Saturday, May 21, 2022

فشلٌ أمريكي جديد لعزل روسيا عبر قمة أندونيسيا - م. ميشيل كلاغاصي


حتى الاّن , تبدو العقوبات التي فرضتها واشنطن وشركائها على روسيا , تقودهم من فشلٍ إلى فشل , ولم تنجح بتحقيق غالبية أهدافها , على الرغم من قسوة تلك العقوبات والضغوط الخارجية , ولم تؤد إلى إحداث شرخٍ أو انقسامٍ سياسي أو اجتماعي في الشارع الروسي , وحول شخص الرئيس بوتين , الذي حافظ على رصيده الشعبي , وسط تأييد غالبية الشعب الروسي للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

كذلك لم تنجح كافة محاولات تدمير الإقتصاد الروسي , والحاق الهزيمة بالروبل , والتأثير على توريدات الطاقة , وتبدو موسكو "تتعامل بشكلٍ جيد مع العقوبات" – بحسب رئيس الوزراء البولندي - , كذلك لم تؤثر على معنويات المؤسسة العسكرية والقوات الروسية على الأرض , نتيجة التحالف المضاد وموجات التزويد النوعي والثقيل للسلاح الأمريكي ولحلف الناتو والإتحاد الأوروبي وعديد الدول الأوروبية وغيرها.

بالإضافة إلى بدء تصدع الصفوف الأوروبية التي حاولت تشكيل جدارٍ عسكري وسياسي , وإعلامي صلب بوجه الإعلام ومواقف الخارجية الروسية , فالرئيس الفرنسي الذي أعيد انتخابه مؤخراً , عاد مجدداً للدعوة بمواصلة المفاوضات مع الرئيس بوتين ، فيما وافقت عدة دولٍ أوروبية على شراء الغاز الروسي مقابل الروبل ، ولوحظ إنخفاض واضح بإمدادات الأسلحة نحو أوكرانيا , وبدأت تتبلور ملامح فشل المخطط الأمريكي , وبإستحالة عزل روسيا , مع مواصلة تعاون معظم دول العالم مع موسكو، والتفاوض معها لدعم صيغ التعاون وإبرام الصفقات التجارية ، وبدا واضحاً أن الفريق الدولي لعزل روسيا يعتمد على عدة دول , وعلى رأسها الولايات المتحدة وكندا واليابان وأستراليا وأوروبا.

ومن خلال المحاولات الأمريكية لرأب الصدع ودعم تماسك الصفوف المناهضة لروسيا , كان لا بد لها من تحقيق أي إنتصار سياسي أودبلوماسي , فكانت فكرة إقصاء موسكو واستبعادها عن قمة العشرين القادمة في جزيرة بالي الإندونيسية هدفاً أمريكياً.

لكن استبعاد دولة محددة , بموافقة تسعة عشر دولة , بدا لها مستحيلاً , فصبت واشنطن تركيزها وجهودها وضغوطها على أندونيسيا بوصفها البلد المضيف , المعني بتوجيه الدعوات للدول المشاركة , ولم تفلح واشنطن رغم محاولات إقناع أو تهديد الدول الغربية بمقاطعة القمة , وصمدت الحكومة الأندونيسية أمام كافة الضغوط , وقامت بتوجيه الدعوة إلى روسيا والرئيس بوتين , وحافظت بذلك على سمعتها ومكانتها الدولية وفي جنوب شرق اّسيا , وقطعت الطريق أمام إدارة بايدن التي قد تطلب استبعاد غير دول أيضاً كالصين مثلاً.

لأجل أهدافها ومصالحها الخاصة , حاولت واشنطن استبعاد روسيا كواحدة من دول مجموعة العشرين , في سياق سياستها لتهميش المؤسسات الأممية , وهدم الكيانات والهياكل الدولية , التي ستساهم برسم ملامح العصر الجديد متعدد الأقطاب , وعليه تأتي أهمية انعقاد قمة العشرين السنوية , التي تُعنى بالأساس بمناقشة السياسات المالية والإقتصادية ، ومعالجة القضايا والأزمات المختلفة التي تتعرض لها دول المجموعة , والتي من شأنها التأثير على استقرار النظام المالي والإقتصادي العالمي بشكلٍ مباشر .. ويزيد من أهميتها الحضورٍ الأممي بمنظماته الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي , حيث يعتمد الحوار العالمي وسيلةً لمناقشة أهم القضايا السياسة الإقتصادية والمالية, بغية الحفاظ على الإستقرار المالي في العالم , وتعميق التعاون , وبمناقشة المشاكل والمصاعب الإقتصادية والقيام بالإصلاحات الضرورية في النظام المالي العالمي , وإتخاذ الإجراءات الوقائية لتلافي الأزمات... وهذه الأمور بمجملها , لا تشكل هدفاً أمريكياً , لا بل على العكس تبدو أموراً مزعجة تعرقل جوهر وأهداف السياسات الخارجية الأمريكية.

على الرغم من إمكانية الدولة المضيفة لقمة العشرين أن توجه الدعوات لبعض الدول من خارج إطار العشرين كمراقبين أو ضيوف , لكن الدعوة التي تلقاها الرئيس الأوكراني لم تكتمل بموافقة الرئيس الأندونيسي على إرسال السلاح إلى أوكرانيا كما طالب زيلينسكي أثناء محادثتهما الهاتفية ...

إن إصرار واشنطن على دعوة وحضور الرئيس الأوكراني , لا تعدو سوى إحدى محاولات الإستفزاز التي فازت بها إدارة بايدن نتيجة ضغوطها على جاكرتا ؟ , بعدما خسرت مخطط استبعاد موسكو والرئيس بوتين , في سياق عزلها الدولي.

من الواضح أن واشنطن تسعى إلى إطالة أمد الحرب على روسيا , الأمر الذي دفعها - منذ الاّن - إلى محاولة إستبعاد موسكو والرئيس بوتين من حضور قمة أندونيسيا التي ستعقد بعد حوالي ستة أشهر, وتحديداً في تشرين الثاني من هذا العام , ومن المفروض أن تشكل فترةً كافية للبحث عن الحلول وليس عن المزيد من التصعيد , هذا إن دل فإنما يدل على عزم إدارة بايدن إبقاء الساحة الأوكرانية بحالة إشتعال , وربما تقدم على إشعال غير ساحات , على حساب ايجاد الحلول ووقف الحرب لإحلال السلام.

ميشيل كلاغاصي

5/5/2022

 

No comments:

Post a Comment