وعممت مصطلحات ومفاهيم "الأوزبك الأتراك" و "الأتراك التتار" و "الأتراك القرغيزيين" في وسائل إعلامها , وبدأت تتحدث عن "العالم التركي" ، وأنشأت "المجلس التركي" ، بالتوازي مع تكثيف نشاطها في نشر أفكار القومية التركية , كمن يبحث عن خلق هوية قومية عرقية جديدة وبديلة لجمهوريات ما بعد الإتحاد السوفيتي ، واستبدال مجتمع المنطقة الأصلي بمجتمعٍ جديد مزيف تحت القيادة التركية.

كذلك اتجهت تركيا نحو بيع الأسلحة لدول آسيا الوسطى , لتكريس فكرة أنها قادرة على ضمان القدرة الدفاعية للدول التي تدور في فلكها الإيديولوجي والإجتماعي والإقتصادي والعسكري .. وبذلك تحاول فتح الطريق نحو مشروع إردوغان المعروف بإسم "طوران العظيم" لإستعادة أراضي الإمبراطورية العثمانية , من خلال التركيز على قرغيزستان وطاجيكستان , لإنشاء جيشٍ موحد للمشروع الطوراني , وبهدف انتشال وسحب هذه الدول من منظمة الأمن الجماعي وإضعاف الإتحاد الأوراسي عسكرياً وإقتصادياً.

وكما حدث في الماضي , ولأجل صناعة تهديد دائم ومستمر لروسيا , قامت بريطانيا بصناعة الإمبراطورية العثمانية , واليوم تقوم كل من لندن وواشنطن بإستخدام تركيا كعضو في الناتو ، لمواجهة روسيا ، وخاصة في منطقة آسيا الوسطى ، من خلال طرح إردوغان لفكرة "طوران العظيم" , الذي يفترض به أن يكون قادراً  على إحداث تغييرٍ جذري في توازن القوى الدولي.

لهذه الغايات يتحمل الغربيون قذارة التعامل مع الرئيس التركي وحكومته , ويتألمون لرؤية "ناتو اّسيوي" تحت القيادة التركية , فالعداء للدولة الروسية يجعلهم غير قادرين على تحديد مصالح شعوبهم , وغير قادرين على ضمان الوفاء التركي – الإردوغاني لمخططاتهم , وسط عدم الإرتياح الأتراك لوجودهم في الناتو , ووسط انعدام الثقة المتبادل بين الطرفين.

وفي خضم هذه الأجواء , بتنا نسمع بعض حلفاء أنقرة الأطلسيين , يتحدثون عن الحاجة إلى استبعادها من الحلف , ويتابعون إتصالاتها الإيجابية مع روسيا عن كثب ، الأمر الذي يساهم بدفع بتركيا للتخلي عن دورها التاريخي المناهض لروسيا , بتأكيد الرئيس التركي وتصريحاته مؤخراً حول عدم استعداد تركيا للمشاركة في سياسة العقوبات المناهضة لروسيا التي تفرضها واشنطن.

المهندس: ميشال كلاغاصي

17/6/2022

 

واشنطن ستساهم في زوال "إسرائيل" إن أقدمت على مواجهة روسيا في سورية - م. ميشيل كلاغاصي


بات من المعروف أن الساسة الأمريكيين ، سعوا لإشاعة الفوضى والحروب في عديد الدول حول العالم , وادعوا تحقيق "النجاحات والإنتصارات الدبلوماسية والعسكرية" ، لكنهم في الحقيقة يسعون عبر إشاعة الفوضى الحروب وسفك دماء الأبرياء وتدمير الأوطان لجني الأرباح المالية الباهظة , ولا زالوا يسعون لإطالة أمد الحروب التي نجحوا بشنها على عديد الدول والشعوب حول العالم , بدليل استمرارهم بدعم الحرب على سورية وفي أوكرانيا وبإرسال شحنات الأسلحة , ومبالغ مالية تضمن ولاء العملاء والأدوات الإرهابية التي يعتمدون عليها لإطالة أمد الحروب. 

وإزداد تركيزهم على هذا النهج , مع فشل سياساتهم الداخلية والخارجية , ومشاريعهم الخارجية العسكرية العدوانية , ومع ذلك يصرون على إرسال الأسلحة يمنة ويسرة , لأجل الحفاظ على ديمومة إنتاج مجمعاتهم الصناعية الحربية الأمريكية , بما فيها المملوكة من شخصيات سياسية تشارك في صناعة قرار الحروب التي تخطط لها الدولة الأمريكية العميقة .

إن سعي البيت الأبيض لإنشاء "الناتو الآسيوي" بالإعتماد على التحالفات العسكرية والشركات التجارية , يبحث عن مبررات واهية لجر منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو ربط مصيرها عبر التكامل الإقتصادي والعسكري بالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة , وإطلاق العنان لسباق التسلح الجديد في المنطقة , بإستخدام تركيا بهدف دمج منطقة آسيا الوسطى حول فكرة ومشروع إردوغان "طوران العظيم" ، على أمل النجاح  بتشكيل ناتو خاص بدول اّسيا الوسطى , وتزويده بالأسلحة الأمريكية , استعداداً للحروب التي خططت لها هناك.

ولضمان نجاح إثارة الفوضى وشن الحروب , كان لا بد من أعداء مفترضين أو حقيقيين , تبرر حملاتها الدعائية التمهيدية لإفتتاح الجبهات وإطلاق صافرة البداية للحروب القادمة , ووجدت في روسيا والصين ضالتها , وبدأت عبر تصريحات ساساتها وماكيناتها الإعلامية الضخمة الترويج للمسار العدواني الروسي الصيني ضد دول اّسيا الوسطى , من خلال مراهنتها لكسب المعركة , على تصويرهما يشنان حروباً عدوانية على غير دول , الأمر الذي سيُفضي إلى إمتلاكها قرار تحريك جيوش تلك الدول عبر "الناتو الاّسيوي"  للقضاء على أعداء الولايات المتحدة.

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن العلاقات الصينية والروسية مع دول اّسيا الوسطى لا يمكن قطعها بسهولة , وقد تبدو مهمة مستحيلة , ومع ذلك تسعى واشنطن إلى "استكمال إبادة الدولة الروسية " في مرحلة ما بعد أوكرانيا وربما بالتزامن معها , بتأكيد عضو الكونجرس السابق تولسي غابارد.  

ولأجل "إبادة روسيا"، أطلق البيت الأبيض صافرة الحرب الروسية – الأوكرانية , المسبقة التخطيط والتحضير, لكنها وبعد مضي حوالي أربعة أشهر على المواجهة الشرسة ما بين روسيا والجيش والمرتزقة الرادياكاليين الإرهابيين الأوكران , والقوات المستترة للدول الأوروبية والناتو الذي لم يكتف بإرسال مختلف الأسلحة النوعية والحديثة إلى أرض المعركة , بعد أن أيقنت من عدم جدوى ذلك , وبأن النصر الروسي يكاد يكون حتمياً , وسط احتمالية كبيرة لإنهيار قوات الرئيس زيلينسكي ومرتزقته , كان لا بد لواشنطن التفكير بمواجهةٍ إضافية مع القوات الروسية وبفتح جبهاتٍ إضافية , يكون مسرحها كازاخستان , لكنها فشلت في ذلك , فإاتجهت نحو الحدود الطاجيكية القرغيزية ومنطقة الحكم الذاتي في غورنو باداخشان , لكن موسكو استطاعت إحباطها .

فكان قرارها بالتحول نحو سورية ثانيةً , وبدأت بإستفزاز روسيا عبر تركيا و"إسرائيل" , وجعلها تنخرط في الدفاع عن قواتها على الأراضي السورية أيضاً , ودفعت أنقرة والرئيس إردوغان للدفع بخططه القديمة – الجديدة , عبر عمليةٍ عسكرية جديدة على الأراضي السورية , بهدف إقامة ما تسمى "المنطقة الاّمنة" , وبمشروع إعادة مليون مواطن سوري إلى الداخل السوري , إلى مناطق سيطرة القوات التركية والتنظيمات الإرهابية التي تعمل تحت قيادة الإستخبارات التركية – الامريكية  , لكن الرفض الروسي لهذه العملية ساهم إلى جانب الإستعداد العسكري السوري وحشوده الكبيرة لمواجهة القوات التركية الغازية , ساهما حتى اللحظة بمنع تركيا لبدء هذه العملية , وفتح "الجبهة الثانية" عبر تركيا .

كذلك حاولت عبر ربيبتها "إسرائيل" , إلى مضاعفة إستفزازاتها وإعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية , بإستهداف عدة نقاط لتمركز الجيش العربي السوري , وللمدنيين السوريين في المناطق السكنية الاّمنة , ومؤخراً استهدفت مطار دمشق الدولي .. وقد طالبت القيادة السورية مراراً وتكراراً مجلس الأمن الدولي بالضغط على "إسرائيل" لوقف الهجمات الإسرائيلية التي تروج لها واشنطن على الأراضي السورية ، والتي تنتهك السيادة السورية وتؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة , وفي غضون ذلك ، أكدت وزارة الخارجية السورية مراراً وتكراراً : حقها باستخدام "جميع الوسائل المشروعة" للرد على الإعتداءات الإسرائيلية على أراضيها.. ولا تزال إمكانية إفتتاح واشنطن للجبهة الثانية على الأراضي السورية أمراً محتملاً , رغم الضعف الإسرائيلي , وجهوزية القوات السورية ومحور المقاومة مجتمعاً لإلحاق الهزيمة الكبرى بقوات العدو الإسرائيلي , وبذلك ستكون واشنطن قد تسببت فعلياً بزوال "إسرائيل" , في معركةٍ يشتاقها وينتظرها المقاومين في حزب الله اللبناني , والحشد الشعبي , وأبطال الجيش العربي السوري , وعشرات فصائل وأحزاب محور المقاومة مجتمعاً .

لن يكون من السهل على واشنطن أن تجد "جبهةً ثانية" لمواجهة موسكو , التي استعدت مسبقاً لهذه الإحتمالات , بالإضافة لإمتلاكها القوة الرادعة والدفاعية والهجومية لمواجهة أي مغامرة أمريكية في اّسيا الوسطى وسورية , ناهيك عن قدرتها على تحقيق كامل أهدافها عبر العملية العسكرية الخاصة لقواتها في أوكرانيا .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

18/6/2022

 

إردوغان وموعد مع الهزيمة في مواجهة القوات السورية - م. ميشيل كلاغاصي


لم تكن الدولة التركية الحالية , والسلطنة العثمانية السابقة , جاراً عادياً لكافة جيرانها , ولعبت دوراً سلبياً على مر الأيام والعصور, وسارت وراء أطماعها القديمة – الجديدة , وتبعيتها الأطلسية , ودمويتها ونفاقها , عبر الطرق الملتوية الخادعة , وقدمت نفسها كأسوأ نموذج للعلاقات الإقليمية والدولية , وخاضت مئات الصراعت والحروب , ولم تتعلم من دروس الماضي , ولا زالت حتى يومنا هذا تسير على ذات النهج , ولم تتوقف عن لدغ أقرب جيرانها , بإستغلال الظروف الداخلية للدول والشعوب والظروف الدولية , بالإعتماد على تدخلها  السياسي والعسكري , عبر قواتها العسكرية وكافة أنواع المرتزقة والإرهابيين والعملاء.

واليوم , تبدو العلاقات التركية - الإقليمية - الدولية , تمر بمرحلة صعبة ودقيقة , نتيجة إحتدام الصراع الدولي , خصوصاً عبر الحرب الأمريكية الأطلسية الغربية التركية بالوكالة على الدولة الروسية , وسط صعوبة التنبؤ بما قد تسفر عنه النتائج النهائية للصراع , في وقت تخشى فيه موسكو وأنقرة كغالبية دول العالم , من فواتير الحسابات الخاطئة , الأمر الذي يكسب تحركات وتصرفات الجميع بالحدة والحذر الممزوج بالرغبة بتفادي الهزيمة , في مناخٍ دولي ساخن , تجره الولايات المتحدة الأمريكية نحو الصدام العسكري , على مساحة العالم وعبر كافة قاراته , لأجل الحفاظ على هيمنتها وقيادتها الأحادية للعالم , لكنها تخطئ قراءة البيانات , فالعالم تغير , وتعددت أقطابه , ويبقى لواشنطن أن تعترف وتقبل بهزيمتها.

ومن خلال تشعب وتعقد ملفات الحرب على سورية , ما بين واشنطن وموسكو وأنقرة , وسط الصراع الدولي الملتهب , بات السعي لتسجيل النقاط وتجميعها لا يخضع لحدود ساحات الإشتباك فقط , وبدا كل منهما مهتماً بتوزيع إنتصاراته بحسب ترتيب قضاياه وأولوياته , واستعمال باقي الملفات للضغط والمناورة والمقايضة.

وعليه .. تستمر العلاقات الروسية – التركية بصخبها وتأرجحها على حبال التوتر والإحتكاك الخشن والمنافسة , ويواصل الرئيس التركي التصرف بحدة وتحدي تجاه روسيا والمصالح الروسية في سورية وفي غير مكان .. وعلى سبيل المثال لا الحصر , فقد سبق له من خلال كلمة تركيا في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، أن أشار إلى أن تركيا لا تعترف بـ “الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم” , في الوقت الذي يدرك فيه أن روسيا لا تعترف بسيادة تركيا على شمال قبرص.

مما لا شك فيه أن الإنتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفائها, يجبر أنقرة على التخلي عن أولوية حلم الفوز بتقسيم سورية والفوز بسرقة وقضم مساحات واسعة من أراضيها , في الوقت الذي أظهرت فيه موسكو وطهران , ثباتاً في أولوية دعم الدولة السورية بمحاربة الإرهاب وبالحفاظ على وحدة أراضيها , وبإنهاء الحرب وبإعادة إعمارها , واستعادة استقرارها وأمنها ودورها في المنطقة.

لكن المواجهات الروسية – التركية الأهم تبدو اليوم في سورية , مع إصرار دمشق على تحرير كامل أراضيها وطرد قوات الإحتلال التركي وتنظيماته الإرهابية من إدلب وكافة مناطق الشمال السوري , بالإضافة إلى إصرار موسكو على تنفيذ بنود الإتفاقات الموقعة مع الجانب التركي والتي لم يلتزم بها منذ العام 2018 … ولن يكون مسموحاً له روسياً وإيرانياً وبالتأكيد سورياً , أن ينفذ وعيده بالعملية العسكرية الجديدة التي تحدث عنها وحشد لها قواته العسكرية وإرهابييه تحت عنوان محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني , ومنع لإقامة كيان كردي في جنوب تركيا.

يبدو أن الرئيس التركي يحاول الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي , لكنه وعلى جميع الأحوال ماضٍ في تحدي دور بلاده "الضامن" إلى جانب إيران وروسيا , وبنسف إتفاقات أستانا وسوتشي , واستمراره بالتمسك بمناطق إحتلاله ورعاية إرهابييه على الأراضي السورية , وبإستمرار زعزعة الإستقرار فيها , عبر مشروع إعادة توطين مليون لاجئ سوري في مناطق سيطرة الإرهابيين شمال غرب سورية , وبإقامة المنطقة الاّمنة المزعومة داخل عمق الأراضي السورية.

من المؤكد أن الرئيس التركي يراهن على الدعم الأمريكي والأطلسي والإعتماد على المرتزقة والإرهابيين , في الوقت الذي تملك فيه دمشق من الإصرار والعزيمة والقوة والمقدرة ما يكفي لإلحاق هزيمةٍ تاريخية بقوات الإحتلال التركي ومرتزقته على الأراضي السورية , وبأن محافظة إدلب ستعود عاجلاً أم اّجلاً إلى كنف الدولة , كذلك موسكو التي ضاقت ذرعاً بأكاذيب إردوغان ومرواغته في سوريا , وسط استعداد الجيش العربي السوري وبدعم ومشاركة القوات الجوية الروسية للدخول إلى إدلب , وبإستعادة السيطرة على الطريق الدولي المعروف بـ M4.

لا يمكن لإردوغان تحمّل المواجهة العسكرية المباشرة مع دمشق وموسكو , ولا تعدو تعزيزاته العسكرية سوى مناورات للتهويل ولرفع فرص ابتزاز موسكو والحصول على فرص ومكاسب إضافية , إذ لا يمكن لإردوغان تجاهل الهزائم التركية التاريخية أمام القوات الروسية , في حين لا تزال دمشق ترفض الحوار مع دولة الإحتلال التركي رغم كل ما يسوقه الإعلام المضلل , وتصر على خروجه من الأراضي السورية , في الوقت الذي تبدو مراهناته على الحلف الأطلسي مثيرة للشفقة , وسط اللحظات الصعبة التي يعيشها التحالف وإحتمالية تحول شروخه الداخلية إلى صدمات حقيقية تطيح بعقده , ناهيك عن المادة الخامسة من ميثاق الناتو , التي تنص على صد العدوان عن دول التحالف , وليس دعم الجيش التركي المعتدي على الأراضي السورية.

لطالما راهن الرئيس التركي مجرم وبلطجي حلف شمال الأطلسي , على أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة , وبسرقة ثروات الدولة السورية وبقضم المزيد من أراضيها , لكن ظنه سيخيب تماماً , فالجيش العربي السوري قادر على سحق هذا السلجوقي وإنكشارييه إرهابييه , وإحالته نحو مزبلة التاريخ .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

14/6/2022