لم يبدأ العنف
والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني فجأة في حي الشيخ جراح الإسبوع الماضي , بل
بدأ منذ عقود وسنوات بفضل مخططات المشروع الصهيوني , والأطماع الإستعمارية العدوانية
الإستيطانية التوسعية الغربية , تحت عنوان إغتصاب أرض فلسطين وطرد أهلها وإقامة
"الدولة اليهودية" المزعومة , كخطوة أولى , على طريق تأسيس "إسرائيل
الكبرى" وما يطلقون عليها زيفاً "أرض الميعاد".
وعليه , يبدو ترتيب
الأحداث منذ وعد بلفور إلى العام 1948 , وكل ما تلاها من محطات عدوانية وصولاً إلى
أيامنا هذه , يسير وفق الخطة الصهيونية للشرق الأوسط , بما يؤكد الإرتباط الوثيق بغزو
العراق عام 2003 ، وحرب عام 2006 على لبنان ، وحرب 2011 على ليبيا ، والحروب المستمرة
على سوريا والعراق واليمن ناهيك عما يجري سرأ
وعلناً في السعودية وكافة العروش والإمارات الخليجية.
وبحسب مشروع
"إسرائيل الكبرى" , لا بد من إضعاف الدول العربية المجاورة وتقسيمها في نهاية
المطاف كجزء من مشروع توسعي أمريكي - إسرائيلي ، بدعم من الناتو وبعض العروش العربية
– للأسف - , وسط مسلسل الخيانة والتاّمر والهرولة نحو التطبيع والإستسلام والقضاء على
الجيوش والمقاومة العربية , لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط , بما يتماهى
ومشروع "إسرائيل الكبرى" , ويتوافق مع التصميم الإمبراطوري للولايات المتحدة
الأمريكية.
إن مخطط العنف
والإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي الفلسطينية , تجاوز كافة القوانين
الدولية وقرارات مجلس الأمن , على مرأى كافة دول العالم وصمت الغالبية منها , دفع سلطات
الإحتلال الإسرائيلي للمزيد من التمادي في إغتصاب الأراضي الفلسطينية , ولإرتكاب أبشع
المجازر بحق الفلسطينيين , اللذين فقدوا كل أمان ولم تعد جدران بيوتهم تحميهم , من
وحشية السلطات والمستوطنين على حدٍ سواء , وبات الدفاع عن النفس والأرض والعرض والمقدسات
جريمة يرتكبها الفلسطينيون بنظر الولايات المتحدة وفرنسا ومئات الدول التابعة , ورأت
إدارة بايدن أنه :"من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" !..
فقد سعت سلطات
"الدولة اليهودية" المزعومة واللاشرعية والمعلنة من جانب واحد , إلى إجلاء
وطرد الفلسطينيين من بيوتهم والإستيلاء عليها بالقوة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية
، الذي احتلته "إسرائيل" بشكل غير قانوني منذ عام 1967 ، بهدف إنشاء مستوطنات
استعمارية جديدة هناك , كما منعت الفلسطينيين من التجمع بالقرب من باب العامود وقيدت
عدد المصلين في المسجد الأقصى , دون مراعاة أيام العبادة والصلاة في شهر رمضان المبارك
, من خلال الكنه العنصري وأكاذيب الديمقراطية الإسرائيلية حيال إحترام حرية الإعتقاد
الديني وحقوق الإنسان ، عبر استخدام القوة والهمجية والوحشية وسفك دماء الفلسطينيين.
ومع كل القوة المفرطة
والعنف والإرهاب , لم يجد الفلسطينيون بداً من الإحتجاج في حي الشيخ جراح , حتى داخل
المسجد الأقصى , وجاء الرد الإسرائيلي الأولي , عبر مهاجمة المدنيين وكبار السن والأطفال
بالرصاص المطاطي و القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع , وبحملات الإعتقال والتعذيب.
لم تستجيب سلطات
الإحتلال لإنذار حركة حماس وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية , لسحب قواتها العسكرية
والأمنية ومستعربيها واستخباراتها , من باحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإطلاق
سراح المعتقلين الفلسطينيين , فكان لا بد من نصرة الأهالي والمدنيين العزل , فأطلقت
المقاومة صواريخها من غزة لردع العدوان الغاشم , لكن وحشية القيادة الإسرائيلية ومخططاتها
الجديدة , دفعتها لإستخدام القوة العسكرية المفرطة والقصف المركز على المباني الخدمية
والطبية ( برج الجلاء , بنك الانتاج المركزي , مشفى الشفاء ) في غزة , وإلى شن عشرات
الهجمات الجوية عبر أكثر من ثمانون طائرة حربية , فأوقعت الدمار الهائل وأزهقت أكثر
من 140 شهيداً , وعدد كبير من الجرحى والمصابين.
وعلى الرغم من
جميع الجرائم الوحشية التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني , إلاّ أنها ماضية وبكل وقاحة
بتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها , وبإتهام المجتمع الدولي بالإنحياز ضدها .. وللأسف
لا زال العالم صامتاً ولم يتحرك في الإتجاه الصحيح , ويسمح لعصابات الكيان الإسرائيلي
بإنتهاك القانون الدولي والإفلات من العقاب.
المؤامرة على سلاح
المقاومة ...
ويبقى السؤال والإتهام
للمجرم نتنياهو , لماذا حي الشيخ جراح اليوم ؟ ... من المؤكد أنه سعى لإجبار الفلسطينيين
للدفاع عن أنفسهم بالوسائط العسكرية , وإطلاق صواريخهم الرادعة والدفاعية , من أجل
أن يحصل على ذريعةٍ جديدة لحملة "إسرائيلية" ضد حماس وباقي الفصائل الفلسطينية
والسلاح الفلسطيني المقاوم , ولتعزيز صورته ومصداقيته المفقودة , ولإستمالة متطرفي
اليمين الإسرائيلي , وإشباع شهواتهم وتعطشهم لسفك الدم الفلسطيني , ليعود "البطل
اليهودي" في نظر ناخبيه.
وما يعزز هذه القناعة
, إصرار الإعلام الإسرائيلي على عرض ونشر صور وفيديوهات الصواريخ الفلسطينية , وللإعلان
عن أعدادها والتي تجاوزت الـ 1300 صاروخ – بحسب الإعلام الإسرائيلي - , وتسليط الأضواء
على "الضحايا" الإسرائيليين والأضرار المادية الكبيرة التي ألحقتها الصواريخ
الفلسطينية , وكلام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بأن: "الجيش سيواصل هجومه
من أجل ضمان هدوء تام ودائم" , في إشارة واضحة إلى ضرورة وقف حماس والفصائل الأخرى
"تهديداتها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل", وكلام وزير خارجية الإتحاد الأوروبي
جوزيب بوريل بأن: "الإطلاق العشوائي للقذائف من قبل حماس وجماعات أخرى على المدنيين
الإسرائيليين أمر غير مقبول" , وكلام وزير الخارجية الفرنسي الذي أدان "هجمات
حماس" , وما أشيع عن مطالبة الجانب الإسرائيلي في مفاوضات التهدئة مع الأمريكيين
والمصريين , بتجميع ووضع السلاح الفلسطيني في مخازن تحت حراسة ومراقبة مصرية –
أمريكية, وبمنع إطلاق الصواريخ من غزة , مقابل وقف العملية العسكرية الإسرائيلية ,
وعودة الهدوء.
بات واضحاً أن
حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية , تواجه مؤامرة دولية جديدة , تستهدف سلاح المقاومة
بالتحديد , ومحاولة إقصاؤه وتحييده عن معارك الصراع المستمر , تحت عنوان "نزع
السلاح" , وهو الأمر ذاته الذي يتعرض له حزب الله والمقاومة اللبنانية داخلياً
وخارجياً, والحشد الشعبي وكافة فصائل المقاومة العراقية , وأنصار الله اليمنية ...إلخ
... لا يحتاج الأمر إلى عناء كبير لكشف المخططات الجديدة , التي تستهدف روح المقاومة
وإنتزاعها من قلوب وسواعد المقاومة على مساحة الوطن العربي , وكافة الدول المناهضة
للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة والعالم .
كان لا بد للمواجهات
والمقاومة أن تستمر, و ألا يتم التوصل إلى تهدئة , وبات من الأهمية بمكان استمرار خروج
الشارع العربي والدولي للتظاهر وإعلان الدعم الشعبي للمقاومة والشعب الفلسطيني , بالتوازي
مع عديد المحاولات لإقتحام الحدود والأسلاك الشائكة عبر الحدود اللبنانية والأردنية
, وبيانات المقاومة العراقية وجهوزيتها , وما أشيع عن صواريخ سورية أطلقت بإتجاه الأراضي
الفلسطينية المحتلة ...
لا يمكن القبول
بالتهدئة من خلال بنود المؤامرة الجديدة , ولا بد مضاعفة الإلتفاف ودعم المقاومة على
كافة الساحات والجبهات , فالقبول يعني الإستسلام وضياع الحقوق الفلسطينية والعربية
للأبد ... ولا بد من حماية السلاح والمقاومين , وتحصين المقاومة وضمان استمرارها لإسقاط
المؤامرة الجديدة , وفرض الشروط الفلسطينية والعربية على العالم المتواطئ , وعلى قادة
الكيان المتهالك الضعيف , خصوصاً في هذه اللحظات التي يبدو فيها التحرير أقرب والنصر
أقرب من أي وقتٍ مضى , حتى لو أدى ذلك إندلاع الحرب الشاملة , التي لطالما انتظرها
المقاومين والشرفاء لإنهاء صفحة الإجرام والإحتلال الصهيوني , وطرده من الأراضي المحتلة
ومن العقول والعروش العربية المتعفنة.
المهندس: ميشيل
كلاغاصي
15/5/2021
No comments:
Post a Comment