Friday, November 29, 2019

الأسد وترامب .. مصير الأطماع الإسرائيلية - م.ميشيل كلاغاصي


مع اقتراب إنتهاء الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب, تزداد الحملة الإنتخابية زخما ًوقوة ً, ويزداد معها سعي الإدارة الأمريكية الحالية نحو جذب المؤيدين عبر سلسلة مواقف يمكن بلورتها تحت شعار "إسرائيل أولا ً", فيما لجأ فريق ترامب في الحملة السابقة للتركيز على شعار "أمريكا أولا ً" بهدف الفوز بأصوات الطبقة المتوسطة والتي تشكل الشريحة الأكبر في المجتمع الأمريكي, على الرغم من أن السباق الحقيقي يتمثل بالسعي للفوز بدعم تحالف اللوبي الصناعي الحربي واللوبي الإسرائيلي والقوى التي تمثلها في الكونغرس, الأمر الذي يفسر تحرك البيت الأبيض المتزايد نحو دعم طموحات وأطماع الكيان الإسرائيلي المحلية والإقليمية.
في هذا السياق وفي الحديث عن الزيارة الشهيرة للسيناتور ليندسي غراهام برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي, لأراضي الجولان السوري المحتل, والوعد الذي أطلقه من هناك بإتخاذ خطواتٍ تسهل إعتراف واشنطن بأنها أراضٍ إسرائيلية, بالتوازي مع إصدار الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان الذي ذكرت فيه أن الجولان السوري "أراضٍ تسيطر عليها إسرائيل", وليس أراضٍ "تحتلها إسرائيل".
موقف مستهجن يصدر عن أحد صقور الإدارة الأمريكية, على الرغم من إعتراف العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن بأن الجولان أراضٍ تعود ملكيتها وحق السيادة عليها للجمهورية العربية السورية وأن "إسرائيل" احتلتها خلال عدوانها العسكري عام 1967, كذلك ما جاء في قرار مجلس الأمن في 17 تشرين الأول / ديسمبر 1981 وتأكيده بأن قرار الضم الإسرائيلي الأحادي الجانب غير قانوني وباطل, بالإضافة للإدانات الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة - المستمرة حتى يومنا هذا - لقرار الضم الإسرائيلي.
لكن الإدانات والإنتقادات الدولية لم تمنع ترامب لاحقا ًمن توقيع إعترافه وبلاده بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل, الأمر الذي منحه دعما ًإضافيا ًداخل المجتمع الإسرائيلي, والذي سيتحول إلى دعم ومساعدة المجتمع اليهودي داخل الولايات المتحدة في الإنتخابات القادمة.
من الواضح أن التماهي بين الرئيس ترامب والمجتمع اليهودي المتطرف, سمح لحزب اليمين الجديد بتقديم مشروع قانون ضم المستوطنات في غور الأردن ومستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس وكتلة “غوش عتصيون” جنوبي الضفة الغربية, عبر استغلالٍ واضح للدعم الأمريكي وإدارته الحالية, فيما أعلن رئيس حكومة العدو الإسرائيلي للإعلان عن نيته بتحويل المشروع إلى قانون ضم من بوابة ضمان "الأمن القومي", في سعيٍ واضح لضم عدد كبير من القرى الفلسطينية وبعض المستوطنات داخل خطوط ما دعاها "خريطة الحدود المستقبلية لدولة إسرائيل", الأمر الذي يضع أراضي وادي الأردن وشمال البحر الميت داخل نطاق ما يسمى "الحزام الأمني" المزعوم... في وقتٍ تقدمت فيه الإدارة الأمريكية خطوة خطيرة ضد الحقوق الفلسطينية, وبحسب الوزير بومبيو: "بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي".
كما أن القلق الكبير الذي أظهرته فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا وإيطاليا وإسبانيا حيال قرارات ومشاريع الضم الإسرائيلية, لن يثني حكومة الإحتلال الإسرائيلي ويدفعها للتخلي عن أطماعها ومشاريعها, الأمر الذي يُساهم بمضاعفة تعقيدات حل الصراع العربي – الإسرائيلي, بالتوازي مع حالة الشرذمة والضعف والإنقسام العربي والتطبيع والعلاقات العلنية لبعض الأنظمة العربية والخليجية, والبيانات اللفظية لجامعة الدول العربية.
في ظل هذه المشهدية, تبدو العربدة الإسرائيلية في أعلى مظاهرها مع توفر الدعم الأمريكي الدائم والدعم الإضافي للرئيس ترامب بما يشجعها على ضم ما تشتهيه من الأراضي العربية المحتلة.
في وقتٍ سقطت فيه المراهنة على المواقف الأخلاقية لبعض الدول الأوروبية التي رفضت قرارات ومحاولات الضم الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة, وهي ذاتها التي وقفت وراء زراعة وتمكين العصابات الصهيونية وتسليحها ودعمها لتصبح "إسرائيل" اليوم, ولتكون الذراع العسكرية المسخرة لخدمة المشروع الغربي – الصهيوني في المنطقة, في وقتٍ لم يعد من الحكمة فيه تجاهل واستبعاد شركائها الجدد في أوروبا الشرقية, والحكومات اليمينية التي بدأت تغزو أمريكا اللاتينية, والذين قد يحذون حذو واشنطن في دعم الأطماع الإسرائيلية, إلاّ سلطات الكيان الغاصب لا تزال تعوّل على الدعم الأمريكي النوعي, الذي يرفع مستوى العلاقات الإستراتيجية بينهما بما يفوق تأثر الدور الأوروبي ويحصره بمتابعة إصطفافه في دعم استراتيجية الإحتلال ونهب الثروات.
في ظل هذا الواقع, وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها الدولة السورية, والضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الدولة الإيرانية, وغالبية فصائل وأحزاب المقاومة في فلسطين المحتلة وغزة والمنطقة, إلاّ أنها استطاعت الحفاظ على منسوب الردع الكبير ومعادلاته وتطوير قواعد الإشتباك, ما جعل حال الإدارة الأمريكية وسلطات الكيان الغاصب ومطبعيها وداعميها لا يقل سوءا ً, فالإدارة الأمريكية تتردد حيال بقائها أو إنسحابها من سوريا وتقف عاجزة أمام مخاوفها من مواجهة مقاومةٍ شعبيةٍ عسكرية مدعومة من الدولة السورية, في وقت تبدو غير قادرة على شن الحرب على إيران, وسط انكشاف القيمة الفعلية لتحالفها مع الأنظمة الخليجية التي تأكد ضعفها وشللها بعد الضربة على أرامكو.
في هذا السياق يخشى الإسرائيليون إنسحاب ترامب من الالتزام الأمني الأمريكي تجاههم, الأمر الذي يضاعف حالة الذعر الإسرائيلي وأن تُترك وحدها لتواجه مصيرها, يبدو أن التحولات في المنطقة ستجبر "إسرائيل" على تغيير خططها وإعادة التفكير في قدرتها على خوض الحرب القادمة على أكثر من جبهة.
إن هروب الولايات المتحدة إلى الأمام وإعتمادها استراتيجية إشعال المنطقة حول سوريا من خلال "الثورات" في لبنان والعراق وفي الداخل الإيراني, لن يقلب الإجماع الشعبي والسياسي حول رفض إحتلالها ووجودها, ولن يؤدي لتخلي الدول والشعوب عن أراضيها وحقوقها, ولن يُساهم في صنع السلام معها وفق شروطها..
وبات عليها التفكير الجدي بالتخلي عن أطماعها وتحجيم الإطماع الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني والمنطقة, وبإعادة الحقوق لأصحابها سلما ًقبل فوات الأوان, ومراعاة تراجعها واستيعاب فكرة الرحيل والإنسحاب من سوريا, خصوصا ً بعد كلام الرئيس الأسد حول المقاومة العسكرية للإحتلال الأمريكي, وأنها "لن تكون مرتاحة في أي أرضٍ تحتلها", ومع حتمية إنتهاء الحرب الكونية – الإرهابية على سوريا وخروجها منتصرة, سيكون من المستحيل منعها من تحرير الجولان السوري المحتل وباقي الأراضي العربية المحتلة, في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد, الذي لن يتوان عن قيادة معارك التحرير, ووضع الحد للأطماع الإسرائيلية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
29/11/2019

Saturday, November 23, 2019

تظاهرات لبنان بين الشد والجذب الإقليمي والدولي - م.ميشيل كلاغاصي


على الرغم من الإحتجاجات المطلبية المرتبطة بالضغط الإقتصادي , والتي شهدتها دول عدة في منطقة الشرق الأوسط , وامتدت من مصر إلى العراق وإيران , إلا ّ أن التظاهرات اللبنانية جذبت الإهتمام الإقليمي والعالمي وحاولت أن تتميز وتقدم نفسها كظاهرةٍ كبرى, ودفعت للسؤال عن محلية الحراك والشعارات التي عكست هموما ًوأوجاعا ًتسبب بها الفساد عبر عقود, الأمر الذي أدى إلى توسيع الفوارق الطبقية والمجتمعية وكرّس المحسوبيات وعزز هياكل الدولة الفاشلة من جهة, ومن جهةٍ أخرى أشار مجددا ً وبوضوح إلى ما هو أبعد و أعمق تاريخيا ًوسياسيا ً, بما يتعلق بالإنقسام والإصطفاف اللبناني والعربي عموما ً تجاه بعض القضايا الكبرى والمركزية محليا ًوإقليميا ًحتى دوليا ً, بشكلٍ يستمر معه لبنان – البلد الصغير- ليعبر عن درجة الحرارة والحالة الصحية للمنطقة.
ومن خلال نظرةٍ موضوعية, والتي لا يمكن معها تجاهل المرض والمريض, لا بد من ملاحظة الحمى والصدمات والزلازل التي تعرضت لها دول المنطقة بعد أحداث أيلول الشهيرة 2001 في نيويورك, والتي يمكن وصفها بـ "الصدمات الإستراتيجية", الأمر الذي انعكس وهنا ًوضعفا ً أصاب الدول والشعوب ووضعها تحت تأثير مختلف الضغوط والمخاطر الزاحفة نحو الجميع دون تردد, بأوجهها المتعددة العسكرية والسياسية والإقتصادية, وبالطبع كان على لبنان أن يتلقفها بطريقته وبتركيبته السياسية – الطائفية -, وبالإلتزامات الخارجية التي تكبل جميع أطرافه الداخلية.
إن إنهيار المعالم القديمة للنظام الدولي, دفع المراكب الأمريكية للإبحار نحو شواطىء العالم بدءا ً من عالمه القديم, وجعلها ترسو في أفغانستان والشرق الأوسط معتمدة ًعلى خرائط برنارد لويس وهنري ليفي وعقيدة وولفويتز, مؤمنة ًببعض أسفار العهد القديم المجتزأة وترانيم التلمود ووثيقة كيفونيم , لتبدأ صدماتها الإستراتيجية من "الليبرالية" الغربية وصولا ً إلى "الراديكالية" العربية... وأصابت الجميع إما بشكل مباشر, أو بشكل نفسي غير مباشر, جعل فقراء ومترفي العالم القديم يفقدون شهيتهم على الطعام ويستعدون للمرض القادم أكثر فأكثر.
وبعديدا ًعن سرد الأحداث الطويل والمعروف للجميع, مع اختيار نقطة بداية قريبة, يمكننا ملاحظة تقاعس وربما إستعصاء الرد الأمريكي على إسقاط الطائرة الحديثة – الثمينة بدون طيار إيرانيا ً, والضربات القاتلة في أرامو يمنيا ً, والسجاد الأحمر الذي فُرش للرئيس بوتين في الرياض سعوديا ً, أمورٌ حددت بمجملها إتجاه إنتشار المرض وعودته ليصيب القلب الأمريكي, ويضيف إليه جروحا ًوإرتباكا ً, ما بين رغبة الإسرائيليين ببقاء القوات الأمريكية في سورية, ورغبة الرئيس ترامب ومؤيديه في الداخل الأمريكي بإستمرار الإنسحاب السلس منها... في أجواء هدوء نسبي وعدم التصعيد الدولي والإقليمي , بدءا ً من جبهات غزة والجولان المحتل ولبنان وسورية والعراق والمواجهة مع إيران.  
يبدو أن الهدوء الأمريكي المنشود, تلقفه كل المعنيين على طريقتهم الخاصة, فرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي , وعلى الرغم من إنشغاله الداخلي, لم يتوقف عن زعزعة أمن المنطقة, وسعى لجولات إضافية من العنف والعدوان على غزة, وتعمد شن الغارات الجوية على سورية, مستخدما ً أجواء لبنانية وجولانية لعدوانه على أهداف – مزعومة -  إيرانية ولحزب الله في سورية, كما تلقفها ساسة لبنان التقليديين استمرارا ً للسعادة والفوز بوجبات طعامٍ شهية في ظل الوضع القائم, فيما وقع المواطنون فريسة "ستاتيكو" سياسي دولي يستنزف بطونهم واحتياجاتهم واّلامهم, في الوقت الذي ألهب الفيروس التركي – الأردوغاني أوجاع الشمال والشرق السوري, عبر إتفاقاتٍ شيطانية مع واشنطن, وإتفاقياتٍ مضادة مع موسكو بعد قمة سوتشي, بما يدعم بالمحصلة الهزات والقلق في المنطقة, والتي انعكست هواجسا ً مخيفة للبعض ومحفزة للبعض الاّخر, وكلٌ بحسب إصطفافه وموقعه وإلتزامه, فكان حراكا ًوتظاهرا ًواضحا ًوغامضا ًفي نفس الوقت.
على الرغم من محاولات إخفاء التدخل الخارجي, إلاّ أن أعراض المرض خرجت عن السيطرة لحظة إعلان الحريري إستقالته, مخالفا ًرغبة من خففوا عنه دمعه الذي انهمر في الرياض قبل عامين, وتمسك بغرابة بحكومة تكنوقراط لا تعكس امتلاكه قوة ًسياسية مشهودة, على رغم التمثيل السني الكبير الذي يحظى به, ونال دعم صديقه الاّذاري وليد جنبلاط الذي ذهب إلى أبعد وإلى نسف إتفاق الطائف, وبدعم سمير جعجع الذي طالب بتسريع تأليف هكذا حكومة ... فيما أبدى العونيون وحزب الله وحركة أمل مرونة ً كبيرة ووافقوا على حكومةٍ مزيج من التكنوقراط والسياسيين, الأمر الذي أحرج مدير اللعبة الحقيقي, وخرج جيفري فيلتمان ليؤكد المرض ويطرح شروط بلاده للشفاء, مقابل التهديد بالإنهيار إن لم يحصل التغيير المنشود أمريكيا ً.
وفي وقتٍ تعدد فيه التشخيص الدولي وحُصر المرض برفض حكومة التكنوقراط روسيا ً, وعجزا ً ويأسا ً فرنسيا ًحول "عدم وجود توافق دولي" – بحسب مستشار الرئيس ماكرون, وبالتفكير الفرنسي لإرسال موفدٍ جديد , وبالبحث عن "تعبئة ٍ دولية" لإيجاد الحل, فيما كان بومبيو يؤكد "فخر" بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني, لقد فضح فيلتمان كل مستور من خلال حديثه عن ترسيم الحدود وأهمية الفاز والنفط والصراع مع "إسرائيل", وخشية بلاده من المنافسة الروسية والصينية على الموانىء اللبنانية ومن استعمالها سوريا ً لصالح إعادة الإعمار, معبرا ًفي الوقت ذاته عن سعادةٍ خفية بأن استمرار التظاهر والحراك يقوّض الشراكة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ... من الواضح أن الحريري من حيث يدري أو لا يدري يسير على طريقٍ عبّدها جيفري فيلتمان ودولته العميقة.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الحراك يفقد بريقه الشعبي العفوي وتسقط أقنعة الأحزاب على الطرقات المقطوعة, وتتهاوى معه قوة تأثير بعض القنوات التلفزيونية في التحريض وإشعال الفتن, بدأ الأمريكيون بتقديم التنازلات, نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الساحة اللبنانية إضافة ً لما يتكبدوه في الساحتين السورية والعراقية, وسط مخاوف حقيقية من تسويةٍ قد تُفرض عليهم فجأة في سورية بعد كلام الرئيس بشار الأسد عن "المقاومة العسكرية للإحتلال الأمريكي", فجاء كلام الوزير بومبيو بنفحةٍ عقلانية سمتها شراء بعض الوقت, ليؤكد أن:"واشنطن مستعدة للعمل مع حكومة لبنانية تستجيب لإحتياجات مواطنيها".
من خلال تعدد الأطباء والتوصيف المرضي والوصفات , لا يبدو أن الشفاء متاحا ًعلى المدى القصير والمتوسط, وأقله قد يستمر إلى ما بعد الإنتخابات الأمريكية, فالإدارة الحالية لا تستطيع إعادة الوضع إلى ما قبل 17 تشرين الأول في لبنان , وفي العراق , وسط العبور الإيراني لعاصفة الإحتجاجات , كي لا تمنح "حلفائها" ومنافسيها وأعدائها فرصة التصعيد العسكري في أيا ًمن ساحات الإشتباك في المنطقة , وتفضل سيادة حالة المرواحة في الفوضى لتمرير الفترة الإنتخابية دون مشاكل إضافية قد تكون حاسمة تجاه نتيجتها وتأثيرها الحاسم على سيد الأبيض الجديد أو القديم – الجديد.
يبدو أن الحريري بعيدا ً كل البعد عمّا يجري في الخفاء والعلن, بعدما فضحه وجهه العابس الغاضب الذي ظهر فيه صباح احتفالية عيد الإستقلال, الأمر الذي يؤكد قلة حنكته السياسية وغلبة عواطفه الشخصية على تصرفاته كرئيسٍ للحكومة وكرجل دولة, والتشنج الذي أظهره يؤكد إعتقاده ببعض القوة, في حين يدرك الجميع بأنه لو قرأ التنازلات والتراجع الأمريكي النسبي لبكى على كتف الجنرال عون وبين أحضان الأستاذ نبيه بري.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
23/11/2019

Monday, November 18, 2019

بومبيو الناطق الرسمي بإسم الفوضى الأمريكية - م.ميشيل كلاغاصي


أيُّ سياسةٍ خارجية تلك التي تعتمد النفاق والتصاريح الكاذبة وغير المدعومة بأدلةٍ قطعية, خصوصا ًوأنها موجهة لشعوبٍ خرجت إلى الشارع لتعبر عن أوجاعها واّلامها ومطالبها... وما من شكٍ بأن تلك التصريحات تندرج تحت عنوان التحريض الخطير في مجتمعاتٍ منقسمة حول قضايا سياسية وأساسية واضحة, أرادت الولايات المتحدة استغلالها وحرفها عن مسارها الطبيعي لتجني من ورائها مكاسب غير متوقعة قبل التظاهرات والحراك الشعبي, تستطيع من خلالها تعويض جزءا ًمن خسائرها السياسية والعسكرية في المعارك التي تخوضها في المنطقة.
ولا تحتاج التصاريح الأمريكية عموما ًوتلك التي يطلقها ساستها إلى تفسيرٍ أو تأويل لمعرفة وجهتها وأهدافها خصوصا ًعندما يتعلق الأمر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية, ولا تحتاج إلى اللباقة واللياقة والدبلوماسية التي تفتقدها أصلا ًالسياسة الأمريكية, وتفضل إتباع سياسة العنجهية الممزوجة بتقصد الإستخفاف وإهانة عقول الاّخرين .. في الوقت الذي يعتقد الأمريكيون أن استراتيجية "الإهانة"هي أحد أسباب قوتهم وتأثيرهم, ناهيك عن سياسة النفاق والأكاذيب والتحريض وكل ما من شأنه الإيحاء بقدرة الولايات المتحدة على الإحتفاظ بمكانتها العالية والتي لا يشاركها فيها أحد, ولا نجد دليلا ًأوضح من ذاك النهج الذي دأب الرئيس دونالد ترامب وفريق إدارته على إتباعه حيال دول الخليج عموما ًوالنظام السعودي ووملكه وولي عهده بشكلٍ خاص.
فأيُّ تصريحاتٍ وتغريداتٍ تلك التي أطلقها الوزير مايك بومبيو من بوابة مساندته الإحتجاجات العراقية واللبنانية ضد ما دعاه بـ"الهيمنة" الإيرانية على بلديهما !, والتي حاول فيها أن يحل محل عقول الشعبين اللبناني والعراقي, ويحلل أسباب تدهور أوضاعهم الداخلية, ويخرج بتفسيرٍ وقح, يُحمّل فيه الدولة الإيرانية المسؤولية الكاملة عن الفساد الأخلاقي والإجتماعي والسياسي هناك, وأن الشعبين اللبناني والعراقي اكتشفا "أن الفساد هو أعلى صادرات النظام الإيراني" عبر حكوماتهم الموالية لها..!, ياله من وزير يدعم إفلاسه السياسي بالأكاذيب.
لم يخفِ بومبيو رغبة بلاده وتحريضها وتورطها في دعم إسقاط تلك الحكومات, ولم يجرؤ عن الإفصاح بأن حكومته وسفارات بلاده هي بالأساس من يقف وراء تعقيد حياة الشعبين وإنتشار الفساد والضغط على المواطنين في لقمة عيشهم عبر أزلامهم وعملائهم في كلا البلدين, وأنها تقف أمام حل كل المشاكل الإقتصادية والسياسية التي إفتعلتها, وساهمت بتعزيز الإنقسام الحاد حول الدور السلمي والطبيعي لإيران في المنطقة.
ولم يكتف بومبيو بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية والعراقية, بل تعداها للتدخل في الشؤون الإيرانية, وبتلك الإحتجاجات التي خرجت للتعبير عن استيائها من رفع أسعار الوقود, ولم يخجل من وصفها بـ"الإنتفاضة", وبالحديث عن دعم ووقوف واشنطن إلى جانب المتظاهرين, لكنه في الحقيقة لم يكن ليُقر بدعم بلاده "لبعض مثيري الشغب في بعض المدن الإيرانية" – بحسب وزارة الخارجية الإيرانية-, وإطلاقه تصريحاتٍ "منافقة وانتهازية" - بحسب المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي.
مالذي يفعله الوزير بومبيو؟ وهو وزير خارجية الدولة "العظمى", وما هي السياسة التي يرسمها لبلاده عبر تصريحاتٍ كاذبة, وتغريدياتٍ سخيفة ؟, لقد أكد أنه الوزير الأضعف في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق, والذي لم يُعرف له سياسة أو نهج أو موقف سوى إرضاء اللوبي الإسرائيلي في أمريكا, وقادة الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة, يبدو أنه وجد نفسه لسانا ًوبوقا ًصهيونيا ًللولايات المتحدة, وليس عقلها كوزيرٍ للخارجية, واختار أن يكون الناطق الرسمي بإسم الشتامين ومثيري الشغب وخونة الأوطان ليس إلاّ.
من الواضح أن وزير الفتنة والتحريض الأمريكي, لا يدرك طبيعة دول وشعوب المنطقة, ولا يفقه في تركيبتها الفسيفسائية, وعراقتها التاريخية والحضارية والدينية, ولم يصغ لحديث سماحة السيد علي السيستاني بأن:"هناك أطراف خارجية وداخلية ممن قد يسعون اليوم لإستغلال الإحتجاجات الحالية" ... ولم يصغ كذلك لكلام سماحة السيد حسن نصر الله, الذي فضح الدور الأمريكي في لبنان, وبكيفية تدخلها لمنع الحكومة من فتح شرايين الإقتصاد نحو العراق وعبر دمشق, ومنع توقيع عشرات العقود مع الشركات الصينية والروسية والإيرانية, ومنع تنفيذ عشرات المشاريع كالسكك الحديدية التي تربط لبنان بسورية وصولا ً للعراق وإيران, كما كشف حقيقة تدخل الإدارة الأمريكية ومحاولاتها لإستثمار الفوضى, تحت عنوان الحد أو القضاء على النفوذ الإيراني في لبنان, لقد أكد سماحته أن النفوذ الإيراني في لبنان بحسب العقلية والمفهوم الأمريكي هي المقاومة.
ولا بد من وضع تصريحات بومبيو, بما تخفيه من نوايا وأهداف صهيو- أمريكية, تتجلى بصورةٍ واضحة في كل ما يحصل في لبنان وسورية والعراق وإيران , عبر السعي لتعميم الفوضى والفتنة بغية تقطيع وشائج المجتمعات والعلاقات بين الشعوب في الدولة الواحدة وبين تلك الدول عموما ً, من أجل هدفٍ رئيسي وحيد هو استهداف محور المقاومة والإنجازات التي حققها, التي ستتضاعف مع إنتهاء الحرب – الدولية - الإرهابية على سورية والعراق, وإتجاه المنطقة بشكلٍ طبيعي نحو استعادة استقرارها وبناء إقتصادها بالإعتماد على الثروات النفطية والغازية خصوصا ً تلك المكتشفة حديثا ً, من الواضح أن أمريكا تقاتل بشراسة من أجل وضع يدها على تلك الثروات وبتأكيد الرئيس ترامب الذي أكد أنه "مستعدٌ للقتال والمواجهة" – وذلك في حديثه عن حقول النفط السورية -.
إن سعي الولايات المتحدة لإشعال المنطقة وإغراقها في أتون الفوضى, يتناقض تماما ًمع ما تدعيه من شعارات مزيفة رفعتها لمناصرة الحرية والديمقراطية, ويؤكد أنها لا تكترث بحياة الشعوب وإنهيار دولهم, وربما استعدادها لإدخالهم في حروبٍ أهلية طائفية أو عرقية لا فرق, مقابل السطو على ثروات ومقدرات شعوبهم ودولهم ... ولا بد من قرع أجراس التحذير من الوقوع في الخطيئة الكبرى مجددا ً, فالولايات المتحدة تملك ما تملك من العملاء والخونة في المنطقة, وتملك مفتاحها "الذهبي" للإبقاء على وجودها العسكري في سورية والعراق, عبر إحكام قبضتها على سيف تنظيم "داعش" وسيف نظام اّل سعود وأزلامه, اللذين تعتمد عليهم لدعم أعداء المقاومة في لبنان والعراق وسورية وحتى داخل إيران...
لا أحد يستطيع التنكر لحقوق الشعوب, ولتظاهراتهم والبوح العلني بأوجاعهم واّلامهم, ورفضهم لإستمرار الفساد الذي نخر حياتهم, وأطلق يد بعض الطبقة السياسية كوكلاء لعلي بابا وكانوا بإمتياز الأربعين حرامي, ووقفوا سدا ًمنيعا ً أمام تطور وإزدهار البلاد, وإفساح المجال أمام العيش الرغيد وبكرامة ... لكن, لا بد من التمييز بين المتظاهرين العفويين ومطالبهم المحقة, وبين المندسين والمسيسين وأزلام الفساد وعملاء الخارج, ومنع الحراك من الخروج عن الإطار الوطني كي تصل الشعوب إلى مبتغاها, وقطع الطريق على كل من يتربصون بالبلاد شرا ً.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
19/11/2019

Friday, November 1, 2019

سرقة النفط السوري مهمة ينفذها الجيش الأمريكي - م. ميشيل كلاغاصي


لجأ الرئيس الأمريكي مؤخرا ً إلى وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي للإعلان عن "إنسحاب" وحداته وقواته العسكرية من سورية, وتفنن بإطلاق التصريحات المتناقضة, وبدا واضحا ًسعيه لحصادٍ إعلامي هو بأمس الحاجة إليه  سواء في الداخل الأمريكي و خارجه, وبقي العنوان الأساسي لزيف تصريحاته هو القضاء على تنظيم "داعش" وسيطرة القوات الأمريكية على حقول النفط السوري وحمايتها!... وبتأكيد وزير دفاعه "مارك اسبر" أن: "واشنطن ستُبقي على قواتها العسكرية في سوريا للحفاظ على سيطرتها على حقول النفط والغاز الرئيسية فيها".    
فيما تتالت التصريحات الأمريكية وعبر مختلف الجهات السياسية والعسكرية, وجرى الحديث عن مغادرة 500 جندي أمريكي وعشرات المدرعات الثقيلة، من خلال قرار إنسحابٍ أحادي الجانب, خارج نطاق الإتفاقيات والتنسيق مع الدولة الروسية، وبالتأكيد عبر انتهاكٍ سافرٍ للسيادة السورية , بالإضافة لإعلان ترامب عن بقاء حوالي 400 متعاقد عسكري خاص سيتمركزون في محيط حقول النفط السورية وتحديدا ًفي منطقة التنف...
إن إعلان القضاء على "داعش" وتطهير تلك المناطق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأكراد ، يدعم الذرائع المزيفة ويبرر وجود وبقاء القوات الأمريكية في أو بالقرب من تلك المنطقة أكثر من أي وقتٍ مضى , ويشكل سابقةً فريدة لفنون الكذب والخداع الذي يمارسه الرئيس الأمريكي , الذي لطالما استخدم قواته العسكرية وقوات التحالف الدولي لحماية عناصر التنظيم الإرهابي , وصلت حد مهاجمة القوات السورية والروسية أثناء محاولاتهما تطهير تلك الجغرافية من إرهاب تنظيم "داعش".
إن الحديث عن التعايش بين القوات الأمريكية وتشكيلات "داعش" الإرهابية, لم يعد كلاما ًسوريا ً أو روسيا ً فقط, وبات معروفا ًأن أجهزتهما الإستخبارية تملكان ثروة ً ضخمة من الأدلة على الإرتباط الوثيق بين الولايات المتحدة وتنظيم "داعش" الإرهابي خصوصا ًفي مناطق حقول النفط السوري ومحيطها .. ناهيك عن إرتباطهما الوثيق في العراق, وما قامت به الولايات المتحدة من عمليات لحمايتهم ونقلهم بالحوامات وتزويدهم بالأسلحة وبكافة الإمدادات اللوجستية.
ولم يعد خافيا ًعلى أحد السجل والتاريخ الأمريكي الطويل الإحترافي المباشر وغير المباشر وعبر أدواتها, في سرقة أموال وثروات الدولة السورية, ولا بد من العودة إلى تصريحات الرئيس بشار الأسد – قبل أيام قليلة – والتي أكد فيها أن: "أردوغان لص سرق المعامل والقمح والنفط" والاّثار وغيرها, عبر شبكاتٍ وهمية ومنظماتٍ غير حكومية في لبنان وتركيا محمية ومدعومة من جهات أمريكية وبريطانية, رتبت إخراج ما سرقوه, وإرسال نفائس سوريا إلى أوروبا و"إسرائيل" وأمريكا للبيع بالمزادات العلنية, ولملىء جيوب فريق الساسة وقادة الحرب على سوريا. 
لا يمكن تصور حجم السرقات التي تعرضت لها سوريا والعراق, خصوصا ً في الحديث عن النفط, وبتوثيق الأقمار الإصطناعية وقوات الفضاء الروسية, عمّا يقارب 20 ألف شاحنة نفط قامت الولايات المتحدة بسرقتها من حقول النفط في شمال العراق, وفي شرق سوريا بما يتجاوز الثلاثين مليون دولار شهريا ً.
وبالإعتماد على ما تناقلته وسائل الإعلام من معلومات ولقاءات مع شخصياتٍ مطلعة في فترة حكم بول بريمر - قائد الإحتلال الأمريكي للعراق -, تم الكشف عن اتفاقٍ بين بعض المسؤولين في إدارة بوش وشخصياتٍ إسرائيلية, تم من خلاله تقاسم أرباح النفط المسروق من العراق والمحول إلى تل أبيب عبر شركات أذربيجانية وبريطانية كنوع من التغطية.
أما في سوريا, فحديث ترامب عن وجود كميات ضخمة من النفط وأنه راغبٌ بالحصول عليه, وأنه يفكر بإستدعاء بعض الشركات الأمريكية للبحث والتنقيب والإستخراج, هو كلامٌ متأخر, فالشركات الأمريكية لم تتوقف منذ أكثر من ثلاث سنوات وبالتنسيق مع "داعش" عن سرقة النفط السوري ونقله إلى تركيا عبر شبكة خطوط وأنابيب تركية لتبدو وكأنها صادرة صادرة عن حقول "باكو" في بحر قزوين.
وعليه , يمكن تفسير الشبق الأمريكي لتحريك اّلته العسكرية بإتجاه الدخول اللا شرعي إلى سوريا وإحتلال العراق, تدحرج تحت ستار الحرية والديمقراطية وتغيير الأنظمة ومحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي , والأسوء إدعاء وزير الدفاع الأمريكي أن تمكين: "قسد" من حقول النفط هو لتعويضها عن نفطٍ حرمت منه لسنوات", فيما الحقيقة تشي بعكس ذلك وتؤكد أن السرقة الأمريكية تتم تحت راية إرهاب "داعش" وجيش الإحتلال الأمريكي, وبتأكيد ترامب نفسه بأنه في سبيل الحصول على النفط السوري "مستعدٌ للقتال من أجله".
إن الأطماع الأمريكية بثروات الشعب السوري, أسقط كافة أقنعتها الإنسانية التي اختبئت ورائها, ولم تبال بحياة الشعب السوري وبلقمة عيشه, وبشغفه لإعادة الإعمار, وقدمت له "وجبات" من الإرهاب وصواريخ التوماهوك وكافة أشكال الحصار الإقتصادي والمصرفي عبر قانون "سيزار" ووضعت عشرات الشخصيات الوطنية على قوائم ولوائح الحصار والملاحقة.
بات من السخيف إعلان الرئيس ترامب عن عودة "الجنود إلى الوطن", في إشارة للتوقف عن خوض المعارك العسكرية, في الوقت الذي يعلن ودولته العميقة عن خوض عشرات الحروب الإقتصادية, ولا بد للشعب الأمريكي وغير شعوب إدراك أن الاّلة العسكرية الأمريكية هي الوسيلة ذاتها والوحيدة التي تخوض عبرها الإدارات الأمريكية كافة أنواع وأشكال الحروب بغية تحقيق "الهدف الأمريكي" في سرقة ثروات الدول والشعوب.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
1/11/2019