Sunday, March 27, 2022

الإعلام العربي والأزمة الأوكرانية - م. ميشيل كلاغاصي


منذ إنطلاقة العام الجديد , وفي الوقت الذي كانت تنتظر فيه موسكو الردود الأمريكية وحلف الناتو الخطية حيال مطالبها الأمنية وتوسع الناتو شرقاً ... أطلقت واشنطن حملتها الإعلامية المضللة الشرسة ضد روسيا , وبدأت العقوبات المحضرة مسبقاً تنهال يوماً بعد يوم , إلى أن بدأت العملية العسكرية الروسية الخاصة لنزع السلاح الأمريكي والأوروبي والتركي ولحلف الناتو , ولنزع سلاح النازيين الأوكران ...

وتساقطت بيانات الإدانة الأوروبية كالأمطار الغزيرة , وتنوعت لتكون لاذعة , قاسية  , مبطنة , مترددة وخائفة , في الوقت الذي تبنت فيه معظم الدول العربية مواقفاً هادئة بعيدة عن التشنج , تحمل لغة المعارضة المبدئية للحلول العسكرية , وتطالب بسيادة الحوار والدبلوماسية والتفاوض بين الأطراف كافة للتوصل إلى تسوية.

وما بين مؤيد ومعارض للعملية العسكرية الروسية , انقسم الإعلام العربي بشكلٍ كبير, على الرغم من إدراك الجميع أن عداء الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية لروسيا ليس جديداً , ويرتبط بشكلٍ أساسي بالعوامل التاريخية والإستراتيجية والحضارية , بما يفوق العوامل السياسية ، الأمر الذي دفع موسكو نحو تحركاتٍ محسوبة لحماية نفسها من أية مفاجئات .

وعلى الرغم من الأنقسام الإعلامي العربي , اتفق عدد من الكتاب العرب على أن فولوديمير زيلينسكي يبدو عاجزاً عن قيادة وطنه في أزمةٍ كبرى وبطابعها الدولي العالمي وبكل ما فيها من خبايا ، وبأنه وقع في مصيدة الخداع الغربي , وينتظر دعماً مجانياً لن يحصل عليه , وحول بلاده إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات الدولية , وبأنه لا يعدو أكثر من بيدقٍ على رقعة شطرنج.  

وفي خضم المقالات والتحليلات العربية عموماً , اعتبر العرب أن أوكرانيا وقعت ضحية سياسات رئيسها , وبأنها بلد صغير لا يقوى على مقارعة الكبار والقوى العظمى , ولا يمكنها تحدي التاريخ والجغرافيا , وبأنها محكومة بموقعها وبقربها من روسيا.

ووفقًا لبعض المعلقين العرب ، فإن الأمريكيين يدركون جيداً أن انضمام كييف إلى الناتو سيلحق بروسيا ضرراً كبيراً من النواحي الأخلاقية والنفسية والعسكرية وغيرها , بما سيدفع موسكو للإعتماد على كافة قدراتها العسكرية الصاروخية والنووية للدفاع عن حدودها وأمنها ومصالحها.

فقد أكدت صحيفة عكاظ السعودية , أن منطق القيادة الروسية ومخاوفها حيال أمنها القومي " لا يبدو استثنائياً بل شرعي ومعترف به في القانون الدولي والدبلوماسي " , كذلك أكد كاتب ليبي , أن الحس السليم الأساسي والشعور بالحفاظ على الذات يتطلبان اتخاذ إجراءات تقابل انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

ومن على بعض المنابر والشاشات العربية , يتذكر العديد من المحللين والمعلقين تحولات وانعطافات الأزمة الكوبية ، عندما كانت الولايات المتحدة تخشى نشر الصواريخ السوفيتية في كوبا ، بالقرب من حدودها ، مما دفع العالم إلى شفا حرب نووية. اليوم ، وللأسف قلة من منهم فقط , يذكرون ويشيرون لحقيقة الغزو اللاشرعي الأمريكي للعراق وليبيا وسوريا.

بالتأكيد , لا يملك الإعلام العربي عموماً القدرة للتأثير على الشعب الأوكراني والروسي والأوروبي والأمريكي , لكن بعض تلك الوسائل الإعلامية , لا ينفك عن طبيعته ببث الأضاليل والأكاذيب , وترويج ما تبدعه الحملة الأمريكية والأوروبية , تحت عنوان العمالة الدائمة والطبيعة الشريرة , ولايمكن تجاهل ما تبثه بعض القنوات الخليجية من أضاليل ومبالغات عن أعداد كبيرة من الطائرات الروسية التي تم إسقاطها في أوكرانيا , وعن اّلاف القتلى والأسرى الروس , وعن عجزالاّلة العسكرية الروسية من التقدم نحو قرية أو شارع في ظل "البسالة" الأوكرانية.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

15/3/2022

 

No comments:

Post a Comment