Sunday, July 31, 2022

خلفيات الهجوم الصاروخي الإرهابي على دهوك العراقية - م. ميشيل كلاغاصي


منذ 20 يوليو/تموز ، يشهد العراق موجة غضبٍ تجاه تركيا بعد الهجوم الصاروخي الإرهابي على منطقة منتجع باراخ في منطقة زاخو بمحافظة دهوك شمال العراق على حدود إقليم كردستان العراق ,  أدت إلى إزهاق أرواح ثمانية مدنيين عزّل , وجرح 23 آخرون كان من بينهم عدد من الأطفال. 

عادة ما يزور العراقيون هذا المنتجع في أشهر الصيف والحر , في الوقت الذي تتواجد بالقرب منه قواعد عسكرية تركية , تستخدمها القوات التركية منذ عام 2019 لتنفيذ عمليات ضد حزب العمال الكردستاني PKK ووحدات "حماية الشعب" الكردية الـ YPG المتمركزة في مناطق جبلية شمال العراق , والتي تصنفها أنقرة بالإرهابية.

ومع إعلان الرئيس التركي في 5 يونيو/حزيران نيته إجراء عمليات جديدة لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب , تحت عنوان " الحفاظ على الأمن القومي لتركيا" , بهدف استكمال ما تدعوه أنقرة بـ "الممر الآمن" بطول 30 كيلومتر على طول الحدود مع تركيا.

وسارعت وسائل الإعلام العراقية لإتهام القوات التركية , التي تنفذ عمليتها العسكرية على الأراضي العراقية تحت مسمى "عملية قفل المخلب" منذ نيسان الماضي , وتستهدف مواقع كل ٍ من الـ  PKK و YPG , وعليه طالب مجلس الأمن القومي العراقي تركيا مؤخراً بسحب قواتها من العراق.

نفت السلطات التركية بشكل قاطع تورطها في الحادث ، وحثت العراق على عدم التسرع بتوجيه الإتهامات , واقترحت إجراء تحقيق دقيق ومشترك , وأشارت إلى إحتمالية تورط الجماعات الإرهابية ( PKK ) في الهجوم الصاروخي على دهوك ، وبأنه يشكل عملاً استفزازياً من شأنه زعزعة استقرار التعاون التركي مع العراق وكافة دول المنطقة.

لقد أثار الهجوم على المنتجع في دهوك غضب اّلاف العراقيين , الذين خرجوا إلى شوارع بغداد ومدن عراقية أخرى ، وأحرقوا الأعلام التركية تعبيراً عن استيائهم من السلوك التركي تجاه إقليم كردستان العراق... كذلك  أغلق الأهالي القنصلية التركية بعد حرق الأعلام التركية في محافظة النجف الأشرف جنوبي العراق ، ودعا مقتدى الصدر , الحكومة العراقية إلى الرد وإعلان الحرب .

وقد قامت الحكومة العراقية بإستدعاء القائم بالأعمال العراقي المؤقت من أنقرة , وبإستدعاء سفير تركيا في العراق , كما وجه مجلس الأمن القومي العراقي وزارة الخارجية لإعداد ملف حول الإنتهاكات التركية للسيادة العراقية , كذلك تقدمت بغداد بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي , بهدف كبح الجماح العدواني التركي على الأراضي العراقية , والذرائع الواهية للعملية التركية التي يتوعد ويهدد بها الرئيس التركي ووزير خارجيته ودفاعه وبشنها على الأراضي السورية.

وحول الجهة المحتملة التي تقف وراء المنفذة الهجوم الإرهابي على المنتجع في دهوك , هناك من يحاول تقديم أكثر من رواية , إذ لا يستبعد البعض على الجانب العراقي أن تكون القوات التركية وراء الإعتداء في دهوك , وسط تشكيك كبير للعراقيين بنفي أنقرة , وعليه لا تزال الإحتجاجات مستمرة بالقرب من مبنى البعثة الدبلوماسية التركية ... ومن اللافت ملاحظة وسائل الإعلام الغربية والأمريكية , وهي تندفع نحو تأييد التصريحات الحكومية العراقية , دون إنتظار إجراء التحقيق , الأمر الذي يدفع لتأييد فكرة المشاركة الغربية الخفية في افتعال هذا الإستفزاز , وتنفيذ الهجوم الصاروخي.

وفي رواية أخرى , هناك من يدعم فكرة استغلال هذه الإعتداءات وعدم تفويت الفرصة لتوجيه الإتهام إلى إيران وبعض حلفائها في العراق , في سياق الحرب الأمريكية الإسرائيلية المعلنة على جمهورية إيران الإسلامية , والذي لا يعدو أكثر من إتهاماً سخيفاً , وخبراً تتناقله قنوات الدمى الخليجية , التي تحركها أصابع الموساد الإسرائيلي.

في وقت تتحدث بعض الأوساط التركية , عن سرعة التحرك التركي للرد على وسائل الإعلام الغربية والأمريكية , وبأن مثل هذه الإتهامات تأتي في سياق الإستياء الأمريكي من قمة طهران وبيانها الختامي بمشاركةٍ تركية , وتجدر الإشارة إلى حصول الهجوم مباشرةً بعد اجتماعات قادة إيران وتركيا وروسيا الذين أظهروا مواقف موحدة تجاه العديد من القضايا والمشاكل السياسية في منطقة الشرق الأوسط والإقليم ، بما في ذلك إلقاء اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية التوتر والتصعيد العسكري في سورية والمنطقة عموماً.

من الصعوبة بمكان الإنحياز إلى إحدى روايتي الإتهام التركي أو الأمريكي , ونفي الأخرى , وبإنتظار التحقيقات العراقية المستقلة , لا يمكن استبعاد توجيه الإتهام لواشنطن , التي تخشى التعاون بين دول المنطقة ، وتصاعد النفوذ الروسي في المنطقة ، والعلاقات الروسية الإستراتيجية مع كلٍ من إيران وسورية وتركيا , ناهيك عن المحاولات الأمريكية الدائمة لترويض "الثور" التركي , الذي لا يفوت ملفاً للأرجحة , بما في ذلك الملف الأوكراني , وسط الإنتقادات الأمريكية للمس التركي بالجماعات التي تدعمها في سورية والعراق.

من المؤكد أن للولايات المتحدة ولإدارة الرئيس جو بايدن المتهالكة , كامل المصلحة في نسف التعاون بين دول المنطقة , وهي على أبواب مواجهة الأيام الصعبة لتواجدها اللاشرعي في سورية والمنتهي قانوناً في العراق , وستكون تكلفة قرار إدارة بايدن الأخير, بأننا "لن نترك الشرق الأوسط لروسيا والصين وإيران" , باهظةً ومؤلمة للغاية.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

25/7/2022

 

No comments:

Post a Comment