Sunday, July 31, 2022

ما بين زيارات وقمم بايدن وبوتين في الشرق الأوسط والمنطقة - م. ميشيل كلاغاصي


حظيت منطقة الشرق الأوسط مؤخراً بإهتمام وتركيز سياسي مكثف , إرتكز أساساً على بنية الصراعات الجيوسياسية التي اتسمت بطابع عسكري ساخن وإقتصادي لا يقل شأناً , بل يحتل المرتبة الثانية بعد الصراع الوجودي والتهديد المباشر لأمن دول المنطقة واستقرارها , وعليه استقطبت المنطقة زيارة للرئيس جو بايدن والقمم التي عقدها مع حلفائه , وزيارة للرئيس بوتين إلى طهران والقمة الروسية الإيرانية التركية ...

لم تخف كلا الزيارتين للرئيسين الأمريكي والروسي , طبيعة الإختلاف الكبير بين السياسة الخارجية الروسية والأمريكية , في وقتٍ تطلعت فيه الأولى نحو خلق ظروف إنسانية لبناء السلام في المنطقة بما يلبي المتطلبات العالمية ، فيما التزمت الثانية بتعميق النزاعات والمواجهات القائمة والقادمة والمرتبطة بالصراع الأمريكي ضد سوريا وعرب المقاومة من جهة , وروسيا والصين وإيران من جهةٍ أخرى.

فقد رصدت كافة وسائل الإعلام حول العالم , طبيعة الخلاف والإختلاف الفعلي في نهج كلٍ من موسكو وواشنطن , تجاه مشاكل العالم الحالية ، والتي تبين أنها لم تكن لصالح جو بايدن , وعكست النفوذ الروسي المتزايد على حساب التراجع الأمريكي , الأمر الذي رصدته صحيفة "وول ستريت جورنال" في 18 يوليو/تموز , وقيمت زيارة جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية , بأنها لم تكن ضارة بمصالح الولايات المتحدة فحسب ، بل كانت مصدر إحراج كبير للرئيس الامريكي , وأظهرت عجزه بإحراز أي تقدم في الملفات الرئيسية التي حملها إلى المنطقة.

كذلك وفي الوقت ذاته , رصدت وسائل الإعلام النتائج الإيجابية الهامة للقمة الثلاثية , التي صدرت في البيان المشترك بعد لقاء قادة روسيا وطهران وتركيا , التي شددت على ضرورة تسهيل تسوية الأوضاع في سوريا ، وإنهاء الحرب الخارجية عليها , وخروج قوات الإحتلالين التركي , والأمريكي المسؤول بالدرجة الأولى عن عدم استقرار الدولة السورية .

لقد أظهرت مواقف كلا الزيارتين , إصرار واشنطن على استمرار وجودها العسكري اللاشرعي في سوريا , وأكدت أنها "لن تترك الساحة لروسيا والصين وإيران" , في حين جاءت مواقف موسكو وطهران لتدحض إتهامات وأضاليل واشنطن وشيطنتهما , وهما الساعيتان لإيجاد الحلول وتكريس الأمن والإستقرار في سوريا والمنطقة , فالبيان المشترك لقمة طهران , أكد الإتزام بتعزيز التعاون الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا من أجل تحقيق تطبيع مستدام وقابل للإستمرار في سوريا , وعلى حل الأزمة فيها من خلال الدبلوماسية , وبأن يكون الحل سوري – سوري , ودون تدخل خارجي.  

كما أدانت القمة الثلاثية العقوبات المفروضة على سوريا ، والأفعال الأمريكية الشنيعة , وسط رؤية الرئيس بوتين بأنه: "على الولايات المتحدة الكف عن نهب سوريا وإعادة نهر الفرات إلى سيطرة الدولة السورية" ، وشدد على ضرورة :"مرور كافة المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الدولة السورية , وعدم تسييس ملف المساعدات الإنسانية , ووقف العقوبات , وتفعيل الإلتزام الدولي بإعادة إعمار سورية بدون شروط سياسية.

كذلك ناقشت القمة الثلاثية ما يتعلق بالعملية العسكرية التركية التي يحشد ويهدد بها الرئيس التركي , الذي سمع كلاماً إيرانياً يؤكد أنها ستصب في صالح الإرهابيين ..

كذلك اهتمت القمة بعشرات المواضيع والملفات التي من شأنها تطوير العلاقات الإقتصادية والمشاريع المشتركة الجديدة بين الدول الثلاث , كزيادة التبادل التجاري بين روسيا وإيران بنسبة 40٪ , وتوقيع شركة غازبروم مدذكرة تعاون مع شركة النفط الإيرانية شملت العديد من المشاريع تصل قيمتها الإجمالية إلى 40 مليار دولار , بالإضافة إلى عدد من المشاريع الروسية الإيرانية المشتركة , كإنشاء خط للسكك الحديدية بطول 146 كيلومتر داخل إيران , وإنشاء ممر نقل يربط روسيا وأذربيجان وإيران بالسكك الحديدية ، ومشاريع قطارات تصل سانت بطرسبرغ بموانئ الخليج العربي... ناهيك عن التعاون البيني في مجال الطاقة النووية ، وزيادة التعامل التجاري الثنائي بالعملات الوطنية لكلا البلدين , كذلك سيقوم الجانب التركي بدراسة التخلي عن الدولار في تعاملاته مع روسيا وإيران , كما تطرق اجتماع طهران إلى الأمن الغذائي ، والتعاون النشط بين روسيا وتركيا.

وفي الختام , وعلى مرأى العالم , سادت الأجواء الودية والإيجابية قمة طهران , وتطرقها إلى الجوانب الإنسانية للقضايا السياسية , والبحث عن إستقرار المنطقة أمنياً وسياسياً وإقتصادياً , بعيداً أجواء قمم بايدن ومخططات واشنطن العدوانية , وضغوطها التي حاولت فرضها على قادة القمم في المنطقة وعاد خائباً ... ويبقى من المهم , تقييم أفعال السلام وقممها , ومقارنتها بقمم تكثيف التاّمر والعدوان والتمسك بإحتلال أراضي سوريا وعدم مغادرة منطقة الشرق الاوسط , وبتهديد كافة دولها والإقليم والعالم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/7/2022

 

No comments:

Post a Comment