Sunday, March 6, 2022

"حقوق الإنسان" شعارٌ مُتهم حتى تثبت برائته - م. ميشيل كلاغاصي

باتت الشواطىء الليبية على ساحل البحر الأبيض المتوسط أحد أكبر طرق التجارة بالبشر ونقلهم نحو أوروبا...

دائماً هي ليبيا التي مزقتها المؤامرات والمخططات الغربية , وحولتها إلى بؤرةٍ إرهابية تنشط فيها مختلف التنظيمات والجماعات الإرهابية , التي يمثل كلٌ منها دولته أو مجموعة دوله الداعمة , وأصبح بالإمكالن رؤية من يغادرونها ويهربون من الحروب والفوضى , ومن يعتبرونها ملاذاً , ومركزاً لإزدهار أعمالهم في أبشع أنواع التجارة على الإطلاق , ألا وهي تجارة البشر ، ولا أحد يعلم إن كانت البشر تدري أم لا تدري أنهم يأتون بأقدامهم ليقعوا في مصائد التجار وأفخاخ الموت خاصتهم , على الرغم من أخبار وفاة المهاجرين مفقودين أو غرقى تبتلعهم الأمواج , وتستمر مواكب الموت على أمل الوصول إلى البر الاّخر في أوروبا وغير مكان. 

لم يعد بالإمكان إحصاء عدد من غادروا من شواطىء ليبيا , ولم يصلوا إلى حلمهم الذي تبخر على متن رحلات الموت , ففي 25 كانون الثاني/ يناير 2022 ، توفي سبعة أشخاص نتيجة البرد في شتاء البحرالأبيض المتوسط , بعد أن غادروا ليبيا بإتجاه أوروبا , وأبحروا من ليبيا إلى جزيرة لامبادوزا الإيطالية , في مركبٍ حمل 280 شخصاً , معظمهم من بنغلادش ومصر ومالي والسودان , سبقتها في أيلول/سبتمبر 2021 رحلةِ موتٍ أخرى , تم إنقاذ 84 "محظوظاً" في مياه البحر الأبيض المتوسط , في يوليو 2021 ، في حين تم إنتشال جثامين 43 ممن فقدوا حياتهم غرقاً .

عادةً ما ينقل المهربون البشر من بلدان مختلفة إلى ليبيا , بعد أسرهم واحتجازهم في أبشع الأمكنة إلى حين وصول المراكب , يدفع هؤلاء المساكين كل ما جمعوه في حياتهم , ثم يُحشرون في قوارب أو سفن صيد الأسماك , لتبدأ رحلات الموت عبر مياه البحر الأبيض المتوسط , ويتحول من يفقد حياته جراء تعذيب وقسوة المهربين أو الغرقى , إلى مدافن البحر.   

وبحسب ما تناولته وسائل الإعلام من روايات بعض الناجين والواصلين إلى البر الأوروبي , يقوم تجار البشر , بإرسال "السلع – الحية" إلى ليبيا بكافة الطرق المتاحة , وبتكلفة عالية , يتم تزويدهم بجوازات سفر وتأشيرات  وتذاكر ....   

على الرغم من الدعاوى القانونية التي يتقدم بها ذوي وأقارب الضحايا , لا تزال الجهود الدولية والمحلية على مستوى الدول المعنية , خجولة بما يسمح بإستمرار جريمة الإتجار بالبشر , تحت مسمى الهجرة غير الشرعية.

وبحسب تقرير المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، تبين أنه خلال الفترة 2014 - 2021 ، وصل إلى أوروبا عن طريق البحر / 2224245 / شخصاً ينتمون إلى دول مختلفة , وتم رصد وفاة / 21707 / شخصاً , ومن اللافت للنظر تبين من خلال بعض الدراسات أن تجار البشر يهتمون بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و 40 عاماً , على أنهم يملكون الفرصة الأكبر للدخول إلى أوروبا .

لم تغيب قضية الإتجار بالبشر عن الظهور في التقارير الدولية ووسائل الإعلام , لكن وللأسف , غابت جدية المعالجة واّليات الردع الحقيقي , الأمر الذي يضع إشارات الإستفهام على مستوى سلطات دول الهجرة , ودول العبور , ودول الحلم النهائي للمهاجرين .

وبات من الضروري أن تضاعف المنظمات الأممية والدولية جهودها , وتقدم ما يثبت وعيها ومدى تحملها للمسؤولية , خصوصاً وأن تجارة البشر تمثل عاراً على الإنسانية جمعاء , وتتعلق مباشرةً بحياة من يقدمون على هذه المغامرة , وأصبح من الضروري وقف هذه التجارة , واحتواء أسبابها الإجتماعية والسياسية والحروب , وبات من الضروري أيضاً , تقديم كل من يشارك بهذه الجريمة إلى العدالة , أفراداً ومنظمات إرهابية وأممية ودول , كي يبقى شعار "حقوق الإنسان" يحمل شيئاً من الأمل بإحترام الإنسان وحقوقه , وكي يستطيع إثبات برائته أمام عواصم الدول الغربية تحديداً , وبأنها تستغله لتغطية جرائمها وسياساتها المتوحشة بحق الدول والشعوب والإنسانية جمعاء.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

19/2/2022

 

No comments:

Post a Comment