Saturday, February 27, 2021

من دافوس إلى ميونخ .. بوتين وبايدن وجهاً لوجه - م. ميشيل كلاغاصي

 


مالذي يحدث بين الولايات المتحدة ودولة روسيا الإتحادية , البعض يسميها بـ"الحرب الباردة" , على الرغم من المواجهات الميدانية التي لا تزال مستمرة , بعضها بشكل محدود لكنه مباشر ووجهاً لوجه كما حدث في سوريا , أو بشكل غير مباشر عبر الدعم الذي يقدمه كل منهما لحلفائه وشركائه ... حتى المواجهة السياسية لم تعد كالسابق , وأخذت تنحى منحىً تصاعدياً , تخطى العقوبات الأمريكية على روسيا , والحصار الإقتصادي , الصراع في الشرق الأوسط , وملفات خطوط الطاقة , والعلاقات مع أوروبا , والإقتراب المستمر لحلف الناتو من الحدود الحيوية والجغرافية للدولة الروسية , بالإضافة إلى المحاولات المستمرة لزعزعة الداخل الروسي , وحملات الشيطنة الإعلامية للدور الروسي حول العالم .

فمن استمع لخطاب الرئيس جو بايدن الأول , وخطابه في مؤتمر ميونخ للأمن , وما بينهما إلى خطاب الرئيس بوتين في دافوس , وما تحدث عنه خلال اجتماعه بهيئات الأمن الروسية , يتأكد بأنه يستمع إلى خطابات الرد والرد المقابل , فاللغة والنبرة والمفردات تغيرت , وأصبحت أكثر قسوة خصوصاً من الجانب الأمريكي , وبدا خروج الرئيس بايدن عن دبلوماسية الخطاب واضحاً و واعداً ومبشراً بمرحلة جديدة تختلف عن تاريخ العلاقات بينهما.

وإذا كان لا بد وأن يُبنى على الشيء مقتضاه , فقد نرى مقاربات مختلفة في معالجة الملفات الشائكة والمعقدة , بعيداً عن المألوف والمتوقع... ولمن يعشق الوقوف على الأطلال , فقد كانتا حليفتين وانتصرتا معاً في الحرب العالمية , وتقاسمتا النفوذ العالمي , وعبر المسيرة الطويلة تحولتا من التحالف إلى المنافسة فهل وصلتا إلى العداء المطلق ؟.

فقد كان خطاب بوتين في دافوس حاداً , انتقد فيه دول الغرب والنماذج الاقتصادية الغربية , واتهم دول الغرب بـ "شنّ حرب اقتصادية على العالم" , وأشار إلى "خطورة انهيار النموذج الاقتصادي الغربي" , الأمر الذي سيدفع للخروج عن السيطرة إذا لم يتم منعه وإيقافه... وأكد  أن "أزمة النماذج الاقتصادية الغربية" أدت إلى بروز التطرف الراديكالي اليميني واليساري ، بشكل أثرّ على طبيعة العلاقات الدولية، وعلى استقرار وإضعاف المؤسسات الدوليّة ، وجعلت الصراعات الإقليمية تظهر الواحدة  تلو الأخرى، وإلى تدهور نظام الأمن العالمي , والذي بدوره سيشكل انهياراً كبيراً في التنمية العالمية، بما سيضاعف التناقضات وتصنيف من هم الأعداء الداخليين والخارجيين , ومن هو كبش الفداء في هذه الحرب , ورأى بأنها وبمجملها أمورٌ ستتسبب "بنتائج ديموغرافية سلبية بالتأكيد , وبأزماتٍ إقتصادية واجتماعية , وأزمة قيم".

فيما أتى رد بايدن في مؤتمر ميونخ للأمن , أكثر حدة من خطاب بوتين , وكاد حديثه ينحصر بالرد على روسيا , وبدا كمن يكشر عن أنيابه ويكشف نوايا إدارته حول إعادة التموضع الأمريكي الجديد – القديم , على الرغم من فظاظة كلامه وخطورة إتهاماته بقوله:" علينا مواجهة تهديدات روسيا لنظامنا , النظام الروسي هو نظام فاسد وبوتين يسعى إلى مواجهة النظام الأوروبي , روسيا تقوم بمهاجمة "الديمقراطية الأميركية" وتشكّل تهديداً لنا ولأوروبا ونحن لا نريد المواجهة".

قابله بوتين بالرد المناسب خلال اجتماعه بهيئات الأمن الروسية , وأكد في إشارة مباشرة للولايات المتحدة بأن “الإرهاب والجريمة العابرة للحدود , تمثل التهديد الأكبر والأكثر خطورة" و أن " بعض الدول لا تخفي مواقفها اللا ودية تجاه روسيا وتقوم بشن حملات إعلامية ضدها" , وبأنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك من خلال خطابهم العدواني وإتهاماتهم التي لا أساس لها" , والتي تجعل من روسيا "ضحية التضليل الجماعي" لوسائل الإعلام الغربية... ولم يخفِ قلقه من "اللعبة الأمريكية – بلا قواعد" , بأن تؤدي إلى "تضاعف خطر العمل العسكري الأحادي" , وأن يتم استغلال "التنافس بين الدول وأن يتحول التحدي لمجرد ضمان عدم تدهوره إلى حرب".

يبدو أن إدارة بايدن عازمة على معالجة الجروح الأمريكية , لكنها لم تعثر بعد على الطريق الصحيح , بعدما أضاعت فرصة تفردها بالعالم , وقادتها سياساتها المتغطرسة وشهواتها نحو تحطيمٍ كلي لإدعاءاتها الإعلامية وشعاراتها الزائفة , وظهرت حقيقة مخططاتها العدوانية الخبيثة , التي أشاعت الفوضى والحروب حول العالم , والتي بفضلها لم يعد الكوكب مكاناً اّمناً لحياة البشر .

يبدو أنها أعتقدت أن العالم كان نائماً في سني تفردها , لكنها فوجئت بتراجع إقتصادها وبأزماتها الداخلية , وإنقسام شعبها وإنسياقه نحو التطرف والعنصرية والعرقية ... وبتعثر سياساتها الخارجية وبوصولها إلى الحائط المسدود , بما قد يبشرها بهزائم عسكرية وسياسية غير متوقعة هنا أو هناك , وأصبح من الضروري لها أن تتوقف عن ذهنية القوة العسكرية والحروب التجارية وسياسة العقوبات والحصار وتغيير الأنظمة الشرعية والتدخل في شؤونها الداخلية , والإعتماد على الإرهاب .

يبدو أن استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتغير , ولا يبشر خطاب الرئيس بايدن بإستراتيجية أمريكية عاقلة , خصوصاً مع كلامه عن عودة حلف الأطلسي ودعم دوله عسكرياً , والتصعيد الكبير والمعلن في مواجهة موسكو وبكين وطهران وغيرها , ومحاولة الضغط على الدول الأوروبية للبقاء تحت الإبط الأمريكي , ومنعها من "البحث عن مستقبلها ومصيرها بعيداً عن هيمنة الولايات المتحدة" – بحسب مواقف سابقة للرئيس ماكرون  والمستشارة ميركل-.

وبات على الولايات المتحدة رؤية العالم الجديد , الذي تتكاتف فيه الدول لمواجهة التحديات , وبالبحث المشترك عن حلول المشاكل العالمية , والعودة أكثر فأكثر نحو الإلتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية , بدلاً من السعي وراء التفرد والسيطرة على العالم , ومنح العالم فرصة التنافس الحقيقي دون أن يتحول نحو الكراهية والعداء والمواجهة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/2/20201

Friday, February 26, 2021

العدوان الأمريكي على سوريا .. واشنطن ترفع العلم الأسود على بيتها الأبيض - م. ميشيل كلاغاصي


لماذا لا تختصر واشنطن الحكاية وترفع علم "داعش" الأسود على بيتها الأبيض , ومن هو هذا الأخرق المدعو وزيراً للدفاع الأمريكي , الذي همس في إذن عجوز البيت الأبيض بالعدوان على سوريا , هل تخلت واشنطن وتل أبيب عن لعبة تبادل الأدوار , فطيلة سنوات الحرب كان العدوان صناعةً إسرائيلية والتغطية أمريكية , وتحولت إلى صناعة استخبارية أمريكية بتنفيذٍ إسرائيلي , وأصبحت اليوم مع موافقة الرئيس بايدن صناعةً وتنفيذاً أمريكياً بحتاً

أي تماكبٍ وتماهي أمريكي – إسرائيلي – إنفصالي - داعشي إرهابي , وأي عالمٍ صامتٍ هذا ! , وهو يرى بأم عينيه دولةً مارقة تحلق وتحالفها الستيني في أجواء الدولة السورية , وتهبط على أرضها كقوة إحتلال لا شرعي , وتحتضن كل إرهابي وإنفصالي , وتسرق النفط والثروات والمحاصيل السورية , وتقيم عشرات القواعد العسكرية , وتشن عدوانها لحماية مخططاتها وإرهابييها , دون أن تنسى رفع شعاراتها المزيفة في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ..!

وبموافقة بايدن .. شنّت الولايات المتحدة فجر اليوم غارةً جوية استهدفت موقعاً في سوريا بمحاذاة الحدود العراقيّة السورية... ويبقى من المثير للسخرية أن يعلن البنتاغون هدفه من العدوان بأنه "يرمي إلى تقليص التصعيد في كل من شرق سوريا والعراق", وبأن يتبجح وزير الدفاع بالقول :"نحن نعلم ماذا ضربنا وأنا واثق من الهدف الذي سعينا وراءه" , تباً .. ماذا لو راّه شرطيٌ أمريكي أبيض لخنقه بركبته.

فبدواعي واهية ومزيفة وكاذبة , شنت الولايات المتحدة غارتها الحمقاء غير محسوبة النتائج بحساباتٍ خرقاء , إذ يتحدث قادة البنتاغون عن عدد قليل من الصواريخ , وبأن الإستهداف طال بعض الهياكل على النقطة الحدودية و"التي تستخدمها المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في منطقة شرق سوريا" , وأن "الغارات أتت رداً على الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها طواقم أميركية ومن الحلفاء ، ولا زالت مستمرة".

من جهته ، أدان السيناتور الجمهوري راند بول بشدة ما وصفه بـ "المغامرة العسكريّة الحمقاء" وبأنها "خطأ فادح" , في وقتٍ صرح فيه المستشار السابق للرئيس أوباما ديفيد أكسيلرود لشبكة "سي ان ان"، بأن الغارة الأميركية "رسالة للإيرانيين ولحلفائنا في المنطقة وللاعبين في واشنطن" ، في ربطٍ مباشر للعدوان على سوريا والملف النووي الإيراني , والخلافات داخل الإدارة الأمريكية .

فيما قال المتحدث باسم البنتاغون: الغارات جاءت "رداً على الهجمات الأخيرة ضد جنود أمريكيين وآخرين من قوات التحالف في العراق، وعلى التهديدات المستمرة التي تطول هؤلاء الجنود".

وقد إدعت واشنطن تنسيقاً وإبلاغاً لروسيا من خلال إتفاقهما عام 2016 لمنع الإصطدام الجوي , فيما الوزير لافروف أكد أنه لم يحصل أي تنسيق , وتم إبلاغ موسكو قبيل أربع دقائق من الهجوم , وأكد من خلال بيانات خاصة أن: "أميركا لا تخطط لمغادرة سوريا وترغب في تخريبها",  كذلك نفت وزارة الدفاع العراقية  "أي تبادل للمعلومات الاستخبارية مع التحالف الدولي قبل الإستهداف" ,

وقد أدانت الخارجية الروسية العدوان والضربة الأمريكية داخل سوريا واعتبرتها "انتهاكاً غير مقبول للقانون الدولي" , ورأى رئيس اللجنة الدولية بمجلس الاتحاد الروسي , أن "الأفعال الأميركية في سوريا قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة , وقد تؤدي لإنهيار الاتفاق النووي" .

في وقت سارع الوزير محمد جواد ظريف للإتصال مع دمشق ولتأكيد الوقوف معها , فيما دعت بكين جميع الأطراف المعنية إلى احترام سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها .

في حين انبرت وزارة الخارجية السورية لإدانة العدوان الأمريكي بشدة ووصفه بالجبان , وبدعوة "إدارة بايدن إلى الالتزام بالشرعية الدولية لا بشريعة الغاب كما الإدارة السابقة" , وأكدت على تناقض العدوان مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة , وحذرت من عواقب العدوان والتي من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة , في إشارة منها إلى تصاعد المقاومة في وجه الإحتلال الأمريكي في سوريا والعراق وغير مكان .

يبدو أن سنوات الحرب على سوريا , وصمودها وشجاعة قائدها وبسالة أبطال جيشها وشدة بأس شعبها , قد فعلت فعلها , وجعلت الرؤوس الأمريكية الحامية , تقرأ الهزيمة الحتمية القادمة , وما بين خشيتها و رغبتها بالبقاء والمضي بمخططاتها , بدأت تتوجس تصاعد المقاومة الشعبية المدعومة من الدولة والشعب والجيش العربي السوري وحلفائه , ومع عجزها عن حماية حياة جنودها والميليشيات الإنفصالية والمجاميع الإرهابية , لجأت إلى لغة التهويل الإستباقي عساها تدب الرعب في قلوب السوريين ...

ويحكم لن يطول زمن عربدتكم في سوريا , واّن لكم أن تستعدوا لمواجهة المقاومة السورية.    

المهندس : ميشيل كلاغاصي

26/2/2021

Wednesday, February 24, 2021

إدارة بايدن والعلاقات مع تركيا في الميزان الإقليمي والدولي - م. ميشيل كلاغاصي

على الرغم من لجهته العثمانية ونبرته الهائجة فلا تزال تركيا – أردوغان تعتمد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً على الولايات المتحدة وعلى حلف شمال الأطلسي ، ولا بد أن الفرح والسعادة قد طرقا قلب "السلطان" – الأطلسي , وهو الباحث دائماً عن ترجمة حقيقية وفعلية لما صرّح به الرئيس جو بايدن بالأمس في قمة ميونخ للأمن , حيث أكد بأن: "اميركا عائدة والتحالف عبر الأطلسي سيعود" وبأن :" أي هجوم على دولةٍ عضو في حلف شمال الأطلسي هو هجوم على كافة دول الحلف" ... فالأيام مع الرئيس ترامب وعدت وربما أثبتت غير ذلك وأقله بالنسبة أردوغان , إذ تصادمت خططهما الإستراتيجية عبر السنوات الأخيرة , وظهر بينهما نوع من الصراع , دفع أنقرة للتحول من حليف إلى منافس في بعض الأحيان , وبدأ الطرفان بتبادل الإتهام حيال ما أطلقا عليه بـ "السلوك الاستفزازي".

بالتأكيد لم ينشأ صراعهما اليوم , لكنه بدأ بالتفاقم منذ عام 2003 , نتيجة الأضرار التي لحقت بتركيا جراء الحرب الأمريكية على العراق , والتي اعتبرتها أنقرة تهديداً وزعزعةً للإستقرار في جنوب شرق تركيا , حيث التواجد السكاني الكثيف لأكراد تركيا , وخشيتها من دعواتهم للإنفصال أو الإستقلال .

إذ لا تزال القضية الكردية تقف حتى اليوم كحجر عثرة بين إيران وتركيا والعراق وسوريا , ولا تزال واشنطن تقدم دعمها لما تسمى ميليشيات "قسد" في سوريا , في الوقت التي تصنف فيه حكومة أردوغان بعض الأحزاب الكردية كتنظيماتٍ إرهابية.

كذلك , تصاعدت الخلافات الأمريكية - التركية من بوابة الإتفاق النووي الدولي – الإيراني , وتجد أنقرة نفسها أقرب إلى التضامن مع روسيا والدول الأوروبية , وتعارض العقوبات الأمريكية على إيران , وتعاظمت مخاوفها مع إنسحاب إدارة ترامب من الإتفاق والعقوبات والحصار والتوتر الكبير والتصعيد العسكري بين واشنطن وطهران , الأمر الذي يقلق تركيا دائماً وهي على حدود إيران.

ولا يمكن تجاوز أحداث عام 2016 والإنقلاب على حكم الرئيس أردوغان في تركيا , والتي لاتزال تصرّ تركيا على إتهام الولايات المتحدة بالوقوف ورائها , وبدعم فتح الله غولن الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 1999 , لكن واشنطن تتجاهل المطلب التركي بتسليمه كزعيم لمنظمة إرهابية.

ناهيك عن عشرات الملفات التي تتسبب بتأزيم علاقة أنقرة بواشنطن , فقد ارتفعت وتيرة الخلافات بينهما وبشكل كبير مع التقارب التركي – الروسي , وخصوصاً بعد إبرام صفقة أنظمة صواريخ أرض- جو S-400.

وقد حاولت تركيا استغلال صفتها كدولة أطلسية ، ومن خلال العلاقة الودية بين الرئيسين ترمب وأردوغان , إلى تهدئة التوترات بين الحكومتين , لكن ذلك لم ينجح , وبقيت المطالبة بتسليم "غولن" تلقى الرفض الأمريكي.

ولم تكن البداية مشجعة مع الرئيس بايدن , واحتاج الطرف الأمريكي وقتاً وإلى ما بعد الإتصال بين وزيري الخارجية بلينكن – ج.أوغلو , لتحديد مسار العلاقة مع تركيا , فيما استعجل أردوغان بإختبار الإدارة الجديدة , وأطلق قذائفه عدوانه على مناطق شمال العراق ... ورغم الإعلان عن إتفاق الطرفين على دعم "الحل السياسي" في سوريا , إلاّ أن العنوان الرئيسي لم يتغير, فالولايات المتحدة ماضية في دعم التشكيلات المسلحة في سوريا , ولم ترفع عقوباتها على تركيا, ولم تعلن أنقرة تراجعها عن صفقة الـ S-400 .

كذلك تصاعدت التوترات مجدداً بين تركيا والولايات المتحدة في 11 شباط ، بعد دعوة وزارة الخارجية للإفراج الفوري عن زعيم المجتمع المدني التركي "عثمان كافالا" من السجن , وساعدت تظاهرات طلاب جامعة البوسفور على تفاقم الوضع , مع ظهور علم قوس قزح ( المثليين ) على بعض صور الرموز الدينية الإسلامية , إرضاءاً لبايدن وإنتقاداته للحريات والديمقراطية في تركيا ...

لا تبدو الحكومة التركية بوارد رفع مستوى التوترات والخلافات مع إدارة بايدن , ومن خلال قدرتها على المناورة , حيث لجأت لإرسال الإشارات إلى واشنطن حول إمكانية المصالحة بشأن عدد من قضايا الصراع , وأكد ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة التركية قول أردوغان : بأن " أنقرة ستسعى لحل المشاكل مع الولايات المتحدة من خلال الحوار , وستوقف استخدام الـ S-400  إذا توقفت واشنطن عن دعم القوات الكردية" , فيما أكد وزير الدفاع التركي : بأن "استخدام صواريخ الـ  S-400 يعتمد على ظهور التهديدات", فيما أعلنت الولايات المتحدة بأنها لن تتفاوض بشأن هذه المسألة في الوقت الحالي ".

ستبقى طبيعة العلاقات القادمة بين البلدين قيد الإنتظار والإفصاح عن نتائج إجتماع وزراء دفاع الناتو الذي عقد في العاصمة البلجيكية الإسبوع الماضي , لكن ستبقى مكانة تركيا في الناتو وكشريك استراتيجي للولايات المتحدة سارية المفعول .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

21/2/2021

Friday, February 19, 2021

الهزيمة الأمريكية في سوريا هي "الحل السياسي" الوحيد - م. ميشيل كلاغاصي

كل ما عليك هو أن تصدق أن ترمب نسف ما جاءت به إدارة أوباما , وبايدن سينسف ما جاءت به إدارة ترمب .. وأن الرئيس الجديد دائماً هو من صنف الملائكة , فيما سلفه كان من صنف الشياطين .! , يا لها من إستراتيجية للمزاح والمزاج والإستخفاف.

ماذا عن جوزف بايدن , كسياسي معمر واكب عدداً كبيراً من الإدارت الأمريكية السابقة , وشارك بصنع قراراتها , ويأتي اليوم لينسف ما سبق له واّمن به وسعى لتحقيقه ... ماذا عن مواقفه ودعمه للحرب على سوريا , وتأييده للمشروع الإنفصالي وبتقسيم سوريا , ماذا عن مواقفه السابقة لدعم الوجود الأمريكي في سوريا ورفضه لإنسحاب قواته منها , وعن دعمه لصديقته هيلاري كلينتون وللرئيس أوباما في استثمار "داعش" في سوريا والعراق ... هل يعقل أن يكون بايدن "ملاك" السلام الجديد الذي يبحث عن وقف الحرب في سوريا وبإيجاد "الحل السياسي" , ويرفض مشاركة بلاده في الجولة الخامسة عشر للقاءات أستانا ! .. وماذا عن رفض قادة الكيان الإسرائيلي الغاصب لإنهاء الحرب وبالإنسحاب الأمريكي , والمال الخليجي والسعودي المتدفق دائماً دعماً للوجود والمشروع الأمريكي في سوريا ..!

لا يبدو الرئيس بايدن جاداً بوضع سوريا على قائمة أولوياته , ولا تبدو إدارته بأنها تملك رؤية ً واضحة وكافية للمزاوجة بين استراتيجيتها ومصالحها وأقله على المدى القريب ... ومن غير المتوقع بأن تخلي قواتها العسكرية مواقعها ووجودها اللاشرعي في الشمال الشرقي ومعبر التنف ، وأن تتخلى عن أدواتها وبإستمرار تغذيتها للمواجهات والإنقسامات والمزيد من محاولات تفتيت بنية النسيج الإجتماعي والديموغرافي في مناطق إحتلالها, وأن تحافظ على حالة الحصار والعقوبات التي نسجتها إدارة ترمب .

إذ لا تستطيع الولايات المتحدة إتخاذ خطوات معاكسة تماماً لسياستها في سوريا والتي اتبعتهاعلى مدى السنوات العشر الماضية , ولا يمكنها تجاوز المصالح الإسرائيلية وأمنها الحيوي في فلسطين المحتلة وسوريا ولبنان والأردن والعراق , ولن تستطيع تحمّل مشهد ما بعد إنسحاب قواتها , وتداعياته الإيجابية بالنسبة لسوريا , إن كان لصالح إنتهاء الحرب في غضون أيام وربما ساعات , أو لصالح مشهد التشبيك العسكري والتجاري من بيروت إلى دمشق وبغداد وطهران . 

إن خروج القوات الأمريكية من سوريا , سيحرم قادة الكيان الغاصب من الدعم الأمريكي المباشر , والذي أمنّ له دعماً استخبارياً منحه القدرة والفرصة لشن الإعتداءات المتكررة على سوريا وربطها بالوجود الإيراني حتى لو كان استشارياً عسكرياً فقط , وللمضي قدماً في سياسة العدوان ومحاولة ترهيب القيادة والدولة والشعب السوري .. فحالة الخوف الوجودي الذي تعانيه القيادات وبيئة المستوطنين الإسرائيليين , لن تسمح للرئيس بايدن بسحب قواته من المنطقة الحدودية ما بين سوريا والعراق , وبإجراء تغييرات جوهرية في ملف الحرب على سوريا , هذا من جهة , ومن جهةٍ أخرى لن يكون بمقدور إدارة بايدن الإنسحاب أمام أعين روسيا – بوتين العدو اللدود , كي يهنئ في مياه المتوسط الدافئة , وسط مخاوفها من تطوير قاعدة حميميم , ووضعها كندٍ قوي أمام قاعدة انجرليك في تركيا.

تدرك واشنطن بأنها لن تستطيع البقاء والعربدة في سوريا إلى ما لا نهاية, وبالتوازي مع تقدم الجيش العربي السوري وتحريره لغالبية الجغرافيا السورية , وسط هزيمة تنظيم "داعش" , وإنكشاف حقيقة الأدوات الأمريكية المحلية , وتصاعد الغضب الشعبي في وجه الإحتلال الأمريكي وعصابات "قسد" ومخططاتها الإنفصالية وممارساتها تجاه الثروات النفطية الوطنية والمحاصيل الزراعية والأهالي , ولن يكون بمقدور الرئيس بايدن الإحتفاظ  بدعمه لهذه الميليشيات وحمايتها وحماية حياة جنوده , وبالسيطرة الكاملة على غالبية المحافظات الشمالية الشرقية في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة , مع استعداد القوات الروسية للإنتشار على طول الحدود السورية – التركية ... فلن تكون الولايات المتحدة قادرة إلى الأبد على منع الهيئات السياسية لـ"قسد" من الحوار والتفاوض مع الحكومة السورية لإنهاء "المغامرة" وإستعادة الدولة لسيطرتها على أراضيها .

ويبقى للإدارة الأمريكية البحث عن سبل إقناع أو تعويض تركيا للقبول بإستمرار دورها عبر سيطرة قواتها ومجاميعها الإرهابية على عفرين وإدلب للمضي قدماً في مشروع تقسيم سوريا , مع صعوبة إختراق العلاقات التركية – الروسية , والتركية - الإيرانية , وعدم قدرة تركيا على حماية الإدارة الذاتية المزعومة , وحماية كل الإجراءات اللاشرعية التي قامت وتقوم بها تركيا من ربطٍ لإقتصاد مناطق إحتلالها بالإقتصاد التركي وبإقامة الجامعات وغير ذلك... ويبدو من السخيف بمكان الإعلان الخارجية الأمريكية عن مضمون الإتصال الهاتفي للوزير بلينكن مع الوزير جاويش أوغلو بالحديث عن دعم الحل السياسي في سوريا .

أما بالنسبة للوجود الإيراني ، فالولايات المتحدة و"إسرائيل" وبعض الأنظمة الخليجية , لا يرغبون ببقاء الإيرانيين في سوريا ، لكنهم لا يملكون أدوات إجبار قوية وكافية , ولن تكون عملية ربط التفاوض بالعودة إلى الإتفاق النووي وخروج إيران من سوريا في صالح المفاوض الأمريكي والأوروبي , وعليهم استيعاب وفهم طبيعة العلاقات الإستراتيجية السورية – الإيرانية , والثقة المتبادلة , والأهداف البعيدة التي تتخطى ملف الحرب على سوريا , وترتبط مباشرة بالقضية الفلسطينية المركزية لكليهما , وتحرير الجولان السوري , ووقف المد الصهيوني في المنطقة. 
  
في الوقت الذي لا يبدو الرئيس بايدن قادراً على تحمّل إعلان هزيمته وحلفائه الأوروبيين والأتراك والإسرائيليين والعرب , واللجوء إلى الحوار السوري – الأمريكي المباشر – وأقله في هذه المرحلة .

مما تقدم نخلص إلى القول , بأن إدارة بايدن غير جاهزة للسلام , ولن يكون بمقدورها تغيير مواقف إداراتها السابقة , ونسف ما جاءت به إدارة ترمب , وتراجعها عن إعلان إنسحابها من سوريا , وأنه لم يكن يعدو أكثر من موقف استعراضي , وإعادةً لخلط الأوراق , وبحثاً عن المزيد من الوقت , على أمل بلورة موقفاً أمريكياً تبني عليه مزاوجة استراتيجيتها ومصالحها في سوريا ... في حين تقترب رهاناتها على كسب الوقت من الضياع الكلي مع إقتراب الإنتخابات الرئاسية في سوريا , والتي لن تخرج نتائجها عن التوقعات الأمريكية بفوزه وجيشه وشعبه , وبقائه لما بعد رحيل الرئيس بايدن.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

17/2/2021
   

Sunday, February 14, 2021

واشنطن من الحروب العسكرية والتجارية إلى حروب التفاوض والحل السياسي - م. ميشيل كلاغاصي


كانت مدة ربع قرن بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي كافية لتفردها بالقيادة والهيمنة على العالم ولإنتقالها نحو فتح باب السرداب الكبير وشن هجومها العسكري على أعدائها وأصدقائها , وكانت شرارة البداية بأن صفعت نفسها فيما تسمى أحداث أيلول الشهيرة 2001 , وانطلقت بكامل القسوة والغطرسة لتفتح الباب تلو الباب وتتقدم داخل سرداب المخطط الجهنمي للدولة الأمريكية العميقة وأصحاب المشروع الصهيوني الكبير.

فمن الهجوم على أفغانستان وتنظيم القاعدة إلى الهجوم على الإسلام بإعتراف الرئيس جورج بوش الأب , وزحفها نحو أوروبا وأمريكا اللاتينية وغزوها اليميني , فيما اتجهت نحو العالم العربي والشرق الأوسط , ودخلت العراق واسقطت قيادته ونظامه السياسي وجيشه الوطني وبناه التحتية في 2003, وتابعت تقدمها في السرداب نحو أبواب "الربيع العربي" , ومن الباب المصري إلى التونسي إلى الليبي واللبناني وصولاً إلى الباب السوري , لم تكن تنقصها الأدوات فمصانعها لم تتوقف عن إنتاج النسخ الإرهابية الجديدة "داعش والنصرة" وإعادة إنعاش القديمة منها "الإخوان المسلمين" , وكافة المجاميع الإرهابية التي تدور في فلكهم تحت عشرات التسميات .... وبدأ التسخين والبحث عن حصاد النتائج الأولية.

الأنظمة تتغير ... فقد تم دحر نظام الرئيس حسني مبارك , وتمت سرقة ثورة المصريين , وجاءت حكومة الرئيس السيسي بلا حول ولا قوة , وقُتل الرئيس القذافي في ليبيا واستباح تنظيم "داعش" البلاد , وبدأت الفوضى والإنقسام الداخلي والإقليمي والدولي , فيما طار الرئيس التونسي في طائرة ليترك البلاد تواجه المجهول , وواجه لبنان عاصفةً إسرائيلية في عدوان حرب تموز 2006 , لكن مقاومته حولت العدوان إلى مناسبة للإنتصار التاريخي , فيما حاول الرئيس السوري إنقاذ بلاده وشعبه وتفادي الطوفان , واضطر لحمل بندقيته في 2012 بعدما قرر المواجهة والصمود وعدم الإستسلام .

فيما تاهت الأنظمة الخليجية ما بين تمويل وتسليح المجاميع الإرهابية التي تقاتل في جميع الساحات والجبهات خصوصاً في سوريا , لإرضاء الوحش الأمريكي , وللحفاظ على عروشها , فكان القمع السعودي لثورة الشعب البحريني , والهيمنة على القرار المصري , والتدخل في العراق , والعدوان العسكري على اليمن , والإنقسام الخليجي ما بين المحورين الوهابي والإخواني , ومقتل الخاشقجي وحصار قطر , والعداء لإيران....إلخ.

لم يتوقف العبور الأمريكي داخل السرداب , واستمر فتح الأبواب للوصول إلى موسكو وبكين وبيونغ يانغ وطهران وكاراكاس , بوصفها دول قررت الصمود والمواجهة ومقاومة المشروع الصهيو-أمريكي.

من المؤكد أن صمود الرئيس بشار الأسد والجيش والشعب العربي السوري ولأربع سنوات وحدهم في مواجهة عشرات الاّلاف من الإرهابيين , ساعد موسكو والصين والكثيرين على قراءة المخطط والخطر الكبير , وشجعهم على إتخاذ قرار المواجهة ...

واعتقدت واشنطن بأن شيئاً لن يوقفها , لكن المفاجئات بإنتصارالمقاومة اللبنانية , وصلابة بعض الفصائل الفلسطينية في غزة , وما أظهرته المقاومة العراقية في الحشد الشعبي وكافة فصائل المقاومة هناك , بالإضافة لمواقف طهران ودعمها اللامحدود لوقف المد الصهيوني والأمريكي عبر سراديب الموت , بالإضافة إلى الدعم الروسي والصيني لسوريا , دفع واشنطن إلى المزيد من المراهنة على قوتها العسكرية وجحافل إرهابييها , لكنها أدركت استحالة المواجهة العسكرية , فما أظهرته موسكو من علو كعب قدراتها العسكرية وكذلك طهران وبيونغ يانغ وبكين , فكان لابد لها أن تعيد التفكير في سلوكها واستراتيجيتها.

وقررت تحويل حروبها العسكرية إلى حروب إقتصادية تجارية , بالتوازي مع العقوبات التي تفرضها يمنة ويسرة , الأمر الذي اقتضى مع رحيل باراك أوباما , الإتيان بدونالد ترامب - رجل الصفقات - , لكنه نكس العهود وتراجع عن عشرات الصفقات والمعاهدات , إذ تراجع عن الإتفاق النووي الإيراني وإتفاقية المناخ وإتفاقية ستارت3 مع موسكو ....إلخ.

تابع الرئيس ترامب شق طريقه داخل السرداب رغم الصعوبات , فتنظيم داعش ينهار على يد السوريين والعراقيين , وكاد ترامب نفسه يعلن الإنتصار عليه وإغلاق صفحته .. فيما هزمت وتفككت عشرات المجاميع الإرهابية التابعة للمحور الوهابي , وبدأ زعيم جبهة النصرة الإرهابي محمد الجولاني التفكير بالتحول إلى صفوف المعارضة السياسية , ولم يعد لهم أي أفق للإستمرار ... حتى ميليشيات "قسد" الإرهابية بدأت تتحسس أبخرة الغضب الشعبي السوري تتصاعد في وجهها , ولم يعد بإمكان واشنطن حمايتها أو تغطية جرائمها , وأصبحت على مقربة من النهاية .

كان لا بد لترامب أن يرحل كي تتمكن دولته العميقة من السيطرة على إنزلاقها وضعفها على كافة الجبهات الساخنة , فقد منيت بهزائم عسكرية كبرى , وما تعرضت له من ذل في قاعدة عين الأسد في العراق خير دليل , في حين فقد التحالف الخليجي مواده اللاحمة , وبدأت السعودية تأن تحت ضربات المقاومة اليمنية , ولم تعد الولايات المتحدة قادرة على دعمها وحمايتها , وحماية نفسها وجنودها وقواعدها في المنطقة , بدءاً من سوريا وصولاً إلى اليمن .

في الوقت الذي قرأت فيه واشنطن عدم جدوى حروبها الإقتصادية , على الرغم من الأذى الذي ألحقته بالإقتصاد السوري واليمني والليبي واللبناني والعراقي والإيراني والروسي والصيني والفنزويلي ... إلاّ أن تلك الدول وعبر تكاتفها وصمود قادتها وحكوماتها وشعوبها , استطاعت إبتكار بعض الحلول والبدائل , وبدأت هذه الحروب تفرض وطأتها على الولايات المتحدة نفسها مع ضعف وتراجع إقتصادها ... فكان لا بد لها من تغيير سلوكها واستراتيجيتها ثانيةً ...

وكان لا بد لترامب أن يرحل , والإتجاه مع جو بايدن نحو الخداع  من بوابة نسف سياسة ترامب , فالدولة العميقة لا تقبل الهزيمة والتراجع وفق خطٍ معاكس لسيرها داخل السرداب ...

ومع مجيء الرئيس بايدن والوزير بلينكن , أعلنت واشنطن إمكانية العودة إلى الإتفاق النووي الإيراني , وإلى إتفاقية ستارت3 مع روسيا والمناخ مع أوروبا , ووقف الحرب على اليمن , وبحثها عن الحلول السياسية لإنهاء الحرب في سوريا , وأنها تتخلى عن حماية لصوص الموارد النفطية في شمال شرق سوريا , والإلتزام بمكافحة تنظيم داعش الإرهابي فقط .. وتبدو قريبة من إعلان تخليها عن تنظيم "قسد" الإرهابي الإنفصالي , إذ يقول ويليام روباك المبعوث الأميركي السابق: "قدمنا مساعدات عسكرية لتعزيز دور"قسد" ضد "داعش" وليس للسيطرة على شمال شرقي سوريا" , بالإضافة إلى انسحاب القوات الأمريكية بالأمس وبشكل كامل من صوامع تل علو في اليعربية بريف الحسكة الشرقي.

يخطئ من يعتقد بأنها ستنحو منحى السلام , وبأنها ستغادر السرداب وتتراجع تباعاً من الباب الأخير إلى الذي قبله وقبله ... ونراها على العكس تحاول التقدم أكثر فأكثر , عبر محاولة جني قطاف حروبها العسكرية والتجارية الإقتصادية , والإمساك بدفاتر العقوبات , والتقدم نحو حروبٍ جديدة هي حروب التفاوض والولوج إلى داخل الأنظمة "العنيدة" التي صمدت ولم تنهار, وتعتقد بأنها قادرة على التوصل إلى إتفاقٍ نووي جديد مع طهران , واستغلال العقوبات والمعارضات الداخلية في روسيا والصين وفنزويلا واليمن والعراق ولبنان وليبيا, والولوج إلى داخل بنية "الحل السياسي" في سوريا , بالإضافة إلى تمسكها بتجميد الحلول العسكرية عبر تجميد الجبهات بحسب الخرائط العسكرية والسياسية والإقتصادية الحالية .

إن سعيها لدعم ما تسمى بـ "المعارضات" داخل دول أعدائها , وتصريحاتها حول "تجديد البحث عن حلول سياسية", لهو دليل قاطع على إنتقالها إلى حروب الحلول السياسية المزعومة , ودليل إضافي على استمرارها بالسير داخل عمق السرداب وليس للخروج منه , في محاولة لإعادة التموضع وليس لإحلال السلام .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

14/2/2021


Wednesday, February 10, 2021

"قسد" ماضية في حرق مراكبها , هل تدفعها واشنطن نحو العرض التركي القديم - م. ميشيل كلاغاصي

أي إكذوبة روجها الإعلام المعادي والموازي للحرب على سوريا , وبالإشادة بتشكيل ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية " , والتي قدموها بالتعريف على بأنها مكونات الشعب في مناطق الشمال والشرق السوري, والتي سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها , في الوقت الذي تقدم فيه دعمها للأكراد فقط , وماذا عن الأكراد اللذين قدموا من وراء الحدود السورية , من إيران والعراق وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وجبال قنديل , ولماذا لم تُفصح واشنطن عن دعمها المباشر للسريان أو الاّشوريين أو الأيزيديين أو الأرمن أو العرب ولبعض القبائل العربية السورية ؟


هل يمكن القول بأن الولايات المتحدة تدعم قضية قومية أو عرقية للأكراد , وماذا عن قضايا البقية الباقية ؟ وهل قبل هؤلاء أن تقوم لهم دولة كردية وناطقة بالكردية ويسيطر عليها الأكراد جملة وتفصيلاً ؟ أين قضيتهم إذن ؟ وهل قررت هذه المكونات الإنخراط في مشروع تقسيم سوريا والإنفصال عنها مقابل حياة الذل والتبعية وقبول الهيمنة الكردية .

من سمع عن تأييدٍ علني دولي لتقسيم سوريا , هل قبلت الأمم المتحدة بتقسيم الأراضي السورية وبقرار أممي , أم أنه هناك إجماع دولي وأممي بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها على كامل أراضيها , وجاء ذلك عبر كافة القرارات الأممية المتعلقة وأشهرها القرار 2254و2253 وفي كافة مخرجات "أستانا" و"سوتشي", حتى الولايات المتحدة ذاتها وافقت على تلك القرارات , وأبعد من هذا فقد أعلنت مراراً عن رفضها لقيام دولة كردية على الأراضي السورية , وكانت أول من رفض المنطقة الاّمنة أو العازلة التي "جاهد" المجرم أردوغان للحصول عليها .

هل عُرف عن الولايات المتحدة مناصرة المظلوم وإغاثة الملهوف , ودعمها لقضايا التحرر العالمي , ونصرة الشعب الفنزويلي والكوبي والكوري والصيني ...إلخ , وتأييدها للحقوق الفلسطينية لتحرير الأرض وبناء الدولة , وللحقوق الإيرانية في الطاقة النووية , وللحقوق السورية بدحر الإرهاب ومجابهة فيروس كورونا , ولحقوق اليمن وشعبه وبالقصاص من اّل سعود وكافة طغاة التحالف العربي , ولحقوق الجياع والمعدمين في القصيم القطيف, ولحقوق الشعب البحريني للقضاء على الطاغية , ولحقوق عشرات ومئات الدول والشعوب أصحاب القضايا العادلة والمحقة.

وعلى النقيض , يمكن رصد من دعمتهم وقدمت لهم الغطاء السياسي والدعم المالي والعسكري , بدءاً من دعم الكيان الصهيوني الغاصب , وليس إنتهاءاً بالأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة والبيض في أوروبا وأمريكا , وبدعم عروش وحكومات الدول الخليجية الخانعة والتابعة فقط , وبدعم التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش والنصرة والجيش الحر والخوذ البيضاء وأنتيفا وبوكو حرام وحركة يقين وجماعة أبو سياف ....إلخ , بإختصار هي تدعم اللصوص والقتلة والمجرمين والإرهابيين والتابعين والمنفذين لمشاريعها الشريرة حول العالم ... ولن يخرج دعمها لـ "قسد" عن هذا السياق والمسار .

فمن يرصد أفعال "قسد" على الأراضي السورية , والتي أصبحت معروفة للقاصي والداني , ومن سرقة المحاصيل الزراعية إلى حرقها , ومن السيطرة على حقول النفط إلى توقيع إتفاقياتٍ مشبوهة لبيعها (التوقيع مع شركة دلتا كريسنت انيرجي) , إلى قطع المياه عن المواطنين , وجني الأتاوات , وتعذيب الناس , تجنيد الشباب بالقوة , وسلب كل إرادة وفرض كل هيمنة , ناهيك عن التكريد الممنهج .

فما أكثر المدنيون من الشباب السوريين اللذين تعرضوا للإعتقال وجرهم من بيوتهم وإقحامهم قسراً لحمل السلاح في صفوف ميليشيات "قسد" , ناهيك عن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تجنيد "قسد" للفتيات والأطفال القاصرين , سواء على الأراضي السورية أو من استجلبوا بالتضليل والخديعة أو بالخطف من جبال قنديل وغير مكان .

ماذا عن الديمقراطية في مناطق إحتلالهم وما تسمى بـ "الإدارة الذاتية"... تبدو الممارسات الإجرامية التي يقومون بها خير دليل على زيف الإدعاءات الديمقراطية التي يدعونها , ناهيك عن تعاظم الفساد المتفشي في "هيئات الإدارة الذاتية" , ذاك الفساد الذي لم يستطع المدعو "مظلوم عبدي" إنكاره , خصوصاً في عين العرب /"كوباني" , وفي صفوف عائلته وأقاربه , اللذين يشغلون معظم المناصب الحاكمة فيها... حيث تطرق "عبدي" في حديث نشرته صحيفة شفق لمقابلته مع فضائية "روناهي" ، إلى موضوع الفساد والقصور داخل الإدارة الذاتية وقال :"تم إنشاء الإدارة الذاتية في ظروف الحرب ، ولم يكن ذلك سهلاً ... يجب معالجة العديد من النواقص وسنعمل مع الإدارة الذاتية لمعالجة هذه القضايا", وأكد أن " الكثيرين خلال الحرب قد استغلوا الفجوة لمصالحهم واستغلوا مناصبهم ومسؤولياتهم" , وتعهد بمعالجة القضية , فهل يبدأ المعالجة من داخل العائلة ؟.

وقد لوحظ مؤخراً إتجاه "قسد" إلى مضاعفة إجرامها وإعتداءاتها على الممتلكات العامة والمواطنين السوريين بكافة أطيافهم , ووصلت حد إطلاق الرصاص الحي عليهم ... يبدو أنها حسمت موقفها وأحرقت مراكب عودتها , ويبقى السؤال كيف لها أن تضاعف تنمرها ووحشيتها إن لم تكن قد حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي حصرياً , والذي أعاد شحذ قادة الأجنحة الإنفصالية داخل "قسد" , وأعاد إطلاق شهواتهم الإنفصالية والمصالحية , الأمر الذي يدفعهم نحو الإستمرار بتعطيل الحوار والإتفاق مع دمشق هذا من جهة , ومن جهة أخرى , ونحو الإستمرار بمنح العدو التركي ذريعة التوغل داخل الأراضي السورية,  بما يضاعف تأزيم الواقع ويعقد مهمة الجيش العربي السوري.

تقول الخارجية الأميركية: "قسد لن تتمكن من الاستمرار في محاربة الإرهاب و حراسة سجناء داعش وعوائلهم وحدها" , وتقول أيضاً : "سنجدد الجهود للتوصل الى حل سياسي في سوريا بعد التشاور مع حلفائنا", ويؤكد سياسييها بأنهم باقون في سوريا ولن يغادروها حالياً.

هل هو قصف تمهيدي لإقالة "قسد" والإستغناء عن خدماتهما ؟ أم هو تمهيد جديد لرفدهم ودعمهم عبر إقتراض بعض الإرهابيين المحليين من المعسكر التركي ؟ ... أهو القبول الأمريكي وقبول "قسد" بالتحالف العلني مع الأتراك , وبوضع الإدارة الذاتية تحت حمايةٍ وإشراف تركي – إخواني , من خلال المشروع الأردوغاني لإحتلال الشمال السوري ؟

لقد كان الإصرار الأمريكي لحماية "قسد" وتمويلها وتسليحها واضحاً , ووصل حد تهديد الرئيس ترمب لتركيا " سأدمر تركيا اقتصادياً إذا هاجمت الأكراد" ، فيما كان أردوغان واضحاً في مقالٍ كتبه بنفسه في العام 2019 ونشرته صحيفة " نيويورك تايمز" أعلن فيه أن "الكرد ليسوا أعدائه, ماعدا تلك التنظيمات التي تصنفها بلاده بالإرهابية, وأعلن دعمه للكرد وبالمحافظة على مجالسهم المحلية وما أنجزوه على طريق مشروعهم الإنفصالي, شريطة أن تشرف تركيا على إدارة المنطقة"... وقوبل عرضه يومها في بيان أصدرته "قسد" أعلنت فيه عن تقديم الدعم اللازم لإقامة المنطقة "الاّمنة" بضمانات دولية وليس تركية...

ويبقى السؤال , هل وصلت الإدارة الأمريكية الجديدة على جسور التمهيد والتحضير الفعلي على الأرض , وبات إعلانها عن عملية "دمج" قسد (كي - لا تبقى لوحدها - ) ووضعها ومشروعها الإنفصالي وإدارتها الذاتية  تحت العنوان التركي العريض لإحتلال الشمال والشرق السوري , بما يعني الترجمة الفعلية لمعارك سلم واستلم , وإرتداء أي بزة عسكرية تحت أي علم حتى لو كان العلم التركي وعلم الإنتداب ؟ , والقبول بالتمثيل التركي المهيمن على المعارضة السورية بإطارها الأوسع ما بعد "الدمج" ؟ أم ستقبل به تحت التهديد بتقدم الإجتياح وقذائف المدافع التركية ؟.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

9/2/2021 

هل تتجه واشنطن حقاً نحو تبريد الملفات وتقديم التنازلات - م. ميشيل كلاغاصي

هل تتجه واشنطن حقاً نحو تبريد الملفات وتقديم التنازلات

المهندس: ميشيل كلاغاصي

منذ لحظاته الأولى في البيت الأبيض , وعد الرئيس جو بايدن بأن: "لا وقت لديه ليضيعه , وأنه الوقت المناسب للعمل" , وتم الإعلان عن إمكانية العودة إلى الإتفاق النووي الدولي مع إيران , والذي قوبل بشيئ من التفاؤل , على الرغم من إنعدام الثقة بالجانب الأمريكي , بالإضافة إلى عمليات الشد والجذب حول كيفية العودة , ومن سيذهب أولاً , أو بإنتظار ظهور اّلية جديدة تعفي الطرفين من طريقة اللقاء "الصعبة" .
بالتأكيد هو تفاؤل ممزوج بشيء من الواقعية , وبالتأكيد ستشمل فائدة العودة جميع الأطراف الموقعة و”الشهود” والعالم , وستعيد للبشرية جمعاء الثقة بالحلول السياسية الممزوجة بالإرادة السياسية الكافية لتراجع مخاطر الحروب .. ويبقى على العقلاء رؤية من يقف ضد رغبة العودة إلى الإتفاق , ومن يسعى لإقحام شروطه تحت لسان الطرف الأمريكي ؟.
ولوحظ  في الفترة الأخيرة , ومن خارج الدول الموقعة وأطراف الإتفاق الأساسيين , نشاط  في التحركات والزيارات والتصاريح والتهديدات وإعلان المواقف المتشنجة , لقادة الكيان الإسرائيلي ولبعض الأنظمة العربية , وصل حد إطلاقهم الشروط  المسبقة على الطرف الإيراني ولسان حالهم يقول :”أنا المعني الأول" , الأمر الذي يضع إدارة بايدن مجدداً أمام إختبار “فحص الدم– الصهيوني" , ويجعلها تنتقل وبكامل الضعف والولاء , من خطة الإمتثال للإمتثال إلى خطة الإنصياع إلى “الوسواس الخناس” , فما أُطلق من مواقف لإخراج إيران من ملفات الصراع ومجال أمنها القومي والحيوي وجغرافياته , كاد يقترب من المطالبة بإخراجها من إيران أيضاً , في محاولة لتناسي وللتعمية على الدور الإيراني وصراعها المفتوح في مواجهة المد الصهيوني في المنطقة , والصراع المركزي وأساسه الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين , بالإضافة لدورها الرئيسي في دعم دول وأحزاب وفصائل محور المقاومة , ودورها الإنساني والأخلاقي – العقائدي في دعم كافة قوى التحرر في العالم .
بالنسبة لواشنطن , تبدو خطة العمل المشتركة الشاملة , وإزالة النزاع النووي كنقطة توتر رئيسية بين الولايات المتحدة وإيران , وسيعيق وصول إيران إلى إمتلاك القنبلة النووية والحد من تطور صواريخها البالستية , كذلك سيساعد واشنطن على تبريد الأجواء تدريجياً , ويمنحها فرصةً “باردة” لتقليص تواجدها العسكري في الشرق الأوسط  وحمايته , والإنسحاب إلى قواعدها القديمة والجديدة في دول الخليج العربي , وقد يمنحها مرونةً وحيوية للتحرك السياسي على خط تهدئة الصراعات المفتوحة من سوريا إلى اليمن مروراً  بلبنان – هذا إن صدقت النوايا -.
وبالنسبة لطهران ، فإن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة سترفع العقوبات التي تسببت بالأذى الكبير للاقتصاد الإيراني , وستمهد الطريق لإعادة تأهيل العلاقات الإيرانية السياسية والإقتصادية بشكلها الطبيعي مع الكثير من الدول التي وقفت ضدها بالوكالة أو الأصالة , وستضع حداً لذرائع الحملة الأمريكية المستمرة ضدها منذ أربعين عاماً , إلى أمدٍ يطول أو يقصر بحسب إلتزام واشنطن بالمخططات الصهيونية الكبرى وما تحيكه لساكني الأرض ومنطقة الشرق الأوسط وغرب اّسيا تحديداً.
إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران...
فمنذ يومها الأول , أطلقت إدارة بايدن عشرات المواقف كالتراجع عن إعتبار الحوثيين جماعة إرهابية , أتبعتها بتصاريح واضحة عن توقف دعمها لتسليح السعودية خصوصاً تلك الأسلحة التي تستخدمها في اليمن , ومن ثم إعلانها الصريح عن ضرورة وقف الحرب هناك... وما صدر عن الخارجية الأمريكية حيال :"تجديد الجهود للتوصل إلى حل سياسي في سوريا بعد التشاور مع الحلفاء", بالتوازي مع تصريحاتها حول عدم قدرة "قسد" على مواجهة داعش بمفردها...  هذا بالإضافة إلى ما أعلنته بنفسها وعبر حليفها الفرنسي وعدة دول أوروبية , حول ضرورة إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران.
يبدو من السذاجة ذاك الكم الإعلامي وتصريحات السياسيين الأمريكيين حول الحالة الإنسانية في اليمن , والذي شكل الدافع الرئيسي لقناعتهم بضرورة وقف الحرب , فيما الحقيقة تشي بعكس ذلك , فالهزائم العسكرية التي تكبدها الغزاة السعوديون والخليجيون ومرتزقتهم لخصها - يوم أمس الأول - العميد يحيى سريع , بإعلانه عن خسائر العدو خلال شهر كانون الثاني 2021 , وبإسقاط /6/ طائرات تجسسية , وإعطاب /92/ مدرعة وآلية عسكرية , وبمقتل وإصابة /1283/من قوى العدوان بينهم /74/ جندياً سعودياً و/75/ عنصراً من مرتزقة الجيش السوداني..  ومن جهة أخرى يبدو التخلي عن حرب اليمن وعن الأطماع السعودية فيه , ملفاً مناسباً تقدمه الولايات المتحدة على شكل تنازلات لإيران ومحور المقاومة.
كذلك , ما يتعلق بـ التخلي عن "قسد" كأداة أمريكية مباشرة على الأرض , يبدو ملفاً مناسباً لواشنطن كي تلوح به للتفاوض مع دمشق وترمي به من باب تقديم التنازلات لضمان خروجها وإنسحابها الاّمن والفوز بسمعتها وبسرقاتها وحياة جنودها .. من المؤكد أن واشنطن قرأت بعناية خاصة ما يحدث في الحسكة والقامشلي ودير الزور , ومستوى الغضب والغليان الشعبي ضد ممارسات إرهابيي "قسد" , ولن تكون واشنطن بوارد تحويل وجودها اللاشرعي لحماية – مرتزقة الإنفصاليين - .. بالإضافة لإستغلال هذا الملف كتنازل في التفاوض الإقليمي مع إيران , أو من خلال إحدى البوابات الخلفية للإتفاق النووي.
في الوقت الذي يبقى فيه إقحام العدو الإسرائيلي في الإتفاق , لا يعدو أكثر من تشاركية معلنة لواشنطن وتل أبيب , كانت سابقاً وستستمر في الحاضر والمستقبل , ولن نذيع سراً بأنهما اختارا المصير المشترك إنطلاقاً من الرحم المشترك , ولا يعطي أياً من المؤشرات حول إتجاه واشنطن نحو تبريد كافة الملفات وتقديم التنازلات المؤلمة , ولا تبدو مستعدة وقادرة على تقديم أي تنازل أمريكي على حساب المصالح الإسرائيلية - الأمريكية المشتركة , طالما امتلكتا سويةً أدوات وأوراق كثيرة يمكنهما المقامرة بها.

6/2/2021 

Saturday, February 6, 2021

استمرار العدوان الإسرائيلي على سوريا ... الملفات الصعبة والتنازلات الأمريكية م. ميشيل كلاغاصي

 

لم تتوقف الإعتداءات الإسرائيلية على سوريا , منذ بداية الحرب الإرهابية – الدولية على شعبها وأرضها ومواقعها العسكرية وبناها التحتية .. وتدرجت من خلالها سلطات العدو الإسرائيلي ما بين إتباع سياسة الصمت وعدم التعليق , إلى سياسة النفي , إلى الإعتراف بالعدوان والغارات , ووصلت مؤخراً حد الإعلان المسبق عن عدد ووتيرة شن الإعتداءات " ثلاث هجمات كل عشرة أيام" ...

كذلك , تدرجت بإعلانها مجموعة من الأهداف الواهية وصولاً إلى المختلقة والملفة بالمطلق , واعتمدت على وسائل الإعلام التضليلي الكاذب سواء كان أمريكياً أو أوروبياً أو عربياً , من خلال إعتمادها على ما يمكن تسميته بالـ "الرواية الإسرائيلية ".

وابتدعت عشرات الروايات والمبررات الخيالية , والتي بدأت من حماية الشعب السوري , إلى حماية نفسها وأمنها , وصولاً إلى روايات استهدافها لمنشاّت "نووية سورية" قيد الإنشاء أو تحت الأرض , ومراكز أبحاث وما شابه , ومع استنزاف الروايات وتكرار استهداف المواقع نفسها , تحولت إلى رواية استهداف ممرات وطرق تحرك قوافل ومخازن الأسلحة والصواريخ الإيرانية على الأراضي السورية , إلى استهداف أماكن تمركز القوات الإيرانية , وحزب الله ...إلخ .

وما لم تعلنه مصادر العدو الإسرائيلي وقيادته , بأن عدوانها تركز على دعم ومساندة المجاميع الإرهابية , خصوصاً في اللحظات الحرجة التي يقوم بها الجيش العربي السوري بسحق هؤلاء الإرهابيين , كذلك لم تعلن محاولاتها العديدة واستهدافها المتكرر لوسائط الدفاع الجوي السوري و راداراته ومطاراته , واسترتيجيتها التدميرية لكل هدف عسكري ومدني تستطيع الوصول إليه , ولم تعلن عن اعتداءاتها التي نفذت من خلالها سلسلة جرائم الإغتيالات للعديد من القادة على الأراضي السورية , ولم تعلن استهدافها للمدنيين السوريين الاّمنين , والأهم أنها لم تعلن عن هجماتها الإستفزازية بهدف إكتشاف المقدرات العسكرية السورية الجديدة والصواريخ الدقيقة.

ولم تعلن عن إعتداءاتها بهدف تصدير مشاكلها الداخلية , وإنتخاباتها , لحماية قادتها الفاسدين من الملاحقات القانونية داخل الكيان الغاصب .. ناهيك عن الإعتداءات الإستعراضية للإدعاء بالقوة وجهوزية "جيشها" , وإعتداءات الرسائل السياسية لأعدائها وأصدقائها على حدٍ سواء , كتلك التي نفذتها لمنع الولايات المتحدة من مغادرة الأراضي السورية والإنسحاب منها , ناهيك عن الإعتداءات وربطها بأهداف إقليمية وملفات دولية ....

يقولون من فمك أدينك .. فقد قد سمع العالم مؤخراً وعلى لسان رئيس الأركان الإسرائيلي أ. كوخافي أن : "إسرائيل نفذت / 500/غارة جوية  ضد سوريا في عام 2020" , كذلك صرح سلفه آيزنكوت العام الماضي بأن: "إسرائيل نفذت آلاف الغارات على أهداف إيرانية في سوريا خلال السنوات الماضية".

وفي خضم هذه الغطرسة , والمجاهرة بالقفز على القانون الدولي على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة المؤسسات الدولية , وأمام أعين دول وحكومات وشعوب العالم .. وفي حال الإعتماد على دقة هذه الأرقام , يبقى السؤال عن "إنجازات" العدو الإسرائيلي على الصعيد العسكري والسياسي والشعبي في الداخل السوري والمحيط الإقليمي والدولي , ونستطيع تلخيص ما "كسبته" بما لا يعدو أكثر من تدمير لبعض البنى التحتية والاّليات العسكرية وإراقة الدماء ... في الوقت الذي لم تستطع فيه التأثيرعلى القيادة السورية وإرادة القتال في صفوف ضباطها وعسكرييها وشعبها , ولم تستطع حماية المجاميع الإرهابية في غالبية المناطق , حيث تم القضاء عليهم وإستعادة أمن وأمان البلدات والقرى والمدن , ولم تستطيع التأثيرعلى القدرات العسكرية السورية وخطط تطويرها , ولازالت القبضة العسكرية السورية تدب الرعب في نفوس كافة الإسرائيليين قادة ومجتمع المستوطنين المحتلين , وتكفي صافرة إنذار واحدة لإدخالهم وقادتهم إلى الملاجىء – عسى الذكرى تنفع - .

ويبقى من اللافت مع كامل عنجهيتها العسكرية , رضوخها تحت تأثير منظومة الردع المقاوم , وخصوصاً ردع المقاومة الإسلامية في لبنان , ولوعود وخطابات سماحة السيد حسن نصر الله , في الوقت الذي لم تستطع فيه قوات العدو الإسرائيلي تغيير أو فرض أية معادلة ردع أو قواعد اشتباك جديدة , وتبدو كمن ينتظر مصيرها أمام جهوزية محور المقاومة مجتمعاً.

إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران...

منذ وصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض , أطلقت عشرات المواقف كالتراجع عن إعتبار الحوثيين جماعة إرهابية , أتبعتها بتصاريح واضحة عن توقف دعمها لتسليح السعودية خصوصاً تلك الأسلحة التي تستخدمها في اليمن , ومن ثم إعلانها الصريح عن ضرورة وقف الحرب هناك... وما صدر عن الخارجية الأمريكية حيال :"تجديد الجهود للتوصل إلى حل سياسي في سوريا بعد التشاور مع الحلفاء", بالتوازي مع تصريحاتها حول عدم قدرة "قسد" على مواجهة داعش بمفردها...  بالإضافة إلى ما أعلنته هي وفرنسا وعدة دول أوروبية , حول ضرورة إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران.

يبدو من السذاجة ذاك الكم الإعلامي وتصريحات السياسيين الأمريكيين حول الحالة الإنسانية في اليمن , والذي شكل الدافع الرئيسي لقناعتهم بضرورة وقف الحرب , فيما الحقيقة تشي بعكس ذلك , فالهزائم العسكرية التي تكبدها الغزاة السعوديون والخليجيون ومرتزقتهم لخصها بالأمس العميد يحيى سريع , بإعلانه عن خسائر العدو خلال شهر كانون الثاني 2021 , وبإسقاط /6/ طائرات تجسسية , وإعطاب /92/ مدرعة وآلية عسكرية , وبمقتل وإصابة /1283/من قوى العدوان بينهم /74/ جندياً سعودياً و/75/ عنصراً من مرتزقة الجيش السوداني... هذا من جهة , ومن من جهة أخرى يبدو التخلي عن حرب اليمن وعن الأطماع السعودية فيه , ملفاً مناسباً تقدمه الولايات المتحدة على شكل تنازلات لإيران ومحور المقاومة.

كذلك , ما يتعلق بـ التخلي عن "قسد" كأداة أمريكية مباشرة على الأرض , يبدو ملفاً مناسباً لواشنطن كي تلوح به للتفاوض مع دمشق وترمي به من باب تقديم التنازلات لضمان خروجها وإنسحابها الاّمن والفوز بسمعتها وبسرقاتها وحياة جنودها .. من المؤكد أن واشنطن قرأت بعناية خاصة ما يحدث في الحسكة والقامشلي ودير الزور , ومستوى الغضب والغليان الشعبي ضد ممارسات إرهابيي "قسد" , ولن تكون واشنطن بوارد تحويل وجودها اللاشرعي لحماية – مرتزقة الإنفصاليين - .. بالإضافة لإستغلال هذا الملف كتنازل في التفاوض الإقليمي مع إيران , أو من خلال إحدى البوابات الخلفية للإتفاق النووي.

أما ما يتعلق بإقحام العدو الإسرائيلي , فلا يعدو أكثر من تشاركية معلنة لواشنطن وتل أبيب , كانت سابقاً وستستمر في الحاضر والمستقبل , ولن نذيع سراً بأنهما اختارا المصير المشترك إنطلاقاً من الرحم المشترك , وعليه لن يكون التنازل الأمريكي على حساب المصالح الإسرائيلية - الأمريكية المشتركة , طالما امتلكتا أدوات كثيرة وأوراق يمكن المقامرة بها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

6/2/2021