يرى الكثيرون في استقالة "الرئيس" اليمني عبد ربه منصور هادي وتسلميه السلطة إلى هيئة جديدة تحت مسمى مجلس القيادة الرئاسي .. وإقالته لنائبه علي محسن الأحمر, تطورات مفاجئة وهامة , ترافقت بإطلاق المملكة وعودها بتقديم مساعداتٍ مالية بقيمة 3 مليار دولار, لدعم الإقتصاد اليمني , حيث تشترك السعودية والإمارات بتقديم 2 مليار منها بشكل فوري وعاجل , وتنفرد المملكة بتقديم المليار الثالث.
وبحسب وسائل الإعلام الموالية للنظام السعودي , تبدو المملكة مقتنعة بأن إنشاء "مجلس القيادة الرئاسي" , يصب في خانة "لتصحيح العيوب المتأصلة في النظام الرئاسي اليمني".. في حين يقييم الكثيرون هذه الخطوة على أنها تندرج في إطار الحيل الأمريكية - السعودية , بعدما نالت المملكة نصيبها الكبير من الهزيمة العسكرية والسياسية والإعلامية , وثبت عجزها بتوحيد القوى والقوات التي تدعمها ضد الحوثيين وكافة المقاومين اليمنيين.
في وقتٍ تبدو فيه إستقالة "الرئيس" هادي وتخليه المفاجئ والطوعي عن السلطة , ونقلها إلى المجلس الرئاسي , أمراً مستغرباً , تحدثت عن صحيفة وول ستريت جورنال , واعتبرت أن قراره ينظر إليه على أنه "تغيير" سياسي كبير في السياسة اليمنية , خصوصاً وأنه يأتي في وقت هدنةٍ استمرت لمدة شهرين بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين اليمنيين ، وتشير الصحيفة إلى ضغوطٍ أمريكية وسعودية كبيرة تعرض لها "الرئيس" هادي.. والأهم تأكيدها على وجوده في المملكة تحت الإقامة الجبرية , على غرار ما حدث مع رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عام 2017 , وأنه تم استبداله نتيجة ضعفه , وبعض الممارسات الفاسدة .
ومع هذه التطورات , انتقلت قيادة المجلس التشريعي إلى رشاد العليمي ، أحد أبرز المستشارين السياسيين للرئيس السابق هادي منذ عام 2014, ومن الشخصيات السياسية المعروفة في اليمن , وشغل عدة مناصب قيادية في قطاعي الأمن والإستخبارات بين عامي 2000 و 2011 ، وواصل عمله في السنوات التالية خلف الكواليس , كشخصية قيادية في المؤتمر الشعبي العام , وكان أحد المبادرين للتحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية.
بالإضافة إلى تاريخه السياسي , يمتلك العليمي علاقات جيدة مع مجموعة واسعة من القوى السياسية المحلية ، وعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ، وقد التقى قبيل ساعات من تعيينه ، بالمبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ ، الذي سلمه – بحسب وسائل الإعلام – بعض التعليمات الأمريكية.
ومن خلال ضمان الولايات المتحدة والسعودية والإمارات , إدراج بعض الشخصيات المؤثرة في المجلس الجديد ، يأمل مهندسو التغيير الأمريكيون والسعوديون في تجنب تكرار "هشاشة وضعف رئاسة هادي" , ورفع منسوب الاستقرار قدر الإمكان في الظروف الحالية , على الرغم من عدم قدرة أعضاء المجلس تجاوز صلاحيات رئيس المجلس.
بالإضافة إلى المهام العامة الموكلة للمجلس التشريعي ، من الإدارة السياسية والعسكرية للدولة ، إلى تحديد السياسة الخارجية وتسهيل ممارسة السلطات الحكومية ، ومنح القرار رئيس المجلس صلاحيات حصرية ، بما في ذلك القيادة العامة للقوات المسلحة , و"تمثيل الجمهورية في الداخل والخارج" , وبتعيين حكام المقاطعات ورؤساء الأمن وقضاة المحكمة العليا ومحافظ البنك المركزي بعد التشاور مع رئيس الوزراء ، شريطة موافقة أعضاء المجلس التشريعي على الأسماء. وبالمثل ، سيكون مسؤولاً عن تعيين السفراء والمصادقة على القوانين.
وعلى الرغم من توزيع المقاعد السبع في المجلس الرئاسي على الأحزاب السياسية ومع ذلك ، لا يبدو أن الهدف الرئيسي هو اندماج الأحزاب السياسية اليمنية , بل تشكيل إجماع واضح بين كافة القوات المسلحة الرئيسية على الأرض والممثلين بالمجلس الرئاسي ، - بإستثناء الحوثيين - , اللذين لم تتضح بعد ردة فعلهم , بناءاً على تغريدة القيادي محمد علي الحوثي , الذي انتقد خطوة نقل السلطة , وبأن "هادي ليس لديه صلاحيات لتسليمها إلى أي شخص آخر".
يبدو من المبكر الحكم على مستقبل العلاقات مع الحوثيين , بعد استقالة هادي وتشكيل المجلس القيادي , ويبقى السؤال , هل سيكون إنشاء المجلس مدخلاً لبدء مسار حقيقي للمفاوضات مع الحوثيين , أم لإعادة تنظيم القتال ضدهم عسكرياً وسياسياً , كذلك الأمر بالنسبة للعلاقات السعودية – الإماراتية , وبإعادة هذه الأخيرة إلى الحظيرة السعودية , ويساهم بخفض التوترات بينهما , بما ينعكس على المنطقة والإقليم ؟.
لا يمكن للحوثيين ولشرفاء اليمن ومقاوميه الأبطال قبول السير في طريقٍ غير واضحة المعالم , عبر مجلسٍ رئاسي تبدو فيه ولاءات أعضائه لدول وجهات تقبع خارج أسوار اليمن , ولا يمكن للحوثيين والشعب اليمني بعد التضحيات الجسيمة , القبول بمستقبلٍ يمني لا يشاركون فيه , ولا يرتضونه للشعب اليمني البطل , يرسمه الأمريكيون والسعوديون والإماراتيون , ولن يقبلوا بمجلس وبمفاوضات تقصيهم عن المشاركة في السلطة , وبكافة مفاصل الحياة السياسية والعسكرية والإجتماعية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
4/5/2022
No comments:
Post a Comment