Wednesday, February 10, 2021

"قسد" ماضية في حرق مراكبها , هل تدفعها واشنطن نحو العرض التركي القديم - م. ميشيل كلاغاصي

أي إكذوبة روجها الإعلام المعادي والموازي للحرب على سوريا , وبالإشادة بتشكيل ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية " , والتي قدموها بالتعريف على بأنها مكونات الشعب في مناطق الشمال والشرق السوري, والتي سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها , في الوقت الذي تقدم فيه دعمها للأكراد فقط , وماذا عن الأكراد اللذين قدموا من وراء الحدود السورية , من إيران والعراق وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وجبال قنديل , ولماذا لم تُفصح واشنطن عن دعمها المباشر للسريان أو الاّشوريين أو الأيزيديين أو الأرمن أو العرب ولبعض القبائل العربية السورية ؟


هل يمكن القول بأن الولايات المتحدة تدعم قضية قومية أو عرقية للأكراد , وماذا عن قضايا البقية الباقية ؟ وهل قبل هؤلاء أن تقوم لهم دولة كردية وناطقة بالكردية ويسيطر عليها الأكراد جملة وتفصيلاً ؟ أين قضيتهم إذن ؟ وهل قررت هذه المكونات الإنخراط في مشروع تقسيم سوريا والإنفصال عنها مقابل حياة الذل والتبعية وقبول الهيمنة الكردية .

من سمع عن تأييدٍ علني دولي لتقسيم سوريا , هل قبلت الأمم المتحدة بتقسيم الأراضي السورية وبقرار أممي , أم أنه هناك إجماع دولي وأممي بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها على كامل أراضيها , وجاء ذلك عبر كافة القرارات الأممية المتعلقة وأشهرها القرار 2254و2253 وفي كافة مخرجات "أستانا" و"سوتشي", حتى الولايات المتحدة ذاتها وافقت على تلك القرارات , وأبعد من هذا فقد أعلنت مراراً عن رفضها لقيام دولة كردية على الأراضي السورية , وكانت أول من رفض المنطقة الاّمنة أو العازلة التي "جاهد" المجرم أردوغان للحصول عليها .

هل عُرف عن الولايات المتحدة مناصرة المظلوم وإغاثة الملهوف , ودعمها لقضايا التحرر العالمي , ونصرة الشعب الفنزويلي والكوبي والكوري والصيني ...إلخ , وتأييدها للحقوق الفلسطينية لتحرير الأرض وبناء الدولة , وللحقوق الإيرانية في الطاقة النووية , وللحقوق السورية بدحر الإرهاب ومجابهة فيروس كورونا , ولحقوق اليمن وشعبه وبالقصاص من اّل سعود وكافة طغاة التحالف العربي , ولحقوق الجياع والمعدمين في القصيم القطيف, ولحقوق الشعب البحريني للقضاء على الطاغية , ولحقوق عشرات ومئات الدول والشعوب أصحاب القضايا العادلة والمحقة.

وعلى النقيض , يمكن رصد من دعمتهم وقدمت لهم الغطاء السياسي والدعم المالي والعسكري , بدءاً من دعم الكيان الصهيوني الغاصب , وليس إنتهاءاً بالأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة والبيض في أوروبا وأمريكا , وبدعم عروش وحكومات الدول الخليجية الخانعة والتابعة فقط , وبدعم التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش والنصرة والجيش الحر والخوذ البيضاء وأنتيفا وبوكو حرام وحركة يقين وجماعة أبو سياف ....إلخ , بإختصار هي تدعم اللصوص والقتلة والمجرمين والإرهابيين والتابعين والمنفذين لمشاريعها الشريرة حول العالم ... ولن يخرج دعمها لـ "قسد" عن هذا السياق والمسار .

فمن يرصد أفعال "قسد" على الأراضي السورية , والتي أصبحت معروفة للقاصي والداني , ومن سرقة المحاصيل الزراعية إلى حرقها , ومن السيطرة على حقول النفط إلى توقيع إتفاقياتٍ مشبوهة لبيعها (التوقيع مع شركة دلتا كريسنت انيرجي) , إلى قطع المياه عن المواطنين , وجني الأتاوات , وتعذيب الناس , تجنيد الشباب بالقوة , وسلب كل إرادة وفرض كل هيمنة , ناهيك عن التكريد الممنهج .

فما أكثر المدنيون من الشباب السوريين اللذين تعرضوا للإعتقال وجرهم من بيوتهم وإقحامهم قسراً لحمل السلاح في صفوف ميليشيات "قسد" , ناهيك عن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تجنيد "قسد" للفتيات والأطفال القاصرين , سواء على الأراضي السورية أو من استجلبوا بالتضليل والخديعة أو بالخطف من جبال قنديل وغير مكان .

ماذا عن الديمقراطية في مناطق إحتلالهم وما تسمى بـ "الإدارة الذاتية"... تبدو الممارسات الإجرامية التي يقومون بها خير دليل على زيف الإدعاءات الديمقراطية التي يدعونها , ناهيك عن تعاظم الفساد المتفشي في "هيئات الإدارة الذاتية" , ذاك الفساد الذي لم يستطع المدعو "مظلوم عبدي" إنكاره , خصوصاً في عين العرب /"كوباني" , وفي صفوف عائلته وأقاربه , اللذين يشغلون معظم المناصب الحاكمة فيها... حيث تطرق "عبدي" في حديث نشرته صحيفة شفق لمقابلته مع فضائية "روناهي" ، إلى موضوع الفساد والقصور داخل الإدارة الذاتية وقال :"تم إنشاء الإدارة الذاتية في ظروف الحرب ، ولم يكن ذلك سهلاً ... يجب معالجة العديد من النواقص وسنعمل مع الإدارة الذاتية لمعالجة هذه القضايا", وأكد أن " الكثيرين خلال الحرب قد استغلوا الفجوة لمصالحهم واستغلوا مناصبهم ومسؤولياتهم" , وتعهد بمعالجة القضية , فهل يبدأ المعالجة من داخل العائلة ؟.

وقد لوحظ مؤخراً إتجاه "قسد" إلى مضاعفة إجرامها وإعتداءاتها على الممتلكات العامة والمواطنين السوريين بكافة أطيافهم , ووصلت حد إطلاق الرصاص الحي عليهم ... يبدو أنها حسمت موقفها وأحرقت مراكب عودتها , ويبقى السؤال كيف لها أن تضاعف تنمرها ووحشيتها إن لم تكن قد حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي حصرياً , والذي أعاد شحذ قادة الأجنحة الإنفصالية داخل "قسد" , وأعاد إطلاق شهواتهم الإنفصالية والمصالحية , الأمر الذي يدفعهم نحو الإستمرار بتعطيل الحوار والإتفاق مع دمشق هذا من جهة , ومن جهة أخرى , ونحو الإستمرار بمنح العدو التركي ذريعة التوغل داخل الأراضي السورية,  بما يضاعف تأزيم الواقع ويعقد مهمة الجيش العربي السوري.

تقول الخارجية الأميركية: "قسد لن تتمكن من الاستمرار في محاربة الإرهاب و حراسة سجناء داعش وعوائلهم وحدها" , وتقول أيضاً : "سنجدد الجهود للتوصل الى حل سياسي في سوريا بعد التشاور مع حلفائنا", ويؤكد سياسييها بأنهم باقون في سوريا ولن يغادروها حالياً.

هل هو قصف تمهيدي لإقالة "قسد" والإستغناء عن خدماتهما ؟ أم هو تمهيد جديد لرفدهم ودعمهم عبر إقتراض بعض الإرهابيين المحليين من المعسكر التركي ؟ ... أهو القبول الأمريكي وقبول "قسد" بالتحالف العلني مع الأتراك , وبوضع الإدارة الذاتية تحت حمايةٍ وإشراف تركي – إخواني , من خلال المشروع الأردوغاني لإحتلال الشمال السوري ؟

لقد كان الإصرار الأمريكي لحماية "قسد" وتمويلها وتسليحها واضحاً , ووصل حد تهديد الرئيس ترمب لتركيا " سأدمر تركيا اقتصادياً إذا هاجمت الأكراد" ، فيما كان أردوغان واضحاً في مقالٍ كتبه بنفسه في العام 2019 ونشرته صحيفة " نيويورك تايمز" أعلن فيه أن "الكرد ليسوا أعدائه, ماعدا تلك التنظيمات التي تصنفها بلاده بالإرهابية, وأعلن دعمه للكرد وبالمحافظة على مجالسهم المحلية وما أنجزوه على طريق مشروعهم الإنفصالي, شريطة أن تشرف تركيا على إدارة المنطقة"... وقوبل عرضه يومها في بيان أصدرته "قسد" أعلنت فيه عن تقديم الدعم اللازم لإقامة المنطقة "الاّمنة" بضمانات دولية وليس تركية...

ويبقى السؤال , هل وصلت الإدارة الأمريكية الجديدة على جسور التمهيد والتحضير الفعلي على الأرض , وبات إعلانها عن عملية "دمج" قسد (كي - لا تبقى لوحدها - ) ووضعها ومشروعها الإنفصالي وإدارتها الذاتية  تحت العنوان التركي العريض لإحتلال الشمال والشرق السوري , بما يعني الترجمة الفعلية لمعارك سلم واستلم , وإرتداء أي بزة عسكرية تحت أي علم حتى لو كان العلم التركي وعلم الإنتداب ؟ , والقبول بالتمثيل التركي المهيمن على المعارضة السورية بإطارها الأوسع ما بعد "الدمج" ؟ أم ستقبل به تحت التهديد بتقدم الإجتياح وقذائف المدافع التركية ؟.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

9/2/2021 

No comments:

Post a Comment