Sunday, July 31, 2022

مطاردة أمريكية فرنسية أوروبية يائسة لزيارة لافروف إلى أفريقيا - م. ميشيل كلاغاصي


يالها من مطاردة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانوييل ماكرون ولاحق الوزير لافروف في جولته الأفريقية بزيارةٍ مماثلة , كردة فعل وبطريقةٍ تفضح إمتعاضه من وجود الوزير الروسي في القارة السوداء , وهي التي يعتبرها الفرنسيون ملكية خاصة لنفوذهم عبر عقود طويلة تمتد لأزمنة الإستعمار القديم , كذلك أثارت الزيارة حماسة رئيس الدبلوماسية الأوروبية ، جوزيب بوريل ، ودهشته لحجم النفوذ الروسي بما يفوق النفوذ الأوروبي في أفريقيا , في وقتٍ اعتبر فيه البنتاغون أن التواجد الروسي يشكل تحدياً رئيسياً لمصالح الولايات المتحدة في أفريقيا.

لم يكتف الرئيس الفرنسي بزيارة – الملاحقة - , وحاول التأثير على نتائج جولة لافروف , وتحدث في مؤتمرٍ صحفي في بنين واتهم موسكو بسعيها لتحقيق أهداف مختلطة "بإستخدام المعلومات والطاقة والغذاء كسلاح , واستفاض بشرح كلامه , مؤكداً " أن الوجود الروسي المختلط في إفريقيا لا يبدو تعاوناً بقدر ما هو تواطؤ مع السلطات السياسية الضعيفة , وهذا أمرٌ مقلق".

ومن خلال تكامل الأدوار , في استهداف زيارة لافروف إلى أفريقيا , تحدث بوريل عن أن الهدف الروسي من الزيارة هو "إقناع الأفارقة بمسؤولية العقوبات الأوروبية" عن كل ما يحصل وينشر في الإعلام الغربي , وقوله: "سأذهب إلى أفريقيا لأقول عكس ذلك".

لم يبدِ كل من الرئيس ماكرون وصديقه بوريل , أهميةً للمشاكل والأزمات التي تعاني منها الكاميرون , من تهديدٍ إرهابي وإنفصالي , وصبا إهتمامهما على الدور الروسي في أفريقيا , ولينتقد ماكرون رفض قادة الدول الأفريقية العقوبات على روسيا , من الواضح أن ضعف ماكرون وغطرسته جعلاه يتجاهل إدراك الدول الأفريقية الأسباب الجوهرية للخلل السياسي العالمي , عبر تمسك الغرب بالأحادية القطبية كحق حصري للولايات المتحدة , وبالقيادة والسيطرة الفرنسية الكاملة على المستعمرات الفرنسية السابقة في أقريقيا.     

لقد أغفل ماكرون والأمريكيون والسيد بوريل , الإستياء الأفريقي من الدور الفرنسي السابق , ورغبتهم بمنع إستمراره وامتداه نحو مستقبلهم , وبأنهم أصبحوا أكثر إنتقائية في اختيار شركائهم كالروس والصينيون , لتجاوز الأزمات والصعوبات التي تمر بها غالبية دول القارة السمراء , ناهيك عن المراقبة الأفريقية لتراجع الدور الفرنسي في أفريقيا وأوروبا والعالم , واضطرار فرنسا المتاّمرة على الماليين للخروج والفرار من مالي , وحلول القوات الروسية مكانها لمساعدتهم في الحرب على الإرهاب والإرهابيين الذين دعمتهم فرنسا هناك , وسط ترحيب عدد من الدول الأفريقية بجهود المستشارين العسكريين الروس.

يعتقد الفرنسيون أن موسكو تحاول القضاء على الوجود والنفوذ الفرنسي في أفريقيا , لكنها لا تنظر إلى الخلف وترى قذارة أفعالها , وسلوكها اللصوصي المشين بحق الدول والشعوب الأفريقية التي لا تزال تستعمرها , تحت عناوين لفظية , لا تغير من الواقع والنتائج .. في الوقت الذي تحدث فيه الوزير لافروف خلال لقائه مع قادة جمهورية الكونغو ونظيره الإثيوبي , عن "التقاليد الروسية الجيدة للتعاون العسكري والتقني , ومراعاة مصالح أصدقائنا الإثيوبيين في ضمان قدراتنا الدفاعية" , تلك القدرات التي سبق لروسيا أن قدمتها العام الماضي من خلال تعاونها العسكري مع نيجيريا , وإثيوبيا التي زودتها بالأسلحة الإستراتيجية لدعم الحكومة لمواجهة الإنفصاليين في تيغراي , ناهيك عن الدعم الذي تقدمه لمصر بهدف إنضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس بلاس.

من المهم النجاح الذي حققته زيارة الوزير لافروف , على الرغم من جهود ماكرون وبوريل لإفشالها , ومهدت الطريق أمام لقاء الرئيس بوتين القادم مع كبار القادة الأفارقة , كرئيس الاتحاد الأفريقي , ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي , لمناقشة الحلول لأزمات الغذاء والحبوب , على غرار الحل الروسي بالوساطة التركية في أوكرانيا. 

لا يمكن النظر للإهتمام الروسي بالقارة الأفريقية على أنه تحدي للمصالح الأمريكية والفرنسية وغيرها , فغالبية دول العالم تتجه أنظارها نحو القارة السمراء , كروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وتركيا وعدد من الدول العربية , وتنظر إليها بنظرة مستقبلية وبإمتلاكها الحظوظ والفرصة لتكون منطقةً عالمية رئيسية.

في الختام .. يبدو أن تراجع الدور والنفوذ الفرنسي , والأوروبي عموماً والإتحاد الأوروبي في أفريقيا , لا يشكل بحد ذاته مناسبة لتهديد المصالح الأمريكية وحلفائها , وأنه يأتي في سياق الأخطاء الإستراتيجية الجسيمة التي انتهجها البيت الأبيض والأوروبيين هناك , ناهيك عن الإنقياد الأعمى للحكومات الأوروبية وراء السياسة الخارجية للولايات المتحدة , واّل بهم المطاف نحو إنتظار نهاية الحرب في أوكرانيا , التي جعلتهم ينالون نصيبهم من لفحات "الحر" , وعيونهم شاخصة على تفادي برد الشتاء القادم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

29/7/2022

 

No comments:

Post a Comment