Sunday, July 31, 2022

الأكاذيب الأمريكية الإستباقية حول القمة الثلاثية في طهران - م. ميشيل كلاغاصي

 

ما إن تم الإعلان عن الزيارة التاريخية التي سيقوم بها سيد الكرملين إلى طهران , ولقاء الرئيسين الإيراني والتركي , حتى أطل جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن برأسه حاملاً "نبوءة" أمريكية جديدة مفادها "استعداد إيران لإرسال مئات الطائرات بدون طيار إلى روسيا" ... على ما يبدو أنه يعرف ما لم تفكر فيه طهران , وما لم تتوقعه موسكو , وما لا يمكن أن تشهد عليه تركيا ..!

لقد بشر المستشار سوليفان "بنبوءة" كبيرة , ستدعم برأيه من دون أدنى شك , قدرات روسيا العسكرية الهجومية , وستقدم للمختصين الروس فرصة نادرة للتدريب على المسيرات الإيرانية , لكنه لم يحدد نوعيتها , إن كانت الطائرات حربية أم استطلاعية ولم يحدد طرازها , وسط عديد الطائرات من دون طيار التي تنتجها إيران , الأمر الذي كشف فشله كمتنبئ وعارف , ووضعه في خانة من لا يعرفون لكنهم يتشدقون ويكذبون , ومن المثير للضحك , أن ينزلق أمين عام خارجية الإتحاد الأوروبي ستيفانو سانينو , ويبتلع الإكذوبة ويعتبر أن في هذا "تطور خطير" ..!

يبدو أن العقل المفكر للأمن القومي الأمريكي السيد جيك سوليفان , اختلق أكذوبته الجديدة بناءاً على تصريح الناطق بإسم وزارة الخارجية الإيرانية مؤخراً عن "التعاون بين طهران وموسكو في مجال التكنولوجيا والتقنيات العالية , الذي بدأ منذ ما قبل الأحداث في أوكرانيا", واستخلص جيك ترويجاً كاذباً لبناءٍ جديد للإتصالات العسكرية ما بين طهران وموسكو , ووضع نتائج أكاذيبه في خدمة الجولة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط , وأجندات التجييش والحشد وبناء التحالفات الجديدة – القديمة ضد طهران وموسكو , بتأكيد الوزير أنتوني بلينكن , بأن الزيارة والقمم مع القادة العرب ستناقش "مواجهة التهديدات المشتركة ، بما في ذلك التهديدات الإيرانية" , بما يصب في خانة تسهيل الإملاءات الأمريكية على هؤلاء القادة , وتأكيد "عدوانية" موسكو وطهران , بما يسمح لإدارة بايدن بإقناع السعودية بخفض أسعار النفط بهدف منع تفكك الصف الأوروبي الذي تبنى العداء والمواجهة مع موسكو في أوكرانيا , وبعرقلة التوصل للإتفاق النووي النهائي مع طهران , وطمأنة العدو الإسرائيلي بالحماية العربية والدمج المزعوم للكيان في المنطقة , بهدف إعادة إحياء ودفع صفقة القرن إلى الواجهة مجدداً , مقابل تعزيز العلاقات الأمريكية السعودية , وقبول ولي العهد ملكاً مستقبلياً على العرش السعودي , وإعادة تنظيم وإنتظام الخليجيين وبعض الدول العربية المطبعة في الصف الأمريكي , وقطع الطريق على التقدم الروسي والإيراني , والإنجازات السلمية وعلاقاتهما المتوازنة مع تلك العروش والحكومات.

بعيداً عن أكاذيب جيك سوليفان , لا بد لزيارة الرئيس بوتين إلى طهران وانضمام الرئيس التركي , وعقد قمةٍ ثلاثية كونهم رؤساء الدول الضامنة , بهدف مناقشة عملية السلام في سوريا وإنهاء الحرب الخارجية عليها , وليس من أجل مناقشة التهدئة فقط , بحسب ما ذهب إليه وأوضحه الناطق بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف.  

من المؤكد أن طهران بصدد استقبال وعقد قمةٍ تاريخية , مبنية على العلاقات التاريخية والمتينة والمتنامية ما بين طهران وموسكو وأنقرة , ناهيك عن الأجواء الإيجابية التي سادت بينهم خلال قمة بحر قزوين التي عقدت مؤخراً في عشق اّباد , واستطاعت تقديم الحلول لتجاوز العقوبات الأمريكية والوصول إلى المحيط الهندي , والتي أعلن الرئيس بوتين من خلالها , عزم بلاده على توسيع البنية التحتية للموانئ في منطقة بحر قزوين , بما يضمن نجاح مشروع نقلٍ بطول 7200 كيلومتر , يصل بين سانت بطرسبرغ مروراً بموانئ إيران والهند , واختصار الطريق التقليدي عبر أوروبا وقناة السويس.

ومن المحتمل أن تستمر في طهران مناقشة هذا الممر الواعد وأهميته , ومناقشة عشرات القضايا الهامة , خصوصاً كتلك المتعلقة بخفض منسوب التوتر والتصعيد العسكري والحروب والعدائية الأمريكية التي فرضتها على غالبية الدول حول العالم , وكذلك مناقشة عدد من القضايا الأساسية المتعلقة بسمات عالم التعددية القطبية الجديد , كالتخلي عن الدولار واليورو في العلاقات الثنائية , وأقله ما بين بعض الدول , ناهيك عن مناقشة حل أزمة الحبوب والجفاف في إيران , مع الجانب التركي ومحطاته الكهرومائية على نهر الفرات , بما سيساعد موسكو طهران على حل هذه المشكلة من خلال توفير الغذاء بأسعار معقولة , وليس عبر أكاذيب سوليفان بمقايضة المنتجات والمحاصيل الغذائية الروسية بالمسيرات الإيرانية , والتي تجعله يتفوق على أكاذيب كولن باول وترامب وبومبيو وبايدن وبلينكن , بالحد الأدنى.

ميشال كلاغاصي

15/7/2022

No comments:

Post a Comment