Sunday, January 31, 2021

العلاقات الصينية الأمريكية .. إدارة بايدن على خطى الأسلاف - م. ميشيل كلاغاصي

"دع التنين الصيني ينام ، لأنه عندما يستيقظ سيهتز العالم" عبارة نُسبت إلى نابليون عندما كان في منفاه الأخير ، وبعيداً عن حقيقة من قالها , إلا أنها تحمل الكثير من التوقع بإنتصار النظام والمثابرة والقيم على الفوضى والرياء والشرور.

لطالما كانت الصين لغزاً كبيراً مغرياً للمغامرين والغزاة ، ومحيراً لأشهر الرحالة والمستكشفين ، وما زالت تفاجئ العالم "بألغازها"... ففي غضون سنوات قليلة , ومنذ انطلاقة الثورة الثقافية التي قادها ماو تسي تونغ ، نجحت الصين في تنصيب نفسها كقوةً عالمية , انتقلت من دولة زراعية فقيرة ، إلى دولة تحتل المقعد الخامس في مجلس الأمن... وقفز اقتصادها ومنحها القدرة لتصبح قوة اقتصادية عالمية تطلع إلى قيادة العالم .

فكما امتلكت علوم الأرض سعت لإمتلاك علوم الفضاء وحققت إنجازات علمية نوعية , أخافت الغرب الأمريكي المتغطرس , وكانت وراء لجوئه إلى منع مؤسساته الفضائية من التعاون مع نظيراتها الصينية , في الوقت الذي أبدى فيه الصينيون استعدادهم لأي تعاون مفيد وعلى أساس ودي , وهناك من يعتقد تطور العلوم الفضائية الصينية كانت وراء حماسة الرئيس دونالد ترامب لتشكيل قوة فضائية أمريكية.

إن السلوك والممارسات الأمريكية تكشف وتجسد حقيقة مواقف الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة حيال الصين ونهجها العدائي الذي بدا واضحاً في السنوات الأخيرة , ووصل ذروته في خطاب الوزير السابق مايك بومبيو في تموز العام الماضي , عندما ألقى خطاباً بعنوان " الصين الشيوعية ومستقبل العالم الحر" , أعلن فيه وعلى غرار مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية أن:"حقبة التعامل مع الحزب الشيوعي الصيني انتهت" , ودعا المواطنين الصينيين والديمقراطيات في جميع أنحاء العالم للضغط على بكين لتغيير سلوكها واحترام قواعد النظام الدولي.

كذلك لم يتوان الإعلام الأمريكي عن التمهيد للسياسات الأمريكية ضد الصين , إذ نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مقالاً - لمدير المخابرات الأمريكية في عهد ترامب - بعنوان "الصين هي الأولى في تهديد الأمن القومي" , جاء فيه " تشكل الصين الشعبية اليوم أكبر تهديد لأمريكا ، وأكبر تهديد للديمقراطية والحرية في جميع أنحاء العالم منذ الحرب العالمية الثانية".

على الرغم من وجود من ينتقد الديمقراطية الصينية , على أساس إدارتها من الحزب الشيوعي لعقود , لكن هذا لا يبرر الإدعاء الأمريكي وبأنها تشكل تهديداً لأمريكا أو سواها , إذ لم يسبق لدولة في العالم أن اتهمتها بمثل هذا الإتهام , فالقادة الصينيون منكبون على الحفاظ على تماسك البلاد وتحسين مستويات معيشة 1.3 مليار نسمة , ويقيمون أفضل علاقات الشراكة مع رابطة دول جنوب شرق اّسيا , وبروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام , بالإضافة إلى توقيعها على إتفاقية الشراكة الإقليمية الشاملة مع دول الاّسيان واستراليا واليابان وكوريا ونيوزيلندا , في سعي لتحقيق شراكة اقتصادية متبادلة من شأنها تسهيل وتوسيع التجارة والاستثمار الإقليميين والمساهمة في النمو الاقتصادي العالمي والتنمية , ناهيك عن شراكتها مع غير دول كروسيا وتركيا وبعض الدول الأوروبية... وعليه يبدو الأمريكيون وحيدون في النظر إلى الصين على أنها تشكل تهديداً .!

وفي الوقت الذي تبتعد فيه واشنطن عن الشراكة الاقتصادية الإقليمية والدولية ، يبدو أن إدارة بايدن الجديدة لا تفكر بالحوار الصيني – الأمريكي المباشر, ويخشى أنها تبحث عن المواجهة بطرقها الملتوية والتي قد يكون العبث في الداخل الصيني أحد استراتيجياتها , كدعم الثورات الملونة وإشعال الفتن بين العرقيات والإثنيات والقوميات التي يعج بها المجتمع الصيني وما حوله .. إذ لا يمكن تجاهل تأييد وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن للرئيس ترمب وبقوله أنه:" كان على حق في اتخاذ نهج أكثر صرامة تجاه الصين التي ترتكب إبادة جماعية ضد الإيغور المسلمين في الصين"...

من الواضح أن المتحكمين بالسياسة الأمريكية هم أناس أشرار وعدوانيين بطبعهم , ولا يمكنهم تقبل نجاح الاّخرين , ولا الشراكة أو الحوار معهم , ويعتقدون أنها من علامات الضعف , ووحدها القوة والهيمنة ترضي غرورهم , ويعانون لأجل إقناع شعوبهم بشرور الدول والشعوب الأخرى , ويتحدثون عن التنين قبل استيقاظه , فما بالكم إن استيقظ حقاً.


المهندس : ميشيل كلاغاصي

30/1/2021 

Wednesday, January 27, 2021

واشنطن بين إكذوبة القضاء على "داعش" وعودة ظهوره - م. ميشيل كلاغاصي

في الوقت الذي تنصب فيه الأنظار على اقتراب نهاية الإرهاب في إدلب ، ظهر تحدٍ جديد لسوريا في صحاري دير الزور والمناطق الشرقية المحاذية للحدود العراقية – السورية , تمثل بعودة تنظيم داعش لتصدر المشهد الإرهابي هناك , والذي يحاول تجميع فلوله بالمساعي والبوصلة الأمريكية , والعودة لتجديد نشاطه الإرهابي , بالإعتماد على شن الهجمات المتتالية على نقاط تمركز الجيش العربي السوري والمدنيين , الأمر الذي يدلل على نفاق الإدارة الأمريكية السابقة والتي سبق لها أن أعلنت إنتصارها على التنظيم في سوريا , لكن حاجة الولايات المتحدة للوقت وللمزيد من الإستثمار في الإرهاب في مناطق إحتلالها ووجودها اللاشرعي في سوريا , بهدف إطالة أمد الحرب والحصار ومنع عملية إعادة الإعمار, دفعها للتعويل على عودته وإجرامه مجدداً , وبزج ما يتوفر لها من مجاميع إرهابية أيضاً تحت رايته.

وقد بات معروفاً أن واشنطن سعت لإحاطة وحماية تواجد قواتها اللاشرعي في المنطقة الصحراوية وتحديداً في التنف ومحاصرتها لمخيم الركبان للنازحين المتاخم للحدود الأردنية , واستطاعت بفضل ممارساتها اللا إنسانية تحويله إلى سجن كبير مارست فيه كافة أشكال التعذيب والتجويع والإتجار بالبشر , مستخدمة ماكيانتها الإعلامية وأدواتها لإلقاء اللوم على حكومتي الأردن وسوريا من بوابة الملف الإنساني.

إن سعي الولايات المتحدة لإعادة إطلاق تنظيم داعش , تطلّب حشد فلوله وتجنيد ما أمكنها من المدنيين النازحين في مخيم الركبان , واستجلاب العديد من عناصره من الجبهات العراقية , ومَن "خزّنتهم" عصابات "قسد" الإرهابية كأسرى في مخيم الهول بأوامر أمريكية , كما وعدت المدعوة "إلهام أحمد" بالإفراج عنهم , ناهيك عن ردفهم بمجموعات إرهابية قبلية في محاولة منها لتشكيل قوة كبيرة تعادل جيشاً ليكون وكيلها في مناطق إحتلالها في التنف ومحيطها بهدف الإستيلاء على معبر البوكمال الحدودي , وذلك قبل أن تتمكن وحدات العربي السوري من الوصول إليه واستعادت السيطرة عليه.

من المؤكد أن وصول وحدات الجيش العربي السوري إلى معبر البوكمال أفشل الخطة الأمريكية وأصابها بالإحباط , بالتوازي مع إزدياد الضغط الروسي منذ منتصف عام 2019 لإفراغ مخيم الركبان , ما أجبر الولايات المتحدة على الحد من استغلال تواجدها في التنف , وإضعف معدل استفادتها من مجاميعها الإرهابية , ودفعها للمناورة والعودة للتركيز على درعا , فيما تشتت فصائلها الرديفة , وانضوى بعضهم تحت راية الإحتلال التركي , فيما اصطف اّخرون للقتال إلى جانب "قسد" , على الرغم من أصولهما المشتركة وبحسب العائدية لفصائل "الجيش الحر" الإرهابي , قبل أن يعملا تحت راية داعش بأوامر أمريكية وبوساطة خليجية نظراً لعمق العلاقات والروابط مع السعودية وقطر , والخلافات البينية , والبحث عن المال والإرتزاق وتعويض شُحَ المال السعودي والقطري , وذلك لدفعهم للعمل تحت جناحي الأدوات الأمريكية الولايات الأقوى ( الأتراك و"قسد" ).

إن إدعاء الولايات المتحدة بالقضاء على تنظيم داعش في محيط مناطق إحتلالها وتواجدها اللاشرعي في سوريا , دفعها إلى تغيير محور خط الهجمات من محور التنف – البوكمال إلى محور ريف دير الزور , وإلى مضاعفة نشاطها الإرهابي عبر قواتها بشكل مباشر وعبر تكثيف الإعتداءات الإسرائيلية والمجاميع الإرهابية , وأصبحت التنف مركزأ وقاعدة لإنطلاق الهجمات على وحدات الجيش العربي السوري ومدنيي المنطقة .

لقد ساهمت ميليشيات "قسد" الإرهابية في دعم ورفد الحشود الإرهابية لتنظيم داعش عبر إطلاق سراح من كانوا تحت قبضتها , وتكفلت القوات الأمريكية بنقلهم إلى منطقة جنوب الفرات , حيث هاجموا الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في البوكمال , وبعض المنشاّت الحيوية والنفطية ... يبدو أن هذه الاستراتيجية قد ضمنت أن تستمر الهجمات والإعتداءات الإرهابية على يد داعش عوضاً عن القوات الأمريكية ومن تختاره من أدواتها.

لم تتوقف "قسد" عن الضغط على القبائل والعشائر , وحاولت سرقة فعاليتها ودورها وحتى بتشويه صورتها الوطنية , بالإعتماد على بعض ضعاف النفوس , وحاولت زرع الشقاق في صفوفهم , وراهنت على دب الفوضى والخوف والترهيب , ونفذت الإغتيالات بحق بعض شيوخ القبائل خصوصاً الذين رفضوا ما يمكن تسميته بـ "صفقة مظلوم عبدي النفطية المشبوهة" , ومن تمسكوا بالهوية والولاء للوطن.

لكن الرد الحقيقي جاء عبر القبائل والعشائر ومن خلال عدة جولات لـ ملتقى العشائر السورية , حيث أكدوا عمق إنتمائهم للوطن وعبروا عن رفضهم لكل ما يهدد وحدة الشعب السوري ووحدة الأراضي السورية , ورفض كل إرهاب وكل مخططات الغرب الصهيوني , والوجود اللاشرعي للاحتلالين الأمريكي والتركي , وبرفع العقوبات الأحادية الجانب عن سوريا , وأكدوا وقوفهم وراء القيادة الحكيمة وإلى جانب الجيش العربي السوري بكل إمكاناتهم. 

لن يتوقف الجيش العربي السوري وحلفائه عن محاربة الإرهاب , ويضع السوريون ثقتهم بثالوثهم الوطني " القائد , الجيش , الشعب " للتغلب على كافة العراقيل الخارجية , والمخططات الخبيثة , لدحر جحافل الإرهاب وقوات الإحتلالين الأمريكي والتركي وأذنابهم , على أمل أن يصحو بعض الإنفصاليين ممن انخرطوا في المشاريع الخارجية وخانوا بلدهم وشعبهم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/1/2021



الإعلام "العربي" في خدمة الأكاذيب والعدوان الإسرائيلي على سوريا - م. ميشيل كلاغاصي


                                                                                                                                
                                                                                                      الإعلام "العربي" في خدمة الأكاذيب والعدوان الإسرائيلي على سوريا                                    

" إكذب إكذب فأنا أصدقك "

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/1/2021

لا يحتاج الإعلام إلى تزكية جديدة, ولتأكيدات إضافية على دوره الكبير في أزمنة السلم والحرب, حتى دوره السلبي والتضليلي أصبح معروفاً على الرغم من حجم ما يمكن أن يحمله من أكاذيب وإشاعات قد تكون مكشوفة كليةً أو بشكل جزئي, وفي جميع الأحوال وقبل أن يقع الإعلام في مصيدة التسييس المفضوح , كان هناك هامش ضئيل للحقيقة يستخدمها الإعلام المعادي أو المحرض والتضليلي في تأليف ونشر الأخبار الكاذبة , على عكس ما نراه اليوم فقد اختفى هذا الهامش تماماً, وللأسف كانت دائماً ولا تزال مثل هذه الأخبار والإشاعات تجد طريقها نحو ملايين البشر عموماً وفي عالمنا العربي والمنطقة خصوصاً, إما بسبب الجهل أو بمنطق التخلف والتعصب ضد جهاتٍ ما وسياساتٍ ما لحكوماتٍ ودول بعينها, كذلك ضد قضايا محقة وعادلة, ومنهم من يعتقد أنه يخدم الحقيقة أو يدعم أحقاده أو غرائزه أو معتقداته أو تطرفه, والأخطر أن يتم شحن وتجييش هكذا جمهور ومتلقين لقبول كل ما يضخه الإعلام الكاذب على الرغم من إنكشاف وسائله وأساليبه, ولسان حالهم يقول إكذب إكذب فأنا أصدقك.

وإذا كنا في العالم العربي قد خبرنا مثل هذا الإعلام وجمهوره فيما سمي بـ "الربيع العربي", والذي واستهدف كلاً من العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان وغيرهم, فيما لم تستهدف أنظمة بعض الدول العربية نتيجة إستسلامها الكامل إما منذ عقود مضت أو مؤخراً تحت عناوين مختلفة, ويبقى العنوان الأبرز هو التطبيع المجاني مع سلطات الكيان الإسرائيلي الغاصب, والتحالفات المعلنة وأو تلك القادمة إلى العلن قريباً ومستقبلاً.

كذلك لا يحتاج الأمر لتكرار الحديث عن طبيعة الإحتلال الإسرائيلي العنصرية والعدوانية التوسعية, ولا عن مخططاته وأساليبه الوحشية وأدواته وإعلامه وعملائه في العالم العربي, فالإنقسام العربي أصبح أكبر من يختبئ وراء ستار أو إصبع حتى, ولم يعد مهماً أن تفضح عرشاً أو مشيخة أو حكومةً عربية أو من يأكل من يدهم ويشرب من سمهم حتى لو نظف نفسه تحت مسمى "إعلامي" أو "معارضات" سياسية أو مسلحة , ونخشى أن الإصطفاف العلني أصبح بين من هو مع العدو الإسرائيلي ومن ضده, ومن هو مع إيران ومن هو ضدها, بعدما تم استبدالها كعدو مفترض عوضاً عن العدو الإسرائيلي.  

وفي هذا السياق يجري العمل حثيثاً لتصفية القضية الفلسطينية , ولتدمير الدولة السورية بقيادتها وجيشها وشعبها المقاوم , ولإستمرار التاّمر على العراق وخطف قراره السيادي والسياسي وسحق أبطاله ومقاوميه, والعبث في ليبيا لإنتاج حكومة دمى, ولإخضاع اليمن بعد تدميره وشيطنة مقاوميه وإلغائهم, والضغط على لبنان لنزع أسباب قوته وسلاح مقاومته .

بات من دواعي السخرية تذرّع بعض الأنظمة العربية بالوجود الإيراني في سوريا , وكفاحهم المستميت لإخراجها منها , وتراهم يلهثون وراء تبرير العدوان الإسرائيلي الجوي والصاروخي المستمر على سوريا ووفق الدعاية والأكاذيب الإسرائيلية , التي تدعي قصف قوافل أو أماكن عسكرية وحيوية ومستودعات ذخيرة وصواريخ تابعة لإيران أو لحزب الله اللبناني والعراقي والحشد الشعبي والعصائب وغيرها ...

عجباً يريدون إخراج إيران وكل المقاومين وكل من يدافع عن قلعة المقاومة في سوريا لأجل سوريا وقضايا الأمة العربية وفلسطين الحبيبة ..! أم يدعمون مخططات وجرائم الإحتلال الإسرائيلي في سوريا .. ويحهم هل يحاولون إقناع السوريين بمحبتهم وإهتمامهم بوقف الحرب التدمير الممنهج والحصار ودعم إعادة الإعمار عبر الصواريخ الإسرائيلية والجرائم التركية والنهب الأمريكي وجرائم التنظيمات الإرهابية والإنفصالية ..!

وكيف للمقاومين أن ينزعوا تأصل العمالة الإسرائيلية من رؤوس غالبية الحكام العرب ومن يسير في ركبهم, وكيف لهم أن يستعيدوا الضالين العرب من براثن الصهيونية .. تبدو مقاومة الإحتلال وتحرير الأرض واستعادة الحقوق أقرب إلى التحقيق في زماننا هذا من ثني بعض العروش العربية عن العمالة والخيانة.

ولم نعد نستغرب دعم الأنظمة العربية لمشاريع ومخططات العدو الإسرائيلي والصهيو- أمريكي في سوريا, في وقت لا يدعمون فيه الدولة والجيش والشعب السوري في كفاحه ودفاعه المقدس عن سوريا, وعدم اصطفافهم وراء مطالبة عربية واحدة لخروج قوات الإحتلال الأمريكي والتركي, ولدعم الموقف السوري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف الإعتداءت الإسرائيلية المتكررة على سوريا, ومحاسبة قادته على جرائم الحرب التي يقترفونها بتدمير سوريا وبإستهداف المدنيين والشعب الاّمن, ولكم في العدوان يوم أمس الأول على مدينة حماه خير شاهد, وما روجه ورواه بعض الإعلام "العربي" لتبرير هذا العدوان..!

فكيف للأنظمة العربية أن تطالب بخروج إيران, فيما هم مندفعون لإقحام أنفسهم ويقاتلون من أجل زرع عبيدهم وممثليهم في الحل السوري الداخلي تحت مسمى "المعارضة", بعد فشلهم الميداني عبر تنظيماتهم الإرهابية, أي معارضةٍ تلك التي تمثل السعودية وقطر وتركيا وأمريكا وإسرائيل والتنظيمات الإرهابية .!

وللأسف , لا زال إعلاميو هذه العروش والمشيخات وبعض الحكومات, يهللون للعدوان الإسرائيلي على سوريا , ويسعون بكل إمكاناتهم لترويج الأكاذيب الإسرائيلية, والتي لن يكون اّخرها الترويج إلى لقاءاتٍ سورية – إسرائيلية برعاية روسية في قاعدة حميميم وبأن التطبيع قد يكون أول الثمار المعلنة ...

يا لها من وقاحة , ويالها من أكاذيب , ويا لغبائهم ... إذ لا تحتاج سوريا وقيادتها وجيشها وشعبها لمن يدحض هذه الأكاذيب والتفاهات, فتاريخها ونضالها ومواقفها العربية والقومية والوطنية يعرفها العدو قبل الصديق, وصمودها الإسطوري لأكثر من عشر سنوات, وإنتصاراتها التي حققتها بفضل شجاعة قائدها وبسالة قواتها المسلحة وصمود شعبها, وتلك التضحيات وشلالات دماء شهدائها التي روت أرضها لتطهيرها من دنس الإرهاب والغزاة, تؤكد زيف الإعلام الإسرائيلي و"العربي", وتكشف عورة التخاذل والتاّمر العربي والدولي, ولا بد للجميع من فهم واستيعاب أن ما قاتلت سوريا من أجله وربحته في الميدان لن تقدمه هديةً سياسية لعدو أو لشقيق مزيف, فقد قاتلت لأجل العرب وعنهم , ولأجل القضية الفلسطينية, ولأجل أرضها وشعبها وحقوقها وعزتها, ولن يثنيها عن أهدافها وطموحاتها إعلامٌ مأجور وحاقد, أفضل إنجازاته إنتاج كتائب الذباب المرئي والمسموع والمكتوب والإلكتروني.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

23/1/2021 

Friday, January 22, 2021

أمريكا – بايدن لإيران " إن عدتم إلى الإتفاق عدنا " - م. ميشيل كلاغاصي


منذ نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية أصبحت العلاقة بين طهران والعالم الغربي صعبةً ومعقدة للغاية , ولم تكن لتخلو من الأيام الصعبة التي عاشها الإيرانيون نتيجة الحصار والتاّمر وحروب الأصالة والوكالة , واعتقد كثيرون أنها ما بعد توقيع الإتفاق النووي ستسير نحو الأفضل , خصوصاً مع إلتزام طهران صراحةً ببرنامجها النووي السلمي ووفق الشروط والمعايير الدولية ... إتفاقٌ وعد بالكثير من الفائدة لجميع الأطراف ( الأمريكيين , الإيرانيين , الأوروبيين ) من حيث التبادل التكنولوجي والتجاري والاستثمارات الأجنبية ، على الرغم من العقوبات الاقتصادية الجديدة التي كانت أمريكا - أوباما قد فرضتها بالفعل في أعقاب التوقيع... ومع ذلك ، بدا للكثيرين بأن الإتفاق يعتبر الطريقة الصحيحة والوحيدة لتطبيع العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة وأوروبا... لكن , الإنسحاب أحادي الجانب من المعاهدة الذي قام به الرئيس دونالد ترامب أدى إلى تدمير الحلم بخطة العمل الشاملة المشتركة تماماً.

مع الانسحاب الأمريكي من المعاهدة وانتهاء سريان حظر الأسلحة الدولي ، قررت إيران مواجهة تحدي حصار القرار الإيراني وأن يكون لها مطلق الحرية في تقرير مستقبلها ، لكن مسلسل الإستفزازات الأمريكية واستهداف الدولة الإيرانية في الداخل الإيراني عبر "المعارضة, ومن تدعونهم واشنطن معارضين وحلفائها , وبتهديد واستهداف مصالحها خارج حدودها وفي المنطقة والعالم لم يتوقف , ناهيك عن الحصار متعدد الأشكال والأدوات والوسائل , ولجوئها إلى تشكيل الأحلاف السياسية والعسكرية , واستخدام البروباغاندا الإعلامية لتشويه وشيطنة الدولة الإيرانية وقيادتها وشعبها , ولم تتوان بالعودة إلى سياسة الإغتيالات , وتمكنت من إغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني , وأتبعته بإغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده .

لم يولِ العالم اهتماماً كبيراً بما اقترفته الأيدي الأمريكية , ولم نر موقفاً دولياً جامعاً يدين مرتكبي هذه الجرائم والخارجين على القانون الدولي لإيقافهم ومحاسبتهم , وكف يدهم عن إعتبار الكرة الأرضية مكاناً مستباحاً "لشرورهم".

لم يترك الأمريكيون للدولة والقيادة والشعب الإيراني أي خيار سوى المواجهة وتحدي الحصار والإستهداف المباشر , خصوصاً أن الإستسلام والتنازل عن الحقوق أمرٌ غير وارد في القاموس الإيراني , إذ لم يعد الحوار مجدياً مع واشنطن وإدارة ترمب المتوحشة , بالتوازي مع تخاذل ونفاق الدول الأوروبية الموقعة على الإتفاق , على الرغم من تضرر مصالحها الخاصة جراء الإنسحاب الأمريكي أحادي الجانب... ولم يعد الإنخراط في أي حوار أو تفاوض ممكناً للعودة إلى الإتفاق والخطة المشتركة , وبات على الأمريكيون التفكير الجدي بوقف جميع الإستهدافات والعدوان , ورفع جميع العقوبات , وتعويض الدولة الإيرانية ما تضررت به نتيجة الإنسحاب والتعطيل الأمريكي للإتفاق , وبات عليهم دفع ثمن جرائمهم وتسليم الجناة المسؤولين عن إغتيال اللواء سليماني والحاج أبو مهدي المهندس , وبتقديم ضمانات قانونية وتنفيذية قوية وواضحة ليعود الإتفاق والخطة الشاملة إلى ما تم الإتفاق عليه في العام 2015 , في الوقت الذي لن تقبل إيران أي نقاش في طبيعة ترسانتها الصاروخية الدفاعية بحسب الشروط الأمريكية في ظاهرها والإسرائيلية في باطنها وعمقها...

وإذ يعتبر البعض أنه لم يكن من الصواب لإيران أن تثق بالغرب , لكن هذا بحد ذاته يعتبر دليلاً على إفتقار الأمريكيين للصدق حتى في إتفاقاتهم وسلوكهم , وتذبذب ونفاق وضعف الأوروبيين .

انتهت سنوات الفوضى مع إنتهاء ولاية الرئيس ترمب بالفشل , واستطاعت الدولة الإيرانية الحفاظ على عناصرها وأدواتها الرادعة وفقًا للأعراف والمعايير الدولية , على الرغم من العقوبات القاسية والظالمة ، ولم تكن إدارة ترمب تملك من الجرأة والإمكانية لشن عدوانٍ جديد على إيران خصوصاً في الأشهر الأخيرة لولاية ترمب .. وعليه كان لا بد من رحيله ذليلاً وخائباً , وترك العبرة لخلفه جو بايدن , خصوصاً مع إعلان نيته شطب جميع أخطاء إدارة ترمب والعودة إلى التحالفات والإتفاقات السابقة ولخصها بعبارة "ستكون بداية جديدة" , وقد تطايرت تصاريح أمريكية من هنا وهناك في صخب يوم تنصيب بايدن رئيساً , أهم ما قيل فيه ومن البيت الأبيض أنه يمكن لأمريكا أن تعود إلى الإتفاق إن عادت إيران ... سننتظر ونرى.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

21/1/2019 

Wednesday, January 20, 2021

فوز وهزيمة "الرئيس" ...الشرخ الأمريكي الكبير - م. ميشيل كلاغاصي

 

غدت الإنتخابات الأمريكية الحالية الأشهر والأكثر جدلاً وصخباً وخطورةً في تاريخ الولايات المتحدة , ويطرح السؤال نفسه, هل فاز بايدن وهُزم ترمب, هل كانت انتخابات مزورة, أم هو مجرد إدعاء وإكذوبة من أكاذيب الرئيس ترمب... مالذي دفعه لإستنهاض همم مناصريه وتحريضهم على إقتحام مبنى الكونغرس, وعن أي حقٍ تحدثوا وتظاهروا واستخدموا العنف لأجله ؟

هل حقاً اعتقد الديمقراطيون أن جو بايدن هو الرجل الأقوى ورأس حربتهم وممثلهم نحو الفوز بالرئاسة, وكيف لترمب أن يُهزم أمام من كان يصفه بـ " Sleepy Joe / جو سليبي", من الذي ايقظه ونفخ عضلاته ليصبح الـ "سوبر- بايدن".!

ويتساءل البعض هل هي المنافسة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري, هل للدولة العميقة والمتحكمين دورٌ ما, ماذا عن النخب, والمهاجرين, ماذا عن العنصرية المتفشية والسياسة الداخلية, ماذا عن الكورونا والإقتصاد والبطالة والصحة, ماذا عن اليمينيين المتطرفين وعن البيض القوميين, وعن الشرطة الأمريكية, والإعلام الأمريكي, ماذا عن الحروب والسياسة الخارجية ومن يديرها أهو البيت الأبيض أم البنتاغون.؟

الإعلام الأمريكي وتغطية اقتحام مبنى الكونغرس ... تابعنا عبر الشاشات كيف وصف الإعلام الأمريكي المقتحمين  بـ "المتظاهرين" ,"الفوضويين" ,"العصابة" و "المؤيدين لترمب" ...إلخ , فيما وصفهم بعض الساسة بـ الرعاع والإرهابيين ... هؤلاء الذين اقتحموا المبنى وعطلوا جلسة دستورية , وسرقوا حواسيب وأوراق هامة , واعتدوا على الشرطة , ورغم ذلك لم يصفهم الإعلام الأمريكي بالوصف الحقيقي الذي يجاهرون به بأنفسهم , ووضعوا شعاراتهم علناً على قمصانهم وستراتهم , فمنهم من كتب عبارة " المحرقة اليهودية " و "الحرب الأهلية" , ومنهم من حمل رموز وشعارات العنصرية البيضاء , ومنهم من حمل لافتات كُتب عليها " قتلوا ستة ملايين يهودي وسنقتل ستة ملايين أسود" , وظهرت الأعلام الإسرائيلية , وأعلام بعض التنظيمات المتطرفة الإرهابية كـ "أنتيفا".

والسؤال لماذا لم يصفهم الإعلام الأمريكي بـ "النازيين" و " العنصريين" و "الفاشيين" و"القوميين البيض" و"المتطرفين اليمينيين" .. ولماذا عبّر المراسلين الصحفيين لأهم القنوات الأمريكية عن دهشتهم لهول مشهد الإقتحام, فمنهم من قال: "يبدو وكأننا في كابول أو في العراق" ومنهم قال: "وكأننا في إحدى دول العالم الثالث أو في جمهوريات الموز" , ألا يعرفون أنهم في أمريكا وفي واشنطن تحديداً ؟

إلى أي دركٍ وصل النفاق الإعلامي الأمريكي عندما وصف حدثاً بغير أوصافه ونسبه إلى غير مكانه , هل أرادوا جعل المشهد مفاجئاً وأنه لا يمكن للهمجية والعنف أن يحدثا سوى في دول العالم الثالث وأفريقيا ودول أمريكا اللاتينية ..!

لماذا لم يعترف الإعلام الأمريكي بحقيقة الأخطاء والخلل في بنية الدولة الأمريكية والعنصرية المتفشية فيها, وبالإمتيازات والحقوق التي يشعر البيض بإمتلاكها دون سواهم من السود وغيرهم , وبإزدواجية تعامل الشرطة مع البيض والسود ... يبدو أن مواجهة الحقيقة مؤلمة وصعبة للغاية خصوصاً وأن الجسد الإعلامي الأمريكي وبغالبيته يسيطر عليه البيض, وهذا بحد ذاته يعتبر دليلاً على أن ما يجري في أمريكا ليس إنقساماً حزبياً أو حتى على مستوى النخب  بل هو انقسام اجتماعي عرقي وايدولوجي حادّ جداً بين البيض ومن يتحالف معهم من الأقليات وبين المهاجرين واليساريين البيض.

إنقسامٌ خطير يعكس الشرخ الكبير الذي أصاب جسد الدولة الأمريكية والذي يمكن إعتباره مقدمة لما هو أعظم, ولا نبالغ بالقول بأنه يمهد لخطرِ كبير وللإنهيار القادم, وقد تكون حياة ترمب على المحك وتعادل صاعق قنبلة على الرغم من عدم مسؤوليته عن العنصرية المتفشية, لكنه أحسن استغلالها للوصول إلى سدة الحكم , وحاول استغلالها حتى الرمق الأخير للبقاء في الحكم... ويخطئ من يعتبره "الشخص" الذي يمثل المتطرفين البيض، لكنه يمثل "الفكرة" القائمة على إعتبار أمريكا هي الدولة التي بناها وحوّلها البيض القادمون من أوروبا إلى امبراطورية تحكم العالم.

هؤلاء البيض-المحافظين يشعرون بالخطر والإستياء  وهم يرون حُكم البلاد يفلت من أيديهم ولن يتساهلوا بوصوله إلى المهاجرين ( أمثال كامالا هاريس وإلهان عمر ...) وإلى البيض اليساريين , وبالتالي يرون أن ترمب هو المُخلّص، والقضية بالنسبة إليهم هي حرب وليست مجرد انتخابات , وما نراه من توترٍ شديد قبيل حفل تنصيب بايدن رئيساً, مع حشد عسكري وشرطي كبير وصل حد استخدام الطائرات بدون طيار والمروحيات العسكرية وما يقارب الـ /30/ ألف جندي, واستخدام الأسوار والأسلاك الشائكة والمدرعات, وهذا قد يدعم وصفنا بأنها حرب بإمتياز.

من المؤكد أن ما يحدث اليوم ليس وليد اللحظة, ويذهب إلى أبعد من فوز بايدن وهزيمة ترمب في الإنتخابات, ولا بد من التأكيد على عشرات الأسباب والأخطاء التي ارتكبتها الدولة الأمريكية المحكومة بذهنية الغطرسة والقوة الغاشمة والعنصرية, وسياسة سحق الدول والحكومات وإشاعة الفوضى حول العالم, وفرض الهيمنة على الدول والشعوب والتحكم بحياتهم ومصائرهم , بالتوازي مع إنهيار البروباغاندا الإعلامية والشعارات الكاذبة حيال الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان , وبات الأمريكيون يرون زيف هذه الإدعاءات, وبدأت تتصاعد أصوات المؤيدين للحق الفلسطيني ليس من الفلسطينيين والعرب في أمريكا فقط بل من مواطنين من أصولِ قومياتٍ وعرقياتٍ أخرى, وبتنا نرى الكثيرين من غير السود يتظاهرون معهم ويؤيدون مطالبهم, وبدأت تتصاعد قوة حركة المقاطعة الإسرائيلية, وبدأ عديد الأمريكيون يستاؤون من تحول الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى "اّلات" هدفها الدفاع عن المصالح الإسرائيلية وخوض الحروب نيابةً عنها ...

تبدو أمريكا اليوم على مفترق طرقِ خطير يفرض عليها إما إصلاحاً فورياً وجدياً, أو مواجهة التفتت والإنقسام وصولاً إلى إنهيار هذه الإمبراطورية , إنقسامٌ يُخشى أن تطال جبهاته وتداعياته إلى حيث امتد وانتشر اليمين المتطرف حول العالم.

المهندس : ميشيل كلاغاصي


19/1/2021