Friday, January 22, 2021

أمريكا – بايدن لإيران " إن عدتم إلى الإتفاق عدنا " - م. ميشيل كلاغاصي


منذ نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية أصبحت العلاقة بين طهران والعالم الغربي صعبةً ومعقدة للغاية , ولم تكن لتخلو من الأيام الصعبة التي عاشها الإيرانيون نتيجة الحصار والتاّمر وحروب الأصالة والوكالة , واعتقد كثيرون أنها ما بعد توقيع الإتفاق النووي ستسير نحو الأفضل , خصوصاً مع إلتزام طهران صراحةً ببرنامجها النووي السلمي ووفق الشروط والمعايير الدولية ... إتفاقٌ وعد بالكثير من الفائدة لجميع الأطراف ( الأمريكيين , الإيرانيين , الأوروبيين ) من حيث التبادل التكنولوجي والتجاري والاستثمارات الأجنبية ، على الرغم من العقوبات الاقتصادية الجديدة التي كانت أمريكا - أوباما قد فرضتها بالفعل في أعقاب التوقيع... ومع ذلك ، بدا للكثيرين بأن الإتفاق يعتبر الطريقة الصحيحة والوحيدة لتطبيع العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة وأوروبا... لكن , الإنسحاب أحادي الجانب من المعاهدة الذي قام به الرئيس دونالد ترامب أدى إلى تدمير الحلم بخطة العمل الشاملة المشتركة تماماً.

مع الانسحاب الأمريكي من المعاهدة وانتهاء سريان حظر الأسلحة الدولي ، قررت إيران مواجهة تحدي حصار القرار الإيراني وأن يكون لها مطلق الحرية في تقرير مستقبلها ، لكن مسلسل الإستفزازات الأمريكية واستهداف الدولة الإيرانية في الداخل الإيراني عبر "المعارضة, ومن تدعونهم واشنطن معارضين وحلفائها , وبتهديد واستهداف مصالحها خارج حدودها وفي المنطقة والعالم لم يتوقف , ناهيك عن الحصار متعدد الأشكال والأدوات والوسائل , ولجوئها إلى تشكيل الأحلاف السياسية والعسكرية , واستخدام البروباغاندا الإعلامية لتشويه وشيطنة الدولة الإيرانية وقيادتها وشعبها , ولم تتوان بالعودة إلى سياسة الإغتيالات , وتمكنت من إغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني , وأتبعته بإغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده .

لم يولِ العالم اهتماماً كبيراً بما اقترفته الأيدي الأمريكية , ولم نر موقفاً دولياً جامعاً يدين مرتكبي هذه الجرائم والخارجين على القانون الدولي لإيقافهم ومحاسبتهم , وكف يدهم عن إعتبار الكرة الأرضية مكاناً مستباحاً "لشرورهم".

لم يترك الأمريكيون للدولة والقيادة والشعب الإيراني أي خيار سوى المواجهة وتحدي الحصار والإستهداف المباشر , خصوصاً أن الإستسلام والتنازل عن الحقوق أمرٌ غير وارد في القاموس الإيراني , إذ لم يعد الحوار مجدياً مع واشنطن وإدارة ترمب المتوحشة , بالتوازي مع تخاذل ونفاق الدول الأوروبية الموقعة على الإتفاق , على الرغم من تضرر مصالحها الخاصة جراء الإنسحاب الأمريكي أحادي الجانب... ولم يعد الإنخراط في أي حوار أو تفاوض ممكناً للعودة إلى الإتفاق والخطة المشتركة , وبات على الأمريكيون التفكير الجدي بوقف جميع الإستهدافات والعدوان , ورفع جميع العقوبات , وتعويض الدولة الإيرانية ما تضررت به نتيجة الإنسحاب والتعطيل الأمريكي للإتفاق , وبات عليهم دفع ثمن جرائمهم وتسليم الجناة المسؤولين عن إغتيال اللواء سليماني والحاج أبو مهدي المهندس , وبتقديم ضمانات قانونية وتنفيذية قوية وواضحة ليعود الإتفاق والخطة الشاملة إلى ما تم الإتفاق عليه في العام 2015 , في الوقت الذي لن تقبل إيران أي نقاش في طبيعة ترسانتها الصاروخية الدفاعية بحسب الشروط الأمريكية في ظاهرها والإسرائيلية في باطنها وعمقها...

وإذ يعتبر البعض أنه لم يكن من الصواب لإيران أن تثق بالغرب , لكن هذا بحد ذاته يعتبر دليلاً على إفتقار الأمريكيين للصدق حتى في إتفاقاتهم وسلوكهم , وتذبذب ونفاق وضعف الأوروبيين .

انتهت سنوات الفوضى مع إنتهاء ولاية الرئيس ترمب بالفشل , واستطاعت الدولة الإيرانية الحفاظ على عناصرها وأدواتها الرادعة وفقًا للأعراف والمعايير الدولية , على الرغم من العقوبات القاسية والظالمة ، ولم تكن إدارة ترمب تملك من الجرأة والإمكانية لشن عدوانٍ جديد على إيران خصوصاً في الأشهر الأخيرة لولاية ترمب .. وعليه كان لا بد من رحيله ذليلاً وخائباً , وترك العبرة لخلفه جو بايدن , خصوصاً مع إعلان نيته شطب جميع أخطاء إدارة ترمب والعودة إلى التحالفات والإتفاقات السابقة ولخصها بعبارة "ستكون بداية جديدة" , وقد تطايرت تصاريح أمريكية من هنا وهناك في صخب يوم تنصيب بايدن رئيساً , أهم ما قيل فيه ومن البيت الأبيض أنه يمكن لأمريكا أن تعود إلى الإتفاق إن عادت إيران ... سننتظر ونرى.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

21/1/2019 

No comments:

Post a Comment