Wednesday, April 29, 2020

لبنان.. كاد الصغار أن يوقعوا بين الكبار - م.ميشيل كلاغاصي


تحرك الغوغاء والعملاء على وقع زيارة السفيرة الأمريكية لقادتهم ...فهل تلقفوا رسالتها بشكلٍ خاطئ , وخرجوا عن التكليف المطلوب في هذه المرحلة , فالولايات المتحدة تسعى لزيادة الضغط وللمزيد من حصار ثنائية "العهد – المقاومة" إقتصاديا ً وماليا ً , من بوابة التصويب على رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة .
اندفع الغوغاء والعملاء وألقوا بمرتزقتهم لقطع الشوارع والطرقات بشكل محسوب , وانطلقوا نحو التخريب وحرق المصارف والمحال , على وقع تحريض كبير وغير مسبوق لقادة تيار المستقبل و"الإشتراكي" وليد جنبلاط و"قديس" القوات اللبنانية , تناوبوا على شاشة العربية وفتحوا كافة الملفات قديمها وجديدها , وخصوصا ً ملف نزع السلاح والقرار 1559 وإتفاق الطائف .
جعجع وجنبلاط  لم يذهبا بعيدا ً في تصريحاتهم الإعلامية , وركز "الإشتراكي"على الثنائية "عون – دياب", أما تيار المستقبل وزعيمه , فكانوا واضحين , وذهبوا بعيدا ً في إطلاق كافة الملفات والأحقاد السياسية والطائفية , وأطلقوا نفير الحرب.
ونظرا ً لخطورة ما بدأ بالحصول على الأرض , والمواجهات العنيفة مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية , لم يتأخر اللاعبون الدوليون والإقليميون والعرب , حتى جامعة الدول العربية , والأمم المتحدة , للتدخل ولوقف المهزلة الخطرة , فلم يسبق عبر التاريخ أن قاد الصغار معارك الكبار , والعبيد معارك أسيادهم , وأدخلوهم في معارك وحروب لتحقيق غاياتهم ومصالحهم الشخصية الضيقة .
فقد سارعت موسكو وعبر بيان أطلقته سفارتها في بيروت للإعلان عن حملة التشويه والتضليل وحزمة الشائعات التي طالت علاقاتها بدمشق مؤخرا ً , ودحضت كل خبثٍ جاء فيها , وأكدت على استمرارها في نهجها السياسي , وعدم إظهار ضعفها أمام الغرب وعدم منح قوى الهيمنة فرصة التقدم... رسالتها المفاجئة ومن لبنان , كانت واضحة ومباشرة وموجهة لأصحاب الرؤوس الحامية المتواجدين في الشوارع , لعزل مواقفهم عن مواقف زعماء الفوضى , ودعتهم لفهم ما يدور حولهم , وبأن سورية لم تضعف وهي قادرة على حماية المقاومة في لبنان وفي المنطقة , وأن العلاقة السورية – الروسية أقوى من أي شائعات , وعليه أرادت روسيا القول بأنه من الغباء المراهنة على حساباتٍ خاطئة , ولربما أرادت القول أنها لا تقبل المس بالمقاومة في الداخل اللبناني , ولربما تذهب إلى أبعد من ذلك خارجيا ً.
تلقف الأمريكيون الرسالة الروسية , وأرادوا فرملة الحراك الخطير وتوريطها في معارك إضافية , بالتوازي مع وجودها المهزوز في سورية , ومعارك الكورونا والمعارك التجارية وغير معارك تخوضها على عشرات الجبهات في العالم , بالإضافة إلى معاركها الإنتخابية الداخلية.
فسارعت الخارجية الأمريكية للجم الغوغاء والفوضويين , ودعت إلى التظاهر السلمي ووقف العنف وإلى ضبط النفس , فيما أطلق مساعد وزير الخارجية الأمريكي عدة مواقف بدأها بالدفاع عن رياض سلامة بقوله بأنهم يعملون منذ سنوات مع الرجل وقد ساهم هذا الأخير بإغلاق عديد المصادر المالية التي تخص المقاومة ...
أما الحاكم سلامة , فانبرى للدفاع عن نفسه , وأكد منح الحكومة الأموال , لكنه غير معني بطريقة صرفها واستخدامها , وبذلك صوب سهامه على الثنائية "عون – دياب" كما يشتهي الأمريكيون.
أما الأوروبيون , فخرجت بعض الاصوات لتعد بلقاءات وإجتماعات لمجموعات دعم لبنان في فترة ما بعد الكورونا .
في حين تحرك عرب الجامعة عبر خطاب منحول عن الموقف الأمريكي , ودعوا للتهدئة ووصفوا الموقف بالخطير والدقيق.
في الوقت الذي أتى فيه موقف الأمم المتحدة صريحا ً ومباشرا ً وخاليا ً من أي إشارة تدل على احترام الحراك ومن يقوده , وخرجت بتصريح لاذع تقول فيه :"الوقت ليس مناسبا ً لتصفية الحسابات" , من الواضح أن الأمم المتحدة لا ترى في الحراك ثورة أو حراكا ً شعبيا ً عفويا ً أو ثورة جياع ولا ثورة إصلاح , بل ترى فيه تصفية للحسابات السياسية فقط .
بئس المعارضة , وبئس الحراك , وبئس الغوغاء والعملاء ... لقد فقدوا كل بصر وبصيرة , وباتت أحقادهم ومصالحهم تقودهم نحو خراب لبنان والمنطقة والإقليم , والمس بالمعادلات الإقليمية والدولية الحساسة , لدرجة أن كاد الصغار أن يوقعوا بين الكبار.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
29/4/2020

No comments:

Post a Comment