Thursday, May 28, 2020

قانون قيصر صناعة هوليودية واستغلال أمريكي رخيص - م.ميشيل كلاغاصي



هوليوود, ومن منكم لا يعرف هوليوود, عالم السينما الأول في العالم, مخرجين وممثلين, أبطال أدهشوا العالم, قدراتٌ خارقة, قصص خيالية مسيسة, خدمت السياسة الأمريكية وأظهرت ساستها أبطال استثنائيون, دافعوا عن البشرية ونجحوا في غسيل الأدمغة وبصنع المستحيل, وحولوا الأوهام والأكاذيب إلى حقيقة .. فكانوا براندو, باتشينو , دي نيرو , كلوني , فان دام , ستالوني .. ولا يبدو المدعو "قيصر" اّخرهم فهوليوود ولاّدة والأفلام كثيرة... وفي الحبكة, يتسلل قيصر المنشق حاملا ًبيده اّلة التصوير الخرافية, وينجح بإلتقاط 50 ألف صورة لـ 11 ألف سجين ومعتقل, واستطاع نقل "كنزه" إلى خارج أسوار السجن, ووضعه تحت جناحي حمامٍ زاجل, أوصلها إلى هوليوود, حيث جُمعت ورُتبت وتحولت إلى فيلم جديد, استمتع به البنتاغون ووكالة الإستخبارات المركزية والرئيس, واعتمدوه ورقة ًوسلاحا ً إضافيا ًمكملا ًلخطط وأساليب الحرب على الدولة والشعب السوري.
بسلوك العصابات لا بسلوك الدول, وبكامل النفاق ومن بوابة "حقوق الإنسان" تحاول الولايات المتحدة الظهور كمدافع عن الشعب السوري, بعدما أزهقت بمشروعها وحربها وعدوانها المباشر أرواح السوريين منذ عشر سنوات , وتستمر اليوم بعقوباتها الإستفزازية اللا مشروعة على الدولة والشعب السوري.
من الواضح أن الإدارة الأمريكية تصب رهانها على ما تتوقعه من أرباحٍ ستجنيها من هذا الفيلم, على الرغم من كافة عوراته, فالصور مقتطعة وملفقة بتقنية الفوتوشوب، وغالبيتها إلتقطها الإرهابيون بأنفسهم وثقوا من خلالها مباهاتهم بقتل السوريين, فيما تعرض أخرى لقتلى مجهولي الهوية لا يعرف أحد أين التقطت تلك الصور, في سوريا أم في العراق وربما في اليمن أو في أي بقعة من الشرق الأوسط  أو حول العالم.
لا يمكن تصوّر أن الولايات المتحدة تبني عليها رهانا ًواقعيا ً, حسبها محاولة شيطنة الدولة السورية وقيادتها وحصارها, بحثا ًعن تحقيق أهدافها السياسية التي عجزت عنها باللغة العسكرية, بالإضافة إلى تشويه صورة القيادة الروسية, والطعن بجهودها في محاربة الإرهاب وإتهامها بقتل المدنيين.
يخطئ من يعتقد أن البدء بتطبيق قانون قيصر, هو باكورة الأعمال العدائية الأمريكية على سوريا, فالإدارة الأمريكية ومنذ نصف قرن تحاصر الدولة السورية, وتحاول تضييق الخناق عليها وتطلب استسلامها أو تدميرها, ولا ينسى أحدكم ما تعرضت له سوريا منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم, وما بين الترغيب المقرون بالإستسلام والتدمير الكلي, تأرجحت واشنطن على حبالٍ مزيفة, أطلقت عليها عشرات المسميات , "إحتواء النظام" , "تغييرسلوك النظام" , "استبدال النظام" , "الإطاحة بالنظام" ...إلخ .
مالذي يزعج الإدارات الأمريكية في سوريا ..؟
لا يحتاج الأمر شروحا ًمطولة, فالجميع يعرف أن تمسك الدولة والشعب السوري بهويته وعروبته وبالقضية المركزية الفلسطينية, وأساسها الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية, وما ترتب عليه من نسفٍ لحقوق الشعب الفلسطيني, وتطور لاحقا ًومن خلال المشروع الصهيوني التوسعي, إلى احتلال عديد الأراضي العربية في سوريا والأردن ولبنان ومصر.
لم تنزلق سوريا في هاوية معاهدات الإستسلام التي أبرمتها بعض الدول العربية مع سلطات الكيان الإسرائيلي الغاصب, وبقيت الصوت العربي الرسمي الوحيد, المناهض للمشروع الصهيو-أمريكي, واحتوت ودعمت كافة حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية والعربية, وكل من رفض الإستسلام وتمسك بالحقوق.
دفعت الدولة السورية وشعبها أثمانا ًباهظة لمواقفها المبدئية الثابتة, وتحملت عبئ تخاذل النظام العربي الرسمي , وواجهت المؤامرات الغربية, تارة ًبمواجهاتٍ مباشرة مع العدو الصهيوني, وتارة ًعبر إرهاب تنظيم الإخوان المسلمين بريطاني النشأة والمدعوم إسرائيليا ًومن الأنظمة العربية الرجعية.
حروبٌ عسكرية تقليدية, وحروب شوارع ومواجهات مباشرة مع العدو الصهيوني وعملائه وسط العاصمة بيروت, وحرب العصابات والإرهاب في أزقة وشوارع بعض المدن السورية ... ناهيك عن التهديد المباشر جراء الإحتلال الأمريكي للعراق, وعرض الترغيب في زيارة كولن باول والذي تسبب بطرده من سوريا , وصولا ًإلى الحرب الكونية على سوريا.
سنوات وعقود صعبة وعصيبة تحملتها الدولة والشعب السوري, واجهت فيها بالإضافة إلى الحروب العسكرية والسياسية, حروبا ً إقتصادية وحصار وعقوبات على الدولة وعلى شخصيات إعتبارية ساندت الدولة والشعب السوري .
إن مسلسل العدوان العسكري على سورية بكافة أشكاله وأدواته الدولية والإرهابية, وما رافقه من حصار إقتصادي وضغوط  سياسية (1980- 2000), لم يُثني السوريين عن النهوض بوطنهم القوي الذي أسس دعائمه الراحل حافظ الأسد, وتابع المسيرة الرئيس بشار الأسد وسار على ذات النهج والمسار, واستطاع السوريون من خلال طبيعتهم المميزة وقدراتهم الفردية والجماعية والنهج السياسي والإقتصادي للدولة السورية, النهوض بالوطن ونقله إلى أعتاب الدول المتطورة – الصاعدة  صاحبة الإكتفاء الذاتي, ووصلت إلى مراحل هامة دفعت عديد الدول الأوروبية إلى طلب التوأمة معها, ودفعت إتحادها الأوروبي إلى طلب الشراكة الإقتصادية والثقافية وغيرها من أشكال الشراكة...
ومع هذا التطور والتقدم الكبير والإقتصاد القوي, أصبحت المواقف المبدئية السورية أكثر صلابة ازدادت معها القدرات السورية للدفاع عن القضايا القومية والوطنية , وأصبحت سوريا أقرب من أي وقت مضى قادرة على مواجهة الكيان الغاصب واسترجاع الأرض والحقوق , زاد منها تلك العلاقات الإستراتيجية التي تربطها مع عديد الدول كروسيا الإتحادية وجمهورية إيران الإسلامية والصين وغير دول على إمتداد العالم الحر .
كان هذا في العنوان, أما في التفاصيل ففيض من غيضٍ .. ولن تستجدي سوريا الرضى الأمريكي على حساب حقوقها وقضاياها ومصالح شعبها... ولطالما كانت المواقف السورية القومية والوطنية عائقا ًوسدا ًمنيعا ً أمام المخطط الغربي, الذي لم يجد بدا ًمن استهدافها بشكل مباشر, فكان الربيع العربي المزور وثورة التكفير والسكين والعدوان العسكري المباشر, أساسا ً للعدوان الكوني عليها.
لا بد لمن يعرف القيادة السورية والشعب السوري أن يراهن على فشل قانون قيصر, حتى لو أرخى ببعض ذيوله وأظهر ما أظهر من أنيابه, ولن يكون الحصار الإقتصادي دافعا ً أو ملهما ًللدولة للتخلي عن مواقفها وأهدافها في إستعادة سيادتها على كامل أراضيها بما فيها الجولان السوري المحتل, ولن يشكل "حافزا ً" للشعب لإسقاط حكومته والتخلي عن هويته وعروبته وعشقه لوطنه.
أي حساباتٍ فاشلة يراهن عليها الأمريكيون, بعد فشلهم في العدوان العسكري, وإنتقالهم نحو الحروب الإقتصادية وسياسة الحصار اللاأخلاقي واللاشرعي, وأي رهانٍ يدفعهم إلى تكبيل الأيادي السورية لمواجهة جائحة الكورونا, وإلى خنق الإقتصاد السوري ومنعه من إعادة إعمار البنى التحتية .. وأي حصار هذا الذي يحرم الشعب السوري من زرعه وقمحه وقطنه وخيرات بلده وثرواته النفطية, وسرقة مقدراته وحتى اّثاره , وتكريد وتتريك مدنه وبلداته , واستبدال مواطنيه بغرباء إرهابيين وحوش وقتلة.
وأي حسابات سخيفة وحملة الشائعات التي تطال الرموز الوطنية, والتي تتلاعب وتستخف بالعقول, وأي رهانٍ على سقوط الدولة جراء الإعلام الفاشل لشاشات أنظمة التخلف العربي والتي تهاجم سوريا الحضارة والتاريخ على مدار الساعة... وأي حسابات خاسرة تلك التي يراهنون عليها بإختلاق الأكاذيب وأوهام الخلافات السورية – الروسية – الإيرانية , وبعدم قدرة روسيا وإيران على مساندة الإقتصاد السوري .
من الواضح أن الهدف من قانون قيصر يسعى إلى تبرير التدخل العسكري في سوريا من جهة, ومحاولة الإمساك بخيوط الحل السياسي من جهة أخرى, ويسعى من خلال مروحته الواسعة إلى منع الشركات الروسية والإيرانية والصينية من تنفيذ الإتفاقيات الإقتصادية التي تم توقيعها مع الحكومة السورية, والتي شملت قطاعات النفط والكهرباء وعشرات القطاعات الإقنصادية والتجارية المنضوية تحت مشاريع الحزام والطريق, وبكل ما يُخرج أمريكا من المعادلة خاوية الوفاض عسكريا ًوسياسيا ًوإقتصاديا ً.
لن يكون قانون قيصر بداية الفيلم الهوليودي - الأمريكي ولن يكون نهاية له, ولن يعدو أكثر من حلقة أو مشهد إعتاد السوريون على مواجهته والتصدي له, فكما أطلق الأمريكيون قانون قيصرهم , يًطلق السوريون تحديهم , وإذا كان قدرهم أن يحاربوا سوريا فقدرها أن تسحقهم دائما ًوأبدا ً.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
28/5/2020نهم يصدقون أ



Friday, May 8, 2020

ترامب الجريح يسحب قواته .. هل ينجو العالم من العاصفة - م.ميشيل كلاغاصي


لم يكن الوضع الإقتصادي والمالي الأمريكي قبل جائحة الكورونا , أفضل بكثير مما هو عليه بعدها , وساهمت الجائحة بتعميق الحفرة والمشكلة , خصوصا ً بعدما استهتر ترامب وإدارته وأضاعوا ستة أسابيع ثمينة قبل البدء بالتحرك الأول لمواجهة الفيروس ...
لا شك بأن الجائحة أضرت بالإقتصاد الأمريكي كغيره حول العالم , وخسر عديد الأمريكيين وظائفهم , وسط وارتفاع البطالة إلى نسب غير مسبوقة تجاوزت الـ 15% , وتجاوز عدد العاطلين عن العمل الـ30  مليون , وانطلقت عجلة الإنكماش الإقتصادي بسرعة كبيرة , غابت معها أحلام العودة والإنتعاش الإقتصادي إلى أجل بعيد وغير مسمى.
ومع تفاقم الأزمة , يجد ترامب نفسه أمام حلين , إما الصراحة والمكاشفة والدعوة إلى العمل الدؤوب والصبر والتماسك , أو اللجوء إلى الأكاذيب حيث يجد متعته وجزءا ً من شخصيته , بالتوازي مع أرقامه القياسية في سوق وإطلاق الأكاذيب .. وعلى ما يبدو أنه اختار الطريق الملتوية وأطلق وعدا ًجرئيا ً بأن :" الوظائف ستعود وستعود قريبا ًجدا ً ", على عكس ما توقع عديد الإقتصاديين -.
هل يستطيع ترامب أن ينفذ وعده على المدى المنظور , وكيف ؟ هل التقشف غير المعلن , الذي بدأ بإتباعه عبر سحب جزء من قواته العسكرية من منطقة الخليج العربي ومن سيناء , وربما سيتبعها بإنسحابات أخرى ومن دول أخرى حول العالم , ومن المناطق الأكثر تكلفة , وأكثر خطورة , ستكون كافية لإرضاء الشعب الأمريكي ولتوفير الأموال , وتحويلها وضخها في الداخل الأمريكي للتخفيف من حدة مجمل الأزمات , وللمساعدة على إعادة تحريك الإقتصاد المتعثر ,
هل يجد الخليجيون وخاصة ً السعوديون منهم تفسيرا ً لعودة ترامب للحديث عن "الحماية بدون مقابل" , والعزف على وتر الحلابة مجددا ً, هل ينفذ بذلك تهديده إلى محمد بن سلمان بقطع الدعم العسكري الأمريكي , وبمعاقبته على خفض أسعار النفط وزيادة إنتاجه , والخسائر التي تسبب بها للولايات المتحدة , ولجوئه لسحب أربع بطاريات لصواريخ الـ "باتريوت" من السعودية , وإستعادة عشرات الجنود الأمريكيين الذين أرسلتهم لحماية منشآت النفط السعودي إلى أمريكا , وبسحب سربين من المقاتلات الأمريكية من أجواء الخليج , بالإضافة لما تقوم به حاليا ً عبر دراسة وبحث إمكانية خفض قواتها البحرية في مياه الخليج .
هل يفكر ترامب جديا ًبوقف التهديد العسكري لإيران , وبإجلاء كافة القوات العسكرية التي استجلبها إلى المنطقة بداعي ردع إيران وحصارها وإخضاعها .. ماذا عن قواته في سوريا , هل سيقوم بإجلائها تحت عنوان التقشف ذاته , أم تحت عناوين كبرى واستراتيجية مؤلمة , تعترف ضمنا ً بهزيمة مشروعها في سوريا .
ماذا عن الصراع مع الصين , والمنافسة مع روسيا على قيادة العالم , ماذا عن "شركائه" الأوربيين , وحلف الناتو , ماذا عن باقي القواعد العسكرية حول العالم , وسباق التسلح , وإنتشار الأسلحة النووية والصاروخية المخيفة , والتوازن الدولي ... أسئلة كبرى ومشروعة , تفرض على العقلاء التريث , في وقت شديد الحساسية , لا مجال فيه للتقييمات الخاطئة.
لم تكن يوما ً السياسة الأمريكية ذات قلب عطوف , ولم يعرف عنها سوى الوحشية والغطرسة وقساوة القلب , واستطاعت من خلال هذه الطبيعة والذهنية أن تتقدم بسياساتها نحو أطماعها وهيمنتها على العالم , وتحولت إمبراطوريتها إلى ما يشبه الثور الهائج أبدا ً, فما بالك إن كان جريحا ً, ويعاني من الضعف ويقترب من حافة الهاوية شيئا ً فشيئا ً... أيُّ عاصفةٍ تلوح في الأفق !.
وأيُّ ذهنية أمريكية , ستكون قادرة على معالجة أزماتها بعقلانية , ووفق حجمها وقواعد المنطق, والشرعية الدولية , والوقت الكافي واللازم للعودة , هي ذاتها العقلية التي لم تتقبل تراجعها ونزولها عن عرش قيادة العالم , والقبول بعالم متعدد الأقطاب في زمن ما قبل "حرب" الكورونا.
على العالم أن يفكر جديا ً , ويحسب ألف حساب لما قد تقدم عليه تلك الذهنية , خصوصا ً عندما يقودها يائس أهوج كالرئيس دونالد ترامب , والذي بدوره ينفذ أجندات "الحكومة الخفية" التي ترى وتراقب كل شيء.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
8/5/2020

Thursday, May 7, 2020

فواتير الأرحجة التركية .. العودة إلى الحضن الأمريكي - م.ميشيل كلاغاصي



جمعتهما أمور كثيرة , تخطت العلاقات الثنائية والأطلسية والإستراتيجية والعسكرية والتجارية والإستعمارية .. واليوم تجمعهما الهموم المشتركة , فالكورونا ضرب ضربته في تركيا كما في أمريكا , فعدد الإصابات قارب الـ /200/ ألف في الأولى , وتجاوز المليون إصابة في الثانية , أما أعداد الوفيات فهي في تصاعد مستمر بما تجاوز الـ /70/ ألف حالة وفاة في أمريكا وحدها .. ناهيك عن فوضى البلدين في مواجهة الجائحة , بالتوازي مع إنكشاف تردي أوضاع قطاعيهما الصحي , وندرة الإستعدادات المسبقة , الأمر الذي دفع تركيا إلى قرصنة بعض سفن التجهيزات والمواد الطبية والكمامات المتجهة إلى غير دول , تحت عنوان إستعارتها وإعادتها , فيما هرعت أمريكا لقرصنة عقود الشركات المصنعة , تحت عنوان إحتكارها ومضاعفة مبالغ الحصول عليها , وفتحت أبوابها لتلقي المساعدات على عكس ما كان متوقع منها كدولة "عظمى".
وعلى الرغم من تأرجح الوضع الإقتصادي في تركيا , واستعداده للإنهيار في أية لحظة , سارع التركي أردوغان إلى إرسال المساعدات الطبية , وأرفقهما برسالة إلى الرئيس الأمريكي , تعدت موضوع التضامن و المساعدات , وطرقت أبواب العلاقات الثنائية وأهمية استمرار التحالف التركي - الأمريكي , أكد فيها وبشكلٍ قاطع وقوف تركيا "كشريك  قوي وموثوق به للولايات المتحدة" ، من الواضح أن أردوغان سعى عبر الرسالة لإستعادة رضى وثقة ترامب , ولتسجيل عتبه على الكونغرس الأمريكي وأمله بإدراك أهمية تركيا , وبإستمرار التحالف معها.
مالذي يحصل ...؟ أيُّ نوايا إنسانية حسنة تدفع تركيا إلى إرسال مساعداتٍ لا تملكها أصلا ً , وشعبها بأمس الحاجة إليها ..! وأي شكر وجهه صاحب "الفضيلة" بومبيو على تبرعاتها و:"صداقتها وشراكتها ودعمها" كـ "حليف أطلسي في أوقات الأزمات" ..!
أيُّ ود وأيُّ صداقة , والخلافات بين البلدين أصبحت علنية , والتهديد بالعقوبات والمعاقبة الأمريكية أصبح خبرا ً مألوفا ً, بفضل إصرار الرئيس التركي على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية  S-400, والذي اعتبرته الولايات المتحدة أنه لا يتوافق مع خصوصية واستراتيجية حلف الناتو , في وقتٍ تجاهل فيه أردوغان كافة التهديدات الأمريكية – الأطلسية , وسارع للحصول على الصفقة , وإلى فتح مروحة العلاقات التجارية الروسية – التركية أكثر فأكثر ..!
هل أراد أردوغان أن يمنح ترامب شيئا ً من الطمأنة , ونوعا ًمن الدعم لمساعدته في مقاومة الدعوات والأصوات داخل الكونغرس , المطالبة بفرض العقوبات على تركيا ...
وأراد الإيحاء أو إبلاغ واشنطن بإمكانية إنفصاله عن روسيا عاجلا ً أم اّجلا ً , وتوجيه رسالة غضبٍ تركية حيال مواقف وسياسة موسكو في الأشهر القليلة الماضية تجاه سوريا وليبيا .. فقد كان يعول على تحرك روسي لمنع العملية العسكرية الأخيرة التي حرر من خلالها الجيش العربي السوري مساحات كبيرة تتعلق بالجغرافيا الإدلبية وبمشاركة روسية , ناهيك عن امتعاضه من الموقف الروسي في ليبيا.
لم يعد بإمكان أردوغان إخفاء فشل أهدافه الجيوسياسية في سوريا وليبيا , بالإضافة إلى الضغوط والمعارك الداخلية التي يواجهها مع المعارضة والتي تستفيد من سوء إدارته للعديد من الملفات السياسية والإقتصادية والمالية وملف الكورونا أيضا ً, وارتفاع عدد الإصابات والوفيات , بما يضاعف أزمة الإقتصاد التركي التي يحمله غالبية الأتراك مسؤوليتها ... يبدو أنه اقترب كثيرا ً من الجدار المسدود , وباتت خياراته الداخلية محدودة وربما يائسة لتجنب الرياح التي يستشعرها , فيما تبدو خيارته الخارجية محصورة بإعادة فتح العلاقات مع واشنطن , التي تبقى الأقدر على صيانة الدمى التي صنّعتها حتى على شكل دول.
من الواضح أن أردوغان يملك مخاوف داخلية حقيقية , فتراجع الليرة التركية إلى ما يقارب الـ / 7 / ليرات مقابل الدولار الأمريكي ، أجبر البنك المركزي على تقهقر احتياطيات النقد الأجنبي من العملات الأخرى , وسط إعلان المعهد التركي للإحصاء عن إنخفاض الثقة بالإقتصاد التركي وتراجعها بمقدار الـ 50% خلال شهر نيسان الماضي , الأمر الذي دفع أنقرة لإجراء محادثات مع واشنطن لتأمين خط مقايضة مع مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي لم يدرج تركيا في برنامجه  الخاص لفتح خط الإئتمان لقبول العملات الأجنبية مقابل الدولار , ويأتي هنا السؤال منطقيا ً, هل ستكون مساعدات وكمامات أردوغان قادرة على إقناع ترامب بقبول وبتوجيه المصرف بفتح خط الإئتمان التركي؟
على الرغم من إعتقاد البعض بأن لعب تركيا على الحبلين الروسي والأمريكي والوقوف على مسافةٍ واحدة منهما سيجني لها الأرباح المضاعفة دائما ً, وسيعطي أردوغان فرصة التبختر كالطاووس داخل تركيا وفي الإقليم والعالم , إلا أن الواقع يؤكد من جديد أن أردوغان لا يستطيع الخروج من تحت العباءة الأمريكية , ويؤكد تقاربه مع روسيا والرئيس بوتين لم يكن ليس سوى محاولةً غبية لإستخدام روسيا كوسيلة للضغط على ترامب , خصوصا ً فيما يتعلق بسياسة تركيا في سوريا وغير مكان , متناسيا ً أن لا صديق لأمريكا وأن روسيا إنتشلته من مستنقع الإنقلاب الأخير , وأنه غير قادر على مواجهة غضب الزعيم الروسي والرئيس الأمريكي , وعليه تسديد الفواتير الباهظة لكليهما , وستكون فواتير أستانا وشوتشي أقربها للدفع , فلن يغامر ترامب بدعم أردوغان في سوريا على حساب خروج قواته المذل منها ومن المنطقة , وقد تبقى معادلة العلاقة التي تجمع بوتين وترامب "الجيدة جدا ً" – كما سبق ووصفها ترامب -  سارية المفعول.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
7/5/2020

Friday, May 1, 2020

ألمانيا تضع نفسها رهينة قوى الهيمنة - م. ميشيل كلاغاصي


هل قررت ألمانيا شن الحرب على ح . ال ل ه بالوكالة أم بالأصالة , ولماذا لجأت لإعتماد هذه السياسة في زمن الـ كورونا وزمن الضعف والفوضى الأوروبية وتعثر الإتحاد الأوروبي , وفشله وتخبطه السياسي الداخلي مع موجات الإحتقان الشعبي في دوله , وإنزال علمه في أكثر من عاصمة ومدينة أوروبية على خلفية تقصير حكوماته في مواجهة جائحة الـ كورونا.
مالذي يدفع الحكومة الألمانية لتنفيذ الرغبات الأمريكية وربما أوامرها , مالذي تغير في ليلة وضحاها , وجعل الأمن الألماني يغير على نوادٍ يزعم أنها تابعة لـ ح . ال ل ه , هل اختلط الأمر على الألمان وفقدوا كل تمييز بين المجتمع الصغير المؤيد للحزب في ألمانيا , وبين خاطة المجتمع العربي – الكردي ونفوذه الكبير في الداخل الألماني , هل لسوريا ولحلفائها ولمحور المقاومة علاقة بما يجري , أم هي العمالة الصرفة وحرب الوكالة بالنيابة عن العدو الإسرائيلي...
لقد وعدت ميركل قبل عام واحد فقط بالبحث عن الطريق الألمانية بعيدا ً عن الهيمنة الأمريكية , لكننا اليوم نراها تشن الحرب على حزبٍ مقاوم للإحتلال وللإرهاب التكفيري , ويساهم بأجنحته السياسية والعسكرية والإجتماعية والإنسانية بحماية لبنان وبالحفاظ على سيادته وبدعم استقراره السياسي والإقتصادي والصحي خصوصا ً في زمن الـ كورونا , فعن أي طريقٍ تحدثت المستشارة ميركل.
من يُصدق الحكومة الألمانية وهي توجه اللوم إلى حزب الله وتتهمه بإستخدام العنف وبعديد الهجمات الإرهابية – بحسب وزير الداخلية الألماني- بلا دليل , ومن يُصدق إدعاءاتها بمخاوف ألمانية تتعلق بالأمن الوطني والقومي , هل حقا ً يملك حزب الله تواجدا ًوهيكلية ًرسمية في ألمانيا ؟ هل اختلط الأمر ثانية على الحكومة الألمانية واعتقدت نفسها تمثل الحكومة الإسرائيلية , وأنها في حالة مواجهة حدودية مصيرية مباشرة معه.
هل اختلط الأمر للمرة الثالثة على الحكومة الألمانية , واعتقدت أنها بقرارها هذا تصيب التجمعات العربية – الكردية , صاحبة المال والنفوذ والتأثير في الداخل الألماني , بمجرد أنها صنفت حزب الله تنظيما ً إرهابيا ً, هل تبدو ألمانيا نادمة ًعلى دعمها لمن تحالفوا وكانوا جزءا ً من التنظيمات الإرهابية وقاتلوا ضد الدولة السورية منذ العام 2015 وغادرها بعضهم والتحق قسم كبير منهم بذويهم وأقرانهم في ألمانيا وبتسهيلاتٍ من حكومتها , وشكلوا تجمعات مغلقة خطيرة بنشاطات يصفها الإعلام الألماني بالمافيوية , وهل تخشى ملاحقتهم ومحاسبتهم على أراضيها , أم تراها تتهرب من غضب السيد الأمريكي الذي بدأ يستشعر خروج من بقي منهم في سوريا عن طاعته , وتمسكوا بالأرض والوطن , واتجهوا نحو التعاون مع دولتهم وحكومتهم السورية وجيشها الوطني وأبدوا استعدادهم لحماية مناطقهم وإفشال جوهر كافة التنظيمات والوحدات الإنفصالية , ومحاولتها للتفرد بالسيطرة على مناطق شرق الفرات وبإقامة مناطق إدارة ذاتية بنكهة إنفصالية بدعمٍ كلي من قوات الإحتلال الأمريكي.
من المؤسف أن تنحدر السياسة والصحافة الألمانية إلى هذا الدرك الرخيص , وتلجأ إلى ذرائع مزيفة واهية لإتهام حزب الله بتهريب المخدرات والسيارات المسروقة وبغسيل الاموال , في وقت تدرك فيه تماما ً من هم المسؤولين عن تلك الأفعال ,  خصوصا ً ممن رعتهم واستخدمتهم في سوريا وغير مكان , وتشعر اليوم بلسعاتهم , هل تخيلت الدولة الألمانية أن تضع عقربا ً في جيبها وتسلم من الأذى.
إن محاصرة ومضايقة بعض اللبنانيين من الطائفة الشيعية في ألمانيا , تحت ذريعة إنتمائهم إلى حزب الله , يشي بمدى إفلاس الحكومة الألمانية , وعمق إلتحاقها بركب السياسة الأمريكية اللاأخلاقية , ويؤكد سياسة التبعية والإنبطاح الألماني من خلال الندم والشعور بالذنب التاريخي المزعوم أمام الصهاينة , وجعلهم يقبلون دور التابع والأجير لمخططات كبرى تستهدف محور المقاومة مجتمعا ً, بما يبدأ بسوريا واستمرار حصارها والحرب فيها , إلى إيران وإتفاقها النووي والصاروخي , ولا ينتهي بتأمين غطاءٍ ألماني – أوروبي للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا , تحت ذرائع واهية تدعي فيها استهداف مواقع أو مستودعات أو مواكب أو قوافل لنقل الأسلحة الخاصة بحزب الله في سوريا .
من الواضح أن ألمانيا تحن إلى ماضيها النازي بنكهةٍ فاشية , وتضع نفسها في خدمة مشاريع الهيمنة الصهيو –أمريكية , وتحاول بالأصالة والوكالة قيادة حربٍ ومرحلة غامضة في الشرق الأوسط , لن يكون فيها لألمانيا ناقة أو جمل.
المهندس : ميشيل كلاغاصي
2/5/2020