Thursday, November 18, 2021

العبث والتوسع الأمريكي التركي في اّسيا الوسطى - م. ميشيل كلاغاصي

بعد الانسحاب الأمريكي الفاشل من أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة في كابول ، دخل النظام الأمني الإقليمي في آسيا الوسطى مرحلة جديدة وسريعة لإعادة تشكيله وفق المستجدات والتداعيات الخطيرة لهذا الإنسحاب , وعليه يكثف اللاعبون الأمريكيون والأتراك والصينيون جهودهم في مناطق نفوذ الإتحاد السوفيتي السابق.

ومع النشاط المكثف للحليفين الأطلسيين , الولايات المتحدة وتركيا ، لم يعد بالإمكان تجاهل خطورة أهدافهما التوسعية في اّسيا الوسطى , خصوصاً مع لجوء تركيا لإستخدام ماضيها العثماني الإستعماري كسياسة فعالة لتقوية علاقاتها مع دول المنطقة من خلال الترويج لفكرة "طوران الكبرى" , التي تسعى لتوحيد كافة الشعوب الناطقة بالتركية في إمبراطورية واحدة تمتد من الأناضول إلى آسيا الوسطى , فيما لا تزال الولايات المتحدة تأمل في البقاء في المنطقة من خلال قواعدها العسكرية في بعض دول آسيا الوسطى.

في الوقت الذي لم ترصد فيه جهود روسية واضحة للحد من نفوذ وتغلغل الولايات المتحدة وتركيا في آسيا الوسطى ، تبذل واشنطن وأنقرة جهوداً حثيثة لمراقبة التحركات الصينية , وللحد من قدراتها , حتى لوكان ذلك على حساب المساس بها بشكل علني ومباشر, والإستفادة من ماكيناتها الإعلامية الضخمة والمنتشرة حول العالم , لتشويه السياسات الإقليمية للصين والترويج لخطرها على عموم المنطقة.

فقد قامت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بنشر معلومات حول مزاعم بقيام الصين بإنشاء عدد من القواعد العسكرية في طاجيكستان , استكمالاً لما بدأته عام 2017 بإقامة قاعدة صينية سرية في منطقة مورغوب -غورنو باداخشان , والتي تتمتع بالحكم الذاتي في طاجيكستان على الحدود الأفغانية , بالإعتماد على جنود صينيين من إيغور- شينجيانغ.

ورغم ترويجها تلك المزاعم , فشلت الولايات المتحدة في إثارة الخلافات بين روسيا والصين ، نتيجة العلاقات الصينية – الروسية المتينة , والتفهم الروسي للموقف الصيني الذي يسعى للسيطرة على "النشاط" المحتمل لمسلحي الأيغور الأفغان , وكذلك من خلال معرفة الروس والطاجيك والأفغان حجم المنشأة الصينية الصغير , والأعمال اللوجستية فقط التي تقوم بها الصين عبرها. 

ومن خلال السلوك الأمريكي في أفغانستان , بات واضحاً أن غالبية دول اّسيا الوسطى لا ترغب بوجود وتمركز القوات الأمريكية في المنطقة , الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى شن حملة دعائية ومزاعم بناء الصين لقواعد عسكرية جديدة .

ومع ذلك ، سرعان ما تم رصد المزاعم الأمريكية , من خلال الإعلان الرسمي للسلطات الطاجيكية ، بأن الصين ستبني بالفعل قاعدة في منطقة غورنو باداخشان ، على الحدود مع الصين وأفغانستان , لكنها ستكون في إطار وحدات الرد السريع لإدارة مكافحة الجريمة المنظمة التابعة لوزارة الشؤون الداخلية في طاجيكستان , وسيتم بنائها كجزء من اتفاقية بين وزارة الداخلية الطاجيكية ووزارة أمن الدولة الصينية.

لا شك بأن قرار الصين ببناء هذه القاعدة يعود لسعيها بالدرجة الأولى , إلى تحقيق مصالحها الأمنية ومنع المقاتلين الأيغور في حركة تركستان الشرقية الإسلامية من دخول الصين والقيام بأعمال تخريبية , كذلك لحماية حدودها من هجمات الجماعات المسلحة في أفغانستان... بالإضافة إلى محاولة الحد من التحركات التوسعية التركية , ولضمان الدعم اللوجستي لحركة نقل البضائع على الطريق بين اّسيا وأوروبا.

يبدو أن النوايا والأهداف التوسعية الأمريكية - التركية , تصطدم بوعي دول وشعوب اّسيا الوسطى , وأنه لن يكون من السهولة بمكان بالنسبة لهما , توجيه ضرباتٍ "تحت الحزام" للتنين الصيني , الذي يستطيع وشريكه الروسي , محاصرة العبث الأمريكي – التركي , لحصد النفوذ والتوسع في منطقة اّسيا الوسطى.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

15/11/2021

 

No comments:

Post a Comment