Friday, June 3, 2022

أردوغان في ارجوحة البيت الأبيض من أوباما إلى ترامب وبايدن - م.ميشيل كلاغاصي


سنوات عديدة ، لم تعرف العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا الإستقرار والهدوء , وحافظت على أرجحتها , على الرغم من الدعم الأمريكي لوصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

فقد أحبه باراك أوباما , وكرهه دونالد ترامب , أما جو بايدن , فقد جرب معه كلا الوجهين ...

ومع ذلك , لوحظ تطور العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا , خلال عهد ترامب بشكل أثار الإستغراب ، خاصة على خلفية قرارات دونالد ترامب , بإنسحاب قواته من سورية , والإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ، ونقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس وإعترافها بها عاصمةً للكيان الإسرائيلي.

في الوقت الذي , تابع العالم حجم الجفاء الذي تعامل من خلاله الرئيس جو بايدن مع الرئيس التركي منذ لحظة الأولى لوصوله إلى سدة البيت الأبيض ، واستمرت العلاقات المتوترة بين تركيا والولايات المتحدة , على خلفية  تطور التعاون الروسي - التركي ، بما في ذلك قيام أنقرة بشراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية  المضادة للطائرات من طراز إس - 400 , ومناقشة عقود توريد الدفعة الثانية من هذه الأنظمة مع الروس على حساب صواريخ الباتريوت الأمريكية.

كذلك في نيسان/2021 ، اعترف الرئيس جو بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن ، وانتقد السناتور روبرت مينينديز ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، الإدارة التركية والرئيس أردوغان شخصياً , بتصريحه وبأن أي حكومة تركية جديدة "لا يمكن أن تكون أسوأ" من الحكومة الحالية.

ومؤخراً ، تفاقمت العلاقات التركية - الأمريكية , على خلفية معارضة الرئيس التركي أردوغان رغبة السويد وفنلندا للإنضمام إلى الناتو ، الأمر الذي دفع واشنطن لممارسة ضغوطٍ كبيرة لإقناع أنقرة , عبر طرق مختلفة , ومنها المستشار الألماني أولاف شولتز ، الذي دفع بلاده للإنضمام إلى فريق التصعيد على تركيا بأوامر أمريكية , وبدأت برلين حملةً إعلامية منظمة ضد تركيا , وبأنها تحولت إلى شريك "غير موثوق به بقيادة "الديكتاتور" في إشارة مباشرة للرئيس التركي.

في الوقت ذاته ، انطلقت بعض وسائل الإعلام الأمريكية , نحو تكثيف نشرها لمعلوماتٍ مناهضة لتركيا , وأشارت الـ CNN إلى إحتمالية أن يتم طرد أنقرة من الناتو , بسبب تصريحات أردوغان حول رفضه الموافقة على عضوية فنلندا والسويد.

لم يكتف بايدن بذلك , بل فسح المجال أمام رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس - الخصم والمنافس لتركيا - , بزيارة ودية إلى واشنطن , والتقاه بنفسه , وفتحت أمامه نانسي بيلوسي أبواب مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين , والقى أمامهم خطاباً مؤثراً , وتجدر الإشارة إلى أن دعوة واشنطن لهذه الزيارة الودية حظي بها سبعين قائد وشخصية فقط , خلال العقود الأربعة الماضية...

كما حظي ضيف بايدن بمداعبةٍ خاصة , وتحدث عن اليونان وكأنها جزء من حياته , وبأن علاقاته الجيدة والوثيقة مع اليونانيين في أمريكا , ومازح ضيفه بقوله :"الحالية اليونانية كانت تدعوني جو بايدنوبولوس"... ومن المهم ملاحظة أن توقيت الزيارة اليونانية الودية إلى واشنطن , جاء عشية زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى واشنطن.

وقبيل هذه الزيارة ، صادق البرلمان اليوناني على اتفاقية تعاون دفاعي مع الولايات المتحدة , تقضي بإنشاء أربع منشآت عسكرية أمريكية جديدة , بالإضافة إلى تلك العاملة حالياً في اليونان بشكلٍ فعلي ... كذلك لم يتأخر الضيف اليوناني في الإعلان عن عزمه جعل اليونان "حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الجنوب الشرقي لأراضي الناتو" ، وشن هجوماً دبلوماسياً على تركيا ، متهماً إياها بخلق المشاكل لحلف شمال الأطلسي , وتهديداتٍ أمنية كبيرة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

ولم تخلو الزيارة من مناقشاتٍ مزعجة للقيادة والحكومة التركية , كالأنشطة الأمريكية - اليونانية المشتركة في القاعدة البحرية في خليج سودا في جزيرة كريت ، التي تؤكد على طيب العلاقات العسكرية الثنائية ، كذلك عرض كيرياكوس ميتسوتاكيس خريطة ما يسمى بـ "الوطن الأزرق" التركية أمام الرئيس بايدن , والتي بموجبها تدعي تركيا إمتلاكها جزءاً كبيراً من الجرف القاري ومنطقة المياه في بحر إيجه , لكن هذا لا ينفي وجود أجزاء أخرى تقع تحت سلطة دول أخرى.

في وقتٍ بدأت وسائل الإعلام تتناقل أخبار الصفقات التركية المحتملة , للرضوخ وقبول عضوية فنلندا والسويد مقابل حصولها على طائرات إف - 16 الأمريكية ، وطائرات إف -35 المتطورة , رفع القيود على شرائها أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات إس- 400 الروسية... لكن هذا يبدو لا يعدو أكثر من ابتزاز سياسي.

على الرغم من الضجيج الذي اعتاد الرئيس التركي على إثارته , لكنه لا يملك قدرة تجاهل التحذيرات الأمريكية , والتأثير على سياستها وما تنوي إبرامه من إتفاقات ومعاهدات , وعليه إعادة استحضار المشهد في 15 /تموز 2016 والإنقلاب الذي قادته إدارة ترامب , فتركيبة الجمهورية التركية تمت صناعتها في واشنطن , وكذلك مفاتيح تفكيكها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

21/5/2022

 

No comments:

Post a Comment