Sunday, July 31, 2022

مطاردة أمريكية فرنسية أوروبية يائسة لزيارة لافروف إلى أفريقيا - م. ميشيل كلاغاصي


يالها من مطاردة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانوييل ماكرون ولاحق الوزير لافروف في جولته الأفريقية بزيارةٍ مماثلة , كردة فعل وبطريقةٍ تفضح إمتعاضه من وجود الوزير الروسي في القارة السوداء , وهي التي يعتبرها الفرنسيون ملكية خاصة لنفوذهم عبر عقود طويلة تمتد لأزمنة الإستعمار القديم , كذلك أثارت الزيارة حماسة رئيس الدبلوماسية الأوروبية ، جوزيب بوريل ، ودهشته لحجم النفوذ الروسي بما يفوق النفوذ الأوروبي في أفريقيا , في وقتٍ اعتبر فيه البنتاغون أن التواجد الروسي يشكل تحدياً رئيسياً لمصالح الولايات المتحدة في أفريقيا.

لم يكتف الرئيس الفرنسي بزيارة – الملاحقة - , وحاول التأثير على نتائج جولة لافروف , وتحدث في مؤتمرٍ صحفي في بنين واتهم موسكو بسعيها لتحقيق أهداف مختلطة "بإستخدام المعلومات والطاقة والغذاء كسلاح , واستفاض بشرح كلامه , مؤكداً " أن الوجود الروسي المختلط في إفريقيا لا يبدو تعاوناً بقدر ما هو تواطؤ مع السلطات السياسية الضعيفة , وهذا أمرٌ مقلق".

ومن خلال تكامل الأدوار , في استهداف زيارة لافروف إلى أفريقيا , تحدث بوريل عن أن الهدف الروسي من الزيارة هو "إقناع الأفارقة بمسؤولية العقوبات الأوروبية" عن كل ما يحصل وينشر في الإعلام الغربي , وقوله: "سأذهب إلى أفريقيا لأقول عكس ذلك".

لم يبدِ كل من الرئيس ماكرون وصديقه بوريل , أهميةً للمشاكل والأزمات التي تعاني منها الكاميرون , من تهديدٍ إرهابي وإنفصالي , وصبا إهتمامهما على الدور الروسي في أفريقيا , ولينتقد ماكرون رفض قادة الدول الأفريقية العقوبات على روسيا , من الواضح أن ضعف ماكرون وغطرسته جعلاه يتجاهل إدراك الدول الأفريقية الأسباب الجوهرية للخلل السياسي العالمي , عبر تمسك الغرب بالأحادية القطبية كحق حصري للولايات المتحدة , وبالقيادة والسيطرة الفرنسية الكاملة على المستعمرات الفرنسية السابقة في أقريقيا.     

لقد أغفل ماكرون والأمريكيون والسيد بوريل , الإستياء الأفريقي من الدور الفرنسي السابق , ورغبتهم بمنع إستمراره وامتداه نحو مستقبلهم , وبأنهم أصبحوا أكثر إنتقائية في اختيار شركائهم كالروس والصينيون , لتجاوز الأزمات والصعوبات التي تمر بها غالبية دول القارة السمراء , ناهيك عن المراقبة الأفريقية لتراجع الدور الفرنسي في أفريقيا وأوروبا والعالم , واضطرار فرنسا المتاّمرة على الماليين للخروج والفرار من مالي , وحلول القوات الروسية مكانها لمساعدتهم في الحرب على الإرهاب والإرهابيين الذين دعمتهم فرنسا هناك , وسط ترحيب عدد من الدول الأفريقية بجهود المستشارين العسكريين الروس.

يعتقد الفرنسيون أن موسكو تحاول القضاء على الوجود والنفوذ الفرنسي في أفريقيا , لكنها لا تنظر إلى الخلف وترى قذارة أفعالها , وسلوكها اللصوصي المشين بحق الدول والشعوب الأفريقية التي لا تزال تستعمرها , تحت عناوين لفظية , لا تغير من الواقع والنتائج .. في الوقت الذي تحدث فيه الوزير لافروف خلال لقائه مع قادة جمهورية الكونغو ونظيره الإثيوبي , عن "التقاليد الروسية الجيدة للتعاون العسكري والتقني , ومراعاة مصالح أصدقائنا الإثيوبيين في ضمان قدراتنا الدفاعية" , تلك القدرات التي سبق لروسيا أن قدمتها العام الماضي من خلال تعاونها العسكري مع نيجيريا , وإثيوبيا التي زودتها بالأسلحة الإستراتيجية لدعم الحكومة لمواجهة الإنفصاليين في تيغراي , ناهيك عن الدعم الذي تقدمه لمصر بهدف إنضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس بلاس.

من المهم النجاح الذي حققته زيارة الوزير لافروف , على الرغم من جهود ماكرون وبوريل لإفشالها , ومهدت الطريق أمام لقاء الرئيس بوتين القادم مع كبار القادة الأفارقة , كرئيس الاتحاد الأفريقي , ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي , لمناقشة الحلول لأزمات الغذاء والحبوب , على غرار الحل الروسي بالوساطة التركية في أوكرانيا. 

لا يمكن النظر للإهتمام الروسي بالقارة الأفريقية على أنه تحدي للمصالح الأمريكية والفرنسية وغيرها , فغالبية دول العالم تتجه أنظارها نحو القارة السمراء , كروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وتركيا وعدد من الدول العربية , وتنظر إليها بنظرة مستقبلية وبإمتلاكها الحظوظ والفرصة لتكون منطقةً عالمية رئيسية.

في الختام .. يبدو أن تراجع الدور والنفوذ الفرنسي , والأوروبي عموماً والإتحاد الأوروبي في أفريقيا , لا يشكل بحد ذاته مناسبة لتهديد المصالح الأمريكية وحلفائها , وأنه يأتي في سياق الأخطاء الإستراتيجية الجسيمة التي انتهجها البيت الأبيض والأوروبيين هناك , ناهيك عن الإنقياد الأعمى للحكومات الأوروبية وراء السياسة الخارجية للولايات المتحدة , واّل بهم المطاف نحو إنتظار نهاية الحرب في أوكرانيا , التي جعلتهم ينالون نصيبهم من لفحات "الحر" , وعيونهم شاخصة على تفادي برد الشتاء القادم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

29/7/2022

 

خلفيات الهجوم الصاروخي الإرهابي على دهوك العراقية - م. ميشيل كلاغاصي


منذ 20 يوليو/تموز ، يشهد العراق موجة غضبٍ تجاه تركيا بعد الهجوم الصاروخي الإرهابي على منطقة منتجع باراخ في منطقة زاخو بمحافظة دهوك شمال العراق على حدود إقليم كردستان العراق ,  أدت إلى إزهاق أرواح ثمانية مدنيين عزّل , وجرح 23 آخرون كان من بينهم عدد من الأطفال. 

عادة ما يزور العراقيون هذا المنتجع في أشهر الصيف والحر , في الوقت الذي تتواجد بالقرب منه قواعد عسكرية تركية , تستخدمها القوات التركية منذ عام 2019 لتنفيذ عمليات ضد حزب العمال الكردستاني PKK ووحدات "حماية الشعب" الكردية الـ YPG المتمركزة في مناطق جبلية شمال العراق , والتي تصنفها أنقرة بالإرهابية.

ومع إعلان الرئيس التركي في 5 يونيو/حزيران نيته إجراء عمليات جديدة لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب , تحت عنوان " الحفاظ على الأمن القومي لتركيا" , بهدف استكمال ما تدعوه أنقرة بـ "الممر الآمن" بطول 30 كيلومتر على طول الحدود مع تركيا.

وسارعت وسائل الإعلام العراقية لإتهام القوات التركية , التي تنفذ عمليتها العسكرية على الأراضي العراقية تحت مسمى "عملية قفل المخلب" منذ نيسان الماضي , وتستهدف مواقع كل ٍ من الـ  PKK و YPG , وعليه طالب مجلس الأمن القومي العراقي تركيا مؤخراً بسحب قواتها من العراق.

نفت السلطات التركية بشكل قاطع تورطها في الحادث ، وحثت العراق على عدم التسرع بتوجيه الإتهامات , واقترحت إجراء تحقيق دقيق ومشترك , وأشارت إلى إحتمالية تورط الجماعات الإرهابية ( PKK ) في الهجوم الصاروخي على دهوك ، وبأنه يشكل عملاً استفزازياً من شأنه زعزعة استقرار التعاون التركي مع العراق وكافة دول المنطقة.

لقد أثار الهجوم على المنتجع في دهوك غضب اّلاف العراقيين , الذين خرجوا إلى شوارع بغداد ومدن عراقية أخرى ، وأحرقوا الأعلام التركية تعبيراً عن استيائهم من السلوك التركي تجاه إقليم كردستان العراق... كذلك  أغلق الأهالي القنصلية التركية بعد حرق الأعلام التركية في محافظة النجف الأشرف جنوبي العراق ، ودعا مقتدى الصدر , الحكومة العراقية إلى الرد وإعلان الحرب .

وقد قامت الحكومة العراقية بإستدعاء القائم بالأعمال العراقي المؤقت من أنقرة , وبإستدعاء سفير تركيا في العراق , كما وجه مجلس الأمن القومي العراقي وزارة الخارجية لإعداد ملف حول الإنتهاكات التركية للسيادة العراقية , كذلك تقدمت بغداد بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي , بهدف كبح الجماح العدواني التركي على الأراضي العراقية , والذرائع الواهية للعملية التركية التي يتوعد ويهدد بها الرئيس التركي ووزير خارجيته ودفاعه وبشنها على الأراضي السورية.

وحول الجهة المحتملة التي تقف وراء المنفذة الهجوم الإرهابي على المنتجع في دهوك , هناك من يحاول تقديم أكثر من رواية , إذ لا يستبعد البعض على الجانب العراقي أن تكون القوات التركية وراء الإعتداء في دهوك , وسط تشكيك كبير للعراقيين بنفي أنقرة , وعليه لا تزال الإحتجاجات مستمرة بالقرب من مبنى البعثة الدبلوماسية التركية ... ومن اللافت ملاحظة وسائل الإعلام الغربية والأمريكية , وهي تندفع نحو تأييد التصريحات الحكومية العراقية , دون إنتظار إجراء التحقيق , الأمر الذي يدفع لتأييد فكرة المشاركة الغربية الخفية في افتعال هذا الإستفزاز , وتنفيذ الهجوم الصاروخي.

وفي رواية أخرى , هناك من يدعم فكرة استغلال هذه الإعتداءات وعدم تفويت الفرصة لتوجيه الإتهام إلى إيران وبعض حلفائها في العراق , في سياق الحرب الأمريكية الإسرائيلية المعلنة على جمهورية إيران الإسلامية , والذي لا يعدو أكثر من إتهاماً سخيفاً , وخبراً تتناقله قنوات الدمى الخليجية , التي تحركها أصابع الموساد الإسرائيلي.

في وقت تتحدث بعض الأوساط التركية , عن سرعة التحرك التركي للرد على وسائل الإعلام الغربية والأمريكية , وبأن مثل هذه الإتهامات تأتي في سياق الإستياء الأمريكي من قمة طهران وبيانها الختامي بمشاركةٍ تركية , وتجدر الإشارة إلى حصول الهجوم مباشرةً بعد اجتماعات قادة إيران وتركيا وروسيا الذين أظهروا مواقف موحدة تجاه العديد من القضايا والمشاكل السياسية في منطقة الشرق الأوسط والإقليم ، بما في ذلك إلقاء اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية التوتر والتصعيد العسكري في سورية والمنطقة عموماً.

من الصعوبة بمكان الإنحياز إلى إحدى روايتي الإتهام التركي أو الأمريكي , ونفي الأخرى , وبإنتظار التحقيقات العراقية المستقلة , لا يمكن استبعاد توجيه الإتهام لواشنطن , التي تخشى التعاون بين دول المنطقة ، وتصاعد النفوذ الروسي في المنطقة ، والعلاقات الروسية الإستراتيجية مع كلٍ من إيران وسورية وتركيا , ناهيك عن المحاولات الأمريكية الدائمة لترويض "الثور" التركي , الذي لا يفوت ملفاً للأرجحة , بما في ذلك الملف الأوكراني , وسط الإنتقادات الأمريكية للمس التركي بالجماعات التي تدعمها في سورية والعراق.

من المؤكد أن للولايات المتحدة ولإدارة الرئيس جو بايدن المتهالكة , كامل المصلحة في نسف التعاون بين دول المنطقة , وهي على أبواب مواجهة الأيام الصعبة لتواجدها اللاشرعي في سورية والمنتهي قانوناً في العراق , وستكون تكلفة قرار إدارة بايدن الأخير, بأننا "لن نترك الشرق الأوسط لروسيا والصين وإيران" , باهظةً ومؤلمة للغاية.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

25/7/2022

 

موسكو ترد على حزمة العقوبات السابعة بتوسيع لائحة الدول غير الصديقة - م. ميشيل كلاغاصي


في 21 يوليو/ تموز, أطلق الإتحاد الأوروبي الحزمة السابعة من العقوبات المفروضة على دول الإتحاد الروسي , والتي طالت 48 شخصية غالبيتها شخصيات سياسية , بالإضافة إلى 7 منظمات وكيانات رسمية قانونية , بما في ذلك حظر تصدير الذهب الروسي , بالتوازي مع قراره تخفيف عدد من القيود المالية المفروضة على صادرات النفط والغذاء وقطاع الطيران المدني الروسي , وبتمديد جميع العقوبات على روسيا لمدة 6 أشهر.

لم يكن تحالف واشنطن وبعض الدول الأوروبية والناتو والإتحاد الأوروبي وتركيا و"إسرائيل" , موقفاً سياسياً لدعم أوكرانيا فحسب , بل كان تحالفاً عسكرياً عدائياً , عبر عن نفسه , بإعلان أهدافه "بتدمير الإقتصاد الروسي" , وفرض انضمام أوكرانيا وغيرها إلى حلف الناتو , وما يعنيه من تهديدات مباشرة للأمن القومي الروسي , ووصول الناتو إلى الحدود الروسية , وما تبين لاحقاً بأنها حرب عزلٍ وحصار للدولة الروسية , والقضاء على قطاع الطاقة فيها من إنتاج وتصدير وخطوط عبور, تحت عنوان العقوبات التي جاءت عبر حزم عديدة , طالت كافة مفاصل ومجالات الحياة الحيوية للدولة الروسية , فكان لا بد للدولة الروسية أن تعيد بناء علاقاتها مع عديد الدول , بما يتوافق مع الواقع الجديد , وأعدت لائحة الدول غير الصديقة , "التي اتخذت إجراءات غير ودية ضد الإتحاد الروسي والكيانات القانونية والأفراد الروس" - بحسب الرئيس بوتين - , وهي اللائحة الثانية بعد أن شملت الأولى تصنيف واشنطن وجمهورية التشيك كدول معادية.

كان لا بد للقائمة الروسية الثانية , أن تراعي التغير الجزئي الطارئ على بنية النظام العالمي الذي حصل خلال الأشهر الأولى لإنطلاق المواجهة , وإعادة تصنيف جيرانها وبعض "أصدقائها" وأعدائها , من خلال إعلانها عن "الرد الروسي القاسي".. وقد ضمت اللائحة , الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكوريا الجنوبية واليابان وأوكرانيا وسويسرا وسنغافورة ، إلى جانب 15 دولة فرضت عقوبات على روسيا.

لم تكن تأتي لائحة الدول غير الصديقة بالنتائج التحذيرية المرجوة , واستمرت واشنطن بقيادة قطيعها نحو إضافة المزيد من حزم العقوبات , فكانت الحزمة السادسة والسابعة , وبما يشي بأنه مسار تصاعدي بلا نهاية , ومع وصول المواجهة العسكرية الشهر الخامس , ووضوح الجزء الأكبر لنتائج المعارك العسكرية والسياسية والإقتصادية والمالية وحتى الإعلامية , التي تجزم بإنتصار روسيا , وبات الجلوس على طاولة المفاوضات أمراً عقلانياً , من شأنه الحد من خسائر واشنطن والدول التابعة , مع سقوط بوريس جونسون في بريطانيا , وتمايل ماكرون قبيل سقوطه المتوقع , وإنهيار الحكومة الإيطالية , وتصدع حكومة شولتز في ألمانيا ... إلخ.

على الرغم من تصريح المتحدثة بإسم البيت الأبيض جين ساكي , بإن الولايات المتحدة قد تناقش تخفيف العقوبات مع موسكو في حال إتجاهها لخفض التصعيد في أوكرانيا , لكن واشنطن لا تزال تبحث عن المزيد من حزم العقوبات لفرضها على روسيا , وترفض فكرة توقف الحرب , وتسعى لإطالة أمدها واستنزاف روسيا وكافة الدول الأوروبية , سواء كانوا من أفراد قطيعها أم من خارجه , الأمر الذي يؤكد نية واشنطن بتدمير القارة الأوروبية , والقتال ليس حتى اّخر أوكراني فقط , بل حتى اّخر أوروبي .

فكان على الجانب الروسي , إصدار اللائحة الثالثة للدول غير الصديقة , كرد مباشر على استمرار الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة , عشية موافقة الإتحاد الأوروبي على  الحزمة السابعة من العقوبات على روسيا , وبحسب رئيس الوزراء الروسي: فأن "اللائحة التي وافقت عليها الحكومة ليست نهائية , وقد تتوسع مع استمرار الأعمال العدائية تجاه البعثات الروسية في الخارج".

كذلك حددت الحكومة الروسية , أعداد موظفي السفارات والقنصليات على الأراضي الروسية , بالنسبة لليونان 34 ، والدنمارك 20 ، وسلوفاكيا  16 , ومنع كل من سلوفينيا وكرواتيا من توظيف المواطنين الروس في بعثاتهم الدبلوماسية والمراكز القنصلية.

لم يكن توسيع لوائح الدول غير الصديقة مفاجئاً , بل المفاجىء هو استمرار غالبية هذه الدول بالسير وراء السياسة الخارجية الأمريكية ومخططاتها ضد روسيا , وتجاهلهم مصالح شعوبهم , وانخراطهم غير المبرر في عملية تسليح حكومة النازيين الأوكران كما تفعل الدنمارك , وبإرسال المقاتلين إلى أوكرانيا كما هو الحال بالنسبة إلى كرواتيا , وبإيقاف منح التأشيرات للمواطنين الروس كما يحصل في سلوفينيا , ناهيك عن الحملات الإعلامية العدائية , والتطاول على تاريخ روسيا , واستهداف رموزها , وفنونها وفنانيها ورياضييها وعظمائها , وبحسب المتحدث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف : إن إدراج الدول على لوائح الدول غير الصديقة لروسيا , سيترتب عليه تخفيض حجم ومستوى إتصالات تلك الدول مع موسكو , وقد تكون له عواقب أخرى.

م. ميشال كلاغاصي

24/7/2022

 

ما بين زيارات وقمم بايدن وبوتين في الشرق الأوسط والمنطقة - م. ميشيل كلاغاصي


حظيت منطقة الشرق الأوسط مؤخراً بإهتمام وتركيز سياسي مكثف , إرتكز أساساً على بنية الصراعات الجيوسياسية التي اتسمت بطابع عسكري ساخن وإقتصادي لا يقل شأناً , بل يحتل المرتبة الثانية بعد الصراع الوجودي والتهديد المباشر لأمن دول المنطقة واستقرارها , وعليه استقطبت المنطقة زيارة للرئيس جو بايدن والقمم التي عقدها مع حلفائه , وزيارة للرئيس بوتين إلى طهران والقمة الروسية الإيرانية التركية ...

لم تخف كلا الزيارتين للرئيسين الأمريكي والروسي , طبيعة الإختلاف الكبير بين السياسة الخارجية الروسية والأمريكية , في وقتٍ تطلعت فيه الأولى نحو خلق ظروف إنسانية لبناء السلام في المنطقة بما يلبي المتطلبات العالمية ، فيما التزمت الثانية بتعميق النزاعات والمواجهات القائمة والقادمة والمرتبطة بالصراع الأمريكي ضد سوريا وعرب المقاومة من جهة , وروسيا والصين وإيران من جهةٍ أخرى.

فقد رصدت كافة وسائل الإعلام حول العالم , طبيعة الخلاف والإختلاف الفعلي في نهج كلٍ من موسكو وواشنطن , تجاه مشاكل العالم الحالية ، والتي تبين أنها لم تكن لصالح جو بايدن , وعكست النفوذ الروسي المتزايد على حساب التراجع الأمريكي , الأمر الذي رصدته صحيفة "وول ستريت جورنال" في 18 يوليو/تموز , وقيمت زيارة جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية , بأنها لم تكن ضارة بمصالح الولايات المتحدة فحسب ، بل كانت مصدر إحراج كبير للرئيس الامريكي , وأظهرت عجزه بإحراز أي تقدم في الملفات الرئيسية التي حملها إلى المنطقة.

كذلك وفي الوقت ذاته , رصدت وسائل الإعلام النتائج الإيجابية الهامة للقمة الثلاثية , التي صدرت في البيان المشترك بعد لقاء قادة روسيا وطهران وتركيا , التي شددت على ضرورة تسهيل تسوية الأوضاع في سوريا ، وإنهاء الحرب الخارجية عليها , وخروج قوات الإحتلالين التركي , والأمريكي المسؤول بالدرجة الأولى عن عدم استقرار الدولة السورية .

لقد أظهرت مواقف كلا الزيارتين , إصرار واشنطن على استمرار وجودها العسكري اللاشرعي في سوريا , وأكدت أنها "لن تترك الساحة لروسيا والصين وإيران" , في حين جاءت مواقف موسكو وطهران لتدحض إتهامات وأضاليل واشنطن وشيطنتهما , وهما الساعيتان لإيجاد الحلول وتكريس الأمن والإستقرار في سوريا والمنطقة , فالبيان المشترك لقمة طهران , أكد الإتزام بتعزيز التعاون الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا من أجل تحقيق تطبيع مستدام وقابل للإستمرار في سوريا , وعلى حل الأزمة فيها من خلال الدبلوماسية , وبأن يكون الحل سوري – سوري , ودون تدخل خارجي.  

كما أدانت القمة الثلاثية العقوبات المفروضة على سوريا ، والأفعال الأمريكية الشنيعة , وسط رؤية الرئيس بوتين بأنه: "على الولايات المتحدة الكف عن نهب سوريا وإعادة نهر الفرات إلى سيطرة الدولة السورية" ، وشدد على ضرورة :"مرور كافة المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الدولة السورية , وعدم تسييس ملف المساعدات الإنسانية , ووقف العقوبات , وتفعيل الإلتزام الدولي بإعادة إعمار سورية بدون شروط سياسية.

كذلك ناقشت القمة الثلاثية ما يتعلق بالعملية العسكرية التركية التي يحشد ويهدد بها الرئيس التركي , الذي سمع كلاماً إيرانياً يؤكد أنها ستصب في صالح الإرهابيين ..

كذلك اهتمت القمة بعشرات المواضيع والملفات التي من شأنها تطوير العلاقات الإقتصادية والمشاريع المشتركة الجديدة بين الدول الثلاث , كزيادة التبادل التجاري بين روسيا وإيران بنسبة 40٪ , وتوقيع شركة غازبروم مدذكرة تعاون مع شركة النفط الإيرانية شملت العديد من المشاريع تصل قيمتها الإجمالية إلى 40 مليار دولار , بالإضافة إلى عدد من المشاريع الروسية الإيرانية المشتركة , كإنشاء خط للسكك الحديدية بطول 146 كيلومتر داخل إيران , وإنشاء ممر نقل يربط روسيا وأذربيجان وإيران بالسكك الحديدية ، ومشاريع قطارات تصل سانت بطرسبرغ بموانئ الخليج العربي... ناهيك عن التعاون البيني في مجال الطاقة النووية ، وزيادة التعامل التجاري الثنائي بالعملات الوطنية لكلا البلدين , كذلك سيقوم الجانب التركي بدراسة التخلي عن الدولار في تعاملاته مع روسيا وإيران , كما تطرق اجتماع طهران إلى الأمن الغذائي ، والتعاون النشط بين روسيا وتركيا.

وفي الختام , وعلى مرأى العالم , سادت الأجواء الودية والإيجابية قمة طهران , وتطرقها إلى الجوانب الإنسانية للقضايا السياسية , والبحث عن إستقرار المنطقة أمنياً وسياسياً وإقتصادياً , بعيداً أجواء قمم بايدن ومخططات واشنطن العدوانية , وضغوطها التي حاولت فرضها على قادة القمم في المنطقة وعاد خائباً ... ويبقى من المهم , تقييم أفعال السلام وقممها , ومقارنتها بقمم تكثيف التاّمر والعدوان والتمسك بإحتلال أراضي سوريا وعدم مغادرة منطقة الشرق الاوسط , وبتهديد كافة دولها والإقليم والعالم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/7/2022