Tuesday, May 10, 2022

"قسد" ترمي مجدداً شباك التقارب مع دمشق .. تحت التهديد العسكري التركي بموافقة أمريكية - م. ميشيل كلاغاصي


 على الرغم من تكرار إعتراف ميليشيا "قسد", في أكثر من مناسبة , بتلقيها "طعنة أمريكية في الظهر" , واتهامها التحالف الدولي في شباط الماضي  بفتح الأجواء أمام الطائرات التركية في الشمال السوري لقصف مواقعها , وقيامها بفك الحصار الخانق عن مدينتي الحسكة والقامشلي بعد حصار استمر لـ 20 يوماً , وبإطلاقها سراح عدداً من الأطفال المجندين قسراً في صفوف مقاتليها , وإظهار بعض التحول الإيجابي في خطاب متشدديها تجاه دمشق والحل السوري – السوري , لكن هذا لا يعني تعقلها وإجرائها مراجعة شاملة لسلوكها , وتخليها عن الأهداف الخارجية التي صُنعت من أجلها.

وهذا لا يغير حقيقة استمرار إلتزامها بتحقيق أهداف مشغليها وداعميها الخارجيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية , واستمرارها بتنفيذ ما تؤمر به من ممارساتٍ إجرامية قمعية ضد أهالي الجزيرة السورية , وبنفاقها الإعلامي تجاه العداء لتركيا , ومدى التزامها بحماية قواعد و قوافل وأرتال قوات الإحتلال الأمريكي التي تسرق النفط والقمح السوري وغير ثروات وطنية , وتساهم بحرمان الشعب السوري من خيرات ومقدرات بلاده , ساعيةً لتكريد المنطقة عبر إيديولوجية عرقية بحتة , وباحثة عن تقسيم سورية وتغيير نظامها السياسي المركزي , وإصرارها على تكريس سيطرتها على مناطق احتلالها عبر إدارةٍ ذاتية لا يعترف بها السوريين , ولا تمثل التركيبة الديموغرافية والإجتماعية والسياسية للسوريين في منطقة الجزيرة السورية , ولا يمكنها في الوقت ذاته قيادتهم واقتيادهم نحو الإنغماس في مشروعها الخاص , فالتفكك الداخلي في صفوف "قسد" يعكس خلافات مكوناتها الكردية أصلاً , من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ، ووحدات حماية الشعب الكردية (YPG) , وحزب العمال الكردستاني (PKK) ، ناهيك عن باقي المكونات.

ففي خضم الأحداث الخطيرة التي تشهدها حرب الناتو والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي على روسيا , وقيام العدو التركي بشن عدوانٍ جديد على الأراضي العراقية في إقليم كردستان , تحت عنوان "قفل المخلب" , كذلك بقصفه المدفعي والطائرات المسيرة , بعض المناطق والقرى السورية , تمهيداً لعملية عسكرية واسعة تستهدف مقار ومواقع ومخابئ حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سورية التي تسيطر عليها "قسد".

وعلى الرغم من انشغال القوتين الأمريكية والروسية في الملف الأوكراني الساخن , إلا ّ أن "قسد" قرأت أن كلاً من واشنطن وموسكو لن تُغضبا أنقرة كرمى لعيون جزء من "قسد" , "فالدول الكبرى لها مصالح خاصة وحين تضع تركيا العضو في الناتو في الميزان مع الإدارة الذاتية ترجح كفة تركيا" – بحسب المسؤول الكردي ألدار خليل - , الذي ربط  بين العمليات العسكرية التركية في سورية واقليم كردستان العراق بأنها :"محاولة لحصار الإدارة الذاتية" في سورية , وما أكدته نوروز أحمد عضو القيادة العامة لـ "قسد" في 1/ أيار بأن: " تركيا تستغل صراع القوى العالمية لإحتلال مناطق في سورية".

إن القصف المدفعي على مناطق السيطرة الكردية في الشمال السوري , وما رافقه في 23/نيسان من إعلانٍ لوزير الخارجية التركي بأن: "تركيا ستغلق مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية العسكرية والمدنية الروسية المتجهة إلى سورية", بعد توافق أنقرة وموسكو على عدم تجديد مدة هذا الإتفاق , الأمر الذي تربطه "قسد" بإقتراب أنقرة من إطلاق العملية الخاصة الثالثة بعد تنفيذها عمليتي 2016 و2019 العسكريتين ضد "قسد" وتحديداً حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا بالإرهابي ، وبأن هذه العملية لا يمكن أن تُنفذ إلاّ بأوامر واشنطن .

يبدو أن "قسد" تبحث عن حماية نفسها ومكاسبها والفوز بإدارتها الذاتية عن طريق الحوار مع دمشق , وأصبحت تحتاج أكثر فأكثر إلى تواجد الجيش العربي السوري في المناطق الحدودية وعلى خطوط التماس مع قوات الإحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيين المنضوين تحت عشرات المسميات كفصائل المعارضة المسلحة والجيش الوطني وغير ذلك .

تبدو مغامرات "قسد" قد وصلت حد المقامرات اللا محسوبة , وتخطت المواطنة والإنتماء , وارتكبت خلال السنوات الماضية الإثم الكبير بحق سورية والسوريين , وكل المعاصي والجرائم والسلوك الإرهابي العميل , لتحقيق أهداف أعداء سورية , من سرقة النفط القمح السوري , وحصار المدن والقرى , والتعدي على المباني الحكومية , تكريد المنطقة ومناهج التعليم , وتجنيد الأطفال , وحماية عناصر "داعش" في سجونها وإعادة إطلاقهم , ناهيك عن جرائم قمع الأهالي الذين يتظاهرون يومياً لرفضها ولرفض سيطرتها وظلمها , الذي وصل حد حرمان أهالي الحسكة من الكهرباء ومياه الشرب , ومنعها المتعمد لإدخال طحين الخبز والمحروقات والمواد الغذائية والطبية , وحصار المدينة مؤخراً لمدة عشرين يوماً , انتهت بفضل الجهود الروسية والحكومة السورية ...

وهاهي اليوم , تقرأ بعض المشاهد الدولية والإقليمية والمحلية , وتحاول رمي شباك التقارب مجدداً مع دمشق , لحماية نفسها ومكاسبها , في وقتٍ بات عليها وقبل أي تقارب أن تثبت صدق نواياها , إذ "لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين".

المهندس: ميشيل كلاغاصي

1/5/2022 

No comments:

Post a Comment