Tuesday, July 12, 2022

بايدن من "إسرائيل" إلى جدة .. لضمان أمن واستقرار المنطقة أم لإشعالها ؟ - م. ميشيل كلاغاصي


تبدو دعوة ملك السعودية للرئيس جو بايدن لزيارة المملكة , كدعوة ليلى للذئب , حيث ستبدأ زيارة بايدن من "إسرائيل" وتنتهي في السعودية خلال الفترة من 13 إلى 16 يوليو / تموز الحالي , وسط إدراك الملك السعودي بأن هذه الدعوة المكلفة , لن تجعل الرئيس بايدن والديمقراطيين الأمريكيين من خلفه , يتجاهلون حقيقة رحيل الملك في أية لحظة , وإعتلاء ولي عهده العرش إلى ما لا يقل عن خمسين عاماً .. وهذا يدعو للتساؤل عن الأهداف القريبة والبعيدة للدعوة , ولقبول الزيارة ..!

يأتي هذا , في وقتٍ لا تعيش فيه العلاقات السعودية – الأمريكية أياماً سعيدة , على خلفية العديد من المواقف الخلافية المتباينة لكلا الطرفين , منها موقف المملكة من روسيا والحرب الأوكرانية , والعلاقة السعودية – الروسية المتنامية , بالإضافة إلى الإستياء السعودي من تخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط , وتحديداً بسحب منظومات الصواريخ من السعودية , كذلك مواقف واشنطن من الحرب على اليمن والتصنيف الأمريكي للحوثيين , ورفض السعودية الإنخراط بزيادة إنتاج النفط لخفض أسعاره العالمية, وإلحاق الضرر بالإقتصاد الروسي بطلبٍ أمريكي.

كيف يقبل بايدن دعوة ابن سلمان وهو الذي أبدى استعداده لمحاكمته نتيجة تورطه بقتل الصحفي "جمال الخاشقجي" , وبمنحه في الوقت ذاته انتصاراً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً ، وصكاً أمريكياً بقبوله ملكاً شرعياً , هل يفكر بايدن بإغرائه بالعرش , ودفعه لخرق إتفاقية أوبك بلاس , ولقبول إعلان التطبيع العلني مع تل أبيب , والإنتقال صراحةً نحو زعامة تحالفٍ كبير ضد إيران في المنطقة , على خلفية دعم واشنطن للدور السعودي في إعادة ترميم العلاقات الخليجية - الخليجية ( مجلس التعاون الخليجي ) , وإعادة بلورتها بما يخدم مصالح الولايات المتحدة المستقبلية معها , وتحديداً ما يتعلق بالنفط.

في الوقت الذي يحرص فيه السعوديون على التعامل مع إدارة بايدن ، لكنهم يخشون أن يكون تقارباً مؤقتاً , قد يتلاشى مع انتهاء الصراع الأمريكي – الروسي في أوكرانيا , وطي صفحة عزل روسيا دولياً , وداخل أوبك.

يبدو من المنطقي للمملكة , إن كانت صادقة في دعم إستقرار المنطقة , أن تركز إهتمامها على الحوار والمفاوضات وليس على المواجهة مع إيران , والذي أسفر عن بعض النتائج المثمرة خصوصاً ما يتعلق بوقف إطلاق النار, وهذا بدوره يدعم ما تحدث عنه وزير الخارجية السعودي , بأن بلاده تدعم "إستقرار المنطقة" , إن التقارب مع إيران يتطلب ضمانة أو ثقلاً دولياً يضمن التوازن , وهذا ما تستطيع موسكو تقديمه لولي العهد أكثر مما يمكن أن تتعهد به لفظياً إدارة بايدن خلال الزيارة , إذ لا يمكن للسعوديين تجاهل إحتمالية إنقلاب واشنطن على تعهداتها وإتفاقاتها , وتعود إلى نغمة محاكمة ولي العهد - الملك المستقبلي  , وسط إنتقادها الدائم لما تسميه "إنتهاكات حقوق الانسان التي تمارسها السعودية".

لا بد من قراءة الأبعاد الدولية للزيارة , ورغبة واشنطن بحماية مصالحها في الشرق الأوسط وقيادته بشكلٍ مباشر, بتأكيد الرئيس بايدن في مقاله مؤخراً في صحيفة الـ واشنطن بوست , ناهيك عن مصالحة واشنطن بنسف وأقله إبطاء مسار تطوير العلاقات السعودية مع كلكٍ من روسيا والصين , لن يكون بعيداً عن امتثال السعودية للمطلب الأمريكي بزيادة إنتاج النفط , وتقييد أسعاره حفاظاً على المصالح الأمريكية ومراعاةً منها لحلفائها الأوروبيين الذين يقاتلون موسكو بالوكالة الأمريكية.

في وقتٍ يبدو فيه المطلب الأمريكي , في إطار حرمان السعودية والدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط , من عائدات إرتفاع أسعار, استمراراً لنهجها في سرقة الثروات العربية , بالتعاون مع العرب أنفسهم .

إن الحديث عن دمج "اسرائيل" في منظومة عربية وتحالفٍ عسكري دفاعي ضد إيران , يهدف إلى ضمان وجود ومصالح الكيان الغاصب وأمنه , الأمر الذي راّه الإيرانيون بأنه يشكل استفزاز وتهديد للأمن القومي الإيراني , في الوقت الذي يشكل تهديداً قوياً لسوريا على مستوى أمنها القومي وسيادتها ووحدة أراضيها , خصوصاً مع تواتر الحديث عن التوافق الأمريكي الإسرائيلي ولبعض العرب والخليجين , حول النيات بإقامة منطقة اّمنة في الجنوب السوري , تكون على غرار تلك التي يتحدث عنها رأس الإرهاب التركي الرئيس أردوغان , بضوءٍ أخضر أمريكي .

لا يمكن التكهن , أو التسرع في تأكيد ما يشاع عبر وسائل الإعلام , ويبقى الإنتظار والترقب خلال الساعات القليلة القادمة للزيارة , وبإنتظار ما سيكشف ويعلن من تفاصيلها , وسط الإعتقاد بأن ما خفي سيكون أعظم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

11/7/2022

 

No comments:

Post a Comment