Saturday, May 15, 2021

المؤامرة الجديدة على سلاح المقاومة الفلسطينية والعربية - م. ميشيل كلاغاصي


 

لم يبدأ العنف والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني فجأة في حي الشيخ جراح الإسبوع الماضي , بل بدأ منذ عقود وسنوات بفضل مخططات المشروع الصهيوني , والأطماع الإستعمارية العدوانية الإستيطانية التوسعية الغربية , تحت عنوان إغتصاب أرض فلسطين وطرد أهلها وإقامة "الدولة اليهودية" المزعومة , كخطوة أولى , على طريق تأسيس "إسرائيل الكبرى" وما يطلقون عليها زيفاً "أرض الميعاد".

وعليه , يبدو ترتيب الأحداث منذ وعد بلفور إلى العام 1948 , وكل ما تلاها من محطات عدوانية وصولاً إلى أيامنا هذه , يسير وفق الخطة الصهيونية للشرق الأوسط , بما يؤكد الإرتباط الوثيق بغزو العراق عام 2003 ، وحرب عام 2006 على لبنان ، وحرب 2011 على ليبيا ، والحروب المستمرة على سوريا والعراق واليمن ناهيك عما يجري سرأ  وعلناً في السعودية وكافة العروش والإمارات الخليجية. 

وبحسب مشروع "إسرائيل الكبرى" , لا بد من إضعاف الدول العربية المجاورة وتقسيمها في نهاية المطاف كجزء من مشروع توسعي أمريكي - إسرائيلي ، بدعم من الناتو وبعض العروش العربية – للأسف - , وسط مسلسل الخيانة والتاّمر والهرولة نحو التطبيع والإستسلام والقضاء على الجيوش والمقاومة العربية , لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط , بما يتماهى ومشروع "إسرائيل الكبرى" , ويتوافق مع التصميم الإمبراطوري للولايات المتحدة الأمريكية.

إن مخطط العنف والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي الفلسطينية , تجاوز كافة القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن , على مرأى كافة دول العالم وصمت الغالبية منها , دفع سلطات الإحتلال الإسرائيلي للمزيد من التمادي في إغتصاب الأراضي الفلسطينية , ولإرتكاب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين , اللذين فقدوا كل أمان ولم تعد جدران بيوتهم تحميهم , من وحشية السلطات والمستوطنين على حدٍ سواء , وبات الدفاع عن النفس والأرض والعرض والمقدسات جريمة يرتكبها الفلسطينيون بنظر الولايات المتحدة وفرنسا ومئات الدول التابعة , ورأت إدارة بايدن أنه :"من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" !..

فقد سعت سلطات "الدولة اليهودية" المزعومة واللاشرعية والمعلنة من جانب واحد , إلى إجلاء وطرد الفلسطينيين من بيوتهم والإستيلاء عليها بالقوة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية ، الذي احتلته "إسرائيل" بشكل غير قانوني منذ عام 1967 ، بهدف إنشاء مستوطنات استعمارية جديدة هناك , كما منعت الفلسطينيين من التجمع بالقرب من باب العامود وقيدت عدد المصلين في المسجد الأقصى , دون مراعاة أيام العبادة والصلاة في شهر رمضان المبارك , من خلال الكنه العنصري وأكاذيب الديمقراطية الإسرائيلية حيال إحترام حرية الإعتقاد الديني وحقوق الإنسان ، عبر استخدام القوة والهمجية والوحشية وسفك دماء الفلسطينيين.

ومع كل القوة المفرطة والعنف والإرهاب , لم يجد الفلسطينيون بداً من الإحتجاج في حي الشيخ جراح , حتى داخل المسجد الأقصى , وجاء الرد الإسرائيلي الأولي , عبر مهاجمة المدنيين وكبار السن والأطفال بالرصاص المطاطي و القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع , وبحملات الإعتقال والتعذيب.

لم تستجيب سلطات الإحتلال لإنذار حركة حماس وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية , لسحب قواتها العسكرية والأمنية ومستعربيها واستخباراتها , من باحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين , فكان لا بد من نصرة الأهالي والمدنيين العزل , فأطلقت المقاومة صواريخها من غزة لردع العدوان الغاشم , لكن وحشية القيادة الإسرائيلية ومخططاتها الجديدة , دفعتها لإستخدام القوة العسكرية المفرطة والقصف المركز على المباني الخدمية والطبية ( برج الجلاء , بنك الانتاج المركزي , مشفى الشفاء ) في غزة , وإلى شن عشرات الهجمات الجوية عبر أكثر من ثمانون طائرة حربية , فأوقعت الدمار الهائل وأزهقت أكثر من 140 شهيداً , وعدد كبير من الجرحى والمصابين. 

وعلى الرغم من جميع الجرائم الوحشية التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني , إلاّ أنها ماضية وبكل وقاحة بتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها , وبإتهام المجتمع الدولي بالإنحياز ضدها .. وللأسف لا زال العالم صامتاً ولم يتحرك في الإتجاه الصحيح , ويسمح لعصابات الكيان الإسرائيلي بإنتهاك القانون الدولي والإفلات من العقاب.

المؤامرة على سلاح المقاومة ... 

ويبقى السؤال والإتهام للمجرم نتنياهو , لماذا حي الشيخ جراح اليوم ؟ ... من المؤكد أنه سعى لإجبار الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم بالوسائط العسكرية , وإطلاق صواريخهم الرادعة والدفاعية , من أجل أن يحصل على ذريعةٍ جديدة لحملة "إسرائيلية" ضد حماس وباقي الفصائل الفلسطينية والسلاح الفلسطيني المقاوم , ولتعزيز صورته ومصداقيته المفقودة , ولإستمالة متطرفي اليمين الإسرائيلي , وإشباع شهواتهم وتعطشهم لسفك الدم الفلسطيني , ليعود "البطل اليهودي" في نظر ناخبيه.

وما يعزز هذه القناعة , إصرار الإعلام الإسرائيلي على عرض ونشر صور وفيديوهات الصواريخ الفلسطينية , وللإعلان عن أعدادها والتي تجاوزت الـ 1300 صاروخ – بحسب الإعلام الإسرائيلي - , وتسليط الأضواء على "الضحايا" الإسرائيليين والأضرار المادية الكبيرة التي ألحقتها الصواريخ الفلسطينية , وكلام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بأن: "الجيش سيواصل هجومه من أجل ضمان هدوء تام ودائم" , في إشارة واضحة إلى ضرورة وقف حماس والفصائل الأخرى "تهديداتها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل", وكلام وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن: "الإطلاق العشوائي للقذائف من قبل حماس وجماعات أخرى على المدنيين الإسرائيليين أمر غير مقبول" , وكلام وزير الخارجية الفرنسي الذي أدان "هجمات حماس" , وما أشيع عن مطالبة الجانب الإسرائيلي في مفاوضات التهدئة مع الأمريكيين والمصريين , بتجميع ووضع السلاح الفلسطيني في مخازن تحت حراسة ومراقبة مصرية – أمريكية, وبمنع إطلاق الصواريخ من غزة , مقابل وقف العملية العسكرية الإسرائيلية , وعودة الهدوء.

بات واضحاً أن حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية , تواجه مؤامرة دولية جديدة , تستهدف سلاح المقاومة بالتحديد , ومحاولة إقصاؤه وتحييده عن معارك الصراع المستمر , تحت عنوان "نزع السلاح" , وهو الأمر ذاته الذي يتعرض له حزب الله والمقاومة اللبنانية داخلياً وخارجياً, والحشد الشعبي وكافة فصائل المقاومة العراقية , وأنصار الله اليمنية ...إلخ ... لا يحتاج الأمر إلى عناء كبير لكشف المخططات الجديدة , التي تستهدف روح المقاومة وإنتزاعها من قلوب وسواعد المقاومة على مساحة الوطن العربي , وكافة الدول المناهضة للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة والعالم .

كان لا بد للمواجهات والمقاومة أن تستمر, و ألا يتم التوصل إلى تهدئة , وبات من الأهمية بمكان استمرار خروج الشارع العربي والدولي للتظاهر وإعلان الدعم الشعبي للمقاومة والشعب الفلسطيني , بالتوازي مع عديد المحاولات لإقتحام الحدود والأسلاك الشائكة عبر الحدود اللبنانية والأردنية , وبيانات المقاومة العراقية وجهوزيتها , وما أشيع عن صواريخ سورية أطلقت بإتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة ...

لا يمكن القبول بالتهدئة من خلال بنود المؤامرة الجديدة , ولا بد مضاعفة الإلتفاف ودعم المقاومة على كافة الساحات والجبهات , فالقبول يعني الإستسلام وضياع الحقوق الفلسطينية والعربية للأبد ... ولا بد من حماية السلاح والمقاومين , وتحصين المقاومة وضمان استمرارها لإسقاط المؤامرة الجديدة , وفرض الشروط الفلسطينية والعربية على العالم المتواطئ , وعلى قادة الكيان المتهالك الضعيف , خصوصاً في هذه اللحظات التي يبدو فيها التحرير أقرب والنصر أقرب من أي وقتٍ مضى , حتى لو أدى ذلك إندلاع الحرب الشاملة , التي لطالما انتظرها المقاومين والشرفاء لإنهاء صفحة الإجرام والإحتلال الصهيوني , وطرده من الأراضي المحتلة ومن العقول والعروش العربية المتعفنة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

15/5/2021

No comments:

Post a Comment