Sunday, October 27, 2019

سورية ومحاصرة المشروع التركي وتبديد المشروع الإنفصالي - م.ميشيل كلاغاصي


لم تكن هدنة الأيام الخمسة التي أعلنها أردوغان بعد لقائه بنائب الرئيس الأمريكي لإيقاف عدوانه ومنح الوحدات الكردية فرصة الإنسحاب من بعض المناطق في الشمال السوري, سوى مراوغة أردوغانية للحصول على فترة كافية للقائه الرئيس الروسي, للخروج من مأزقه نتيجة إعادة إنتشار وتموضع الجيش العربي السوري بما أعاق مخططه وتقدم قواته ومرتزقته, ووضعه أمام خيار مواجهة القوات السورية.
لطالما تأرجح أردوغان ما بين موسكو وواشنطن, على الرغم من تجربته (الإنقلاب 2016, العقوبات الإقتصادية) وشكوكه حيال أهداف الولايات المتحدة في تركيا والمنطقة على المدى الطويل, وثقته في شخص الرئيس بوتين, وبأهدافه الواضحة والمعلنة في محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضي السورية, وبمنع إقامة دولة كردية على الحدود التركية السورية, إذ لا يملك أردوغان سوى المراهنة على منع حزب العمال الكردستاني والفصائل التي تصنفها تركيا بالإرهابية السيطرة على شمال شرق سوريا, وبإستمرار وجودها على الحدود, وهي ذرائع استعملها دائما ً لتبرير عدوانه وللتعمية على مشاريعه وأطماعه في سوريا, أمورٌ بمجملها دفعت به للتوجه نحو موسكو ولقاء الرئيس بوتين.
وصل أردوغان وعُقد اللقاء على وقع وكالة الأنباء السورية والشاشات الفضائية السورية التي بثت صور زيارةٍ مفاجئة للرئيس بشار الأسد لوحدات القوات السورية العاملة على الخطوط الأمامية في الهبيط بريف إدلب, حيث الرئيس الأسد واطمئن على جاهزية الوحدات, وأطلق من هناك رسائله المباشرة, ليؤكد أهمية تحرير إدلب ككل المناطق السورية بحسب:"الأولويات والوضع العسكري على الأرض", وليؤكد: "أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا".
وقد جاءت زيارة الرئيس الأسد في هذا التوقيت بمثابة الصفعة لأردوغان وقوضت ونسفت سقف أجندات لقائه في موسكو, وأرسلت له ولأسياده ولإرهابييه أقوى الرسائل الميدانية, حول جاهزية القوات السورية للبدء بمعركة تحرير إدلب, وأنها رهن إشارة القائد لساعة الصفر.
الأمر الذي فرض ظلاله على اللقاء في موسكو, وأجبر أردوغان على إعلان وقف العملية العسكرية, من خلال ما دعي بالإتفاق الروسي–التركي, والذي على الرغم مما أشيع عن غموضه, وبأنه قد لا يقدم حلا ًواضحا ًومباشرا ً, وهناك من يرى فيه أنه قد يؤجل الحل على المسار التركي, خصوصا ًمع غموض الحديث عن منطقةٍ أمنية معزولة – بحسب وزيرة الدفاع الألمانية-.
إن تطبيق الإتفاق الروسي التركي ساهم بدفع قادة الكرد على سرعة التحرك نحو الكنف السوري بحثا ًعن الحماية والمصالحة مع الدولة السورية, خصوصا ً بعد التخلي الأمريكي المتكرر, وبالتوازي مع قبولهم بمجمل مسار الحل السياسي وتسجيل بعض التحفظات, الأمر الذي يسمح للدولة السورية بإستعادة سيطرتها على كامل المناطق التي كانوا يسيطرون عليها, وبإنهاء المغامرة والمقامرة الإنفصالية, كما يسمح الإتفاق للدبلوماسية الروسية والتي طرحت إستراتيجيتها عبر مساعدة الدولة السورية على إنهاء الحرب دون خسائر على مستوى وحدة الأراضي السورية ووحدة شعبها, على مساعدة كافة الأطراف السورية للجلوس على طاولة الحوار السوري – السوري , وبدون تدخل خارجي وبدون شروطٍ مسبقة.
إن إعلان "قسد" إنسحاب ميليشياتها من الشريط الحدودي مع تركيا ولمسافة 30 كم تطبيقا ً للإتفاق الروسي التركي الذي يمنحها مهلة 150 ساعة للإنسحاب, وموافقتها على تطبیق مبادرته استنادا ً إلى“اتفاقیة سوتشي” وضمان فتح حوار بنّاء مع الدولة السورية.
إن بدء الإنسحاب بالتنسيق مع الجيش العربي السوري, قوبل بترحيب الخارجية السورية التي رأت فيه خطوة ً "تسحب الذريعة الأساسية للعدوان التركي الغاشم على الأراضي السورية"...بالتوازي مع استمرار وإعادة إنتشار وحدات الجيش العربي السوري إلى الحدود السورية التركية في ريف رأس العين الشمالي الشرقي, بالإضافة إلى تقدمها وإنتشارها على محور تل تمر بريف الحسكة الشمالي ولم يعد يفصلها عن الحدود سوى بضعة كيلومترات.  
ولا بد من التأكيد على ضرورة إلتزام قادة الوحدات الكردية بإلتزاماتها, وبتعزيز الثقة على الرغم من الغزل الأمريكي وبما يخدم نفاقه حيال الإنسحاب الجدي والفعلي من الأراضي السورية, فالمهمة الوطنية للسوريين لن تكون سهلة, وتحتاج أقصى درجات الوحدة الوطنية, خصوصا ًمع السلوك التركي كدولة ضامنة للإحتلال والأحلام والأطماع العثمانية, الأمر الذي لم يعد تهمةً أو تحليلا ً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة والتي أكد فيها :"حق تركيا بالتواجد في دولٍ من بينها سوريا".. الأمر الذي يؤكد سقوط ذريعة الأمن القومي التركي ما دفعه للمجاهرة بحقيقة أطماعه ومشروعه العصملي, ولتبرير تدخله السافر في سوريا على أنه حقه وإرث أجداده.!.
لم يعد أمام هذا "العبد", سوى الرضوخ إلى مسار التسوية الحقيقي, الذي ينظم العلاقات الحدودية بين الدولتين السورية والتركية وفق الإتفاقات والقوانين الدولية لدول الجوار, ووفق إتفاقية أضنة لعام 1998, والتي يتهرب منها –حتى اللحظة–, لأنها تعني دون أدنى شك مغادرة القوات التركية وإنسحابها إلى الداخل التركي, وطي صفحة الذرائع والأطماع والأحلام التركية, والتي كانت الأساس وراء إنخراطه في مخطط الحرب الإرهابية على سوريا. 
المهندس : ميشيل كلاغاصي
28/10/2019


أردوغان ما بين ساعة الصفر السورية و ذرائع الأمن القومي وإرث الأجداد - ميشيل كلاغاصي

* خاص - شبكة اّرام نيوز الإخبارية 


شمالٌ سوري تحولت أمتاره المربعة الصغيرة ليشهد إزدحاما ًمحليا ًوإقليميا ًودوليا ًغير مسبوق, وتحولت إلى مفاصل ومقاصل وهاويات يمكنها أن تُطيح بسياسات وبدول وبعروش وبإزاحة "السلاطين" .. أمتارٌ لا تعترف إلاّ بلغة العسكر.. جيشٌ عربيٌ سوري يفديها بدمائه وبإنتمائه وعشقه, وغزاةٌ طامعون بخيراتها وبلغة العدوان والإعتداء والدخول اللا شرعي ...أمريكان وفرنسيون وبريطانيون وأتراك عثمانيون, وغرباء إنفصاليون وإرهابيون اختلفت أسماء تنظيماتهم وشعاراتهم وجوهرهم واحد, بعضهم يرحلون وبعضهم سيرحلون, وستبقى سورية.
هكذا يصمد الرئيس الأسد, وهكذا يتفقد وحداته, وربما ومن هناك يُطلق الإشارة وساعة الصفر ... وعليه كانت زيارته إلى بلدة الهبيط في ريف إدلب قبل أيام, لكنها لم تكن باكورة الإشارات والرسائل الواضحة والمباشرة للحديث عن تحرير مدينة إدلب, فقد سبق لسيادته أن وعد وأكد مرارا ًالعزم على تحريرها وتحرير "كل شبرٍ"من الأراضي السورية, كذلك لم تتوقف الدولة السورية يوما ًواحدا ًعن إعلان إصرارها على تحرير المدينة, عبر مواقفها وفي بيانات وزارة الخارجية والمغتربين ورسائلها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي , وعبر تصريحات الوزير المعلم "إدلب محافظة سورية", والدكتور فيصل المقداد "سنحرر كل ذرة تراب", والمستشارة بثينة شعبان, والدكتور بشار الجعفري, وخاضت لأجلها عشرات المعارك السياسية, ولقاءات أستانا ومؤتمر سوتشي ...إلخ, كذلك لم يغيب تحرير إدلب عن بيانات القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة, وعن تحركاتها الميدانية المدروسة بعناية فائقة, التي رسمت خرائط تحرير المحاور والطرق المؤدية إلى تحرير إدلب, وخاضت لأجلها عشرات المعارك في أرياف حماة وحمص وحلب وإدلب ....
واحتل ملف تحرير إدلب مكانه على سلم أولويات القيادة السياسية والعسكرية, والمرتبط أساسا ً بالمشهد العام للحرب الدولية – الإرهابية على سورية, وبالهدف الرئيسي للدولة السورية ألا وهو كسب المعركة الكبرى ودحر الغزاة والإرهابيين عن كامل أراضي الجمهورية العربية السورية.
ومع كل النفاق والخداع السياسي الذي مارسه السفاح التركي, والذي تهرب فيه من الإلتزامات التركية كدولة ضامنة للحل, تصرف كدولةٍ ضامنة للإحتلال "العثماني", الأمر الذي لم يعد تهمةً أو تحليلا ً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة والتي أكد فيها :"حق تركيا بالتواجد في دولٍ من بينها سوريا وليبيا", وأنها "لا تتحمل مسؤوليتها في موقعها وجغرافيتها فقط وإنما في كل أنحاء العالم وفي جميع أنحاء جغرافيتنا القديمة", هذا بالإضافة لقيادته الميدانية لكافة التنظيمات الإرهابية, وإشرافه المباشر على كافة تحركاتها وتحالفاتها وأشكالها وأسمائها والأعلام التي تحملها, بالإضافة إلى زج قواته العسكرية في العدوان على الأراضي السورية عبر عمليات "غضن الزيتون" و"نبع السلام" ...إلخ ...
بات من المؤكد أن تمسك أردوغان بذريعة الأمن القومي التركي لم يعد يقنع أحدا ً في هذا العالم, خصوصا ً بعدما إتكىء لمنع تحرير إدلب على ما وصفه بـ"الكارثة الإنسانية" التي سيتسبب بها دخول الجيش العربي السوري إليها, في الوقت الذي تسبب عدوانه وإجتياحه لمدن وبلدات الشمال السوري بنزوح أكثر من 26000 مواطن سوري من بيوتهم ومناطقهم, وبات عليه البحث عن إقناعٍ جديد بعد إفلاسه السياسي, فجاهر بحقيقة أطماعه ومشروعه العصملي الحاقد, وبرر تدخله السافر في سورية وليبيا وقبرص وأفريقيا, على أنها حقوقه وإرث أجداده.!.
وعليه, أتى الغزو والإجتياح التركي الجديد بهدف إقامة "المنطقة الاّمنة", بعدما حصل على الضوء الأخضر من سيده الأمريكي, الذي أعلن إنسحاب كامل قواته من الأراضي السورية .. وبدأت عملية غزو شرق الفرات تحت ذريعة "الأمن القومي التركي", وطرد الوحدات الكردية والتي تصنفها بلاده بالإرهابية ... في الوقت الذي تحركت فيه وحدات الجيش العربي السوري لتعيد إنتشارها وتموضعها لحماية أرضها وشعبها, ولقطع الطريق أمام قوات الغزو التركي والتنظيمات الإرهابية, بعدما رضخت قيادة "قسد" نتيجة التخلي والطعنات الأمريكية المتكررة, إلى إرادة الدولة السورية وتحركها السريع نحو حماية مواطنيها وأراضيها ...
وبالرغم من رفض واستنكار غالبية دول العالم للغزو التركي, إلا أن أردوغان إندفع نحو إحتلال مدينة تل أبيض ورأس العين وبعض القرى المحيطة, ودفع بإرهابييه "الجيش الوطني" للتحرش والهجوم على بعض وحدات الجيش العربي السوري في ريف الحسكة, التي قطعت عليه خطوط وخطة عدوانه ومشروعه, لكن عملية الصد العنيفة التي قامت بها تلك الوحدات أصابته بالجنون, ووضعته أمام خيارٍ صعب ووجها ً لوجه مع قوات الجيش السوري, فأعلن عن رغبته بلقاء الرئيس الروسي للتفاهم حول مناطق إعادة إنتشار الجيش السوري.
وفي ظل هذه التطورات, أتت زيارة الرئيس بشار الأسد المفاجئة إلى الخطوط الأمامية في ريف إدلب الشمالي – الهبيط, وتحدث من هناك وأطلق رسائله المباشرة, ليؤكد أهمية تحرير إدلب ككل المناطق في سورية بحسب:"الأولويات والوضع العسكري على الأرض", وليؤكد: "أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سورية".
إن زيارة الرئيس الأسد إلى وحدات القوات السورية, في هذا التوقيت جاءت بمثابة الصفعة لأردوغان وقوضت ونسفت أيًّ نتائج محتملة للقائه في موسكو, وأرسلت له ولأسياده ولإرهابييه أقوى الرسائل الميدانية, حول جاهزية القوات السورية للبدء بمعركة تحرير إدلب, وأنها رهن إشارة القائد لساعة الصفر.
الأمر الذي فرض ظلاله على اللقاء في موسكو, وأجبر أردوغان على إعلان وقف العملية العسكرية, من خلال ما دعي بالإتفاق الروسي–التركي ... ولا بد هنا من التأكيد على ضرورة إلتزام قادة الوحدات الكردية بنتائج الحوار مع الحكومة السورية, والعمل على تقديم كل ما من شأنه تعزيز الثقة حيال تراجعها المتكرر مع الغزل الأمريكي, وإنكشاف حقيقة العلاقات "الخفية" لبعض قادتهم مع المجرم والغازي التركي, وما أطلق عليه بـ "القوات المنحلة", ولا بد لهم العمل على تبديد كل غموض وضبابية في مواقفهم, خصوصا ً بعدما ما تبين لهم أن الدولة والجيش العربي السوري هما الجهة الوحيدة والقادرة على حماية كافة مكونات الشعب السوري في الشمال بما فيهم أكراد سورية, وبات عليهم لفظ القيادات الإنفصالية اللذين "يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن" – بحسب الرئيس الأسد-, والتعامل بحكمة مع الوعود وأوامر الرئيس الأمريكي الجديدة حول ضرورة "إتجاههم نحو حقول النفط السورية".
لقد فرضت الإرادة السورية ورسمت الخطوط العريضة لنتائج القمة الروسية–التركية, وما دعي بالإتفاق الروسي – التركي, بالتوازي مع الموقف الروسي الثابت والداعم لوحدة الأراضي السورية, والذي يسعى لإستكمال أهداف مشاركته لها في حربها على الإرهاب, ومنسجما ًمع مواقف وتصريحات الرئيس بوتين حيال الدعم الكامل للجيش العربي السوري, ونفاذ الصبر الروسي تجاه المماطلة التركية حيال تنفيذ مقررات لقاءات أستانا ومخرجات مؤتمر سوتشي, بما يتعلق بإنسحاب الإرهابيين والمرتزفة من إدلب وفق إتفاقات "مناطق خفض التصعيد".
لم يعد أمام "العبد" أردوغان, سوى الرضوخ إلى مسار التسوية الحقيقي, والذي ينظم العلاقات الحدودية بين الدولتين السورية والتركية وفق الإتفاقات والقوانين الدولية لدول الجوار, ووفق إتفاقية أضنة لعام 1998, والتي يتهرب منها العدو التركي –حتى اللحظة–, لأنها تعني دون أدنى شك مغادرة القوات التركية وإنسحابها إلى الداخل التركي, بالتوازي مع عودة الدولة السورية للإمساك بكافة المناطق الحدودية, وسحب الذرائع والأوهام والأحلام التركية التي كانت الأساس وراء إنخراط "السلطان" الواهم في مخطط الحرب الإرهابية على سورية. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
25/10/2019
 @ حقوق النشر محفوظة لشبكة اّرام الإخبارية 

حوار - الأسد وأقوى الرسائل الميدانية - ميشيل كلاغاصي


حوار - ميشيل كلاغاصي لموقع وطني برس 

مع الصحفية لينا إبراهيم 


 وطني برس
حقوق النشر محفوظة لموقع @

Sunday, October 6, 2019

أمريكا تقود عدوان الشمال والشرق بأذرعها الثلاث - م. ميشيل كلاغاصي


إن إطلاق ما دعي بـ "النظام الفدرالي في روج آفا - شمال سوريا", وإقرار المجتمعين بتاريخ 17\2\2016 في مدينة رميلان السورية لإقامة "إدارة حكمٍ ذاتي" في المناطق التي كانت تسيطرعليها ميليشيات "قسد" بدعمٍ مطلق من قوات الإحتلال الأمريكي والفرنسي والتركي, لم يكن سوى إطلاق شرارة البداية للرهانات الخاطئة ولسقوط الأقنعة.
وقد خرج الإجتماع –يومها-  بجملة أكاذيب ادعت الحفاظ على وحدة سوريا ومنع تقسيمها, دحضتها تحركاتهم وعلاقاتهم العلنية بكافة أعداء سوريا, بالإضافة إلى لقاءاتهم وسلسلة إجتماعاتهم في ألمانيا وفرنسا وفيينا والجولات التي قامت بها المدعوة "إلهام أحمد" حول العالم بحثا ًعن دعم وتأييد المشروع الإنفصالي وتقسيم سوريا ... وأكدتها ممارساتهم الإجرامية على الأرض.
فمن عرف طبيعة الشعب السوري وراقب تضحياتهم ودفاعهم عن وحدة واستقلال بلادهم عبر التاريخ وخلال السنوات التسع الماضية, يدرك تماما ًمدى رفضهم لأيّ كان بالسيطرة على بقعة جغرافية بعد تحريرها من الإرهابيين عدا الجيش العربي السوري, في حين تذرعت ميليشيا "قسد" بمحاربة الإرهاب لتفرض هيمنتها ومشاريعها الإنفصالية ومشاريع من يقف ورائها.
إن استمرار طرح هذا المشروع يُثير التساؤلات, بعدما ثبت فشل كافة المشاريع الإنفصالية حول العالم , ويأتي في وقتٍ تتجه فيه الحرب نحو الحل السياسي, ومع الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية, في خطوة على طريق الحوار السوري – السوري المدعوم بالعديد من القرارات الدولية التي رضخت لإنتصارات سوريا العسكرية ولصمود قيادتها وشعبها.
فمنذ أن طُرح المشروع الإنفصالي – التقسيمي, سَجّل الشعب السوري مرارا ًوتكرارا ًرفضه له وعدم سماحه لأي كان بالمساس بوحدة سوريا وبمنع تقسيهما تحت أي عنوان .. فيما عبرت الدولة السورية عن موقفها الرافض لأي مشروع تقسيمي, وحذرت من "تسول له نفسه النيل من وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية تحت أي عنوان", وأنه يشكل "مساسا ً بوحدة الأراضي السورية ويتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية".. واعتبرته "عملا ً داعما ً للإرهاب وأنه يصب في خانة إضعاف سوريا".
لكن هذا لم يُثن قادة الميليشيات الإنفصالية, واستمروا لسنوات في العمل على تكريس الإنفصال, فأزالوا العلم السوري, وأقاموا هياكل الجسم الفيدرالي – التقسيمي, وحصروا إهتمامهم بتنفيذ كل ما من شأنه خدمة المشروع الأمريكي في سوريا, وساهموا بتعزيز وجوده على الأرض السورية.
لقد بالغوا في تقدير قدراتهم وحجمهم في الميدان والمنطقة، واعتقدوا أنهم قادرين على تنفيذ المهمة الأمريكية وبكسر إرادة السوريين, بعد أن أنبئتهم أوهامهم بقدرتهم على تغيير أوراق اللعبة الدولية, في حين لم ينبئهم قصر نظرهم عن سرعة تخلي الولايات المتحدة عن أدواتها.
من الواضح أنهم قرروا مواجهة العواصف والتي بدأت بلفظ وجودهم تحت قباب جنيف, بالتوازي مع العواصف الشعبية والمقاومة المباشرة لمشروعهم الإنفصالي, وعواصف التهديد التركي والتخلي الأمريكي ... وأطاحوا بكل الفرص التي منحتهم إياها الدولة السورية عبر الحوار,  متجاهلين النتائج الخطيرة لمغامراتهم.
لقد أظهرت ميليشيا "قسد" الإرهابية إنغماسا ًحتى النخاع في تنفيذ الأجندة الأمريكية, رغم التخلي الأمريكي المتكرر عنها وليس اّخره عدم تبنيها في اللجنة الدستورية, وبتأكيد المدعو “مصطفى بالي”: إن “قسد” تعتمد على اتفاقية آلية أمنية بين الولايات المتحدة وتركيا, ومازلنا نفعل ما يُطلب منّا"... لقد تحدثت "قسد" الإرهابية غير مرة عن الطعنة الأمريكية في الظهر, فماذا بعد ؟.
ومع استمرار أردوغان بالمرواغة واللعب على جميع الحبال, واللهاث وراء أطماعه ومشروعه العثماني, تأتي مواقف "قسد" لتمنحه ذريعة ً إضافية لما يدعيه بغية الحفاظ على أمنه القومي ومحاربة تنظيم PKK  , عبر إقامة المنطقة الاّمنة على الأراضي السورية, وإعلانه الأخيرعن البدء بعملية عسكرية جديدة شرقي الفرات تحت مسمى عملية "نبع السلام" على غرار و"درع الفرات" و"غصن الزيتون", بعدما وحّد وحشد اّلاف الإرهابيين والخونة ممن يعملون تحت راية وأمرة قوات الغزو التركي وتحت مسمى واهي ومزيف “الجيش الوطني”!... ومن السخيف بمكان أن يُقابل الوعيد الأردوغاني بإجتياح الشرق السوري برا ًوجوا ً, بتهديد قادة "قسد" بالرد عبر "حربٍ شاملة".! , وسبق لميليشيا "قسد" وبتعنتها وعمالتها أن تخلت عن مدينة عفرين, فأي حربٍ شاملة يهددون بها!.
بات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود مشروع تقسيم سوريا عبر أذرعها الثلاث التركية والإنفصالية والإرهابية, فالتحرك الأردوغاني لا يتم دون الضوء الأخضر الأمريكي, و"قسد" الإرهابية لاتزال تنفذ ما يُطلب منها وبإعترافها, وأما الخونة فحالهم كحال حمير "الأسفار" المأجورين.
من المؤسف أن يصمت العالم وهو يرى المجرم أردوغان يطلق اسم "نبع السلام" على العملية العسكرية المرتقبة في منطقة "شرق الفرات", بالتوازي مع استجلابه لتعزيزات واّلات الموت والحرب , فأي سلامٍ سيحمله الجزار والمجرم التركي ؟ ولكم أن تسألوا الأرمن والسريان وغيرهم عن "نبع السلام" التركي.
بات واضحا ً أن الحلم الإنفصالي الخيالي لميليشيا "قسد" الإرهابية يمنح العدو التركي ذريعة التوغل داخل الأراضي السورية, ويضاعف تأزيم الواقع ويعقد مهمة الجيش العربي السوري ويضع البلاد أمام إحتمالية مواجهة عسكرية كبرى بين الدولتين السورية والتركية... ويطرح السؤال نفسه أي إتفاقٍ يجمع الأتراك و"قسد" , وهل تتمسك "قسد" برفض العرض الأردوغاني بالحفاظ على هيكلية الإدارة الذاتية ووجودها وإنتخاباتها ومكاسبها تحت سقف القيادة التركية, أم ستقبل به تحت التهديد بالإجتياح التركي؟.
بات من الملحّ إن يُسارع قادة ميليشيا "قسد" بالعودة إلى كنف الدولة السورية, وإلى طلب الصفح والعفو والحماية من الدولة والجيش والشعب السوري وقبل فوات الأوان, وقبل أن يبتلعهم إنكشاريو العدو التركي, وإلى الخروج من تحت العباءة الأمريكية التي لم تتوان عن طعنهم في الظهر, ولم تر فيهم سوى وقودا ًومواد إشتعال لحرق سوريا الوطن لجميع مكوناته وأبنائه... ويبقى من المعيب والمخزي ما جاهرت به ميليشيا "قسد": "مازلنا نفعل ما يُطلب منّا".
لن يطول زمن العربدة الأمريكية والتركية وأدواتهما على الأراضي السورية, ولن تمر مشاريع الفدرلة أو الإنفصال والتقسيم أو المنطقة الاّمنة, سواء إتفقت الأدوات الأمريكية أم اختلفت فيما بينها, فالدولة السورية بقيادتها وببسالة جيشها وصمود شعبها ستبقى الجهة الوحيدة والقادرة على حماية شعبها وطرد جحافل الغزاة والعدوان والإرهاب عن أرضها, فكما تم إخراجهم وطردهم من غالبية الجغرافيا السورية, سيُصفع أردوغان وترامب في الشمال والشرق وفي إدلب كما صُفع أوباما في حلب مع نهاية عام 2016.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
6 / 10 / 2019