Saturday, April 2, 2022

روسيا – بوتين والاّلام الأمريكية بعيون بايدن - م. ميشيل كلاغاصي


لقد أفضت مجمل السياسات الأميركية إلى دبِّ الرعب والخوف في قلوب الأميركيين مثل سواهم من الشعوب، ما جعلهم يتهافتون إلى المتاجر وشراء ما تبقى فيها قبل أن تتحول إلى متاجر فارغة.

يبحث الرئيس الأميركي جو بايدن عن مبررات تردي الحالة الاقتصادية والتضخم الكبير وتراجع المكانة التجارية للولايات المتحدة الأميركية، وانعكاس ذلك على الداخل الأميركي فقراً وبطالةً، نتيجة سياسات الإدارات السابقة والحالية، واندفاعها نحو خوض الحروب والمعارك العسكرية خارج حدودها، وتمويل قواتها البرية والبحرية والصاروخية وبرامجها العسكرية السرية والكيميائية والبيولوجية والفضائية، للحفاظ على هيمنتها على العالم، وعلى طريقتها في كسب "رزقها" كدولة مارقة أو عصابة لصوص لا يوقفها قانون أو رادع أو قيم ومبادئ لطالما تشدقت بها.

هذه الطبيعة الشّريرة لم تسمح لساكني الولايات المتحدة ومواطنيها بالنجاة من براثنها، فالضرائب ترهقهم، والفقر يلاحقهم، فيما تنحصر الرفاهية بطبقةٍ سياسيةٍ حاكمة، تمثل المحافظين الجدد، وزعماء المال والإعلام، وشركات النفط، ومافيات المال المشبوه، والصناعات الحربية، والمتحكمين والمختصين بجمع الأموال وصناعة البؤس بلا رحمة أو شفقة.

وبغضِّ النظر عن المسؤول عن انتشار فيروس "كوفيد 19"، فقد رصد الأميركيون والعالم تأخر إدارة دونالد ترامب المتعمد لأكثر من 6 أسابيع في التحرك الأول لمواجهة الجائحة. وتم منح الفيروس فرصة الانتشار وإيقاع أكبر عدد من الإصابات داخل البلاد.

بعدها، بدأت شركات التأمين والأدوية والمتمولون يجنون الأرباح الداخلية من خلال التكاليف الباهظة للفحوص الطبية وحجوزات المستشفيات في فترة الحجر الصحي، ناهيك بثمن جرعات اللقاح المضاد، وهي مبالغ ضخمة عجز عن دفعها غالبية الأميركيين، وكان الموت نصيبهم.

من جهةٍ أخرى، كان من تجليات جريمة خنق الأميركي الأسود جورج فلويد تداعيات كبيرة، أهمها مشاهد العنف، ومداهمة مراكز التسوق والمتاجر، وعمليات التكسير والنهب، قام بها مواطنون أميركيون فقراء، وجدوها فرصةً للانتقام من المتحكّمين فيهم، وسد جزء من حاجتهم.

لم يتغير الحال مع وصول الرئيس بايدن إلى السلطة، وهو الذي وعد بنسف سياسات ترامب، لكنَّه سار على النهج ذاته، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، وشن الحرب على روسيا والاقتصاد الروسي من البوابة الأوكرانية، واعتمد على جيوب شعبه لمعاقبتها، وخاطبهم مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة: "لا شكّ في أنَّكم ستعانون من غلاء الغاز والنفط. عليكم بالصبر والتضحية".

ولم يخبرهم بارتفاع كل أسعار السلع الغذائية وحالة الغموض التي باتت تقود حياتهم ومصيرهم، وأن عليهم أن يدفعوا ثمن قرار النخبة الحاكمة بمعاقبة روسيا، والتضحية من أجل كتيبة "آزوف" للنازيين والمتطرفين الأوكران، الذين قتلوا أعداداً لا حصر لها من الروس في دونباس منذ العام 2014، ومن أجل "ثورة الكرامة" التي ترعاها وتمولها وزارة الخارجية الأميركية وفيكتوريا نولاند.

لقد أفضت مجمل السياسات الأميركية إلى دبِّ الرعب والخوف في قلوب الأميركيين مثل سواهم من الشعوب، ما جعلهم يتهافتون إلى المتاجر وشراء ما تبقى فيها قبل أن تتحول إلى متاجر فارغة، وبدأ عدد كبير منهم يشعرون بالمعاناة والجوع، ولكن يبدو أنّ بايدن كان صريحاً مع شعبه وطالبه بالتضحية، في حين سقطت "نبوءة" السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض جين بساكي بقولها: "لا داعي للقلق، فلن يشعر الأميركيون بالجوع".

وما بين النخبة الحاكمة وأكاذيب وكلائها في إدارة بايدن ونفاق وسائل الإعلام التابعة لها، لإخفاء تراجع الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم الحقيقية التي بلغت 16%، وسط الإعلان الرسمي المزور عن نسبة 7.9% خلال شهر شباط/فبراير الماضي، لا يشهد الأميركيون أي تغير في سياسات إدارة بلادهم.

كان من السذاجة والاستخفاف بالعقول أن تسوق الإدارة والرئيس الأميركي لفكرة مفادها أن سبب الآلام والتضخم في الولايات المتحدة هو روسيا والرئيس فلاديمير بوتين وعمليته العسكرية في أوكرانيا، في وقتٍ تنهمك إدارته بتطبيق المزيد من العقوبات على روسيا، وتسعى لإخراجها من مجموعة العشرين، وإجبار مجموعة السبع على رفض دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل.

يأتي ذلك في وقت لم يتوقف الرئيس بايدن عن ترديد مقولة: "ما يهمنا هو أن نبقى موحدين"، ويطرح السؤال نفسه: "إلى متى ستستمر هذه الوحدة وراء رجل يبحث عن المزيد من إراقة الدماء وتدمير حياة الدول والشعوب؟"، كما فعل سابقاً كرئيسٍ للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وصوّت لغزو العراق، وقتل أكثر من مليون عراقي، وكما يفعل اليوم في روسيا وسوريا وإيران واليمن والعراق وليبيا ولبنان وأفغانستان وأوكرانيا وغيرها من الدول، وما زال يلهث وراء إقامة تحالفاتٍ عربية - إسرائيلية - أميركية لاستهداف إيران ودول محور المقاومة في الشرق الأوسط وأحزابها وحركاتها وفصائلها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

2/4/2022

 

No comments:

Post a Comment