Saturday, May 21, 2022

هل تصدق النوايا في اليمن.. أم هي مناورة أمريكية سعودية جديدة ؟ - م. ميشيل كلاغاصي


يرى الكثيرون في استقالة "الرئيس" اليمني عبد ربه منصور هادي وتسلميه السلطة إلى هيئة جديدة تحت مسمى مجلس القيادة الرئاسي .. وإقالته لنائبه علي محسن الأحمر, تطورات مفاجئة وهامة , ترافقت بإطلاق المملكة وعودها بتقديم مساعداتٍ مالية بقيمة 3 مليار دولار, لدعم الإقتصاد اليمني , حيث تشترك السعودية والإمارات بتقديم 2 مليار منها بشكل فوري وعاجل , وتنفرد المملكة بتقديم المليار الثالث.

وبحسب وسائل الإعلام الموالية للنظام السعودي , تبدو المملكة مقتنعة بأن إنشاء "مجلس القيادة الرئاسي" , يصب في خانة "لتصحيح العيوب المتأصلة في النظام الرئاسي اليمني".. في حين يقييم الكثيرون هذه الخطوة على أنها تندرج في إطار الحيل الأمريكية - السعودية , بعدما نالت المملكة نصيبها الكبير من الهزيمة العسكرية والسياسية والإعلامية , وثبت عجزها بتوحيد القوى والقوات التي تدعمها ضد الحوثيين وكافة المقاومين اليمنيين.

في وقتٍ تبدو فيه إستقالة "الرئيس" هادي وتخليه المفاجئ والطوعي عن السلطة , ونقلها إلى المجلس الرئاسي , أمراً مستغرباً , تحدثت عن صحيفة وول ستريت جورنال , واعتبرت أن قراره ينظر إليه على أنه "تغيير" سياسي كبير في السياسة اليمنية , خصوصاً وأنه يأتي في وقت هدنةٍ استمرت لمدة شهرين بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين اليمنيين ، وتشير الصحيفة إلى ضغوطٍ أمريكية وسعودية كبيرة تعرض لها "الرئيس" هادي.. والأهم تأكيدها على وجوده في المملكة تحت الإقامة الجبرية , على غرار ما حدث مع رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عام 2017 , وأنه تم استبداله نتيجة ضعفه , وبعض الممارسات الفاسدة .

ومع هذه التطورات , انتقلت قيادة المجلس التشريعي إلى رشاد العليمي ، أحد أبرز المستشارين السياسيين للرئيس السابق هادي منذ عام 2014, ومن الشخصيات السياسية المعروفة في اليمن , وشغل عدة مناصب قيادية في قطاعي الأمن والإستخبارات بين عامي 2000 و 2011 ، وواصل عمله في السنوات التالية خلف الكواليس , كشخصية قيادية في المؤتمر الشعبي العام , وكان أحد المبادرين للتحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية.

بالإضافة إلى تاريخه السياسي , يمتلك العليمي علاقات جيدة مع مجموعة واسعة من القوى السياسية المحلية ، وعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ، وقد التقى قبيل ساعات من تعيينه ، بالمبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ ، الذي سلمه – بحسب وسائل الإعلام – بعض التعليمات الأمريكية.

ومن خلال ضمان الولايات المتحدة والسعودية والإمارات , إدراج بعض الشخصيات المؤثرة في المجلس الجديد ، يأمل مهندسو التغيير الأمريكيون والسعوديون في تجنب تكرار "هشاشة وضعف رئاسة هادي" , ورفع منسوب الاستقرار قدر الإمكان في الظروف الحالية , على الرغم من عدم قدرة أعضاء المجلس تجاوز صلاحيات رئيس المجلس.

بالإضافة إلى المهام العامة الموكلة للمجلس التشريعي ، من الإدارة السياسية والعسكرية للدولة ، إلى تحديد السياسة الخارجية وتسهيل ممارسة السلطات الحكومية ، ومنح القرار رئيس المجلس صلاحيات حصرية ، بما في ذلك القيادة العامة للقوات المسلحة , و"تمثيل الجمهورية في الداخل والخارج" , وبتعيين حكام المقاطعات ورؤساء الأمن وقضاة المحكمة العليا ومحافظ البنك المركزي بعد التشاور مع رئيس الوزراء ، شريطة موافقة أعضاء المجلس التشريعي على الأسماء. وبالمثل ، سيكون مسؤولاً عن تعيين السفراء والمصادقة على القوانين.

وعلى الرغم من توزيع المقاعد السبع في المجلس الرئاسي على الأحزاب السياسية ومع ذلك ، لا يبدو أن الهدف الرئيسي هو اندماج الأحزاب السياسية اليمنية , بل تشكيل إجماع واضح بين كافة القوات المسلحة الرئيسية على الأرض والممثلين بالمجلس الرئاسي ، - بإستثناء الحوثيين - , اللذين لم تتضح بعد ردة فعلهم , بناءاً على تغريدة القيادي محمد علي الحوثي , الذي انتقد خطوة نقل السلطة , وبأن "هادي ليس لديه صلاحيات لتسليمها إلى أي شخص آخر".

يبدو من المبكر الحكم على مستقبل العلاقات مع الحوثيين , بعد استقالة هادي وتشكيل المجلس القيادي , ويبقى السؤال , هل سيكون إنشاء المجلس مدخلاً لبدء مسار حقيقي للمفاوضات مع الحوثيين , أم لإعادة تنظيم القتال ضدهم عسكرياً وسياسياً , كذلك الأمر بالنسبة للعلاقات السعودية – الإماراتية , وبإعادة هذه الأخيرة إلى الحظيرة السعودية , ويساهم بخفض التوترات بينهما , بما ينعكس على المنطقة والإقليم ؟.

لا يمكن للحوثيين ولشرفاء اليمن ومقاوميه الأبطال قبول السير في طريقٍ غير واضحة المعالم , عبر مجلسٍ رئاسي تبدو فيه ولاءات أعضائه لدول وجهات تقبع خارج أسوار اليمن , ولا يمكن للحوثيين والشعب اليمني بعد التضحيات الجسيمة , القبول بمستقبلٍ يمني لا يشاركون فيه , ولا يرتضونه للشعب اليمني البطل , يرسمه الأمريكيون والسعوديون والإماراتيون , ولن يقبلوا بمجلس وبمفاوضات تقصيهم عن المشاركة في السلطة , وبكافة مفاصل الحياة السياسية والعسكرية والإجتماعية.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

4/5/2022

 

No comments:

Post a Comment