Tuesday, January 29, 2019

فلسفة الحروب الأمريكية، من الحصار إلى التقسيم والعدوان - م.ميشيل كلاغاصي


(هو صراع الخير والشرّ والطامعين والمستعمرين ... أدواتُ الموت جاهزة ً والبشرُ مشاريع قتل ٍ وتهجيرٍ مستمرة ... فكان تقسيم الدول ولا زال بصمة ًوصنعة ً أمريكية -صهيونية لا أخلاقية ... وبدعوى عدم إمكانية العيش بين الطائفتين ُأُعتبر التقسيم هو الحل "المثالي"، و ُأعطيت الأرض ممن لا يملكها إلى من لا يستحقها، جرائم ٌ من فظاعتها استخلص "اّرثر ميلر" نظرية "الخلاص، ويبقى السؤال ... هل يتعظ العالم ويتحرك تحت شعار "كفى أمريكا"!.)

من المؤسف أن نرى العالم وقد تحول إلى غابةٍ كبرى وحلبة صراعٍ يكاد لا ينتهي , بفضل الأطماع الأمريكية, وقساوة قلوب حكامها وساستها المتعاقبين , ومن خلال الغطرسة وشبق الهيمنة والسيطرة على العالم دولا ًوشعوب , وبملاحظة الوسائل والأساليب اللا أخلاقية التي اتبعتها ولا تزال تتبعها حتى اليوم , حروبٍ تدميرية عسكرية أو اقتصادية , إحتلالٌ مباشر وغير مباشر, ومشاريع القضم والضم والتفتيت والتقسيم , وأقله زرع بذورها عبر مشاريع الفدرلة , وتهديد أمن الدول وإبتزازها في استقرارها , وقبض أثمان حماية بعض العروش المتخلفة , وحماية المارقين واللصوص والمجرمين ...

فقد وصل الصراع الدولي إلى مراحل جديدة وخطيرة , جعلت العالم يتخلى مكرها ًعن السلام , هرعت فيه الدول لحماية نفسها بالبحث عن التحالفات والتكتلات والمحاور , وبعضها عن الإستسلام والخنوع , ويبقى العامل المشترك للجميع , السعي نحو استحواذ وتطوير وتكديس السلاح ... ومع غياب السلام وارتفاع منسوب تهديد الأمن والإستقرار الدولي , وسط غيابٍ تام للأمم المتحدة , ووسط الشراكة المتوحشة للولايات المتحدة مع دول الإستعمار القديم والصهيونية العالمية , وما أنتجته من نسخٍ إرهابية وجدتها ضرورية ً لإقناع العالم بالخوف والترهيب والفوضى.

ووسط الحديث عن عالمٍ وعصرٍ أمريكي جديد بمفرداتٍ جديدة، يبقى دائما ً هو الصراع بين الخير والشرّ، وصراع الطامعين والإنتهازيين والمستعمرين ... بقواعد جديدة تستدعي أن تبقى العلاقة بين الإنسان والأرض قائمة ً دون أي إحترام لقدسية الحدود أو لوجود ومصير الشعوب ٍ حتى تلك التي إنتمت لأرضها منذ اّلاف السنين ... هي تلك المطامع التي غلّفها الأشرار بقصائدهم أو بعقائد أعدائهم لا فرق، فالقصة البديلة للحقيقة لا بد أن تكون حاضرة وأدوات الموت جاهزةٌ دائما ً، والبشر مشاريع قتل ٍ وتهجيرٍ مستمرة.

الحرب على سوريا ... تلك الحرب الإرهابية والتي تأتي في سياق المخطط الصهيو– أمريكي، بالإعتماد على كافة أشرار العالم، دولا ًوتنظيمات إرهابية تحت ستارٍ عقائدي وإرهابي صرف، بالإضافة للنزعة العدوانية الشهوانية الحاقدة المتأصلة في دماء بعض القادة العرب وغير العرب، واعتمدتها أساسا ً لشن:
1 – حرب مباشرة: تتعلق بطبيعة العربي– الصهيوني، وما تمثله سوريا من رأس حربة أخذ يمتد إلى صدر الصهيونية والإمبريالية منذ سبعينيات القرن الماضي.
2 – حرب غير مباشرة: وتتعلق بطبيعة مخطط ومشروع السيطرة على العالم، وما تمثله سوريا بحسب موقعها الجغرافي وحالة التعايش الفريدة فيها، التي تعيق بطبيعتها ومواقفها مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وإقامة الدولة اليهودية.
3-حرب القضم والضم والتقسيم والفدرلة: فلم تعد تلك المشاريع خافية ًعلى أحد، وبقيادة الولايات المتحدة وكافة أدواتها، والتي اعتمدتها أهدافا ً رئيسية للعدوان على سوريا , بدءا َ من تركيا والرئيس أردوغان, وصولا ً إلى بعض الأنظمة العربية والغربية , وعلى رأسها النظام الفرنسي والعرش البريطاني , بالإضافة إلى بعض الأحزاب الكردية , وكافة الجيوش الإرهابية , ناهيك عن التدخل والعدوان العسكري الأمريكي والإسرائيلي المباشر .
فقد راهنت الولايات المتحدة الأمريكية على تقسيم سوريا عبر مشروعي شرق الفرات وغرب الفرات، بما يضمن تفتيتٌ لوحدة الأراضي السورية، كما راهنت على قضم وضم الجولان السوري المحتل ليكون بعهدة الكيان الصهيوني للأبد، ولكم أن تتخيلوا المشهد لولا صمود الدولة السورية قيادة ً وشعبا ً، ولولا بطولات الجيش العربي السوري، وتضحيات المقاومة اللبنانية والعراقية، والدعم المطلق لجمهورية إيران الإسلامية، والمشاركة الروسية الكبيرة في محاربة الإرهاب وبفرض التوازن الدولي على ضفتي الحرب على سوريا.

فتقسيم الدول كان ولا زال بصمة ً أوروبية -صهيونية، وبات صنعة ً أمريكية-صهيونية لا أخلاقية بإمتياز، فيما يبقى تفتيت وتقسيم العالم العربي غاية ً وهدفا ً إسرائيليا ً مباشرا ً... وبلا شك، هي حقائق السياسة الدولية، تلك التي لا قلب لها ولا تعرف الرحمة، ولكنها تعرف جيدا ً كيف تمزق صفوف البلاد من داخلها.

إن طرح بعض الأمثلة لتأكيد وحشية الطغاة والمستعمرين ممن يعتبرون أنفسهم العالم المتحضّر، يُسهّل إسقاطها على حاضرنا وفي تبديد ضبابية المشهد وتعقيداته التي قد تحرف الأبصار عن حقيقة أعدائنا القدامى-الجدد:
* الحرب على فنزويلا: إذ يرى العالم كله، كيف تنقل الولايات المتحدة الأمريكية حروبها إلى دول أمريكا اللاتينية من بوابة فنزويلا البوليفارية، وذلك بعد سنوات من الحصار الإقتصادي للدولة والشعب الفنزويلي، وبعد الإنتهاء من رسم خارطة الحرب هناك عن طريق التدخل السافر والمباشر بسياسات دول المنطقة المحيطة، وبعد نجاحها بتغيير بعض الأنظمة وإنتقالها نحو اليمين المتطرف كالبرازيل، بالإضافة لإخضاع بعض الدول لرغباتها وإملاءاتها، وضمهم إلى أتباعها ك كولومبيا ... وقد رأى العالم كيف انتقلت في ليلة وضحاها لترى الرئيس مادورو رئيسا ً غير شرعي , وقررت أنّ عليه تسليم السلطة إلى معارضةٍ صنعتها على قياس مصالحها, ودعمتها لتنفيذ مخططها الرامي للسيطرة على ثروات فنزويلا الوطنية الهائلة, النفطية ووغير النفطية ... ولا بد من ملاحظة أن مشروعها بدأ بخلق جهةٍ موازية ٍ وضعتها بمواجهة الدولة والحكومة الشرعية , ولا أحد يستطيع معرفة نوايا واشنطن وإلى أين ستأخذ البلاد والعباد هناك , فالرئيس ترامب يقول أنه : وضع "كافة الخيارات على الطاولة", فيما ألمح العديد من الساسة الأمريكيين إلى احتمال اللجوء إلى الحل العسكري , فقد تنجر البلاد إلى "حمام من الدماء" كما خشي البابا فرنسيس , وقد ينتهي الأمر بإسقاط الدولة , وربما بتقسيمها وما خفي ...أعظم؟ , مع الإشارة لحنكة الرئيس مادورو والدعم الشعبي الكبير الذي يتمتع به , بالإضافة إلى وقوف الجيش إلى جانبه وأظهر استعداده للدفاع عن البلاد, يبدو أن الحرب على فنزويلا لن تكون نزهة ً جديدة لواشنطن بل ستكون هزيمة ًجديدة.
* تقسيم أريتريا: والتي دخلت منطقة النفوذ والصراع الدولي لعقود وسنوات , وانتهت بوضع بريطانيا  خطة ً لتقسيمها بين السودان وأثيوبيا بدعوى عدم إمكانية العيش بين الطائفتين المسيحية والإسلامية معا ً، و ُأعتبر التقسيم هو الحل"المثالي".
* إغتصاب فلسطين: إذ لا يخفى على أحد ما حصل في فلسطين المحتلة حينما أعطت بريطانيا أرضا ً لا تملكها إلى من لا يستحقها وأخضعت الفلسطينيين لأبشع المجازر وأكبر عمليات التهجير الممنهج ... ولا زال الدم الفلسطيني يُهراق على ترابها المقدس منذ مئة عام وحتى الاّن، دون أن ننسى كل ما أشيع عن صفقة القرن وإلغاء حق العودة، بالإضافة إلى الوثيقة الصهيونية "كيفو نييم" الخاصة بتقسيم وتفتيت الأمة العربية.
* تقسيم السودان: والذي يعاني اليوم من خطر سقوط الدولة وإندلاع الحروب الأهلية مجددا ً، فقد سبق ل"إسرائيل " أن عملت على استغلال كافة عوامل التفرقة بين الشمال والجنوب السوداني، ووقفت وراء نشوء الحركة الانفصالية هناك، في خطوة ٍ على طريق تحوّل "الكيان الغاصب" إلى دولة إقليمية ٍ عظمى، تحيط بها دويلات عربية متنافرة ومتصارعة، الأمر الذي يضمن لها الهيمنة المأمولة، ويتيح لها ولحلفائها السيطرة على مصير الأمة العربية والتحكم في مقدراتها.
فلسفة العقل الأمريكي – نظرية "الخلاص": إذ تبدو أمريكا لا تزال تعمل بعقلية الماضي على غرار أحداث بلدة سالم -نيوجرسي عام 1902, حيث تجلّت الطبيعة الشريرة للذات الأمريكية, وانتشرت فيها ظاهرة ضرب الفتيات لطرد الشيطان, ومن فظاعتها استخلص "اّرثر ميلر" نظرية "الخلاص" إذ يقول : أن "المجتمع يلجأ إلى تقديم القرابين عندما يتعرض لضغوط ٍ يعجز عن تحملها".. وها هي الدول الخانعة تفعلها! فهل تحاول أمريكا إخضاع العالم وتحويله إلى مؤسسات إرهابية تطرد أعدائها "الشياطين" التي تسكن الدول؟
* فيما تبدو الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تقبض على كافة خيوط المؤامرة، وتتمسك بإزدياد عدد الساحات الساخنة، بما يتيح لها حرية الحركة في كافة الميادين، وفي سعيها لتمرير مشاريعها، ودون ذلك ستستمر بالخداع وبإستنزاف الدول من فنزويلا إلى المكسيك وكندا وكوريا الشمالية ...  ومن روسيا الإتحادية إلى الصين وإيران وسوريا وكافة حلفاء محور المقاومة ...  
أخيرا ً...  بات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود العالم الشرير نحو تحقيق غاياتها وأهدافها فقط، دون الإكتراث بحياة ومصير الشعوب ودمائهم المسفوكة، وبات اعتمادها على الإرهاب إستراتيجية ً وحيدة لتفتيت الدول وتقسيمها، بحثا ً منها عن إضعاف الجميع، ويبقى السؤال هل سيتحرك العالم ويتظاهر تحت شعار "كفى أمريكا"!
المهندس: ميشيل كلاغاصي
29 / 1 / 2019

Thursday, January 24, 2019

رأس "النصرة" وتحرير إدلب .. وعودة إتفاقية أضنة إلى الواجهة - م. ميشيل كلاغاصي


منذ بداية التدخل التركي في سوريا، حاول الرئيس التركي إعتماد صيغةٍ مخادعة تُبعد عن تحركاته ومواقفه وصمة وصِفة المحتل وتُخفي أهدافه العثمانية وشفغه بإستلاب وقضم المزيد من الأراضي السورية إلى حدود "السلطنة" البائدة.
الدور التركي المشبوه في سوريا ... فقد وجد الرئيس التركي ضالته في المسودة الأمنية لبروتوكول أضنة لعام 1998, واعتبره أرضيةً مناسبة لتدخله السافر والمشبوه في سوريا، لتأتي سنوات الحرب وتسقط كافة الأقنعة التي اختبئ ورائها, ويتضح إعتماده على الإرهاب والإرهابيين بشكل فاق إعتماد كافة الغزاة والمتاّمرين على سوريا, وليتحول لاحقا ً إلى إحتلالٍ وعدوانٍ صريح تحت ذرائع مختلفة، تصدّرتها ذرائعه وأكاذيبه حيال حماية الأمن القومي التركي والقضاء على الوحدات الكردية (PYD) التي تعتبرها بلاده تنظيماتٍ إرهابية، وعليه فقد ابتكر ذرائع عدوانه واحتفظ لنفسه بحقوق استعمال واستثمار تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين والنسخ المنحولة عنهما والتي دعاها بالتواطىء مع كافة أعداء سورية ب "المعتدلة"، بالإضافة إلى المخدوعين به و"بعدالته وتنميته".
إذ سبق لرئيس "الائتلاف المعارض" المدعو أنس العبدة، أن كشف المخطط وتحدث على قاعدة "خذوا أسرارهم من صغارهم"، وأكد أن بروتوكول أضنة: "يهيئ الأرضية اللازمة لأنقرة، لإقامة منطقة آمنة في سوريا"، وهذا يساعدها على تأمين حدودها وعلى "عودة السوريين إلى بلادهم بأمان"، واعدا ًومعاهدا ً دولة الإحتلال التركي بقبض ثمن عدوانها على سوريا من خلال مرحلة إعادة الإعمار.
قصة المنطقة الاّمنة ... فعلى طريق تحقيق أطماعها، ومنذ العام 2013 بدأت تركيا بالسعي والمطالبة بإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، والتي قوبلت دائما ً برفضٍ أمريكي، لكن هذا لم يُثني أنقرة عن متابعة بث أكاذيبها ومرواغتها الأردوغانية، للإدعاء بأن سعيها لإنشاء هذه المنطقة يهدف إلى حماية المدنيين من "النظام"، وتأهيلها لعودة اللاجئين إليها، فضلا ًعن منع سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) على تلك المناطق، بفضل امتلاكه مشروعا ً انفصاليا ً يهدد أمن الدولة التركية.
وقد شكل الرفض الأمريكي لإنشاء هذه المنطقة طيلة سنوات الحرب سببا ً ومصدرا ً رئيسيا ً للتوترات وللخلافات بين الدولتين، خصوصا ً مع إعتماد واشنطن على التشكيلات الكردية التي ابتكرتها وأطلقت عليها اسم "قوات سورية الديمقراطية"، ومنحتها "شرف" محاربة "داعش" في الوقت الذي حرمت تركيا منه مرارا ً وتكرارا ً خصوصا ً في الرقة...
واليوم وبعد إعلان الرئيس ترامب عن إنسحاب قواته من سوريا، والذي رحبت به تركيا بداية ً مع كلامه لأردوغان بأن:" سورية كلها لك "، ولاحقا ً أظهرت غضبها بعد تصريحات وزير الخارجية بومبيو، ومستشار الأمن القومي بولتون، حيال التحذير من "قتل تركيا للأكراد"، ومن إطلاق عملية عسكرية ضدهم بعد انسحابها، بالإضافة إلى تغريدة ترامب الجديدة ب "تدمير تركيا اقتصاديا ً إن هاجمت الأكراد" في سوريا، ومن ثم قبوله المفاجئ بإقامة تركيا منطقتها الاّمنة بطول 460 كم وبعمق 32 كم، وذلك بعد الإتصال الهاتفي مع أردوغان.
قمة بوتين – أردوغان ...  فقد استبقت موسكو القمة بالتعبير عن قلقها من استمرار التواجد الإرهابي في إدلب, فيما خرج الرئيسان – بالأمس - وفي مؤتمرٍ صفحي, ليتبين بوضوح أن بوتين وضع أردوغان في الزاوية, ودفع بملف إدلب نحو صدارة اللقاء, حيث أعلنا إتفاقهما على خطوات من شانها الحفاظ على استقرار الوضع في إدلب وأن وقف العمليات القتالية لن يكون على حساب محاربة الإرهاب، وأنهما مستمران في التنسيق عبر وزيري دفاع البلدين للإتفاق على خطة ستُنَفَّذ على الأرض, يبدو أن فرصة بقاء "جبهة النصرة" وتوابعها تتضاءل تماما ً, الأمر الذي بدا كصفقة ٍ مستعجلة للقضاء على التنظيم الإرهابي هناك, مقابل الحديث عن اللجنة الدستورية كنوع من المقايضة غير المتكافئة والتي تسحب البساط من تحت أقدام الرئيس التركي المخادع, مع تأكيد الرئيس الروسي أنها "قضية هامة لكنها خاضعة للمفاوضات", مشددا ًعلى ضرورة تتمثل فيها جميع المكونات السورية, وبذلك يكون الرئيس بوتين قد فرّغ المنطقة الاّمنة من محتواها بحسب الأطماع والمشروع العثماني, مع دعمه وتأييده للحوار بين الأطراف الكردية والدولة السورية.
مصير المنطقة الاّمنة .... فقد أتى بالأمس, كلام الرئيس الروسي عن ضرورة العودة إلى العام 1997 والذي يعني العودة إلى ما قبل إتفاقية أضنة لعام 1998, وبما يشي بمحاولة روسية تسعى لإعادة جلوس الطرفين السوري والتركي وجها ً لوجه , أو بشكٍ غير مباشر, وبحضور وإشرافٍ روسي عوضا ًعن المصري – كما حدث في العام 1998, ما يعني استبدال الدور المصري بالدور الروسي, فيما حافظ الدور الإيراني على ثباته ومقعده إلى جانب الروس في مساعدة الطرفين على إنتاج صيغةٍ جديدة لإتفاقية أضنة والتي يمكنها أن ترى النور هذه المرة, والمساعدة على بلورتها في إتفاقٍ ببعدين سياسي وأمني, يضمن مصالح كلا الدولتين, ويتيح للجيش السوري إمكانية العودة للسيطرة على كامل الحدود المشتركة بينهما, الأمر الذي يشي بموافقة الرئيس التركي على هذا الطرح, ويفسر في الوقت ذاته تصريحات وزير الخارجية جاويش أوغلو وحديثه عن إتصالاتٍ "غير مباشرة مع الحكومة السورية", ويفسر أيضا ً تمسك بلاده الشديد بإنشاء هذه المنطقة "بالتعاون مع واشنطن أو موسكو أو أي دولة أخرى", وبتأكيده أن بلاده "قادرة على إنشائها بمفردها" -ودائما ً الكلام بحسب جاويش أوغلو-, وعليه أسدلت القمة ستارها بإعلان الاتفاق على عقد قمة ثلاثية في موسكو بمشاركة الرئيس الإيراني في شهر شباط القادم.
الدعم الأممي للمنطقة الاّمنة .... كعادتها تبدو الأمم المتحدة غير مستقلة بقراراتها، والتي تنبع من مصالح دول الهيمنة الغربية عليها, وتبقى عاجزة عن لعب دورها الأساسي في ضبط الصراعات والتضييق عليها, وإعطاء الدبلوماسية والحوار كافة الفرص لتجنب الصدامات والحروب العسكرية المدمرة, لكنها تخلت من خلال الحرب على سوريا عن اّخر أوراق التوت وفضحت حقيقة إصطفافها إلى جانب دول العدوان على سوريا عبر كافة قراراتها المتعلقة وتجاهلها المتعمد لمئات رسائل الخارجية السورية حيال الممارسات التركية  ودعمها المطلق للتنظيمات الإرهابية واستمرار عدوانها على سوريا, كذلك عبر موفديها ومبعوثيها لحل الأزمة في سورية... وعليه كان لها وعبر أمينها العام موقفٌ خاص ومؤيد لإقامة المنطقة الاّمنة في سوريا, من زاوية "مراعاة المخاوف الأمنية للدولة التركية", وإلى وجوب عقد اجتماع في الأمم المتحدة لإتخاذ قرار إنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري.
أخيرا ً... بالتأكيد, يبدو أن الرئيس التركي يحاول الإستمرار باللعب على الجبهتين الروسية والأمريكية, في الوقت الذي بدأ يضيق أمامه نطاق المراوغة لإرتباطه بإتفاقيات سوتشي وأستانا مع كل من روسيا وإيران, وأنه لا يمكن لأحد أن يثق بالوعود والعهود التركية، خصوصا ً مع كلام الوزير أوغلو: "بأن لاشيء مؤكد بعد بشأن المنطقة الاّمنة", ومع نفاق الرئيس التركي الذي دأب على إتباع سياسة الخداع والمراوغة ونقض العهود والتراجع عن الاتفاقات، والذي يجيد استغلال أنصاف الفرص، ليضيف - بأوامر أمريكية - المزيد من التعقيد والضبابية، على مسار ربع الساعة الأخير للحرب على سوريا، الذي وعلى ما يبدو أنه سيعتمد الأشهر عوضا ً عن الدقائق كواحدة لقياس الزمن وإحلال السلام...
المهندس: ميشيل كلاغاصي

24 / 1 / 2019


Friday, January 18, 2019

الكرد ما بين وعد ترامب وحدود الخطأ والخطيئة - م. ميشيل كلاغاصي



مقدمة ... بات من دواعي الإستغراب أن يطلق الساسة الأمريكان تخاريفهم ويصدقون أنفسهم بأنهم يمثلون دور الشرطي "الجنتلمان" في العالم، بعدما تأكد للعالم كله حقيقة دورهم الإجرامي – الهدام, وبات من الوقاحة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده لم تعد تقبل بهذا الدور دون مقابل، وأن حمايتهم لن تكون مجانية ً لأيٍ كان, الأمر الذي يطرح التساؤلات حيال القيمٍ والمُثل التي يتحدث ويتباهى بها ساستهم منذ عشرات السنين... يقول الرئيس نيكسون :"علينا حمل عبء العالم لأننا شعب ٌعريق, نحن موجودون لنصنع التاريخ", ياله من تاريخٍ يصنعونه بدماء الأبرياء وبإشاعة الفوضى وبزراعة الإرهاب وتصديره إلى كافة أنحاء العالم.
ترامب والإنسحاب من سوريا... واليوم وبعد أكثر من سبع سنوات للحرب على سوريا، وبعد إنكشاف وسقوط كافة الأقنعة الأمريكية وذرائعها في محاربة الإرهاب وبالقضاء على تنظيم "داعش"، وبعدما أُصيب مشروعها بالنخر والهزيمة، يأتي الرئيس ترامب ليتحدث عن إنسحاب قواته من سوريا، ويدفع بمخططات تقسيمها إلى الواجهة.
وعلى الرغم من إعلانه المسبق ونيته بإنسحاب قواته من سوريا، إلا أن القرار شكل مفاجئة ً للبعض وصدمة ً للبعض الاّخر, وفتح باب التأويلات والتفسيرات على مصراعيها, إذ اعتبره قادة الكرد طعنة ً في الظهر, فيما اشتاط السعوديون غضبا ً والإسرائيليون خوفا ً, أما الأتراك فقد رأوا فيه موافقة ً أمريكية للتحرك نحو شرق الفرات وملئ الفراغ, وإطلاق أياديهم ومشاريعهم الخفية والمعلنة في الشمال السوري ... في الوقت الذي عبر الروس عن خشيتهم من ضبابية وغموض النوايا الأمريكية, أما السوريون فكانوا أكثر واقعية من جميع الأطراف, من خلال مواقفهم الثابتة تجاه التمسك بسيادتهم ووحدة أراضيهم , وإصرارهم على طرد الغزاة مهما كانت ألوان أعلامهم دولا ً أو تنظيماتٍ إرهابية.
من يملئ الفراغ ... وفيما يتحدث العالم عن ملئ الفراغ الذي سيحدثه إنسحاب القوات الأمريكية، جاء لقاء العريمة وسط إنهيار أصحاب التمرد الإنفصالي، وخشيتهم من الزحف التركي تجاههم، وجاء التحرك المباغت للجيش السوري ودخوله مدينة منبج ليضع أول الخطوط الحمراء أمام نوايا تقدم الجيش التركي نحو شرق الفرات...    
ترامب يُثبت قدراته السياسية كتاجرٍ بارع... سرعان ما بدأ الرئيس ترامب وقراره بالانسحاب الفوري بالتعرض إلى جملة ضغوط خارجية عكستها مخاوف حلفائهم, وداخلية أطلقت نيرانها من وراء أسوار وزارة الدفاع، ومن بعض الطامحين والمزايدين من أعضاء الكونغرس,, لكن ترامب أظهر استعداده المسبق لكسب الجولة, مراهنا ًعلى قدراته كتاجر بارع, متكئا ًعلى قوته وعلى نسبة تأييده الشعبي في الداخل الأمريكي, وسارع لإظهار شيئا ً من المرونة عبر التأكيد على الانسحاب وزيادة ً في مدة تنفيذه, الأمر الذي سمح له بتمرير إقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس.
ترامب و"رسله" الثلاث... وعمد الرئيس الأمريكي إلى إرسال "رسله" بومبيو وبولتون وهيل, فإتجه الأول نحو مصر والأردن ودول الخليج, لكبح الغضب ولإملاء شروط بقاء قواته في سوريا مقابل دعوتهم إلى وارسو - بولندا لتشكيل التحالف العسكري الجديد ضد إيران بجناحه العربي – الإسرائيلي, فيما اتجه الثاني نحو أنقرة وتل أبيب لطمأنة كلا الطرفين وتهدئه روعهم وإرغامهم على القبول بمتابعة اللعبة وفق شروط وأهداف الأجندة الأمريكية مقابل مقايضاتٍ إسرائيلية حيال ضم الجولان المحتل إلى سلطة الكيان الغاصب, وموافقته على إقامة المنطقة الاّمنة – العصملية بعد سنوات من الرفض الأمريكي ... تبدو محاولات ترامب كاملة الجدية حيال إستعادة تركيا بعيدا ًعن تقاربها مع روسيا وإيران.
أما الثالث فكانت وجهته الوحيدة نحو بيروت, تحت عنوانٍ واستهدافٍ واضح للنفوذ الإيراني في المنطقة وللمقاومة اللبنانية وفي محاولةٍ لإشغالها سياسيا ً والضغط على سلاحها وشلّ حركتها بتطبيق العقوبات الأمريكية, وكل ذلك بالإعتماد على جوقة ما تبقى من حطام "ثورة الأرز" في لبنان, وقيامه بتوزيع المهام على القيادات اللبنانية, كل ٌ بحسب درجة تعلقه بالحبل الأمريكي, وتبقى كلماته بعد لقائه بالمكلف سعد الحريري هي الأهم, والتي أتت على هيئة أمر عمليات مستعجل يستهدف سوريا وإيران والمقاومة ... لقد كان السيد هيل واضحا ً تجاه دعم حكومة تصريف الأعمال بما يؤكد استراتيجية واشنطن في استخدام إيلام الشعب اللبناني كوسيلة ضغط داخلية على المقاومة.
ترامب يخلط جميع الأوراق... ففي الورقة الكردية، لجأ إلى سياسة الإنعاش ووقف الإنهيار، وإلى وتعطيل الحوار والإتفاق مع دمشق، وأطلق كلاما ً ناريا ً تجاه تركيا بقوله:" سأدمر تركيا اقتصادياً إذا هاجمت الأكراد"، وفي غضون 24 ساعة وبعد إتصالٍ هاتفي مع أردوغان، أطلق تغريدة ًجديدة أكد فيها إمكانية رفع الإستثمارات والتعاون الاقتصادي مع تركيا، ودعا إلى إقامة "منطقة آمنة" بعرض 32 كيلومتر دون أن يضيف أية تفاصيل.
فالموقف الأمريكي أعاد شحذ المواقف السلبية لقادة الأجنحة الإنفصالية داخل "قسد"، وأعاد إطلاق شهيتهم نحو مشروعهم الخاص ونحو طاعتهم للمشروع الأمريكي الكبير في سوريا والمنطقة، الأمر الذي انعكس مباشرة ًعلى سير الحوار مع الدولة السورية، خصوصا ً مع الوفد القادم من جبال قنديل، وبتصريح رئيسة الهيئة التنفيذية لـما يسمى ب "مجلس سورية الديمقراطية"، بأن المحادثات مع الحكومة السورية "لم تأت بنتيجة"... على الرغم من إنجاز التفاهم على بعض النقاط الأولية.
إنفجار منبج وقتلى أمريكيون... في الوقت الذي فوجئ فيه العالم بالإنفجار الذي حدث وسط مدينة منبج والذي قضى بموجبه أربعة عسكريين أمريكيين وجرح ثلاثة اّخرون، وإعلان تنظيم "داعش" تبنيه الهجوم ... الأمر الذي يضع وكالات الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والفرنسية أيضا ً في دائرة الإتهام على مبدأ المستفيد الأول وصاحب المصلحة للتراجع عن قرار الانسحاب، بالتوازي مع تصريحات السيناتور "غراهام" للقول بأن "داعش" وجد فرصة إعادة التمدد مع إعلان الإنسحاب.
الكرد يوافقون بعد مغازلة أردوغان .... ففي مقال كتبه الرئيس أردوغان الإسبوع الماضي, نشرته صحيفة "نيويورك تايمز", أعلن فيه أن الكرد ليسوا أعدائه, ماعدا تلك التنظيمات التي تصنفها بلاده بالإرهابية, وأعلن دعمه للكرد وبالمحافظة على مجالسهم المحلية وما أنجزوه على طريق مشروعهم الإنفصالي, شريطة أن تشرف تركيا على إدارة المنطقة... لكن "قسد" وفي بيان أعلنت عن تقديم الدعم اللازم لإقامة المنطقة "الاّمنة" بضمانات دولية وليس تركية, وأكدت بلغة المشروع الأمريكي ومفرداته أن "منطقتنا هي الوحيدة التي تتعايش فيها كل المكونات السورية", وأنهم سيقدمون كل الدعم لحماية كل الإثنيات والأعراق المتعايشة من خطر الإبادة, وأنهم يتطلعون إلى تفاهمات مع تركيا تؤمن وتضمن الاستقرار في المناطق الحدودية, ويأتي البيان متماهيا ً مع كلام مؤسس شركة بلاك ووتر "إريك برنس" : "بأن الخطر الحقيقي على الكرد يأتي من الدولة السورية وليس من تركيا".
الكرد ما بين الخطأ والخطيئة... إن استخدام الرئيسين ترامب وأردوغان وقادة الإنفصاليين الأكراد، مصطلح "المنطقة الاّمنة" يحمل مدلولات خطيرة تنضوي على نوايا مسبقة ومبيتة لإستخدامها في تقسيم سوريا، وبات من الواضح علو أصوات الإنفصاليين على أصوات العقلاء في الأوساط الكردية، ويبدو أنهم غير اّبهين بما ينونون الإقدام عليه والذي يتجاوز الخطأ ويصل حد الخطئية الكبرى بحق الدولة والشعب السوري.
بيان ووثيقة وأكاذيب ... إن استعراض ما جاء في البيان الذي أصدرته قيادة "قسد"، بالإضافة إلى ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" عن "وثيقةٍ" قدمها مسؤولون أكراد إلى الروس، والتي نصت على 11 بندا ً تطالب دمشق بـ"تبادل الاعتراف" بين الدولة المركزية والإدارة الذاتية, كما تضمنت "إلغاء إجراءات التمييز تجاه الشعب الكردي", لقد سجلت الوثيقة أكبر خديعة للرأي العام الدولي, في أكبر أكذوبة حيال التمييز المزعوم, والذي يصعب على مطلقيها إثباتها, وهي ساقطة ٌ بشهادة دول العالم أجمع وبالتقارير الدولية التي لطالما شهدت لسوريا بالعيش الاّمن, وبعدم التمييز بين مكوناتها, بالتأكيد ستضاف هذه الأكاذيب إلى الرصيد اللاأخلاقي لدعاة التقسيم والإنفصال.
هل تكفي وعود ترامب الخيالية، لإعلانه "ثيودور بلفور" الجديد ... بات من الواضح أن الشعور الأمريكي بمرارة الهزيمة في سوريا, يدفع بالرئيس ترامب للعب دور البلياتشو, أمام الأراكوز العثماني , وبعض الجاحدين وسارقي الأوطان, وكم يبدو سخيفا ً أن يصدق العالم أن تقسيم سوريا يتم عبر تغريدةٍ أو بإتصالٍ هاتفي بين الأشرار, فالتحكم بمصير الشمال والشرق السوري لن يكون خاضعا ً, لهلوسات اللصوص, ويبدو أن وضع النقاط على الحروف يستدعي إنتظار القمة الروسية – التركية في 23 / 1 / 2019 والتي استبقها الوزير لافروف بالتأكيد على ضرورة أن يكون "شمال سوريا تحت سيطرة الحكومة السورية", ومن بعدها القمة الثلاثية التي ستجمع قادة روسيا وإيران وتركيا... يبدو أن ترامب لن يحظى بأدنى فرصة لتطبيق وعوده، وحسبُه الإهتمام بإتمام إنسحاب قواته وهم على قيد الحياة.
الموقف السوري الرسمي والشعبي ... لم تتأخر وزارة الخارجية السورية بإطلاق مواقفها ردا ً على تصريحات الرئيس التركي، وأكدت أن دمشق “مصممة على الدفاع عن شعبها وحرمة أراضيها”, ضد أي شكل من أشكال العدوان والإحتلال بكل الوسائل والإمكانيات”...كما أكدت إعتبارها أي محاولة ٍ للمساس بوحدة أراضيها تعتبر عدوانا ً واضحا ً واحتلالا ً مباشرا ً, واعتبرت أن النظام التركي لا يمكنه إلا أن يكون  نظاما ً مارقا ً متهورا ً غير مسؤول"... فيما تعبر الجماهير السورية عبر كافة وسائل الإعلام عن رفضها لأي إحتلال وأي محاولةٍ لتقسيم البلاد, وعن وقوفها الدائم وراء قيادتها الحكيمة وأبطال الجيش العربي السوري.  
المهندس: ميشيل كلاغاصي
18 / 1 / 2019

Sunday, January 13, 2019

الرئيس إيمانوييل ماكرون في رسالة إلى الفرنسيين


الرئيس إيمانوييل ماكرون في رسالة إلى الفرنسي
 - Michel Kalaghassi -  ترجمة وتصرف
عزيزتي الفرنسية عزيزي الفرنسي ,أبناء وطني الأعزاء، في هذه الفترة علينا أن نتذكر من نحن, وأن فرنسا ليست دولة ;كباقي الدول .
* غالبا ً ما تكون الضريبة ثقيلة, وتقلل من عدم المساواة ,والعدالة متاحة للجميع بغض النظر عن الوضع والثروة, ويمكن التغلب على مصاعب الحياة بفضل الجهد المشترك بين الجميع.
* كيف لا تشعر بالفخر بأنك فرنسي؟ أعلم أن البعض مستاء أوغاضب بسبب الإرتفاع الكبير للضرائب بالنسبة لهم ، لذلك تبقى الخدمات العامة بعيدة المنال، ولأن الأجور منخفضة جداً ولا تسمح للبعض أن يعيشوا بكرامة لأن بلادنا لا تقدم فرص للنجاح المتساوية , والكل يريد دولة أكثر ازدهارًا ومجتمعًا أكثر عدلاً.
* لا نقبل أي شكل من أشكال العنف, لا أوافق على الضغوط والإهانة .. لذلك اقترحت وأطلقت اليوم نقاشا ً وطنيا ًكبيرا ًسيستمر حتى 15 اّذار.. يمكنك التعبير في قاعات رؤساء البلديات وستكون قادرًا على المشاركة في المناقشات بالقرب من منزلك أوعلى الإنترنت لطرح اقتراحاتك وأفكارك داخل فرنسا وخارجها 
* سوف يلعب رؤساء البلديات دورًا أساسيًا لأنهم ممثلين منتخبين وبالتالي هم الوسيط الشرعي للتعبير عن المواطنين.
* بالنسبة لي ، لا توجد أسئلة ممنوعة, لن نتفق على كل شيء إنها الديمقراطية. لكننا على الأقل سنثبت أننا شعب لا يخاف التخاطب أوالنقاش , ولعلنا سنكتشف أننا نستطيع أن نتفق بأكثر مما نعتقد.
** لم أنس أنني انُتخبت لاجل مشروع ، سأظل أمينا ًعليه.. أعتقد أننا يجب أن نستعيد رخاء فرنسا لكي تكون سخية ، وأن الكفاح ضد البطالة يجب أن يكون على رأس أولوياتنا ، وأن أولوية التوظيف ستطبق في الشركات ، ما زلت أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة بناء السيادة الصناعية والرقمية والزراعية والاستثمار في المعرفة والبحث. ما زلت أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة بناء الثقة ، ولبناء نظام اجتماعي حديث من أجل حماية أفضل للفرنسيين والحد من عدم المساواة, ما زلت أعتقد أن نضوب الموارد الطبيعية وتغير المناخ يجبرنا على إعادة التفكير في نموذجنا التنموي... يجب أن نخلق ونبتكر مشروعا ً منتجا ً، اجتماعيًا ، تربويًا ، بيئيًا وأوروبيًا جديدًا أكثر عدلاً وأكثر فاعلية. في هذه التوجهات الرئيسية ، لم يتغير إصراري.
* ولكني أعتقد أيضا ً أنه من خلال هذه المناقشة يمكن أن نوضح مشروعنا الوطني والأوروبي ، وطرقا ًجديدة للنظر إلى المستقبل.
* آمل أن يشارك في المناقشة أكبر عدد ممكن من الفرنسيين.. والتي ستجيب عن الأسئلة الرئيسية التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة, ولهذا اخترنا مع الحكومة /4/مواضيع رئيسية : 
1- الضرائب والإنفاق العام 2- تنظيم الدولة والخدمات العامة 3- الانتقال الإيكولوجي 4- الديمقراطية والمواطنة... وسيتم التعبيرعن المقترحات والأسئلة.

@ يتناول الموضوع الأول ضرائبنا ونفقاتنا وإجراءاتنا العامة.
فالضرائب هي من صميم التضامن الوطني, وهي التي تمول خدماتنا العامة, وتدفع للمدرسين ورجال الإطفاء والشرطة والجيش والقضاة والممرضات وجميع الموظفين العموميين وستمول بعض المشاريع الكبيرة في المستقبل 
* لكن الضرائب عندما تكون مرتفعة كثيرا ً تحرم اقتصادنا من الموارد التي يمكن أن تستثمر بشكل مفيد في الشركات، وبالتالي في خلق فرص العمل والنمو.

** كيف لنا أن نجعل نظامنا الضريبي أكثر عدلاً وأكثر كفاءة؟ ما هي الضرائب التي تعتقد أنه يجب تخفيضها أولاً؟
لا يمكننا أن نسعى إلى تخفيض الضرائب بدون خفض المستوى العام للإنفاق العام.
ويجب إزالة بعض الخدمات العامة التي عفا عليها الزمن أو باهظة التكلفة مقارنةً بمرافقها ؟

@الموضوع الثاني الذي يجب أن نتخذ القرارات بشأنه هو تنظيم الدولة والسلطات العامة.. فالخدمات العامة تتطلب التكاليف كالمدرسة، الشرطة، الجيش، المستشفيات ، المحاكم ... يجب أن نعزز اللامركزية ونعطي قوة أكبر لاتخاذ القرار في كل المستويات , وعلينا النظر في أداء الإدارة.
@التحول الإيكولوجي هو الموضوع الثالث والضروري لمستقبلنا 
أنا ملتزم بأهداف الحفاظ على التنوع البيولوجي ومكافحة الاحترار العالمي وتلوث الهواء... وكلما تأخرنا في طرح الأسئلة على أنفسنا ، كلما كانت هذه التغييرات أكثر إيلاما.
** سنمول التحول الإيكولوجي: عن طريق الضرائب ..وسنجعل الحلول الملموسة في متناول الجميع

$ أخيراً، من الواضح أن الفترة التي يمر بها بلدنا تظهر أننا بحاجة إلى إعطاء المزيد من القوة للديمقراطية والمواطنة. 
* عليك كمواطن أن تساعد في تقرير مستقبل البلد عن طريق انتخاب ممثلين على المستوى المحلي أو الوطني أو الأوروبي. إن نظام التمثيل هذا هو حجر الأساس لجمهوريتنا 
* وما هو الدور الذي يجب أن تلعبه جمعياتنا ، بما في ذلك مجلس الشيوخ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، في تمثيل أقاليمنا والمجتمع المدني؟ يجب أن تكون ديمقراطية فرنساعظيمة وقادرة على الإصغاء أكثر إلى صوت مواطنيها.
* وقد رحب بلدنا دائما ً بأولئك الذين فروا من الحرب والاضطهاد ولجأوا إلى أرضنا واختاروا فرنسا بحثًا ًعن مستقبل أفضل.. علينا الإهتمام بإندماجنا أكثر وأكثر.
* علينا تعزيز مبادئ العلمانية الفرنسية عبرالعلاقة بين الدولة والديانات في بلدنا؟ علينا أن نضمن الاحترام والتفاهم المتبادل والقيم غير الملموسة للجمهورية؟
* في الأسابيع القادمة ، سأدعوكم إلى المناقشة وللإجابة على هذه الأسئلة المهمة لمستقبل أمتنا... وستكون مناقشة غير مسبوقة ، وأنا مصمم على استخلاص جميع الاستنتاجات وتأطيرها بكافة ضمانات الولاء والشفافية.
*هذه هي الطريقة التي أعتزم تحويل الغضب معك... وبالتالي ، فإن مقترحاتكم ستسمح ببناء عقد جديد للأمة ، وبتنظيم هيكلية الحكومة والبرلمان ، وبوضعية فرنسا على المستويين الأوروبي والدولي, وسأقدم تقريركم مباشرة في الشهر التالي لنهاية المناقشة.
* عزيزتي الفرنسية عزيزي الفرنسي، يا مواطني الأعزاء، ليكن أكبر عدد ممكن من المشاركات من أجل القيام بعمل مفيد لمستقبل بلدنا.
بكل ثقة
ايمانويل ماكرون

تاريخية العدوان على سوريا ... أردوغان والأوهام العثمانية - م.ميشيل كلاغاصي


لطالما كان الحديث عن سوريا مميزا ًومعطرا ًبخصوصيتها وبعلاقتها الأبدية – الفريدة مع التاريخ، وشهدت أرضها تعاقب الغزاة والحضارات فيما بقيت شعوبها ووضعت بصمتها بدمائها ورسمت ملامحها وحافظت على كبريائها وعنفوانها وحيويتها وتقاليدها، وفرضتها حتى على الغزاة اللذين وضعوا أقدامهم على أرضها ... ومن اللافت أن أعدائها لم ينفكوا يوما ًعن شغفهم وسعيهم للسيطرة عليها, وخاضوا لأجلها أعتى المعارك والتي لا تزال مستمرة ً حتى يومنا هذا ... فقد كان لموقعها الجغرافي ولنشاط أهلها وبراعتهم الفضل الكبير في تحويلها إلى مركزٍ رئيسي للتبادل التجاري, الأمر الذي جعل منها أرضا ً تصارع عليها جيرانها وكافة الدول القوية في العالم القديم, لذلك كان من النادر لها أن تكون أرضا ً مستقرة ومستقلة وبحدود اّمنة دون أن يدفع أهلها الثمن ويقدمون التضحيات فداء ً لها ...
ومن المؤسف أن نرى "العرب" لم يدافعوا عن سوريا ولم ينظروا إليها على أنها تمثل الحدود الشمالية للوطن العربي، وأنها القلعة والخندق الأول أمام الغزاة اللذين عبروا جبال طوروس وزاغروس، بالإضافة إلى العدو التركي و"الجار" التاريخي المعروف بأطماعه الدائمة بأراضيها وثرواتها، والذي لا زال حتى اليوم يقاتل من أجل إقتطاع واستلاب المزيد من أراضيها، ناهيك عن الأربعمائة عام من الاحتلال العثماني لها ولشقيقاتها العرب ...
فقد ظلت سوريا لقرون وعقودٍ طويلة خاضعة لتأثير وتهديد ما يمكن تشبيهه بمثلثٍ رأسه تركي وأضلاعه وهابية -إخوانية، وأضيف إليه ضلعٌ رابع في العصر الحديث بعد زراعة الكيان الصهيوني على حدودها الجنوبية، واليوم وفي الحرب الكونية الحالية هناك من أراد إضافة ضلعٍ خامس يتمثل بقيام كيانٍ أو دويلة كردية في شمالها الشرقي...
كيف يمكن إقناع بعض العرب بمقولة – عدو جدك ما بودك -، ونحن نرى الأعراب يعتلون غالبية مقاعد القيادة في الدول والعروش ويسوقون الشعوب العربية إلى حيث لا تريد، وبعكس هويتها وإنتمائها ولحمتها وعروبتها وإسلامها وكل معتقداتها على تنوع وفرادة مكونات المجتمعات العربية.
وكيف يمكن تفسيرُ، حب وتعلق وخنوع وعمالة البعض منهم للأتراك والصهاينة والفرنسيون والأمريكيون ...إلخ، وكيف يكون الحديث عن الحقيقة وعن أسباب الحرب الكونية على سوريا في الوقت الذي لا زال فيه من يرون في تركيا دولة الخلافة الإسلامية وليس دولة الإحتلال العثماني، ويرون فرنسا وانكلترا وأمريكا صليبيون وليسوا فرنجة، وأن الإسرائيليون هم جيران وأصدقاء وليسوا محتلين وغاصبين... كيف يمكن دفع التائهين للتمييز بين الفتوحات والغزو، وبين تركيا "السلطنة" وإمبراطورية الظلم والإبادة والتهجير والقتل والإحتلال، بأنها ليست دولة شقيقة حنون تدافع عن السوريين وغيرهم... وأن الوهابيون عرب مدافعون عن الدين الحنيف ولا يسعون لتشويهه، وأن أصولهم وعلاقاتهم السرية والعلنية مع الصهاينة هي مجرد نزوة وعلاقات عابرة.
وكيف نفسر مشاريع التقسيم الأمريكية بالإعتماد على كرد سوريا، والإحتلال العثماني الجديد بقيادة أردوغان، وسايكس بيكو الجديدة بقيادة الليبراليون الجدد في أوروبا، ومحاولات ضم الجولان المحتل إلى الكيان الغاصب... تبدو القصة متعبة بالتوازي مع الجهل البريء وغير البريء المتفشي في مجتمعاتنا، هلموا نطلب المساعدة من صفحات التاريخ ....
ففي العام 1810 طرق الوهابيون أبواب دمشق واحتلوها، وخرجوا على يد الألباني محمد علي باشا والي السلطنة العثمانية في مصر، والذي فاز بولايةٍ إضافية على سوريا مقابل إنسحابه من أنقرة وعودته إلى مصر بعد أن تابع طريقه نحو القضاء على السلطنة في عقر دارها ... ولم يتوقف أحفاد اّل سعود - ومن لف لفهم - عن مهاجمة سوريا، حتى بعدما نالت استقلالها في نيسان 1946, وحاولوا السيطرة عليها من الداخل ومولوا المؤامرات وسعوا لإغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في دمشق لضرب الوحدة, ولم يتركوا لسوريا فرصة ً واحدة لتلملم نفسها, واستهدفوها عبر حلف بغداد, وبأحداث الثمانينات والإخوان المسلمين, وصولا ً إلى دورهم في الحرب الإرهابية الحالية.
وأما الأمريكان والفرنسيين والإنكليز، فلا يخفى على أحد ما كانوا وما زالوا عليه من حقد وعداء ونوايا استعمارية واضحة، وليس وجودهم العسكري اليوم في الشمال السوري إلاّ استمرارا ً لأطماعهم التاريخية في سوريا، في الوقت الذي يحتفظ الكيان الصهيوني بمهامه الأبدية كشوكة استعمارية في خاصرة الأمة.
وقد يساعد هذا الإستعراض التاريخي السريع في فهم الأسباب التي دفعت الأعراب للتاّمر الجديد على سوريا، وعرقلتهم لمحاولات السلام فيها، وأصبح من البديهي فهم عرقلتهم لعودتها إلى الجامعة العربية، ولفك التجميد عن عضويتها، ومنع لبنان من دعوتها لحضور القمة الإقتصادية... وعشرات المواقف التي تصدر عن بعض الحكومات والعروش العربية....
وأما عن الموقف التركي، الخطير والمعقد، والذي لخصه الرئيس التركي متعاميا ًعن إنتصار سوريا ومحورها المقاوم , ومتجاوزا ً لهزائم محوره الأمريكي ومشروعه العصملي الخاص أيضا ً، بعباراتٍ سخيفة سطرها في مقالٍ نشرته الإسبوع الماضي صحيفة ال "نيويورك تايمز "تحت عنوان "خطة تركيا لتحقيق السلام في سوريا"، تحدث فيه كصاحب حق ومالكٍ حقيقي للأرض وما عليها، ودعا إلى تشكيل "قوة استقرار" بزعامة أنقرة لإحلال السلام والاستقرار في سوريا، بعد إنسحاب القوات الأمريكية، كما حاول فيه استمالة الأكراد وحصر المشكلة معهم بمسلحي "وحدات الحماية" والتي تصنفها أنقرة تنظيما ً إرهابيا ً، ووعدهم بإدارتهم لمجالس محلية في مناطق سيطرتهم، بعد انتخاباتٍ برقابةٍ تركية ... في الوقت الذي توجه فيه للسوريين بجملة أكاذيب وبوعودٍ سخيفة, تؤكد عزمه التدخل بالتمثيل السياسي للشعب السوري... مختتما ً مقاله بتأكيد أوهامه بأحقية بلاده في الإشراف المباشر والمطلق على إدارة الشأن السوري... ولا يسعنا هنا سوى البحث عن العقلاء وأصحاب العقول والعزة والكرامة في رفض هذه المسرحية والعودة إلى جادة العقل والصواب وإلى حضن الوطن.
أخيرا ً ... لا بد للسوريين ولكافة الشعوب العربية أن تعيد تقييم مواقفها وحساباتها على ضوء الحقائق التاريخية بعيدا ً عن الأوهام والأكاذيب التي تدغدغ المشاعر العاطفية والدينية والتي اجتهد الغزاة والأعراب للإختباء ورائها , وأن يعيدوا التفكير بمقولة – عدو جدك ما بودك - , والإهتمام بتعرية السياسات والساسة العملاء من الأعراب واللذين ينوبون عن الأمريكان والأوروبيين والأتراك والصهاينة في تدمير ذاكرة المواطن العربي ويأخذونه بعيدا ً عن بوصلته وطبيعته وحيث يجب أن يكون , فالإنتماء للأمة العربية هو فعلٌ وهوية ومبدأ ووفاء.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
13 / 1 / 2019

Thursday, January 3, 2019

العرب التائهة تعود إلى رشدها .. ماذا عن "المعارضون"؟ - م.ميشيل كلاغاصي


كالأميرة النائمة وبعد قبلة "الأمير", بدأت تصحو وتفتح أعينها على واقع وجودها في غير مكانها وبغير هويتها, وحالها لا يختلف عن حال بعض العرب التائهة ,, وفي الحال تفحصت محفظتها وبحثت عن هويتها وتفحصت يداها وذاكرتها وندوبها , وشريط سنوات نومها ومغامرتها, رفعت نظرها لترى "الأمير" المنتصر يجلس على عرشه بكامل بهائه بإبتسامته وهيبته وقوته, فمدت يدها نحوه تطلب عفوه وصفحه, غير اّبهةٍ بشلة الحطابين وأصحاب السلالم وحفاري الخنادق والقبور , وتركتهم لمصيرهم المجهول يعاندون البحر بمركبٍ مثقوب وعضلاتٍ خائرة , ووجوه متعبة , بعضهم يُتمتم اّسفا ً  وبعضهم حقودٌ عابس , فيما يُضاعف بعضهم الاّخر التجديف بلا بوصلة وبلا أمل .
ورغم وجوهها المتعددة، وكواليس مسارحها المزيفة وأدوار كومبارسييها الضعيفة .. فإنّ لها مشاهدٌ من الغرابة والفرادة، ومن الوقاحة والقباحة، ومن العنف والوحشية، ومن الخيانة والعمالة، مشاهد متنوعة لم تتوقف حتى الآن ..."أبطالها", منهم مبتدئون ويتعلمون، وبعضهم وطنيون وبحب الوطن مفعمون، ومنهم عن الرزق والشهرة باحثون، ومنهم من في القتل والعمالة متمرسون وعن تدمير الوطن ووراء "السيد الأمريكي" وأذنابه لاهثون!
هي "المعارضة"، وهم "المعارضون".. وأشهر من سيفٍ على علم، ولكم أن تستدلوا عليها وعليهم، ومن ثمارهم تعرفونهم، وأصبحت الكلمة تعبيرًا ومصطلحًا جامدا ً وكلمة ً رنانة وفضفاضة، يختبئ تحتها البعض...ومع نهاية السنة السابعة للحرب، لا زال السوريون يتساءلون، من هؤلاء، وماذا يريدون؟, وهل هم أحرار أم مقيدون، وبأجنداتٍ مفضوحة ملتزمون!.
وتشهد السنة السابعة للحرب على سورية , توازيا ً في خطين لطالما تقاطعا وتعارضا طيلة سنوات الحرب , فالعرب بداية ً بحثوا في مدنها وقراها وشوارعها وأزقتها عمن يفتتحون يوم الخراب ويؤسسون للدمار , وأطلقوا عليهم أسم "المعارضة",, وبعد سنوات الحرب وإنتهاء معظم جولاتها, جاء العرب بعد أن أصابتهم الهزيمة ونخرت عظامهم وبعد أن أن تلقفوا إشارة الكبار والضوء الأخضر, وجاؤوا يطلبون ودها وصفحها وإعادة العلاقات الدبلوماسية والطبيعية معها, وتمنوا عليها أن تعود إلى حيث جمدوا عضويتها – بلا وجه حق -, بعضهم طار ووصل مطارها ونال شرف مصافحة قائدها الشجاع , ومنهم من حجز مقعده وبطاقته في الطابور الطويل ... ويبقى السؤال : ماذا سيحل بألعابهم وصنائعهم والهياكل الكرتونية والتي أطلقوا عليها أسماء عديدة "كالمنصات ,الهيئة العليا , الإئتلاف الوطني", بعدما قيدوا حركة بعضهم , وسجنوا وطردوا بعضهم الاّخر, وأمروا من بقي في بلاطهم وفنادقهم بإخفاء كل ما يشير إلى وجودهم, وبإحترام علم بلادهم سورية "المقدس"؟.
لا بد من التصويب على فكرة المعارضة وتصحيح بعض المفاهيم المزورة , التي أراد الأعداء من خلالها إقتحام أسوار دمشق , فالمعارضة حق و شيء لا يختلف على وجوده عاقلان , ولكن من خلال إدارك مفهومها وكنهها أولا ً, بعيدا ً عن المصلحة الضيقة والتسويق للدمار والخراب , إذ يمكن أن يكون لها وجها ً إيجابيا ً وضروريا ً ومطلوبا ً.....
فعبر التاريخ، ظهرت الآراء واختلفت، وعلت أصوات من يملكون وعيًا كافيًا للتعبيرعن باقي أفراد المجتمع...أما حديثًا، وبعدما تطورت أنظمة الحكم وحياة الأفراد والمجتمعات وتبلورت معها فكرة حكم الشعب نفسه بنفسه.. على الرغم من سعي المتحكمين بالأرض (الماسونية)، للسيطرة على الشعوب من بعيد عبر تشويهها كفكرة وطريقة، وتفريغها من محتواها، بعد أن دعوها بالـ"ديمقراطية"، وعلّبوها وقولبوها في نماذج تجلب الفخر لهم، والويلات لغيرهم، وتحولت إلى لعبةٍ سياسية مستوردة متطورة وشرعية، يقبل الجميع بنتائجها، وأصبح "إعتناقها" معيارًا لتقدم أو تخلف الشعوب، ورُدمت الفجوة بين الدول "ظاهريًا"، وأصبح من السهولة بمكان شن الحروب على بعضها، لإعادة إحتلالها، تحت ذريعة جلب الحرية والديمقراطية.
وما بين فوزٍ وخسارة، مَنحت اللعبة ممارسيها فرصة العمل السياسي المعارض، وتحولت إلى ضرورةٍ حيوية واستراتيجية لحياة الدول والشعوب، وتمحورت حول أهدافٍ أخلاقية، تمثلت بحماية وتطور وتقدم وازدهار دولهم وأحوال شعوبهم، وأطلق البعض عليها اسم حكومة الظل، مرآة الحكومة، ميزان العمل السياسي الداخلي، بمعنى الضامن وضابط ايقاع الحياة العامة للدولة والمجتمع في كافة نواحي الحياة، وأصبحت بمثابة صمام الأمان الذاتي للشعوب....  في الوقت الذي استطاع فيه المأجورون استغلالها لتحقيق مصالح من يدفعون ويُجزلون، وبدوا كمن يفخخون القاعات والإجتماعات والقرارات.
ومن البديهي للمعارضة الوطنية الداخلية، أن تمارس دورها وواجبها الوطني عن طريق الحوار ثنائي الحدود، عبر تلخيص رؤاها وجملة أفكارها وحواراتها مع الفئات التي تُمثلها، وتتوجه بها نحو الجهاز الحكومي وعن طريق الحوار وقوة الحجة تستطيع الحصول على ما تريد، وترفع من مصداقيتها ورصيدها ونسبة تأييدها الشعبي الذي يحق لها استغلاله في اللعبة الديمقراطية عن طريق صناديق الإقتراع والفوز بالسلطة... أما ما تُسمى بـ"المعارضة الوطنية الخارجية"، فنعتقد أنها خيالية ولا تقنع من يدعيها، ولا يوجد ما يبرر وجودها خارج الأوطان.
وفي سورية ... لا نتكلم عن المعارضة الوطنية الشرعية – المرخصة، إذ لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، في وقتٍ يحق للشعب السوري أن يسأل عمن يدّعون المعارضة الخارجية، ويمثلون التنظيمات "المعتدلة والمسلحة والإرهابية "، ويدعون تمثيل الشعب السوري!، وهو يراهم على مدى أكثر من سبع سنوات، يؤيدون قاطعي الرؤوس ويزور بعضهم الكيان الصهيوني، ويهللون لقصف الطائرات الأمريكية لشعبهم ومدنهم، ويتكلمون بلسان أعداء الوطن، ويرفضون كل حوارات السلام التي تؤدي إلى سحب ذرائع العدوان الخارجي، وقد أتقنوا اللغة الأمريكية والإسرائيلية والتركية والسعودية والقطرية..إلخ، وأدمنوا العيش في فنادقهم.
يبحث أحرار العالم ومنصفوه، عن حلٍ سياسي لإنهاء الحرب على سورية، ويدركون أنه في متناول السوريين الصادقين، فالطريق واضحة، والحوار السوري– السوري وفي دمشق هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام، وهذا ما دعت اليه القيادة السورية منذ اليوم الأول، ولا بأس أن تكون الأرض الروسية بديلًا مؤقتًا، ومكانًا مناسبًا للبدء بـ"الحوار الوطني السوري.
كم كنا نتوق لقتال أعدائنا، ونحن صفًا واحدًا، لننسجم مع تاريخنا وأصالتنا، دون أن نخجل من عظمائنا ورائحة تراب وطننا الممزوجة برفات أجدادنا وبدماء شهدائنا، ويبقى من المعيب في زمن الحروب، أن ينقسم المجتمع الى مؤيد ومعارض، فالمطلوب دائمًا، مدافعون وليس معارضين أو مؤيدين، لنحصن الوطن أولًا ونفوز به جميعًا.. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
3 / 1 / 2019