Monday, March 28, 2022

الغاز الفلسطيني المسروق يُلهم إردوغان بالهرولة نحو الحضن الإسرائيلي- م. ميشيل كلاغاصي


سنوات والرئيس التركي يمارس سياسةً خارجية خبيثة مخادعة , اعتمدت على الغدر والرياء والنفاق , فقد من خلالها كل مصداقية , ولعب أدواراً خطيرة في منطقة الشرق الأوسط , وتحديداً في مركز الصراع العربي – الإسرائيلي على أرض فلسطين المحتلة , وما حولها من سورية إلى لبنان والأردن ومصر , وامتدت يداه نحو قبرص واليونان , وغالبية الدول العربية ليحيط بالعرب أولاً , وليدعي قيادة العالم الإسلامي ثانياً , وأنه الحليف والداعم الأول للمقاومة "حركة حماس" , والمدافع الشرس عن فلسطين والمقدسات الإسلامية.

ويتذكر المتابعون للسياسة التركية الكم الهائل من التصريحات والصراخ العالي الذي برع فيه الرئيس التركي , في الوقت الذي لم يقدم فيه لفلسطين والمقاومة سوى السراب , وتاّمر على كافة الدول العربية دون اشتثناء , وكان رأس الحربة في مشروع "الربيع العربي - الإرهابي" الذي كاد يقضي على الأمة العربية برمتها.. وفي الوقت ذاته , لم تنقطع علاقاته السياسية والعسكرية والإقتصادية والإستخبارية مع سلطات الكيان الغاصب.   

سنوات للعلاقات الإستراتيجية والجيوسياسية التي جمعتهما , أفضت مؤخراً إلى تتويجٍ غير مستغرب , عبر زيارة الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ إلى أنقرة , حيث استُقبل وسط العناق والترحيب والأجواء البروتوكولية الإحتفالية المميزة , ووَصفُ الزيارة بالـ "تاريخية".

من الواضح أن الطرفين يستغلا الظروف الدولية الحالية في أوكرانيا , ويتقدمان نحو رفع مستوى التبادل التجاري البيني إلى 10 مليار دولار , من بوابة "الحفاظ على الإستقرار والشراكة" – بحسب الرئيس الإسرائيلي -.

مما لا شك فيه أن الرئيس التركي , يشعر تماماً بشرخٍ أصاب العلاقات التركية – الروسية نتيجة مواقفه ودعمه لأعداء موسكو في أوكرانيا , بالإضافة لعدم استقرار العلاقات التركية – الأمريكية وغياب الثقة بإدارة بايدن , ولم يبق له سوى التعويل على العلاقات التركية – الأوروبية , المهزوزة أصلاً , وعلى بعض العلاقات العربية والخليجية التي لا تملك استقلال القرار وتتأثر بالقرار الأمريكي , ناهيك عن واقعه الداخلي بعملة منهارة وتضخم غير مسبوق , بما يبشر بإقصائه عن الحكم في الإنتخابات القادمة .. ويبقى السؤال , هل وجد الرئيس إردوغان في تمتين العلاقات مع تل أبيب طوق نجاة ؟.

من المؤكد أن ما يشغل بال الرئيس التركي , في وقتٍ تتضح فيه المؤامرة والمخطط الغربي للنيل من روسيا وإقصائها عن أسواق وإمدادات النفط والغاز , هو إمتلاك ورقة قوية في هذا السوق , وتحديداً في الشرق الأوسط حيث المنافسة الخليجية والإيرانية , والمشاريع البديلة المتصارعة , والتي لا بد وأنها ستطل برأسها عبر البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا.

يبدو أن إردوغان بدأ التفكير الجدي بإحتلال مقعدٍ رئيسي في مشاريع الغاز الإسرائيلي والأنابيب الواصلة عبر قبرص واليونان إلى أوروبا كبديل عن الغاز الروسي , بعيداً عن شعاراته المزيفة السابقة بدعم المقاومة وحماية المقدسات , يبدو أن الغاز الفلسطيني المسروق يلهمه بشكلٍ أكبر من أحلامه بأن يكون "خليفةً" للمسلمين.

إن سعيه نحو حصوله على موافقة تل أبيب لمد خط الغاز من الحقول "الفلسطينية – المحتلة" في البحر المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا , لن يكون مجانياً , فما عساه يقدم لسلطات الكيان بالمقابل ؟.. وهل ستكتفي تل أبيب بطرد قياديي ونشطاء "حماس" من تركيا ؟ , وسط حملات تضييق الخناق على الإخوان المسلمين في مصر وتونس وغالبية الدول العربية , وقد قبل إردوغان بتجميد أنشطتهم ووسائل إعلامهم مقابل تطبيع العلاقات مع مصر والإمارات وغيرهم.  

لا يمكن التكهن بما سيطلبه قادة الكيان من الرئيس التركي , لكن يبقى من الأكيد أنه سيقبل بكل شروطهم , حتى لو أنها على حساب مصلحة تركيا وشعبها من أجل بقائه في السلطة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/3/2022

 

"الحلم , القيم , القائد" .. زيلينسكي في خدمة مشروع السيطرة على العالم - م. ميشيل كلاغاصي


تستغل الإدارة الأمريكية الفرصة على هامش مخططها لمحاصرة روسيا وتدمير اقتصادها , لتلميع الوجه الأسود لساكني البيت الأبيض , ولإتهام روسيا والرئيس بوتين شخصياً بالعدوان على أوكرانيا , وبقصف المدنيين , وبإرتكاب جرائم حرب , من خلال حملةٍ إعلامية شرسة كاذبة مضللة , تحاول فيها تغيير إتجاه الإتهامات والجرائم والأفعال الشنيعة التي دأبت واشنطن على إتباعها كإستراتيجية أساسية صبغت السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية منذ أن وطأت أقدام القوميين البيض ونازيي اليوم , أرض القارة الأمريكية .

فقد لجأت الولايات المتحدة بالإعتماد على ماكيناتها الإعلامية إلى حرف الأنظار عن حقيقة ما يجري في أوكرانيا , وحاولت التعمية على مخططها الخبيث ضد روسيا , وبدأت تنسج يومياً عشرات التصاريح والمواقف عبر الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته والبنتاغون ومكتب الأمن القومي , وعشرات الساسة والمحللين والقنوات التلفزيونية ...إلخ , عبر حملة إعلامية تصعيدية إستفزازية بشكلٍ غير مسبوق , ميّزتها التصريحات الحادة والعبارات القاسية المتعمدة , فقد وصف الرئيس بايدن نظيره الروسي بـ "الديكتاتور" , "القاتل" , "مجرم حرب" , في تصريحاتٍ وقحة تخرج عن سياق العمل الدبلوماسي والأخلاقي على حدٍ سواء.

وقد أبدت موسكو استيائها من الإستفزازات الأمريكية , واعتبر المتحدث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنها "غير مقبولة ولا تغتفر" , وبأنه "لا يحق لرئيس دولة تقصف الناس في جميع أنحاء العالم منذ سنوات طويلة الإدلاء بمثل هذه التصريحات" , في إشارةٍ مباشرة إلى قصف الولايات المتحدة لليابان بالأسلحة النووية عام 1945، ومقتل 200 ألف شخص على الفور بعد إلقاء القنبلتين ، كما مات كثيرون آخرون بسبب الأمراض الناجمة عن التعرض للإشعاع ، بالإضافة إلى تدمير مدينتي هيروشيما وناغازاكي , فيما أكد الدبلوماسي الروسي السابق اندريه باكلانوف , أنه: على الولايات المتحدة والرئيس بايدن "دفع ثمن جرائمهم في العراق أولاً".

ومع ذلك , كرر الوزير بلينكن في 17 اّذار/ مارس , هجوم إدارته , ورفع منسوب الحملة الإعلامية , وتقصد التركيز على شخص الرئيس بوتين , وبأنهم جادون بمحاسبته , وجدد إتهام موسكو بالتمهيد لإستخدام السلاح الكيميائي في أوكرانيا , وبأنها ترتكب جرائم حرب , وبأن الخبراء الأمريكيون يوثقون ويقيمون الأفعال الروسية لمساعدة الجهود الدولية في محاسبة المسؤولين عنها.

وهاجم الصين , وشكك بسلوكها وبما تدعيه من دعمٍ للمبادئ الدولية , وإتهمها بالسعي لتزويد موسكو بالعتاد الحربي في عمليتها العسكرية في أوكرانيا , وهددها بتحمل المسؤولية والتبعات وبتكاليف مواقفها , ونسف دورها للوساطة وسعيها لتقديم نفسها كـ "حكم محايد" , بعدما رفضت إدانة "العدوان الروسي".

ولم يفته أن يثني على كلمة الرئيس الأوكراني أمام الكونغرس الأمريكي , التي ركز فيها هذا الأخير على إثارة العواطف , والعزف على وتر الحملة الإعلامية الأمريكية , وأشار فيها إلى "الحلم" و"القيم" و"القائد", كمفردات رئيسية للإيديولوجيا النازية العنصرية كـ "الحلم الامريكي" ، والقيم الأوروبية "ايدولوجيا القومية البيضاء"، وبايدن "قائد" مشروع السيطرة على العالم.

في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة ضغوطها وتهديداتها وجهودها لإقناع حلفائها الأوروبيين بقطع جميع تعاملاتها في قطاع الطاقة مع روسيا , وتروّج أن الإتحاد الأوروبي ليس لديه ما يخشاه من قطع العلاقات مع روسيا ، وأن الولايات المتحدة ستستبدل وتعوض بسهولة كميات الغاز الروسي , في وقتٍ تدرك فيه أنها وعود فارغة ويستحيل الوفاء بها , وأن ما تطلبه من الأوروبيين يقضي على إقتصادهم وصناعاتهم.

إذ تعتمد الدول الأوروبية على واردات الغاز الروسي بما يزيد عن 40 % , بما يعادل حوالي 200 مليار متر مكعب , يتم تسليم غالبيتها عبر خطوط الأنابيب الرئيسية ، الأمر الذي يجعله أرخص من الغاز الطبيعي المسال الذي تعد واشنطن به عبر ناقلات الغاز البحرية عبر المحيط.

من الواضح أن الولايات المتحدة لا تأبه بمصالح الدول الأوروبية , والإتحاد الأوروبي , كذلك بمصالح أوكرانيا والشعب الأوكراني , وما يعنيها هو إضعاف القارة الأوروبية بكامل دولها , بشرقها وغربها , على الرغم من استهدافها المباشر للدولة والقدرات الروسية , ناهيك عن استهدافها للصين ودول اّسيا الوسطى , وأفريقيا , ودول أمريكا اللاتينية , بعدما استهدفت الشرق الأوسط بما يكفي , فالمشروع الأمريكي في جوهره اليوم , هو "الحلم الأمريكي" المتوحش للسيطرة على العالم , بـ "قيمه" العنصرية الحاقدة , الملتف حول "قيادة" بايدن , الذي دعاه الرئيس زيلينسكي أمام الكونغرس بـ "قائد العالم والسلام".  

المهندس: ميشيل كلاغاصي

19/3/2022

 

الولايات المتحدة تفشل في إخضاع موسكو وتحاول اختراق سور الصين العظيم - م. ميشال كلاغاصي


    من الواضح أن واشنطن تسعى للضغط على الصين لفكّ ارتباطها الاستراتيجي مع روسيا، مستفيدةً أيضاً من حجم التبادل         التجاري الصيني - الأميركي.

لوهلةٍ، تعتقد أنَّك تتابع مؤتمراً صحافياً لمارتن لوثر كينغ أو جون لويس، فقد بدا أنتوني بلينكن جاداً وحاداً، رغم أنه ليس محنكاً مثل كسينجر أو جيمس بيكر، كما بدا أقرب إلى كولن باول ومايك بومبيو.

لقد حاضر الوزير الأميركي بلينكن ليلة الخميس 17 آذار/مارس بالقيم الإنسانيّة، وشكّك في سلوك الصين وما تدّعيه من دعمٍ للمبادئ الدولية، واتهمها بالسعي لتزويد موسكو بالعتاد الحربي في عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وهددها بتحمل المسؤولية والتبعات ودفع تكاليف مواقفها، ونسف دورها للوساطة وسعيها لتقديم نفسها كـ"حَكَم محايد"، بعد أن رفضت إدانة "العدوان الروسي".

تشنّ الولايات المتحدة الأميركية، ومعها الاتحاد الأوروبيّ، حرباً اقتصادية على روسيا، وتفرض عليها حزم العقوبات الواحدة تلو الأخرى، وتحاول تقييد الشركات الروسية وكلّ من يتعاون معها، وهذا بالطبع يطال الشركات الصينية.

ومن اللافت أن تُختزل محادثات "القمة" الهاتفية الثلاثية بين الرئيس ماكرون والمستشار أولاف شولتس والرئيس شي جين بينغ، وتتحوَّل إلى لقاء مباشر في العاصمة الإيطالية، جمع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع يانغ جي تشي، المسؤول عن السياسة الخارجية للحزب الشيوعي الحاكم في الصين، في محادثاتٍ مباشرة استمرَّت 7 ساعات، لكنّها لم تقدّم إجابة واضحة عما يعنيه تعاون الشركات الصينية مع روسيا بالنّسبة إلى واشنطن وإمكانية القيام بمعاقبتها أيضاً، في وقتٍ تتحدَّث الصين مع موسكو وكييف من أجل خفض التصعيد ومنع حدوث أزمةٍ إنسانية.

قد لا يبدو اللقاء متكافئاً، فالمستشار الأميركي يملك القدرة على بتّ المحادثات، وسط الاعتقاد السائد بأنَّه الحاكم الفعلي، في حين أنَّ القرار الصيني النهائي سيتخذه الرئيس الصيني بنفسه، الأمر الّذي غلَّف اللقاء بقدرٍ من الحذر والحساسية، وأفضى في النتيجة إلى عدم وصول اللقاء إلى مبتغاه.

وفي أجواء عدم الثقة المتبادل، يعتقد قادة البنتاغون أنَّ الصّين "توافق ضمنياً على ما تفعله روسيا"، ويقيّمون "الحياد" الصيني بأنه ودّي وظاهري، وهذا في رأيهم لا يمنح الصين صفة الوسيط، في حين ترى روسيا أنَّ حياد الأخيرة يَفتَرض استثناءها ومواصلة نشاطها التجاري باتجاه الغرب.

على الرغم من سير غالبية الأوروبيين في ركب حرب العقوبات وتحقيق الحلم الأميركي بعزل روسيا، فإنَّ دول أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا لا تؤيد تطبيق العقوبات والعزلة عليها، وقد تستمرّ بطريقة أو أخرى بالتعاون معها، إضافة إلى الصين، التي تدعم الحوار، و"تدعو الولايات المتحدة إلى تقاسم المسؤولية معها في دعم الأمن والسلام العالمي"، بحسب ما صدر عن قمة بايدن – شين بينغ الأخيرة.

من الواضح أنَّ هدف سوليفان من لقائه مسؤول الحزب الشيوعي في روما، هو الضغط على الصين في الدرجة الأولى لوقف تعاونها مع روسيا، إذ أكّد أنَّ بلاده "تراقب عن كثب الدعم المادي والاقتصادي الصيني لروسيا"، وأنها "لن تتسامح وتسمح بمحاولة تعويض روسيا عن خسائرها الاقتصادية من أي بلد ومكان في العالم".

يأتي ذلك في وقتٍ نفت كلّ من موسكو وبكين التقارير المضللة لـ"CNN" ووكالة "رويترز" حول مفاوضات مزعومة لتزويد القوات الروسية بالعتاد العسكري، أبدت الصين من خلالها استعدادها لتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية لروسيا، وبنى البيت الأبيض عليها تصريحاته و"قلقه حيال التنسيق بين روسيا والصين". وعلى أساسها، تم إرسال سوليفيان إلى روما، لتصبح ورقةً تفاوضية بين واشنطن وبكين، ويمكنها تحويل الموقف الأميركي وقلب الموازين ضد روسيا.

من الواضح أن واشنطن تسعى للضغط على الصين لفكّ ارتباطها الاستراتيجي مع روسيا، مستفيدةً أيضاً من حجم التبادل التجاري الصيني - الأميركي الذي يفوق التبادل بين الصين والاتحاد الروسي، ناهيك باستغلالها خطط الحزب الشيوعي بقيادة الصين ووعوده بالرفاهية بحلول منتصف القرن الحالي، والذي لا بدّ من أن يرتبط بعلاقاتٍ اقتصادية مهمة ومميزة مع الغرب.

ويبدو أنَّ من باب نصب الفخاخ أن تظهر إدارة بايدن حرصها على رفع مستوى التبادل التجاري مع الصين ومنحها فرصة تعويض خسائرها في فترة حكم دونالد ترامب. لا تبدو الطريق الأميركية لفكّ الارتباط الوثيق بين موسكو وبكين سهلةً وسالكة، فالصينيون متعاطفون بشكل علني مع روسيا، ومتمسكون بالشراكة الاستراتيجية مع موسكو والاحترام الكبير والعلاقات الودية بين الرئيس بوتين والرئيس شي بينغ، إضافة إلى سيرهم بثقة وراء زعامته.

وقد تكون المبادئ الصينية التي حاول بلينكن التشكيك فيها والتصويب عليها نوعاً من الاختبار والإحراج في مسائل التعدي على السيادة في تايوان، وتشجيع المعارضة في هونغ كونغ، والتطلعات الانفصالية عموماً، وتلك القائمة في أوكرانيا خصوصاً.

أخيراً، لا تبدو الصّين مهتمة بوقف تجارتها وأسواقها التصديرية، وبارتفاع أسعار الحبوب والنفط والغاز، في وقتٍ ترى أن العملية العسكرية الروسية الخاصة فرضتها واشنطن لأهدافها ومصالحها الخاصة، وأنها لن تطول، وخصوصاً مع ميل غالبية الدول التي تدور تحت دائرة الهيمنة والضغوط الأميركية إلى وقفها، وأن الصين قادرة على أداء دور الوسيط والتوصّل إلى حلول، والأهم أنّها، بتاريخها وقيمها وحجمها السياسي والاقتصادي والعسكري، لن تخضع للإملاءات الأميركية وضغوطها وفخاخها، وتدرك تماماً أنَّ واشنطن الّتي فشلت في احتواء موسكو وإخضاعها تحاول اختراق سور الصين العظيم.

 المهندس: ميشيل كلاغاصي

    23/3/2022

الصين تستعد وتراقب الحروب الأمريكية وتستفيد من الخبرة الروسية - م. ميشيل كلاغاصي


في ظل ما قامت به قيادة وحكومة أوكرانيا المدعومة غربياً , من تصعيد وعدوان تجاه دونباس ولوهانسك ، وقبولها بمواجهة موسكو عسكرياً عوضاً عن القوات الأمريكية والأوروبية الغربية وحلف الناتو , بما في ذلك الأسلحة البيولوجية الأمريكية والبريطانية التي تم الكشف عنها كمؤخراً ، واصطفاف الفريق الأمريكي مجتمعاً لمحاصرة وتدمير الإقتصاد والدور والنفوذ الروسي ... أعلنت الصين مؤخراً عن ميزانيتها الدفاعية لعام 2022 , والتي بلغت نفقاتها ما يقارب 330 مليار دولار , بزيادةٍ واضحة عن العام الماضي تصل إلى 20مليار دولار وبما يعادل 6.8٪ , في وقتٍ سجلت فيه زيادةً قدرت بـ 13.4 مليار دولار خلال عام 2021.

ومن خلال الإطلاع على ميزانيات الصين الدفاعية للأعوام السابقة , يلاحظ ما يمكن وصفه بثبات الميزانيات على الرغم من حاجة الصين إلى تحديث قدراتها العسكرية لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها , وسط تهديدات خارجية وبيئة أمنية غير مستقرة , فرضتها السياسات الأمريكية المتهورة , التي تمتلك أوراقاً هامةً في اّسيا الوسطى وحتى في الداخل الصيني.

علاوةً على ذلك , يتوجس الصينيون من الإجراءات الأمريكية الإستفزازية , كعبور السفن الحربية الأمريكية عبر مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي , في وقتٍ تستمر فيه الخلافات والمواجهات الحدودية مع الهند , وما يتطلبه ذلك من نفقات دفاعية إضافية للحفاظ على الإستقرار في تلك المنطقة.

في وقتٍ لم يصدر فيه عن القيادة الصينية ما يشير إلى اهتمامها بسباق التسلح الدولي , على الرغم من التهديدات العسكرية الأمريكية وغيرها , إلا أنها تحافظ على سياستها ذات الطابع الدفاعي , وتعتمد على قدرات جيش التحرير الشعبي لمواجهة المخاطر المحتملة , وتحرص على تطويرها , ليكون أداة ردعٍ كافية وموثوق بها.

وإذ تمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة ، لكن ما تنفقه لا يتعدى ثلث الميزانية الدفاعية الأمريكية , ويمكن ملاحظة الميزانية التي طالب بها الرئيس بايدن للعام القادم وبحوالي 770 مليار دولار , مقابل إهتمامها بالحفاظ على مكانتها ونفوذها كقوة عظمى ، تكون قادرة على حل القضايا الداخلية والخارجية بالقوة , وتمنح البنتاغون إمكانية نشر قواته حول العالم .. في حين لا يعتمد جيش التحرير الشعبى الصينى على الأسواق التنافسية كالولايات المتحدة , ولا تنتشر القوات الصينية خارج حدودها إلا ضمن نطاقٍ محدود.

نتيجة إعتماد الصين على السرية الكاملة , وحول كيفية توزيع أموال ميزانيتها الدفاعية , يتحدث الخبراء الغربيون بأن الميزانية الدفاعية الصينية الحقيقية هي أكبر بكثير مما تعلنه الصين , وبحسب بعض التقديرات ، فإنها تزيد بنسبة لا تقل عن 25٪.

ومن المهم ذكره , قيام الصين بالإعلان عن إنجازاتها في تعزيز الدفاع الوطني والقوات المسلحة خلال عام 2021 , واعتبارها بدايةً جيدة لخطتها الخمسية الرابعة عشر , الرامية إلى تحديث قدرات جيش التحرير الشعبي وأنظمته العسكرية اللوجستية , وبإنشاء نظام حديث وسريع لإدارة الأسلحة والمعدات , والتركيز على مواصلة إصلاح الدفاع الوطني والقوات المسلحة , وتعزيز الإبتكار وتكنولوجيا الدفاع , واعتماد استراتيجية للتطوير النوعي , لتقوية وتدريب كوادر أكفاء للعصر الجديد.

تبدو الصين أحد المستفيدين من مراقبة العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا , كما فعلت واستفادت من دروس الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة ضد العراق في 1990-1991 و 2003 ، وتحتفظ بخلاصاتها للسنوات القادمة... فالتطور والخبرة والمهنية العالية التي أظهرها الجيش الروسي , قدمت لجيش التحرير الشعبي أعظم الدروس.

إن إهتمام الصين بقدراتها الدفاعية , وبقدرة وكيفية التغلب على العقوبات الدولية التي تستخدمها الولايات المتحدة ضد خصومها وأعدائها , بالإضافة إلى الضغوط الأمريكية الوحشية التي مارستها على الناتو وأوروبا ، تعتبر تجربةً واضحة وهامة للصين التي تدرك بأنها دائماً وأبداً في مرمى الإهتمام والإستهداف الأمريكي.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

16/3/2022