Friday, November 26, 2021

هل تكرّر واشنطن مخطّط "الربيع العربي" في دول رابطة "آسيان"؟ م. ميشيل كلاغاصي


مع نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، وللمرة الأولى منذ 4 سنوات، حضر رئيسٌ أميركي القمة السنوية لرابطة دول جنوب شرق آسيا، ليتحدث عن "رؤية مشتركة وتنافس متكافئ يحكمه القانون"، في وقتٍ تسعى إدارته اليوم لإظهار اهتمامها بالمساهمة البناءة مع رابطة "آسيان"، في حين أنها تحاول الضغط على غالبية دول الرابطة لمواجهة الصّين بالنيابة عنها، واستخدامها كعصا غليظة لمنافستها والحدّ من الحركة النشطة للاقتصاد الصّيني، من خلال استراتيجية وخطط خاصّة وضعتها واشنطن لهذه الغاية، فقد تحدّث الرئيس جو بايدن عن "102 مليون دولار لتوسيع هذه الشراكة الاستراتيجية"، وشدّد على أهميتها الحيوية "للحفاظ على الانفتاح وحرية الحركة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، وتوجيه التمويل نحو برامج الصحة والمناخ والاقتصاد والتعليم.

على الرغم من إدراك دول "آسيان" أنَّ الولايات المتحدة تسعى لاستخدامها ضد الصين، فإنها تفضّل عدم الانحياز إلى أيّ طرف، وتحاول الاستفادة من علاقاتها البنّاءة مع الجميع، ولن يكون اختبارها وجعلها تقف أمام خيارين أمراً جيداً، وسيكون مقلقاً للبعض، فيما سيرفضه البعض الآخر سلفاً، فالصين تعتبر حتى اللحظة أكبر شريك تجاري لرابطة دول جنوب شرق آسيا، إن كان داخل "آسيان" أو ضمن حدود القارة الآسيوية، في حين تعتبر الولايات المتحدة بشكلٍ عام ثاني أكبر شريك تجاري للعديد من دول "آسيان" من خلال العلاقات الثنائية.

ويبدو من الصعوبة بمكان أن تجد واشنطن وسيلةً مناسبة لإقناع تلك الدول وجذبها لاستبدال علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع الصين، ناهيك بالاستثمارات الصينية ومشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الأخيرة، بما فيها خطوط السكك الحديدية للقطارات الفائقة السرعة للربط بين دول الرابطة، إضافةً إلى بناء السدود والجسور والطرق السريعة وتنامي العلاقات العسكرية معها وتزويدها بالطاقة.

كما تجدر الإشارة إلى العلاقات السياحية وأعداد الصينيين الذين يتجهون نحو دول "الآسيان" سنوياً، بما يساهم في تنشيط أسواق تلك الدول، إضافةً إلى اللقاحات المضادة لفيروس "كوفيد – 19"، التي لم تتوقف الصين عن توريدها لهم.

وعلى الرغم من العلاقات المتينة والمتطوّرة بين الصين ودول "الآسيان"، فإنَّ ذلك لم يمنع وجود بعض الخلافات والتحديات والمصالح المتداخلة في بحر الصين الجنوبي، وسط سعي أميركي لاستغلالها وفتح الثغرات وتحويلها إلى نزاعات وصراعات، تفسح المجال وتجد الذريعة للقوات العسكرية الأميركية لترسيخ وجودها وتكريسه أكثر فأكثر في المنطقة.

من الواضح أنَّ الولايات المتّحدة لم تستطع تحقيق النجاح في هندسة صراع دول "الآسيان" مع الصين، لكنها استطاعت جذب أستراليا في أوقيانوسيا وبريطانيا في أوروبا كقواعد تثبيت ومراقبة وتهديد، في عالمٍ متعدد الأقطاب لا مكان فيه للحياد مع استمرار الهيمنة الأميركية الشرسة، التي تسعى لزراعة وتبني الجماعات والأحزاب المناهضة للصين داخل دول الرابطة، عن طريق التدمير والتخريب الاقتصادي، في ظل وجود حكومات حالية غير مهتمة بتحويل الصين إلى عدو والقارة الآسيوية إلى ساحة معركة، فهل تحاول واشنطن السير في لعبتها المحبّبة بتغيير الأنظمة واستبدالها بأنظمة عميلة أو خانعة، في محاولةٍ لتكرار "الربيع العربي" وإشاعة الفوضى والخراب على امتداد خطّ سير مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، والذي تعتبره واشنطن من ضرورات تأخير الصين وعودة الولايات المتحدة إلى نغمة التفوق الاقتصادي، وفرصة لإعادة رسم دورها العالمي الذي يفوق دول العالم كافة؟

المهندس: ميشيل كلاغاصي

22/11/2021 

Saturday, November 20, 2021

الجيش الأوروبي ضرورة استراتيجية أم مجرد رد إعتبار وإعادة تموضع - م. ميشيل كلاغاصي


على الرغم من تحذير الناتو ومحاولات واشنطن لمنع تشكيل قوة عسكرية أوروبية مشتركة ، تبدي عديد الدول الأوروبية والإتحاد الأوروبي إصراراً كبيراً على بناء هذه القوة , نتيجة شعورها بالإحباط من سياسة الولايات المتحدة تجاهها , وعدم إظهارها ما يكفي من إحترام لمصالح تلك الدول , وسط مخاوف البعض من عدم جدوى مشاركتها في حلف الناتو وجدية حمايته لها , وباتت تطلع إلى ضرورة تنظيم القوات المسلحة الأوروبية دون الإعتماد على الناتو.

لم يعد الأوروبيون يحتملون مرارة السير وراء سياسة البنتاغون والخارجية الأمريكية , وباتوا على يقين أنهم يتبعون طريقاً خاطئاً ومعاكساً لمصالح دولهم وشعوبهم , وأن وجودهم في الحلف الأطلسي قد فقد بريقه , في وقتٍ تتجه فيه الولايات المتحدة نحو غير أحلاف وغير تكتلات ( أوكوس على سبيل المثال ) , وبأنهم باقون لأجلها, ويعادون روسيا وإيران وبيلاروسيا وغير دول لأجل أجندات أمريكية بحتة , وبأنهم على أعتاب خوض المعارك لأجل إنقاذ الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط , وحروب البحر الأسود وبحر الصين الجنوبي وغيرها .

وفي سبتمبر/ ايلول الماضي، وتحت قبة البرلمان الأوروبي , اقترح حزب الشعب الأوروبي أكبر الأحزاب السياسية في الإتحاد الأوروبي ، إنشاء جيشٍ أوروبي جديد , يحرص أن يكون جزءاً من استراتيجية الدفاع والأمن المشتركة المستمرة للإتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من وجود معارضة سياسية لإنشاء هذا الجيش داخل الإتحاد الأوروبي , خصوصاً من الأدوات الأمريكية , الذين لم ينفكوا عن إعلان دعمهم لحلف شمال الأطلسي , إلاّ أن عدد المؤيدين آخذ في الإزدياد ، خاصة بعد كارثة إنسحاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان بعيداً عن التعاون مع الدول الأوروبية وإحترام وجود قواتها هناك أيضاً , وفي هذا الشأن أكد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ، جوزيب بوريل :"يجب على أوروبا أن تصبح أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة وأن تنشئ جيشها الخاص" , وتحدث عن ليلة الإنسحاب لصحيفة نيويورك تايمز بأن: "توقيت وطبيعة الإنسحاب تم تحديدهما في واشنطن" , ووجدنا أنفسنا نعمل وفق القرارات الأمريكية , وأكد أنه لا بد للإتحاد الأوروبي من العمل وفق "البوصلة الإستراتيجية الأوروبية".

بالنسبة للدول الأوروبية ، تحول الناتو منذ فترة طويلة إلى ما يشبه "مغارة علي بابا", التي تبتلع كل جهدٍ سياسي وعسكري لجيوش الدول المنضوية في صفوفه ، ويجبرها على ملئ بطون البيروقراطية السياسية والعسكرية , وأسماك القرش في المجمع الصناعي العسكري , المتمركزة عبر الناتو في واشنطن .

يبدو أن موقف من الإتحاد الأوروبي , يُقلق واشنطن والحلف الأطلسي ، ولا بد أن يبذل البيت الأبيض قصارى جهوده لإعادة الإتحاد الأوروبي إلى "رشده" , وبهذا الخصوص , صرّح الأمين العام لحلف الناتو بأن نوايا الإتحاد الأوروبي للدفاع عن نفسه "ستؤدي إلى انهيار الناتو" وأن إنشاء الجيش الأوروبي المشترك سيؤدي إلى "تقسيم المنطقة".

لا يمكن لواشنطن أن تتجاهل خطر نشوء الجيش الأوروبي ومخاوفها من إنهيار الناتو , كذلك تحتاج أوروبا لطرح أسبابها , في وقتٍ لا يمكن لأوروبا أن تتحمل وحدها مسؤولية إنهياره ونتائجها , وعليه أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية ، في سبتمبر/أيلول الماضي , أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ :"إنه من الضروري الإسراع بإنشاء جيش الإتحاد الأوروبي لإنعدام الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية , في حين فضلت وزيرة الدفاع الفرنسي تقديم شيئاً من دبلوماسية الطمأنة بأن: "أي قدرات أوروبية ستقوي حلف شمال الأطلسي" , وهذا يطرح السؤال عن حقيقة الموقف الفرنسي , أم هي مجرد صرخات حاولت باريس إظهار ألمها وإستيائها وشقيقاتها الأوروبيات من اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وبريطانيا في تحالف أوكوس , الذي يلحق الضرر بالعلاقات العسكرية مع الإتحاد الأوروبي.

أخيراً ... هل تستطيع فرنسا وألمانيا تحويل الاتحاد الأوروبي إلى منافس جيوسياسي حقيقي للولايات المتحدة والدول الأنجلو ساكسونية التي انضمت إليهما ( أوكوس )، بدون سندٍ عسكري ؟ وهل يؤمن الإتحاد الأوروبي بأن الجيش الأوروبي ضرورة استراتيجية , أم أنها مجرد محاولات لرد الإعتبار وإعادة التموضع داخل الناتو , وتصحيح العلاقات الأمريكية – الأوروبية , وإلاّ فسيكون الكفاح المرير لإنشاء جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

19/11/2021 

Thursday, November 18, 2021

تهديد محطّة الفضاء الدوليّة وروّادها.. اتهام أميركيّ حقيقيّ أم هوليووديّ؟ - ميشيل كلاغاصي


من المعروف أنَّ روسيا كانت دعت منذ أكثر من 40 عاماً إلى وضع اتفاقية لحظر نشر الأسلحة أو استخدام القوة في الفضاء الخارجي، وقدَّمت مقترحاتها للجمعية العامة للأمم المتحدة.

من السّذاجة بمكان أن تدعي واشنطن أن روسيا تخاطر بأرواح رواد الفضاء، في ظل وجود رائدين روسيين في محطة الفضاء الدولية... ويبقى التعامل مع الإتهامات الأمريكية يحتاج إلى الحذر والتروي , والنظر إلى ما هو أبعد من نص الإتهام .

اتّهمت وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان الدولةَ الروسية بإجراء اختبار "طائش وخطر" للأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية أثناء تدميرها قمراً اصطناعياً سوفياتياً قديماً، وبأنَّ حطامه الفضائي تسبَّب بتهديد سلامة محطة الفضاء الدولية وروادها، ثم تبعتهما فرنسا، عبر صحيفة "لو فيغارو"، بنشر الادعاءات الأميركية، وبإظهار مخاوفها من الأعمال الفضائية التي تقوم بها موسكو.

وبحسب المصادر الصحافيّة لوزارة الخارجية الأميركية والوزير أنتوني بلينكن، أجرت روسيا "بتهور تجارب مدمرة لإطلاق مباشر لصاروخ مضاد للأقمار الاصطناعية ضدّ أحد أقمارها الاصطناعية"، أدّى إلى ظهور "أكثر من 1.5 ألف حطام تحت المراقبة، ومئات الآلاف من شظايا الحطام الفضائي الأصغر، والتي تهدد الآن مصالح جميع البلدان"، وأبدى بلينكن مخاوفه من أن يتحوَّل الفضاء "إلى ساحة معركة بين القوى الكبرى".

 كذلك، زعم رئيس الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأميركية (ناسا)، بيل نيلسون، أنَّ ما حصل "طائش وخطر"، وعرّض طاقم محطة الفضاء الدولية ورواد الفضاء التابعين لها والمحطة المدارية الصينية للخطر، ووصف بالعمل بكونه "غير مسؤول ومزعزعاً للاستقرار"، في حين ادّعى البنتاغون، وتحديداً قيادة الفضاء للقوات المسلحة الأميركية، أن إسقاط روسيا هذا القمر "أدى إلى ظهور الحطام في مدار أرضيّ منخفض، وبأنَّ روسيا تواصل تطوير أنظمة أسلحة مضادة للفضاء، ما يقوّض الاستقرار الاستراتيجي، ويشكّل تهديداً لجميع الدول".

وقد سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى نفي الادعاءات الأميركية، ووصفتها بالتصريحات "المنافقة"، وأكَّدت أن الاختبار الذي أجرته وزارة الدفاع الروسية يوم الإثنين، بعلم ويقين من الولايات المتحدة، ناجح من حيث زمن الاختبار والبارامترات المدارية، وأنه لم ولن يشكل تهديداً للمحطات المدارية والمركبات الفضائية والأنشطة الفضائية، وسبق أن قامت الولايات المتحدة والصين والهند بتجارب مماثلة في الفضاء الخارجي، وأن الاتهامات الأميركية تعتبر بمثابة تهديد، ولا بد لموسكو من تعزيز قدراتها الدفاعية.

كما عرضت وزارة الدفاع شريط فيديو يحاكي مسار شظايا القمر المدمر ومدار محطة الفضاء الدولية بناء على معطيات حقيقية، ويظهر حركة الأجسام في مداراتٍ ومساراتٍ مختلفة، ويحدد مسافة بعد المحطة الفضائية الدولية بـ40-60 كم، ما يثبت أنَّ محطة الفضاء الدولية ليست في خطر، إضافةً إلى لقطات مصوّرة تثبت أنَّ الحطام لم يهدد الأقمار الاصطناعية لمحطة الفضاء الدولية، وأن المزاعم الأميركية "غير واقعية".

ومن المعروف أنَّ روسيا كانت دعت منذ أكثر من 40 عاماً إلى وضع اتفاقية لحظر نشر الأسلحة أو استخدام القوة في الفضاء الخارجي، وقدَّمت مقترحاتها للجمعية العامة للأمم المتحدة، وآخرها في أكتوبر/تشرين الأول، وحثَّت جميع الدول على "عدم إنشاء واختبار ونشر أسلحة فضائيّة واستخدامها ضد أهداف على الأرض أو في الجو، والقضاء على مثل هذه الأنظمة التي تمتلكها بعض الدول فعلياً".

كما دعت إلى "عدم اختبار أو استخدام المركبات الفضائية المأهولة لأغراض عسكرية، بما في ذلك تلك المضادة للأقمار الاصطناعية". وعلى العكس تماماً، كانت قد اقترحت في شباط/فبراير فرض حظر دولي على نشر الأسلحة في الفضاء، واستخدام الفضاء "لأغراض إبداعية، لمصلحة البشرية جمعاء" فقط... في الوقت نفسه، يغيب عن الذاكرة الأميركية قيامهم في العام 2008 بإسقاط أحد أقمار التجسس الأميركية بصاروخ تم إطلاقه من المحيط الهادئ وعلى ارتفاع 246 كم فقط.

من المهم التأكيد أنّ اهتمام الإدارة الأميركية لا يرتبط بهذه الاتهامات فقط. ويبدو أنه تخطيطٌ مسبق لسَوْق الاتهامات ضد موسكو وبكين، بالترويج إلى أنّهما يعملان من أجل عسكرة الفضاء وتهديد الأقمار الاصطناعية الأميركية، في سياق الحرب الباردة التي تحرص واشنطن فيها على التصعيد الدائم.

من السّذاجة بمكان أن تدعي واشنطن أن روسيا تخاطر بأرواح رواد الفضاء، في ظل وجود رائدين روسيين في محطة الفضاء الدولية، لإخفاء الاستياء الأميركي من التفوق العسكري والعلمي والتكنولوجي الروسي، وكان عليها البحث عمن يصدق أكاذيبها، في ظل تاريخ الحكومات والرؤساء الأميركيين الشهير في الكذب، فقد تسبَّبت أكذوبة الرئيس جيمس بوك على الكونغرس في العام 1846 باندلاع الحرب المكسيكية الأميركية، وتسبَّبت أكاذيب الرئيس ويليام ماكنلي في العام 1989 باندلاع الحرب الأميركية الإسبانية.

وتبقى الأكذوبة الأشهر في العصر الحديث، تلك التي أطلقها الرئيس جورج بوش الابن، حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، واستخدمه ذريعة لشن الحرب على العراق واحتلاله وتدميره، إضافة إلى فضيحة أو أكذوبة "ووترغايت"، ناهيك بأكاذيب الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن حيال الأسلحة والقنبلة النووية الإيرانية، واتهام سوريا باستخدام الأسلحة الكيميائية عبر تزييف التقارير الأممية، فضلاً عن أكذوبة "محاربة داعش" في سوريا والعراق، في وقتٍ تيقّن العالم مسؤوليتها في صناعته وقيادة أعماله الإرهابية.

ولم تسلم الصين من الأكاذيب والادعاءات الأميركية، فقد اتّهمتها مؤخراً بإقامة قاعدة عسكرية على الحدود الطاجيكية - الصينية، في حين أنّ "القاعدة" ليست عسكرية، وتنحصر مهامها بالأعمال اللوجستية، من خلال اتفاقية أمنية أبرمتها وزارة أمن الدولة الصينية    مع وزارة الداخلية الطاجيكية، لإدارة مكافحة الجريمة المنظمة وحماية الحدود
المهندس: ميشيل كلاغاصي
17/11/2021

العبث والتوسع الأمريكي التركي في اّسيا الوسطى - م. ميشيل كلاغاصي

بعد الانسحاب الأمريكي الفاشل من أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة في كابول ، دخل النظام الأمني الإقليمي في آسيا الوسطى مرحلة جديدة وسريعة لإعادة تشكيله وفق المستجدات والتداعيات الخطيرة لهذا الإنسحاب , وعليه يكثف اللاعبون الأمريكيون والأتراك والصينيون جهودهم في مناطق نفوذ الإتحاد السوفيتي السابق.

ومع النشاط المكثف للحليفين الأطلسيين , الولايات المتحدة وتركيا ، لم يعد بالإمكان تجاهل خطورة أهدافهما التوسعية في اّسيا الوسطى , خصوصاً مع لجوء تركيا لإستخدام ماضيها العثماني الإستعماري كسياسة فعالة لتقوية علاقاتها مع دول المنطقة من خلال الترويج لفكرة "طوران الكبرى" , التي تسعى لتوحيد كافة الشعوب الناطقة بالتركية في إمبراطورية واحدة تمتد من الأناضول إلى آسيا الوسطى , فيما لا تزال الولايات المتحدة تأمل في البقاء في المنطقة من خلال قواعدها العسكرية في بعض دول آسيا الوسطى.

في الوقت الذي لم ترصد فيه جهود روسية واضحة للحد من نفوذ وتغلغل الولايات المتحدة وتركيا في آسيا الوسطى ، تبذل واشنطن وأنقرة جهوداً حثيثة لمراقبة التحركات الصينية , وللحد من قدراتها , حتى لوكان ذلك على حساب المساس بها بشكل علني ومباشر, والإستفادة من ماكيناتها الإعلامية الضخمة والمنتشرة حول العالم , لتشويه السياسات الإقليمية للصين والترويج لخطرها على عموم المنطقة.

فقد قامت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بنشر معلومات حول مزاعم بقيام الصين بإنشاء عدد من القواعد العسكرية في طاجيكستان , استكمالاً لما بدأته عام 2017 بإقامة قاعدة صينية سرية في منطقة مورغوب -غورنو باداخشان , والتي تتمتع بالحكم الذاتي في طاجيكستان على الحدود الأفغانية , بالإعتماد على جنود صينيين من إيغور- شينجيانغ.

ورغم ترويجها تلك المزاعم , فشلت الولايات المتحدة في إثارة الخلافات بين روسيا والصين ، نتيجة العلاقات الصينية – الروسية المتينة , والتفهم الروسي للموقف الصيني الذي يسعى للسيطرة على "النشاط" المحتمل لمسلحي الأيغور الأفغان , وكذلك من خلال معرفة الروس والطاجيك والأفغان حجم المنشأة الصينية الصغير , والأعمال اللوجستية فقط التي تقوم بها الصين عبرها. 

ومن خلال السلوك الأمريكي في أفغانستان , بات واضحاً أن غالبية دول اّسيا الوسطى لا ترغب بوجود وتمركز القوات الأمريكية في المنطقة , الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى شن حملة دعائية ومزاعم بناء الصين لقواعد عسكرية جديدة .

ومع ذلك ، سرعان ما تم رصد المزاعم الأمريكية , من خلال الإعلان الرسمي للسلطات الطاجيكية ، بأن الصين ستبني بالفعل قاعدة في منطقة غورنو باداخشان ، على الحدود مع الصين وأفغانستان , لكنها ستكون في إطار وحدات الرد السريع لإدارة مكافحة الجريمة المنظمة التابعة لوزارة الشؤون الداخلية في طاجيكستان , وسيتم بنائها كجزء من اتفاقية بين وزارة الداخلية الطاجيكية ووزارة أمن الدولة الصينية.

لا شك بأن قرار الصين ببناء هذه القاعدة يعود لسعيها بالدرجة الأولى , إلى تحقيق مصالحها الأمنية ومنع المقاتلين الأيغور في حركة تركستان الشرقية الإسلامية من دخول الصين والقيام بأعمال تخريبية , كذلك لحماية حدودها من هجمات الجماعات المسلحة في أفغانستان... بالإضافة إلى محاولة الحد من التحركات التوسعية التركية , ولضمان الدعم اللوجستي لحركة نقل البضائع على الطريق بين اّسيا وأوروبا.

يبدو أن النوايا والأهداف التوسعية الأمريكية - التركية , تصطدم بوعي دول وشعوب اّسيا الوسطى , وأنه لن يكون من السهولة بمكان بالنسبة لهما , توجيه ضرباتٍ "تحت الحزام" للتنين الصيني , الذي يستطيع وشريكه الروسي , محاصرة العبث الأمريكي – التركي , لحصد النفوذ والتوسع في منطقة اّسيا الوسطى.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

15/11/2021

 

Friday, November 12, 2021

رحيل إردوغان .. صراعٌ داخلي أم هدفٌ داخلي وخارجي - م. ميشيل كلاغاصي


 سنوات طويلة أمضاها رجب طيب إردوغان في المعترك السياسي التركي الداخلي والخارجي , وتنوعت أشكال أدائه السياسي ما بين الغطرسة والعنجهية والتهديد والوعيد , وقوة التصاريح وارتفاع اللهجة والنبرة , وصولاً إلى الصمت حيناً والرد بالمثل حيناً اّخر, وتقبّل الإهانة أمام الكبار, ناهيك عن النفاق والكذب .. وحَصَدَ عبر السنوات ألقاباً وأوصافاً عديدة كـ السلطان الواهم , راعي الإرهاب , الممثل الهابط , اللص , الأزعر السياسي , البلطجي , الديكتاتور , الأحمق , المستبد , الطاغية ....إلخ... ولم يبق له سوى كتابة السطر الأخير في سيرته التي أرهقت الداخل التركي ودول الجوار والعالم القريب والبعيد , وسط تزايد مؤشرات رحيله.

وعلى مسافة عامين من الإنتخابات التركية , لا يبدو الحراك السياسي الداخلي يصب في صالح الرئيس إردوغان وحزب العدالة والتنمية , مع الإنضمام اليومي لعديد القوى والأحزاب التركية إلى جبهة المعارضة المناهضة لحكمه , والتي لا يمكن تصور نضالها بعيداً عن اللاعبين الدوليين والقوى الفاعلة في الإقليم والعالم , حتى داخل التكتلات والأحلاف التي تشارك فيها تركيا - إردوغان.

قد لا يؤيد البعض نضوج وتبلور فكرة إبعاد الرئيس التركي وفريقه الحاكم عن الساحة السياسية , لكن يبدو من المهم تصور نتائج الإخفاقات الإقتصادية والمالية لسياسته الداخلية , وتدهور الحريات وإمتلاء السجون بالمعارضين السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي ورجال الشرطة والضباط والعسكريين تحت ذرائع حقيقية أو مختلقة , وسط تحميل المعارضة والشارع التركي عموماً الرئيس وحكومته مسؤولية تدهور الحالة الإقتصادية والمالية وتبعات السياسات الداخلية والخارجية الخطرة والخاطئة , التي ستنعكس حكماً على مستقبل الدولة التركية بأكملها.

وبات من الواضح تضعضع النظام التركي وتصاعد موجة الإنتقادات الداخلية ، ما دفعه لإطلاق مخالبه لتطال المواطنين الأتراك العاديين أيضاً واتباع سياسة كم الأفواه وعقوبات السجن , على الرغم من أنهم يسمعون ويرون بأم العين تدهور الحالة الصحية للرئيس إردوغان وكفاحه للنطق ولتحريك ساقيه , ناهيك عن الشكوك حول صحته العقلية والشائعات التي تتحدث عن إصابته بسرطان الكبد , وبنوباتٍ صرعية , وصعوبات في التنفس وتشويش ذهني , والعقاقير الطبية التي يستخدمها لتخيف الرجفان , والاّثار الجانبية لها , بما يشمل مزاجية الإكتثاب وموجات الغضب والعصبية ... 

ونتيجة للأوضاع الداخلية , وانخفاض شعبية الحزب الحاكم ورئيسه , والحملات الحكومية الطائشة ، تحركت بعض مراكز الإستطلاع المؤيدة والمعارضة للنظام التركي الحالي ( شركة أوبتيمار, شركة عادل غور للأبحاث ، وشركات كوندا وسونار وغيرها ).. كما خلُصت في اّب المنصرم استطلاعات مؤسسة "ميتروبول" المستقلة والأكثر شهرة في البلاد , إلى إعتقاد 53.7% من الناخبين الأتراك بأن حزب العدالة والتنمية سيفقد نفوذه كحزب حاكم في انتخابات 2023 ,  مقابل  37.8% ممن يعتقدون بقدرة الحزب على الإحتفاظ بالسلطة.

كما جاء وفقاً لاستطلاع أجرته لجنة السياسة التركية في مركز "يونيليم" للأبحاث في أيلول الماضي ، أن 53% من المواطنين الأتراك فقدوا الثقة في النظام الرئاسي , وسط تراجع مؤيدي الائتلاف الحاكم المكون من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية ، إلى 47% , فيما عبر 33% فقط عن ثقتهم بالرئيس إردوغان... وعلى مستوى الحراك الحزبي الداخلي , عقدت أحزاب (الشعب الجمهوري ، الخير ، السعادة ، المستقبل , الديمقراطي ، وحزب الديمقراطية والتقدم )، اجتماعاً في تشرين الأول تمت فيه مناقشة استعادة النظام البرلماني في تركيا.

قد لا يختلف حال النخب التركية الداخلية عن حال غالبية النخب الغربية , التي استطاعت تقييم السلوك الشخصي والسياسي للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية , والخطاب المليء بالشتائم , والدور السيئ وسياسة المرواغة والنفاق والعداء والعدوان العسكري والتماهي التام مع الإرهاب والإرهابيين , وبات من الصعوبة بمكان العثور على نعوت وأوصاف جيدة للرئيس إردوغان في الصحافة الأمريكية والأوروبية , خصوصاً ما بعد الإنقلاب الفاشل عام 2016. 

ولا بد من الإشارة إلى دور الصحافة الأمريكية حول التدهور الكبير في صحة إردوغان , وما نشرته الـ "فورين بوليسي" بقلم المعلق السياسي ستيفن كوك ومقاطع الفيديو , التي تظهر إردوغان وهو ينام بشكل مفاجئ , والصعوبات التي يواجهها في المشي والنطق , وعن المسكنات التي يحتاجها قبل إدلائه بالتصريحات العلنية ... كذلك ما نشرته "لو بوان" الفرنسية , في مقال تحت عنوان "صحة إردوغان موضع تساؤل" , حيث تناولت خطواته البطيئة وصعوبة نزوله الدرج واتكاؤه على ذراع زوجته .. ناهيك عن تقرير صحيفة "إستيا" اليونانية في منتصف تشرين الأول بأن: "أيام إردوغان باتت معدودة".. بالإضافة إلى هاشتاغ "إنه ميت" الذي نشر في 3 تشرين الثاني على وسائل التواصل الإجتماعي التركي , وسارعت قوى الأمن للقبض على 30 مشتبهاً بهم لإتهامهم ومقاضاتهم.

وفي عصرٍ لا يمكن معه إبعاد الكثير من وسائل الإعلام عن التسييس , بالإضافة إلى تلك المعروفة بالترويج والدعم خصوصاً في الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى , يمكن استخلاص أن التركيز على تدهور الحالة الصحية للرئيس التركي وما يرافقها من إشاعات , يفتح مناقشة ملف رحيله على مصراعيها , والتي يمكنها أن تلعب دوراً حاسماً في الإنتخابات التركية المقبلة , وتساهم في تحقيق ما يصبو إليه أعداء إردوغان ومعارضيه داخل تركيا وخارجها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

12/11/2021

Friday, November 5, 2021

إردوغان ما بين الغرق والغطرسة والعدوان التركي المستمر على سوريا - م. ميشيل كلاغاصي


أكثر من عقدٍ ولا زال السلطان المريض يكابر لاهثاً وراء أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة , دون أن يأبه لحجم الماّسي التي ارتكبها بحق جيرانه وخصوصاً في سوريا , ولا زال يشعر بالحيوية الإجرامية , بما يكفي لإعادة نشر قوات إحتلاله ومئات الجنود والمعدات العسكرية على الحدود السورية – التركية , وتلك الأرتال الإضافية من الدبابات وقاذفات الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي , التي استجلبها مؤخراً نحو الداخل السوري من خلال استمراره بالتعدي وبخرق كافة الأعراف والقوانين الدولية ...

ولازال يتبع سياسة خارجية مارقة إستعمارية يقودها جيش الدولة التركية , واّلاف المرتزقة والإنكشاريين تحت عناوين ثورجية جوهرها شبق القتل والشهوات والمال , حملاتُ وحشود وعمليات عسكرية دأب على استخدامها على غرار العمليات العسكرية السابقة التي نفذتها أنقرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية... وذلك بعد أن حصل على دعمٍ جديد من البرلمان التركي لإستمرار العدوان على سوريا والعراق مدة عامين , استهلها في 29 /10/2021 بقصفٍ مدفعي لبعض القرى التي تسيطر عليها "قسد" في الشمال السوري , وفي محيط ريف الحسكة الشمالي الغربي .. وسط الغضب وتزايد المشاعر المعادية لتركيا , وخروج السوريين في العديد من المدن والبلدات للتظاهر, ودعماً وتأييداً للقيادة والدولة السورية وللجيش العربي السوري.  

وعلى عكس ما يُظهره الرئيس التركي , أصبح الوضع الإقتصادي في تركيا الآن أكثر تفاقماً وحرجاً عن الفترات السابقة , وبات الحديث عن عملية عسكرية جديدة وتكاليفها , يثير التساؤلات في الداخل التركي , حول السياسة الخارجية والإقتصادية لحكومة حزب العدالة والتنمية الحالية , وسط تصاعد مواقف المعارضة الداخلية وتحميلها المسؤولية المباشرة لتردي الأوضاع الداخلية والعلاقات الخارجية للرئيس "السلطان" وحاشيته (حزب العدالة والتنمية) , حيث أكد زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو، أن البيانات الرسمية المعلنة "لا تتوافق الواقع الذي يعيشه الشارع التركي".  

في وقتٍ لا يمتلك رئيس حملة العدوان العثماني رؤية استراتيجية واضحة لشن العملية العسكرية الرابعة في سوريا , ويتحدث عن عدة محاور محتملة لعدوانه , لا يمكن رصد أي مؤشرات لدعم مخططاته وإمكانية نجاحه في مبتغاه ... في حين أنه ماضٍ بتكرار إسطوانة رغبة بلاده بـ "تحييد التهديد الكردي" , محاولاً إخفاء حقيقة بحثه عن موطئ قدم قوي في شمالي سوريا , وحماية المجاميع الإرهابية التركية في قتالها البيني مع غير جماعات في إدلب , وكذلك تحسباً لدخول الجيش العربي السوري الذي يتهيأ لتحرير المحافظة .

لا يمكن استبعاد لجوء الرئيس التركي للتصعيد العسكري في سوريا , وبأنها من بين أفكاره لمعالجة تراجع سياساته على مستوى الداخل التركي وعلاقاته مع واشنطن وموسكو , وتحضيراً للقاءات التي عقدها لاحقاً مع الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي , واستخدامها للتنازلات التي يعلم أنه بصدد تقديمها لكلا القطبين , في قمة مجموعة العشرين ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في روما .

ومن خلال المؤتمر الصحفي للرئيس إردوغان الذي عقده في 31 تشرين الأول على خلفية قمة مجموعة العشرين في روما ، أكد أنه نقل إلى الرئيس بايدن "استيائه" من إمداد الولايات المتحدة لوحدات الحماية الأكراد في سوريا بالسلاح ، وأمله في "ألا تستمر هذه العملية على هذا النحو في المستقبل" ، في الوقت الي أشارت فيه وكالة الأناضول إلى اتفاق الطرفين على إنشاء آلية مشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بشكل أكبر , الأمر الذي يعكس فشلاً أمريكياً – تركيا للتوصل إلى إتفاقٍ مرضٍ لكلا الطرفين في سوريا , وعليه لم يعط إردوغان الضوء الأمريكي الأخضر لعمليته العسكرية المزعومة , وبأن واشنطن لازالت تعول على الأعمال العدوانية الإسرائيلية لتحقيق أهدافها في سوريا , بشكل أكبر من تعويلها على الدور التركي .. في الوقت الذي تؤكد التحركات العسكرية الروسية في شمال البلاد وتحديداً في مدينة القامشلي ومطارها , عن رفض روسي لأي عملية عسكرية تركية قد يقدم عليها الرئيس التركي.

إن إرتباط العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا , بالمصالح الأمريكية , يجعلها تستفيد من بروباغاندا الفوبيا الإسرائيلية – الأمريكية للوجود العسكري الإيراني في سوريا , ويمنحها ذرائع إضافية لإطالة أمد الحرب على سوريا وبإستمرار وجودها اللا قانوني هناك ... ويأتي الحديث التركي عن اجتياح مناطق "الإرهابيين الأكراد " ليصب بعكس مصلحة واشنطن , ويفتح الباب على إحتمالية الصدام العسكري الأمريكي – التركي في سوريا , في حال تعنت إردوغان وأقحم نفسه فيما لا طاقة له على تحمله , والذي سيتسبب بإنهيار تام للعلاقات الثنائية مع إدارة بايدن , ناهيك عن صعوبة الموقف الأمريكي في سوريا , مع تنامي مشاعر الكراهية الشعبية وتصاعد المقاومة السورية , نتيجة إستمرار وجود الإحتلال الأمريكي على الأراضي السورية , وإنضمام المزيد والعديد من زعماء العشائر والعشائر العربية في شرق سوريا إلى الاحتجاجات المناهضة لأمريكا ، ودعماً وتأييداً لقيادة وحكومة الجمهورية العربية السورية الشرعية في دمشق.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

5/11/2021 



Wednesday, November 3, 2021

المحادثات الإيرانية – السعودية .. لن تُفتح السفارات قريباً - م. ميشيل كلاغاصي // خاص



 


في السنوات الأخيرة ، لم تتوقف طهران عن مد يدها للحوار مع الرياض وباقي الدول الخليجية , ولم تتوقف عن تأكيد سلمية برنامجها النووي , وعلى الرغم من كافة الظروف الإقليمية والدولية , فقد كثفت المملكة العربية السعودية وإيران محادثاتهما الثنائية لحل الخلافات القائمة من أجل استقرار الوضع الإقليمي , بما فيها القضايا الخطيرة كالأوضاع في اليمن -بحسب وزارة الخارجية الإيرانية -, وعلى الرغم من تباين الأطراف التي تدعمها كلاً من طهران والرياض , وصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان المحادثات الثنائية المباشرة أنها تسير بينهما "بشكل إيجابي" و أن الدولتين هما الآن "على المسار الصحيح".

في الوقت الذي تُقيّم فيه المملكة إتصالاتها الحالية مع إيران على أنها "تجريبية", وبأن الرياض تبحث على الأرض وتستكشف الفرص لتحسين العلاقات , في وقتٍ تدرك فيه المملكة بوضوح أن ميزان القوى في المنطقة قد تغير، ولا يمكن تجاهل المصالح الإيرانية , وبأن التنافس الإقليمي السلبي يشكل حجر عثرة في استقرار العلاقات والإتصالات التجارية بين دول المنطقة , والتي يمكن التعويل عليها لتكون عاملاً إضافياً ومساعداً لضمان الأمن والتنمية المشتركة.

وعلى الرغم من التقارب النشط للمملكة مع إيران ، انتقد وأدان بيان وزير الطاقة السعودي 20في أيلول/سبتمبر خلال المؤتمر السنوي العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية , "رغبة" إيران في الإستحواذ قنبلة نووية , وأكد إهتمام المملكة بإبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل , وأعرب عن دعوات المملكة للقضاء على التهديد النووي الإسرائيلي وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية , وفي 12 ت1/أكتوبر, أكد مجلس الوزراء السعودي تلك الدعوات - كما جاء على لسان وزير الإعلام السعودي بالنيابة -.

وسبق للرياض قبل عامين , أن قدمت للمجتمع الدولي أسباباً تشير إلى إحتمالية إتجاهها نحوتصنيع قنبلة نووية – إذا أرادت ذلك -, وأوضحت علناً بأنها تحتفظ بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها في ظل تطورات البرنامج النووي الإيراني , على الرغم من توقيعها إتفاقية حظر الأسلحة النووية...  وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية -وقتها- , إلى أن إدارة ترامب تبذل جهوداً لتسريع نقل التكنولوجيا النووية المهمة إلى المملكة , فيما أدان الوزير ظريف بشدة ما وصفه بـ "نفاق" الولايات المتحدة لبيع المخطط للتكنولوجيا النووية للنظام السعودي .

ومع إحتمالية أن تكون مواقف المملكة إعلامية أو سياسية وتحت عنوان الردع , إلاّ أنه لا يمكن الوثوق بالإدارات الأمريكية المتعاقبة , التي قد تفكر جدياً بمشاركة المملكة بالتكنولوجيا النووية على الرغم من معارضة قادة الكيان الإسرائيلي لذلك , بما قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط .

وفي ظل تصريحات الرياض ورفضها إمتلاك إيران لبرنامج نووي عسكري ، وإعتمادها موقفاً "تجريبياً" لإختبار الأرضية الدولية ، ولإزالة أي غموض في هذا الملف , أكد بالأمس المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده ، أن "المحادثات بين إيران والسعودية "ثنائية وإقليمية" وهي مستمرة بشكل جدي، ونجاحها مرهون بجدية الجانب الآخر"، مشيراً إلى أن الرياض تعلم بأن "سياسة الضغط على الدول الأخرى فقدت تأثيرها لبعض الوقت ومن الطبيعي أن تقف إيران إلى جانب شعبي اليمن ولبنان"... وأن بلاده لن تتساهل في الدفاع عن أمنها القومي وأن الكيان الصهيوني يدرك جيداً القدرات العسكرية الإيرانية ، لافتاً إلى أن إعادة فتح السفارات بين الرياض وطهران ليس قريباً , وبأن علاقة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية والمنظمة الدولية للطاقة الذرية فنية - مهنية "منتظمة ودقيقة".

المهندس: ميشيل كلاغاصي

2/11/2021