Monday, September 24, 2018

أردوغان في ورطة .. ويطلب النجدة وربما الإسعاف - م.ميشيل كلاغاصي

أردوغان في ورطة .. ويطلب النجدة وربما الإسعاف
المهندس: ميشيل كلاغاصي
24 / 9 /2018
"التاريخ يكرر نفسه أو لا يكرر نفسه"، هو الخلاف والتضاد بين توكيدوس وابن خلدون، ولعلنا اليوم بصدد الإنحياز إلى أحدهما دون الاّخر، بعد العودة إلى قصة الحماقة التي بدأت قبل قرنٍ كامل واستمرت حلما ً وحُرقة ً مخفية في عقل ونوايا "السلطان" إلى أن عاد به الزمان إلى نفس المكان.
ثمان سنوات من العدوان والإحتلال والتآمر والإرهاب، والوقاحة ووعيد "السلطان" بدخول البلاد وإمامة العباد في أهم وأقدم مساجد حلب والعالم، سنواتٌ تلوّن فيها الواهم-الحالم "رجب طيب أردوغان"، بألوان البلطجي، السارق، المحتل، الداعم الرئيس والمشغل للإرهاب والإرهابيين، الضامن للحل ولوقف إطلاق النار.... أدوارٌ وتجليات عديدة ولعبٌ على جميع الحبال، فيقترب من موسكو ويبتعد عنها، يمتدح ترامب ويجافيه ويعاديه، يدافع عن وحدة سورية ويحتل الشمال السوري ومحافظة إدلب!.
وحضر القمة الثلاثية في طهران حيث رُفضت الهدنة، فطالب بقمةٍ ثنائية مع بوتين، فاجئت العالم بولادة الإتفاق حيال إدلب وبوقف الهجوم عليها وبمنحه وكالةَ عزل إرهابييها عن "معتدليها"، وأُتفق على إقامة المنطقة العازلة – مطلبه الدائم -، ثم عاد ليطلب لقاءا ً ثلاثيا ًعاجلا ًعلى هامش اجتماعات نيورك، وهو مرتبك وخائف ويقول "ليس عدلا ً أن أقف وحدي".. وبدا كمن واجه ذئبا ً أو ثعبانا ً في غرفة!، مالذي حدث وجعله يطلب النجدة وربما الإسعاف. !! هيا بنا نستطلع ماذا يجري ونرى الثعبان الذي أخاف "السلطان".
ففي قمة طهران قدم رئيس النظام التركي نفسه ممثلا ًعن كل من النتظيمات الإرهابية والسيد الأمريكي والدول الأوروبية التي تقاتل غالبا ً من وراء الستار، وذلك عندما دعا إلى وقف إطلاق النار في إدلب , محذرًا من أن يؤدي هجوم قوات الدولة السورية على الإرهابيين هناك إلى "مذبحة", بما سيدفع بموجة نزوحٍ جديدة نحو الأراضي التركية ومنها إلى أوروبا , وأزعجه – بالوكالة - كلام الرئيس روحاني عن إقتراب معارك الشرق السوري ما بعد إنتهاء معركة إدلب , بما يشي بإقتراب إحراج القوات الأمريكية وإجبارها على الخروج من سورية...
لكنه استفاد من تأكيد إيران بعدم مشاركتها في معركة إدلب , فطالب بعقد قمة ثنائية مع الرئيس بوتين , مستفيدا ً من تقاربه معه ومع الدولة الروسية , سعى فيها لإقناع زعيمها بمخاطر عملية الهجوم على إدلب من جهة , ومن جهةٍ أخرى بما يتعلق بالدور التركي الضامن والأهم بالتداعيات الخطيرة والمتوقع حدوثها في الداخل التركي المنقسم والمحتقن بفعل السياسات الاقتصادية والقمعية ومحاصرة الحريات , وإرتفاع أصوات أحزاب المعارضة الداعية للحوار مع سورية ووقف التدخل السافر في شؤونها , وإلى رحيل أردوغان, ناهيك عن أعداد الإرهابيين اللذين تعج بهم المدن التركية واللذين يتجولون بأسلحتهم وبكامل حريتهم في أماكن عديدة, من الواضح أن أردوغان يلعب على حافة الهاوية بين أحلامه وأطماعه بالحفاظ على تقدم مشروعه الذي يعتمد على حماية الإرهابيين وتموضعهم على الأرض, وما بين إنفجار الوضع في تركيا.
أمورٌ كثيرة دفعته لتقديم التنازلات، لكن يبقى أهمها الهمس الأمريكي ليس لإطالة مدة الشد والجذب حيال بدء معركة إدلب , بل بما يليها وهو الأهم أمريكيا ً, فكان همسٌ خفي لضمان وقف إطلاق النار في إدلب بدايةً "ومن ثم التأسيس لوقفٍ كاملٍ لإطلاق النار في سورية والتركيز على الحل السياسي" – بحسب الوزير جاويش أوغلو-, بما يشبه تجميد الوضع وإحالته برمته إلى الحل السياسي , وبما يضمن للأمريكيين مدة ً مفتوحة يمكنهم المراهنة عليها لإستمرار تواجدهم في سورية دون منغصات, وكم كان تمويها ًغبيا ً وفاشلا ً ذاك الذي قام به الرئيس ترامب حينما أكد أن "صمود الإتفاق يساعد على سرعة مغادرة قواته لسورية"... كلها أمورٌ وجد فيها بوتين مصالح حقيقية للدور الروسي وللدولة السورية وللمدنيين السوريين في إدلب وللحل السياسي وإنهاء الحرب على سورية , فكانت المفاجئة في إعلانه الموافقة على بنود الاتفاق التي أحكم الجانب الروسي حبكها واصطيادها.
ومما يؤكد هذه القناعة، التعهدات التركية التي قدمها أردوغان إلى الرئيس بوتين، بحسب نص الإتفاق والتي تتعارض مع مصلحة المشروع الأردوغاني العصملي، الذي سيفقد من فرصه بمجرد محاولة عزل النصرة ومن يتبعها , وإخراج كافة المسلحين من المنطقة – منزوعة السلاح –بما فيها الجيش الحر، والسماح لدخول مؤسسات الدولة إليها, الأمر الذي سيخرج هذه الجغرافيا من حسابات الميدان ويحيلها مباشرة إلى كنف الدولة بغياب السلاح الإرهابي , فالناس ضاقت ذرعا ً بالإرهاب وتتوق لعودة مناطقها إلى حضن الوطن.
وما بين الأوامر الأمريكية والموافقة الروسية، بدا أردوغان سعيدا ً بما حققه تلك الليلة، واعتقد أنه أوقع بوتين بالفخ، فإدلب ملعبه واستخباراته تهيمن على كل شيء، والمخطط التقسيمي أصبح جاهزا ً, ومهلة الاتفاق سيتم خرقها وتمديدها وألاعيب السياسة ودهاليزها كثيرة ,... لكنه وجد نفسه في ورطة بعد إحتفالية منعه معركة إدلب, واستعراض عضلاته أمام بعض الأغبياء والخونة , واحتاج إلى 24 ساعة ليعرف مدى تورطه في الاتفاق الذي بدا بمثابة هدية قدمها الروس للجيش والدولة والشعب السوري.
لكن شيئا ً ما حدث فجأةً ولم يكن بالحسبان , فقد وقعت حادثة إسقاط الطائرة الروسية أثناء العدوان الإسرائيلي على بعض الأهداف في مدينة اللاذقية , ووجهت موسكو اللوم والمسؤولية إلى قادة سلاح الجو الإسرائيلي , وتوترت العلاقات بينهما, وأعادت الذاكرة أردوغان لذاك الغضب الروسي يوم إسقاط تركيا المقاتلة الروسية , فقد رأى يومها النار تتطاير من أعين بوتين , وعرف أنه سيكون الضحية لتأديب إسرائيل وواشنطن إن أخلّ بإتفاق إدلب هذا من جهة , ومن جهةٍ أخرى أراد أن يشاركه أسياده في واشنطن ودول الناتو الحمل الثقيل , فالساحة تعج بأجهزة الإستخبارات , في وقتٍ تبدو فيه الفصائل المسلحة بمتناول الجميع ومن يدفع وليس كما كان يعتقد , بأن الساحة الأدلبية ملكه وحده , خصوصا ً مع بدء ملامح مرحلة تصفياتٍ إرهابية – إرهابية قد تحرق الحلم الأردوغاني وإلى الأبد , وعرف أنه قد أوقع نفسه وسط مستنقعٍ بمحاصرة إيران وروسيا , فالمهلة قصيرة والفصائل غدارة وولاءاتها غير محدودة وقد تحمل له المفاجئات , خصوصا ً بعدما اكتشف في شوارع إدلب وجود الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والفرنسية والبريطانية والسعودية والإماراتية والتي اعتقد أنهم غادروا الساحة بعد هزيمتهم في حلب والقابون والغوطة وأماكن أخرى , فأراد إيصال الرسالة وبنفس الإسلوب وأن يكون اللعب على المكشوف , فأصدر بخبثٍ قائمةً أعدتها الإستخبارات التركية وتضم 400 شخص في إدلب وقد ثبت ضلوعهم في أعمال إرهابية - بحسب صحيفة يني شفق التركية -, وادعت أنهم ينتمون إلى المخابرات السورية وتنظيمي “ب ك ك” و”داعش”, وأغفل عن عمد ذكر المقصودين الحقيقيين بالرسالة, وسارع  للجوء مجددا ً إلى إيران وروسيا , وأراد أن يتقاسم مع الأمريكان وشركائه الأطلسيين والخليجيين الفاتورة , فطالب بعقد قمة ثلاثية في نيورك على هامش إجتماعات الجمعية العمومية ... ياله من مشهد فأرودغان في ورطة ويطلب النجدة ة وربما سيحتاج الإسعاف !, إذ قال المتحدث باسم الرئاسة التركية : أنه "ليس من العدل أن تتحمل تركيا عبئ إدلب ومحاربة الإرهاب وحدها"... مع وجود 3 ملايين مدني في إدلب وتواجد منظمات وفصائل إرهابية لا يعلم بها سوى الله تعالى , مع إجتمالية أن تضطر القوات التركية للتصادم والمواجهة معها,,, خصوصا ً مع وجود الغرباء اللذين لا تنوي الدول إعادتهم , وعليه تجد تركيا صعوبة ومرارة ً في تطبيق ما تعهدت به , مع انحسار مساحة المرواغة التي طالما راهن عليها "السلطان"...

Wednesday, September 19, 2018

"إسرائيل" تدفع استراتيجيا ً ثمن أخطائها في سورية - م. ميشيل كلاغاصي


أراد العدو الإسرائيلي من خلال عدوانه الأخير على عدة أهداف سورية وتحديدا ً في مدينة اللاذقية، التعبير عن إمتعاضه ورفضه وغضبه من الاتفاق الروسي – التركي الذي تم التوصل إليه في قمة سوتشي التي جمعت الرئيسين بوتين وأردوغان حيال مدينة إدلب السورية، وسعى قادة الكيان من خلال طريقة تنفيذ العدوان بالإشتراك مع العدو الفرنسي والرضى والغطاء الأمريكي التام، إلى إيلام كلا ً من سورية وروسيا، وإلى محاولة دب الفرقة والشقاق بينهما، فلجأوا إلى خديعةٍ عسكرية استغلوا فيها تواجد طائرة ال " إيل – 20" في المكان والزمان، وأطلقوا صواريخ طائراتهم الغادرة، فوقعت الطائرة الروسية فريسة صواريخ المضادات السورية فسقطت واستشهد الجنود الروس اللذين كانوا على متنها، فيما تصدت المضادات السورية للصواريخ وأسقطت معظمها.
قوبل هذا المشهد مع لحظاته الأولى بإنفعال شعبي كبير، عكس من جهة حب السوريين لوطنهم وتمسكهم بسيادتهم الوطنية وتقديرهم وتفاعلهم مع بطولات بواسل وأبطال الدفاع الجوي السوري، ومن جهةٍ أخرى عكس غضب البعض وتسرعهم -عاطفيا ً- نتيجة المفاجئة وغياب الرد العسكري الروسي الفوري؟.
فقد تأثر البعض بما تناقلته الأفواه والألسن على وسائل التواصل الإجتماعي، واختلطت المشاعر وتعددت الاّراء، وغاب عن ذهن البعض الاّخر حقيقة التواجد العسكري الروسي على الأراضي السورية الذي جاء بطلبٍ سوري رسمي , ولهدفٍ أساسي معلن وصريح هو محاربة الإرهاب وإنهاء تواجده على الأراضي السورية.
في الوقت الذي تتداخل فيه طبيعة الصراع ما بين أعداء سورية وتلك الجيوش الإرهابية التي تدعمها دولٌ و أطراف عديدة ومنها الكيان الصهيوني والذي يحتل مركز الصدارة في إطار الحرب على سورية,, ويصعب على الدولة الروسية التعامل مع قادة الكيان الغاصب اللذين يتذرعون بأمنهم القومي وبطبيعة الصراع في المنطقة, ويتفننون بإختراع الأكاذيب والحجج الواهية لمؤازرة المجاميع الإرهابية تارة ً ولتدخلهم المباشر وتنفيذ إعتداءات متكررة داخل الأراضي السورية , فلطالما تذرعوا بمنع حزب الله من نقل الصواريخ وبالوجود الإيراني وبعشرات الأكاذيب ، في وقتٍ تستغل فيه الحرب الكونية على سورية والدعم المطلق للولايات المتحدة الأمريكية بالإشتراك مع دول الإستعمار القديم كفرنسا وبريطانيا لإطالة زمن الحرب ولتحصين معادلات وجودها وبقاءها للتخفيف من كوابيس مخاوفها الحقيقة جراء الإنتصار السوري ومحور المقاومة , بالتوازي مع تحطم وكسر معادلات الردع السابقة لصالح سورية ومحور المقاومة مجتمعا ً.
ولكن هذا التداخل لم يكن وبطبيعة الحال ليؤثر بشكل حاد ومباشر على طبيعة العلاقة الثنائية بين روسيا و "إسرائيل" والمصالح المشتركة والزيارات المتبادلة بينهما, ويبقى للدولة الروسية حضورها الكبير كراعٍ للسلام في المنطقة والذي يفرض عليها نوعا ً من الحياد في الصراع المباشر .. ولكن تمادي قادة العدو في استفزاز الدور الروسي في سورية , يجعل روسيا تميل نحو دعم التوازن أكثر فأكثر على طرفي النزاع , واللجوء لحل الصراع في إطار القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة, وتميل دائما ً نحو تطبيق العدالة وإحقاق الحق بما يتناسب مع طبيعة الدولة الروسية تاريخيا ً, لكنها لن تتحول إلى داعمٍ أساسي لسورية أو للمقاومة في هذا الصراع على غرار الدعم المطلق للولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني والذي ينبع من طبيعة العقل والسلوك الأمريكي المتغطرس والذي يميل إلى فرض هيمنته بالقوة ...
ومن القساوة بمكان إعتبار أن ما حدث قد تم برضى أو بتوافق وتنسيق روسي – إسرائيلي , فهذا يجافي الحقيقة , ويحيلنا مجددا ًإلى التذكير بالعلاقة بين التاريخية – الإستراتيجية بين سورية وروسيا , والدعم الكبير واللامحدود الذي قدمته للدولة السورية , ناهيك عن التضحيات وامتزاج الدماء الروسية بالسورية على أرض سورية من خلال المعارك ضد الإرهاب.
فمن راقب تطور الأحداث منذ لحظة العدوان وسقوط الطائرة الروسية , يرى كيف بدأت المواقف الروسية -المعروفة ببطئها غالبا ً – بالتتالي , فقد اعتبرت موسكو بادئ ذي بدء أن العدوان استهدف الاتفاق الروسي التركي في إدلب , ثم جاء تحميل المسؤولية للقادة الإسرائيليون , ومن ثم استدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو, وبدأت تتصاعد المواقف السياسية والعسكرية بتأكيد الجنرال ايفاشوف بأن بلاده "ستتخذ اجراءات انتقامية صارمة تجاه كيان الاحتلال" , وتحدث عن إحتمالية وقف كل العلاقات العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية,  وعلى المقلب السوري , توعد بإسقاط أي طائرة تنتهك المجال الجوي السوري , والأهم تحدث عن ضرورة  تسليم السوريين منظومات جوية دفاعية حديثة ولعله يقصد ال S300 أو ال S400 , لذلك سارع الجانب الإسرائيلي لتخفيف حدة الغضب الروسي وتحدث مسؤول رفيع عن ضرورة أن "تتقدم إسرائيل بإعتذارٍ رسمي إلى موسكو" في خطوة عاجلة مستعجلة لإمتصاص غضب الزعيم بوتين .
من الواضح أن العدو الإسرائيلي يعاني من إرتباك ٍ حيال إبرام الاتفاق الروسي – التركي والذي أتى بمباركة إيرانية وبموافقة دمشق بما يعكس حقيقة تنسيقها العالي مع حلفائها , فالإتفاق جيد وواعد , ويؤكد من جديد علو كعب الدبلوماسية الروسية التي استطاعت سحب فتيل الحرب التي كادت تشنها واشنطن وفرنسا وبريطانيا على سورية , وبما يحقن دماء السوريين ويعبد طريق الحل السياسي , ويحرر أيدي موسكو التي كادت أن تتكبل بفعل سراشة الهجوم على دورها الكبير والهام في العالم والمنطقة وفي إنهاء الحرب على سورية.
وتبقى الممارسات الخاطئة التي اتبعتها سلطة الكيان الغاصب – خلال سنوات الحرب على سورية -والتي لطالما استفزت وأغضبت الدولة الروسية وزعيمها، تُشكل حصادا ً سيئا ً وخسائر استراتيجية ستتضح نتائجها - يوما ً بعد يوم - , وتساعد موسكو على اقترابها من الموقف السوري أكثر فأكثر في سجل الصراع المفتوح مع الكيان السرطاني الغاصب.. الأمر الذي سيعزز وحدة المصير والمسار للدولتين والشعبين الصديقين في سورية وروسيا , بعيدا ًعن العواطف والتقلبات المزاجية التي لا تعدو سوى أوهام عابرة ومسيئة في رؤوس بعض من لا يجيدون قراءة الحقيقة.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
19/9/2018
  

Thursday, September 13, 2018

مجالس الإدارة المحلية , استحقاقٌ ديمقراطي وعرسٌ وطني هام - م.ميشيل كلاغاصي

مجالس الإدارة المحلية , استحقاقٌ ديمقراطي وعرسٌ وطني هام

تنطلق الأحد القادم 16 / 9 / 2018 إنتخاباتُ مجالس الإدارة المحلية في سورية، ويعتبر هذا الاستحقاق عرسٌ وطني ديمقراطي كبير وهام، يساهم بتكريس الديمقراطية وبتعزيز دور المؤسسات العامة، والتي تُعنى بتحسين وضع المواطنين المعيشي والخدمي وتساهم بتنمية المجتمع المحلي , خصوصا ً بعد سنوات الحرب والعدوان على سورية والتي لا تزال مستمرة حتى الاّن ، الأمر الذي أثّر على هيكلية هذه المجالس والإدارات وحمّلها أضعاف مسؤولياتها السابقة , مع حالة التدمير الممنهج التي لجأ إليها مخططوا حروب الوكالة للجيوش الإرهابية.
ومع إزدياد حاجات ومتطلبات حياة المواطنين للعيش الكريم , كان من الضروري الإتجاه نحو إعادة الإعمار بالتوازي مع مواجهة ودحر الإرهاب , للإسراع بنهوض الوطن وتأمين وتحسين كل ما يتعلق بالخدمات والإحتياجات التي تشكل بمجموعها حقوق المواطنين التي ضمنتها وكفلتها مؤسسات الدولة بأخلاقها وأعرافها والأهم بمواد دستورها والتي نصت منذ ما قبل الحرب على تفعيل برنامج اللامركزية والتنمية المحلية عبر مجالس الإدارة المحلية.
وهذا ما لم يرق لأعداء الوطن من الإنفصاليين، لأنه يحاصر ويجهض ويتناقض مع جوهر تقسيم وفدرلة البلاد عبر التمهيد والتأسيس لهما بتطبيق نظام الإدارة الذاتية أو إدارة الحكم الذاتي , من هنا تأتي أهمية هذا الإستحقاق وتحمّله بعدا ًحقيقيا ً على مستوى تحصين وحدة البلاد والحفاظ على استقلالها واستقرارها في اّنٍ واحد , وتقطع الطريق على كل من تسول له نفسه العبث بالبلاد.
وعليه تتنوع مهام هذه المجالس مع توسيع صلاحياتها لتمكينها من تأدية اختصاصاتها ومهامها في تطوير الوحدة الإدارية اقتصاديا ً واجتماعيا ً وثقافيا ً وعمرانيا ً... وهذا بدوره يحمل الناخبين مسؤولية دقيقة وهامة في حسن إختيار ممثليهم , بالإعتماد على ما يملكون من صفات النزاهة والأمانة وأعلى درجات الوطنية , بالإضافة إلى مؤهلاتهم وخبراتهم العالية , واستعدادهم للتفاني في خدمة الوطن والمواطن ...
ولا بد للسوريين من الإتجاه صبيحة الأحد 16 /9 القادم بكثافة إلى صناديق الإقتراع , إذ تقع عليهم مسؤولية إنجاح الإستحقاق وإيصال من يجب أن يكون في موقع الخدمة العامة بعيدا ً عن الروتين والمحسوبيات , أو بالعزوف عن المشاركة في الإستحقاق , ومن ثم توجيه اللوم لمؤسسات الدولة !, عليك أن تكون أو لا تكون , فالدولة تمنحك حقك الديمقراطي فكن على قدر المسؤولية.
نتفائل بالأسماء المرشحة , كما نحن متفائلون بالإنتصار العسكري والسياسي الذي تخوضه وتقوده الهامات الوطنية الشريفة والصادقة وعلى رأسها سيادة الرئيس بشار الأسد , والمؤسسة العسكرية التي يعول عليها السوريون نصرا ً عسكريا ً يرونه أحيانا ً – بمشاعرهم – بأنه أهم من النصر السياسي لشدة تعلقهم بسيادتهم وبكرامتهم الوطنية , فهم يحلمون بطرد القوات الأمريكية ذليلة ً مدحورة , كذلك قوات العدو التركي العصملي القذر , وتلك الأشباح المسماة بالقوات الفرنسية والبريطانية التي تدنس تراب الوطن , بعدما إقترب بواسلنا من إنهاء تطهير كامل تراب الوطن من رجس الإرهاب والإرهابيين وإعلان النصر على الجيوش الإرهابية المحلية والإقليمية والدولية ..
وتبقى الرسالة خالدة ... دمتم ودامت سورية
المهندس: ميشيل كلاغاصي
13/9/2018

Wednesday, September 12, 2018

تحرير إدلب .. نهاية أردوغان ما بين أحلامه في سورية أو بتقسيم تركيا - م. ميشيل كلاغاصي

تحرير إدلب .. نهاية أردوغان ما بين أحلامه في سورية أو بتقسيم تركيا
"من حروب الوكيل إلى حروب الأصيل"

م.ميشيل كلاغاصي __11/9/2018
 حديثٌ وإقرارٌ دولي وأممي كبير حول أهمية وضرورة "الحل السياسي" وبأنه السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في سورية، لكنه لا يعكس بالضرورة صدق وحقيقة نوايا ومخططات غالبية الأطراف المشاركة فيها، والتي ترى وتُقرّ بهزيمة الإرهاب على مساحة 98% من الأراضي السورية، وتدرك أنها على مشارف إنتهاء معارك الوكيل الإرهابي، وعلى بعد خطوة واحدة من إفتتاح معارك الأصيل المباشرة، أو التسليم بإنتهاء الحرب وبإنتصار سورية والرئيس الأسد وروسيا ومحور المقاومة مجتمعا ً.
عتبة الإنتقال من حروب الوكيل إلى حروب الأصيل ... ويأتي سعي الدولة السورية، وبعض الأطراف الإقليمية والدولية، لإنهاء الحرب العسكرية عند هذا الحد من الصراع، فيما يسعى البعض الاّخر لإطالة مرحلة حروب الوكيل بهدف تأخير أو تفادي حروب الأصيل، والتأسيس لمرحلة الحرب السياسية التفاوضية بقوةٍ واقتدار، وعليه تُعتبر معركة تحرير إدلب الحد الفاصل وعتبة الإنتقال من حروب الوكيل إلى حروب الأصيل المعقدة الخطرة والمرشحة بشكلٍ أو باّخر لتتحول إلى حرب إقليمية وعالمية غير مرحب بها من قبل الجميع ...
ماهية الحل السياسي ... وعلى جميع الأحوال , لابد لجميع الدول المنخرطة في الحرب, أن تتكئ على حصاد المرحلة الأولى ,على الرغم من استحالة تحويل الهزيمة العسكرية إلى نصرٍ سياسي , إذ لن يتمكن أعداء سورية من إقناع شعوبهم بحربٍ خارجية على الدولة السورية , بعد سنوات إعتمادهم على الإرهاب والإرهابيين ودعم مجرمي الخوذ البيضاء وما سمي زورا ً بالمعارضة المسلحة المعتدلة فهذه الأكاذيب فقدت بريقها ولمعانها وأصبحت غالبية الشعوب تدرك حجم الفظاعة التي قامت بها حكوماتها عبر الوكيل, ما استدعى عودة الحديث والتهديد بالملفين الإنساني والكيماوي المستهلكين , وسط تصاعد أصوات أحزاب المعارضة الألمانية التي تطالب بعدم المشاركة في أي تدخل عسكري في سورية , ودعوة زعيم حزب الشعب الجمهوري في تركيا نظام أردوغان للإعتراف "بإنتصار الأسد في معركة الداخل" وبالحوار مع الدولة السورية, في وقتٍ أكد فيه وزير الخارجية الفرنسي "إنتصار الأسد في المعركة العسكرية لكنه سيهزم سياسيا ً", الأمر الذي يؤكد أن الحل السياسي ليس سوى تكتيك حربي ترى فيه غالبية الدول مصالحها وتفضل الإنتقال إلى الحروب السياسية والإقتصادية , بعد هزيمتها وفشل مراهنتها على جيوش الإرهاب الوكيلة.
تركيا ومعركة إدلب ... من الواضح أن تركيا لا تريد تأخير معركة إدلب فقط، بل تسعى لمنعها بهدف الإبقاء على مشروعها الإستعماري ومخططها القديم – الجديد في قضم وإبتلاع أراضٍ جديدة في العمق السوري ... لذلك يستميت أردوغان في الدفاع عن التنظيمات الإرهابية في إدلب , ويشرف على توحيدها في ما يسمى "الجبهة الوطنية للتحرير", ويحاول طمأنة بعض المجتمع الأهلي هناك بأن قواته قادرة على منع الجيش السوري من إقتحام المحافظة , الأمر الذي دفع الوزير وليد المعلم لصفعه وتذكيره بأن" إدلب محافظة سورية", إذ لطالما اختبئ هذا البلطجي السفاح وتذرع بدوره الضامن وتحدث عن محاولة إقناع جبهة النصرة بحل نفسها, واستقدم عشرات الأطنان من الأسلحة والاّليات والمدرعات خلال ال 48 ساعة الماضية وبما يفوق مجموع القدرة التسليحية الموجودة بيد كافة المسلحين بأضعاف , ووعد بعدم وقوفه متفرجا ًعلى ما وصفه ببحيرة الدم و"الكارثة" الإنسانية المتوقعة في معركة إدلب وموجة اللاجئين الجديدة التي ستصل إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا , في محاولةٍ منه لكسب الوقت ولإبتزاز الأوروبيين , وراح – بحسب رويترز- يجزل العطاء لفصائل "الجيش الحر" عبر منحهم الجنسية والمال والسكن.
تركيا في القمة الثلاثية ... والتي جمعت الإسبوع الماضي رؤساء الدول الضامنة الثلاث روسيا وتركيا وإيران في طهران , وسارع فيها أردوغان إلى طلب "وقف إطلاق النار" في إدلب , لكن الرفض الروسي – الإيراني عكس حقيقة الموقف السوري أيضا ً, وأوقف جموح المنافق التركي الذي أراد ابتزاز نظيريه بقوله :"أنها الفرصة الأخيرة", وبحسب أجواء اللقاء والتصريحات المعلنة والمسربة , تبين أن الرئيس بوتين نظر بإزدراء للدور السيء الذي لعبه أردوغان وسلوكه في القمة والذي اجتهد بتمثيله التنظيمات الإرهابية أكثر من كونه أحد الدول الضامنة ، الأمر الذي  يدفعنا للسؤال عمّا إذا كانت مواقفه جزءا ً مدروسا ً للعودة إلى الحضن الأمريكي ؟...
ومن اللافت أن يأتي المطلب التركي "وقف إطلاق النار" بعدما أنهت الدولة السورية القضاء على الإرهاب على غالبية الأرض السورية ... وإذ يبدو مطلبه غريبا ً وغامضا ً للبعض، فأن يبقى الإرهاب حرا ً مسيطرا ًعلى بعض الجغرافيا السورية، فهذا يشكل سابقة ً لا مثيل لها في تاريخ الحروب! ... كما يأتي وسط أجواء لا توحي بحسن العلاقات والتوافقات الروسية -الأمريكية، والتهديدات الأمريكية والفرنسية والبريطانية، والتعويل على استعادة الملفين الكيماوي والإنساني المزيفين والمنحازين ضد الشعب السوري، ووسط تحركات وزيارات وإتصالات مكثفة لكافة الأطراف، وإعلان تركيا موافقتها على إدراج جبهة النصرة والفصائل التابعة لها على لوائح التنظيمات الإرهابية ك "هيئة تحرير الشام".
من دون شك فإن كافة المعطيات السياسية والميدانية المتعلقة بإدلب والمواقف الإقليمية والدولية المحيطة بها، تبدو معقدةً وصعبة، ولا يمكن التعويل والموافقة على أية هدنة وأي اتفاق لا يضمن عودة إدلب إلى سيطرة الدولة، ويبقى إتفاقا ً بلا معنى ومسخرّا ً لخدمة المشروعان الأمريكي والتركي على الأراضي السورية، إذ لا يبدو أن أردوغان راغبا ً وقادرا ً على فصل إرهابيي جبهة النصرة عن باقي الفصائل المسلحة، خصوصا ً بعد سنوات رعايته ودعمه اللامحدود ولأكثر من سبع سنوات.
تركيا مع بدء المعركة ... يبدو واضحا ً وجليا ً تخوف أردوغان من بدء المعركة، ويعلم بأنه سيُمنى بهزيمة أحلامه ومشروعه في سورية، وستنتقل الفوضى والإرهاب إلى الداخل التركي الذي يعج بالإرهابيين، بالتوازي مع الإنهيار الاقتصادي والهبوط القياسي للعملة التركية، ناهيك عن حالة القمع والاستبداد التي يمارسها أردوغان في الداخل التركي ومحاصرة الناس ، بالتأكيد هي أمورٌ تشي بمجملها بإمكانية حصول ما كان مخططا ً لتركيا، وقد تُدخلها في النفق المظلم الذي لن ينتهي إلاّ بتقسيمها ... يبدو أن أردوغان قد وضع نفسه وبلاده ما بين أن يربح تقسيم وإبتلاع سورية أو أن يقع في فخ تقسيم تركيا، وعليه نراه يطلق التصريحات النارية  ويتشدق بأن بلاده "لن تقف مع المتفرجين"، وأن " العالم كله سيدفع الثمن".
واشنطن ومعركة إدلب .... يبدو أن واشنطن سعت لتفخيخ الأجواء ما قبل معركة إدلب بما فيها أجواء قمة طهران وحاولت التأثير على قراراتها , إذ أشعلت مدينة القامشلي بجريمة الإعتداء السافر لمرتزقة أسايش - "قسد" على عناصر الأمن العسكري السوري , وأشعلت النار على طريق المقاومة من طهران إلى دمشق في العراق وتحديدا ً في البصرة , ومحاولاتها لنسف التقارب الروسي – التركي , والإتصال الهاتفي لوزير الدفاع الأمريكي بنظيره التركي بعد القمة مباشرة ً, وعلى المقلب التركي ... قام أردوغان بتغيير النائب العام الذي يحقق مع القس الأمريكي المحتجز في تركيا , فالوضع أصبح خطيرا ً ولا بد أن أردوغان قد شعر بالبرد بعيدا ًوحيدا ً عن حضن ترامب "الدافئ" , فالديون التركية وصلت إلى 438 مليار دولار, وإطلاق سراح القس سيقرب المسافات مع واشنطن على حساب تباعدها مع موسكو التي رفضت "وقف إطلاق النار" في إدلب على أهميته بالنسبة للغازي التركي الذي يريد حماية الإرهابيين هناك... الأمر الذي استدعى تصريحا ً روسيا ً على لسان غينادي غاتيلوف لينفي الخلاف والتباعد مع تركيا بقوله أنه ليس بالضرورة أن تتطابق تماما ً المواقف الروسية والتركية .  
مواقف دولية ...
تسعى موسكو لإحتواء كافة ردود الأفعال الدولية والأطراف المعنية، وتقدمت بإقتراح عقد جلسةٍ لمجلس الأمن يتم فيها مناقشة نتائج قمة طهران لمجلس الأمن، على هامش تهديدات جون بولتون الذي تحدث باسم واشنطن ولندن وباريس حول جهوزيتهم لتوجيه ضربات "ردٍ أقوى بكثير" (مما سبق في 2017) إن أقدمت دمشق على استخدام السلاح الكيماوي.... بالتوازي مع كشف وزارة الدفاع الروسية عن وصول فرق تصويرٍ شرق أوسطية وأمريكية إلى بلدة جسر الشغور لتصوير هجومٍ كيميائي مزعوم، ليُصار إلى استخدامه ضد دمشق وتنفيذ التهديدات المسبقة وشن عدوانٍ مُبيت جديد.
لقد ساهمت وسائل الإعلام وتصريحات البعض البابا فرنسيس والمبعوث ديمستورا والسيد لوكوك وغيرهم في رسم صورة مروعة لتحرير إدلب خاصة ً ما يتعلق بالمخاوف الإنسانية، وبذلك منحت بعض الأطراف الفرصة لإستنباط غطاءا ً سياسيا ً – "أخلاقيا ً" لمواقفها العدائية من دمشق، فأطلقت واشنطن وبريطانيا وفرنسا وتركيا تهديداتها وضغوطها التي استدعت تأخير بدء العملية العسكرية السورية – الروسية، على أمل إقناع المجتمع الدولي بصوابية وضرورة العملية من خلال جلسة المناقشة الأممية!.
براءة الحل السياسي على المحك ... يبدو أن "الحل السياسي" قد فقد برائته ومعناه الحرفي، وتبين أنه لكل طرفٍ فهمه وغايته ومسلكه لمتابعة الحرب، ومن المؤكد أن التوافق الدولي الظاهري حول الحل السياسي في سورية لم يرتق إلى حيز القناعة ولا زال يقبع في خانة المراوغة والخداع وإعادة التموضع... بعدما تأكد للجميع أن من يتحدثون عن الحل السياسي كاذبون ولا تتوفر لديهم الرغبة لمعالجة أسباب الحرب على سورية وملاحظة العدوان الوحشي الأمريكي، الفرنسي، البريطاني والتركي المستمر وتواجده اللاشرعي على الأرض السورية!، بالإضافة للتداخل في بنية التنظيمات الإرهابية بما لا يدع مجالا ً للتفريق بينها، ويؤكد خديعة تعدد أسمائها وأصولها وإعتدالها.
حسابات ما قبل معركة إدلب ... فالولايات المتحدة لا تزال تراوغ وتحاول كسب الوقت الذي بدأ بملاحقتها مع إعلان الرئيس روحاني أن تحرير مناطق شرق الفرات سيبدأ بعد الإنتهاء من معركة إدلب , بالإضافة إلى المواقف الثابتة والمعلنة للرئيس بشار الأسد وكافة القيادات السورية حيال تحرير كل شبر , الأمر الذي يفسر مخاوف ومواقف ترامب من معركة إدلب وسخونة تغريداته وتعدد وتنوع ذرائع بقاء قواته في سورية , ويفسر تصاعد التمرد الإقليمي التركي والسعودي اللذان استطاعا فرض أجنداتهما عليه بعدما تأكد ارتباط مصيرهما بمصير الحرب على سورية , فمن السخافة بمكان رؤية أردوغان غدا ً في واشنطن بوساطة كويتية يبدو أن الكويت ستكون أكبر الممولين للجيش التركي والأمريكي لمنع الجيش السوري من تحرير إدلب وإنهاء الحرب العسكرية , وعليه تبقى معركة إدلب عاملا ً حاسما ً لتحديد مصير الرئيس ترامب وفوزه بولاية ثانية مع اقتراب الإنتخابات النصفية الأمريكية.

إصرار الدولة والشعب السوري على تحرير إدلب ...على الرغم من كافة العراقيل والتهديدات ومسرحيات الكيماوي الإرهابية والتهديد الصريح بالعدوان الثلاثي والتركي , يبدو جليا ً إصرار الرئيس بشار الأسد وكافة القيادات السياسية والعسكرية وملايين الشعب السوري لخوض المعركة وتحرير مدينة إدلب والشعب السوري المظلوم والمحاصر فيها تحت سطوة الإرهاب ووحشية ما يسمى "المجتمع الدولي" , وها هو السفير السوري في الأمم المتحدة يؤكد من خلال كلمة سورية في جلسة مناقشة الوضع في إدلب وسورية على أن "سورية عازمة على تحرير ادلب وإعادتها إلى كنف الدولة ".. ويؤمن السوريون بأن نضج الحل السياسي لن يتأتى إلاّ بإكتمال الحل العسكري وطرد كافة الغزاة من سورية عبر المعارك السياسية التي يخوضها الجيش العربي السوري في الميدان، وتبقى معركة تحرير إدلب تتويجٌ لإنتصار سورية على الإرهاب الوكيل بالرغم عن الأصيل.      

Saturday, September 1, 2018

حروب ترامب التجارية .. مقدمة للزلازل الجيو سياسية - م. ميشيل كلاغاصي

حروب ترامب التجارية .. مقدمة للزلازل الجيو - سياسية

بقلم: م. ميشيل كلاغاصي

30 /8 /2018
ربع قرنٍ تربعت فيها الولايات المتحدة على العرش كقوةٍ عظمى, منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي, قدمت فيها نفسها كشرطيٍ وقائدٍ عسكريٍ لدول العالم, بعد أن وضعت مع بعض الأوروبيين حجر الأساس للشراكة المتوحشة التي سمحت لها بهزّ وخلخلة أنظمة الدول المستهدفة ومقايضة أمنها العسكري واستقرارها السياسي برضوخها التام, وأنه يترتب على حلفائها دعمها ماليا ً لتوسيع جهازها العسكري لضمان كسب المعارك, مقابل استمرار التقدم الصناعي والإقتصادي لحلفائها, دون المس بمكانتها المالية والإقتصادية.. لكن هزائمها العسكرية في أفغانستان والعراق ولبنان وغرقها في اليمن وتعثرها في سورية , ودخول روسيا وإيران الحرب إلى جانب الدولة السورية ضد مشروعها وأدواتها الإرهابية في سورية – قلب الشرق الأوسط -, والصعود المفاجئ للإقتصاد الروسي والصيني ولعديد الدول, وضعها في ورطة كبيرة احتاجت معها إلى تعويض خسائرها العسكرية والإقتصادية , ولترميم مكانتها وهيبتها الدولية.
الرئيس ترامب ينقذ أمريكا في خمسمائة يوم... وإذ اعتبرت نفسها دولة ً مظلومة في منظومتها وشراكاتها , وأنه يترتب على الجميع تعويضها, فكان عليها الإختيار بين الجنون والإنتحار, مرحلة ٌ صعبة أتت من تلقائها بالرئيس  الأحمق- الأخرق, رجل الصفقات, الذي دخل البيت الأبيض كالثور الهائج, وأدخل العالم في دوامة الفوضى, وأعلن إنقلابه على الإتفاقات الدولية كنووي إيران ومناخ باريس وعشرات الإتفاقيات, فأطلق شعار "أمريكا أولا ً" ووعد بالإطاحة بالناتو وببناء جدار مع المكسيك وبهزيمة "داعش" وبإبتزاز دول الخليج وتقديم الحماية لها مقابل المال, وبإنسحابه  من سورية و...إلخ... هكذا وبعد حوالي 500 يوما ً أمضاها ترامب في البيت الأبيض, وجد العالم نفسه أمام فوضى عارمة تتخبط أمواجها بين عناوين الحروب التجارية وخشية تحولها إلى حروبٍ عالمية.. وتحولت أدواته إلى سياسة  الحصار والعقوبات, لكن دولته العميقة ففخخت سلفا ً كرسي الرئيس لتحصد نجاحه , ولتطيح به عند إنتهاء المهمة "القذرة", فكانت تحقيقات مولر, وإعترافات محاميه ومدير حملته الإنتخابية, وقد تنتهي مرحلة ترامب بعزله دستوريا ً أو عبر أحد السيناريوهات الأمريكية. 
قصة الحروب التجارية... أبدى دونالد ترامب تأييده للحروب التجارية وغرّد عبر ال "تويتر"  مدعيا ً أن بلاده "خسرت مليارات الدولارات في العمليات التجارية"، وأنه بإمكانها "الإنتصار بسهولة", وبدأ بفرض العقوبات الإقتصادية على روسيا وتركيا وإيران وغيرها , وأخذ يهدد بالحمائية وبفرض ورفع التعريفات الجمركية متذرعا ً ب"الأمن القومي" بعدما تعرض للإنتقادات الشديدة , دون أن يكترث بالأضرار التي ألحقها بالاقتصاد الأوروبي والصيني وغيره , وافتتح بذلك حرب التجارة العالمية , فإضطرت بعض الدول للرد بالمثل , فيما أعلن بعضها الاّخر الرد عبر إجراءات مناسبة. 
الصين العدو التجاري الأول لترامب... على الرغم من تعدد الساحات والجبهات التي يخوض فيها ترامب حروبه الإقتصادية , إلا ّ أنه يُدرك أهمية وقيمة الإقتصاد الصيني كمنافس أول, خصوصا ً بعد أربعون عاما ً من عملية الإصلاح والإنفتاح التي حولت الصين إلى عملاقٍ رأسماليٍ حقيقي , بالإضافة إلى انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية ما رسّخ مكانتها العالمية, وضفر عوامل نجاحها وجعل منها الإمبراطورية الإقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة, ومنافسها الأول في الحرب التجارية. 
وفي وقتٍ تُدرك فيه بكين أن محاولة ترامب للتأثير على عملتها, ورفع الرسوم والتعريفات الجمركية وفرض العقوبات على حلفائها وشركائها بداعي "الحمائية الأمريكية" هو مسٌ بقدراتها وحربٌ تجارية معلنة عليها , وتعتقد بضرورة رفع تكاليف "حمائية ترامب"، لإخضاع القطب الأمريكي وتوجهاته غير العقلانية, لكنها تعتقد في الوقت ذاته أن واشنطن خصم لا يُستهان به وأن الخلافات ستسبب الضرر لكليهما... في وقتٍ رصدت فيه شبكة "CNN" في تقرير قول الخبير الإقتصادي "الكس ولف" : أن " الصين ستواجه عديد المشاكل الإقتصادية في حال دخولها حربا ً اقتصادية مع أمريكا ", ويعود ذلك إلى إرتفاع صادراتها إلى أمريكا بالمقارتة مع ما تستورده منها .
الحرب التجارية ضرورة للإدارة الأمريكية الحالية... ففي الداخل الأمريكي يجد الخصوم والمتضررون فرصةً للتصويب على سياسة  ترامب الداخلية ويحملونه تبعات التراجع في فرص العمل وبرامج الصحة وغيرها, والتي أدت بمجملها إلى تذبذب الاحتياطي الفيدرالي– بحسب تقرير صندوق النقد الدولي-, أما خارجيا ً فتبقى الخشية من تحوّل الصراع المحموم إلى حربٍ تجارية دولية , إذ يقول "بن ساس" السيناتور الجمهوري المعارض لترامب :"تعالوا نواجه الصين بخطة واضحة ونعاقبها دون أن نعاقب أنفسنا". 
ومن السيئ أن يستغل ترامب هيبة وقوة بلاده العسكرية والسياسية والإقتصادية ليترجم عجزها التجاري على أنه هزيمة وطنية ، ويصبّه رهانا ً للفوز بولاية ثانية عوضا ً عن سعيه لتحقيق التوازن في تبادلات السلع التجارية , فالتوازن يعقّد من استراتيجية حربه التجارية التي تقوم على هزّ وزعزعة التوازنات التجارية العالمية وتجميد نمو الإقتصاد العالمي, وتقليص حركة التجارة العالمية وبث حالة التردد على حساب اليقين في البلدان المنافسة, إذ يعتقد ترامب أن الحفاظ على جو التوتر والتعقيد وتشابك أوضاع الخصوم يدعم حمائيته "المزعومة" ضد حلفائه الأوروبيين وجيرانه الكنديين والمكسيكيين؛ لذلك فرض الضرائب على الصلب والألمنيوم, وهدد بفرض عقوبات مماثلة على صناعة السيارات الألمانية... وفرض العقوبات القاسية على روسيا وتركيا وإيران , وحمّل الصين بعد "حصولها على 500 مليار دولار لسنوات عديدة مسؤولية تعقيد العلاقات الأمريكية مع كوريا الشمالية" , وأكد أن بلاده تخوض حربا ً تجاريةً "صعبة للغاية" مع الصين, فيما أكدت الخارجية الصينية أن تصريحات ترامب تعرقل العلاقات مع بيونغ يانغ ووصفتها بال "عبثية وغير المسؤولة".
بكين تحشد فريق الحرب ضد واشنطن... فبحسب دبلوماسي صيني لوكالة رويترز فإن :"الصين ترغب بوقوف الإتحاد الأوروبي مع بكين ضد واشنطن", إذ تعتمد الإستراتيجية الصينة في مواجهة التحدي الأمريكي على الإيمان بقدراتها وإمكاناتها التي تضعها على قدر المنافسة, بما سمح لها بإنشاء كتلة مشتركة مع الإتحاد الأوروبي وتكوين جبهة متحدة لممارسة الضغوط على السياسات الأمريكية, فالإنفتاح والإنجذاب نحو أوروبا والذي أظهرته بكين منذ أعوام قليلة منع وأعاق تقدم واشنطن نحو كسب المعركة وجذب الإتحاد الأوروبي, في ظل معارضة أوروبية لقيادة أمريكية استبدادية للتجارة الحرة , في وقتٍ يقول فيه الخبير الإقتصادي المعروف "لاري هو" :" يمكن للصين أن تمارس الكثير من الضغوط الإقتصادية على أمريكا، عبر السلع غير المادية كالسياحة وأموال التعليم الجامعي والصناعات التي يستخدمها الأمريكيون أكثر من الصينيون".. ويمكن لبكين أن تطرد الشركات الأمريكية في الصين على غرار الشركات والمتاجر الكورية الجنوبية التي أغلقتها السلطات الصينية العام الماضي, ويمكنها أن تلجأ أيضا ً إلى بيع السندات الأمريكية في حال استمر التصعيد, وهذا بالطبع سيشكل خسارة ً كبيرة لأمريكا.
في يوميات الحرب التجارية – الأمريكية...اعتمد ترامب استراتيجية شن الحرب التجارية على بعض الدول بهدف إضعافها وتقوية الاقتصاد الأمريكي في اّن واحد ... وبدأ بتنفيذ وعيده بفرضه رسوما ً بنسبة 25% على واردات الصلب و10% للألمنيوم تجاه غالبية دول العالم., لكنه خص الصين بفرضه رسوما ً جمركية بنسبة  25%على 800 نوع من البضائع الصينية بقيمةٍ إجمالية تصل إلى 50 مليار دولار, تخطت الصلب والألمنيوم وشملت تقنيات الطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والروبوتات والآلات.. وبالمقابل فرضت الصين رسوم جمركية بنفس النسبة والقيمة الإجمالية... وتتحرك بذات الإتجاه دول عديدة من بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا... في حين سحبت روسيا نصف قيمة سندات استثماراتها في أمريكا.. في وقتٍ ارتفعت فيه وتيرة التراشقات الكلامية بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو", أما دول الهند والصين وتركيا واليابان وروسيا فتقدمت بشكاوى ضد أمريكا لدى منظمة التجارة العالمية. 
ترامب يوقف الإتفاق مع الصين, و يتفق مع المكسيك , ويعد بمعاقبة كندا... بعقلية التاجر المحنك وبصلافة أخلاقه يعرف الرئيس ترامب كيف يدير دفة التفاوض ويجيد فن المرواغة في الحرب التجارية الدولية .. فقد أوعز لإيقاف المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين منذ أيار الماضي وقال :" يريدون التحدث لكن الوقت ليس مناسبًا للمفاوضات التجارية مع الصين" ، واتجه نحو إبرام إتفاق جديد مع المكسيك أمام أعين ترودو- كندا , في وقتٍ أكد فيه الصينيون تعليقهم للمحادثات إلى ما بعد انتخابات الكونغرس في الولايات المتحدة في نوفمبر/ ت2 القادم.
وفي الوقت الذي تم فيه إعلان الإتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك, وعلى أمل عرضه على كندا - العضو الثالث في اتفاقية "نافتا" للتجارة الحرة لأمريكا الشمالية -, بدا الرئيس ترامب غير مبالٍ وقال "سنرى ما إذا كانت كندا جزءاً من الصفقة", "وإذا لم يكن كذلك؟ حسنًا , سيكون لدى الولايات المتحدة والمكسيك صفقة ثنائية ، وستتم معاقبة كندا"...يبدو أن ترامب يعاقب ترودو على تراشقاته الكلامية, ويضعه في الزاوية, للموافقة على كل ما وافقت عليه المكسيك !.. وبعنجهيته المعروفة يقول :" الإتفاق التجاري الجديد مع المكسيك يلغي اتفاقية نافتا".. فيما أكدت صحيفة ال"واشنطن بوست" أن : اتفاق ترامب مع المكسيك يشكل تغييرا ً كبيرا ً في السياسة التجارية لأمريكا لأنه استطاع إلغاء اتفاقية "نافتا" واستبدالها بإتفاقٍ ثنائي , وهذا ما دفع ترامب ليقول وعلامات الرضى على وجهه :"إنه يوم عظيم للتجارة .. إنه يوم عظيم لبلدنا"... فيما يتفائل المكسيكيون بالتوصل للإتفاق الثلاثي - مع كدنا أيضا ً- مع نهاية الإسبوع الحالي.
مستقبل الصراع والتصعيد الأمريكي...يبدو أن التصريحات والمواقف التصعيدية للرئيس الأمريكي, تشي بما لا يدع مجالا ً للشك , بأنه لا نهاية ً سريعة للتوترات العالمية الحاصلة حاليا ً على المسرح الدولي وخصوصا ً مع الصين ، الأمر الذي يثير مخاوف الصينيون, إذ يرون أن الحرب التجارية الأمريكية هي مقدمة لزلزالٍ جيو- سياسي  يمتد من كوريا الشمالية إلى تايوان .. الأمر الذي يدفعهم بشدة نحو توجيه رسائل الردع العسكري من خلال المناورات الروسية – الصينية القادمة... ويرى المتابعون والخبراء أنه لا يتوفر حلٌ حقيقي على المدى القريب, وأن سياسة ترامب التجارية ستؤول إلى الفشل وستعود على أمريكا بأضرار هائلة خصوصا ً في حال قررت الدول الصناعية الكبرى كروسيا والصين تشكيل اتحادها الإقتصادي , وقد تكون المستشارة ميركل قد عبّرت عن الكثيرين بقولها :" الأوروبيين لا يرغبون في دخول حرب تجارية مع الولايات المتحدة".. فالعالم يحتاج السلام ويخشى حدوث ما لا يُحمد عقباه .