Wednesday, January 27, 2021

واشنطن بين إكذوبة القضاء على "داعش" وعودة ظهوره - م. ميشيل كلاغاصي

في الوقت الذي تنصب فيه الأنظار على اقتراب نهاية الإرهاب في إدلب ، ظهر تحدٍ جديد لسوريا في صحاري دير الزور والمناطق الشرقية المحاذية للحدود العراقية – السورية , تمثل بعودة تنظيم داعش لتصدر المشهد الإرهابي هناك , والذي يحاول تجميع فلوله بالمساعي والبوصلة الأمريكية , والعودة لتجديد نشاطه الإرهابي , بالإعتماد على شن الهجمات المتتالية على نقاط تمركز الجيش العربي السوري والمدنيين , الأمر الذي يدلل على نفاق الإدارة الأمريكية السابقة والتي سبق لها أن أعلنت إنتصارها على التنظيم في سوريا , لكن حاجة الولايات المتحدة للوقت وللمزيد من الإستثمار في الإرهاب في مناطق إحتلالها ووجودها اللاشرعي في سوريا , بهدف إطالة أمد الحرب والحصار ومنع عملية إعادة الإعمار, دفعها للتعويل على عودته وإجرامه مجدداً , وبزج ما يتوفر لها من مجاميع إرهابية أيضاً تحت رايته.

وقد بات معروفاً أن واشنطن سعت لإحاطة وحماية تواجد قواتها اللاشرعي في المنطقة الصحراوية وتحديداً في التنف ومحاصرتها لمخيم الركبان للنازحين المتاخم للحدود الأردنية , واستطاعت بفضل ممارساتها اللا إنسانية تحويله إلى سجن كبير مارست فيه كافة أشكال التعذيب والتجويع والإتجار بالبشر , مستخدمة ماكيانتها الإعلامية وأدواتها لإلقاء اللوم على حكومتي الأردن وسوريا من بوابة الملف الإنساني.

إن سعي الولايات المتحدة لإعادة إطلاق تنظيم داعش , تطلّب حشد فلوله وتجنيد ما أمكنها من المدنيين النازحين في مخيم الركبان , واستجلاب العديد من عناصره من الجبهات العراقية , ومَن "خزّنتهم" عصابات "قسد" الإرهابية كأسرى في مخيم الهول بأوامر أمريكية , كما وعدت المدعوة "إلهام أحمد" بالإفراج عنهم , ناهيك عن ردفهم بمجموعات إرهابية قبلية في محاولة منها لتشكيل قوة كبيرة تعادل جيشاً ليكون وكيلها في مناطق إحتلالها في التنف ومحيطها بهدف الإستيلاء على معبر البوكمال الحدودي , وذلك قبل أن تتمكن وحدات العربي السوري من الوصول إليه واستعادت السيطرة عليه.

من المؤكد أن وصول وحدات الجيش العربي السوري إلى معبر البوكمال أفشل الخطة الأمريكية وأصابها بالإحباط , بالتوازي مع إزدياد الضغط الروسي منذ منتصف عام 2019 لإفراغ مخيم الركبان , ما أجبر الولايات المتحدة على الحد من استغلال تواجدها في التنف , وإضعف معدل استفادتها من مجاميعها الإرهابية , ودفعها للمناورة والعودة للتركيز على درعا , فيما تشتت فصائلها الرديفة , وانضوى بعضهم تحت راية الإحتلال التركي , فيما اصطف اّخرون للقتال إلى جانب "قسد" , على الرغم من أصولهما المشتركة وبحسب العائدية لفصائل "الجيش الحر" الإرهابي , قبل أن يعملا تحت راية داعش بأوامر أمريكية وبوساطة خليجية نظراً لعمق العلاقات والروابط مع السعودية وقطر , والخلافات البينية , والبحث عن المال والإرتزاق وتعويض شُحَ المال السعودي والقطري , وذلك لدفعهم للعمل تحت جناحي الأدوات الأمريكية الولايات الأقوى ( الأتراك و"قسد" ).

إن إدعاء الولايات المتحدة بالقضاء على تنظيم داعش في محيط مناطق إحتلالها وتواجدها اللاشرعي في سوريا , دفعها إلى تغيير محور خط الهجمات من محور التنف – البوكمال إلى محور ريف دير الزور , وإلى مضاعفة نشاطها الإرهابي عبر قواتها بشكل مباشر وعبر تكثيف الإعتداءات الإسرائيلية والمجاميع الإرهابية , وأصبحت التنف مركزأ وقاعدة لإنطلاق الهجمات على وحدات الجيش العربي السوري ومدنيي المنطقة .

لقد ساهمت ميليشيات "قسد" الإرهابية في دعم ورفد الحشود الإرهابية لتنظيم داعش عبر إطلاق سراح من كانوا تحت قبضتها , وتكفلت القوات الأمريكية بنقلهم إلى منطقة جنوب الفرات , حيث هاجموا الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في البوكمال , وبعض المنشاّت الحيوية والنفطية ... يبدو أن هذه الاستراتيجية قد ضمنت أن تستمر الهجمات والإعتداءات الإرهابية على يد داعش عوضاً عن القوات الأمريكية ومن تختاره من أدواتها.

لم تتوقف "قسد" عن الضغط على القبائل والعشائر , وحاولت سرقة فعاليتها ودورها وحتى بتشويه صورتها الوطنية , بالإعتماد على بعض ضعاف النفوس , وحاولت زرع الشقاق في صفوفهم , وراهنت على دب الفوضى والخوف والترهيب , ونفذت الإغتيالات بحق بعض شيوخ القبائل خصوصاً الذين رفضوا ما يمكن تسميته بـ "صفقة مظلوم عبدي النفطية المشبوهة" , ومن تمسكوا بالهوية والولاء للوطن.

لكن الرد الحقيقي جاء عبر القبائل والعشائر ومن خلال عدة جولات لـ ملتقى العشائر السورية , حيث أكدوا عمق إنتمائهم للوطن وعبروا عن رفضهم لكل ما يهدد وحدة الشعب السوري ووحدة الأراضي السورية , ورفض كل إرهاب وكل مخططات الغرب الصهيوني , والوجود اللاشرعي للاحتلالين الأمريكي والتركي , وبرفع العقوبات الأحادية الجانب عن سوريا , وأكدوا وقوفهم وراء القيادة الحكيمة وإلى جانب الجيش العربي السوري بكل إمكاناتهم. 

لن يتوقف الجيش العربي السوري وحلفائه عن محاربة الإرهاب , ويضع السوريون ثقتهم بثالوثهم الوطني " القائد , الجيش , الشعب " للتغلب على كافة العراقيل الخارجية , والمخططات الخبيثة , لدحر جحافل الإرهاب وقوات الإحتلالين الأمريكي والتركي وأذنابهم , على أمل أن يصحو بعض الإنفصاليين ممن انخرطوا في المشاريع الخارجية وخانوا بلدهم وشعبهم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/1/2021



No comments:

Post a Comment