Thursday, May 30, 2019

صفقة محتملة , ترامب والخامنئي - دنيس روس


دنيس روس : الددبلوماسي الأمريكي والمستشار في معهد واشنطن للأبحاث
ترجمة وإعداد : ميشيل كلاغاصي – 30 / 5 / 2019

إيران تقول إنها لن تتفاوض مع الولايات المتحدة تحت الضغط, لكنها فعلت ذلك في الماضي – وربما ستفعل ذلك مرة أخرى.
لطالما أكد المرشد الإعلى لإيران آية الله علي خامنئي، أن إيران لن تتنازل, وجاء موقف المسؤولين الإيرانيين أنهم لن يتفاوضون مع الولايات المتحدة  تحت الضغط.
وليس من المستغرب أن يأت الرد الإيراني على حملة الضغوط القصوى لإدارة  ترامب, عبر اختبار وفضح حدود العزم الأمريكي، من خلال إطلاق سلسلة من الهجمات التخريبية والوكيلة، ضد ناقلات النفط – إثنتان سعوديتان وناقلة إماراتية وأخرى نرويجية - ومحطات ضخ النفط, في المملكة العربية السعودية.      
وفي ظل تصاعد التوتر قامت الولايات المتحدة بإرسال المزيد من قواتها الى المنطقة، لكن ومن المثير للإهتمام أن يتحول ترامب وخامنئي لوقف التحرك نحو الصراع المباشر.
فقد أوضح الرئيس ترامب أنه لا يريد حربا ً، وتحدث عن "الإمكانات الكبيرة لإيران"، وحث قادة الجمهورية الإسلامية على قبول دعوته لعقد صفقة جديدة, كذلك تحدث المرشد الأعلى وأطلق تصريحاته عبر التلفزيون الوطني لبلاده وقال: "نحن لا نسعى للحرب, لكنهم ( الأمريكيون ) يسعون إليها". 
هذا يعني أنهم لازالوا غير مستعدين للدخول في المفاوضات, لكن الخامنئي الذي قضى عقودا ً يشكك في جدوى المحادثات مع الولايات المتحدة، لا يريد الظهور وكأنه قد خضع لأمريكا, وهو لا يزال يعتبر المفاوضات "سامة", حيث قال الرئيس حسن روحاني إن "الوضع غير مناسب للمحادثات وخيارنا هو المقاومة". 
يبدو أن مقاومة التي تحدث عنها المرشد الأعلى وروحاني , يمكن أن تنطوي على التخلص من القيود القديمة المفروضة على إيران قبل توقيع الإتفاق النووي عام 2015، والمعروفة بإسم خطة العمل المشتركة الشاملة...
في الحقيقة أن إعلان الإيرانيون بمضاعفة معدل التخصيب لأربعة أضعاف ، يعني أن إيران ستتجاوز قريبا ً تخصيب ال 300 كيلوغرام من اليورانيوم المسموح بها من خلال شروط الإتفاق, ويكون روحاني قد وضع الأوروبيين الموقعين على الخطة الشاملة أمام قيامهم بتعويض إيران إقتصاديا ًعن العقوبات الأمريكية التي فرضتها في 7 يوليو، وإلاّ فسيستأنفون التخصيب إلى 20٪ ، الأمر الذي سيمكنهم نوويا ً من "كسر القيود".... وبهذا يكون المرشد الأعلى قد استطاع تطبيق أقصى الضغوط على الرئيس ترامب.
لكن, إلى متى يمكن للمرشد أن يواصل هذا  الأمر؟ في ظل قوة ترامب وشدة العقوبات, وإنهيار الإقتصاد الإيراني والإعمال التجارية, وما يعانيه الإيرانيون يوميا ًمن خسائر في قيم مدخراتهم، وإرتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية و  الأدوية والسلع الإستهلاكية. 
قد يصرّ المرشد الأعلى على عدم التفاوض تحت الضغط ، لكن تاريخ الجمهورية الإسلامية يشير إلى خلاف ذلك...
ففي الماضي، وعندما واجهت الدولة الإيرانية الضغوط الخارجية المرتفعة، وهُدد استقرارها الداخلي، بحثت عن وسيلة لتخفيف الضغوط والتكاليف الباهظة... واتخذت قرارها الصحيح بإنهاء الحرب مع العراق عام 1988؛ وعندما كانت العقوبات والتهديدات قوية أوقفت إغتيال المنشقين في أوروبا, وبعد أن هزمت الولايات المتحدة الجيش العراقي في ثلاثة أسابيع في 2003 أوقفت تقديمها للصفقة النووية, وفي عام 2012خشي الإيرانيون أن يكونوا الهدف التالي للقوات الأمريكية فوافقت إيران على الإتصالات السرية, بعد أن كثفت إدارة أوباما عقوباتها, وتوقف الأوروبيون عن شراء النفط الإيراني .  
هل يمكن أن نرى مشهدا ً مشابها ً مع إدارة ترامب ؟ فالحكمة التقليدية هي أن الإيرانيين يريدون إنتظار رحيل ترامب والتعامل مع خليفته... من المؤكد أن الخامنئي يفضل هذا الخيار، لكن هذا يعتمد الكثير على قدرة الشعب الإيراني على تحمل الصعوبات الإقتصادية.
إذا كان الخامنئي يبحث عن تخفيف الضغوط، وعن اختيار التفاوض وتكرار المشهد, فسيكون من شبه المؤكد أن التفاوض المباشر سيجعله يعترف بالهزيمة, وعليه اللجوء إلى التفاوض غير المباشرعن طريق وسيط مثل فلاديمير بوتين, ويتم إستئناف التفاوض بين بوتين وترامب.
لكن ما نوع الصفقة التي سيكون ترامب على استعداد لإبرامها ؟ من غير المرجح أن يكون ذلك بناءً على الشروط ال 12 لوزير الخارجية مايك بومبيو, التي ينظر إليها الإيرانيون على أنها تتطلب تغيير النظام, في وقتٍ وخلال زيارته لليابان، كان ترامب واضحًا بأنه "لا يبحث عن تغيير النظام", وأن هدفه هو "عدم إمتلاكها أسلحة نووية"، الأمر الذي يترك مجالًا للمناورة. 
لكن في الحقيقة، يبدو أن المعايير الوحيدة لترامب هي أن تكون الصفقة بمجملها أفضل من تلك التي حصل عليها أوباما. 
ويتمثل أحد التحسينات الواضحة في خطة العمل المشتركة في تمديد الأحكام التي تحد من تخصيب اليورانيوم الإيراني ، من عام 2030 إلى 2045 على سبيل المثال، وهذا من شأنه إرجاء تهديد أسلحة نووية إيراني محتمل إلى أبعد بكثير في المستقبل... لكنها هذا لا يتعلق بالتهديدات الإقليمية الناتجة عن الجهود الإيرانية لتوسيع نفوذها ووسائلها القسرية ضد الأنظمة العربية و"إسرائيل"... وسيتطلب ذلك إقناع إيران بالحد من بصمتها العسكرية في سوريا, والتوقف عن توفير  الصواريخ والقذائف الموجهة بدقة  لحزب الله وغيره من الوكلاء في لبنان وسوريا. 
لكن الإيرانيين لن يقدموا هذه التنازلات مجانًا, وسوف يسعون إلى رفع جميع العقوبات النووية وغير النووية, هذا من شأنه أن يقرر ترامب مدى استعداده للتخلي عنها, إذ لم يكن أوباما على استعداد لرفع العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب, ومن المرجح أيضا ً أن تكون مجموعة ال 5 مترددة في القيام بذلك .... ومع ذلك ، فقد يستنتج أن  كسب  الوقت  ( 15 عامًا إضافيًا ) وتقليص احتمال نشوب حرب إقليمية سيكون إنجازًا كبيرًا.  
وتبدو المفارقة الكبرى, بأننا نرى الضغوط الكبرى التي يمارسها الخامنئي وترامب , يمكنها أن تدفعهم نحو توفير سوء تقدير لكنها لا تؤدي بهم أولاً إلى صراع أكبر.

No comments:

Post a Comment