Monday, March 28, 2022

الصين تستعد وتراقب الحروب الأمريكية وتستفيد من الخبرة الروسية - م. ميشيل كلاغاصي


في ظل ما قامت به قيادة وحكومة أوكرانيا المدعومة غربياً , من تصعيد وعدوان تجاه دونباس ولوهانسك ، وقبولها بمواجهة موسكو عسكرياً عوضاً عن القوات الأمريكية والأوروبية الغربية وحلف الناتو , بما في ذلك الأسلحة البيولوجية الأمريكية والبريطانية التي تم الكشف عنها كمؤخراً ، واصطفاف الفريق الأمريكي مجتمعاً لمحاصرة وتدمير الإقتصاد والدور والنفوذ الروسي ... أعلنت الصين مؤخراً عن ميزانيتها الدفاعية لعام 2022 , والتي بلغت نفقاتها ما يقارب 330 مليار دولار , بزيادةٍ واضحة عن العام الماضي تصل إلى 20مليار دولار وبما يعادل 6.8٪ , في وقتٍ سجلت فيه زيادةً قدرت بـ 13.4 مليار دولار خلال عام 2021.

ومن خلال الإطلاع على ميزانيات الصين الدفاعية للأعوام السابقة , يلاحظ ما يمكن وصفه بثبات الميزانيات على الرغم من حاجة الصين إلى تحديث قدراتها العسكرية لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها , وسط تهديدات خارجية وبيئة أمنية غير مستقرة , فرضتها السياسات الأمريكية المتهورة , التي تمتلك أوراقاً هامةً في اّسيا الوسطى وحتى في الداخل الصيني.

علاوةً على ذلك , يتوجس الصينيون من الإجراءات الأمريكية الإستفزازية , كعبور السفن الحربية الأمريكية عبر مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي , في وقتٍ تستمر فيه الخلافات والمواجهات الحدودية مع الهند , وما يتطلبه ذلك من نفقات دفاعية إضافية للحفاظ على الإستقرار في تلك المنطقة.

في وقتٍ لم يصدر فيه عن القيادة الصينية ما يشير إلى اهتمامها بسباق التسلح الدولي , على الرغم من التهديدات العسكرية الأمريكية وغيرها , إلا أنها تحافظ على سياستها ذات الطابع الدفاعي , وتعتمد على قدرات جيش التحرير الشعبي لمواجهة المخاطر المحتملة , وتحرص على تطويرها , ليكون أداة ردعٍ كافية وموثوق بها.

وإذ تمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة ، لكن ما تنفقه لا يتعدى ثلث الميزانية الدفاعية الأمريكية , ويمكن ملاحظة الميزانية التي طالب بها الرئيس بايدن للعام القادم وبحوالي 770 مليار دولار , مقابل إهتمامها بالحفاظ على مكانتها ونفوذها كقوة عظمى ، تكون قادرة على حل القضايا الداخلية والخارجية بالقوة , وتمنح البنتاغون إمكانية نشر قواته حول العالم .. في حين لا يعتمد جيش التحرير الشعبى الصينى على الأسواق التنافسية كالولايات المتحدة , ولا تنتشر القوات الصينية خارج حدودها إلا ضمن نطاقٍ محدود.

نتيجة إعتماد الصين على السرية الكاملة , وحول كيفية توزيع أموال ميزانيتها الدفاعية , يتحدث الخبراء الغربيون بأن الميزانية الدفاعية الصينية الحقيقية هي أكبر بكثير مما تعلنه الصين , وبحسب بعض التقديرات ، فإنها تزيد بنسبة لا تقل عن 25٪.

ومن المهم ذكره , قيام الصين بالإعلان عن إنجازاتها في تعزيز الدفاع الوطني والقوات المسلحة خلال عام 2021 , واعتبارها بدايةً جيدة لخطتها الخمسية الرابعة عشر , الرامية إلى تحديث قدرات جيش التحرير الشعبي وأنظمته العسكرية اللوجستية , وبإنشاء نظام حديث وسريع لإدارة الأسلحة والمعدات , والتركيز على مواصلة إصلاح الدفاع الوطني والقوات المسلحة , وتعزيز الإبتكار وتكنولوجيا الدفاع , واعتماد استراتيجية للتطوير النوعي , لتقوية وتدريب كوادر أكفاء للعصر الجديد.

تبدو الصين أحد المستفيدين من مراقبة العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا , كما فعلت واستفادت من دروس الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة ضد العراق في 1990-1991 و 2003 ، وتحتفظ بخلاصاتها للسنوات القادمة... فالتطور والخبرة والمهنية العالية التي أظهرها الجيش الروسي , قدمت لجيش التحرير الشعبي أعظم الدروس.

إن إهتمام الصين بقدراتها الدفاعية , وبقدرة وكيفية التغلب على العقوبات الدولية التي تستخدمها الولايات المتحدة ضد خصومها وأعدائها , بالإضافة إلى الضغوط الأمريكية الوحشية التي مارستها على الناتو وأوروبا ، تعتبر تجربةً واضحة وهامة للصين التي تدرك بأنها دائماً وأبداً في مرمى الإهتمام والإستهداف الأمريكي.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

16/3/2022

 

No comments:

Post a Comment