Friday, June 24, 2022

إردوغان وموعد مع الهزيمة في مواجهة القوات السورية - م. ميشيل كلاغاصي


لم تكن الدولة التركية الحالية , والسلطنة العثمانية السابقة , جاراً عادياً لكافة جيرانها , ولعبت دوراً سلبياً على مر الأيام والعصور, وسارت وراء أطماعها القديمة – الجديدة , وتبعيتها الأطلسية , ودمويتها ونفاقها , عبر الطرق الملتوية الخادعة , وقدمت نفسها كأسوأ نموذج للعلاقات الإقليمية والدولية , وخاضت مئات الصراعت والحروب , ولم تتعلم من دروس الماضي , ولا زالت حتى يومنا هذا تسير على ذات النهج , ولم تتوقف عن لدغ أقرب جيرانها , بإستغلال الظروف الداخلية للدول والشعوب والظروف الدولية , بالإعتماد على تدخلها  السياسي والعسكري , عبر قواتها العسكرية وكافة أنواع المرتزقة والإرهابيين والعملاء.

واليوم , تبدو العلاقات التركية - الإقليمية - الدولية , تمر بمرحلة صعبة ودقيقة , نتيجة إحتدام الصراع الدولي , خصوصاً عبر الحرب الأمريكية الأطلسية الغربية التركية بالوكالة على الدولة الروسية , وسط صعوبة التنبؤ بما قد تسفر عنه النتائج النهائية للصراع , في وقت تخشى فيه موسكو وأنقرة كغالبية دول العالم , من فواتير الحسابات الخاطئة , الأمر الذي يكسب تحركات وتصرفات الجميع بالحدة والحذر الممزوج بالرغبة بتفادي الهزيمة , في مناخٍ دولي ساخن , تجره الولايات المتحدة الأمريكية نحو الصدام العسكري , على مساحة العالم وعبر كافة قاراته , لأجل الحفاظ على هيمنتها وقيادتها الأحادية للعالم , لكنها تخطئ قراءة البيانات , فالعالم تغير , وتعددت أقطابه , ويبقى لواشنطن أن تعترف وتقبل بهزيمتها.

ومن خلال تشعب وتعقد ملفات الحرب على سورية , ما بين واشنطن وموسكو وأنقرة , وسط الصراع الدولي الملتهب , بات السعي لتسجيل النقاط وتجميعها لا يخضع لحدود ساحات الإشتباك فقط , وبدا كل منهما مهتماً بتوزيع إنتصاراته بحسب ترتيب قضاياه وأولوياته , واستعمال باقي الملفات للضغط والمناورة والمقايضة.

وعليه .. تستمر العلاقات الروسية – التركية بصخبها وتأرجحها على حبال التوتر والإحتكاك الخشن والمنافسة , ويواصل الرئيس التركي التصرف بحدة وتحدي تجاه روسيا والمصالح الروسية في سورية وفي غير مكان .. وعلى سبيل المثال لا الحصر , فقد سبق له من خلال كلمة تركيا في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، أن أشار إلى أن تركيا لا تعترف بـ “الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم” , في الوقت الذي يدرك فيه أن روسيا لا تعترف بسيادة تركيا على شمال قبرص.

مما لا شك فيه أن الإنتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفائها, يجبر أنقرة على التخلي عن أولوية حلم الفوز بتقسيم سورية والفوز بسرقة وقضم مساحات واسعة من أراضيها , في الوقت الذي أظهرت فيه موسكو وطهران , ثباتاً في أولوية دعم الدولة السورية بمحاربة الإرهاب وبالحفاظ على وحدة أراضيها , وبإنهاء الحرب وبإعادة إعمارها , واستعادة استقرارها وأمنها ودورها في المنطقة.

لكن المواجهات الروسية – التركية الأهم تبدو اليوم في سورية , مع إصرار دمشق على تحرير كامل أراضيها وطرد قوات الإحتلال التركي وتنظيماته الإرهابية من إدلب وكافة مناطق الشمال السوري , بالإضافة إلى إصرار موسكو على تنفيذ بنود الإتفاقات الموقعة مع الجانب التركي والتي لم يلتزم بها منذ العام 2018 … ولن يكون مسموحاً له روسياً وإيرانياً وبالتأكيد سورياً , أن ينفذ وعيده بالعملية العسكرية الجديدة التي تحدث عنها وحشد لها قواته العسكرية وإرهابييه تحت عنوان محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني , ومنع لإقامة كيان كردي في جنوب تركيا.

يبدو أن الرئيس التركي يحاول الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي , لكنه وعلى جميع الأحوال ماضٍ في تحدي دور بلاده "الضامن" إلى جانب إيران وروسيا , وبنسف إتفاقات أستانا وسوتشي , واستمراره بالتمسك بمناطق إحتلاله ورعاية إرهابييه على الأراضي السورية , وبإستمرار زعزعة الإستقرار فيها , عبر مشروع إعادة توطين مليون لاجئ سوري في مناطق سيطرة الإرهابيين شمال غرب سورية , وبإقامة المنطقة الاّمنة المزعومة داخل عمق الأراضي السورية.

من المؤكد أن الرئيس التركي يراهن على الدعم الأمريكي والأطلسي والإعتماد على المرتزقة والإرهابيين , في الوقت الذي تملك فيه دمشق من الإصرار والعزيمة والقوة والمقدرة ما يكفي لإلحاق هزيمةٍ تاريخية بقوات الإحتلال التركي ومرتزقته على الأراضي السورية , وبأن محافظة إدلب ستعود عاجلاً أم اّجلاً إلى كنف الدولة , كذلك موسكو التي ضاقت ذرعاً بأكاذيب إردوغان ومرواغته في سوريا , وسط استعداد الجيش العربي السوري وبدعم ومشاركة القوات الجوية الروسية للدخول إلى إدلب , وبإستعادة السيطرة على الطريق الدولي المعروف بـ M4.

لا يمكن لإردوغان تحمّل المواجهة العسكرية المباشرة مع دمشق وموسكو , ولا تعدو تعزيزاته العسكرية سوى مناورات للتهويل ولرفع فرص ابتزاز موسكو والحصول على فرص ومكاسب إضافية , إذ لا يمكن لإردوغان تجاهل الهزائم التركية التاريخية أمام القوات الروسية , في حين لا تزال دمشق ترفض الحوار مع دولة الإحتلال التركي رغم كل ما يسوقه الإعلام المضلل , وتصر على خروجه من الأراضي السورية , في الوقت الذي تبدو مراهناته على الحلف الأطلسي مثيرة للشفقة , وسط اللحظات الصعبة التي يعيشها التحالف وإحتمالية تحول شروخه الداخلية إلى صدمات حقيقية تطيح بعقده , ناهيك عن المادة الخامسة من ميثاق الناتو , التي تنص على صد العدوان عن دول التحالف , وليس دعم الجيش التركي المعتدي على الأراضي السورية.

لطالما راهن الرئيس التركي مجرم وبلطجي حلف شمال الأطلسي , على أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة , وبسرقة ثروات الدولة السورية وبقضم المزيد من أراضيها , لكن ظنه سيخيب تماماً , فالجيش العربي السوري قادر على سحق هذا السلجوقي وإنكشارييه إرهابييه , وإحالته نحو مزبلة التاريخ .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

14/6/2022

 

No comments:

Post a Comment