Sunday, July 31, 2022

البقاء في الشرق الأوسط أم الهروب من مواجهة الصين - م. ميشيل كلاغاصي


على طريقة ديفيد هالك , حاول العجوز الأمريكي , أن يكسب لقب الرجل الحديدي , من خلال زيارةٍ طويلة شاقة ومرهقة إلى الشرق الأوسط  , زار فيها ثلاثة دول ، والتقى قادة أكثر من عشر دول في المنطقة ، هاجسه إعلان تمسك بلاده بالبقاء في الشرق الأوسط , وعدم ترك الفراغ أمام روسيا والصين وإيران , وتحويل الوجود العسكري الأمريكي إلى وجودٍ إقتصادي , من خلال إصلاح وتعميق علاقات إدارته بدول المنطقة , بما يفوق علاقات موسكو وبكين وطهران كماً ونوعاً بها , متجاهلاً اّلاف الأميال التي تفصل الولايات المتحدة عن المنطقة , مقارنةً بالأمتار القليلة لمن يعتبرهم أعدائه.

ومع ذلك ، أظهر إهتماماً وإصراراً على تمتين وتعزيز العلاقات والمصالح الأمريكية الثنائية والمتعددة الأطراف , مع دول التعاون الخليجي , بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق , و"تصحيح الخطأ" واستعادة "النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط ", على الرغم من الشرخ الكبير الذي أصاب علاقات الولايات بكافة دول المنطقة سواء كانوا أصدقائه أم أعدائه , ووجد الوقت والفرصة وربما كان الهدف الرئيسي للزيارة – الرحلة , هو التركيز ضرورة عزل روسيا ونسف علاقاتها مع تلك الدول , بالإضافة إلى تهديد ووعيد إيران , وتأكيد عزمه على منعها من تطوير إنتاجها من الطاقة النووية , تحت مسمى "السلاح النووي" , على الرغم من قناعته بصعوبة إنضمام من إلتقاهم , إلى "مهرجان" العقوبات على روسيا , لكن ذلك لم يمنعه من محاولة إقناعهم بعدم جدوى إعتمادهم على روسيا , التي توشك على الغرق في المستنقع الأوكراني، ولن تستطيع البقاء في المنطقة .

ومع نهاية القمة , أدلى ببيانٍ , أظهر تخبط إدارته وضياعها , وعدم امتلاكها أية استراتيجية لعملها ووجودها , سوى إشاعة الفوضى , والإشراف على الإرهاب , وإلحاق الأذى بالدول والشعوب , وسرقة ثرواتها , وجاء كلامه غير محسوب لجهة إعلان "تمسك إدارته بالنفوذ الأمريكي في المنطقة" , دون أن يلحظ إرتباط هذا النفوذ بالأفعال الشنيعة لبلاده في العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن وإيران , بما ينسف الحديث عن النوايا الأمريكية بمغادرة الأراضي العراقية والسورية والليبية .

يبدو أن بايدن أظهر مفهومه للنفوذ من بوابة الوجود العسكري والحروب والدماء , في الوقت الذي عززت فيه كل من موسكو وبكين وطهران من نفوذهم في المنطقة عبر العلاقات التاريخية والثقافية والإجتماعية والشراكة الإقتصادية والتجارية مع دول المنطقة , والتي تحولت إلى علاقات إستراتيجية بلغة المصالح العليا.

في حين تبحث الولايات المتحدة عن نفوذ الهيمنة , والسطوة العسكرية , وعن تنصيب "إسرائيل" زعيماً وقائداً لدول المنطقة , عبر استخدام الفزاعة الإيرانية , والكراهية الروسية , والتهويل الصيني , واللعب على كافة التناقضات , وإطلاق الروايات الكاذبة , والعمل الدؤوب على استنهاض الخلافات والإختلافات , وزراعة العملاء والخونة , والإستعداد الدائم لإحراق أي بلد في منطقة الشرق الأوسط من داخله , وعبر قوات إحتلالها المباشر , وقواعدها العسكرية الدائمة في المنطقة.

تبدو الحقيقة في حالة الضعف والتراجع الأمريكي , التي دفعت الرئيس بايدن للحديث عن فرصٍ ضائعة , وعن أخطاءٍ أمريكية , وخيارين اثنين ما بين التمسك بالشرق الأوسط , والتركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادىء , في وقتٍ لا يمكن فيه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء , وسط التغييرات التي شهد العالم العربي على وقع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة , وولادة النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب .

هل أخطأ الرئيس العجوز , الذي صافح الهواء وابن سلمان , واختلطت عليه الأمور , تقييم الفرص الضائعة والأخطاء , ما بين ضرورة الإنسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط , أوالتمسك ببقاء الجيش والنفوذ الأمريكي فيه , أم أنه لم يمتلك الجرأة لإعلان تخلي بلاده عن عن مخططها , الذي اقتضى إغراق روسيا بالحرب في أوكرانيا , وإبعاد إيران وإدخالها في دوامة مفاوضات الملف النووي بلا جدوى , والتفرغ لمواجهة الصين ...

لكن حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر , أمام وحدة الصف الروسي الصيني الإيراني , وانتصار الرئيس بوتين وتقدمه نحو تحقيق كامل أهدافه في أوكرانيا وأوروبا , أمور بمجملها اقتضت قراراً أمريكياً بالهروب من مواجهة الصين , والبدء بمغازلتها , تحت عنوان "لن نترك الشرق الأوسط لروسيا والصين وإيران".

المهندس: ميشيل كلاغاصي

19/7/2022

 

No comments:

Post a Comment