Thursday, May 30, 2019

صفقة محتملة , ترامب والخامنئي - دنيس روس


دنيس روس : الددبلوماسي الأمريكي والمستشار في معهد واشنطن للأبحاث
ترجمة وإعداد : ميشيل كلاغاصي – 30 / 5 / 2019

إيران تقول إنها لن تتفاوض مع الولايات المتحدة تحت الضغط, لكنها فعلت ذلك في الماضي – وربما ستفعل ذلك مرة أخرى.
لطالما أكد المرشد الإعلى لإيران آية الله علي خامنئي، أن إيران لن تتنازل, وجاء موقف المسؤولين الإيرانيين أنهم لن يتفاوضون مع الولايات المتحدة  تحت الضغط.
وليس من المستغرب أن يأت الرد الإيراني على حملة الضغوط القصوى لإدارة  ترامب, عبر اختبار وفضح حدود العزم الأمريكي، من خلال إطلاق سلسلة من الهجمات التخريبية والوكيلة، ضد ناقلات النفط – إثنتان سعوديتان وناقلة إماراتية وأخرى نرويجية - ومحطات ضخ النفط, في المملكة العربية السعودية.      
وفي ظل تصاعد التوتر قامت الولايات المتحدة بإرسال المزيد من قواتها الى المنطقة، لكن ومن المثير للإهتمام أن يتحول ترامب وخامنئي لوقف التحرك نحو الصراع المباشر.
فقد أوضح الرئيس ترامب أنه لا يريد حربا ً، وتحدث عن "الإمكانات الكبيرة لإيران"، وحث قادة الجمهورية الإسلامية على قبول دعوته لعقد صفقة جديدة, كذلك تحدث المرشد الأعلى وأطلق تصريحاته عبر التلفزيون الوطني لبلاده وقال: "نحن لا نسعى للحرب, لكنهم ( الأمريكيون ) يسعون إليها". 
هذا يعني أنهم لازالوا غير مستعدين للدخول في المفاوضات, لكن الخامنئي الذي قضى عقودا ً يشكك في جدوى المحادثات مع الولايات المتحدة، لا يريد الظهور وكأنه قد خضع لأمريكا, وهو لا يزال يعتبر المفاوضات "سامة", حيث قال الرئيس حسن روحاني إن "الوضع غير مناسب للمحادثات وخيارنا هو المقاومة". 
يبدو أن مقاومة التي تحدث عنها المرشد الأعلى وروحاني , يمكن أن تنطوي على التخلص من القيود القديمة المفروضة على إيران قبل توقيع الإتفاق النووي عام 2015، والمعروفة بإسم خطة العمل المشتركة الشاملة...
في الحقيقة أن إعلان الإيرانيون بمضاعفة معدل التخصيب لأربعة أضعاف ، يعني أن إيران ستتجاوز قريبا ً تخصيب ال 300 كيلوغرام من اليورانيوم المسموح بها من خلال شروط الإتفاق, ويكون روحاني قد وضع الأوروبيين الموقعين على الخطة الشاملة أمام قيامهم بتعويض إيران إقتصاديا ًعن العقوبات الأمريكية التي فرضتها في 7 يوليو، وإلاّ فسيستأنفون التخصيب إلى 20٪ ، الأمر الذي سيمكنهم نوويا ً من "كسر القيود".... وبهذا يكون المرشد الأعلى قد استطاع تطبيق أقصى الضغوط على الرئيس ترامب.
لكن, إلى متى يمكن للمرشد أن يواصل هذا  الأمر؟ في ظل قوة ترامب وشدة العقوبات, وإنهيار الإقتصاد الإيراني والإعمال التجارية, وما يعانيه الإيرانيون يوميا ًمن خسائر في قيم مدخراتهم، وإرتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية و  الأدوية والسلع الإستهلاكية. 
قد يصرّ المرشد الأعلى على عدم التفاوض تحت الضغط ، لكن تاريخ الجمهورية الإسلامية يشير إلى خلاف ذلك...
ففي الماضي، وعندما واجهت الدولة الإيرانية الضغوط الخارجية المرتفعة، وهُدد استقرارها الداخلي، بحثت عن وسيلة لتخفيف الضغوط والتكاليف الباهظة... واتخذت قرارها الصحيح بإنهاء الحرب مع العراق عام 1988؛ وعندما كانت العقوبات والتهديدات قوية أوقفت إغتيال المنشقين في أوروبا, وبعد أن هزمت الولايات المتحدة الجيش العراقي في ثلاثة أسابيع في 2003 أوقفت تقديمها للصفقة النووية, وفي عام 2012خشي الإيرانيون أن يكونوا الهدف التالي للقوات الأمريكية فوافقت إيران على الإتصالات السرية, بعد أن كثفت إدارة أوباما عقوباتها, وتوقف الأوروبيون عن شراء النفط الإيراني .  
هل يمكن أن نرى مشهدا ً مشابها ً مع إدارة ترامب ؟ فالحكمة التقليدية هي أن الإيرانيين يريدون إنتظار رحيل ترامب والتعامل مع خليفته... من المؤكد أن الخامنئي يفضل هذا الخيار، لكن هذا يعتمد الكثير على قدرة الشعب الإيراني على تحمل الصعوبات الإقتصادية.
إذا كان الخامنئي يبحث عن تخفيف الضغوط، وعن اختيار التفاوض وتكرار المشهد, فسيكون من شبه المؤكد أن التفاوض المباشر سيجعله يعترف بالهزيمة, وعليه اللجوء إلى التفاوض غير المباشرعن طريق وسيط مثل فلاديمير بوتين, ويتم إستئناف التفاوض بين بوتين وترامب.
لكن ما نوع الصفقة التي سيكون ترامب على استعداد لإبرامها ؟ من غير المرجح أن يكون ذلك بناءً على الشروط ال 12 لوزير الخارجية مايك بومبيو, التي ينظر إليها الإيرانيون على أنها تتطلب تغيير النظام, في وقتٍ وخلال زيارته لليابان، كان ترامب واضحًا بأنه "لا يبحث عن تغيير النظام", وأن هدفه هو "عدم إمتلاكها أسلحة نووية"، الأمر الذي يترك مجالًا للمناورة. 
لكن في الحقيقة، يبدو أن المعايير الوحيدة لترامب هي أن تكون الصفقة بمجملها أفضل من تلك التي حصل عليها أوباما. 
ويتمثل أحد التحسينات الواضحة في خطة العمل المشتركة في تمديد الأحكام التي تحد من تخصيب اليورانيوم الإيراني ، من عام 2030 إلى 2045 على سبيل المثال، وهذا من شأنه إرجاء تهديد أسلحة نووية إيراني محتمل إلى أبعد بكثير في المستقبل... لكنها هذا لا يتعلق بالتهديدات الإقليمية الناتجة عن الجهود الإيرانية لتوسيع نفوذها ووسائلها القسرية ضد الأنظمة العربية و"إسرائيل"... وسيتطلب ذلك إقناع إيران بالحد من بصمتها العسكرية في سوريا, والتوقف عن توفير  الصواريخ والقذائف الموجهة بدقة  لحزب الله وغيره من الوكلاء في لبنان وسوريا. 
لكن الإيرانيين لن يقدموا هذه التنازلات مجانًا, وسوف يسعون إلى رفع جميع العقوبات النووية وغير النووية, هذا من شأنه أن يقرر ترامب مدى استعداده للتخلي عنها, إذ لم يكن أوباما على استعداد لرفع العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب, ومن المرجح أيضا ً أن تكون مجموعة ال 5 مترددة في القيام بذلك .... ومع ذلك ، فقد يستنتج أن  كسب  الوقت  ( 15 عامًا إضافيًا ) وتقليص احتمال نشوب حرب إقليمية سيكون إنجازًا كبيرًا.  
وتبدو المفارقة الكبرى, بأننا نرى الضغوط الكبرى التي يمارسها الخامنئي وترامب , يمكنها أن تدفعهم نحو توفير سوء تقدير لكنها لا تؤدي بهم أولاً إلى صراع أكبر.

Monday, May 27, 2019

الهواجس الإسرائيلية للمواجهة الأمريكية الشاملة مع إيران - ميشيل كلاغاصي


خائفة مرتبكة تخشى مصيرها, وهي تراقب كل شيء وقد تغير, ولازالت تعتدي لكنها تستجدي عدم الرد, ولم يعد عدوانها نزهة, ولم يعد وجودها مستقر واّمن, فالرعب تسلل إلى قلوب قادتها ومستوطنيها ... فلا ردعها كافٍ, ولا قبتها الحديدة تطمئنها... هي ترفع السواتر, وتُضاعف كاميرات المراقبة, وترفع الجدران البيتونية, وعينها على ملاجئها, واّذنيها ترقب صافرات الإنذار, وأصدقائها عروشٌ خائنة لأوطانهم وشعوبهم وقد يتبخرون في لحظة... ياله من تخبط وخوف وعشرات اّلاف الصواريخ قد تُمطر سمائها... جبهاتٌ وجبهات, ومقاوماتٌ لم تُهزم, وأسدٌ في دمشق, وحرسٌ ثوري في طهران, أين أنت ترامب, وهل تستطيع فعل ما تعهدت به, وهل أنت قادر على هزيمة إيران ومحور المقاومة ؟.

دائما ًهو التحريض الإسرائيلي الكبير والسعي لوقوع المواجهة بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية, والعين الإسرائيلية على تحقيق جملةٍ من الغايات والأهداف, لكنها غير واثقةٍ من قدرة حليفها الأمريكي على الإنتصار وعلى كسر الإرادة الإيرانية وإضعافها, ويُخيفها مجرد التفكير بهزيمةٍ أمريكية مستعجلة, تنعكس عليها لوما ًومسؤولية هناك بعيدا ً في بلاد العم سام ...
دائما ًهو الخائف "نتنياهو" والذي يخشى خسارة متطرفي الرأي العام والمتحكمين من النخب السياسية في الولايات المتحدة, وهو الذي أصدر تعليماته لوزرائه وكبار مسؤوليه السياسيين والعسكريين بالصوم والصمت عن التصريحات المباشرة الواضحة لتوريط واشنطن في المواجهة الشاملة مع إيران ... ويبقى تعويله على براعة المستشار الأمريكي "جون بولتون" في إقناع الرئيس دونالد ترامب بطريقته الخاصة ...

إذ يخشى رئيس وزراء الكيان الغاصب أن يجد نفسه وكيانه وسط هذه هذه المواجهة, الأمر الذي سيمنح إيران الفرصة الذهبية لإستهداف تل أبيب مباشرةً لإيلام واشنطن كعنوان إضافي لتحرير فلسطين ... ويفضل اللجوء إلى التهويل وتعظيم قدرات كيانه العسكرية في وجه إيران, لكن وفي الوقت نفسه تبقى مخاوفه من تراجع الرئيس الأمريكي عن المواجهة, الأمر الذي سيؤدي حتما ً إلى هزيمةٍ أمريكية – إسرائيلية – خليجية, وإلى ضياع الفرصة في عهده.

وفي ذات السياق حذّر مركز "أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي في بيان, من خطورة المواجهة الشاملة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في الخليج, وبأنها ستؤدي إلى "تداعيات كبيرة على الأمن الإسرائيلي", ومن إمكانية لجوء القوات الإيرانية إلى استهداف "إسرائيل" ومصالحها في الخليج والمنطقة, وشدد البيان على ضرورة تعزيز العلاقات الإسرائيلية بالدول الخليجية, وإستمرار ضغوطها على إدارة ترامب للتعامل الحازم مع الملف النووي والبرنامج الصاروخي الإيراني...

وبناءً على مجمل تلك المخاوف والحسابات المعقدة, تبقى الإتصالات الأمريكية – الإسرائيلية – الخليجية في أعلى مستوياتها, وتبقى - في الوقت ذاته - الرغبة في الإستمرار والحفاظ على مستوى التحريض الإسرائيلي – الخليجي , ليشكل هاجسا ًوربما كابوسا ًوسلاحا ًذو حدين ... ويُبقي اّمالهما معلقة على الرئيس الأمريكي وقبل إنتهاء ولايته, مع الصعوبات التي يواجهها في بلاده وعلى رأسها العزل, أوعدم فوزه بولايةٍ رئاسية ثانية.

يبدو من الحكمة ألاّ يتجاهل الأمريكيون والإسرائيليون والخليجيون, قدرات القوات الإيرانية وحلفائها, والتي تمكّنها من استهداف المصالح والقواعد والجنود الأميركيين في العراق وسوريا والمنطقة عموما ً, بالإضافة إلى ترسانتها الصاروخية القادرة على تدمير حاملات الطائرات والقاذفات والأساطيل التي استقدمتها إلى المنطقة, وبقدرتها على وقف عمليات تصدير النفط من الخليج إن مُنعت من ممارسة حقها بتصدير نفطها, ومن بوابة الدفاع عن النفس والمصالح القومية والإستراتيجية العليا وعلى رأسها السيادة واستقلال القرار الإيراني.

ويبدو من الحكمة وقف التحريض الإسرائيلي – الخليجي, واللجوء إلى الحوار الأمريكي – الخليجي المباشر مع الدولة الإيرانية, أوعبر عشرات الأقنية والأطراف التي أبدت استعدادها للعب دورٍ إيجابي لنزع فتيل المواجهة, بالإضافة إلى تراجع الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته عن التصعيد وعن عنجهية تصريحاتهم, وتقديم الإحترام المكافىء لقوة وقدرات الجمهورية الإسلامية, خصوصا ً أنها لم ولن تسعى للمواجهة العسكرية, إنما تدافع عن حقوقها المشروعة والمنصوص عليها في بنود الإتفاق النووي - الدولي, وفي تعاملها السلمي مع كافة دول العالم, وسعيها الدائم إلى تعزيز تعاملها الإيجابي و"علاقاتها المتوازنة" مع جميع الدول الخليجية – بحسب الوزير ظريف-, الذي عمل لتأكيد سعي بلاده لخفض التصعيد, ولإختبار النوايا السلمية لجيرانها, من خلال العرض الذي طرحه بالأمس من بغداد, حيال التوقيع على إتفاق "عدم إعتداء", لإقامة علاقات إيرانية بناءة مع جميع جيرانها في الخليج.

المهندس: ميشيل كلاغاصي
27 / 5 / 2019

Thursday, May 23, 2019

هزيمة واشنطن على أبواب إدلب - م. ميشيل كلاغاصي


لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعيش أزمة فشل مشروعها وعجزها عن تحقيق أيٍ من أهدافها الرئيسية التي دفعتها لشن الحرب على سوريا, ولا زالت تعوّل على الحل العسكري – الإرهابي, الذي تتقاسم أدواره مع أدواتها الأوروبية والتركية وأنظمة الخليج التكفيرية الظلامية الحاقدة, بالإضافة إلى كافة أذرعها الإرهابية على إختلاف مسمياتها والإيدولوجيات المتطرفة التي تحملها.

ولاتزال تحاول منع ووضع العراقيل أمام تقدم الحل السياسي, وإنهاء التواجد الإرهابي على الأراضي السورية, في إطالةٍ متعمدة لأمد الحرب على الدولة والشعب السوري, إذ تدرك أن استعادة الدولة السورية لمدينة إدلب وتطهيرها من الإرهاب سيجعل اليد السورية هي العليا وستكون لها كلمة الفصل في أي مسارٍ تفاوضي سياسي, بما سيفضي بالنتيجة إلى إنهاء الحرب تماما ً, دون أن يتمكن الأمريكيون من جني أيا ًمن "محاصيل" الحرب وستكون الهزيمة أكبر من أن يُخفيها ترامب بإعلانه القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا..

وسينعكس "جوعا ً" فرنسيا ًوبريطانيا ًبإنتظار فتات المائدة الأمريكية أو السورية على حدٍ سواء, وعليه أتى رفضهم لطلب الرئيس دونالد ترامب في إستعادة إرهابييهم الموقوفين والمعتقلين لدى سجون "قسد" والسجون الأمريكية في منطقة الجزيرة السورية... وسط مخاوفهم من تحمل عواقب صناعة الإرهابيين في أقبية أجهزة إستخباراتهم, وإرسالهم لممارسة القتل والتدمير والخراب في سوريا, ناهيك رفض مجتمعاتهم عودة هؤلاء القتلة للسير والسكن بينهم مع إحتمالية تنفيذهم أعمالاً إرهابية في دولهم.

وعليه يتمسك العدو التركي وفريق العدوان الكوني على سوريا بالقيادة الأمريكية, بالنقاط العالقة التي تحول دون تنفيذ قرارات وبيانات ومخرجات لقاءات أستانا وسوتشي والقرارات الدولية خصوصا ً القرار 2254, وإتفاق خفض مناطق التصعيد في إدلب, وربطها بما يسمى معضلة "الإرهابيين الأجانب" المتواجدين في إدلب وما حولها, عبر ممارسة كافة طقوس النفاق الدولي, وبتنفيذٍ معاكس لكل ما يتم التفاهم عليه في المحافل واللقاءات الدولية, وهذا جوهر ما تحدث عنه مندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري, وبتسليطه الضوء على القرارات التي يوقعها ويتوافق عليها كافة الأطراف, والتي تؤكد على وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها, لكن ما يجري على الأرض يكون معاكسا ً لها تماما ً...

إن العالم يتابع ويراقب الأفعال الأمريكية تجاه المدنيين السوريين في مخيم الركبان ومنعهم من العودة إلى مناطقهم الاّمنة, والإحتفاظ بهم كدروع بشرية, وتلك الممارسات التي تقوم بها ميليشيات "قسد" الإرهابية من تهجير وتغيير ديموغرافي على أساس النظام الفيدرالي غير الشرعي, ناهيك عما يفعله العدو التركي من عمليات تتريك وتغيير جغرافي وديموغرافي ممنهج, ورفضه الإنسحاب من الأراضي السورية.

وبات من الواضح غياب الرغبة والتوافق الأمريكي الأوروبي التركي والعربي الخليجي, على إنهاء الحالة الإرهابية في مدينة إدلب وما حولها, على الرغم من التذمر ونفاذ الصبر الروسي والسوري, والثمن الباهظ الذي يدفعه السوريون بالأرواح والبنى التحية نتيجة استمرار استهداف المجاميع الإرهابية لمدنهم وقراهم بالقذائف الصاروخية بإقتلاع أشجار الزيتون ,وبإحراق محاصيلهم الزراعية.

ومع التقدم الكبير والإنجازات العسكرية التي حققتها الدولة السورية وحلفائها -عبر المراحل السابقة - في مكافحة الإرهاب على غالبية الأراضي السورية وتطهيرها من الإرهاب, أجبرت الإدارة الأمريكية على  مواجهة الخيارات الصعبة المحدودة والمرهونة بالتواجد الإرهابي والأمريكي والأوروبي والتركي اللاشرعي على الأراضي السورية, وتحديدا ً في محافظة إدلب, وصولا ً إلى الجزيرة السورية في شمال وشرق البلاد.

ومنذ أيار العام الماضي ومع إنتهاء مدة الستة أشهر التي نصت عليها مخرجات مؤتمر سوتشي, تذرع الرئيس التركي بحاجته للوقت والمهل كي ينجز ما تم الإتفاق عليه, ولفرز الإرهابيين وتحويل إدلب إلى منطقة منزوعة السلاح, بما يتيح للدولة السورية إنهاء الوضع الإرهابي في ادلب, لكنه استمر بالمماطلة والخداع وبتجاوز كافة إلتزاماته كدولة ضامنة واستمر بدوره الإرهابي كدولة إحتلال وعدوان, وسخرّ كل إمكاناته واستخباراته لحشد وصبغ اّلاف الإرهابيين تحت لواء "جبهة النصرة" الإرهابي.

تلك المجاميع الإرهابية التي لم تتوقف عن خرق إتفاق منطقة خفض التصعيد, ولم تتوان عن قصف مواقع تمركز الجيش العربي السوري في أرياف حماة واللاذقية وحلب, وتمادت في قصف المدنيين في عديد القرى والبلدات والمدن السورية, وفي استهداف قاعدة حميميم ومطارها العسكري, فكان لا بد إطلاق الدولة السورية والحليف الروسي عملية ً عسكرية, لتطهير تلك الأرياف من الإرهاب, وتوسيع رقعة الأمان لحماية المواطنين السوريين في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وحلب الجنوبي والشرقي.

وبدأت العملية العسكرية بزخم قوي تمكنت عبره وحدات الجيش العربي السوري من توجيه ضرباتٍ قوية ومباشرة, أفضت إلى تحرير مساحات واسعة من تلك الأرياف, وتمكنت من إلحاق الخسائر الجسيمة بالمجاميع الإرهابية بالعتاد والأرواح, والتي لجأت عبر القيادة والدعم التركي المباشر من الحصول على تعزيزات عسكرية ولوجستية, واستقدمت عبر الإستخبارات التركية فصائل إرهابية إضافية تابعة لما يسمى "درع الفرات", وقامت بتوسيع رقعة المواجهات ومشاغلة الجيش العربي السوري لتخفيف الضغط عليها في مناطقها الإستراتيجية في إدلب ومحيطها, والتي تمركزت فيها لسنوات.

من الواضح أن العملية العسكرية مستمرة لحين تحقيق كافة أهدافها المرحلية دون النظر لأي إعتبار وذرائع تصدر عن الجانب التركي, أو تلك الإدعاءات الأوروبية الكاذبة حيال إستخدام السلاح الكيماوي, أو التهديدات الأمريكية المباشرة, فالدولة السورية عازمة على تحرير إدلب وكل شبر من الأراضي السورية مهما كانت الصعاب أو العراقيل, فالجيش العربي السوري يقاتل الإرهاب عوضا ًعن العالم كله, وليس ذودا ًعن أهله وشعبه في إدلب ومحيطها فقط, في عالمٍ يحاول فيه تحالف الشرّ الأمريكي ومن يدور في فلكه من أوروبيين وخليجيين وأتراك ومجاميع إرهابية, لضبط إيقاعه على وقع السياسات الأمريكية اللاأخلاقية وإرهابها الدولي المنظم.

بات من المؤكد ومع غياب إستراتيجيةٍ واضحة للإدارة الأمريكية, واندفاعها وراء تخبط سياستها الخارجية, أنها تسعى للحفاظ على حالة عدم الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط, ولفرض أجواء التوتير والتصعيد السياسي والإقتصادي, وزيادة عدد الجبهات الساخنة في الإقليم والعالم, بما يساهم بتعقيد كافة الملفات وربطها بالصراعات الدولية الكبرى ... ويؤكد غياب النوايا ورؤى وصيغ التفاهم والتعاون الأمريكي مع الدولة الروسية والدول الكبرى لإيجاد الحلول الدولية بغية إحلال السلام, وخفض منسوب الفوضى والعنف وإحتمالية نشوب المزيد من الصراعات والحروب التي تطال بشكلٍ مباشر الإقتصاد والسلم والأمن الدوليين, بما يكشف حقيقتها كدولةٍ مارقة وأقرب ما تكون إلى عصابة أشرار.

المهندس: ميشيل كلاغاصي
24 / 5 / 2019

Monday, May 20, 2019

"صفقة القرن" إستراتيجية الشرّ الأمريكي - م.ميشيل كلاغاصي



منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض, حاول أن يُثبت تمايزا ًوتفوقا ًعلى من سبقوه بطريقة إدارة الملفات والصراعات التي تخوضها بلاده, بغرض تكريس الهيمنة الأمريكية وفرض أجنداتها على العالم, لكنه فشل في تقديم وجهٍ مغاير للولايات المتحدة الأمريكية, وأكد استمرار سياساتها التي عملت لها لعقودٍ طويلة, ولم يستطع أن يُقنع أحدا ً بتقديم نفسه منقذا ً لبلاده, فقد تبُث أنه نموذج جديد للسياسات اللاأخلاقية, الساعية دائما ً وأبدا ً لتحقيق ذات الغايات الأمريكية الرامية لتوسيع رقعة الهيمنة على العالم ولضمان أمن الكيان الإسرائيلي الغاصب في الشرق الأوسط, وبذلك تحول شعاره من "أمريكا أولا ً" إلى "إسرائيل أولا ً" – بحسب الوزير محمد جواد ظريف-, عبر السعي لتصفية القضية الفلسطينينة من بوابة "صفقة القرن", وإخضاع الشرق الأوسط وإدخاله في العصر الإسرائيلي.

وعلى الرغم من القرارات الأممية والحقائق التاريخية, وتحذيرات العقلاء لكنه  أبدى تعنتا ًوإصرارا ًعلى تنفيذ نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، وإعلانها عاصمة ً ل "إسرائيل"، وبتوقيعه قرار ضم الجولان السوري المحتل إلى السيادة الإسرائيلية, ولم يتوقف عن تشديد الخناق على المقاومة الفلسطينية واللبنانية وعلى الدولة السورية, وسعيه لإطالة أمد الحرب عليها, ومن جهةٍ أخرى بسعيه لرفع مستوى الحصار والتصعيد والتهديد العسكري للدولة الإيرانية من بوابة إنسحابه من الإتفاق النووي الإيراني وبدء تطبيق العقوبات الأمريكية عليها, وهي بمجملها أمورٌ تهدف إلى محاصرة وإرباك محور المقاومة مجتمعا ً بغية تمرير مخططاته وخصوصا ً تلك المتعلقة ب"صفقة القرن".

وعلى الرغم من نجاحه في إعادة خلط الأوراق ورفع منسوب التوتر السياسي والتهديد والعسكري والإقتصادي في المنطقة والعالم, إلاّ أنه لم ينجح بحشد غالبية الدول للوقوف وراء سياسته الخارجية, واكتفي –حتى اللحظة- بدعم وتأييد سلطة الكيان الغاصب وبعض الدول العربية والخليجية, وفشل في تعبيد الطريق لمرور صفقة القرن, وفي دفع الفلسطينين للقبول بها على الرغم من الضغوط السياسية والإقتصادية الهائلة.

من الواضح أن الإسترتيجية التي يتحرك وفقها الرئيس الأمريكي تهدف إلى ضمان المصالح الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني وفي محيط الكيان الغاصب، وأنها تتم وفق رؤية وأجندات اليمين الإسرائيلي الذي يصرّ على ضم كافة مستوطنات الضفة الغربية، واحتفاظه بصلاحيات الأمن والسيطرة على الحدود، وبذلك لم يعد بالإمكان توقع شكل الدولة الفلسطينية المحتمل.
ومن المتوقع أن يأتي الرفض الفلسطيني لصفقة القرن فور الإعلان عنها, وسط مخاوف من استغلال رئيس وزراء الكيان وحكومته المتطرفة الرفض ويعتبره ذريعة ً وفرصة ً لفرض السيطرة والسيادة الإسرائيلية على كامل المستوطنات في الضفة الغربية, ووسط مخاوف جدية لمباركة هذا الضم وإعتراف الرئيس ترامب به, على غرار إعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل, فقد سيق للرئيس ترامب أن اعتبر: "إن مصير القدس لم يعد مادة للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين", بما يساهم بزيادة تعقيد الملف المعقد أصلا ً.

ومن الملاحظ أن إدارة الرئيس ترامب لم تكتف بنقل السفارة إلى القدس، بل إنها عمدت إلى ممارسة ضغوطها على عديد الدول التي تدور في فلكها وتخشى غضبها, في وقتٍ لم تفلح الإتصالات الإسرائيلية المكثفة بالحكومات اليمينة وغيرها حول العالم في إقناعها بإرتكاب هذه الجريمة السافرة التي تتجاوز القانون الدولي والقرارات الأممية التي تعترف بأراضي القدس الشرقية على أنها أراضٍ فلسطينية.

وعلى الرغم من اندفاعة قوى اليمين الإسرائيلي، إلاّ أن الكثير من الإسرائيليين يتخوفون من التكلفة الكبيرة المتوقعة، ويحذرون من التداعيات السلبية للإستراتيجية الأمريكية, التي ستؤدي إلى إشعال النيران والمواجهات العسكرية مع فصائل المقاومة على كامل الأراضي الفلسطينية, فلا يمكن النظر إلى صفقة القرن سوى من خلال كونها تشكل مذبحا ً جديدا ً يُحضر لسفك المزيد من الدماء الفلسطينية ويطيح بكل التضحيات التي قدمتها الشعوب العربية عبر عقود الإحتلال البغيض, بالإضافة إلى جهود داعمي القضية الفلسطينية في الإقليم وحول العالم, ولكن الأمل يبقى معلقا ً على محور المقاومة وعلى شرفاء العالم في التصدي لهذه الصفقة الشيطانية, ولن يكون مسموحا ً لأحد في هذا العالم أن ينهي قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخة الموثقة في أرض النور وعلى ترابها المقدس.

المهندس: ميشيل كلاغاصي
20 / 5 /2019

Monday, May 13, 2019

المقاومة وتصدّع الرواية الإسرائيلية .. شيءٌ ما تغيّر في أمريكا - ميشيل كلاغاصي



على الرغم من تجاهل غالبية دول العالم وخصوصا ً تلك التي تعاقبت وتربعت على عرش القوة والنفوذ العالمي وساهمت بصناعة وزراعة ودعم الكيان الصهيوني شوكةً وكيانا ًسرطانيا ًفي خاصرة الوطن العربي، على أساس إحتلال الأرض العربية وتهجير سكانها الأصليين، إلتزاما ًمنها بتحقيق الوعد البريطاني المشؤوم بإقامة وتأسيس وطنٍ قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية، والذي تطور لاحقا ً إلى توسيع دائرة العدوان وإحتلال المزيد من الأراضي العربية.
وبالعودة إلى البدايات ومع انعقاد مؤتمر بال عام 1897 بدأت القضية الفلسطينية تتصدر القلق العربي، وبدأت معها أعمال المقاومة، وتنوعت مظاهرها وأساليبها عبر العقود والمراحل المختلفة، فإختص بعضها بالمقاومة العسكرية المسلحة، في حين اهتم بعضها الآخر بالجوانب السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية، وكان لا بد من حشد الدعم والتأييد وكل ما من شأنه السعي لتحرير الأرض ولإستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
وقد عانت المقاومة عبر أكثر من مائة عام, من النكسات والإخفاقات, وغياب الإنجازات, نتيجة غياب الرؤى الاستراتيجية, وعدم تنظيم الصفوف, بالإضافة إلى الإنقسام ما بين مؤيدي العمل العسكري المقاوم, ومن يسعون وراء الحل السياسي, والإعتماد على بعض القوى التي أقصت نفسها عن الصراع, ناهيك عن تخاذل بعض الحكام العرب والتحاقهم بركب العدو الإسرائيلي ومشروعه ومخططاته ... أمورٌ كثيرة أدت بمجملها إلى تصدع وشرخ في الإرادة السياسية العربية الضرورية لتحرير فلسطين, إذ يقول الوزير القطري الأسبق "حمد بن جاسم" صراحةً :" الإمكانات متوفرة, لكن الإرادة العربية غير متوفرة".
لكن المقاومة المسلحة، استطاعت رفع جهوزيتها وكفائتها، وزيادة تسليحها كما ًونوعا ً، واستطاعت أن تحقق مستوى عالٍ من الردع وتمكنت من تغيير معادلات الإشتباك، وفرضت على العدو الإسرائيلي أن يحسب ألف حساب قبل أن يفكر بإجتياحٍ أو عدوانٍ جديد، خصوصا ًبعدما بدأت المقاومة تحقق الإنتصارات والإنجازات، على كافة الجبهات في غزة وجنوب لبنان وفي سورية على الرغم من الحرب الكونية عليها.
هذا كله يؤكد صوابية خيار العمل المقاوم، الذي استطاع تكريس واقعٍ جديد وإحياء الأمل بالتحرير ... ولكن يبقى السؤال، إلى متى يستمر التعويل على سواعد المقاومين والتركيز على العمل العسكري المقاوم فقط، على حساب باقي عناصر المقاومة والمواجهة، والتي يمكن زجها في المعركة كعوامل مكملة وهامة... طالما تتوفر الخامات والخبرات والمثقفين والعقول النيرة.
وبغياب التوافق وفي ظل أجواء الإنقسام والتخاذل، يتوجب على مؤيدي المقاومة ومناصريها وداعميها، أخذ المبادرة وحمل كافة الأعباء وتعويض نقص الطاقات والمقدرات العربية الشاملة، والسعي نحو تكامل العمل المقاوم ... ومع غياب الإستراتيجية والرؤى الشاملة، يمكن الإعتماد على رصد العوامل التي يخشاها العدو الإسرائيلي ويحاول تفاديها أو تخفيف اّثارها، ويمكن الإستدلال عليها من خلال ردود أفعاله وسلوكه تجاهها، داخل الأراضي المحتلة وخارجها وفي بلاد مصنعيه وداعميه، ويمكننا رصد الأمور التالية:
1-مخاوفه من تصاعد المقاومة السلمية في الداخل والخارج، بدليل ردوده العنيفة والدموية تجاه مسيرات العودة.
2-خشيته من تعرضه للإنتقاد حيال عنصريته وخاصة ًمن قبل الدول والشعوب والمنظمات والهيئات والأفراد من غير الفلسطينيين.
3-خشيته من حركة المقاطعة بدليل إهتمامه بكافة أشكال التطبيع المجاني مع الدول العربية على حساب إهتمامه بالسلام العادل وفق القرارات الدولية.
4-خشيته من تغير المزاج الدولي نتيجة تزايد وعي الشعوب، وإنكشاف حقيقة "الدولة" العنصرية، المحتلة -الغاصبة، وحقيقة وحشيتها وتماديها في قتل الشعب الفلسطيني، وإنهيار إكذوبة "الدولة الديمقراطية" التي يحاصرها التخلف والإرهاب الفلسطيني -العربي.
5-خشيته من بدء ظهور تغيرات واضحة في ذهنية جزء من الشعب الأمريكي -الداعم الأول لبقائه والضامن لتفوقه العسكري والسياسي والإقتصادي والمالي.
6-تراجع قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني، مقارنة ً باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية
فبحسب بعض الإحصاءات الأمريكية تبين أن 36% من اليهود الأمريكيين لا يؤيدون ما تفعله "إسرائيل"، وانهم يلحظون الضرر والأثر السلبي الذي يتسبب به اللوبي الإسرائيلي -المكون من يهود ومسيحيين متصهينين-على السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصا ًما يتعلق بالشرق الأوسط، بإعتبارهم يجتمعون على خدمة ثلاثة أهداف رئيسية: أ-استمرار التأييد الأمريكي ل "إسرائيل" مهما ارتكبت من جرائم، ب-استمرار تدفق المساعدات المالية الأمريكية، ج-سيطرة المنطق الإسرائيلي الواحد، أو الجانب الأوحد للرواية أو الأكذوبة الإسرائيلية.... والذي استطاع زرع أكاذيبه في العقول الأمريكية، وبالتالي أخذوا ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها حليف استراتيجي، وأنه من خلال الدافع والمبرر الأخلاقي يتوجب عليهم الوقوف معها ومساندتها، وذلك لتشابه تاريخها مع التاريخ الأمريكي من حيث الإضطهاد الديني وبناء الدولة الديمقراطية.
شيءٌ ما يتغير في أمريكا ... 
لكن تلك الأكاذيب بدأت بالسقوط شيئا ً فشيئا ً، خصوصا ًمع ما تنقله وسائل الإعلام من صورٍ حقيقية ومعاكسة، تُظهر مدى وحشية الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ومع تزايد الإحتكاك المباشر للشباب الأمريكي بالشباب الفلسطيني في الجامعات الأمريكية، الذي بدأ يؤثر إيجابا ًعلى إفتضاح أمر الأكاذيب الإسرائيلية ... بالإضافة إلى المحاضرات والمنشورات والكتب التي تصل إلى متناول الشباب الأمريكي، كما حصل في الكتاب الذي ألفه الأستاذين الجامعيين "جو ميرشايمر" و"ستيفن والت"، تحت عنوان:
أولا ً-كتاب "اللوبي الإسرائيلي وسياسة أمريكا الخارجية"، الذي رفضت جهات عديدة نشره، لكن مؤلفيه تمكنوا من نشره على موقع جامعة هارفرد، ثم نُشر في مجلة بريطانية، وفي النهاية تمكنوا من نشره.
فقد تحدث الكتاب عن قوة اللوبي الإسرائيلي وقدرته على جمع الأموال واستخدامها في الإنتخابات الأمريكية، وبقدرته على ترويج الرواية الإسرائيلية للصراع العربي، الفلسطيني – الإسرائيلي، وأنها ليست حليفا ً استراتيجيا ً، وأن كراهية العرب لأمريكا ناجمة عن وقوفها الأعمى الى جانب "إسرائيل"، مما تسبب بزيادة حدة ووتيرة العنف، ودفع إيران وسورية للسعي لإمتلاك الأسلحة.
ودحض الكتاب ما دعي بالمبرر الأخلاقي وأثبت بطلانه، وركز على معاملة سلطة الكيان الإسرائيلي السيئة للفلسطينيين والتي تخالف كل الأعراف والقوانين والأخلاق وحتى تعاليم الدين المسيحي، وذهب الكتاب لإعتبار ان الموقف الأخلاقي يفرض الوقوف مع الفلسطينيين لا ضدهم... وأكد على ضرورة معاملة إسرائيل كأي دولة عادية، ودعا لعدم التدخل بالشأن السوري وبتغيير نظام حكمه، بل يجب مساعدة السوريين على استعادة الجولان بما يضمن قبولهم توقيع اتفاقية سلام... كما أيد الكتاب حل الدولتين، والإعتراف ب "دولة إسرائيل"، وبالتهجير الفلسطيني وبحق العودة، وأكد أن حل الدولة الواحدة سيجعل إسرائيل تفقد هويتها اليهودية... إن محاولة منع صدور الكتاب, أعطت نتيجة عكسية ساهمت بإنتشاره.
ثانيا ً – إن ظهور منظمات يهودية أمريكية مؤيدة للقضية الفلسطينية، والتي توجه اللوم والإنتقاد ل "إسرائيل"، بدأ يرخى بظلاله في الأوساط الشبابية والجامعية الأمريكية وحيث يتواجد الكثير من الشباب العربي والفلسطيني، الأمر الذي ساهم بدحض أكاذيب اللوبي الإسرائيلي صاحب الرواية الواحدة.
ثالثا ً – ظهور منظمات وتكتلات داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي، والتي بدأت تُظهر تمايزا ًعن السلوك المتبع عادة ً، والذي انعكس برفض ستة من المرشحين للرئاسة الأمريكية لعام 2020, والذين رفضوا الظهور على منبر الإيباك, بما يؤكد عدم اكتراثهم ورفضهم لدعم اللوبي الإسرائيلي.
رابعا ً – التأثير الكبير لحركة المقاطعة الإسرائيلية (BDS) والتي يعتبرها اللوبي الإسرائيلي أهم ما يهدد الدولة الإسرائيلية، مقارنة بالجيوش والمقاومات العربية والصواريخ الإيرانية، إذ يخشون خطاب هذه الحركة التي تطالب بحقوق المساواة للفلسطينيين، الأمر الذي لا يمكن لأمريكي أو أوروبي رفضه، مع إدعاءاتهم وإيمانهم بالعدالة وبتساوي الفرص.
خامسا ً – تصدع محاولات اللوبي الإسرائيلي أمام تصاعد حركة المقاطعة الإسرائيلية، وقضية "بهية أموي"
وهي تلك المدرسة الأمريكية من أصولٍ فلسطينية، في إحدى المدارس بولاية تكساس، والتي حاولت تجديد عقدها، فطُلب منها التوقيع على تعهد بعدم مقاطعة "إسرائيل"، وتسبب رفضها بطردها، لكن القاضي الفيدرالي "روبرت بيتمان" اعتبر أن الأمر "مخالف للتعديل الأول في الدستور الأمريكي الذي يكفل حرية الرأي والتعبير"، وبذلك تكون ولاية تكساس قد التحقت بولايتي كنساس وأريزونا، حيث تم إلغاء القوانين التي تلزم المتعاقدين والأفراد التوقيع والإلتزام بعدم مقاطعة الشركات والمنتجات الإسرائيلية.
سادسا ً – اتهام "مارك لامونت هيل" بمعاداة السامية ومحاولة إسكاته
لم يعد الحديث في الأوساط والمنابر الأمريكية عن القضية الفلسطينية يقتصر على الفلسطينيين أو العرب فقط, ومع تاّكل الرواية الإسرائيلية وإنكشافها, فقد تحدث "مارك لامونت هيل", وهو الإعلامي والأستاذ الجامعي الأسود من أصولٍ أفريقية, في إحدى جامعات بنسلفانيا, وفي محاضرةٍ ألقاها بمناسبة اليوم العالمي لمساندة الشعب الفلسطيني, تحدث عن حقوق الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم, وختم محاضرته بالقول: "يجب أن تكون فلسطين حرة من النهر إلى البحر", وفي الحال بدأ الهجوم الصهيوني عليه, ووجهت له تهمة معاداة السامية, وسارعت ال CNN لطرده من عمله لديها, فيما تتالت محاولات الهيئة الإدارية للجامعة معاقبته بشكل مخالف للدستور الأمريكي, إذ اعتبرت الحركة الصهيونية أنه تجاوز الخطوط الحمراء, وتحدث عمّا لا يحق له الحديث عنه, وبشكل يعاكس تماما ً الرواية الصهيونية, واستشعرت خطورة كلامه كأفريقي خصوصا ً وأنه قام بربط الصراع الشرعي الذي يخوضه الأفارقة الأمريكان لنيل حقوقهم, بصراعٍ شرعيٍ اّخر يخوضه الفلسطينيون والمقاومة الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي لأسبابٍ مشابهة, وتحدث عن مستقبل الفلسطينيين ومستقبل دولتهم, ووصف ما راّه بأم عينه أثناء زيارته مدينة رام الله, وكيف يخضع الفلسطينيون إلى التفتيش على الحواجز الإسرائيلية, وكيف تقيّد سلطات الإحتلال حركتهم في إنتقالهم من مكان لاّخر داخل وطنهم ... لقد أثار الغضب الصهيوني وهو يتطرق إلى القضية الفلسطينية بعيدا ًعن الرواية الصهيونية, ولكونه ليس فلسطينيا ً, الأمر الذي يسمح له بحصد تأييد أقرانه من الأمريكان السود والأفارقة, فإستحق بنظرهم العقاب والمضايقة ومحاولات إسكاته, ليكون عبرة ً لغيره... لكن النتائج العكسية ظهرت على الفور في الإعلام والشارع الأمريكي الذي تعاطف معه ومع الطرح الذي تناوله والمتعلق بالقضية الفلسطينية, وزاد من تعرية سلطات الإحتلال وإغتصابها وتعديها على الحقوق والأراضي الفلسطينية.
مما سبق يتأكد لنا أن شيئا ًما يتغير في أمريكا, وقد يراّه البعض شيئا ً قليلا ً, ولكن أن يزداد عدد المتعاطفين مع الحقوق الفلسطينية في المعقل الأمريكي, والذي لا بد وأن ينسحب على أماكن أخرى في أوروبا والعالم, لن يكون شيئا ً قليلا ً, فالرواية الصهيونية تتاّكل, ويتضاعف يوما ًبعد يوم عدد الذين باتوا يدركون الحقيقة, وبدأت تتساقط الأقنعة الصهيونية وإدعاءاتها الكاذبة حيال الديمقراطية, ومخاوفها من نوايا المقاومين لرميها في البحر, في حين أنها هي المغتصب والمعتدي, والتي تمارس أبشع سياسات التهجير والعدوان والقتل والقمع وسرقة الأوطان ... وهذا بإعتقادي يشكل بداية تحول جدي وهام ويصب في صالح المقاومة التي تحسن القبض على سلاحها, وتنتظر من أبنائها ومؤيديها والمتعاطفين معها حول العالم العمل على كافة وسائل الضغط وتحويلها إلى أسلحةٍ تُضاف إلى أسلحة المقاومين في الميدان, تكريسا ً للقاعدة الذهبية "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا ّ بالقوة".
المهندس: ميشيل كلاغاصي
13 / 5 / 2019

Wednesday, May 8, 2019

"نتنياهو" ما بين الردع الإسرائيلي المفقود .. وصواريخ المقاومة - ميشيل كلاغاصي



يوما ً بعد يوم تتالى المشاهد التي تُثبت حالة الوهن والضعف التي وصلت إليها سلطة الكيان الإسرائيلي الغاصب, والتي أخذت تضرب أساسات وجودها وبقائها, بما يقض مضاجعها ويرفع مستوى ترجمة وتجسيد كوابيسها التي أخذت ترخي بظلالها وبشكلٍ واضحٍ على قادة الكيان السياسيين والعسكريين والمستوطنين أيضا ً, على الرغم من إمتلاكها لأقوى الترسانات العسكرية, وتلقيها الدعم الأمريكي والأوروبي, المالي والعسكري والسياسي اللامحدود, بالإضافة إلى حالة الإنقسام التي يعاني منها الصف العربي عموما ً, وهرولة بعض أنظمة وعروش التخاذل العربي نحو التطبيع المجاني, لإنهاء حالة الصراع عبر تصفية القضية الفلسطينية من خلال "صفقة القرن", والتي أعلنت فصائل المقاومة أنها لا تقبل بأي صفقة وبهذه التسمية جملة ًوتفصيلا ً.

وتبدو سلطات الاحتلال الإسرائيلي محقة ً في مخاوفها وهواجسها، مع تغيّر كافة معادلات وقواعد الإشتباك، فقد ثبت عقم القبة الحديدة أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية وبنسخها الحديثة والمتطورة، في وقتٍ وعد سماحة السيد حسن نصر الله بتدمير الفرق والألوية التي تفكر بإجتياح لبنان، وبنقل مشاهد تدميرها عبر الفضائيات العالمية، في الوقت الذي اختبر الصهاينة قدرة الصواريخ السورية على كافة جبهات المقاومة، وتلك التي أُطلقت بإتجاه مستوطنات الجولان المحتل مؤخرا ً.

لقد أدمن الكيان الغاصب قرع صافرات الإنذار، والنزول إلى الملاجئ، وإنتشال القتلى والجرحى، وياله من مشهدٍ تنقله الشاشات ووسائل الإعلام وهي ترصد وزير الداخلية الإسرائيلي يختبئ داخل أحد الملاجئ، وسط بكاء الجنود وإرتفاع نسب الإنتحار في صفوفهم، بالتوازي مع مشهد تلك النائبة الإسرائيلية التي خرجت لتحدي صواريخ المقاوميين الغزاويين وانتهى بها الأمر للإنبطاح أرضا ً أمام كاميراتها التي أرادت عبرها توثيق التحدي .... فيما سجل المستوطنون سابقة ًعبر مطالبتهم بإخلاء المستوطنات قبل أي مواجهةٍ قادمة محتملة.

أما رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" فقد تعرض لإنتقادات لم يسبق أن تعرض لها غيره من المسؤولين السياسيين أو حتى العسكريين، على خلفية الفشل العسكري الذريع في جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة في مواجه المقاومة، وسط استهجان "نخبه" ومؤيديه حتى في أحزاب اليمين، لحالة العجز وتلاشي وإختفاء قدرة الردع الإسرائيلي التي يُفاخر بها.
وجاءت ردود أفعال الداخل الإسرائيلي، لتؤكد قناعة ً إسرائيلية كاملة حيال ضعف قوة الردع الإسرائيلية، وعدم قدرتها على حماية الداخل، وتراجعها أمام قواعد الإشتباك الجديدة، على الرغم من لجوئها إلى قصف الأهداف المدنية ولجوئها إلى استراتيجية الإغتيالات وتصفية القادة على الأرض.

لقد جاءت الكلمات القليلة التي تفوه بها "نتنياهو"، والتي تجنب فيها الإعلان عن التوصل إلى إتفاق إطلاق النار، لتؤكد شعوره بالمرارة والهزيمة، ليكتفي بالقول: "المعركة لم تنه"، وسط غياب "الإنجازات" والفشل الذريع في كسر معادلات الردع والإشتباك التي فرضتها المقاومة.

لقد افتضح التصعيد الأخير، أمر القادة االسياسيين والعسكريين على حدٍ سواء, وابتلع الجميع مرارة الفشل في كسر شوكة فصائل المقاومة الفلسطينية... ولم يكن أمام نتنياهو ورئيس أركانه سوى الحديث عن الأهداف التي تم قصفها، وتكرار تصريحات الوعيد والتهديد, في محاولةٍ يائسة لإخفاء الفشل, لكنه بذلك ساهم في تظهير عمق نفاقه... فقد بات واضحاً أن العمل المشترك والتنسيق الكبير عبر غرفة العمليات المشتركة أثبت نجاعته وكفائته على مستوى التصدي والصمود وتوازي الردع وتجاوزه, بتأكيد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة بأنه: "كان يفصلنا عن قصف تل أبيب ساعاتٌ قليلة".

لم يعد بإمكان الإسرائيليين إخفاء حالة الإرتباك والخوف والإنقسام الداخلي، الأمر الذي ظهر جليا ًفي تبادل وتقاذف الإتهامات ما بين السياسيين والعسكريين حتى داخل الكابينت، لتحميل مسؤولية الفشل الإستراتيجي، والذي سيكون له إنعكاساته -دونما شك -في المواجهات القادمة مع محور المقاومة وعلى أيٍ من الجبهات، وبما يفرض على تركيبة السلطة الإسرائيلية التخلي عن أوهامها بتجريد المقاومة من سلاحها خصوصا ً في غزة، والتفكير الجدي باّليةٍ جديدة للتسوية ولرفع الحصار، وسط استمرار مسيرات العودة السلمية التي لن تتوقف بإذن الله.

المهندس: ميشيل كلاغاصي



8 / 5 / 2019

لن تمنعوا سورية من تحقيق المعجزة - م.ميشيل كلاغاصي


من مصانع السلاح إلى المرافئ والمطارات والمعابر, إلى جحور الحقد والظلام إلى أيادي الوحوش أصلاء ووكلاء .. عبروا حدود الياسمين, وتعلقوا بأوهامهم لشطب تسعة اّلاف عام ٍ من الحضارة والتاريخ!.. ووضعوا رهاناتهم في مقامر واشنطن وباريس ولندن واسطنبول, وشحذوا سكاكينهم في مسالخ تل أبيب, وفخخوا اّمالهم في عبوةٍ أو حزامٍ ناسف, في "ربيع" الظلام !.
كيف سيقنعون الأجيال القادمة, "بثورات" قادها أتراكٌ وعربٌ وبلغار وأنغوش وبلجيك وألمان ...إلخ, نهلوا فيها من علوم وفكر ترامب وأوباما وهيلاري وهنري ليفي وبرجنسكي وكيسنجر وتسبي ليفني ونتنياهو وأردوغان!, حمل فيها القطريون والسعوديون والأتراك راية "الحرية والديمقراطية"هدية ً للسوريين ولغير عرب!.
فقد ضاقوا ذرعا ً, بإخفاء حقيقتهم وغاياتهم وعمالتهم, واعتقدوا أن الحرب تبدأ وتنتهي وتغادر العقول والقلوب, في عالم ٍ يفقد ذاكرته شيئا ً فشيئا ً, يقول فيه الواقع الشرير كلمته, وتجاهلوا أن الحروب المدمرة ستبقى في عقول مصنّعيها من الديمقراطيات الغربية, ودول الإستعمار القديم والحديث, وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي, وسيبقى الخطر يتهدد الجميع في وقت ٍ تغيب فيه العدالة الأممية والإنسانية, وتنحاز فيه عديد الدول نحو طاعة الثور الكبير.
فلا تزال أشباح الحروب المصيرية الساخنة تخيم على الدول والشعوب في سوريا وليبيا والعراق واليمن, ولن تبقى المهل والفرص تُمنح لدولٍ وغزاة ولإرهابيون ولمسلحون و لمعارضات خائنة ؟, وسط توفر الأدوات, وعلى مقربة من إكتمال العقد الإرهابي الجديد, وفي ظل الإنقسام الدولي الكبير, تستمر الفوضى وتتنوع معه وتتسع دائرة المواجهات وصراعات المشاريع الدامية.
ويحاول الغرب المتوحش أن يفرض استدامة سخونة الصراعات على كافة الجبهات العربية – العربية من جهة, ليعرض "سلامه" المخزي والمهين من جهة ٍ أخرى, بلغة الوسيط أو بالعدوان المباشر, وسط مشاهد الذل والعار لمن نقل سلاحه من كتف العروبة إلى كتف العبودية والعمالة, ومن استبدل العدو الإسرائيلي بعدو ٍ اّخر إفتراضي, لم يتوان يوما ًعن دعم القضية الفلسطينية, ومؤازرة كل من حمل راية المقاومة والحق, وبالوقوف جنبا ً إلى جنب مع صناديد الأبطال والمقاومين الذين هبوا للدفاع عن أوطانهم ومصير وحياة شعوبهم .
ويلٌ لمن يسير في ركاب الوحوش, و"يُزهر" في ربيعهم, ويرى بعيونهم مستقبل سوريا عبر تدميرها وتقسيمها وتهجير شعبها ونُخبها, وسرقة ثرواتها ومقدراتها وقرارها ودورها, ويبقى الأمل معلقا ًعلى قائدها و أسودها وشرفاء الأمة ومقاوميها, فلن يطول زمن إنتصارهم, 
بعدما اختبر الطغاة شدة بأسهم وصلابة إيمانهم بالله وبالنصر والحرية , ولن يستطيع أحدٌ منع سورية من تحقيق المعجزة.