Sunday, October 27, 2019

أردوغان ما بين ساعة الصفر السورية و ذرائع الأمن القومي وإرث الأجداد - ميشيل كلاغاصي

* خاص - شبكة اّرام نيوز الإخبارية 


شمالٌ سوري تحولت أمتاره المربعة الصغيرة ليشهد إزدحاما ًمحليا ًوإقليميا ًودوليا ًغير مسبوق, وتحولت إلى مفاصل ومقاصل وهاويات يمكنها أن تُطيح بسياسات وبدول وبعروش وبإزاحة "السلاطين" .. أمتارٌ لا تعترف إلاّ بلغة العسكر.. جيشٌ عربيٌ سوري يفديها بدمائه وبإنتمائه وعشقه, وغزاةٌ طامعون بخيراتها وبلغة العدوان والإعتداء والدخول اللا شرعي ...أمريكان وفرنسيون وبريطانيون وأتراك عثمانيون, وغرباء إنفصاليون وإرهابيون اختلفت أسماء تنظيماتهم وشعاراتهم وجوهرهم واحد, بعضهم يرحلون وبعضهم سيرحلون, وستبقى سورية.
هكذا يصمد الرئيس الأسد, وهكذا يتفقد وحداته, وربما ومن هناك يُطلق الإشارة وساعة الصفر ... وعليه كانت زيارته إلى بلدة الهبيط في ريف إدلب قبل أيام, لكنها لم تكن باكورة الإشارات والرسائل الواضحة والمباشرة للحديث عن تحرير مدينة إدلب, فقد سبق لسيادته أن وعد وأكد مرارا ًالعزم على تحريرها وتحرير "كل شبرٍ"من الأراضي السورية, كذلك لم تتوقف الدولة السورية يوما ًواحدا ًعن إعلان إصرارها على تحرير المدينة, عبر مواقفها وفي بيانات وزارة الخارجية والمغتربين ورسائلها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي , وعبر تصريحات الوزير المعلم "إدلب محافظة سورية", والدكتور فيصل المقداد "سنحرر كل ذرة تراب", والمستشارة بثينة شعبان, والدكتور بشار الجعفري, وخاضت لأجلها عشرات المعارك السياسية, ولقاءات أستانا ومؤتمر سوتشي ...إلخ, كذلك لم يغيب تحرير إدلب عن بيانات القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة, وعن تحركاتها الميدانية المدروسة بعناية فائقة, التي رسمت خرائط تحرير المحاور والطرق المؤدية إلى تحرير إدلب, وخاضت لأجلها عشرات المعارك في أرياف حماة وحمص وحلب وإدلب ....
واحتل ملف تحرير إدلب مكانه على سلم أولويات القيادة السياسية والعسكرية, والمرتبط أساسا ً بالمشهد العام للحرب الدولية – الإرهابية على سورية, وبالهدف الرئيسي للدولة السورية ألا وهو كسب المعركة الكبرى ودحر الغزاة والإرهابيين عن كامل أراضي الجمهورية العربية السورية.
ومع كل النفاق والخداع السياسي الذي مارسه السفاح التركي, والذي تهرب فيه من الإلتزامات التركية كدولة ضامنة للحل, تصرف كدولةٍ ضامنة للإحتلال "العثماني", الأمر الذي لم يعد تهمةً أو تحليلا ً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة والتي أكد فيها :"حق تركيا بالتواجد في دولٍ من بينها سوريا وليبيا", وأنها "لا تتحمل مسؤوليتها في موقعها وجغرافيتها فقط وإنما في كل أنحاء العالم وفي جميع أنحاء جغرافيتنا القديمة", هذا بالإضافة لقيادته الميدانية لكافة التنظيمات الإرهابية, وإشرافه المباشر على كافة تحركاتها وتحالفاتها وأشكالها وأسمائها والأعلام التي تحملها, بالإضافة إلى زج قواته العسكرية في العدوان على الأراضي السورية عبر عمليات "غضن الزيتون" و"نبع السلام" ...إلخ ...
بات من المؤكد أن تمسك أردوغان بذريعة الأمن القومي التركي لم يعد يقنع أحدا ً في هذا العالم, خصوصا ً بعدما إتكىء لمنع تحرير إدلب على ما وصفه بـ"الكارثة الإنسانية" التي سيتسبب بها دخول الجيش العربي السوري إليها, في الوقت الذي تسبب عدوانه وإجتياحه لمدن وبلدات الشمال السوري بنزوح أكثر من 26000 مواطن سوري من بيوتهم ومناطقهم, وبات عليه البحث عن إقناعٍ جديد بعد إفلاسه السياسي, فجاهر بحقيقة أطماعه ومشروعه العصملي الحاقد, وبرر تدخله السافر في سورية وليبيا وقبرص وأفريقيا, على أنها حقوقه وإرث أجداده.!.
وعليه, أتى الغزو والإجتياح التركي الجديد بهدف إقامة "المنطقة الاّمنة", بعدما حصل على الضوء الأخضر من سيده الأمريكي, الذي أعلن إنسحاب كامل قواته من الأراضي السورية .. وبدأت عملية غزو شرق الفرات تحت ذريعة "الأمن القومي التركي", وطرد الوحدات الكردية والتي تصنفها بلاده بالإرهابية ... في الوقت الذي تحركت فيه وحدات الجيش العربي السوري لتعيد إنتشارها وتموضعها لحماية أرضها وشعبها, ولقطع الطريق أمام قوات الغزو التركي والتنظيمات الإرهابية, بعدما رضخت قيادة "قسد" نتيجة التخلي والطعنات الأمريكية المتكررة, إلى إرادة الدولة السورية وتحركها السريع نحو حماية مواطنيها وأراضيها ...
وبالرغم من رفض واستنكار غالبية دول العالم للغزو التركي, إلا أن أردوغان إندفع نحو إحتلال مدينة تل أبيض ورأس العين وبعض القرى المحيطة, ودفع بإرهابييه "الجيش الوطني" للتحرش والهجوم على بعض وحدات الجيش العربي السوري في ريف الحسكة, التي قطعت عليه خطوط وخطة عدوانه ومشروعه, لكن عملية الصد العنيفة التي قامت بها تلك الوحدات أصابته بالجنون, ووضعته أمام خيارٍ صعب ووجها ً لوجه مع قوات الجيش السوري, فأعلن عن رغبته بلقاء الرئيس الروسي للتفاهم حول مناطق إعادة إنتشار الجيش السوري.
وفي ظل هذه التطورات, أتت زيارة الرئيس بشار الأسد المفاجئة إلى الخطوط الأمامية في ريف إدلب الشمالي – الهبيط, وتحدث من هناك وأطلق رسائله المباشرة, ليؤكد أهمية تحرير إدلب ككل المناطق في سورية بحسب:"الأولويات والوضع العسكري على الأرض", وليؤكد: "أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سورية".
إن زيارة الرئيس الأسد إلى وحدات القوات السورية, في هذا التوقيت جاءت بمثابة الصفعة لأردوغان وقوضت ونسفت أيًّ نتائج محتملة للقائه في موسكو, وأرسلت له ولأسياده ولإرهابييه أقوى الرسائل الميدانية, حول جاهزية القوات السورية للبدء بمعركة تحرير إدلب, وأنها رهن إشارة القائد لساعة الصفر.
الأمر الذي فرض ظلاله على اللقاء في موسكو, وأجبر أردوغان على إعلان وقف العملية العسكرية, من خلال ما دعي بالإتفاق الروسي–التركي ... ولا بد هنا من التأكيد على ضرورة إلتزام قادة الوحدات الكردية بنتائج الحوار مع الحكومة السورية, والعمل على تقديم كل ما من شأنه تعزيز الثقة حيال تراجعها المتكرر مع الغزل الأمريكي, وإنكشاف حقيقة العلاقات "الخفية" لبعض قادتهم مع المجرم والغازي التركي, وما أطلق عليه بـ "القوات المنحلة", ولا بد لهم العمل على تبديد كل غموض وضبابية في مواقفهم, خصوصا ً بعدما ما تبين لهم أن الدولة والجيش العربي السوري هما الجهة الوحيدة والقادرة على حماية كافة مكونات الشعب السوري في الشمال بما فيهم أكراد سورية, وبات عليهم لفظ القيادات الإنفصالية اللذين "يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن" – بحسب الرئيس الأسد-, والتعامل بحكمة مع الوعود وأوامر الرئيس الأمريكي الجديدة حول ضرورة "إتجاههم نحو حقول النفط السورية".
لقد فرضت الإرادة السورية ورسمت الخطوط العريضة لنتائج القمة الروسية–التركية, وما دعي بالإتفاق الروسي – التركي, بالتوازي مع الموقف الروسي الثابت والداعم لوحدة الأراضي السورية, والذي يسعى لإستكمال أهداف مشاركته لها في حربها على الإرهاب, ومنسجما ًمع مواقف وتصريحات الرئيس بوتين حيال الدعم الكامل للجيش العربي السوري, ونفاذ الصبر الروسي تجاه المماطلة التركية حيال تنفيذ مقررات لقاءات أستانا ومخرجات مؤتمر سوتشي, بما يتعلق بإنسحاب الإرهابيين والمرتزفة من إدلب وفق إتفاقات "مناطق خفض التصعيد".
لم يعد أمام "العبد" أردوغان, سوى الرضوخ إلى مسار التسوية الحقيقي, والذي ينظم العلاقات الحدودية بين الدولتين السورية والتركية وفق الإتفاقات والقوانين الدولية لدول الجوار, ووفق إتفاقية أضنة لعام 1998, والتي يتهرب منها العدو التركي –حتى اللحظة–, لأنها تعني دون أدنى شك مغادرة القوات التركية وإنسحابها إلى الداخل التركي, بالتوازي مع عودة الدولة السورية للإمساك بكافة المناطق الحدودية, وسحب الذرائع والأوهام والأحلام التركية التي كانت الأساس وراء إنخراط "السلطان" الواهم في مخطط الحرب الإرهابية على سورية. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
25/10/2019
 @ حقوق النشر محفوظة لشبكة اّرام الإخبارية 

No comments:

Post a Comment