Saturday, July 9, 2022

"حرب الغاز" .. خنجر واشنطن في قلب حلفائها الأوروبيين - م. ميشال كلاغاصي


من البوابة الأوكرانية , شنت الولايات المتحدة "حرب الغاز" على روسيا , وفرضت حزم متتالية من العقوبات غير القانونية لتقييد تدفق الغاز الروسي نحو أوروبا , وتعطيل مشروع نورد ستريم 2 , بالتأكيد كانت دول الإتحاد الأوروبي هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب ، ووجدت نفسها تحت رحمة واشنطن , وهرعت لتأمين البدائل وسط الارتفاع الجنوني لأسعار الطاقة ومختلف السلع والمواد الغذائية ، وسط إفلاس وإغلاق العديد من الشركات الأوروبية ، وتراجع القدرة التنافسية الأوروبية عموماً أمام الولايات المتحدة .. ويبقى أهم ما يمكن الحديث عنه هو وقوع الدول الأوروبية في فخ الإعتماد الكامل على الولايات المتحدة لتأمين الطاقة.

بات على القادة الأوروبيين التوجه نحو شعوبهم , والإعتراف بفشل تبعية الإتحاد الأوروبي العمياء للولايات المتحدة , وبنجاح عملاء وأتباع واشنطن بإغماد خنجرها في قلب حلفائها الأوروبيين , كـ زيلينسكي في أوكرانيا , وشولتز في ألمانيا , وماكرون في فرنسا , وغيرهم , بالإضافة إلى جوقة المرتزقة في بروكسل.

ولم يعد خافياً , سعي الولايات المتحدة الحثيث لإستهداف أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية والعالمية , على أنه جزء من سياسة العقوبات على روسيا ، لكنها في الحقيقة استهدفت إضعاف أوروبا , وتحويل استقرارها الإقتصادي السابق إلى إقتصاد تابع مضطرب ضعيف , وعلى حافة الإنهيار. 

تأخر الأوروبين , شعوباً وأحزاب معارضة , ونقابات وجمعيات المجتمع المدني ...إلخ , بإطلاق ألمهم صراخاً وتمرداً في وجه الولايات المتحدة , وبوجه قادتهم الخونة , ولا يمكن استبعاد ولادة وتصاعد الخلاف ما بين واشنطن وبروكسل , خصوصاً بعد انقشاع ضبابية المشهد , وسقوط الأقنعة الأطلسية , ووقاحة "حرب الغاز" التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية.

إن سير الدول الأوروبية وراء السياسة الخارجية الأمريكية , والسعي وراء تدمير الإقتصاد الروسي , وتعطيل إمداداته للطاقة والغاز , واتحاد تلك الدول وراء رفض موارد الطاقة الروسية , جعل تكلفة الحصول على الطاقة في أوروبا هي الأعلى على المستوى العالمي , ودفع الرئيس الروسي للحديث عن البديهيات الأساسية للإقتصاد, والعلاقة بين العرض والطلب , والتي تجاهلها القادة الأوروبيون , فتحولت برأيه إلى "درس مرير".

لا يمكن الوقوف عند العواقب والأثمان التي يدفعها حالياً ومستقبلاً المواطنون الأوروبيون , والإقتصاد الأوروبي , والشركات والمصانع وغير ذلك , ولا بد من أثمان سياسية , ستدفعها القيادات والحكومات الأوروبية , كفواتير مستعجلة , قبل أن يحل الشتاء والبرد القارص , وتفتك الحاجة والفاقة والجوع بالمواطنين الأوروبيين , وياله من "درسٍ مرير" بات عليهم استيعابه , والإهتمام بمصالح شعوبهم , عوضاً عن الرضوخ والتبعية لمجرمي واشنطن ولندن .  

وحدهم فاقدي البصر والبصيرة ممن لا زالوا يراهنون على إنتصار زيلينسكي , وعلى "هزيمة روسيا في الميدان" بحسب رؤية "العرّاف" ينس ستولتنبرغ , بالتوازي الأرباح الكبيرة التي حققها الروبل الروسي أمام الدولار الأمريكي , والذي أصبح اليوم أحد أهم العملات حول العالم , وبتلك المستويات القياسية لأرباح الصادرات الروسية في الأسواق الخارجية , وذاك الفائض التجاري الروسي القياسي لهذا العام ، وبإستمرار مبيعات النفط والغاز الروسية .. أمورٌ بمجملها تلخص نتائج وحصاد مخطط "تدمير الإقتصاد الروسي" , وتعكس ما لم يتوقعه أغبياء أوروبا والإتحاد الأوروبي .

أي سرابٍ ما زالت تبحث عنه الماكينات الإعلامية الأمريكية , وبالترويج إلى "الغزو" الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بإنهيار الصناعات في أوروبا وبزيادة الأسعار!, هل يعقل أن تتلاعب الصحافة الأمريكية بعقول شعوب إحدى أقدم القارات في العالم , وهي التي حبلت وولدت من رحمها شيطاناً , ودعته الولايات المتحدة الأمريكية...

ومع ذلك لا بد للأوروبيين أن ينصتوا بجدية , وسط هذا الجنون , إلى صوت العجوز وثعلب الدبلوماسية , وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر , أمام المنتدى الاقتصادي في "دافوس" حول "ضرورة الإسراع بإنهاء الحرب الأوكرانية" , قبل فوات الأوان , وبأن تكون أوكرانيا دولة محايدة ، وألاّ تكون جزءاً من حلف الناتو , أو عضواً في الإتحاد الأوروبي.

م. ميشال كلاغاصي

27/6/2022

 

No comments:

Post a Comment