Saturday, July 9, 2022

ليبيا .. مثلث الصراع تحت المبضع الأمريكي - م. ميشال كلاغاصي


لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية , بتدمير ليبيا وتقسيمها وإنقسامها وبسرقة ثرواتها , ولا زالت تصر على عدم منحها فرصة الإستقرار وتقدم ونجاح التسوية السياسية , للوصول إلى الإنتخابات .. وعمدت إلى استغلال  تدهور الأوضاع المعيشية ، لدفع الحراك الشعبي مجدداً ، لتتحول الإحتجاجات إلى فوضى وأعمال تخريب وحرق ونهب متعمد.. واقتحام مئات المحتجين مبنى البرلمان في مدينة طبرق ، وإشعال النيران وإحراق الوثائق الرسمية والمكاتب وقاعات الإستقبال ، والمطالبة بحل البرلمان وبنقل جميع السلطات الإنتخابية إلى المجلس الأعلى للدولة - بحسب وكالة الأنباء الليبية -.

وعلى غرار فشل العام الماضي , تفشل ليبيا في تنظيم الإنتخابات لهذا العام أيضاً برعاية الأمم المتحدة ، والتي كان من المفترض أن توحد كافة المناطق الليبية ، والأمر الذي ساهم بزيادة عمق الأزمة السياسية , وتفاقم الصراع المرير على السلطة بين حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها غربي البلاد بقيادة عبد الحميد دبيبة ، وحكومة فتحي باشاغا ومقرها سرت في شرقها , ودخول طرفٍ ثالث على خط الصراع ، مع أعلان أنصار سيف الإسلام ، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ، تشكيل حكومة مستقلة جنوب البلاد , الأمر الذي يفرض مثلثاً جديداً للصراع والنزاع على السلطة تحت المبضع الأمريكي.

فمنذ إعلان سيف الإسلام ، طموحاته السياسية في ليبيا عام 2021 ، وترشحه للإنتخابات الرئاسية , كان يُنظر إليه على أنه خليفة والده الراحل , وتزايد الإلتفاف والدعم الشعبي حوله , والتفاؤل بفوزه في الإنتخابات الرئاسية , في الوقت الذي لا يلقى فيه ترحيب مخططي الربيع العربي في الغرب , الذين ساهموا بفعالية وبتسليط سيف "عدالة" المحكمة الدولية في لاهاي , وبإصدار مذكرات بإعتقاله بتهم الإضطهاد والقتل.

وبحسب وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي الليبية ، يؤمن الليبيون بوجود مخطط أمريكي وبتمويل كبير يغذي التظاهرات الجديدة التي تشهدها ليبيا , وبأن واشنطن عازمة على إثارة ثورة جديدة ، وزعزعة استقرار الوضع السياسي الحالي الهش في ليبيا , بهدف إيصال موالين لها إلى سدة السلطة , للحفاظ على استمرار تدفق المكاسب وعائدات النفط الليبية نحو الجيوب الأمريكية.

لم تخف واشنطن تورطها ووقوفها وراء الإضطرابات في ليبيا , وبدا ذلك جلياً من خلال حديث السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند عن "إحتمالية أن تجرى الإنتخابات المقبلة ما بين حكومتين" , وبتأكيد ستيفاني ويليامز ، المستشارة الأمريكية للأمين العام للأمم المتحدة , على "ضرورة حماية التظاهرات السلمية" , وسبق للمستشارة تأكيدها عجز المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس , وعدم قدرتها على إدارة عائدات بيع المنتجات النفطية , واقتراحها بإنشاء آلية "مؤقتة" تسمح للهيئة الدولية بالسيطرة الكاملة على قطاع الطاقة في البلاد .. الأمر الذي يؤكد نوايا وأهداف المستشارة من ورائها , الإستمرار بسرقة عائدات النفط الليبية ، بصورة رسمية.

باتت قباحة السياسة الأمريكية وأهدافها الواضحة , بعدما ساهمت بشكل كبير بتأجيج الصراع داخل ليبيا وبمحاولات تقسيمها , كذلك سعيها واستغلالها الأزمة الليبية لتأجيج الصراع الدولي حولها .. أمورٌ بمجملها كانت نتيجة مخططها الخبيث بخلق "الربيع" الأسود والمزور , وبدفع البلاد نحو صراعاتٍ سيطول أمدها , وهذا بدوره لا بد وأن يدفع الليبيين للتمسك بوحدة البلاد , وبدعم الإنتخابات الرئاسية والعملية السياسية برمتها , وبإنتخاب من يحرصون على إنهاء الألم , وإعادة الأمن والإستقرار للدولة والشعب الليبي , وإلى لفظ من يسيرون كالدمى وراء الأهواء والألاعيب والأهداف الأمريكية المدمرة , الذي يصح فيها القول "أين تحل أمريكا يحل الخراب والدمار".

م. ميشال كلاغاصي // 6/7/2022

 

No comments:

Post a Comment