Friday, December 13, 2019

هزيمة جديدة للولايات المتحدة في لبنان - م.ميشيل كلاغاصي

عدة أسابيع ولا يزال المشهد الإعلامي يرصد تظاهرا ًوحراكا ًوإنقلابا ًفي سلوك الكثير من اللبنانيين تجاه فساد غالبية قادتهم السياسيين التقليديين ونظامهم السياسي - الطائفي, الذين أوصلوا البلاد إلى حافة الهاوية بعدما حكموا البلاد لعقود طويلة, دون إحراز أي تقدم على مسار الإصلاحات السياسية والإدارية, أو الإهتمام بالبنى التحتية أو بتوفير فرص العمل .. شوارع غصت بالمحتجين تحت نير الفقر والعوز, وسط غياب الدولة وتغييبها عن قيامها بواجباتها تجاه مواطنيها في الإطار العام, وإنكفاء غالبية أركانها نحو تحقيق المصالح الفردية والشخصية والحزبية لساسةٍ أصابتهم التخمة وتعفنوا على مقاعد الحكم ...

هو دائما ًالإنقسام القديم ذاته في الشارع الوطني والطائفي, ما بين لبنان الكبير والصغير, لكن التدخل الخارجي الغربي والضغط الأمريكي وسّع الشرخ وخنق الجميع ليدفع بهم نحو الشارع, وأصاب الإقتصاد اللبناني من بوابة السلوك السياسي للعهد الحالي والعقوبات على حزب الله وشخصيات وكيانات أخرى .. 
ويبقى السؤال هل تستهدف الولايات المتحدة أعدائها في لبنان فقط أم تذهب إلى أبعد وتصل حد استهداف إستكمال إنتصار سوريا وعودة مواطنيها وإعادة إعمارها, وكسر الإرادة الإيرانية في المنطقة... يبدو أن الجواب أتى واضحا ًوصريحا ًعلى لسان المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت بقولها: "الإضطرابات ستتواصل في لبنان وسوريا واليمن وفي أي مكان توجد فيه إيران ما لم تؤتِ حملة الضغوط الأمريكية ثمارها"... فيما أتت تصريحات الوزير بومبيو خليطا ًمتناقضا ًما بين الوعود بمساعدة لبنان وتهديد المقاومة.

من الواضح أن الولايات المتحدة تراهن – حاليا ً- على استدامة الفوضى في دول وأحزاب وبيئات محور المقاومة, كإستراتيجية وحيدة لتمرير فترة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, ولخلق أوراق إبتزاز جديدة, تضاعف عبرها الضغوط على الدولة الإيرانية وتدفعها نحو الأحضان الأمريكية ... فهل حققت الولايات المتحدة شيئا ً من أهدافها حتى الآن؟

يبدو أنّ ما تحقق فعليا ًهو إنتشار حالة الخوف والترقب والغموض, وارتفاع أسعار البضائع, وانخفاض كميات الأدوية والسلع في الأسواق, وخسارة الليرة اللبنانية أكثر من 40% من قيمتها مقابل الدولار, فيما فقد الكثيرون وظائفهم, وبالكاد حصل بعضهم على نصف راتبه ... أما الطرقات فباتت تغلق بأوامر أمريكية وبتنفيذٍ حزبي -  محلي, تابع مأمور محسوب بدقة... وسط وعي كبير لقيادة الجيش اللبناني, التي قرأت خطورة النوايا وسارعت لفتح الطرق الرئيسية وإبعاد "البلطجية".

وكعادته قرأ حزب الله وحلفائه المشهد بشكلٍ صحيح وبعناية وتروي, وحاولوا تجنب الإستفزازات, ودعا السيد نصر الله إلى:"ضبط الأعصاب والصبر والتحمل وعدم الإنجرار إلى أي توتر أو مشكلة", وشكل الحزب مع حركة أمل لجانا ً لضبط شارعيمها.
فيما حاول الرئيس ميشال عون تهدئة الأوضاع والنفوس, وبتسريع إتخاذ الخطوات الدستورية التي من شأنها الإسراع بتكليف رئيسٍ للحكومة, والقيام بكل ما من شأنه تفويت الفرصة على القوى الخارجية ومنعها من استثمارالحراك العفوي والمسيس لصالحها, وكان على وشك تكليفٍ جديد لمرشحٍ جديد "سمير الخطيب", لولا تدخل السلطة الدينية السنية وبعض الأحزاب السياسية لدعم ترشيح الحريري مجددا ً, وسط معارضة البعض الاّخر, وهذا ما ستؤكده الإستشارات بداية الإسبوع القادم.

من المؤكد, أنه يمكن إعتبار كل ما حصل حتى اللحظة يشكل بداية فشلٍ حقيقي للمخطط الأمريكي في لبنان, فقد تمكن حزب الله بحكمته تجنيب لبنان الإنزلاق نحو حربٍ أهلية جديدة, واستطاع دعم وتعزيز مواقف حلفائه, وسيكون لاحقا ًجزءا ًمن الحكومة الجديدة مهما كانت تركيبتها وصيغ تشكيلها, وهو القادر على تقديم شخصيات جديدة من التكنوقراط أو السياسيين, وحتى من الوزراء التقليديين.

وأن يكون حزب الله ممثلا ً بالحكومة الجديدة فهذا من حقه نظرا ً لتمثيله الواسع في البرلمان, الأمر الذي يساعده على منع واشنطن من فرض كلمتها في الداخل اللبناني لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية, خصوصا ًما يتعلق بالملفات الصعبة كحقوق وحدود النفط والمياه, وعودة اللاجئين السوريين, ومنع الولايات المتحدة من التدخل في ملف ترسيم الحدود البرية بين سوريا ولبنان ...
بات فشل الإدارة الأمريكية في تحقيق أيا ًمن أهدافها واضحا ً, على الرغم من إعتلائها موجة المطالب وتبنيها الفوضى والحراك... فقد فشلت في جرّ حزب الله لقتالٍ داخلي, وفي إبعاده عن المشاركة في أية حكومة جديدة, وفشلت في التأثير على طريق المقاومة السالكة نحو سوريا ومنها إلى العراق وإيران وروسيا والصين.

تبدو واشنطن وقد رمت بكل أوراقها في لبنان ولم تحصد سوى الفشل, وعليها توقع المزيد مع إصرارها على عرقلة تأليف الحكومة, ومحاصرة الدولة والشعب اللبناني في لقمة عيشه وبإنهيار إقتصاده, الأمر الذي سيدفع اللبنانيين أكثر فأكثر للإتجاه نحو روسيا والصين, وسيدفع الأوروبيين إلى تخفيف ضغوطهم على العهد الحالي, ولتقديم بعض التنازلات وربما لحرق أوراق إعتماد بعض الشخصيات السياسية, مقابل المحافظة على مصالحهم في لبنان والمنطقة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

14/12/2019

المهندس: ميشيل كلاغاصي
14/12/2019

Friday, November 29, 2019

الأسد وترامب .. مصير الأطماع الإسرائيلية - م.ميشيل كلاغاصي


مع اقتراب إنتهاء الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب, تزداد الحملة الإنتخابية زخما ًوقوة ً, ويزداد معها سعي الإدارة الأمريكية الحالية نحو جذب المؤيدين عبر سلسلة مواقف يمكن بلورتها تحت شعار "إسرائيل أولا ً", فيما لجأ فريق ترامب في الحملة السابقة للتركيز على شعار "أمريكا أولا ً" بهدف الفوز بأصوات الطبقة المتوسطة والتي تشكل الشريحة الأكبر في المجتمع الأمريكي, على الرغم من أن السباق الحقيقي يتمثل بالسعي للفوز بدعم تحالف اللوبي الصناعي الحربي واللوبي الإسرائيلي والقوى التي تمثلها في الكونغرس, الأمر الذي يفسر تحرك البيت الأبيض المتزايد نحو دعم طموحات وأطماع الكيان الإسرائيلي المحلية والإقليمية.
في هذا السياق وفي الحديث عن الزيارة الشهيرة للسيناتور ليندسي غراهام برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي, لأراضي الجولان السوري المحتل, والوعد الذي أطلقه من هناك بإتخاذ خطواتٍ تسهل إعتراف واشنطن بأنها أراضٍ إسرائيلية, بالتوازي مع إصدار الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان الذي ذكرت فيه أن الجولان السوري "أراضٍ تسيطر عليها إسرائيل", وليس أراضٍ "تحتلها إسرائيل".
موقف مستهجن يصدر عن أحد صقور الإدارة الأمريكية, على الرغم من إعتراف العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن بأن الجولان أراضٍ تعود ملكيتها وحق السيادة عليها للجمهورية العربية السورية وأن "إسرائيل" احتلتها خلال عدوانها العسكري عام 1967, كذلك ما جاء في قرار مجلس الأمن في 17 تشرين الأول / ديسمبر 1981 وتأكيده بأن قرار الضم الإسرائيلي الأحادي الجانب غير قانوني وباطل, بالإضافة للإدانات الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة - المستمرة حتى يومنا هذا - لقرار الضم الإسرائيلي.
لكن الإدانات والإنتقادات الدولية لم تمنع ترامب لاحقا ًمن توقيع إعترافه وبلاده بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل, الأمر الذي منحه دعما ًإضافيا ًداخل المجتمع الإسرائيلي, والذي سيتحول إلى دعم ومساعدة المجتمع اليهودي داخل الولايات المتحدة في الإنتخابات القادمة.
من الواضح أن التماهي بين الرئيس ترامب والمجتمع اليهودي المتطرف, سمح لحزب اليمين الجديد بتقديم مشروع قانون ضم المستوطنات في غور الأردن ومستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس وكتلة “غوش عتصيون” جنوبي الضفة الغربية, عبر استغلالٍ واضح للدعم الأمريكي وإدارته الحالية, فيما أعلن رئيس حكومة العدو الإسرائيلي للإعلان عن نيته بتحويل المشروع إلى قانون ضم من بوابة ضمان "الأمن القومي", في سعيٍ واضح لضم عدد كبير من القرى الفلسطينية وبعض المستوطنات داخل خطوط ما دعاها "خريطة الحدود المستقبلية لدولة إسرائيل", الأمر الذي يضع أراضي وادي الأردن وشمال البحر الميت داخل نطاق ما يسمى "الحزام الأمني" المزعوم... في وقتٍ تقدمت فيه الإدارة الأمريكية خطوة خطيرة ضد الحقوق الفلسطينية, وبحسب الوزير بومبيو: "بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي".
كما أن القلق الكبير الذي أظهرته فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا وإيطاليا وإسبانيا حيال قرارات ومشاريع الضم الإسرائيلية, لن يثني حكومة الإحتلال الإسرائيلي ويدفعها للتخلي عن أطماعها ومشاريعها, الأمر الذي يُساهم بمضاعفة تعقيدات حل الصراع العربي – الإسرائيلي, بالتوازي مع حالة الشرذمة والضعف والإنقسام العربي والتطبيع والعلاقات العلنية لبعض الأنظمة العربية والخليجية, والبيانات اللفظية لجامعة الدول العربية.
في ظل هذه المشهدية, تبدو العربدة الإسرائيلية في أعلى مظاهرها مع توفر الدعم الأمريكي الدائم والدعم الإضافي للرئيس ترامب بما يشجعها على ضم ما تشتهيه من الأراضي العربية المحتلة.
في وقتٍ سقطت فيه المراهنة على المواقف الأخلاقية لبعض الدول الأوروبية التي رفضت قرارات ومحاولات الضم الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة, وهي ذاتها التي وقفت وراء زراعة وتمكين العصابات الصهيونية وتسليحها ودعمها لتصبح "إسرائيل" اليوم, ولتكون الذراع العسكرية المسخرة لخدمة المشروع الغربي – الصهيوني في المنطقة, في وقتٍ لم يعد من الحكمة فيه تجاهل واستبعاد شركائها الجدد في أوروبا الشرقية, والحكومات اليمينية التي بدأت تغزو أمريكا اللاتينية, والذين قد يحذون حذو واشنطن في دعم الأطماع الإسرائيلية, إلاّ سلطات الكيان الغاصب لا تزال تعوّل على الدعم الأمريكي النوعي, الذي يرفع مستوى العلاقات الإستراتيجية بينهما بما يفوق تأثر الدور الأوروبي ويحصره بمتابعة إصطفافه في دعم استراتيجية الإحتلال ونهب الثروات.
في ظل هذا الواقع, وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها الدولة السورية, والضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الدولة الإيرانية, وغالبية فصائل وأحزاب المقاومة في فلسطين المحتلة وغزة والمنطقة, إلاّ أنها استطاعت الحفاظ على منسوب الردع الكبير ومعادلاته وتطوير قواعد الإشتباك, ما جعل حال الإدارة الأمريكية وسلطات الكيان الغاصب ومطبعيها وداعميها لا يقل سوءا ً, فالإدارة الأمريكية تتردد حيال بقائها أو إنسحابها من سوريا وتقف عاجزة أمام مخاوفها من مواجهة مقاومةٍ شعبيةٍ عسكرية مدعومة من الدولة السورية, في وقت تبدو غير قادرة على شن الحرب على إيران, وسط انكشاف القيمة الفعلية لتحالفها مع الأنظمة الخليجية التي تأكد ضعفها وشللها بعد الضربة على أرامكو.
في هذا السياق يخشى الإسرائيليون إنسحاب ترامب من الالتزام الأمني الأمريكي تجاههم, الأمر الذي يضاعف حالة الذعر الإسرائيلي وأن تُترك وحدها لتواجه مصيرها, يبدو أن التحولات في المنطقة ستجبر "إسرائيل" على تغيير خططها وإعادة التفكير في قدرتها على خوض الحرب القادمة على أكثر من جبهة.
إن هروب الولايات المتحدة إلى الأمام وإعتمادها استراتيجية إشعال المنطقة حول سوريا من خلال "الثورات" في لبنان والعراق وفي الداخل الإيراني, لن يقلب الإجماع الشعبي والسياسي حول رفض إحتلالها ووجودها, ولن يؤدي لتخلي الدول والشعوب عن أراضيها وحقوقها, ولن يُساهم في صنع السلام معها وفق شروطها..
وبات عليها التفكير الجدي بالتخلي عن أطماعها وتحجيم الإطماع الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني والمنطقة, وبإعادة الحقوق لأصحابها سلما ًقبل فوات الأوان, ومراعاة تراجعها واستيعاب فكرة الرحيل والإنسحاب من سوريا, خصوصا ً بعد كلام الرئيس الأسد حول المقاومة العسكرية للإحتلال الأمريكي, وأنها "لن تكون مرتاحة في أي أرضٍ تحتلها", ومع حتمية إنتهاء الحرب الكونية – الإرهابية على سوريا وخروجها منتصرة, سيكون من المستحيل منعها من تحرير الجولان السوري المحتل وباقي الأراضي العربية المحتلة, في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد, الذي لن يتوان عن قيادة معارك التحرير, ووضع الحد للأطماع الإسرائيلية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
29/11/2019

Saturday, November 23, 2019

تظاهرات لبنان بين الشد والجذب الإقليمي والدولي - م.ميشيل كلاغاصي


على الرغم من الإحتجاجات المطلبية المرتبطة بالضغط الإقتصادي , والتي شهدتها دول عدة في منطقة الشرق الأوسط , وامتدت من مصر إلى العراق وإيران , إلا ّ أن التظاهرات اللبنانية جذبت الإهتمام الإقليمي والعالمي وحاولت أن تتميز وتقدم نفسها كظاهرةٍ كبرى, ودفعت للسؤال عن محلية الحراك والشعارات التي عكست هموما ًوأوجاعا ًتسبب بها الفساد عبر عقود, الأمر الذي أدى إلى توسيع الفوارق الطبقية والمجتمعية وكرّس المحسوبيات وعزز هياكل الدولة الفاشلة من جهة, ومن جهةٍ أخرى أشار مجددا ً وبوضوح إلى ما هو أبعد و أعمق تاريخيا ًوسياسيا ً, بما يتعلق بالإنقسام والإصطفاف اللبناني والعربي عموما ً تجاه بعض القضايا الكبرى والمركزية محليا ًوإقليميا ًحتى دوليا ً, بشكلٍ يستمر معه لبنان – البلد الصغير- ليعبر عن درجة الحرارة والحالة الصحية للمنطقة.
ومن خلال نظرةٍ موضوعية, والتي لا يمكن معها تجاهل المرض والمريض, لا بد من ملاحظة الحمى والصدمات والزلازل التي تعرضت لها دول المنطقة بعد أحداث أيلول الشهيرة 2001 في نيويورك, والتي يمكن وصفها بـ "الصدمات الإستراتيجية", الأمر الذي انعكس وهنا ًوضعفا ً أصاب الدول والشعوب ووضعها تحت تأثير مختلف الضغوط والمخاطر الزاحفة نحو الجميع دون تردد, بأوجهها المتعددة العسكرية والسياسية والإقتصادية, وبالطبع كان على لبنان أن يتلقفها بطريقته وبتركيبته السياسية – الطائفية -, وبالإلتزامات الخارجية التي تكبل جميع أطرافه الداخلية.
إن إنهيار المعالم القديمة للنظام الدولي, دفع المراكب الأمريكية للإبحار نحو شواطىء العالم بدءا ً من عالمه القديم, وجعلها ترسو في أفغانستان والشرق الأوسط معتمدة ًعلى خرائط برنارد لويس وهنري ليفي وعقيدة وولفويتز, مؤمنة ًببعض أسفار العهد القديم المجتزأة وترانيم التلمود ووثيقة كيفونيم , لتبدأ صدماتها الإستراتيجية من "الليبرالية" الغربية وصولا ً إلى "الراديكالية" العربية... وأصابت الجميع إما بشكل مباشر, أو بشكل نفسي غير مباشر, جعل فقراء ومترفي العالم القديم يفقدون شهيتهم على الطعام ويستعدون للمرض القادم أكثر فأكثر.
وبعديدا ًعن سرد الأحداث الطويل والمعروف للجميع, مع اختيار نقطة بداية قريبة, يمكننا ملاحظة تقاعس وربما إستعصاء الرد الأمريكي على إسقاط الطائرة الحديثة – الثمينة بدون طيار إيرانيا ً, والضربات القاتلة في أرامو يمنيا ً, والسجاد الأحمر الذي فُرش للرئيس بوتين في الرياض سعوديا ً, أمورٌ حددت بمجملها إتجاه إنتشار المرض وعودته ليصيب القلب الأمريكي, ويضيف إليه جروحا ًوإرتباكا ً, ما بين رغبة الإسرائيليين ببقاء القوات الأمريكية في سورية, ورغبة الرئيس ترامب ومؤيديه في الداخل الأمريكي بإستمرار الإنسحاب السلس منها... في أجواء هدوء نسبي وعدم التصعيد الدولي والإقليمي , بدءا ً من جبهات غزة والجولان المحتل ولبنان وسورية والعراق والمواجهة مع إيران.  
يبدو أن الهدوء الأمريكي المنشود, تلقفه كل المعنيين على طريقتهم الخاصة, فرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي , وعلى الرغم من إنشغاله الداخلي, لم يتوقف عن زعزعة أمن المنطقة, وسعى لجولات إضافية من العنف والعدوان على غزة, وتعمد شن الغارات الجوية على سورية, مستخدما ً أجواء لبنانية وجولانية لعدوانه على أهداف – مزعومة -  إيرانية ولحزب الله في سورية, كما تلقفها ساسة لبنان التقليديين استمرارا ً للسعادة والفوز بوجبات طعامٍ شهية في ظل الوضع القائم, فيما وقع المواطنون فريسة "ستاتيكو" سياسي دولي يستنزف بطونهم واحتياجاتهم واّلامهم, في الوقت الذي ألهب الفيروس التركي – الأردوغاني أوجاع الشمال والشرق السوري, عبر إتفاقاتٍ شيطانية مع واشنطن, وإتفاقياتٍ مضادة مع موسكو بعد قمة سوتشي, بما يدعم بالمحصلة الهزات والقلق في المنطقة, والتي انعكست هواجسا ً مخيفة للبعض ومحفزة للبعض الاّخر, وكلٌ بحسب إصطفافه وموقعه وإلتزامه, فكان حراكا ًوتظاهرا ًواضحا ًوغامضا ًفي نفس الوقت.
على الرغم من محاولات إخفاء التدخل الخارجي, إلاّ أن أعراض المرض خرجت عن السيطرة لحظة إعلان الحريري إستقالته, مخالفا ًرغبة من خففوا عنه دمعه الذي انهمر في الرياض قبل عامين, وتمسك بغرابة بحكومة تكنوقراط لا تعكس امتلاكه قوة ًسياسية مشهودة, على رغم التمثيل السني الكبير الذي يحظى به, ونال دعم صديقه الاّذاري وليد جنبلاط الذي ذهب إلى أبعد وإلى نسف إتفاق الطائف, وبدعم سمير جعجع الذي طالب بتسريع تأليف هكذا حكومة ... فيما أبدى العونيون وحزب الله وحركة أمل مرونة ً كبيرة ووافقوا على حكومةٍ مزيج من التكنوقراط والسياسيين, الأمر الذي أحرج مدير اللعبة الحقيقي, وخرج جيفري فيلتمان ليؤكد المرض ويطرح شروط بلاده للشفاء, مقابل التهديد بالإنهيار إن لم يحصل التغيير المنشود أمريكيا ً.
وفي وقتٍ تعدد فيه التشخيص الدولي وحُصر المرض برفض حكومة التكنوقراط روسيا ً, وعجزا ً ويأسا ً فرنسيا ًحول "عدم وجود توافق دولي" – بحسب مستشار الرئيس ماكرون, وبالتفكير الفرنسي لإرسال موفدٍ جديد , وبالبحث عن "تعبئة ٍ دولية" لإيجاد الحل, فيما كان بومبيو يؤكد "فخر" بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني, لقد فضح فيلتمان كل مستور من خلال حديثه عن ترسيم الحدود وأهمية الفاز والنفط والصراع مع "إسرائيل", وخشية بلاده من المنافسة الروسية والصينية على الموانىء اللبنانية ومن استعمالها سوريا ً لصالح إعادة الإعمار, معبرا ًفي الوقت ذاته عن سعادةٍ خفية بأن استمرار التظاهر والحراك يقوّض الشراكة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ... من الواضح أن الحريري من حيث يدري أو لا يدري يسير على طريقٍ عبّدها جيفري فيلتمان ودولته العميقة.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الحراك يفقد بريقه الشعبي العفوي وتسقط أقنعة الأحزاب على الطرقات المقطوعة, وتتهاوى معه قوة تأثير بعض القنوات التلفزيونية في التحريض وإشعال الفتن, بدأ الأمريكيون بتقديم التنازلات, نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الساحة اللبنانية إضافة ً لما يتكبدوه في الساحتين السورية والعراقية, وسط مخاوف حقيقية من تسويةٍ قد تُفرض عليهم فجأة في سورية بعد كلام الرئيس بشار الأسد عن "المقاومة العسكرية للإحتلال الأمريكي", فجاء كلام الوزير بومبيو بنفحةٍ عقلانية سمتها شراء بعض الوقت, ليؤكد أن:"واشنطن مستعدة للعمل مع حكومة لبنانية تستجيب لإحتياجات مواطنيها".
من خلال تعدد الأطباء والتوصيف المرضي والوصفات , لا يبدو أن الشفاء متاحا ًعلى المدى القصير والمتوسط, وأقله قد يستمر إلى ما بعد الإنتخابات الأمريكية, فالإدارة الحالية لا تستطيع إعادة الوضع إلى ما قبل 17 تشرين الأول في لبنان , وفي العراق , وسط العبور الإيراني لعاصفة الإحتجاجات , كي لا تمنح "حلفائها" ومنافسيها وأعدائها فرصة التصعيد العسكري في أيا ًمن ساحات الإشتباك في المنطقة , وتفضل سيادة حالة المرواحة في الفوضى لتمرير الفترة الإنتخابية دون مشاكل إضافية قد تكون حاسمة تجاه نتيجتها وتأثيرها الحاسم على سيد الأبيض الجديد أو القديم – الجديد.
يبدو أن الحريري بعيدا ً كل البعد عمّا يجري في الخفاء والعلن, بعدما فضحه وجهه العابس الغاضب الذي ظهر فيه صباح احتفالية عيد الإستقلال, الأمر الذي يؤكد قلة حنكته السياسية وغلبة عواطفه الشخصية على تصرفاته كرئيسٍ للحكومة وكرجل دولة, والتشنج الذي أظهره يؤكد إعتقاده ببعض القوة, في حين يدرك الجميع بأنه لو قرأ التنازلات والتراجع الأمريكي النسبي لبكى على كتف الجنرال عون وبين أحضان الأستاذ نبيه بري.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
23/11/2019

Monday, November 18, 2019

بومبيو الناطق الرسمي بإسم الفوضى الأمريكية - م.ميشيل كلاغاصي


أيُّ سياسةٍ خارجية تلك التي تعتمد النفاق والتصاريح الكاذبة وغير المدعومة بأدلةٍ قطعية, خصوصا ًوأنها موجهة لشعوبٍ خرجت إلى الشارع لتعبر عن أوجاعها واّلامها ومطالبها... وما من شكٍ بأن تلك التصريحات تندرج تحت عنوان التحريض الخطير في مجتمعاتٍ منقسمة حول قضايا سياسية وأساسية واضحة, أرادت الولايات المتحدة استغلالها وحرفها عن مسارها الطبيعي لتجني من ورائها مكاسب غير متوقعة قبل التظاهرات والحراك الشعبي, تستطيع من خلالها تعويض جزءا ًمن خسائرها السياسية والعسكرية في المعارك التي تخوضها في المنطقة.
ولا تحتاج التصاريح الأمريكية عموما ًوتلك التي يطلقها ساستها إلى تفسيرٍ أو تأويل لمعرفة وجهتها وأهدافها خصوصا ًعندما يتعلق الأمر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية, ولا تحتاج إلى اللباقة واللياقة والدبلوماسية التي تفتقدها أصلا ًالسياسة الأمريكية, وتفضل إتباع سياسة العنجهية الممزوجة بتقصد الإستخفاف وإهانة عقول الاّخرين .. في الوقت الذي يعتقد الأمريكيون أن استراتيجية "الإهانة"هي أحد أسباب قوتهم وتأثيرهم, ناهيك عن سياسة النفاق والأكاذيب والتحريض وكل ما من شأنه الإيحاء بقدرة الولايات المتحدة على الإحتفاظ بمكانتها العالية والتي لا يشاركها فيها أحد, ولا نجد دليلا ًأوضح من ذاك النهج الذي دأب الرئيس دونالد ترامب وفريق إدارته على إتباعه حيال دول الخليج عموما ًوالنظام السعودي ووملكه وولي عهده بشكلٍ خاص.
فأيُّ تصريحاتٍ وتغريداتٍ تلك التي أطلقها الوزير مايك بومبيو من بوابة مساندته الإحتجاجات العراقية واللبنانية ضد ما دعاه بـ"الهيمنة" الإيرانية على بلديهما !, والتي حاول فيها أن يحل محل عقول الشعبين اللبناني والعراقي, ويحلل أسباب تدهور أوضاعهم الداخلية, ويخرج بتفسيرٍ وقح, يُحمّل فيه الدولة الإيرانية المسؤولية الكاملة عن الفساد الأخلاقي والإجتماعي والسياسي هناك, وأن الشعبين اللبناني والعراقي اكتشفا "أن الفساد هو أعلى صادرات النظام الإيراني" عبر حكوماتهم الموالية لها..!, ياله من وزير يدعم إفلاسه السياسي بالأكاذيب.
لم يخفِ بومبيو رغبة بلاده وتحريضها وتورطها في دعم إسقاط تلك الحكومات, ولم يجرؤ عن الإفصاح بأن حكومته وسفارات بلاده هي بالأساس من يقف وراء تعقيد حياة الشعبين وإنتشار الفساد والضغط على المواطنين في لقمة عيشهم عبر أزلامهم وعملائهم في كلا البلدين, وأنها تقف أمام حل كل المشاكل الإقتصادية والسياسية التي إفتعلتها, وساهمت بتعزيز الإنقسام الحاد حول الدور السلمي والطبيعي لإيران في المنطقة.
ولم يكتف بومبيو بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية والعراقية, بل تعداها للتدخل في الشؤون الإيرانية, وبتلك الإحتجاجات التي خرجت للتعبير عن استيائها من رفع أسعار الوقود, ولم يخجل من وصفها بـ"الإنتفاضة", وبالحديث عن دعم ووقوف واشنطن إلى جانب المتظاهرين, لكنه في الحقيقة لم يكن ليُقر بدعم بلاده "لبعض مثيري الشغب في بعض المدن الإيرانية" – بحسب وزارة الخارجية الإيرانية-, وإطلاقه تصريحاتٍ "منافقة وانتهازية" - بحسب المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي.
مالذي يفعله الوزير بومبيو؟ وهو وزير خارجية الدولة "العظمى", وما هي السياسة التي يرسمها لبلاده عبر تصريحاتٍ كاذبة, وتغريدياتٍ سخيفة ؟, لقد أكد أنه الوزير الأضعف في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق, والذي لم يُعرف له سياسة أو نهج أو موقف سوى إرضاء اللوبي الإسرائيلي في أمريكا, وقادة الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة, يبدو أنه وجد نفسه لسانا ًوبوقا ًصهيونيا ًللولايات المتحدة, وليس عقلها كوزيرٍ للخارجية, واختار أن يكون الناطق الرسمي بإسم الشتامين ومثيري الشغب وخونة الأوطان ليس إلاّ.
من الواضح أن وزير الفتنة والتحريض الأمريكي, لا يدرك طبيعة دول وشعوب المنطقة, ولا يفقه في تركيبتها الفسيفسائية, وعراقتها التاريخية والحضارية والدينية, ولم يصغ لحديث سماحة السيد علي السيستاني بأن:"هناك أطراف خارجية وداخلية ممن قد يسعون اليوم لإستغلال الإحتجاجات الحالية" ... ولم يصغ كذلك لكلام سماحة السيد حسن نصر الله, الذي فضح الدور الأمريكي في لبنان, وبكيفية تدخلها لمنع الحكومة من فتح شرايين الإقتصاد نحو العراق وعبر دمشق, ومنع توقيع عشرات العقود مع الشركات الصينية والروسية والإيرانية, ومنع تنفيذ عشرات المشاريع كالسكك الحديدية التي تربط لبنان بسورية وصولا ً للعراق وإيران, كما كشف حقيقة تدخل الإدارة الأمريكية ومحاولاتها لإستثمار الفوضى, تحت عنوان الحد أو القضاء على النفوذ الإيراني في لبنان, لقد أكد سماحته أن النفوذ الإيراني في لبنان بحسب العقلية والمفهوم الأمريكي هي المقاومة.
ولا بد من وضع تصريحات بومبيو, بما تخفيه من نوايا وأهداف صهيو- أمريكية, تتجلى بصورةٍ واضحة في كل ما يحصل في لبنان وسورية والعراق وإيران , عبر السعي لتعميم الفوضى والفتنة بغية تقطيع وشائج المجتمعات والعلاقات بين الشعوب في الدولة الواحدة وبين تلك الدول عموما ً, من أجل هدفٍ رئيسي وحيد هو استهداف محور المقاومة والإنجازات التي حققها, التي ستتضاعف مع إنتهاء الحرب – الدولية - الإرهابية على سورية والعراق, وإتجاه المنطقة بشكلٍ طبيعي نحو استعادة استقرارها وبناء إقتصادها بالإعتماد على الثروات النفطية والغازية خصوصا ً تلك المكتشفة حديثا ً, من الواضح أن أمريكا تقاتل بشراسة من أجل وضع يدها على تلك الثروات وبتأكيد الرئيس ترامب الذي أكد أنه "مستعدٌ للقتال والمواجهة" – وذلك في حديثه عن حقول النفط السورية -.
إن سعي الولايات المتحدة لإشعال المنطقة وإغراقها في أتون الفوضى, يتناقض تماما ًمع ما تدعيه من شعارات مزيفة رفعتها لمناصرة الحرية والديمقراطية, ويؤكد أنها لا تكترث بحياة الشعوب وإنهيار دولهم, وربما استعدادها لإدخالهم في حروبٍ أهلية طائفية أو عرقية لا فرق, مقابل السطو على ثروات ومقدرات شعوبهم ودولهم ... ولا بد من قرع أجراس التحذير من الوقوع في الخطيئة الكبرى مجددا ً, فالولايات المتحدة تملك ما تملك من العملاء والخونة في المنطقة, وتملك مفتاحها "الذهبي" للإبقاء على وجودها العسكري في سورية والعراق, عبر إحكام قبضتها على سيف تنظيم "داعش" وسيف نظام اّل سعود وأزلامه, اللذين تعتمد عليهم لدعم أعداء المقاومة في لبنان والعراق وسورية وحتى داخل إيران...
لا أحد يستطيع التنكر لحقوق الشعوب, ولتظاهراتهم والبوح العلني بأوجاعهم واّلامهم, ورفضهم لإستمرار الفساد الذي نخر حياتهم, وأطلق يد بعض الطبقة السياسية كوكلاء لعلي بابا وكانوا بإمتياز الأربعين حرامي, ووقفوا سدا ًمنيعا ً أمام تطور وإزدهار البلاد, وإفساح المجال أمام العيش الرغيد وبكرامة ... لكن, لا بد من التمييز بين المتظاهرين العفويين ومطالبهم المحقة, وبين المندسين والمسيسين وأزلام الفساد وعملاء الخارج, ومنع الحراك من الخروج عن الإطار الوطني كي تصل الشعوب إلى مبتغاها, وقطع الطريق على كل من يتربصون بالبلاد شرا ً.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
19/11/2019

Friday, November 1, 2019

سرقة النفط السوري مهمة ينفذها الجيش الأمريكي - م. ميشيل كلاغاصي


لجأ الرئيس الأمريكي مؤخرا ً إلى وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي للإعلان عن "إنسحاب" وحداته وقواته العسكرية من سورية, وتفنن بإطلاق التصريحات المتناقضة, وبدا واضحا ًسعيه لحصادٍ إعلامي هو بأمس الحاجة إليه  سواء في الداخل الأمريكي و خارجه, وبقي العنوان الأساسي لزيف تصريحاته هو القضاء على تنظيم "داعش" وسيطرة القوات الأمريكية على حقول النفط السوري وحمايتها!... وبتأكيد وزير دفاعه "مارك اسبر" أن: "واشنطن ستُبقي على قواتها العسكرية في سوريا للحفاظ على سيطرتها على حقول النفط والغاز الرئيسية فيها".    
فيما تتالت التصريحات الأمريكية وعبر مختلف الجهات السياسية والعسكرية, وجرى الحديث عن مغادرة 500 جندي أمريكي وعشرات المدرعات الثقيلة، من خلال قرار إنسحابٍ أحادي الجانب, خارج نطاق الإتفاقيات والتنسيق مع الدولة الروسية، وبالتأكيد عبر انتهاكٍ سافرٍ للسيادة السورية , بالإضافة لإعلان ترامب عن بقاء حوالي 400 متعاقد عسكري خاص سيتمركزون في محيط حقول النفط السورية وتحديدا ًفي منطقة التنف...
إن إعلان القضاء على "داعش" وتطهير تلك المناطق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأكراد ، يدعم الذرائع المزيفة ويبرر وجود وبقاء القوات الأمريكية في أو بالقرب من تلك المنطقة أكثر من أي وقتٍ مضى , ويشكل سابقةً فريدة لفنون الكذب والخداع الذي يمارسه الرئيس الأمريكي , الذي لطالما استخدم قواته العسكرية وقوات التحالف الدولي لحماية عناصر التنظيم الإرهابي , وصلت حد مهاجمة القوات السورية والروسية أثناء محاولاتهما تطهير تلك الجغرافية من إرهاب تنظيم "داعش".
إن الحديث عن التعايش بين القوات الأمريكية وتشكيلات "داعش" الإرهابية, لم يعد كلاما ًسوريا ً أو روسيا ً فقط, وبات معروفا ًأن أجهزتهما الإستخبارية تملكان ثروة ً ضخمة من الأدلة على الإرتباط الوثيق بين الولايات المتحدة وتنظيم "داعش" الإرهابي خصوصا ًفي مناطق حقول النفط السوري ومحيطها .. ناهيك عن إرتباطهما الوثيق في العراق, وما قامت به الولايات المتحدة من عمليات لحمايتهم ونقلهم بالحوامات وتزويدهم بالأسلحة وبكافة الإمدادات اللوجستية.
ولم يعد خافيا ًعلى أحد السجل والتاريخ الأمريكي الطويل الإحترافي المباشر وغير المباشر وعبر أدواتها, في سرقة أموال وثروات الدولة السورية, ولا بد من العودة إلى تصريحات الرئيس بشار الأسد – قبل أيام قليلة – والتي أكد فيها أن: "أردوغان لص سرق المعامل والقمح والنفط" والاّثار وغيرها, عبر شبكاتٍ وهمية ومنظماتٍ غير حكومية في لبنان وتركيا محمية ومدعومة من جهات أمريكية وبريطانية, رتبت إخراج ما سرقوه, وإرسال نفائس سوريا إلى أوروبا و"إسرائيل" وأمريكا للبيع بالمزادات العلنية, ولملىء جيوب فريق الساسة وقادة الحرب على سوريا. 
لا يمكن تصور حجم السرقات التي تعرضت لها سوريا والعراق, خصوصا ً في الحديث عن النفط, وبتوثيق الأقمار الإصطناعية وقوات الفضاء الروسية, عمّا يقارب 20 ألف شاحنة نفط قامت الولايات المتحدة بسرقتها من حقول النفط في شمال العراق, وفي شرق سوريا بما يتجاوز الثلاثين مليون دولار شهريا ً.
وبالإعتماد على ما تناقلته وسائل الإعلام من معلومات ولقاءات مع شخصياتٍ مطلعة في فترة حكم بول بريمر - قائد الإحتلال الأمريكي للعراق -, تم الكشف عن اتفاقٍ بين بعض المسؤولين في إدارة بوش وشخصياتٍ إسرائيلية, تم من خلاله تقاسم أرباح النفط المسروق من العراق والمحول إلى تل أبيب عبر شركات أذربيجانية وبريطانية كنوع من التغطية.
أما في سوريا, فحديث ترامب عن وجود كميات ضخمة من النفط وأنه راغبٌ بالحصول عليه, وأنه يفكر بإستدعاء بعض الشركات الأمريكية للبحث والتنقيب والإستخراج, هو كلامٌ متأخر, فالشركات الأمريكية لم تتوقف منذ أكثر من ثلاث سنوات وبالتنسيق مع "داعش" عن سرقة النفط السوري ونقله إلى تركيا عبر شبكة خطوط وأنابيب تركية لتبدو وكأنها صادرة صادرة عن حقول "باكو" في بحر قزوين.
وعليه , يمكن تفسير الشبق الأمريكي لتحريك اّلته العسكرية بإتجاه الدخول اللا شرعي إلى سوريا وإحتلال العراق, تدحرج تحت ستار الحرية والديمقراطية وتغيير الأنظمة ومحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي , والأسوء إدعاء وزير الدفاع الأمريكي أن تمكين: "قسد" من حقول النفط هو لتعويضها عن نفطٍ حرمت منه لسنوات", فيما الحقيقة تشي بعكس ذلك وتؤكد أن السرقة الأمريكية تتم تحت راية إرهاب "داعش" وجيش الإحتلال الأمريكي, وبتأكيد ترامب نفسه بأنه في سبيل الحصول على النفط السوري "مستعدٌ للقتال من أجله".
إن الأطماع الأمريكية بثروات الشعب السوري, أسقط كافة أقنعتها الإنسانية التي اختبئت ورائها, ولم تبال بحياة الشعب السوري وبلقمة عيشه, وبشغفه لإعادة الإعمار, وقدمت له "وجبات" من الإرهاب وصواريخ التوماهوك وكافة أشكال الحصار الإقتصادي والمصرفي عبر قانون "سيزار" ووضعت عشرات الشخصيات الوطنية على قوائم ولوائح الحصار والملاحقة.
بات من السخيف إعلان الرئيس ترامب عن عودة "الجنود إلى الوطن", في إشارة للتوقف عن خوض المعارك العسكرية, في الوقت الذي يعلن ودولته العميقة عن خوض عشرات الحروب الإقتصادية, ولا بد للشعب الأمريكي وغير شعوب إدراك أن الاّلة العسكرية الأمريكية هي الوسيلة ذاتها والوحيدة التي تخوض عبرها الإدارات الأمريكية كافة أنواع وأشكال الحروب بغية تحقيق "الهدف الأمريكي" في سرقة ثروات الدول والشعوب.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
1/11/2019

Sunday, October 27, 2019

سورية ومحاصرة المشروع التركي وتبديد المشروع الإنفصالي - م.ميشيل كلاغاصي


لم تكن هدنة الأيام الخمسة التي أعلنها أردوغان بعد لقائه بنائب الرئيس الأمريكي لإيقاف عدوانه ومنح الوحدات الكردية فرصة الإنسحاب من بعض المناطق في الشمال السوري, سوى مراوغة أردوغانية للحصول على فترة كافية للقائه الرئيس الروسي, للخروج من مأزقه نتيجة إعادة إنتشار وتموضع الجيش العربي السوري بما أعاق مخططه وتقدم قواته ومرتزقته, ووضعه أمام خيار مواجهة القوات السورية.
لطالما تأرجح أردوغان ما بين موسكو وواشنطن, على الرغم من تجربته (الإنقلاب 2016, العقوبات الإقتصادية) وشكوكه حيال أهداف الولايات المتحدة في تركيا والمنطقة على المدى الطويل, وثقته في شخص الرئيس بوتين, وبأهدافه الواضحة والمعلنة في محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضي السورية, وبمنع إقامة دولة كردية على الحدود التركية السورية, إذ لا يملك أردوغان سوى المراهنة على منع حزب العمال الكردستاني والفصائل التي تصنفها تركيا بالإرهابية السيطرة على شمال شرق سوريا, وبإستمرار وجودها على الحدود, وهي ذرائع استعملها دائما ً لتبرير عدوانه وللتعمية على مشاريعه وأطماعه في سوريا, أمورٌ بمجملها دفعت به للتوجه نحو موسكو ولقاء الرئيس بوتين.
وصل أردوغان وعُقد اللقاء على وقع وكالة الأنباء السورية والشاشات الفضائية السورية التي بثت صور زيارةٍ مفاجئة للرئيس بشار الأسد لوحدات القوات السورية العاملة على الخطوط الأمامية في الهبيط بريف إدلب, حيث الرئيس الأسد واطمئن على جاهزية الوحدات, وأطلق من هناك رسائله المباشرة, ليؤكد أهمية تحرير إدلب ككل المناطق السورية بحسب:"الأولويات والوضع العسكري على الأرض", وليؤكد: "أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا".
وقد جاءت زيارة الرئيس الأسد في هذا التوقيت بمثابة الصفعة لأردوغان وقوضت ونسفت سقف أجندات لقائه في موسكو, وأرسلت له ولأسياده ولإرهابييه أقوى الرسائل الميدانية, حول جاهزية القوات السورية للبدء بمعركة تحرير إدلب, وأنها رهن إشارة القائد لساعة الصفر.
الأمر الذي فرض ظلاله على اللقاء في موسكو, وأجبر أردوغان على إعلان وقف العملية العسكرية, من خلال ما دعي بالإتفاق الروسي–التركي, والذي على الرغم مما أشيع عن غموضه, وبأنه قد لا يقدم حلا ًواضحا ًومباشرا ً, وهناك من يرى فيه أنه قد يؤجل الحل على المسار التركي, خصوصا ًمع غموض الحديث عن منطقةٍ أمنية معزولة – بحسب وزيرة الدفاع الألمانية-.
إن تطبيق الإتفاق الروسي التركي ساهم بدفع قادة الكرد على سرعة التحرك نحو الكنف السوري بحثا ًعن الحماية والمصالحة مع الدولة السورية, خصوصا ً بعد التخلي الأمريكي المتكرر, وبالتوازي مع قبولهم بمجمل مسار الحل السياسي وتسجيل بعض التحفظات, الأمر الذي يسمح للدولة السورية بإستعادة سيطرتها على كامل المناطق التي كانوا يسيطرون عليها, وبإنهاء المغامرة والمقامرة الإنفصالية, كما يسمح الإتفاق للدبلوماسية الروسية والتي طرحت إستراتيجيتها عبر مساعدة الدولة السورية على إنهاء الحرب دون خسائر على مستوى وحدة الأراضي السورية ووحدة شعبها, على مساعدة كافة الأطراف السورية للجلوس على طاولة الحوار السوري – السوري , وبدون تدخل خارجي وبدون شروطٍ مسبقة.
إن إعلان "قسد" إنسحاب ميليشياتها من الشريط الحدودي مع تركيا ولمسافة 30 كم تطبيقا ً للإتفاق الروسي التركي الذي يمنحها مهلة 150 ساعة للإنسحاب, وموافقتها على تطبیق مبادرته استنادا ً إلى“اتفاقیة سوتشي” وضمان فتح حوار بنّاء مع الدولة السورية.
إن بدء الإنسحاب بالتنسيق مع الجيش العربي السوري, قوبل بترحيب الخارجية السورية التي رأت فيه خطوة ً "تسحب الذريعة الأساسية للعدوان التركي الغاشم على الأراضي السورية"...بالتوازي مع استمرار وإعادة إنتشار وحدات الجيش العربي السوري إلى الحدود السورية التركية في ريف رأس العين الشمالي الشرقي, بالإضافة إلى تقدمها وإنتشارها على محور تل تمر بريف الحسكة الشمالي ولم يعد يفصلها عن الحدود سوى بضعة كيلومترات.  
ولا بد من التأكيد على ضرورة إلتزام قادة الوحدات الكردية بإلتزاماتها, وبتعزيز الثقة على الرغم من الغزل الأمريكي وبما يخدم نفاقه حيال الإنسحاب الجدي والفعلي من الأراضي السورية, فالمهمة الوطنية للسوريين لن تكون سهلة, وتحتاج أقصى درجات الوحدة الوطنية, خصوصا ًمع السلوك التركي كدولة ضامنة للإحتلال والأحلام والأطماع العثمانية, الأمر الذي لم يعد تهمةً أو تحليلا ً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة والتي أكد فيها :"حق تركيا بالتواجد في دولٍ من بينها سوريا".. الأمر الذي يؤكد سقوط ذريعة الأمن القومي التركي ما دفعه للمجاهرة بحقيقة أطماعه ومشروعه العصملي, ولتبرير تدخله السافر في سوريا على أنه حقه وإرث أجداده.!.
لم يعد أمام هذا "العبد", سوى الرضوخ إلى مسار التسوية الحقيقي, الذي ينظم العلاقات الحدودية بين الدولتين السورية والتركية وفق الإتفاقات والقوانين الدولية لدول الجوار, ووفق إتفاقية أضنة لعام 1998, والتي يتهرب منها –حتى اللحظة–, لأنها تعني دون أدنى شك مغادرة القوات التركية وإنسحابها إلى الداخل التركي, وطي صفحة الذرائع والأطماع والأحلام التركية, والتي كانت الأساس وراء إنخراطه في مخطط الحرب الإرهابية على سوريا. 
المهندس : ميشيل كلاغاصي
28/10/2019


أردوغان ما بين ساعة الصفر السورية و ذرائع الأمن القومي وإرث الأجداد - ميشيل كلاغاصي

* خاص - شبكة اّرام نيوز الإخبارية 


شمالٌ سوري تحولت أمتاره المربعة الصغيرة ليشهد إزدحاما ًمحليا ًوإقليميا ًودوليا ًغير مسبوق, وتحولت إلى مفاصل ومقاصل وهاويات يمكنها أن تُطيح بسياسات وبدول وبعروش وبإزاحة "السلاطين" .. أمتارٌ لا تعترف إلاّ بلغة العسكر.. جيشٌ عربيٌ سوري يفديها بدمائه وبإنتمائه وعشقه, وغزاةٌ طامعون بخيراتها وبلغة العدوان والإعتداء والدخول اللا شرعي ...أمريكان وفرنسيون وبريطانيون وأتراك عثمانيون, وغرباء إنفصاليون وإرهابيون اختلفت أسماء تنظيماتهم وشعاراتهم وجوهرهم واحد, بعضهم يرحلون وبعضهم سيرحلون, وستبقى سورية.
هكذا يصمد الرئيس الأسد, وهكذا يتفقد وحداته, وربما ومن هناك يُطلق الإشارة وساعة الصفر ... وعليه كانت زيارته إلى بلدة الهبيط في ريف إدلب قبل أيام, لكنها لم تكن باكورة الإشارات والرسائل الواضحة والمباشرة للحديث عن تحرير مدينة إدلب, فقد سبق لسيادته أن وعد وأكد مرارا ًالعزم على تحريرها وتحرير "كل شبرٍ"من الأراضي السورية, كذلك لم تتوقف الدولة السورية يوما ًواحدا ًعن إعلان إصرارها على تحرير المدينة, عبر مواقفها وفي بيانات وزارة الخارجية والمغتربين ورسائلها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي , وعبر تصريحات الوزير المعلم "إدلب محافظة سورية", والدكتور فيصل المقداد "سنحرر كل ذرة تراب", والمستشارة بثينة شعبان, والدكتور بشار الجعفري, وخاضت لأجلها عشرات المعارك السياسية, ولقاءات أستانا ومؤتمر سوتشي ...إلخ, كذلك لم يغيب تحرير إدلب عن بيانات القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة, وعن تحركاتها الميدانية المدروسة بعناية فائقة, التي رسمت خرائط تحرير المحاور والطرق المؤدية إلى تحرير إدلب, وخاضت لأجلها عشرات المعارك في أرياف حماة وحمص وحلب وإدلب ....
واحتل ملف تحرير إدلب مكانه على سلم أولويات القيادة السياسية والعسكرية, والمرتبط أساسا ً بالمشهد العام للحرب الدولية – الإرهابية على سورية, وبالهدف الرئيسي للدولة السورية ألا وهو كسب المعركة الكبرى ودحر الغزاة والإرهابيين عن كامل أراضي الجمهورية العربية السورية.
ومع كل النفاق والخداع السياسي الذي مارسه السفاح التركي, والذي تهرب فيه من الإلتزامات التركية كدولة ضامنة للحل, تصرف كدولةٍ ضامنة للإحتلال "العثماني", الأمر الذي لم يعد تهمةً أو تحليلا ً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة والتي أكد فيها :"حق تركيا بالتواجد في دولٍ من بينها سوريا وليبيا", وأنها "لا تتحمل مسؤوليتها في موقعها وجغرافيتها فقط وإنما في كل أنحاء العالم وفي جميع أنحاء جغرافيتنا القديمة", هذا بالإضافة لقيادته الميدانية لكافة التنظيمات الإرهابية, وإشرافه المباشر على كافة تحركاتها وتحالفاتها وأشكالها وأسمائها والأعلام التي تحملها, بالإضافة إلى زج قواته العسكرية في العدوان على الأراضي السورية عبر عمليات "غضن الزيتون" و"نبع السلام" ...إلخ ...
بات من المؤكد أن تمسك أردوغان بذريعة الأمن القومي التركي لم يعد يقنع أحدا ً في هذا العالم, خصوصا ً بعدما إتكىء لمنع تحرير إدلب على ما وصفه بـ"الكارثة الإنسانية" التي سيتسبب بها دخول الجيش العربي السوري إليها, في الوقت الذي تسبب عدوانه وإجتياحه لمدن وبلدات الشمال السوري بنزوح أكثر من 26000 مواطن سوري من بيوتهم ومناطقهم, وبات عليه البحث عن إقناعٍ جديد بعد إفلاسه السياسي, فجاهر بحقيقة أطماعه ومشروعه العصملي الحاقد, وبرر تدخله السافر في سورية وليبيا وقبرص وأفريقيا, على أنها حقوقه وإرث أجداده.!.
وعليه, أتى الغزو والإجتياح التركي الجديد بهدف إقامة "المنطقة الاّمنة", بعدما حصل على الضوء الأخضر من سيده الأمريكي, الذي أعلن إنسحاب كامل قواته من الأراضي السورية .. وبدأت عملية غزو شرق الفرات تحت ذريعة "الأمن القومي التركي", وطرد الوحدات الكردية والتي تصنفها بلاده بالإرهابية ... في الوقت الذي تحركت فيه وحدات الجيش العربي السوري لتعيد إنتشارها وتموضعها لحماية أرضها وشعبها, ولقطع الطريق أمام قوات الغزو التركي والتنظيمات الإرهابية, بعدما رضخت قيادة "قسد" نتيجة التخلي والطعنات الأمريكية المتكررة, إلى إرادة الدولة السورية وتحركها السريع نحو حماية مواطنيها وأراضيها ...
وبالرغم من رفض واستنكار غالبية دول العالم للغزو التركي, إلا أن أردوغان إندفع نحو إحتلال مدينة تل أبيض ورأس العين وبعض القرى المحيطة, ودفع بإرهابييه "الجيش الوطني" للتحرش والهجوم على بعض وحدات الجيش العربي السوري في ريف الحسكة, التي قطعت عليه خطوط وخطة عدوانه ومشروعه, لكن عملية الصد العنيفة التي قامت بها تلك الوحدات أصابته بالجنون, ووضعته أمام خيارٍ صعب ووجها ً لوجه مع قوات الجيش السوري, فأعلن عن رغبته بلقاء الرئيس الروسي للتفاهم حول مناطق إعادة إنتشار الجيش السوري.
وفي ظل هذه التطورات, أتت زيارة الرئيس بشار الأسد المفاجئة إلى الخطوط الأمامية في ريف إدلب الشمالي – الهبيط, وتحدث من هناك وأطلق رسائله المباشرة, ليؤكد أهمية تحرير إدلب ككل المناطق في سورية بحسب:"الأولويات والوضع العسكري على الأرض", وليؤكد: "أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سورية".
إن زيارة الرئيس الأسد إلى وحدات القوات السورية, في هذا التوقيت جاءت بمثابة الصفعة لأردوغان وقوضت ونسفت أيًّ نتائج محتملة للقائه في موسكو, وأرسلت له ولأسياده ولإرهابييه أقوى الرسائل الميدانية, حول جاهزية القوات السورية للبدء بمعركة تحرير إدلب, وأنها رهن إشارة القائد لساعة الصفر.
الأمر الذي فرض ظلاله على اللقاء في موسكو, وأجبر أردوغان على إعلان وقف العملية العسكرية, من خلال ما دعي بالإتفاق الروسي–التركي ... ولا بد هنا من التأكيد على ضرورة إلتزام قادة الوحدات الكردية بنتائج الحوار مع الحكومة السورية, والعمل على تقديم كل ما من شأنه تعزيز الثقة حيال تراجعها المتكرر مع الغزل الأمريكي, وإنكشاف حقيقة العلاقات "الخفية" لبعض قادتهم مع المجرم والغازي التركي, وما أطلق عليه بـ "القوات المنحلة", ولا بد لهم العمل على تبديد كل غموض وضبابية في مواقفهم, خصوصا ً بعدما ما تبين لهم أن الدولة والجيش العربي السوري هما الجهة الوحيدة والقادرة على حماية كافة مكونات الشعب السوري في الشمال بما فيهم أكراد سورية, وبات عليهم لفظ القيادات الإنفصالية اللذين "يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن" – بحسب الرئيس الأسد-, والتعامل بحكمة مع الوعود وأوامر الرئيس الأمريكي الجديدة حول ضرورة "إتجاههم نحو حقول النفط السورية".
لقد فرضت الإرادة السورية ورسمت الخطوط العريضة لنتائج القمة الروسية–التركية, وما دعي بالإتفاق الروسي – التركي, بالتوازي مع الموقف الروسي الثابت والداعم لوحدة الأراضي السورية, والذي يسعى لإستكمال أهداف مشاركته لها في حربها على الإرهاب, ومنسجما ًمع مواقف وتصريحات الرئيس بوتين حيال الدعم الكامل للجيش العربي السوري, ونفاذ الصبر الروسي تجاه المماطلة التركية حيال تنفيذ مقررات لقاءات أستانا ومخرجات مؤتمر سوتشي, بما يتعلق بإنسحاب الإرهابيين والمرتزفة من إدلب وفق إتفاقات "مناطق خفض التصعيد".
لم يعد أمام "العبد" أردوغان, سوى الرضوخ إلى مسار التسوية الحقيقي, والذي ينظم العلاقات الحدودية بين الدولتين السورية والتركية وفق الإتفاقات والقوانين الدولية لدول الجوار, ووفق إتفاقية أضنة لعام 1998, والتي يتهرب منها العدو التركي –حتى اللحظة–, لأنها تعني دون أدنى شك مغادرة القوات التركية وإنسحابها إلى الداخل التركي, بالتوازي مع عودة الدولة السورية للإمساك بكافة المناطق الحدودية, وسحب الذرائع والأوهام والأحلام التركية التي كانت الأساس وراء إنخراط "السلطان" الواهم في مخطط الحرب الإرهابية على سورية. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
25/10/2019
 @ حقوق النشر محفوظة لشبكة اّرام الإخبارية 

حوار - الأسد وأقوى الرسائل الميدانية - ميشيل كلاغاصي


حوار - ميشيل كلاغاصي لموقع وطني برس 

مع الصحفية لينا إبراهيم 


 وطني برس
حقوق النشر محفوظة لموقع @

Sunday, October 6, 2019

أمريكا تقود عدوان الشمال والشرق بأذرعها الثلاث - م. ميشيل كلاغاصي


إن إطلاق ما دعي بـ "النظام الفدرالي في روج آفا - شمال سوريا", وإقرار المجتمعين بتاريخ 17\2\2016 في مدينة رميلان السورية لإقامة "إدارة حكمٍ ذاتي" في المناطق التي كانت تسيطرعليها ميليشيات "قسد" بدعمٍ مطلق من قوات الإحتلال الأمريكي والفرنسي والتركي, لم يكن سوى إطلاق شرارة البداية للرهانات الخاطئة ولسقوط الأقنعة.
وقد خرج الإجتماع –يومها-  بجملة أكاذيب ادعت الحفاظ على وحدة سوريا ومنع تقسيمها, دحضتها تحركاتهم وعلاقاتهم العلنية بكافة أعداء سوريا, بالإضافة إلى لقاءاتهم وسلسلة إجتماعاتهم في ألمانيا وفرنسا وفيينا والجولات التي قامت بها المدعوة "إلهام أحمد" حول العالم بحثا ًعن دعم وتأييد المشروع الإنفصالي وتقسيم سوريا ... وأكدتها ممارساتهم الإجرامية على الأرض.
فمن عرف طبيعة الشعب السوري وراقب تضحياتهم ودفاعهم عن وحدة واستقلال بلادهم عبر التاريخ وخلال السنوات التسع الماضية, يدرك تماما ًمدى رفضهم لأيّ كان بالسيطرة على بقعة جغرافية بعد تحريرها من الإرهابيين عدا الجيش العربي السوري, في حين تذرعت ميليشيا "قسد" بمحاربة الإرهاب لتفرض هيمنتها ومشاريعها الإنفصالية ومشاريع من يقف ورائها.
إن استمرار طرح هذا المشروع يُثير التساؤلات, بعدما ثبت فشل كافة المشاريع الإنفصالية حول العالم , ويأتي في وقتٍ تتجه فيه الحرب نحو الحل السياسي, ومع الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية, في خطوة على طريق الحوار السوري – السوري المدعوم بالعديد من القرارات الدولية التي رضخت لإنتصارات سوريا العسكرية ولصمود قيادتها وشعبها.
فمنذ أن طُرح المشروع الإنفصالي – التقسيمي, سَجّل الشعب السوري مرارا ًوتكرارا ًرفضه له وعدم سماحه لأي كان بالمساس بوحدة سوريا وبمنع تقسيهما تحت أي عنوان .. فيما عبرت الدولة السورية عن موقفها الرافض لأي مشروع تقسيمي, وحذرت من "تسول له نفسه النيل من وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية تحت أي عنوان", وأنه يشكل "مساسا ً بوحدة الأراضي السورية ويتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية".. واعتبرته "عملا ً داعما ً للإرهاب وأنه يصب في خانة إضعاف سوريا".
لكن هذا لم يُثن قادة الميليشيات الإنفصالية, واستمروا لسنوات في العمل على تكريس الإنفصال, فأزالوا العلم السوري, وأقاموا هياكل الجسم الفيدرالي – التقسيمي, وحصروا إهتمامهم بتنفيذ كل ما من شأنه خدمة المشروع الأمريكي في سوريا, وساهموا بتعزيز وجوده على الأرض السورية.
لقد بالغوا في تقدير قدراتهم وحجمهم في الميدان والمنطقة، واعتقدوا أنهم قادرين على تنفيذ المهمة الأمريكية وبكسر إرادة السوريين, بعد أن أنبئتهم أوهامهم بقدرتهم على تغيير أوراق اللعبة الدولية, في حين لم ينبئهم قصر نظرهم عن سرعة تخلي الولايات المتحدة عن أدواتها.
من الواضح أنهم قرروا مواجهة العواصف والتي بدأت بلفظ وجودهم تحت قباب جنيف, بالتوازي مع العواصف الشعبية والمقاومة المباشرة لمشروعهم الإنفصالي, وعواصف التهديد التركي والتخلي الأمريكي ... وأطاحوا بكل الفرص التي منحتهم إياها الدولة السورية عبر الحوار,  متجاهلين النتائج الخطيرة لمغامراتهم.
لقد أظهرت ميليشيا "قسد" الإرهابية إنغماسا ًحتى النخاع في تنفيذ الأجندة الأمريكية, رغم التخلي الأمريكي المتكرر عنها وليس اّخره عدم تبنيها في اللجنة الدستورية, وبتأكيد المدعو “مصطفى بالي”: إن “قسد” تعتمد على اتفاقية آلية أمنية بين الولايات المتحدة وتركيا, ومازلنا نفعل ما يُطلب منّا"... لقد تحدثت "قسد" الإرهابية غير مرة عن الطعنة الأمريكية في الظهر, فماذا بعد ؟.
ومع استمرار أردوغان بالمرواغة واللعب على جميع الحبال, واللهاث وراء أطماعه ومشروعه العثماني, تأتي مواقف "قسد" لتمنحه ذريعة ً إضافية لما يدعيه بغية الحفاظ على أمنه القومي ومحاربة تنظيم PKK  , عبر إقامة المنطقة الاّمنة على الأراضي السورية, وإعلانه الأخيرعن البدء بعملية عسكرية جديدة شرقي الفرات تحت مسمى عملية "نبع السلام" على غرار و"درع الفرات" و"غصن الزيتون", بعدما وحّد وحشد اّلاف الإرهابيين والخونة ممن يعملون تحت راية وأمرة قوات الغزو التركي وتحت مسمى واهي ومزيف “الجيش الوطني”!... ومن السخيف بمكان أن يُقابل الوعيد الأردوغاني بإجتياح الشرق السوري برا ًوجوا ً, بتهديد قادة "قسد" بالرد عبر "حربٍ شاملة".! , وسبق لميليشيا "قسد" وبتعنتها وعمالتها أن تخلت عن مدينة عفرين, فأي حربٍ شاملة يهددون بها!.
بات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود مشروع تقسيم سوريا عبر أذرعها الثلاث التركية والإنفصالية والإرهابية, فالتحرك الأردوغاني لا يتم دون الضوء الأخضر الأمريكي, و"قسد" الإرهابية لاتزال تنفذ ما يُطلب منها وبإعترافها, وأما الخونة فحالهم كحال حمير "الأسفار" المأجورين.
من المؤسف أن يصمت العالم وهو يرى المجرم أردوغان يطلق اسم "نبع السلام" على العملية العسكرية المرتقبة في منطقة "شرق الفرات", بالتوازي مع استجلابه لتعزيزات واّلات الموت والحرب , فأي سلامٍ سيحمله الجزار والمجرم التركي ؟ ولكم أن تسألوا الأرمن والسريان وغيرهم عن "نبع السلام" التركي.
بات واضحا ً أن الحلم الإنفصالي الخيالي لميليشيا "قسد" الإرهابية يمنح العدو التركي ذريعة التوغل داخل الأراضي السورية, ويضاعف تأزيم الواقع ويعقد مهمة الجيش العربي السوري ويضع البلاد أمام إحتمالية مواجهة عسكرية كبرى بين الدولتين السورية والتركية... ويطرح السؤال نفسه أي إتفاقٍ يجمع الأتراك و"قسد" , وهل تتمسك "قسد" برفض العرض الأردوغاني بالحفاظ على هيكلية الإدارة الذاتية ووجودها وإنتخاباتها ومكاسبها تحت سقف القيادة التركية, أم ستقبل به تحت التهديد بالإجتياح التركي؟.
بات من الملحّ إن يُسارع قادة ميليشيا "قسد" بالعودة إلى كنف الدولة السورية, وإلى طلب الصفح والعفو والحماية من الدولة والجيش والشعب السوري وقبل فوات الأوان, وقبل أن يبتلعهم إنكشاريو العدو التركي, وإلى الخروج من تحت العباءة الأمريكية التي لم تتوان عن طعنهم في الظهر, ولم تر فيهم سوى وقودا ًومواد إشتعال لحرق سوريا الوطن لجميع مكوناته وأبنائه... ويبقى من المعيب والمخزي ما جاهرت به ميليشيا "قسد": "مازلنا نفعل ما يُطلب منّا".
لن يطول زمن العربدة الأمريكية والتركية وأدواتهما على الأراضي السورية, ولن تمر مشاريع الفدرلة أو الإنفصال والتقسيم أو المنطقة الاّمنة, سواء إتفقت الأدوات الأمريكية أم اختلفت فيما بينها, فالدولة السورية بقيادتها وببسالة جيشها وصمود شعبها ستبقى الجهة الوحيدة والقادرة على حماية شعبها وطرد جحافل الغزاة والعدوان والإرهاب عن أرضها, فكما تم إخراجهم وطردهم من غالبية الجغرافيا السورية, سيُصفع أردوغان وترامب في الشمال والشرق وفي إدلب كما صُفع أوباما في حلب مع نهاية عام 2016.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
6 / 10 / 2019