Monday, July 20, 2020

الشعارات الأمريكية رفعها المنافقون لتدمير وخراب وتقسيم سوريا – م. ميشيل كلاغاصي


بشكل أو باّخر وعبر وكلائها وأدواتها ، حرّضت الولايات المتحدة الأمريكية على فتح كافة النوافذ الداخلية في سوريا , وأحتفظت بحقها بإلإقتحام  اللاشرعي للأسوار والأبواب ... واستخدمت شعارات "الحرمان , الظلم ، التهميش ، الكرامة ، الديمقراطية ، المساواة ، حقوق الإنسان ، حقوق الأقليات،....إلخ " كمَدافعَ لدكِ حصونِ وأسس الدولة السورية العريقة في التاريخ والحضارة الإنسانية ، الفريدة بلوحتها الفسيفسائية الديموغرافية ، بكل ما تحمله من إرثٍ ديني ، طائفي ، عرقي ، قومي ... أسس لنموذج رائع قدمه السوريون للعالم أجمع على مستوى الهوية والإنتماء والعيش المشترك ، وتحرير البلاد من المستعمرين والإرهاب المحلي والدولي المنظم ، ورَسمِ ملامحها مع نهاية كل مفصلٍ تاريخي مرّ بها ، وتابعت مسيرتها لتكون سوريا الإمتداد الطبيعي لجهود وأحلام كافة أبنائها وتضحياتهم وعرق جباههم لبناء وطنهم الذي يحبون ويعشقون.
ومع ذلك ، استطاعت السموم الخارجية وهمسات "الوسواس الخناس" ، من إيهام بعض السوريين بـ "حقيقة" تلك الشعارات ، واستمالت من استمالت بالمال والوعود الأرضية و"الإلهية" والأحلام "الوردية" ، واستطاعت تشكيل نواة تمردٍ مسلح - إرهابي تحت عناوين مختلفة.
لو جربنا لوهلة أن نصدق بأن سوريا لم تعد تحب أبنائها ، وباتت تكره نفسها ، ونرى من غرر بالناس و"أحب" الإرهابيين منهم والخارجين عن القانون واحتضنهم ..
فتركيا- أردوغان ، شردتهم في مخيمات وأدخلتهم بمواجهات عسكرية وحروب تصفيات مع بعضهم البعض بعدما عاثوا فسادا ً وإرهابا ً بدعمها وإشرافها المباشر ، وضد جيش بلادهم على أمل الفوز بمناطق تمرد وإدارات توحشٍ بائسة سقطت من تلقائها مع إنكشاف حقيقتها ، ووضعتهم في قوارب الموت لحساباتٍ دنيئة وأرسلتهم إلى أوروبا ، وجديدها جندتهم للقتال في ليبيا وأذربيجان ، ولا نستبعد وصولهم إلى أقاليم الصين .
أما فرنسا وألمانيا وغير أوروبيين ، فقد حولوهم إلى "خوذاتٍ" إرهابية ، واستخدموهم لإفراغ أوروبا من أقرانهم بعدما امتلئت شوارعها بالمتطرفين والغرباء ، ومزجتهم بخلطة سحرية باّخرين ودعتهم بالـ "شعبويين" ،  ووضعتهم بمواجهة القوميين والمد اليميني ، فكانوا وقود الإشتعال في مراجل المصالح الأوروبية في سوريا والمنطقة.
أما دول الخليج ، فأحبت فيهم إقدامهم على إبتلاع الطعم لتنفث عبرهم سموم حقدها الإيديولوجي والسياسي ، ودفعتهم بأموالها نحو الجحيم  "العربي" على أنه الربيع العربي.
أما أمريكا , التي لا تحب أحدا ًحتى أبنائها الذين لم تتوان عن خنقهم بركب رجال الشرطة ورصاصهم ، فإستغلتهم أبشع إستغلال للضغط على الحكومة السورية ومحاصرتها ، وصنّعت منهم اّلات لخدمة مصالحها و أدوات لتقسيم سوريا .. وأظهرت لهم خلطة مشاعر تأرجحت بين الكراهية والمحبة المسيسة , إذ يقول الرئيس دونالد ترامب - بحسب كتاب جون بولتون - : "أنا لا أحب الأكراد ...." ثم عاد ليقول : "أنا أحبهم فهم شعب عظيم وسندعمهم لأنهم شركائنا وهزمنا معا ً تنظيم داعش".
تبدو المشاعر متبادلة ، فقد أكد الأكراد تعرضهم للطعنات الأمريكية في الظهر مرتين ... وتبقى مصالح وأهواء وشهوات وأحلام كل من بَحثَ عن "عشيقٍ" خارجي موضوع سخرية , سقطت معه الشعارات الواهية المزيفة .. فقد حولت تركيا "أحبائها" إلى إرهابيين وقتلة مأجورين لخدمة مشروعها العثماني – التقسيمي ، فيما جعلت أوروبا منهم سلعا ً للمقايضة الرخيصة أمام مصالحها ، أما الأمريكيين فقد حولوا أدواتهم "الكردية" إلى ميليشياتٍ وعصابةٍ تحت رعاية حلف شمال الأطلسي ، وفي ظل حماية نظام الرئيس دونالد ترامب غير القانونية في سوريا.
ماذا عن تطبيق الشعارات في مناطق سيطرتهم , والتي رفعوها وفعلوا ما فعلوا تحت رايتها ...!
فقد غابت الديمقراطية تماما ً، وحلَّ محلها القمع والقتل والسجون ، ناهيك عن الإذلال والتهجير الديموغرافي ، وصبغِ تلك المناطق بألوان أحادية ، فكان التتريك والتكريد عنوانا ً رئيسيا ً، طال أسماء المدن والبلدات والقرى ، ناهيك عن العبث بتاريخ المنطقة وبمعتقدات أهلها ودور عبادتهم ، وتم تزوير الكتب المدرسية وخرائط البلاد ، وطفت المصطلحات الغريبة على السطح ، وأعيد تقسيم المنطقة وفق أجندة خارجية تحت عنوان "الإدارة الذاتية" في الشرق و"المنطقة الاّمنة" في الشمال ، فتبعثرت حقوق الإنسان وغابت الأقليات عن السلطة والقرار والقيادة ، وتحول ساكني هذه المناطق إلى أسرى وعبيد لخدمة المشاريع الصهيو – أمريكية بالنكهة التقسيمية – الكردية  والأردوغانية.
وما أكثر الأدلة ... وتكفي مشاهد الغضب والإحتجاج والمظاهرات اليومية التي ترصدها وسائل الإعلام ، والتي يخرج فيها سكان تلك المناطق ليطالبوا بخروج قوات الإحتلالين الأمريكي والتركي وعصاباتهم ومرتزقتهم من أراضيهم ومن حياتهم .. سخطٌ ٌ وغضبٌ وصل حد إعتراض المواكب العسكرية ، وبتنفيذ بعض العمليات الجرئية ضد مقار وأفراد المرتزقة ، بما يُبشر بولادة مقاومةٍ شعبية ، سيكون لها الكلمة العليا في نهاية المطاف.
ويبقى من اللافت استمرار إنغماس "محبي" تركيا وأمريكا ولهاثهم وراء الدعم السياسي والعسكري ، ليحافظوا على "مكتسباتهم" ، ظنا ًمنهم أنها كافية للبناء عليها ولفرض واقعٍ جديد يحمل طابع الديمومة والإستمرارية ، بوجود قوات الدعم والإحتلال الخارجي بجانبهم على الأرض ، ويغيب عن أذهانهم أنهم راحلون عاجلا ً أم اّجلا ً، متناسين الصبر الرهيب الذي تمارسه القيادة السورية ، والتي لم تتوان عن منحهم فرصا ً لا متناهية للحوار ، والصحوة ، والعودة إلى حضن الوطن ، وأن هذا لن يستمر إلى لأبد.
وبسهولة ، يمكن تتبع ما يقوم به العملاء والمأجورين ، من عمليات السطو والسيطرة على المباني الحكومية حتى الخدمية منها ، بالإضافة إلى حرق للمحاصيل الزراعية وسرقة ثروات الشعب السوري والإستحواذ عليه ، كما يمكن متابعة ما يتردد على ألسنة قادة العصابات في وسائل الإعلام كدليل إضافي ، إذ يتحدث المدعو "مظلوم عبدي" قائد ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية ، من خلال مشاركته الكاتب "بولات جان" الناطق السابق بإسم "وحدات الحماية" ، بتأليف كتاب " المشاريع العملية لبناء الإدارة الذاتية" ، ويقول :" مشروع بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية ، سيكون أمرا ً واقعا ً تتقبله السلطة والمعارضة شاءت ذلك أم أبت".
وتبقى الشعارات الأمريكية و"حقوق الإنسان" تعابير مسيسة ، استخدمتها وحلفائها وأدواتها ، لتنفيذ أجنداتها الخاصة في سوريا والدول المستهدفة ، وجعلت منها مدخلا ً وذريعة ً لتسويق مخططاتها العدوانية وعملياتها العسكرية ضدها ، ولفرض عقوباتها اللا شرعية الأحادية ، بهدف حصار وإركاع الدول والشعوب الرافضة لهيمنتها ، في استغلالٍ لا أخلاقي رخيص يستهدف حقوق الإنسان وكرامته وسبل عيشه وسيادته الوطنية.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
20/7/2020

No comments:

Post a Comment