Tuesday, May 10, 2022

واشنطن لا ترى سبباً لفرض العقوبات على تركيا رغم عدوانها على العراق - م. ميشيل كلاغاصي


بات النفاق وإزدواجية المعايير الأمريكية والغربية عموماً , إرثهم الوحيد الذي سيحملونه لأجيالهم القادمة , على الرغم من شعاراتهم وأكاذيبهم حول "القيم , والديمقراطية , المساواة , العدالة , وحقوق الإنسان ...إلخ" , 

تبدو إزدواجية المعايير في أوضح صورها , في طريقة تعامل واشنطن وحلفائها تجاه العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا , من عقوبات وتسليح أعداء روسيا , والتكاتف لتدمير إقتصادها وعزلها , في الوقت الذي تقوم فيه تركيا بعمليات عسكرية خاصة بشكل متواصل ومتكرر على الأراضي العراقية , دون أن تتعرض للمسائلة الدولية , والتكاتف ضدها , وفرض العقوبات عليها , على الرغم من أن الإعلان التركي يشبه الإعلان الروسي من حيث الشكل واختلافه من حيث الصدق وحقيقة جوهره , ورغم أنه يأتي تحت عنوان الأمن القومي , بتأكيد وزير دفاعها خلوصي أكار :"مصممون على إنقاذ أمتنا من ويلات الإرهاب ، وسنستمر حتى يتم تحييد آخر إرهابي".

ومن خلال إعلان تركيا حزب العمال الكردستاني تنظيماً إرهابياً , يدعو إلى إقامة حكم ذاتي كردي في تركيا ، وتواجد عناصره داخل الأراضي التركية , وخارجها وعلى أراضي الدول المجاورة .. تستغل تركيا إعلانها كذريعة لشن عملياتها العسكرية على الأراضي السورية والعراقية , وتدعي استهداف دوريات قواتها المسلحة بشكلٍ دوري عبر الأراضي العراقية , وبأن قواتها تستهدف الميليشيات الكردية فقط , ومواقعهم في العراق , ومخابئ ومواقع قيادتهم , ومستودعات أسلحتهم وذخائرهم.

وعلى الرغم من ضعف دور ونفوذ جامعة الدول العربية , إلاّ أنها أدانت العمليات العسكرية التركية , واعتبرتها انتهاكاً للسيادة العراقية , وبأنها تعكس طموحات أنقرة التوسعية , بالإضافة إلى التنديد شديد اللهجة للحكومة العراقية , التي لا تملك الكثير من الحلول – حالياً – للجم تركيا ومنعها من العدوان على أراضيها , لكن هذا لم يمنع واشنطن من ابتلاع لسانها , وامتناعها عن اتخاذ أي إجراء بحق النظام التركي , ولم تفرض عليه العقوبات والحصار , بسبب إقدامه على مثل هذه العمليات العسكرية الخاصة.  

وفي 18/نيسان , بدأت القوات التركية بعملية جديدة داخل الأراضي العراقية تحت اسم "قفل المخلب" لمنع الهجمات الإرهابية في شمال العراق – بحسب وزارة الدفاع التركية - , عبر قوات برية , وقصفٍ جوي لمواقع حزب العمال الكردستاني ومنطقة "جبل سوس" في محافظة السليمانية وغير مواقع , وعلقت الوزارة صبيحة اليوم التالي , بأنه "تم الإستيلاء على المواقع المستهدفة , وأن العملية تسير بنجاح ووفق ما هو مخطط لها , وبأن عمليات التمشيط جارية , ولن يترك للإرهابيين مكانٌ يفرون إليه , وعليهم الإستسلام ".

في حين قامت وزارة الخارجية العراقية بإستدعاء السفير التركي في بغداد , وسلمته مذكرة احتجاج , تطالب فيها بـ "الوقف الفوري للأعمال الإستفزازية ضد العراق" , وأبدى نظام كييف قلقه البالغ من إهتمام الغرب بالعملية التركية الخاصة , على حساب الصراع في أوكرانيا.

وعلى الرغم من حرص واشنطن المعلن على حماية الأكراد , إلاّ أنها لم تعلق على العدوان التركي وعملياته العسكرية الخاصة , كالتي شنها سابقاً تحت عنوان "مخلب النمر" و"مخلب النسر" , واليوم ينفذ عدوانه وعمليته الجديدة تحت اسم "قفل المخلب", ولم تتخذ بحق تركيا أي إجراء !.

وذهبت إلى أبعد من ذلك في 19/نيسان , على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن , الذي رفض اعتبار ما تقوم به تركيا في العراق هو عدوان عسكري , وبأن تركيا تمتثل للقانون الدولي , وأكد أنه:: "ليس لدى الولايات المتحدة سبباً لفرض العقوبات على الحكومة التركية ، ولا لعزل تركيا بأي شكل من الأشكال على المسرح الدولي", وبأن القوات الجوية التركية تقصف أهدافاً عسكرية فقط , وتتجنب قصف المدن والمدنيين , وأن واشنطن لا تعلم إن كانت هذه الضربات قد حدثت فعلاً , أم أنها معلومات روسية؟.

وبهذا تُثبت الولايات المتحدة وقاحة عدائها لروسيا من جهة , ومن جهةٍ أخرى تُثبت مجدداً تخليها عن حلفائها الأكراد , من خلال إصرارها على إتباع سياسة إزدواجية المعايير في تقييم الأحداث الدولية الخطيرة .

ولن يكون من المستغرب ، أن تدعم واشنطن إقتراح حزب العدالة والتنمية , بترشيح زعيمه الرئيس رجب طيب أردوغان جائزة نوبل للسلام , مهما تلطخت أيديه بالدماء , طالما يسير كما تخطط وتشتهي.  

المهندس: ميشيل كلاغاصي

22/4/2022

 

No comments:

Post a Comment