Monday, March 21, 2022

واشنطن ما بين طهران وموسكو من فيينا إلى حروب بدائل الطاقة الروسية - م. ميشيل كلاغاصي


مهما يكن من أمر المخطط الأمريكي لإستهداف روسيا في أوكرانيا , وتحديداً إستهداف قطاع الطاقة وخطوط إمدادات الغاز نحو العالم , وإطالة أمد الحرب وإغراق موسكو في المستنقع الأوكراني , بالإضافة إلى العقوبات القاسية وغير المسبوقة في العالم ..

فالأمور تخرج عن سيطرة الولايات المتحدة وحساباتها , وبعد خمسة عشر يوماً تجد نفسها أمام خيارين , استحالة إستمرار الحرب مع تصاعد أنين الأوروبيين الذين سيتجمدون من البرد , وتتعطل مصانعهم ومنشاّتهم الحيوية وسط التوقعات بإنهيار مصانعهم واّليات إنتاجهم , بالتوازي مع تسجيل أسواق النفط أسعاراً فاقت توقعاتهم بوصولها إلى 130 دولار للبرميل , وبسقف أسعار مفتوح , سيساعده إتجاه الأوروبيين نحو الإستغناء عن الغاز الروسي , لكن هذا لن يحصل وسط معارضةٍ شديدة من عدة دول في الإتحاد الأروبي وعلى رأسهم ألمانيا.

إن الإستراتيجية الأمريكية لإطالة أمد الحرب , تفترض بها تأمين البدائل , الأمر الذي يرفع منسوب إهتمامها بالدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز , وهذا بدوره جعل تحركاتها بإتجاه قطر وفنزويلا وإيران خطوةً حتمية , وأقله لتأمين ما يكفي حاجات الدول الأوروبية التابعة , لضمان استمرار سيرهم ورائها في حربها ضد روسيا.

ومن خلال مخطط الحرب المسبق على روسيا , أرادت واشنطن دفع المفاوضات حول الملف النووي الإيراني نحو الأمام , لتحييد إيران ما أمكن عن دعم روسيا , ووصلت بها إلى حافة التوقيع النهائي وسط شكوك كبيرة في التوقيع حالياً , بالتوازي مع ما يجري على أرض أوكرانيا , في وقتٍ طالبت فيه روسيا أن تقدم الولايات المتحدة ضماناتها وتعهداتها بعدم الإنسحاب من الإتفاق النووي ثانيةً , ويكون ملزماً للإدارة الحالية وللإدارات القادمة , الأمر الذي لطالما رفضته واشنطن , وتخشى طرحه في الكونغرس , وسط معارضة النواب الجمهوريين الذين يرفضون أي تسوية مع إيران .. في تتمسك إيران بضمان حقوقها الكاملة , وبمنع كائنٍ من كان من تخطي خطوطها الحمراء.

لا يمكن فصل ما يجري في فيينا عما يجري في أوكرانيا , فالصراع دولي الطابع , ولن تسلم من تداعياته كافة الدول بما فيها إيران , التي تربطها بروسيا علاقات تاريخية وسياسية وإقتصادية مميزة , ناهيك عن علاقاتهما الإستراتيجية , في وقتٍ يواجهان فيه لائحة المعادين الأمريكيين والأوروبيين ذاتها ...

ففي الوقت الذي تتوق فيه إيران كي تنعم بإنتصاراتها عبر الإتفاق , ورفع كامل العقوبات المفروضة عليها , إلاّ أنها , تدرك أهمية الوقوف إلى جانب حليفها الروسي , إنطلاقاً من ثوابتها ومبادئها السياسية والأخلاقية وإلتزامها بالقانون الدولي , الذي يؤكد أحقية الموقف الروسي بالحصول على ضمانتها الأمنية وحماية أمنها القومي , ووقف مد الناتو شرقاً , المخالف للإتفاقات الدولية.

وعليه تحظى لقاءات ومداولات فيينا بأهمية مضاعفة , في ظل ما يحصل في أوكرانيا والحرب الأمريكية – الغربية على روسيا , خصوصاً وأن حرب الطاقة الحالية تهدد أمن أوروبا والعالم كله , بالتوازي مع مكانة إيران كدولة منتجة ومصدرة للنفط والغاز , وهي موجودة أصلاً في قلب الصراع .

وفي هذه الأجواء المعقدة , وفي ظل بحث الولايات المتحدة والأوروبيين عن البدائل , وطرقها أبواب أصدقاء وحلفاء روسيا , في فنزويلا والرئيس مادورو , إلى استغلال مفاوضات البرنامج النووي الإيراني , لإبرام صفقةٍ مزدوجة مع إيران , من شأنها تخريب العلاقات الروسية – الإيرانية , وأقله التأثير عليها , سيكون الموقف الإيراني حاسماً ومحدداً لما يمكن أن تؤول إليه الأمور , لجهة استمرار العملية العسكرية الروسية لحين تحقيق كامل أهدافها , أو لجهة قبولها بحلٍ سياسي ترضى به .

يخطىء من يعتقد ويراهن على مواقف مفاجئة للجمهورية الإسلامية الإيرانية , وهي التي تتمسك بمبادئها وبحلفائها , وبالحق الذي تمثله , في وقتٍ راكمت فيه من الخبرة والحكمة التي تجعلها بعيدةً كل البعد عن الثقة بالأمريكيين وفاقدي السيادة والقرار من البريطانيين والألمان وغير أوروبيين الذين تحولوا بفضل ضعفهم إلى دمى أمريكية , فما يجمع طهران وموسكو يفوق إدارك واشنطن والواهمين . 

المهندس: ميشيل كلاغاصي

 

No comments:

Post a Comment