Saturday, February 6, 2021

استمرار العدوان الإسرائيلي على سوريا ... الملفات الصعبة والتنازلات الأمريكية م. ميشيل كلاغاصي

 

لم تتوقف الإعتداءات الإسرائيلية على سوريا , منذ بداية الحرب الإرهابية – الدولية على شعبها وأرضها ومواقعها العسكرية وبناها التحتية .. وتدرجت من خلالها سلطات العدو الإسرائيلي ما بين إتباع سياسة الصمت وعدم التعليق , إلى سياسة النفي , إلى الإعتراف بالعدوان والغارات , ووصلت مؤخراً حد الإعلان المسبق عن عدد ووتيرة شن الإعتداءات " ثلاث هجمات كل عشرة أيام" ...

كذلك , تدرجت بإعلانها مجموعة من الأهداف الواهية وصولاً إلى المختلقة والملفة بالمطلق , واعتمدت على وسائل الإعلام التضليلي الكاذب سواء كان أمريكياً أو أوروبياً أو عربياً , من خلال إعتمادها على ما يمكن تسميته بالـ "الرواية الإسرائيلية ".

وابتدعت عشرات الروايات والمبررات الخيالية , والتي بدأت من حماية الشعب السوري , إلى حماية نفسها وأمنها , وصولاً إلى روايات استهدافها لمنشاّت "نووية سورية" قيد الإنشاء أو تحت الأرض , ومراكز أبحاث وما شابه , ومع استنزاف الروايات وتكرار استهداف المواقع نفسها , تحولت إلى رواية استهداف ممرات وطرق تحرك قوافل ومخازن الأسلحة والصواريخ الإيرانية على الأراضي السورية , إلى استهداف أماكن تمركز القوات الإيرانية , وحزب الله ...إلخ .

وما لم تعلنه مصادر العدو الإسرائيلي وقيادته , بأن عدوانها تركز على دعم ومساندة المجاميع الإرهابية , خصوصاً في اللحظات الحرجة التي يقوم بها الجيش العربي السوري بسحق هؤلاء الإرهابيين , كذلك لم تعلن محاولاتها العديدة واستهدافها المتكرر لوسائط الدفاع الجوي السوري و راداراته ومطاراته , واسترتيجيتها التدميرية لكل هدف عسكري ومدني تستطيع الوصول إليه , ولم تعلن عن اعتداءاتها التي نفذت من خلالها سلسلة جرائم الإغتيالات للعديد من القادة على الأراضي السورية , ولم تعلن استهدافها للمدنيين السوريين الاّمنين , والأهم أنها لم تعلن عن هجماتها الإستفزازية بهدف إكتشاف المقدرات العسكرية السورية الجديدة والصواريخ الدقيقة.

ولم تعلن عن إعتداءاتها بهدف تصدير مشاكلها الداخلية , وإنتخاباتها , لحماية قادتها الفاسدين من الملاحقات القانونية داخل الكيان الغاصب .. ناهيك عن الإعتداءات الإستعراضية للإدعاء بالقوة وجهوزية "جيشها" , وإعتداءات الرسائل السياسية لأعدائها وأصدقائها على حدٍ سواء , كتلك التي نفذتها لمنع الولايات المتحدة من مغادرة الأراضي السورية والإنسحاب منها , ناهيك عن الإعتداءات وربطها بأهداف إقليمية وملفات دولية ....

يقولون من فمك أدينك .. فقد قد سمع العالم مؤخراً وعلى لسان رئيس الأركان الإسرائيلي أ. كوخافي أن : "إسرائيل نفذت / 500/غارة جوية  ضد سوريا في عام 2020" , كذلك صرح سلفه آيزنكوت العام الماضي بأن: "إسرائيل نفذت آلاف الغارات على أهداف إيرانية في سوريا خلال السنوات الماضية".

وفي خضم هذه الغطرسة , والمجاهرة بالقفز على القانون الدولي على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة المؤسسات الدولية , وأمام أعين دول وحكومات وشعوب العالم .. وفي حال الإعتماد على دقة هذه الأرقام , يبقى السؤال عن "إنجازات" العدو الإسرائيلي على الصعيد العسكري والسياسي والشعبي في الداخل السوري والمحيط الإقليمي والدولي , ونستطيع تلخيص ما "كسبته" بما لا يعدو أكثر من تدمير لبعض البنى التحتية والاّليات العسكرية وإراقة الدماء ... في الوقت الذي لم تستطع فيه التأثيرعلى القيادة السورية وإرادة القتال في صفوف ضباطها وعسكرييها وشعبها , ولم تستطع حماية المجاميع الإرهابية في غالبية المناطق , حيث تم القضاء عليهم وإستعادة أمن وأمان البلدات والقرى والمدن , ولم تستطيع التأثيرعلى القدرات العسكرية السورية وخطط تطويرها , ولازالت القبضة العسكرية السورية تدب الرعب في نفوس كافة الإسرائيليين قادة ومجتمع المستوطنين المحتلين , وتكفي صافرة إنذار واحدة لإدخالهم وقادتهم إلى الملاجىء – عسى الذكرى تنفع - .

ويبقى من اللافت مع كامل عنجهيتها العسكرية , رضوخها تحت تأثير منظومة الردع المقاوم , وخصوصاً ردع المقاومة الإسلامية في لبنان , ولوعود وخطابات سماحة السيد حسن نصر الله , في الوقت الذي لم تستطع فيه قوات العدو الإسرائيلي تغيير أو فرض أية معادلة ردع أو قواعد اشتباك جديدة , وتبدو كمن ينتظر مصيرها أمام جهوزية محور المقاومة مجتمعاً.

إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران...

منذ وصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض , أطلقت عشرات المواقف كالتراجع عن إعتبار الحوثيين جماعة إرهابية , أتبعتها بتصاريح واضحة عن توقف دعمها لتسليح السعودية خصوصاً تلك الأسلحة التي تستخدمها في اليمن , ومن ثم إعلانها الصريح عن ضرورة وقف الحرب هناك... وما صدر عن الخارجية الأمريكية حيال :"تجديد الجهود للتوصل إلى حل سياسي في سوريا بعد التشاور مع الحلفاء", بالتوازي مع تصريحاتها حول عدم قدرة "قسد" على مواجهة داعش بمفردها...  بالإضافة إلى ما أعلنته هي وفرنسا وعدة دول أوروبية , حول ضرورة إقحام السعودية و"إسرائيل" في ملف الإتفاق النووي مع إيران.

يبدو من السذاجة ذاك الكم الإعلامي وتصريحات السياسيين الأمريكيين حول الحالة الإنسانية في اليمن , والذي شكل الدافع الرئيسي لقناعتهم بضرورة وقف الحرب , فيما الحقيقة تشي بعكس ذلك , فالهزائم العسكرية التي تكبدها الغزاة السعوديون والخليجيون ومرتزقتهم لخصها بالأمس العميد يحيى سريع , بإعلانه عن خسائر العدو خلال شهر كانون الثاني 2021 , وبإسقاط /6/ طائرات تجسسية , وإعطاب /92/ مدرعة وآلية عسكرية , وبمقتل وإصابة /1283/من قوى العدوان بينهم /74/ جندياً سعودياً و/75/ عنصراً من مرتزقة الجيش السوداني... هذا من جهة , ومن من جهة أخرى يبدو التخلي عن حرب اليمن وعن الأطماع السعودية فيه , ملفاً مناسباً تقدمه الولايات المتحدة على شكل تنازلات لإيران ومحور المقاومة.

كذلك , ما يتعلق بـ التخلي عن "قسد" كأداة أمريكية مباشرة على الأرض , يبدو ملفاً مناسباً لواشنطن كي تلوح به للتفاوض مع دمشق وترمي به من باب تقديم التنازلات لضمان خروجها وإنسحابها الاّمن والفوز بسمعتها وبسرقاتها وحياة جنودها .. من المؤكد أن واشنطن قرأت بعناية خاصة ما يحدث في الحسكة والقامشلي ودير الزور , ومستوى الغضب والغليان الشعبي ضد ممارسات إرهابيي "قسد" , ولن تكون واشنطن بوارد تحويل وجودها اللاشرعي لحماية – مرتزقة الإنفصاليين - .. بالإضافة لإستغلال هذا الملف كتنازل في التفاوض الإقليمي مع إيران , أو من خلال إحدى البوابات الخلفية للإتفاق النووي.

أما ما يتعلق بإقحام العدو الإسرائيلي , فلا يعدو أكثر من تشاركية معلنة لواشنطن وتل أبيب , كانت سابقاً وستستمر في الحاضر والمستقبل , ولن نذيع سراً بأنهما اختارا المصير المشترك إنطلاقاً من الرحم المشترك , وعليه لن يكون التنازل الأمريكي على حساب المصالح الإسرائيلية - الأمريكية المشتركة , طالما امتلكتا أدوات كثيرة وأوراق يمكن المقامرة بها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

6/2/2021

No comments:

Post a Comment