Sunday, March 6, 2022

وحدها الإملاءات الأمريكية تدفع "إسرائيل" لدعم أعدائها في كييف ؟- م. ميشيل كلاغاصي

تسبب اعتراف روسيا بإستقلال دوينتسك ولوغانسك بإرباكٍ داخل الكيان الإسرائيلي , وتردد الجميع بإتخاذ موقفٍ واضح على غرارغالبية دول وحكومات العالم , وقادهم الإرتباك , بعد مشاورات مكثفة في وزارة الخارجية الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي ، إلى منع مسؤولي الإثتلاف الحاكم من الإدلاء بأي تعليق من شأنه إفساد العلاقات مع روسيا والإضرار بالمشاريع المشتركة بينهما , ومن جهةٍ أخرى توجس الإسرائيليون من أن صمتهم قد يثير التوتر مع حلفاهم الغربيين ، وتحديداً مع الولايات المتحدة ، التي تعتمد حالياً على القيادة والحكومة والشعب الأوكراني , وعلى تهييج وتجييش مشاعرهم المعادية لروسيا والشعب الروسي .

وفي اجتماع مجلس الوزراء السياسي والعسكري الإسبوع الماضي , طالب رئيس الوزراء نفتالي بينيت وزراء حكومته التزام الصمت ، وأكد أن "إسرائيل" ليست طرفاً في هذا الصراع ... ومع بدء العملية الروسية الخاصة لنزع السلاح في أوكرانيا , أصبح الموقف الإسرائيلي أكثر وضوحاً , وأدان وزير الخارجية الإسرائيلي التحرك العسكري الروسي في بيان قال فيه : "الحرب ليست طريقة لحل النزاعات".  

ومن خلال تلك الإدانة , أكدت سلطات الكيان الإسرائيلي تجاهلها لجهود الدولة الروسية عبر ثمان سنوات ومطالبتها المجتمع الدولي للتدخل الدبلوماسي ودفع الرئيس الأوكراني وحكومته للإلتزام بإتفاقية مينسك , ووقف ممارساته القعمية والعنصرية ضد الأوكران الروس في دونباس , ومنعه وعصاباته اليمينية النازية من الإستمرار بإرتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحقهم , بتحريضٍ واضح ومكشوف من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية .

مرةً أخرى تُثبت سلطات الكيان الإسرائيلي سياسة إزدواجية المعايير التي تعتمدها , ما بين أقوالها وممارساتها العدوانية الإحتلالية الإجرامية وبإعتمادها على تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والإغتيالات التي ارتكبتها ولا تزاال ترتكبها بحق الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين واللبنانيين وغيرهم , والتي لم تًقابل بإدانة أو ردع أممي أو أمريكي وأوروبي ومن المجتمع الدولي بشكلٍ عام , وعلى العكس تماماً فهي تحصل على المكافئة والدعم المالي والعسكري والسياسي والإقتصادي , علاوة على ذلك ، تُكافىء بإتفاقيات "أبراهام" والتطبيع المذل مع العديد من الدول العربية , التي لم تعد تراها عدواً , بل "حليفاً محتملاً" بحسب ولي العهد السعودي.

في أواخر شباط / فبراير، رفضت الخارجية الإسرائيلية طلب نظيرتها الأمريكية , للمشاركة في صياغة قرار  إدانة "الغزو الروسي" الذي تم طرحه للتصويت في مجلس الأمن , في حين لم يتأخر المستشار الألماني بالتخلي عن هويته الألمانية ومصالح بلاده , وتحول في لحظات إلى مندوب أمريكي , وقام بزيارة عاجلة إلى تل أبيب لإقناعها بالتصويت لصالح القرار.  

وبناءاً على تعليمات رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية , قررت "إسرائيل" دعم قرار الإدانة الروسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة , وصدر بيانها على لسان نائب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة , وبذلك انضمت سلطات الكيان الإسرائيلي رسمياً إلى جوقة المدافعين عن النازيين الجدد وأعداء السامية في كييف ، ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية بحق أهالي دونباس , وتجاهلت الخلافات والصدامات التي حدثت بين الأوكران اليهود والسلطات الأوكرانية , وبقيام مجموعات يهودية أوكرانية بإحراق نصب ديني على هيئة صليب عام 2018 , معتبرين إياه أنه "مزعج" , كذلك في العام الماضي وفي موسم الحج الحسيدي السنوي في بلدة أومان في محافظة تشيركاسي في وسط أوكرانيا , عندما شهدت مراسم دفن الحاخام المؤسس لحركة الحسيديين صدامات عنيفة , طالت أحد الحاخامات المشاركين في المناسبة وتعرض للإعتداء والضرب , وسط تقاعس السلطات الأوكرانية في القبض على الفاعلين الأوكران. 

كما تجاهلت , وجود وإحترام الأوكران لعشرات النصب التذكارية لأبطالهم الذين تُطلَق أسماؤهم على المدارس والشوارع الرئيسية , وهم – بحسب الرواية الإسرائيلية - ممن قاموا بإبادة اليهود , وحرقهم وطعنهم وإطلاق النارعليهم ودفنهم وهم أحياء .. وكيف لها اليوم أن تدعمهم ولا ترى فيهم قتلة اليهود بسبب السياسات التي تتبعها سلطات كييف , التي شكلت رغبة عامة وفرصةً لليهود لمغادرة أوكرانيا بإتجاه الكيان الإسرائيلي.

على ما يبدو أن قادة الكيان الإسرائيلي , يتجاهلون كل ما يغضب الإدارة الأمريكية , ويتصرفون على أساس الإملاءات التي تصلهم من البيت الأبيض , في حين أنهم يملكون مخططهم الخاص لتثبيت حضورهم على خط الإشتباك الدولي في أوكرانيا بعدما استسلم الرئيس الأوكراني وتخلى عن عدائهم التاريخي لمجابهة الروس , أعتقد أنه على موسكو أن تتوخى الحذر.   

لا يمكن لقادة الكيان التضحية بعلاقاتهم وتواصلهم مع روسيا , وتبدو تل أبيب بحاجة إلى تلك العلاقات أكثر مما تحتاجه موسكو , كان عليهم تفّهم مخاوفها من توسع الناتو شرقاً , ووجود سلطةٍ أوكرانية لم تتوقف عن استفزاز القيادة الروسية بما في ذلك الإستفزازات النووية , وكيف لهم بعد اليوم مطالبة موسكو بتفّهم مزاعمهم وهواجسهم في صراعهم مع الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين , ناهيك عن كوابيسهم التي تتحدث عن "القنبلة" النووية الإيرانية...

المهندس: ميشال كلاغاصي

4/3/2022

 

No comments:

Post a Comment